|
|
 كيف يمكن للحكومة السودانية أن تحيل القرار 1706 إلى مجرد حبر على ورق؟
|
كيف يمكن للحكومة السودانية أن تحيل القرار 1706 إلى مجرد حبر على ورق؟
(سودان سفاري):
بموافقة (12) دولة وامتناع ثلاثة عن التصويت ، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الذي حمل الرقم (1706) – مساء الخميس الماضي – بإرسال قوات دولية إلى إقليم دارفور بغرب السودان. ووفقاً للأنباء التي أمكن التقاطها من دهاليز المنظمة الدولية، فإن القرار سبق صدوره انقسام واضح بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فبحسب مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة السفير عمر بشير، فإن القرار تم تمريره بتعجل واضح، وأن الدول صاحبة النفوذ هي التي دفعت المجلس للإسراع بتبني القرار، وأضاف بشير – أن الدول التي امتنعت عن التصويت هي الصين وروسيا وقطر ، وان الدول الأفريقية الأعضاء في المجلس – والحديث لا يزال للسفير – لم تكن بينها وحدة رأي واضحة وقد اختلفت حول تبني القرار ، فبينما تبنت كل من غانا وتنزانيا مشروع القرار منذ أول وهلة ، فإن الكنغو – التي تترأس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية رفضت تبني القرار، رغم أنها عادت وصوتت في النهاية لصالح القرار. الحكومة السودانية وفي أول رد رسمي لها على القرار رفضته جملة وتفصيلاً، ووصفته بأنه عمل عدواني من جانب المجلس ، وأن المجلس فضلا عن استعجاله المريب، وتجاهله الغير مبرر للخطة الحكومية التي قدمت له قبل أسابيع بشأن ترتيب الأوضاع في دارفور، فإنه قصد الاستعجال عمدا لإصدار القرار لتفويت الفرصة تماما على أي معالجة موضوعية أو تسوية عادلة. و مما لا شك فيه أن صدور القرار في حد ذاته ليس هو الآن المعضلة ، على أساس أن النهج الذي انتهجته الدول الكبرى – صاحبة النفوذ والمصالح الخاصة – كان يشير إلى أنها ماضية قدماً في استصدار هذا القرار مهما كلفها ذلك. الحكومة السودانية نفسها لم تكن تستبعد صدور القرار سواء بالكيفية التي صدر بها ، أو بأي كيفية أخرى، فالهدف واحد.
ولكن المعضلة والمشكلة الحقيقية فعلا الآن، هي أن القرار اشترط في حيثياته ضرورة موافقة الحكومة السودانية على نشر القوات الدولية. بمعنى أوضح فإن القرار (1706) وفقاً للتفسير والتأويل القانوني الصحيح والمتفق عليه ، لا معنى له إذا لم توافق عليه الحكومة السودانية صراحة. وقد أفادنا احد الخبراء القانونيين في القانون الدولي ، إن اشتراط موافقة الحكومة السودانية يعتبر بمثابة شرط لازم لإنفاذ القرار، من المستحيل البدء في تنفيذ القرار دون موافقة وصفها الخبير القانوني بأنها لا بد أن تكون صريحة ومباشرة وليست مجرد موافقة ضمنية أو عن طريق السكوت. وحين تساءلنا عن جدوى القرار ، ولا تزال الحكومة ترفضه ومع علم المجلس بهذا الرفض ، أجاب المصدر بأن بعض الأعضاء النافذين في مجلس الأمن ربما يكونوا يعولون على ضغوط معينة إذا مارسوها على الحكومة يحصلون على موافقتها ، ولكن حتى في هذه الحالة ، فإن الحكومة في الواقع تستطيع ان ترفض ، لسبب بسيط للغاية ، و هو ان الرفض لا تترتب عليه عقوبات من أي نوع ليس لان القرار تضمن ذلك ن ولكن لان القرار ومن وجهة نظر قانونية بحتة هو بمثابة محاولة (إبراء ذمة) من مجلس الأمن بأنه حاول مساعدة السودان في ترتيب أوضاعه الأمنية لكيلا تتفاقم مأساته ويتسع نطاقها فتصعب على الحل. هذا من الناحية القانونية الصرفة ، أما من الناحية السياسية ، فإن القرار في الواقع سيظل حبراً على ورق ، ذلك ان الرفض الحكومي القاطع من جانب السودان ، إنما ينزع الجناحين اللذين يطير بهما القرار ، و لو استطاعت الحكومة السودانية أن تحقق وحدة سياسية متجانسة في منظومتها التنفيذية وبتوافق جيد مع شركائها، فإن بامكانها سد الفراغ الأمني المتوقع عند حلول الثلاثين من سبتمبر الحالي وانسحاب القوات الأفريقية وتخليها عن مهمتها في إقليم دارفور. ومن الواضح أن خيار سد الفراغ الأمني هذا هو الآن الخطوة الرئيسية والأولى التي تعمل الحكومة السودانية الآن على الإعداد لها لمواجهة الموقف، فإذا فعلت الحكومة ذلك ، وتمكنت من السيطرة الفعلية على الإقليم بمعاونة شركائها، فإن القرار 1706 رغم الجهد الذي بذل فيه لن يعدو أن يكون بحق وحقيقة – مجرد حبر على ورق.
|
|
 
|
|
|
|
ghariba
Mustafa Mahmoud
Mohamed Suleiman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست