لماذا يُعتبر الذهب السبب الأول الذي يجعل السلام تهديداً وجودياً حقيقياً للفاعلين الإسلاميين وتجار الحرب 1. الأرقام الحقيقية (وليست الرسمية)الإنتاج الفعلي السنوي: بين 110 و140 طناً من الذهب (2022-2025)، وليس 70-80 طناً كما يُعلن البنك المركزي. نسبة التهريب: 80-90% من الإنتاج الكلي (أكثر من 100 طن سنوياً) يخرج خارج القنوات الحكومية تماماً. القيمة السنوية للذهب المهرَّب: بين 6 و9 مليارات دولار نقداً سنوياً (أكثر من ميزانية الدولة السودانية قبل الحرب بأكثر من ضعفين). الوجهة النهائية: 90% من الذهب المهرَّب يمر عبر دبي، ثم يُعاد تصديره إلى الهند، سويسرا، تركيا، وهونغ كونغ.
2. من يملك الذهب فعلياً؟ الشبكة الإسلاموية-العسكرية-القبليةالحركة الإسلامية (والدولة العميقة السابقة) هي المالك الحقيقي والمستفيد الأكبر عبر أربع طبقات متراكبة: أ. الطبقة الأولى: الشركات الواجهة الإسلاموية أكثر من 450 شركة تعدين وتصدير مسجّلة بأسماء وهمية أو أقارب ضباط أمن سابقين وتجار إسلاميين كبار. أبرزها:شركة «المتقدّمين» (مرتبطة بقيادات إسلامية عليا) «حمدي للتعدين» و«الجُنيد» و«أسد» و«المستثمر الجديد» شركات «الظل» و«الراجحي للذهب» و«البراء للتجارة»
ب. الطبقة الثانية: المليشيات والكتائب كـ«شركات أمنية» كتائب الظل، لواء البراء بن مالك، فصائل درع السودان، وقوات «الحركة الإسلامية العريضة» تفرض «ضريبة حماية» بنسبة 15-30% على كل كيلو ذهب يُستخرج في المناطق التي تسيطر عليها أو تؤمّن طرقها. مقابل الحماية، توفر المليشيات الحماية المسلحة، تمنع تدخل الجيش أو الدعم السريع، وتضمن استمرار العمل في المناجم التقليدية والمكانيكية.
ج. الطبقة الثالثة: التحالفات القبلية المحلية في جبل عامر، الإنقسنا، الفاو، الليري، الحدود التشادية-الليبية: يتم توزيع المناجم على زعماء قبليين موالين للإسلاميين (خاصة من الرزيقات المحسوبين على موسى هلال سابقاً، وبعض فروع المحاميد، والمعاليا الموالية). هؤلاء يحصلون على حصص، لكنهم ملزمون بتسليم النسبة الأكبر للشبكة المركزية.د. الطبقة الرابعة: الممر الخارجي شبكة دبي: مكاتب صرافة وشركات تصدير ذهب في سوق ديرة وجميرا تابعة لسودانيين إسلاميين سابقين في الجهاز الأمني. الدفع بالدولار النقدي أو بالتحويلات البنكية إلى حسابات في تركيا، ماليزيا، قطر، والسعودية.
3. كيف يموّل الذهب الحرب يومياً؟شراء الأسلحة والذخائر: معظم صفقات السلاح الخفيف والمتوسط (من أوكرانيا، روسيا، الصين، إيران عبر ليبيا وتشاد) تُدفع نقداً بالدولار المستمد من الذهب. رواتب المقاتلين: كتائب الظل ولواء البراء تدفع رواتب شهرية تتراوح بين 500 و1500 دولار لكل مقاتل، وهي مبالغ لا يستطيع الجيش النظامي دفعها. تمويل الإعلام والدعاية: عشرات القنوات على يوتيوب وتلغرام وتيك توك تُدار من أموال الذهب. شراء الولاءات السياسية والقبلية داخل وخارج السودان.
4. لماذا السلام = الموت المحقق لشبكة الذهب؟أي اتفاق سلام جدي سيحتوي بالضرورة على النقاط التالية (وهي كابوس تجار الذهب):إعادة احتكار الدولة لتعدين الذهب وتصديره (إعادة تفعيل بنك السودان المركزي كمشترٍ وحيد). إلغاء كل تراخيص الشركات الخاصة الصادرة بعد 2019. إغلاق منافذ التهريب الجوية والبحرية غير الرسمية (مطار بورتسودان المدني، ميناء سواكن، الحدود مع مصر وتشاد). تشكيل لجان تحقيق دولية ووطنية في تهريب الذهب وتمويل الحرب (كما حدث في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى). تجميد الأصول والحسابات المرتبطة بالمهربين في دبي وأوروبا (تحت الفصل السابع أو عبر آليات مكافحة غسل الأموال).
أي بند من هذه البنود يكفي لوحده لتدمير الشبكة بأكملها خلال أشهر قليلة.5. النتيجة السياسية المباشرةلهذا السبب بالذات، نرى أن كل جولة تفاوضية جادة (جدة، المنامة، جنيف، أديس أبابا) تتعرض لعمليات تخريب ميداني منظم من قبل كتائب الظل والمليشيات الإسلامية:استهداف المدنيين لإفشال الهدنة. إعلان تعبئة جديدة باسم «الجهاد». تصعيد عسكري مفاجئ قبل أيام من التوقيع.
كلها محاولات لإطالة أمد الحرب، لأن كل شهر إضافي من الحرب = مئات الملايين من الدولارات الجديدة من الذهب المهرَّب.خلاصة قاسية لكن واقعيةالذهب لم يعد مجرد مورد طبيعي في السودان بل صار العملة الصعبة الوحيدة التي تحافظ على بقاء الحركة الإسلامية ومليشياتها أحياء سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بعد أن فقدت السلطة الرسمية في 2019. من يريد سلاماً حقيقياً في السودان لا يكفيه أن يوقف إطلاق النار؛ عليه أولاً أن يكسر احتكار شبكة الذهب الإسلاموية-العسكرية، وهي المهمة التي لم يجرؤ عليها حتى الآن أي طرف داخلي أو خارجي بجدية كافية. طالما بقي الذهب خارج قبضة الدولة، فالحرب لن تتوقف، لأنها ببساطة صارت مربحة أكثر من السلام بمليارات الدولارات كل عام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة