|
Re: نحو ديمقراطيةٍ مُستدامة وأملٌ للمُستقبل � (Re: عائشة حسين شريف)
|
الديمقراطية هي حلم الشعوب والأمم ، وهي مطلوبة ومرغوبة إذا خليت من الشوائب والعيوب ، بل هي غاية الغايات ، وأسس الديمقراطية هي العدالة والإنصاف في ممارسة الحقوق والواجبات , والديمقراطية هي فرض المفاهيم العامة على النزعات والمنافع الخاصة ، ومنع سيطرة القادرين على الهيمنة وإركاع الآخرين من البسطاء .. وليس من الديمقراطية تسخير الغلابة في خدمة الوجهاء والمنتفعين ، ولا تجوز مع الديمقراطية تلك المظاهر الظالمة التي كانت سائدة في أزمان الإقطاعيين في مسار البشرية ، ولذلك فإن تجربة الديمقراطية في السودان منذ استقلال البلاد كانت هي تلك التجربة القاسية المريرة التي مثلت الفاجعة الكبرى ، حيث ظاهرة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .. واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، فليس من الديمقراطية تحجيم منافذ العلم والمعرفة على فئات من البشر مغلوبة على أمرها حتى تكون مطية طائعة وخاضعة لخدمة ومشيئة الآخرين !، وكل ذلك كان يتم في السودان تحت غطاء الديمقراطية المزعومة ، وتلك الصورة القاتمة كان يلتمسها الشعب السوداني منذ اليوم الأول لاستقلال البلاد ، فهي صورة مقلوبة ومعكوسة كانت تمارس باسم الديمقراطية في البلاد ، وهي الصورة الأساسية التي تسببت في انهيار تجربة الديمقراطية عدة مرات ، وما كانت ظاهرة الانقلابات العسكرية وتسلط الديكتاتوريات إلا نتيجة حتمية لوقف تلك الصورة الكئيبة التي كانت تمارس باسم الديمقراطية . والشعب السوداني اليوم عندما ينادي بالديمقراطية وبالحرية فهو لا يحن إلى تجارب الماضي ، ولكنه يتمنى تلك الديمقراطية الصحيحة ، ويتمنى الحرية المطلقة لفئات المجتمع كافة ، تلك الحرية التي تخلو من بوائق التابع والمتبوع ، والشعب يدرك جيداَ أن هنالك اليوم من ينادي بالديمقراطية بنفس المنوال السابق حتى يعود الزمن أدراجه وحتى يكسب المنتفعون نفس المنافع والمكاسب ، وتلك تجربة لا يريدها أحد من جديد ، فإذا كان اجتهاد البعض لإعادة تجربة الديمقراطية بنفس النهج القديم فالشعب يقول له : أن حياة الجحيم في ظلال حكومة الإنقاذ الحالي أفضل مليون مرة من تجربة ديمقراطية زائفة وخادعة وظالمة بذلك القدر الذي ينافي معايير الأخلاق والإنسانية ، وتلك تجربة الماضي مرفوضة من الشعب جملة وتفصيلا ، حيث استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، وحيث إثراء البساتين بدموع الغلابة والمساكين باسم الديمقراطية .
| |

|
|
|
|