الشول ، زولة الله بقلم الصحفي والروائي/عقيد شرطة (م)عباس فوراوي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 02:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-05-2017, 03:45 PM

عباس فوراوي
<aعباس فوراوي
تاريخ التسجيل: 10-25-2013
مجموع المشاركات: 9

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشول ، زولة الله بقلم الصحفي والروائي/عقيد شرطة (م)عباس فوراوي

    02:45 PM July, 05 2017

    سودانيز اون لاين
    عباس فوراوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    في إحدى أماسينا الحزينة المصوتة بالرياح المتربة ، كنت وابن عمي الجيلي نجلس على سرير بلدي منسوج من حبال القِد ، وبالقرب منا ، كانت تجلس ابنة عمي الشول فوق تبروقة مهترئة وفي يدها قلم أصم ، ترسم به على الأرض حروفاً طولية وعرضية غير قابلة للقراءة . كنا نتآنس ونقرأ في كتاب حياتنا الكئيبة المتكئة على حواف القلق المميت ، إذ لم تعد بلدنا مكاناً صالحاً للمعيشة مع الجدب الذي ضرب أركانها . السماء حجبت ماءها عن أرض الأحجار الكريمة ، وباتت لا تبرق ولا ترعد ولا تمطر ، وإنما ترسل رسائل مبهمات من خلال مُزنها المكتنزة بالماء الكذِب ، وأقواسها القزحية ذات الابهار الخادع . لقد ابتلعت الأعماق مياه نيلنا ، وتكرشت الوديان بحبيبات الرمال ، التي بنت قباباً وتلالاً حول جذوع الأشجار التي أذرت الرياح أوراقها . اتفقت والجيلي على الهروب إلى أي مكان نحو القِبَل الأربعة ، بحثاً عن شواطئ آمنة يرسو على ضفافها مركب حياتنا القلق . عند عتمة ليل طابعه الدماسة ، امتطينا ردفاً حمارأبي الحماميِّ اللون ، ولم نقل له سوى عَرْ ، تاركين له حرية اختيار الطريق . بعد رحلة كادت أن تأكل الليل زمناً ، توقف بنا الحمار وحرن ، حيث لم يستطع عبور قضيب للقطارات ، ترجلنا لنكتشف أننا قد وصلنا محطة السكة حديد بجبل جاري ، وصلناها حين فجرٍ كانت مصابيح دجاه تحترق في الفراغات البعيدة ، ونجيمات سمائه اللامعات يداهمهن الأفول ، ودعنا حمارأبي بالضرب على مؤخرته ، بعد أن وجهنا رأسه صوب البلد ، قلنا له بنبرة حزن عميقة : عرْ ، فنهق مودعاً ، ثم عار مشبعَاً الهواء ركلاً برجليه الخلفيتين المتعبتين.
    صادفنا قطاراً يطلق صافرات الانذار باستئناف رحلته ، ولم نميز بين رأسه ومؤخرته إلا بعد أن تحرك شمالاً ، تسلقناه ، واعتلينا سطحه الأملس ، بدأت رحلتنا وثمة مشاعر مشحونة بالألم تقلقنا ، خليط من الأطفال والنساء المسنات ، على امتداد محطات وسندات السكة الحديد ، يقومون ببيع الترمس والروب والسمن البلدي ، والعجوة وجنا الدجاج ، وهبابات السعف لركاب القطار ، لم تغب عن مسامعنا أصوات الأطفال ذوي الأثمال البالية ، وهم يهرولون بجانبي القطار، يصيحون ويسألون ، كرامة لله ، كرامة لله ، الشئ الذي عمق إحساسنا بأن طائر الفقر لا زال يحلق بجناحيه فوق رأسينا كلما اتجهنا شمالاً. بعد بضعة عشر محطة وسندة وصل بنا القطار إلى محطة الدامر، المكتظة بالمغادرين والآيبين . الناس هنا يسرعون الخطى في كل اتجاه ، وبعضهم يمتطي عربات تجرها الحمير والخيول ، وهي تدك الأسفلت في عجلة من أمرها .
    قررنا النزول في هذه المدينة علَّها تكون محطة نجاة لعوزنا ، فصحبنا الناس راجلين إلى قلب المدينة ، تابعنا شيخٍاً يسرع الخطى شرقاً ، ويرمي بصره للأمام كأنه يسعى لتجاوز خط الأفق ، فجأة التفت نحونا وقال :
    من وين والى وين يا عرب !؟
    قلت له : نحن من الضهاري ، وجينا كايسين الشُغل .
    أيُّ نوع من الشغل يا صبيان ؟
    أيُّ شغل يا عمنا بنشتغل!!
    إذن اتبعوني ، اتبعوني
    تبعناه ، فانتهى بنا إلى خلوة تعج بطلاب حفظ القرآن ، قدمنا الرجل لشيخ الخلوة ، وبعد أن استهوته عفويتنا عرض علينا أن نكون طلاباً لنحفظ القرآن ، فقلنا له نحن ناس معائش ، المجاعة نصبت خيامها بديارنا وعشعشت ، وأهلنا في انتظارنا لنجدتهم ،عرض علينا أن نعمل في جلب الحطب للتكيَّة ، وعواسة الكسرة ولخ العصيدة للطلاب ، بمقابل الاعاشة والسكن وقليل مال ، قبلنا بالعرض ، فاقتادنا الى مقرنا السكني ،غرفة مفروشة بالرمل ، ومعروشة بجريد النخل ، وبين كل جريدة وأخرى رقراق يسمح بتسلل أشعة الشمس بسلاسة .
    طابت لنا الحياة سبع سنوات بالخلوة ، ولكن كانت مضاجعنا مضطربة بالأرق والقلق ، شريط عالق بذواكرنا تدور حلقاته عند هزائع الليل الأخيرة ، مع ارتفاع هدير قطارات الشمال التي لا تهدأ ، شريط أمهاتنا وآبائنا وأخواننا وأعمامنا ، خاصة الشول ابنة عمي التي لولا جور الزمن ، لكانت زوجتي حسب السنن العائلية القروية القائلة بأن البنت لابن عمها .
    ***
    عند أوبتنا منتصف ليلة من ليالي الدامرالعامرة بالذكر، وجدنا الخلوة التي نعمل فيها محاطة بالعسكر من كل اتجاه ، أحد الطلاب قام بغرز مدية حادة داخل بطن زميله فأزهق روحه ، أحاط العسكر بالخلاوي بحثاً عن الجاني الذي اختفى ، لم يكن الجاني سوى صبي من أمة الجن المسلم التي تسكن جبال العقبة ، وتلحق أبناءها بخلاوي المجاذيب لحفظ القرآن ، من يومها تم تسريحنا وقفل الخلاوي ، وتوزيع طلاب الإنس على خلاوي أُخر ، وتم فصل كل طلاب أمة الجن المسلم .
    قال لي ابن عمي الجيلي :
    ما لنا لانجرب عمل السوق ؟
    قلت له : على بركة الله
    وفي صباح سبتٍ ضاجٍّ بخلق الله ، دخلنا سوق الدامر الكبير ، وبعد أن تجولنا ، دلفنا إلى أحد المطاعم لتناول وجبة من كبدة الإبل . كان يجلس حارسا سجون ، في أحد أركان المطعم ، ويجلس أمامهما على الأرض رجلٌ مثقلُ ومكبل بالحديد ، كان ينظر إلينا بتفرَّسٍ ملفت ، فجأةً صاح الرجل نحونا :
    الجيلي ولدي !! سعد الله ودأخوي!! سبعة سنوات !! منذ غيابكما من البلد والناس كالت عليكما التراب إلا الشول بنتي !!
    يا إلهي !! أبوي أحمد تحت حراسة جنديي سجون مدججين بالسلاح !!
    ما الخطب يا أبي !؟ سأل الجيلي والده
    همس عمي أحمد طويلاً في أذني إبنه الجيلي ، صمتنا لبرهة ثم انفجرثلاثتنا بالبكاء ، تعانقنا وبكينا بكاءاً مرَّاً ، لم يقطع عنفوانه سوى صليل قيود الحديد في يدي ورجلي عمي أحمد ، المطعم تحول الى ساحة لبث الأشجان الأليمة ، سألت عمي أحمد عن أحوال البلد ، حتى نتجاوز هذا الموقف الطارئ العصيب . قال : البلد رجعت لحالها القديم يا سعدالله ، التعول نزلت ، الوديان رجعت لمجاريها القديمة ، النيل فاض والتأمت جروح التربة ، وانفلق الحب والنوى ،الضفادع آنست وحشات الليالي بالنقيق ، الخضرة سترت عورات الأرض اليباب ، المخلوقات رتعت وشبعت ، اللبن شقق ضروع البهائم ، الطيور رجعت لأعشاشها القديمة . أرجعوا البلد ، وسافروا الليلة قبال باكر .
    بعد انتهاء حديثه اقتاده الجنديان نحو أبواب مسجنه ، والقيود تكبل يديه وقدميه ، كان يلتفت نحونا بين الفينة والأخرى ، ونحن نبادله النظرات بالدموع الهطولة ، حتى غاب في أحشاء السجن ، غاااب ، اختفى !!.
    خرجنا من المطعم وجلسنا على الأرض ، قلت للجيلي الحاصل شنو يا ودعمي !؟ أبوك قال ليك شنو ؟
    الشول أختي يا سعدالله
    ماذا أصاب الشول ؟
    الشول ضربت زكريا خفير السوكرة بطورية ، وأجهزت عليه ، الخفير حبس أغنامها وحمارها بالزريبة ، عندما ترجَّته تسليمها الغنم ، قال لها كلاماً ليست له إجابة إلا ما قالت الشول ، أبوي دق صدره وقال : أنا القتلت الخفير زكريا !! أبوي أحمد حكموه بالاعدام ، قال لي : ترجعوا البلد ، ووصاني علي الشول أختي ، وقال لي : الشول دي زولة الله ساااكت يا الجيلي ، كان جاها صاحب قسمتها زوجوها ، وفوتوها . لم تتحملنا أيام الدامربعد حديث عمي أحمد ، فقررنا الرجوع للبلد .
    ***
    جمعنا ما نملك داخل شنطتين من الحديد ، أخفينا أموالنا داخل مجاري التِّكك من سراويلنا وأحسنَّا الرباط ، اخترنا أحد اللواري السفرية القادمة من بورتسودان وعلى متنها ركبنا ، ثلاثة أيام واللوري يطوي الفيافي ويقطع الوديان العميقة ، ويخرج من وحل طيني إلى وحل رملي ، حتى شارفنا البلد ، البلد عادت من غربتها الموحشة !! الوديان حفرت مجاريها القديمة منحدرة نحو النيل ،الخضرة انبسطت على قفاها حد البصر ، الأرانب والجرابيع والفئران تتقافز أمام اللوري ، ثم تأخذ مسارات بديلة داخل غابات الشجيرات الوليدة ، عرب الخلا نصبوا خيامهم بجوار الوديان ، وانتشرت بهائمهم حول الحفائر الفائضة بالمياه . على هدي دروب خبرناها ، وصلنا الى أهلنا حين عصرماطرٍ ، أول من لحظناه على مشارف القرية بنت عمي الشول ، وهي ممتطية حمارها ويتبعها كلبها من الخلف ، وأمامها قطيع من الأغنام ، باشارة منها توقفت الأغنام عن السير ، بكلمة منها توقف حمارها ، في حركة درامية عوى كلبها مرتين وتوقف مكانه .
    ديييك الشول يا سعد الله : قال الجيلي
    قلت له : كيف عرفتها ؟
    قال : عرفتها من طريقة ركوبها فوق الحمار .
    اقتربنا .. هرعت الشول نحونا ثم حضنت شقيقها الجيلي ناحبةً نائحة ، ومن ورائها كلب يعوي ، وحمار ينهق ، وأغنام تثقوا وتتلفت ، وتهز أذنابها وتبعِّر .
    قالت بصوتها الأجش : ربي يرحم الأسلاف ، بركة الجيتوا طيبين ، طايبتني وسالمتني بنت عمي التي تحتفظ بنفس ملامحها القديمة ، قامتها المربوعة ، شلوخها الطولية الستة الموسومة على خديها ، نفس سمرتها الداكنة وفمها المتورم ، وعينيها الغائرتين ، وأنفها المستوي الذي يعلوه زمامها الدائرى ذي الخرزة البيضاء المسودة .سبقتنا الشول دخولاً الى القرية وهي تزغرد محتفية بعودتنا ، خرجت القرية لاستجلاء الأمر الجديد ، تسللتُ من بين الجموع مهرولاً باحثاً عن حضن أمي البتول ، وجدتها ولم أجدها ، لم تعرفني ولم تميزني ، ولكنني رأيت دمعات يطفرن من عينيها بسرٍّ لم أدرك كنهه ، والدتي ودعت ذاكرتها منذ أن صحت فجر يوم هروبنا ، ولم تجدني في مرقدي بين أخواني وأخواتي !!.والدي الذي تزوج بعد مرض والدتي ، وجدته في أتم صحته وعافيته ، لكن رأسه قد اشتعل شيباً . الحياة تغيرت في بلدنا وطاب زمانها بعد أن رضيت السماء عن أهل الأحجار الكريمة .
    ***
    عند صباح باكر ناداني أبي لتناول شاي الصباح ، قبل أن أكمل الكوب الأول باغتني قائلاً :
    ندادتك كلهم تزوجوا ، الحمد لله ربنا جابك بالسلامة ، حالتنا طيبة ، ومسورنا ناجح ، أنا عاوزك تغطي ماعونك .
    انتابتني حالة ارتباك لم أفق منها إلا بعد أن أضاف قائلاً :
    بنت عمك الشول ، مشطت البيضاء على السوداء وبرضو منتظراك
    الشوووول !!؟
    نعم ، الشول ، دي وصية أمك البتول قبل غيبوبتها الأخيرة .
    وقتها تذكرت وصية عمي أحمد ( الشول ساعدوها وزوجوها ، الشول زولة الله ساااكت !!.).
    الشول بنت عمي .. تقدمت بها السن .. والدها محكوم بالاعدام .. الواجب يقتضي ويلزمني بأن أغطي ماعوني .. أنا نفسي سرقني الزمن ، يا ليت الشول تدري معنىً للزواج ، بمثلما أعرف أنا ورصفائي ، المهم امتثلت لرغبة والديَّ ، وربما عمي السجين . الشول أفرحتني وقبلت الزواج مني ، فألبسوها فستان الخرطوم بالليل الذي كان موضة ذلك الزمان ، لامعاً ككهارب الخرطوم ، مشطوا شعرها بالجورسي ، وجلبوا لها العلجة الحمراء وفركة القرمصيص ، وأرياح بت الخريف من سوق ودالحبشي ، وجهزوها ليوم فرحنا القادم وهي في أعظم حللها .
    ***
    عند الهزيع الأخير من تلك الليلة الخريفية الباهية ، عم السكون القرية الوادعة ، الا من نهيق متقطع لحمير ساربات فى الزرع ، وجعار لثيران بالقرب منها ، وعواء لثعالب هائمات تختبر الفراغ ، لتشرع فى اصطياد صغار الغنم ، وقتها تم زفُّ العروس الشول لمنزل الزوجية حسب الطقوس ، التقيت مع زوجتي الشول وجهاً لوجه داخل قطية الزواج الجديدة ، ذات الفانوس المنير، جلست الشول بهدوء على سرير المخرطة الأحمر، وغطت جسدها بفركة القرمصيص ، ولم تنبث ببنت شفة .. جلست بجوارها في هدوء ، اعتراني ضجر مفاجئ ، فقلت لها :
    االشول ..الشوول ...الشووول
    مالك فى شنو يا سعدالله ؟
    مالك متبوِّمة ؟؟
    زحى الفركة دى شوية. !
    أزح شنووو!!؟
    قلت ليك زحى الفر....
    قبل أن تجيب عليَّ فعلاً أو قولاً ، معطتُّ الفركة معطاً ، وقذفت بها فى الفراغ ، لتسقط على الفانوس الذي انكفأ على عقبيه ، وكاد أن يحرق القطية ...انطفأ نور الفانوس بعد أن سال زيته على الأرض ، نهضت الشول كالملسوعة ، تناولت فركتها ، أحكمت لفها حول صلبها ، ثم جلست ، بدأت تتمتم بعبارات غير مفهومة ، وهي تنادي مستنجدةً بأغنامها وكلبها وحمارها ، وأسماء مخلوقات غريبة على الأذن ، جلست بعد ذا متوسدةً عجزها والظلام يملأ الفراغ ، قالت لي :
    أفْفُّو يا سعد الله أخوي ...أمانة ما عبت جنس عيب !! داير شنو وكايس شنو يا مسنوح الرجال ؟ داير تبقى زي زكريا خفير السوكرة .
    كيفن داير شنو ...أنا ما اتزوجتك يا الشول على شريعة الله .
    نعم يا سعد الله أخوي ...لكن أنا الشول ، أنا بت أحمد ، دى قلة أدب منك بس !! .. نفسك بتسمح لك تهتك شرف بنت عمك ، وتكشف عورتها ...عيب والله !!.
    جلست بجوارها بين مكذب ومصدق ...كنت وقتها أسبح فى فضاء بلا ملامح ..قلت لها بصوت خفيض :
    الموضوع مش كدا يا الشول ..خليك عاقلة شوية .
    خليك عاقل أنت !!
    وفجأةً لملمت الشول أطرافها ، واتجهت نحو باب القطية ، خرجت وهي تزفر ، وتضرب كل امرأة تقابلها ، ناعتةً إياهنَّ بعديمات الحياء والأدب .
    وسط كل هذه الأحداث الصادمة ارتدت الشول ثيابها كاملة ، ومع مشرق الشمس قامت بأخذ ماعون اللبن ، وحلبت أغنامها لشاى الصباح ... شربت لبنها ، حملت قفتها ، وركبت حمارها ، وكشَّت أغنامها ميممة شطر الحقل بغية ممارسة عملها القديم ....لحق بها عمها وشقيقها وخالها وأرجعوها .
    " في شنو يا الشول يا بتى ..سعدالله دا ما ود عمك !!
    أيوة هو ود عمى لكن ...صمتت قليلاً ..
    لكن شنو !؟
    انتو قلتوا لى سعدالله عاوز يعرسك وأنا ما رفضت ، لكن هوعاوز يسوى معاى قلة الأدب بس !! أنا الكلام العيب دا ما بنفع معاى وما بسوِّيه .. أنا لو عملت كدا يبقى أحمد ما أبوي ، وأنت ما عمي .
    طفقوا يتبادلون نظرات مبهمات فيما بينهم ..كلماتها شكلت هالاتٍ سوداء جثمت على أنفاسهم ..شعروا بأن عقولهم بدأت تتخلى عنهم .. هم متأكدون بأن الأمر ليس مزاحاً .. بدأوا يرزحون تحت ثقل ألسنتهم ، وينظرون الى الشول ببلاهة ...تركتهم غرقى فى بحور أحزانهم ... نفضت غباراً وهمياً كان عالقاً بصلبها ، وسط ذهولهم غادرت الى الحقل وهى تمتطى حمارها ، وأمامها رتل من الأغنام وخلفها كلب لاهث .. كانت الأغنام تتقافز أمامها فرحةً جزلةً ، فى حين كان الحمار ينهق بصوتٍ متقطعٍ ، وكنت هناااك أجلس في برج نحسي لائكاً علك الحسرة
    وفي عصر يوم غطت سماءه القتامة ، عادت الشول من الحقل مبكراً على غير العادة ، عزلت نفسها داخل قطية صغيرة ، كانت مقراً للسخلان الصغار ، ولم تخاطب إنساً قط . غابت زوجتي الشول عن دنيا البشر ، عاشت بعد ذا داخل عالمها الخاص ، لم يمر طويل وقت حتى نفقت أغنامها ، وحمارها ، وكلبها ، لم تعمر الشول طويلاً.. ماتت الشول ، عند تشييعها الى مقابر ودعيسى ، تابع جثمانها أناس غرباء ، لم تطأ أقدامهم الأحجار الكريمة من قبل ، يلبسون ثياباً خُضراً ، يمشون على رؤوس أصابعهم ، ينتعلون صفق العُشَر ، ويعتمرون شخاليب النخل ، قاموا بانزالها داخل القبر بعد أن أزاحوني بعيداً وهم يرددون : الشول مننا وفينا ، الشول ليست من هذا العالم ، الشول زولة الله ساااكت!!























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de