العثور على فيفيان ماير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-18-2025, 06:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-28-2025, 10:35 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العثور على فيفيان ماير

    10:35 PM August, 28 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    المراة العجيبة التي اخفتزحياتهاوعن الكل
    وبالصدفة اكتشفها العالم بعد ان ماتت
    ليجد انها كانت تنظر للعالم من خلال عدستها دون ضجيج
    كان العالم احس بالندم لتقصيره..فانشا فيلما وثائقياعنها..






                  

08-28-2025, 10:44 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    قرات قصتها بالصدفة في تحليل بديع للفيلم..
    في الحقيقة شعرت بالحزن والرثاء..
    الحياة المعاصرة صارت لا تهتم بالانسان العادي والمكافح بقدر
    اهتمامها بمن يجذبون الاضواء باموالهم او وسامتهم او مواهبهم الزاعقة..
    وجدت العديد من المقالات التي تناولت قصتها الغريبة ...وانا لا ادري..
    تابعوا قصتها فهي تستحق.
    ولي عودة
    عفوا للاختصار اذ اكتب من الجوال وانا مستلقي ..واليوم يغلق ابوابه
    ونحن بانتظار يوم مشرق جديد..لكم الحب كله والود كله والعفو ما يكون زول زعلان مني حتى....
                  

08-28-2025, 10:47 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    احس انه الموضوع جذاب..مجرد حدس..وكان بودي اواصل
    لكن ذلك بيحتاج لجهد وقت لانتقاء المادة.
    اشعر بالعطف والتعاطف مع هذه المراة الوحيدة في المدينة.باي.
                  

08-29-2025, 01:12 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    أمس بالصدفة وأنا أقرأ في تويتر موضوع كتبته الأستاذة رشأ كمال الناقدة والمترجمة السينمائية المعروفة..فعلقت عليه كالعادة

    فإذا الأستاذ طلال وهو رجل أيضا محلل وناقد سينمائي بارع يرد على تعليقي على الموضوع فعرفت أن رشأ هي نقلته عنه..

    الحقيقة الموضوع واللغة أسراني للغاية فتابعته فعرفته أنه عن فيلم وثائقي عن فيفيان ماير المرأة الغامضة التي لم يعرفها الناس إلا بعد

    وفاتها بالصدفة. مما قيل عنها:‏ "كانت مُحطّمة أكثر ممّا إعتقدتْ، يالها من سيدة وحيدة. أتعلم؟ وحيدةٌ تمامًا، ومُساءٌ فهمها."‏

    فما هي قصتها؟

    سأنزل الموضوع الذي كتبه الاستاذ طلال لأن عرضه كان جميلا ومؤثرا..ثم بعد ذلك نشوف الباقين..

    أتمنى لكم متابعة رائقة.
                  

08-29-2025, 01:18 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مراجعة فيلم (finding vivian maier - 2013)
    كتابة وإخراج : جون معلوف، تشارلي سيسكل
    النوع : وثائقي

    ماتت وحيدة غامضة مجهولة وتركت العالم ينبش خلف سيرتها

    مدخل
    المرأة التي حينما رحلت لم يبكِ عليها أحد ،ماتت مغمورة وكأن الثمانين السنة التي عاشتها تلاشت، بل كأن قيمتها عند موتها تشبه قطعة جماد زيَّنت الرف لسنوات ثم انكسرت ورُميت بلا تردد وبنسيان تام، هذا الشعور الذي يغمرها حينما عاشت سنواتها الأخيرة تتأمل في تاريخها وليس فيه إلا الفراغ، لا زوج ولا أبناء ولا عشيق أو صديقات ولا إخوة ولا نسب متصل على امتداد عمرها الغامض، في أيامها الأخيرة كانت ترتاد كل يوم حديقة مطلة على البحر وتجلس طويلاً على كرسي للمشاة والعابرين،ترتجي لنفسها شيئاً تحنُّ إليه ولا تجد سوى تركة من مئة ألف صورة هي الباقية من عمرها وأشيائها الخاصة من حقائب مكدسة فيها أحذية وقبعات قديمة وفساتين صيفية ومعاطف، والكثير من الورق، وفواتير ضرائب وتذاكر باصات وإعلانات ومراسلات ومقصوصات من جرائد فيها أخبار متناثرة وأشرطة كاسيت ثم الكثير والكثير من شرائط الصور غير المحمضة وصناديق مليئة بعلب أفلام فوتوغرافية، كل ذلك تركته ورحلت وقد بِيع في مزاد للخردة والقطع المستعملة بسعر رخيص،يبدو أنَّ هذه الأنقاض المغبرَّة هي وطنها الذي تحنُّ إليه، وهي عائلتها التي بكت رحيلها، وحملت اسمها إلى عالم الناس، وصنعت لها مجداً في الفن، وسجلتها في تاريخ التصوير الفوتوغرافي الحديث،وأُلفت عنها أكثر من عشرة كتب، وكُتبت المقالات النقدية حول أسلوبها البصري، وأذاعت البرامج المتلفزة عن اسمها، وأُنتج عنها فيلم قصير، وثلاثة أفلام وثائقية ترشح أحدها للأوسكار ، لكن بعد ماذا ؟ بعدما ماتت وصارت رماداً لا قبر لها. إنها (فيفيان ماير) المرأة التي شغلت العالم بغموضها وفنها بعد موتها .كانت تعمل مربية أطفال في منازل العائلات، تسكن غرفاً صغيرة وبيوتاً مؤقتة،ومع كل سنوات تقضيها عند عائلة تجمع رزماً من الصحف والكثير من الخردة والقطع، كأنها امرأة مصابة بالاكتناز القهري،وكاميرا معلقة حول رقبتها لا تفارقها حتى في أعمال المنزل من غسيل للأرضيات والصحون وحين والطبخ وفي فسحة الأطفال للشوارع المجاورة،كانت لها نظرة تصور قبل الكاميرا ترى الشيء فتتخيله ثم تلتقطه بكاميرتها .في عام ٢٠٠٧ تخلّفت (فيفيان) عن سداد أجور مخازنها، فطُرحت محتوياتها في مزاد: توزّع الأرشيف بين (جون معلوف) ووجهات أخرى، ثم استُكمل لاحقًا بالشراء من ملاك ثانويين.قام (معلوف) بعرض صورها على موقع (فليكر) ثم تفجرت شهرتها بعد ذلك لتصبح المرأة التي عاشت لا مرئية وبعد موتها رأها العالم عن قرب .

    تحليل
    يعد هذا الوثائقي سيرة غائبة لامرأة احترفت الغموض في حياتها، تكتم تاريخها إذا سألها أحد عنه،أو من أين ينحدر أصلها، فتقول مرة "أنَّها فرنسية" ومرات عديدة تتجاهل ذلك،لم يعرف أحد سبب غموضها ذاك، وسر كتمها لشيء يشترك الناس في تداوله بينهم من مجريات الحياة، وُصفت أنها غريبة الأطوار تكتنز الأشياء ، ما يشعرك أنها تعاني من أزمة في التواصل، جعل هوسها بالتصوير ليس مجرد لقطات بقدر ما هي حالة تواصلية لها لغة بصرية لا لغة مفردات وكلمات، تملك عيوناً ترصد الإيماءة العابرة والتفاصيل المهملة ، عيون امرأة كتومة تملؤها الوحدة وتريد التفاعل مع الأشياء من حولها عبر عدسة وزر تضغطه لتحبس اللحظة فتشعر بنشوة التفاعل ذاك، كانت بكاميرتها متفرجة على العالم هاربة من كونها فُرجة للعالم نفسه، تلمس الوحدة على أسلوبها التصويري والظل الذي كانت تصنعه في انعكاساتها ما هو إلا أمارة على إنسانة لا مرئية تعيش وحيدة ومعزولة ، تنتقل بين الأسر الحميمية لا لتبحث عن دفء ينقذها من الوحدة بل لتكسب قوتاً تدخره، ووقتاً تمارس فيه هوس الكاميرا وقراءة الصحف،يؤكد هذا المعنى اتفاق العوائل التي عملت عندهم على صرامة غموضها وعدم المساس بتاريخها الشخصي ، لقد كانت اجتماعية ومعزولة في آن واحد، وهذه المفارقة لنموذج المرأة التي امتلكت عيناً وحساً وكاميرا وتحمل مدخراتها المكدسة في حقائب كثيرة لا قيمة لها سوى الاكتناز.

    أن تملك صورة فأنت تملك لحظة محبوسة من الماضي، تغوص في الماضوية كلما تعتقت تلك الصورة بفعل الزمن، تقول (سوزان سونتاغ) في كتابها (حول الفوتوغراف) :عندما نصوّر، فإننا نستولي على الشيء المصوَّر. هذا يعني، أننا نضع أنفسنا في علاقة معيّنة مع العالم تشبه المعرفة - وبالتالي السلطة.اهـ. هذا ما يتأكد لك إذا اقتربت من تفاصيل سيرتها الغامضة،إنِّها تلتقط بشراهة ما تشاهده لترى صلات مترابطة متعددة في إطار الصورة نفسه . إنّ أحد أكثر المعاني الكامنة في أعمالها هو (سخرية الحياة) فقد صورت البؤس والفقر والقمامات والمهمشين وصورت المتأنقين وملامح الترف وصورت المدينة والبحر والبلدان البعيدة، لقد صورت المتناقضات والأضداد لتسخر من هذه الحياة التي عاشتها (فيفيان) بمرح وحيوية تظهران على خارجها وبوحدة متوحشة تنهشها من داخلها، هذه الضدية هي سخرية الحياة التي أرادت تدوينها في الصور، كانت تقرأ الصحف كل يوم وتكدسها، تهتم بالأخبار الغريبة والبشعة وربما غير اللائقة، تحب العنوانات التي تكشف حماقة الناس، تقول ربة عملها عنها :لو نظرتَ إلى فنها، سترى غرابة الحياة،تنافرها، وقسوة الإنسان.اهـ.وهذا ما شرحته (سوزان سونتاغ) عن هذه الجزئية حيث تقول: الفوتوغرافي يُعتبر مراقباً حاداً لكنه لا يتدخل ..فالصورة الموضوعية هي برهان ليس على ما هو كائن فقط، بل أيضاً على ما ينظر إليه الفرد، فهي ليست تسجيلاً بل تقيماً للعالم، إذ الوظيفة العليا للفوتوغراف هي تفسير البشر للبشر. لكن الصور لا تفسّر، إنّها تعترف.اهـ.

    هذا يدفعنا إلى السؤال العريض :ما قيمة الوحدة في نفس الموهوب المبدع؟
    الوحدة قناعة عميقة بأن لا يوجد شخص أو مجموعة يمكن الانتماء لها، وهذه القناعة تذهب لبعد آخر:فمهما كان التكامل والاندماج مع الأشياء المحيطة لن يستطيع إزالة شعور ذات الفرد بأنَّ أجزاءً منه قد فُقدت ولا يمكن استعادتها،وبعض هذه الأجزاء يتم عرضها على الآخرين لدعم شعور لديه، مفاده (ليس ذوات الآخرين كاملة أيضاً) فهو يطمئن نفسه المتصدعة بالوحدة ليبحث عن مشابهة في الآخرين، وستبقى أجزاؤه المتشظية تعيش وحدة أيضاً، ولكن كيف يمكنك وضع هذه الأجزاء المحطمة معًا من جديد؟ أليس هذا دور الفن؟ نعم (هذا ما قلته المحللة النفسية ميلاني كلاين). لقد استطاعت (فيفيان) محاولة جمع أجزائها المتشظية عبر كاميرتها المعلقة على رقبتها،تصوب عدستها نحو شيء يلم شتات وحدتها، وتنتشي ذلك وتذوقه في أعماقها . لقد اختارتْ الوحدةُ (فيفيان) فلم تكن هي لتختار وحدتها المفروضة عليها عبر ظروف تاريخها الغامض،وهذه معضلة إنسانية مغفول عنها،أن تختارك الوحدة وتقبض على مكامن نفسك حتى تصير لك قدراً ومصيراً وهذا ما حدث لها،فكانت تزاوج الوحدة بالمجهولية،وهي مفارقة كبرى أنَّ (المجهولية) كانت جزاءً من هويتها الفنية، فلم تكن عارضة في مسيرتها، بل تحولت إلى علامة فارقة بعد موتها، ما أثار جدلاً لسؤال أخلاقي بعد أن قام مكتشفها وعرض فنها إلى العالم لتكون (فيفيان) سيرة يُنبش في حل لغزها الغامض، وهو: هل يحق اقتحام حياة شخص ميت اختار الوحدة والعزلة وعدم النشر ليكون مشهوراً تحت الأضواء؟ وبعيداً عن جوابات المتجادلين،فلن يفيد الجدل في طمس فنها، ولن يعيد (فيفيان) من الموت لتفصل في أمرها.إنما هو سجال لسؤال أخلاقي نظري يعزز من مكانة العمل الفني نفسه.

    هل ما فعلته (فيفيان) من ممارسة فن التصوير الفوتوغرافي هو إبداع فرض نفسه أم إبداع حالفه الحظ ؟ فهنا مسألة "الإبداع" بين الاستحقاق وظروف النجاح، هي ما يفتح آفاقاً نحو طرق أبواب الطبقات الاجتماعية للبحث عن فن المسحوقين الذي يعيشون على هامش الحياة وإظهار إبداعهم ، وهل قيمة الفن مستقلة عن معرفة المجتمع به؟ وهل الاعتراف المتأخر يغير من طبيعة العمل أو مكانته؟ القيمة في الفن لها ثلاث مستويات تفسيرية،أولاً: قيمة جمالية تبرز خصائص العمل الفني نفسه، ما يعني لو جرَّدتَ العمل من سيرة صانعه أو جرَّدته من قيمته السوقية لصار هو هو فناً ابتكارياً له إيقاع وتكوين ومعنى . ثانياً :قيمة اجتماعية وهو ما يسبغه عليه المجتمع الفني نفسه. فالقيمة الفنية هنا تشتعل بالاعتراف بها، من حفاوة النقاد والمؤسسات الفنية، والأطر الأكاديمية والجوائز وهذا ما يسميه (بيير بورديو) في كتابه (قواعد الفن) بـ الرأسمال الرمزي .أي أنَّ القيمة الفنية تبرز من شبكة الفاعلين الذين يعطونه الشرعية.ثالثاً: قيمة اقتصادية ، فتكون قيمة العمل الفنية شاعت بسبب آليات التسويق والطلب،واحتكار الشركات له وفرضها على الإعلانات، فتصبح القيمة الفنية مرهونة بالدعم الاقتصادي الذي له علاقة في تشكيل الأذواق .التفريق بين هذه المستويات يمكنُنا من وضع أعمال (فيفيان) موضعاً صحيحاً، فهي صائرة بين أمرين : الأمر الأول أنَّ الاعتراف لا يصنع جوهر القيمة الفنية وإبداعها لكنه يصنع المصير ، من مصير قابل للضياع والتلف إلى مصير شائع محفوظ في الذاكرة الاجتماعية والتاريخ ، والأمر الثاني أن القيمة الجمالية وحدها ممكنة وفاعلة حتى في غياب الاعتراف، لكن هذا لا يضمن لها الديمومة والتأريخ والصيانة.إذن جدل القيمة الفنية هو جوهر ما يمكن مناقشته في مسألة أعمال (فيفيان) وفي ظني أنَّها دخلت باب الاستحقاق الإبداعي من أوسعه، فقد تجرَّدت أعمالها عن اسمها وسيرتها وبقيت أعمال يشاد بها في معايير الصناعة الفنية الفوتوغرافية.أما الاعتراف المتأخر فهو لا يغير من طبيعة العمل ومن بنيته (المكون الفني) فلا تتبدل بمرور الزمن ، أما المكانة (الوضع الاعتباري) هو ما يتبدل بالاعتراف ويتحول من "سلعة ضائعة" إلى "مرجع فني" ومن "مسودات صور في مزاد رخيص" إلى " أيقونة في متحف" وهذه نظرة سوسيولوجية مؤسسية تبرز العمل بوصفه "إنقاذاً لتراث إنساني" .

    يرى علماء الاجتماع أن الصورة المهيمنة تُخفي أكثر مما تكشف . عند التدقيق في أعمال (فيفيان) الفوتوغرافية لا تجد صوراً غير مترابطة أو عشوائية، إنما تجد أرشيفاً بصرياً للمنسيين من أمثالها، لقد وجهت عدستها خارج النمطية الشائعة التي طبعها الإعلام الأمريكي في الخمسينات والستينات عن هيمنة الطبقة الوسطى البيضاء السعيدة في الضواحي، وصورة الحلم الأمريكي الموعود والاستهلاك والرفاهية، لقد خرجت عن هذا النسق كله لتصور أطفالاً حفاة يركضون، ومهاجرين على وجوههم الحيرة والتعب، والفقراء البؤساء المشردين الذين تجد على وجوههم سؤال المصير. صورها تظهر حساً مركباً من التعاطف والتهكم والنقد ، تكشف أنَّ الحلم الأمريكي لم يكن حالماً للجميع،فخلف الواجهات التجارية المصقولة هناك وجوه متعبة، هناك تفاوت طبقي صارخ، هناك أحياء مهمشة ،إنها صور تعبر عن تعرية الطبقية واللامساواة بشكل غير مباشر ، هذا ما يجعل صورها بمثابة تاريخ شعبي مسكوت عنه، يذكرنا بكتاب (هوارد زن) الرائع (التاريخ الشعبي للولايات المتحدة الأمريكية).تقول (سوزان سونتاغ) في كتابها (حول الفوتوغراف):في مبدأ روبرت فرانك -وهو أحد أعمدة الفن الفوتوغرافي-:(شيء واحد يجب أن تتضمّنه الصورة الفوتوغرافية، هو إنسانية اللحظة) مما يوحى بأن الفوتوغرافي هو مراقب مثالي، ينظر بموضوعية الباحث العلمي، والنظر هنا خلال عيني شخص عادي في الشارع.اهـ

    لنعد مرة أخرى إلى مسألة (الوحدة والعزلة) عند (فيفيان) . (المربية/المصوِّرة) ثنائية تنطوي على هشاشة الهوية والتباين الحدَّي بين الاسترزاق بنطاق هامشي وبين موهبة متفجرة بالإبداع،فإن توسيع هذه الهشاشة يمر عبر فهم الوحدة والعزلة لديها، وكيف تحولتا إلى بنية جمالية خاصة البورتريهات الذاتية بالانعكاسات والظلال (ما يسمى حديثاً بـ سِلفي) ، ظلٌّ ملقى على أرض عشبية،انعكاسٌ في مرآة يدوية ،حضور جانبي في مرايا حمامات عامة. هذا الأسلوب البصري المبتكر الذي لم يسبقها أحد فيه يصوغ ماهية الوحدة والعزلة، فكأنها تقول (أنا هنا،أرى العالم لكني لا مرئية فيه) ، فالمربية ترى كل شيء في البيت والخارج ولكنها لا تُرى. تستعمل (فيفيان) أسماء متعددة في مراوغة منها لكتم تاريخها الشخصي، فمرة (مس مايرز) ومرة (مس في سميث) وهكذا، ما يشير إلى تركيب متشابك كونها من (طبقة هامشية) ومن(النساء المنسيات) ومن(مهنة كادحة) مع اختيارات شخصية تتمثل في تطرف لحب الخصوصية والانكفاء على الذات، أمضت على ذلك التركيب المتشابك أربعين عاماً وهي تحمل هوية ثنائية (مربية/مصورة) . أصولها بين نيويورك ونَسَب فرنسي، وطفولة بين الولايات المتحدة وقريتها الأم في الألب الفرنسية، أبٌ غائب،وأم متوفية ،لا إخوة ولا أخوات ولازوج ولا أبناء، كلّها خطوط سيرة متكسّرة جعلت سرد (خط) حياتها صعبًا. والأهم أنَّ سجلات التعداد ووثائق الهوية غير مكتملة ومتضاربة؛ بل تشير أبحاث حديثة إلى أنها عدّلت بعض تفاصيلها الرسمية (كالولادة) في أوراق مختلفة، ما جعل التتبع البيوغرافي ملتبسًا وعمّق هالة الغموض حولها ،كأنها تبذل جهدًا للعيش حرّة بقدر ما تستطيع .ثم على المستوى النفسي السلوكي، تتقاطع شهادات كثيرة حول نزوع قوي للخصوصية، مع دلائل متراكمة على اكتناز قهري في أواخر حياتها، تُقدِّر بعض المصادر أنَّ ممتلكاتها المخزّنة بلغت "نحو ٨ أطنان"،حتى لو تجنّبنا التشخيص الطبي، فهذه الحقائق تُفسّر نمط العزلة المتفاقمة .

    التقييم والتوصية
    تقول الكاتبة (أوليفيا لانغ) في كتابها (المدينة الوحيدة) معلقة على شهادات العائلات عن (فيفيان ماير) :كل هؤلاء الأشخاص في المقابلات كانوا يتحدثون عن هوسها بجمع الأشياء . وأنا أشاهد الفيلم الوثائقي ، كنت أشعر أن ردود أفعالهم متعلقة بشكل جزئي بالمال والمكانة الاجتماعية ؛ عن مَن يحق له الملكية وماذا يحدث عندما يتملك الأفراد عددًا يفوق ما هو مسموح لهم بامتلاكه في الظروف العادية . بالنسبة لي إن طلب مني أن أضع كل ما أملكه في غرفة صغيرة في بيت أحدهم ، قد أبدو وكأني أعاني من حالة الاكتناز القهري أيضًا.اهـ. بعد عام ٢٠٠٩، تشكّلت السردية الجماهيرية عبر هذا الوثائقي وعبر جهود ( جون معلوف) في النشر والمعارض. لكن بعض الباحثين قدموا سردية مضادة: أعادت تفكيك "أسطورة المربّية الغامضة التي أنقذها المُقتني"، وكشفت تناقضات في الترويج، مطالبة بقراءة أقل رومانسية وأكثر وثائقية. هذا النزاع النقدي نفسه يصنع الغموض: أيُّ فيفيان نقرأ؟ .الكتب والمعارض التي كرّست شهرتها، انتقت آلاف الصور من مئة وخمسين ألف (نيقاتيف) وأكثر. الانتقاء، والاقتصاص، والتباين، وترتيب السلاسل كلها قرارات تشكل السرد الفني اليوم. من هذه الزاوية، نحن نرى "فيفيانًا مُحرَّرة" بعيون قيّمين على أعمالها، لا "فيفيان المُؤلِّفة" التي لم تطبع مشاريعها ولم تترك بيانًا جماليًا. كل طبعة منشورة تُنتج وجهًا جديدًا لها، فتتعدّد وجوه (فيفيان) بتعدد القيّمين . وهذا جوهر الغموض المركّب والمثير .

    انتهى
                  

08-29-2025, 01:25 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)
                  

08-29-2025, 01:29 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

                  

08-29-2025, 01:32 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    "‏"لقد عشت حرة وسأموت حرة لأنني فعلت ما أريد"‏"بوستر الفيلم الوثائقي عن فيفيان بعنوان"العثور على فيفيان

    ماير"

    ( متابعة)

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 08-29-2025, 01:38 PM)

                  

08-29-2025, 08:44 PM

عبد الصمد محمد
<aعبد الصمد محمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1672

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    موضوع عميق ينبش في عمق أسئلة وجودنا إذ هناك عشرات الملايين من الفيفان مايرات يقيضن حياتهن في صور مشابهة وتقليدية ويبحثون عن الدفء حيث لا دفء فهن من الناس العاديين وإن كان من بينهم وبينهن من يمتلكون وعياً عميقاً وإدراكاً للحياة جسدته فيفان بتصاويرها وتوثيقاتها ولو لم يعثر معلوف عليها لظلت نسياً منسياً. يا حسرتي على المنسيين في هذه الحياة وبينهم من يمتلكون من القيمة ولقدرة على الإضافة لحياتنا أكثر من كل نجوم المجتمع والمال والفن. يا حسرتي على حياة الزول والزولة العاديين لا سيما في الدول الصناعية حيث المجتمع الذري حيث لا توجد عائلة تتفقدك وكلما كبرت سنك قلت قيمتك وأكلتك الوحدة والفراغ والروتين لا سيما إن لم تكن لك موهبة فيفان التوثيقية للحياة العادية التي تعري فيها إكذوبات السياسيين وأصحاب الإمتياز، وإلا قتلك الروتين الذين يقتل كبار السن لا سيما في الدول الغربية إذ يأكل هؤلاء التفكير في غياب المعنى لحياتهم وكذلك الغرق في التفكير في أعظم ألغاز الحياة ألا وهو لغز الموت والذي يضيف ألى قلقهم الوجودي قلق جديد خاصة عندما يتأملون في حياتهم يرون أنهم لم ينجزوا معظم ما حلموا به. لقد أضاء الفيلم يا دكتور لنا هذا الجانب المنسي في معايشة الناس يوم بيوم لحياوات مختلفة الأنماط بين من يعيش في مجتمعات تقليدية ومغلقة ومن يعيش في مدن كوزموبلوتانية حيث يجرون جري الوحوش وما يلحّقوا حتى يختفى المعنى للحياة وتطل العدمية. بالمناسبة طلال عفيفي عضو كان ناشط جداً بالمنبر هو وأصدقاءه عصام عبدالحفيظ وإبراهيم الجريفاوي قرمبوز وناجي الملك وسفيان نابري وربما خالد ماسا وكلهم غابوا عن الكتابة من فترة ما عدا سفيان نابري وإتجه طلال من فترة غلى حقل السينما وتطور فيه ومعه كثيراً مستفيداً من علاقات واسعة في مصر والسودان

    (عدل بواسطة عبد الصمد محمد on 08-29-2025, 09:35 PM)
    (عدل بواسطة عبد الصمد محمد on 08-29-2025, 09:49 PM)

                  

08-29-2025, 10:21 PM

عبد الصمد محمد
<aعبد الصمد محمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1672

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: عبد الصمد محمد)

                  

09-01-2025, 10:46 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: عبد الصمد محمد)

    مشكور عبد الصمد
    متابعة...
                  

09-02-2025, 03:05 PM

Omer Abdalla Omer
<aOmer Abdalla Omer
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 4290

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هلا محمد و ضيوفه البوست،
    موضوع شيق و يلقي الضوء على شخصية عبقرية, عاشت صامتة و منفردة و لكن دواخلها كانت مفتوحة على عالم واسع! كانت ولية صوفية على طريقتها.
    بوست ممتع.
                  

09-02-2025, 08:24 PM

منتصر صلاح
<aمنتصر صلاح
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 704

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: Omer Abdalla Omer)

    ممتع جدا

    التحية لك محمد وضيوفك الرام
                  

09-10-2025, 02:10 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: منتصر صلاح)


    وعليكم السلام والرحمة أخ عمر عبد الله

    Quote: هلا محمد و ضيوفه البوست،

    موضوع شيق و يلقي الضوء على شخصية عبقرية, عاشت صامتة و منفردة و لكن دواخلها كانت مفتوحة على

    عالم واسع! كانت ولية صوفية على طريقتها.

    بوست ممتع.


    شكرا على المرور الكريم والمتابعة

    والشكر كذلك للأخ منتصر

    أعتذر بشدة على التأخير... لكثرة الموضوعات والمشغوليات وكثرة النوافذ ما بين قراءة ومطالعة وتصفح صارت

    ساعات اليوم لا تكفي.
                  

09-10-2025, 02:50 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11872

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العثور على فيفيان ماير (Re: محمد عبد الله الحسين)

    فيفيان ماير.. ما الذي يمكن أن تفعله الوحدة بفنان موهوب؟

    سلمى نبيل
    الجزيرة الثائقية

    Published On 20/8/202220/8/2022‎

    في أمسية شتوية باردة من 2007، حزم سمسار العقارات "جون مالوف" أمره على ‏العروج على المزاد المقام بجوار منزله. كان "مالوف" منخرطا في تأليف كتاب ‏تاريخي وبحاجة ماسة إلى العديد من الصور القديمة، شيء ما أنبأه أنه سيجد ضالته في ‏ذلك المكان، وبالفعل خرج من هناك وفي جَعبته صندوق من الصور يُقدّر ثمنه بـ380 ‏دولارا ومعلومة واحدة تفيد بأن ملكية هذا الصندوق تعود إلى "فيفيان ماير" (1)(2)، ‏تساءل "مالوف" في سريرته عمن تكون، تحقق عنها في محركات البحث فلم يجد شيئا ‏يُذكر.‏

    بتمهل، فتح "مالوف" الصندوق الذي يحتوي كمّا من الصور السالبة/النيجاتيف (غير ‏محمضة)، وبنظرة فاحصة وسريعة لم يجد أيا منها ملائما لكتابه، فعاود إغلاق ‏الصندوق بإحكام ووضعه جانبا، فيما بقي ذهنه مشغولا بما يمكن أن يفعله بتلك الصور. ‏مرت سنوات قبل أن يفتح "مالوف" الصندوق مرة أخرى ويمسح ما حواه ضوئيا، ‏لتُظهر الصور مشاهد لشوارع في شيكاغو ونيويورك إبان الخمسينيات والستينيات، ‏كان بعضها شبه خال يحط عليها الحمام، وأخرى مكتظة في مدينة لا تلقي بالا لساكنيها. ‏سيدتان تتوشحان بفراء الثعلب ويبدو عليهما الثراء أمام متاجر فاخرة، متشردون ‏يتساقطون في الطرقات بتثاقل، ورجل بملابس رثة يلتهم شطيرة، رفات قط على ‏الطريق، وكهل يتوكأ على عكازين، وفتاة صغيرة بوجه متسخ وعينين فائضتين ‏بالدموع.‏
    ‏(مواقع التواصل الاجتماعي)‏

    في صورها، لم تعمد ماير إلى تكرار الموضوعات، إلا عندما صورت الأطفال الذين ‏كانوا تحت رعايتها، وكذا في صورها الذاتية المتأملة، أو ظلها. وفي الغالب، صوّرت ‏ماير الصغار دون عاطفة، أفرادا غالبا ما يعانون من قسوة الشوارع والأرصفة ويقفون ‏ويلعبون ويحدقون بريبة أو برصانة في السيدة الغريبة التي يقتصر تواصلها مع ‏محيطها عبر الكاميرا(3).‏
    ‏(مواقع التواصل الاجتماعي)‏

    عن عمد أو دون قصد جاءت صورها مجردة، كما لو كانت باحثة في علم الحفريات ‏تصور كشفا عثرت عليه، بعضها سريالي وكأنها تقصد أن تستوقفنا لنتأمل فيما زال ‏وهجه وبريقه من أعيننا بحكم العادة. تقدم لنا إحدى الصور كومة من الزجاج المتشظي ‏على سلم من درجات خشبية، حيث يلقي الدرابزين بنمط تجريدي متعرج في شمس ‏الشتاء القاسية. في مكان آخر، يرقد حشد صغير من قبعات النساء رأسا على عقب على ‏الأرض فيما تتوهج ألوان القبعات الشبيهة بالجواهر تحت الضوء.‏
    ‏(مواقع التواصل الاجتماعي)‏

    كان ما رآه "مالوف" كافيا لتجربة نشر عدد من تلك الصور على مدونته على الإنترنت ‏لتُستقبَل بحفاوة وإعجاب(5)، عاود "مالوف" البحث عن تلك المرأة، ليجد نعيا عنها ‏خُتم عليه بعبارة "توفيت بهدوء"، ومذيل بعنوان تتبعه في دليل الهاتف ليجد رقما، ‏هاتفه فأخبره من تلقى المكالمة أنهم بصدد التخلص من جميع حاجيات ماير، إذ كانت ‏تحب تكديس الأشياء، ليذهب "مالوف" إليهم على عجلة ليحصل على تلك الممتلكات ‏قبل أن يتخلصوا منها ويعرف من تكون.‏
    إعلان

    عاد "مالوف" إلى دياره هذه المرة بأكوام من الصناديق افترشت محتوياتها الأرض، من ‏بطاقات قطار وتذاكر حافلات إلى 100 ألف صورة سالبة و700 لفة من الأفلام الملونة ‏غير المحمضة و2000 لفة من الأفلام الأبيض والأسود غير المحمضة أيضا. ثم عثر ‏‏"مالوف" على ما يشبه الوصية، قصاصة مكتوبة بخط يد فيفيان، توصي فيها من ‏سيتولى تحميض وطبع الصور التي تركتها بضرورة إتقان العمل، ليعي "مالوف" أن ‏تلك صناديق ضمت حياة بأكملها. ولم يملك أمام ذلك إلا التفكير في سبب التقاط كل تلك ‏الصور وعدم إطلاع أحد عليها!‏

    استدرجته تلك التساؤلات إلى بحث مضنٍ وشاق أجرى فيه مقابلات مع من تيسر له من ‏الأسر والأشخاص التي عاشت بينهم وعملت لصالحهم، ليقوده ذلك فيما بعد إلى إبداع ‏كتاب، "فيفيان ماير: مصورة الشارع" (‏Vivian Maier Street ‎Photographer‏)، وفيلمه التسجيلي "العثور على فيفيان ماير" (‏Finding Vivian ‎Maier‏) الذي شاركه فيه شارلي ساسكيل الإخراج وترشح لجائزة الأوسكار كأحسن ‏فيلم طويل. الآن نعرف من هي فيفيان ماير.‏
    ‏(مواقع التواصل الاجتماعي)‏

    عاشت ماير وحيدة، وبدا أن ما مثلته لها الصناديق كان أقرب إلى حيلة لجأت إليها ‏لتصمم ما هو أقرب لنظام كامل، نظام حياة أخفت فيه كينونتها أو بالأحرى حقيقة من ‏تكون، لم تختلف ماير عن تلك الصناديق التي راكمتها في انغلاقها، فلم يكن مستغربا أن ‏يكون أول ما اعتادت أن تطالب به أرباب عملها هو قفل منفصل لحجرتها ونهيها لأي ‏كان عن أن يطأ بقدمه حدود مساحتها الشخصية.‏

    تحدثت ماير كذلك بلهجة قارية مفتعلة، مدعية أن فرنسا هي مسقط رأسها، متجاهلة أنها ‏ولدت في مدينة نيويورك عام 1926 لأبوين مهاجرين، لم تأتِ على ذكرهما أو الحديث ‏عن أصدقائها القدامى لأحد ولو عرضا، ليميط "مالوف" اللثام قليلا حولها قائلا إن ‏والدتها كانت فرنسية، وإن كلا الأبوين مُتوَفٍّ، ولها أخ يكبرها كذلك قد لاقى المصير ‏نفسه، وإن جميع أفراد أسرتها قد تفرقوا عن عصب العائلة(6)، ولها عمة واحدة ‏أوصت بكل ما لديها لصديقتها رغم أن ماير كانت لا تزال حينها على قيد الحياة.‏

    اعتادت ماير على حجب اسمها الحقيقي عن أصحاب المتاجر الذين تعاملت معهم، ‏لتنشر أسماء زائفة لها في جميع أنحاء المدينة. يتذكر أحدهم في الفيلم سؤالها عما تفعله ‏من أجل كسب قوت يومها وردها: "أنا -نوعا ما- جاسوسة". لربما كانت كذلك حقا ولو ‏في حلم يقظة داهمها واستغرقت فيه لوقت غير معلوم، فتسمرت على إثره في أحد ‏المنعطفات الخارجية بطول قامتها وزيها المكون من قمصان رجالي ومعطف شتوي ‏وحذاء ثقيل، والكاميرا التي استقرت حول عنقها دائما لتحملها في كل مكان، كأنها كانت ‏وسيلتها الخاصة لتدوين مذكراتها.‏
    اعتادت ماير على حجب اسمها الحقيقي عن أصحاب المتاجر الذين تعاملت معهم، ‏لتنشر أسماء زائفة لها في جميع أنحاء المدينة. (مواقع التواصل الاجتماعي)‏
    جليسة أطفال من نوع خاص

    عملت فيفيان في بداياتها في مصنع للحياكة، ثم أدركت يوما ما أنها تريد أن تكون في ‏العالم الخارجي تحت ضوء الشمس، لذا راقها العمل مُربّية لما وفره لها ذلك من حرية، ‏فكانت تصحب الأطفال بشكل يومي أو شبه يومي في جولات ممتدة يتململ فيها ‏الصغار من مربيتهم التي تنسحب إلى التقاط الصور. لم تكن خائفة من زيارة أصعب ‏المناطق وأكثرها تدهورا في شيكاغو، بشكل منتظم، لتصور حتى أولئك المنبوذين ‏الذين قد يعبر معظم الناس الشارع لتجنبهم.‏
    في عام 1959، أطلعت ماير رب عملها أنها ستسافر حول العالم وستعود في غضون 8 ‏أشهر، لتُلتقط صورا في البلدان التي زارتها. سوريا وبانكوك والهند وتايلاند والصين ‏واليمن ودول أميركا اللاتينية، كانت محطات ضمن رحلة استكشاف فردية من صنعها ‏بالكامل، بدأت فيها ماير في التصوير بالألوان، لتمسي التفاصيل المروية التي انجذبت ‏إليها طوال حياتها المهنية فجأة أكثر مرحا: كامرأة ترتدي ملابس حمراء أنيقة، وطفلين ‏يقفان في معرض فني بشيكاغو.‏
    ‏(مواقع التواصل الاجتماعي)‏

    يعلق المصور "فان ديك" على صورها في تلك الحقبة قائلا: "إنها تصوب ناظريها ‏نحو الملمس واللون. ليس فقط ما يحدث في الشارع، ولكن أيضا الإطار والتكوين ونمط ‏لباس الشخص وطريقة وقفته، والخطوط الأفقية والعمودية للكادر وحجم كل شيء". ‏ويدون المصور "جويل مايرويتز" في مقدمة كتاب "فيفيان ماير: لون العمل" ‏‏(‏Vivian Maier: The Color Work‏) للمؤلف "كولين ويستيربيك" أن ماير ‏كانت "شاعرة في التصوير الفوتوغرافي الملون، يمكنك أن ترى في صورها أنها كانت ‏دراسة موجزة للسلوك الإنساني أو لحظة انكشاف لوميض أو إيماءة أو مزاج تعابير ‏الوجه، امرأة حولت الحياة اليومية في الشارع إلى وحي لها". إحدى الصور التي يمكن ‏فيها رؤية لمحة لماير تظهر وجهها في مرآة مهملة موضوعة على باقة من الزهور على ‏جانب الشارع، لتذكرنا أنها كانت امرأة غامضة إلى حد ما وستبقى كذلك(7)(8).‏

    تنم صور ماير برمتها عن عينين مستطلعتين، نهمتين إلى معرفة المزيد عن كل شيء، ‏متلصصتين أحيانا ليخرج ذلك في لقطات أُخذت خلسة، وجريئتين في صور أخرى ‏أُخذت من مسافة قريبة مباشرة دون تردد لما أثار انتباهها. يدور عملها بالكامل حول ‏توثيق ما استرعاها دون تخطيط مسبق، وهو ما رأته المصورة "ماري إلين مارك" ‏حينما قالت: "أعمال فيفيان ماير تحوز على تلك الملكات الخاصة بالإدراك الإنساني ‏والدفء وروح الدعابة والإحساس بالمأساة، إنها تنظر فقط إلى الحياة وتلتقط اللحظات ‏الحقيقية. قلة من الناس يعرفون كيفية التصوير بهذه الطريقة".‏
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de