أفهم أن يصدر العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس السيسي عن أكثر من ثمانين من الشباب الذين لم يتورطوا في العنف أو تتلوث أياديهم بالدماء.. وأن ينظر الجميع إلي الأمر علي أنه -مهما كانت ملاحظات البعض عليه- خطوة هامة تفتح بابا كان مغلقاً،، وتعطي الأمل في ألا يبقي مظلوم واحد في السجن،، وأن نبدأ جهداً حقيقياً لاستعادة وحدة قوي الثورة لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد ثم.. نفاجأ في اليوم التالي بصدور الحكم بحبس نقيب الصحفيين يحيي قلاش والزميلين جمال عبد الرحيم وخالد البلشي لمدة عامين مع الشغل،، وكفالة عشرة آلاف جنيه لكل منهم بتهمة »إيواء مطلوبين للسلطات القضائية» هما الزميل عمرو بدر والصحفي المتدرب محمود السقا،، يأتي الحكم الصادم الذي لم تشهد له النقابة مثيلاً طوال تاريخها،، ومعه رسالة نرجو ألا تكون صحيحة،، لأنها تتصادم مع كل الآمال التي أثارها قرار العفو الرئاسي،، وتقول إن هناك من يصمم علي قطع الطريق أمام تحقيقها.. وسوف يثير الحكم بحبس نقيب الصحفيين المصريين والسكرتير العام ووكيل النقابة زوابع وردود فعل سلبية ليس علي المستوي المحلي فقط ولكن علي المستوي الدولي،، خاصة وأن مصر في هذه المرحلة المهمة تشهد الكثير من التحديات الداخلية والخارجية علي مستوي البناء والإستهداف الخارجي لها –كما يُشاع- ،، لقد أصابنا الحكم بصدمة غير مسبوقة في تاريخ النقابة،، بالقطع لا اعتراض علي أحكام القضاء،، ولكن التحليل مطلوب،، والإنزعاج مطلوب،، والصدمة قائمة،، لماذا.. لأنه جاء لأزمة مفتعلة استهدفت الكيان النقابي قبل استهداف أشخاص بعينهم،، يكفي أن أحد شهود الإثبات أكد أمام المحكمة أنه شاهد سكرتير عام النقابة ووكيلها مع الصحفيين المتهمين داخل النقابة قبل الإقتحام المشئوم في الوقت الذي كانا فيه في مهمة صحفية خارج مصر بالدار البيضاء ومثبت ذلك في جواز سفرهما.. فبماذا نفسر هذا.. وفي الوقت أيضاً الذي تم فيه إخلاء سبيل الصحفيين أصحاب المشكلة علي ذمة القضية،، وحين نظم المئات من الصحفيين مظاهرة علي سلم النقابة تضامنا مع النقيب والسكرتير العام والوكيل وقبلهم للحفاظ علي الكيان النقابي،، دخلت بينهما مجموعة ممن تريد تهيجة الموقف بالهتافات المضادة ضد الدولة ورئيسها،، وسط استياء شديد من جموع الصحفيين والصادر ضدهم الحكم،، فبماذا نفسر هذا.. لا أحد منا يتدخل في أحكام القضاء.. ولكن اللعبة الدنيئة ممن شهدوا زوراً وتلاعبوا بالأدلة والحقائق لهدم الكيان النقابي وتصفية الحسابات أدت إلي هذا الحكم الذي نأمل أن يتم تصحيحه أمام الاستئناف،، فالمحكمة لا تحكم بالأهواء ولكن بالأدلة المقدمة أمامها،، ونداء لجموع الصحفيين علي اختلاف انتماءاتهم،، ضعوا تصفية الحسابات جانباً وحافظوا علي الكيان النقابي المعرض للخطر،، ودرءاً للمتربصين أصحاب الأجندات الداخلية والخارجية،، فدولة بلا صحافة حرة وقوية هيَ دولة في مهب الريح.. وإرشيف النقابة يحفظ :- حينما شغل الكاتب الصحفي عبد المنعم الصاوي منصب نقيب الصحفيين وقت التحقيق مع صلاح جاهين بسبب رسم كاريكاتير يصور فيه تصريحا لوزير العدل المدعي الاشتراكي.. فكتب الصاوي نقيب الصحفيين محتجا علي التحقيق مع جاهين دون مراعاة الأصول القانونية وأرسل خطابا شديد اللهجة إلي المدعي الاشتراكي والنائب العام محتجا بالقانون ونص الخطاب كالتالي: ».. لقد أبلغني الأستاذ صلاح جاهين عضو نقابة الصحفيين أنه استدعي لنيابة أمن الدولة العليا السبت 2 نوفمبر 1974 للتحقيق معه بشأن مواد صحفية نشرها في جريدة الأهرام.. ولما كان ذلك قد جاء مخالفا للمواد 69،67،66 من القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحفيين،، وهي تنص علي حقوق الصحفيين وحمايتهم ليستطيعوا أن يمارسوا عملهم علي الوجه الأكمل.. لهذا فإن استدعاء الأستاذ صلاح جاهين للتحقيق معه علي هذا الوجه الذي تم به يعتبر باطلا قانونيا.. كما يعتبر أي إجراء يترتب عليه باطلا كذلك.. وأني علي يقين من حرصكم علي سيادة القانون وعلي تأكيد حرية الصحافة،، مع رجاء التكرم باتخاذ ما قد ترونه ضروريا لتصحيح ما قد يترتب علي هذا الإجراء الباطل مع رجاء بالتنبيه بمراعاة أحكام القانون مستقبلا».. وكان جاهين قد قرأ تحقيقا عن تلوث مياه القاهرة وتصريح المدعي العام الاشتراكي بأن لا أحد وراء تلوثها،، علي الفور قام برسم كاريكاتوري يتهكم فيه علي ذلك التصريح،، فتم استدعاؤه للنيابة يوم السبت 2 نوفمبر 1974 بشكوي تقدم بها د. مصطفي أبو زيد فهمي وزير العدل والمدعي العام الاشتراكي ينسب فيها ارتكاب الجنحة رقم 184 من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس كل من أهان إحدي السلطات القضائية وقد أرتكب ذلك جاهين كما يري الوزير برسم الكاريكاتير.. وقد دافع جاهين عن فنه وحرية التعبير أمام النيابة قائلا: »إنني أمارس حقي في التعليق علي أمر مما يشغل الرأي العام والسيد الوزير لا يمثل سلطة قضائية فهو وزير تنفيذي،، أما كمدعي اشتراكي فهو خاضع لرقابة مجلس الشعب واختصاصاته خارجة عن السلطة القضائية».. المشكل الذي ندور فيه هو الالتباسات بين محاولة إنفاذ القانون وحماية نقابة الصحفيين لحرية أعضائها وعدم تعرضهم للبطش.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي :- (الحقيقة هي مقالة كتبها اليوم الزميل العزيز والصديق الصدوق -حازم الحديدي / بزاويته المقروءة لمبة حمراء : بالغراء الزميلة الأخبار المصرية- وأنقلها بتصرف "الهارب هو من يختبئ عن عيون من يلاحقه،، لكنه إذا كان في منزله فهو بالقطع لا يختبئ ولا يهرب لأنه في بيته،، وعندما يكون والده معه في بيتهما،، فهو بالقطع لا يؤويه ولا يتستر عليه،، لأنه ابنه ولأنهما معا في بيتهما،، ونقابة الصحفيين هي بيت الصحفيين وليست مخبأ للهاربين ونقيب الصحفيين هو رب هذا البيت،، ومن هنا فهو لا يتستر علي أهل البيت ولا يؤويهم،، لأنه ليس شيخ منصر،، والتعامل مع نقيب صحفيي مصر علي أنه رئيس عصابة،، يعني أن بلدنا (وياللهول) هو وكر العصابة،، وحاشا لله أن تكون مصر كذلك" إنتهى).. العدالة لا تسيس -Do not politicize justice- وعلى قول جدتي :- "دقي يا مزيكا !!".
خروج :- كتبت عنه كثيرا والحمد لله.. خرج الزميل العزيز والصديق الصدوق إسلام بحيري من محبسه في سجن المزرعة بطرة،، خرج بالعفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس السيسي هذا الأسبوع،، وتم الإفراج عن ٨٢ شابا استجابة لتوصيات مؤتمر الشباب.. خرج إسلام بعد أن قضي كامل العقوبة،، كامل الظلم وأكثر.. بدا العفو مجانيا في نظر الكثيرين بعد أن أنهي إسلام بحيري عقوبته (سنة كاملة) ولم يتبق سوي أيام تعد علي الأصابع ليفرج عنه.. لكن في العفو الرئاسي دلالات أكبر من مجرد الخروج من السجن.. في العفو انتصار لحرية رأي تم العصف بها،، وفي العفو ترضية وضمانة لعدم إغلاق الأبواب في وجه السجين الخارج من محبسه،، ضمانة من ملاحقات قضائية تسعي لإجباره علي الصمت ومنعه من الظهور الإعلامي،، في العفو ضمانة ليمارس إسلام حريته دون تهديدات وملاحقة.. فحرية إسلام بحيري ليست في الخروج من سجنه،، لكن في استعادة صوته:،، واستكمال خطابه وسعيه المستنير لتجديد الخطاب الديني،، وتخليصه من الشوائب والخرافات.. حرية إسلام الحقيقية في مواصلة دوره ومواجهة قوي التخلف والجهل.. العفو الرئاسي عن 83 من الشباب المحبوسين ظلما خاصة في قضايا الرأي،، هو استجابة لمطلب شعبي وتصويب لمسار.. لكن ربما الأهم من العفو،، العمل علي إلغاء أو تعديل القوانين المعيبة الظالمة من (قانون التظاهر،، إلي قانون ازدراء الأديان) فهي الخطوة الضمانة لحرية الرأي وحرية التعبير،، ومنع جرجرة كل صاحب عقل إلي السجون.. ولن أزيد ،، والسلام ختام.
-- الدكتور / عثمان الأمين أبو بكر الصديق – الوجيه : صحفي سوداني ومحلل سياسي مقيم بمصر
INSTAGRAM LINKEDIN FACEBOOK TWITTER SKYPE PLUS : DROSMANELWAJEEH – WHATSAPP MOBILE VIBER IMO : 00201158555909
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة