حين نتحدث عن الحضارات الكبرى التي شكّلت وجه العالم، غالباً ما تتبادر إلى الأذهان أسماء مثل مصر القديمة، بابل، اليونان، أو روما. غير أنّ إفريقيا الغربية تحمل في طياتها قصة حضارة فريدة قلّما نُسجت خيوطها في الأدبيات الغربية، حضارة ظلّت كامنة بين صفحات التاريخ، تنتظر من يكشف عنها النقاب ويعرضها للناس في ثوبها الحقيقي. هذه هي حضارة الهوسا، إحدى أعظم حضارات إفريقيا وأكثرها تأثيراً في اللغة والثقافة والتجارة والدين على امتداد أكثر من ألف عام.
اليوم نجد بين أيدينا عملاً بحثياً فريداً بعنوان: حضارة الهوسا: حماة التراث الإفريقي الغربي وريادة المنح الدراسية الإسلامية من تأليف الباحث هاني بشير، وهو كتاب صادر بصيغة "كيندل" الإلكترونية، يُقدَّم كأول دراسة إنجليزية شاملة تتجاوز عشرين ألف كلمة، مكرّسة حصراً لهذا الشعب العظيم.
لماذا حضارة الهوسا؟
قد يدهشك أن تعلم أن أكثر من ثمانين مليون إنسان يتحدثون لغة واحدة عبر بلدان إفريقيا الغربية. هذه ليست مجرد لغة محلية، بل وعاء حضاري وثقافي استطاع أن يوحّد قبائل وشعوباً متفرقة تحت مظلة هوية واحدة ممتدة من نيجيريا والنيجر وصولاً إلى تشاد والكاميرون وأجزاء من غانا والسودان.
الهوسا لم يكونوا مجرد جماعة إثنية كبيرة، بل أمة بنت المدن، وأقامت شبكات تجارية عابرة للصحراء الكبرى، سيطرت من خلالها على أهم طرق التجارة بين الشمال الإفريقي والجنوب. وحين كانت أوروبا غارقة في عصورها الوسطى، كانت مدن الهوسا تضج بالحياة والتجارة والعلم والعمارة، تنافس في بهائها مدناً أوروبية مثل فلورنسا والبندقية.
ما الذي يميز هذا الكتاب؟
الكاتب لا يكتفي بسرد تاريخي تقليدي، بل يغوص في أعماق الأساطير المؤسسة لشعب الهوسا، بدءاً من قصة الأمير بايَجِدَّا الذي تقول الروايات إنه قتل أفعى ضخمة كانت تهدد القبائل، مروراً بظهور المدن السبع الأسطورية التي أسست حضارة الهوسا، وصولاً إلى عصور الازدهار التي تخللتها بطولات ملكات محاربات وفرسان يكسوهم الذهب.
إنّه كتاب يجمع بين الدقة الأكاديمية في استناده إلى المصادر العلمية والمرجعية، وبين الأسلوب السردي الممتع الذي يجعل القارئ يستمتع بكل صفحة وكأنه يقرأ رواية مشوّقة، لا مجرد دراسة جافة.
محتوى يفتح أبواب المجهول
بين دفتي الكتاب، سيجد القارئ:
الأسرار التاريخية لسبع مدن أسطورية سيطرت على طرق التجارة الصحراوية قروناً طويلة.
حكايات الملكات المحاربات والفرسان المدرّعين بالذهب الذين نشروا الهيبة في السهول الإفريقية.
الممارسات الروحية الفريدة التي جمعت بين الإسلام والمعتقدات الإفريقية القديمة، في مشهد ديني شديد الغنى والتعقيد.
اللغة الهوساوية ودورها في تشكيل الثقافة على امتداد نصف القارة الإفريقية.
الاكتشافات الأثرية الحديثة التي غيّرت كثيراً من التصورات السائدة عن تاريخ إفريقيا.
جمهور الكتاب
هذا العمل ليس حكراً على المتخصصين في التاريخ أو الأنثروبولوجيا، بل هو نافذة مشرعة أمام كل من:
طلبة العلوم الإنسانية والتاريخ والدراسات الإفريقية.
المهتمين بالثقافات الإفريقية الأصيلة البعيدة عن الصور النمطية.
الباحثين عن مصادر موثوقة حول واحدة من أكثر الحضارات تأثيراً في غرب إفريقيا.
المسافرين والمغامرين الذين يودون زيارة المنطقة بتجربة غنية بالمعرفة.
رحلة عبر الزمن والهوية
يأخذك الكتاب في رحلة شاملة عبر مسيرة الهوسا الممتدة لأكثر من ألف عام، حيث تجد:
الهجرات الكبرى التي أسست الهوية الجامعة.
ابتكاراتهم في التجارة والحكم التي مكّنتهم من السيطرة على طرق القوافل.
العمارة الإسلامية التي ما زالت آثارها شاخصة حتى اليوم في مدن مثل كانو وزاريا.
الصمود أمام الاستعمار الأوروبي وكيف استطاعوا الحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية في مواجهة ضغوط الهيمنة الأجنبية.
الانتشار في الشتات، إذ نجد اليوم مجتمعات هوساوية في بلدان متعددة، تحمل معها تقاليدها ولغتها.
جسر بين الشمال والجنوب
أحد أبرز جوانب حضارة الهوسا أنها لعبت دور الجسر الثقافي والتجاري بين شمال إفريقيا العربي الإسلامي، وبين جنوب الصحراء. كانوا الوسطاء الذين نقلوا البضائع والأفكار، وربطوا العوالم المختلفة في شبكة تواصل واحدة.
أسلوب مشوّق يدفع للقراءة
القارئ العربي قد يجد في هذا الكتاب فرصة نادرة للتعرّف على جانب مغيّب من تاريخ القارة السمراء، بأسلوب إنجليزي رشيق لكنه سهل القراءة. الكتاب لا يغرق في المصطلحات المعقدة، بل يوازن بين العرض العلمي الدقيق والسرد الممتع.
دعوة لاقتناء الكتاب
إذا كنت من المهتمين بالتاريخ العالمي، أو من الباحثين عن إضافات جديدة لمكتبتك، فإن هذا الكتاب هو خيار لا يُفوّت. فهو ليس مجرد دراسة عابرة، بل مرجع شامل يملأ فجوة كبيرة في المكتبة العالمية، ويعيد الاعتبار لشعب أسهم في صياغة ملامح إفريقيا الحديثة.
لماذا تحتاج لقراءته الآن؟
لأنه يكشف قصة شعب عظيم ظلّ في الظل طويلاً.
لأنه يقدّم رواية متوازنة بعيدة عن الصور النمطية السائدة عن إفريقيا.
لأنه يجمع بين المتعة والمعرفة في آن واحد.
لأنه فرصة لفهم العمق التاريخي والثقافي لمنطقة استراتيجية في عالم اليوم.
في زمن يكثر فيه الحديث عن العولمة وتداخل الثقافات، تبقى العودة إلى الجذور الحضارية للشعوب ضرورة لفهم حاضرنا. وحضارة الهوسا، بما قدّمته من إسهامات هائلة في اللغة والتجارة والدين والعمارة، تستحق أن تُروى للعالم.
كتاب هاني بشير يقدّم هذا السرد الشامل بأسلوب يمزج بين الدقة العلمية وجمال السرد، ليمنح القارئ رحلة معرفية لا تُنسى.
إنّه أكثر من مجرد كتاب تاريخي، بل هو دعوة لاكتشاف عالم كامل كان مخفياً في plain sight، أي أمام العيون لكنه غير منظور. والآن حان الوقت لتفتح هذه الصفحات، وتغوص في أعماقها، وتضيف إلى مكتبتك عملاً سيبقى مرجعاً لسنوات قادمة.
احصل على نسختك اليوم، ودع نفسك تنغمس في رحلة ممتدة من الأسطورة إلى الواقع، من الماضي إلى الحاضر، مع شعب الهوسا الذين ظلّوا عبر قرون طويلة حماةً لتراث إفريقيا الغربية وطلائع للمنح الدراسية الإسلامية. يمكن أقتناء الكتاب من امازون الان https://www.amazon.com/dp/B0FMY2QM25
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست