لولا أن بعض أتباع صاحب الرسالة الثانية المدعاة من دين الإسلام ينشرون أفكارهم ومذاهبهم علنا، من دون مداراة، على صفحات الصحف الورقية والالكترونية لما صدقنا أنهم على هذا المستوى من الاعتقاد الأحمق. ولما صدقنا أن بشرا من بشر القرن الحادي والعشرين يمكن أن يكون على هذا المستوى السطحي من الاعتقاد. فلا يعقل أن يدعو إنسان تحت أي دعوى من الدعاوى مهما كانت إلى الرفق بزرافات الحشرات الضارة كالبعوض الذي يعطب صحة بني الإنسان! ويهدد حياة أكثر من ثلاثة بلايين من البشر في نحو مائة دولة في العالم، كما جاء في التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية. ومن الكتاب الذين نشروا في مقالاتهم أخيرا هذا الضرب من الاعتقاد الغريب بضرورة حماية البعوض حامل لواء الخرافات وراعي فنون الدجل بالحزب الجمهوري المدعو عبد الله عثمان. فقد كتب وهو يمجد شيخه محمود محمد طه قائلا إنه كان يحتج على التخلص الجماعي من البعوض باستخدام المبيد الحشري المعروف (بيف باف)! ثم كذب كذبا أبلق (كتابة أبلق هكذا صحيحة، لأنها على وزن فُعَل، فهي ممنوعة من الصرف إذن، نقول هذا لمصلحة صديق الكويتب بروفيسور الجهل، أحمد مصطفى الحسن، الذي عدَّها خطأ من أخطائي في النحو، كما زعم!) فقال إن أهل مدينة أثينا، من أعمال ولاية أوهايو الأمريكية، احتجوا على السلطات الحكومية حين همت بإبادة البعوض ضمن هوام أخرى تكاثرت بتلك الناحية. وقول الكويتب في هذا المعنى يتضمن أن أهل تلك الناحية من الحواضر الأمريكية يحبون البعوض ويعشقونه حتى حين يلسعهم اللسع الأليم. ولذلك أشفقوا عليه وتنادوا لحمايته مثلما دعا محمود محمد طه إلى حمايته من من فعل المبيد. وإذا صدقنا هذا الزعم الذي جاء به الكويتب من أوهايو، فربما كان مردُّ المسألة إلى وجود طائفة صغيرة من أتباع الدجال محمود محمد طه يدرسون بجامعة أوهايو استطاعوا بنفوذهم الفكري توجيه الأوهايويين للدفاع عن البعوض. وإنما سقت هذا القول عن الأثر الفكري للجمهوريين الذين يطلبون العلم بتلك الجامعة على سبيل المبالغة والتهكم. لأن أتباع هذا الدجال، وهم طائفة محدودة العدد توجد بتلك المدينة الصغيرة، يزعمون أن لهم نفوذا فكريا ومذهبيا ومهنيا كبيرا بجامعتها حملوا به إدارتها لكي تحتفل بذكراه. وربما انطلى هذا القول المرجف على الكثيرين سواي. لأني قد قضيت ردحا من الدهر بتلك الجامعة قبل أن يخبرها ويحل بها الرهط الجمهوري. وقد علمت من شأنها ومن شؤون الجامعات الأمريكية الأخرى أنها لا تحفَل ولا تحتفي بذكرى مولد شخص أو وفاته. كل ما هناك أن جمعية فرعية صغيرة من جمعيات الطلاب ربما أقامت لهذا الغرض احتفالا محدودا يشهده أعضاؤها مع عدد قليل من الطلاب الذي يأتي بهم حب الاستطلاع ودافع الفضول. وتنقضي المناسبة سراعا من دون أن يصحبها إعلان كثيف أو ضجيج عنيف. ولكن عندما أقيم احتفال مصغر من هذا النوع بزعيم الحزب الجمهوري السوداني بجامعة أوهايو ضجت وسائط إعلام الجمهوريين. وكل شخص جمهوري في هذه الأيام مهما كان مستواه الفكري والأدبي ومهما كان قدرته على الكتابة أصبح يعمل بالصحافة كاتبا. حتى من أمثال المدعو عبد الله عثمان والمدعو أحمد مصطفى الحسن! وقد أوهمت هذه الطائفة الجمهورية التي تمتهن الكتابة الصحفية و(تمتهنها!) جموع القراء بأن جامعة أثنز/ أوهايو قد احتفلت بكاملها بذكرى الأستاذ! ورجعا عن هذا الموضوع إلى موضوعنا الأصلي عن البعوض، أقول إن من الثابت أن أهل أثينز/ أوهايو لم يحتجوا على إبادة البعوض. فهم يعرفون بالضرورة ضرره البالغ على الصحة العامة. وبالتالي لا يعقل أن يعرِّضوا أنفسهم لخطره بالاعتراض على إبادته. فهو من نوع الحشرات التي تسبب لهم وللأمريكان جميعا بالغ الذعر. ولا زلت أذكر أنهم حين اكتشفوا وجود عدد قليل من البعوض النيلي داخل بعض الغابات بفلوريدا انزعجوا على المستوى القومي لا المحلي وحده غاية الانزعاج. وصار خبر اكتشاف عدد قليل من البعوض النيلي في مناطق غابات ومستنقعات فلوريدا خبرا رئيسيا على شاشة تلفزة (CNN). ولم يهدأ للقوم بال ولم يستقر لهم قرار إلا بعد أن قضوا عليه تماما برشه بالطائرات وليس بمبيد (بيف باف)! وهذه حجة موثقة من أخبار (CNN) تدحض حجتك أيها الكويتب الجمهوري الذي يتحدث عن أهل أثينز/ أوهايو وكأنما لم يعرفهم أحد سواه وسوى طائفته الجمهورية التي تقره على الكذب! فإياك أن تسخدم حجة داحضة مثل هذه لتعضد بها قول زعيمك الدجال المحتال. ويا ليت كذب الكويتب الدجال عبد الله عثمان قد وقف عند هذا الحد. بل تجاوزه إلى اجتراح محاولة لاستحداث أصل له من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. فاستشهد بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبادة النمل دليلا يؤكد سنة أستاذه وزعيم حزبه في النهي عن إبادة البعوض إبادة جماعية بـ (بيف باف). وهنا قال الكويتب الجمهوري وهو يتحدث عني:" لا شك كذلك أنه يتندّر من كل ما حوت السنة من أحاديث وأفعال مستفيضة، مثل نهي النبي الكريم عن تحرّيق( يقصد تحريق) النمل". وبالطبع فإني لا أتندر من فعل من أفعال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ادعى هذا الكويتب الجمهوري المفتري. فقد ورد الحديث الذي أشار إليه الكويتب في باب النهي عن قتل النمل في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبِّح". وفي رواية:" فهلا نملة واحدة ". وهذا حديث صحيح لا شك فيه ولا جدال. ولكن قياس البعوض على النمل هو الذي يطرقه الشك والجدال. وذلك لما فيه من تمحُّل شديد من جانبك أيها الجمهوري غير الفقيه. وهذا ما سنعرض له تفصيلا في الحلقة التالية من المقال إن شاء الله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة