السودان- جمهورية الخراب المتأنّق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-18-2025, 11:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-20-2025, 03:20 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 12447

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودان- جمهورية الخراب المتأنّق

    03:20 PM August, 20 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في بلاد النيلين، لم يعد النيل يجري بالماء وحده، بل يحمل معه جثث الأحلام ورسائل الفشل وأكياس الوهم.
    الخراب هنا صار مؤسسة رسمية، له لسان ناطق وميزانية مفتوحة، يرتدي بزّة عسكرية مكوية بعناية، ويضع على صدره نياشين لامعة كأنها وسام شرف، بينما هي مجرد بقايا معارك خاسرة.
    البرهان، هذا الجنرال الذي يعتقد أن التاريخ مسرح يمكنه أن يغير ديكوره بلمسة واحدة، قرر أن يعيد ترتيب طاقم الجيش.
    أراد أن يبدل الكراسي، بينما القاعة ذاتها انهارت سقوفها. يتصرف كما يتصرف ممثل مسرحي عجوز يكرر نفس الدور منذ سنوات، حتى حفظ الجمهور سقطاته قبل كلماته.
    الجيش الذي يزعم البرهان أنه جيش السودان لم يعد جيشًا بل صار سوقًا مفتوحة.
    بقايا الإسلاميين هنا يبيعون شعاراتهم بالتقسيط، ميليشيات ناشئة هناك تعرض خدماتها كعقود مقاولات: "نؤمّن لك المدينة مقابل نصيبنا من الذهب".
    قادة ميدانيون يرفعون أصوات بنادقهم أعلى من أي نشيد وطني. مشهد أشبه بحديقة حيوانات مفتوحة: الضباع والكلاب والحمير الوحشية جميعًا في قفص واحد، وعلى البوابة لافتة مكتوب عليها: "الجيش الوطني".
    أما اتفاق جوبا، تلك المسرحية التي احتفلوا بها ذات مساء، فقد مات قبل أن يقطع شريط ميلاده.
    كان سلامًا ورقيًا، اتفاقًا لتوزيع كعكة وهمية، كل طرف قبض حصته من المناصب والامتيازات، ثم عاد إلى بندقيته. اليوم، يطلّ البرهان ليعلن: انتهى العرض، ولتسقط الأقنعة.
    الحقيقة أن السلاح وحده صار بطاقة الهوية، والرجل الذي يملك دبابة أقوى من الرجل الذي يملك دستورًا.

    الخرطوم، تلك المدينة التي كانت يومًا تُسمى عاصمة، تحولت إلى حلبة عبث.
    الكهرباء تظهر وتختفي مثل عروس خجولة، والمياه تُقدَّم للناس على شكل سمّ شفاف، والمستشفيات تحولت إلى صالات انتظار للموت.
    الأوبئة صارت وزراء في حكومة الظل: الملاريا وزير الدفاع، الكوليرا وزير الخارجية، التيفوئيد وزير الداخلية، والضنك رئيس وزراء فعلي يتجول في الأحياء بلا موكب رسمي.
    المواطن هنا لا يحتاج إلى رصاصة كي يموت، بعوضة واحدة تكفي.

    أما الجنيه السوداني، فذلك فصل كوميدي قائم بذاته. لم يعد عملة، بل ورق يذكّر الناس بأنهم كانوا يومًا دولة.
    الأسعار تقفز كل صباح مثل مهرج في سيرك، والخبز صار حلمًا، والمواصلات مغامرة اقتصادية، والدواء يطل من بعيد كأمل مستحيل.
    العملة الوطنية لم تعد تسقط من جيوب المواطنين، بل سقطت من ذاكرة التاريخ، وتحولت إلى أوراق تصلح لتزيين دفاتر أطفال المدارس أكثر مما تصلح لشراء كسرة خبز.
    وإذا تجولت في مؤسسات الدولة وجدت السيرك الأكبر.
    البرلمان أشبه ببوفيه فارغ: مقاعد كثيرة، أصوات عالية، لكن المائدة بلا طعام. البنك المركزي صندوق صدقات، يفتح بابه كل صباح وكأنه جامع للفقراء لا مؤسسة مالية. الحكومة نفسها فرقة موسيقية متخبطة
    تعزف نشيدًا جنائزيًا على آلات مكسورة. كل وزير يقف في وزارته كحارس مقبرة أكثر مما يقف كصانع سياسات.
    البرهان لا يملّ من الحديث عن الاستقرار. يصدّره كسلعة فاخرة للخارج: "نحن صمام الأمان"، بينما الداخل يشهد أن الأمان صار أسطورة. الاستقرار بالنسبة له صورة فوتوغرافية لجنرالات ببطون ممتلئة يجلسون
    على طاولات المفاوضات في جنيف. أما الاستقرار عند المواطن فهو مصباح يعمل، وصنبور يقطر ماءً صالحًا للشرب، وصيدلية فيها دواء لا يشترى بالذهب.

    الواقع أن السودان يشبه بيتًا تحترق أساساته بينما أصحابه مشغولون بطلاء جدرانه الخارجية.
    الخرطوم ليست مجرد مدينة اليوم، بل شهادة وفاة مكتوبة بألف خط. الجوع والمرض والخراب يتجولون بلا استئذان، بينما السلطة تواصل بيع الاستقرار كمنتج للتصدير.

    الحقيقة أن الانهيار لم يعد احتمالًا، بل صار روتينًا يوميًا.
    والسؤال لم يعد: هل ينهار السودان؟ بل: إلى أي مدى سيواصل السقوط؟ وهل لهذا البئر قاع أصلًا، أم أننا علقنا في سقوط لا نهاية له؟






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de