كتب الدكتور أحمد عثمان مقالًا بعنوان “خطأ فادح لا بد من تصحيحه”، انتقد فيه مبادرة فرع الحزب الشيوعي السوداني بمدينة عطبرة بخصوص أزمة المياه في ولاية نهر النيل، واعتبرها خرقًا للخط السياسي للحزب وتعاونًا مع السلطة الانقلابية، بل ورآها بابًا للتطبيع مع النظام القائم.
غير أن ما طرحه الدكتور – مع احترامنا لتحليله – يغفل حقيقة جوهرية:
وهي أن الماء ليس شعارًا سياسيًا ولا اصطفافًا أيديولوجيًا، بل قضية وجود، حياة أو موت.
إن أزمة المياه في عطبرة ليست موضوعًا للنقاش النظري أو الصراع السياسي المجرد، بل محنة يومية تعيشها آلاف الأسر التي لا تجد ماءً نظيفًا للشرب، أو الحد الأدنى من الحياة الكريمة. فهل يُعقل أن نقف مكتوفي الأيدي بحجة أن من بيده القرار الآن سلطة انقلابية؟!
⸻
🟩 واجب الحزب نحو الجماهير يبدأ من حاجاتهم
لقد طرحت المبادرة بوضوح أنها تستهدف حل مشكلة مزمنة تمس صميم معاناة المواطنين، وأنها نابعة من التزام الحزب بقضايا الجماهير، لا من أي توجه للتطبيع مع سلطة انقلابية.
التواصل مع الجهة المعنية في البنية التحتية كان وسيلة لبحث حل فني لمشكلة فنية، لا اتفاقًا سياسيًا ولا اعترافًا بشرعية سياسية. وكما لم نتوقف يومًا عن إسعاف الجرحى أو علاج المرضى خلال الحروب تحت أي سلطة، لا يجوز لنا أن نتجاهل أزمة الماء فقط لأننا نختلف مع من بيده الموارد حاليًا.
⸻
🟨 الفرق بين التواطؤ والتدخل الإنساني
نعم، نرفض الانقلاب، ونقف مع قوى التغيير الجذري، لكننا في الوقت ذاته لا نُفرّط في مسؤوليتنا الأخلاقية والعملية تجاه المواطن. والفارق كبير بين أن ننسق في ملف خدمي لصالح المواطنين، وبين أن نشارك السلطة في شرعيتها أو سياساتها.
من التناقض أن ننتقد السلطة لعدم تقديمها الخدمات، ثم نهاجم كل من يسعى لحل تلك الأزمات عمليًا ولو بالمبادرة الذاتية، متذرعين بخطاب الاصطفاف.
⸻
🟦 متى ننحاز حقًا للجماهير؟
الانحياز الحقيقي للجماهير لا يكون بالشعارات فقط، بل بالمبادرات الملموسة التي تعالج قضاياهم اليومية. ونحن على استعداد لأن نقدم هذه المبادرة وغيرها تحت راية الجماهير نفسها، وأن نعمل معها لا نيابةً عنها. لكن انتظار “الاصطفاف الجماهيري الكامل” قبل أي خطوة خدمية، هو نوع من الجمود الذي لا يليق بثوري، ولا يخدم سوى السلطة ذاتها التي ندّعي معارضتها.
⸻
🟫 في الختام:
نؤمن أن الطريق إلى التغيير الجذري يمر عبر الجماهير، لكننا نرى أيضًا أن الجماهير لا يجب أن تموت عطشًا أو تعيش في البؤس حتى ننتصر سياسيًا.
لا حياة كريمة بلا ماء، ولا معنى للثورة إن لم تبدأ من أبسط حقوق الناس.
فليكن النقد موضوعيًا، لا تصفويًا. ولنفتح نقاشًا مفتوحًا بين رفاق الطريق، لا محاكم تفتيش حزبية أو شعبوية.
وما هكذا تُورد الإبل، يا رفيق
08-09-2025, 03:33 PM
هدى ميرغنى هدى ميرغنى
تاريخ التسجيل: 10-27-2021
مجموع المشاركات: 6468
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة