🌹وداعا ايها الخليج🌹

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-02-2025, 08:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-26-2025, 10:02 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
🌹وداعا ايها الخليج🌹






                  

07-26-2025, 10:05 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ‏(مشروع قصة أو رواية لم تكتمل)‏
    الزمان شهر يوليو والخريف يظلل بسحبه السماء معظم أوقات اليوم. المكان بلدة ريفية في أواسط جنوب ‏الهند. هذه الأيام هي أيام رياح
    المونسون والأمطار الغزيرة. في هذه الأيام تتساقط كأنها تنهمر من أفواه ‏القِرَب. في أحد منازل القرية التي تتميز بمسحة من الفخامة من
    البيوت التي بجواره، كانت هناك حركة ‏ونشاط غير عادين. كان أفراد الأسرة وبعض الأقارب يتبادلون الحديث داخل المنزل في حبور. ‏
    خفقت قلوب الجميع حينما سمعوا صوت العربة وهي تقف أمام المنزل هو بالتأكيد!. أصاخت الآذان ‏السمع في تلقائية واتجهت الأنظار نحو
    الباب الكبير. أسرعت الصبية لتفتح الباب وتنظر إلى الخارج ‏ثم صرخت في فرح: أنه هو، أبوي وصل .‏
    كان الجميع يتوقعون وصوله في أي لحظة منذ أن أخبرهم منذ أيام ثلاثة بأن موعد وصوله بعد يومين. ‏عندما سمعوا صوت باب سيارة يُفتَح
    ثم يُغلق تيقَّنوا أنه هو، فنادرا ما تقف سيارة أمام باب منزلهم. ‏وخرج الشاب إلى الخارج متلهِّفاً. استدار وراء العربية ليجد الأب منحيا لالتقاط
    الحقيبة فاحتضنه في فورة ‏اللقاء الأولى. في تلك الأثناء كانت المرأة العجوز جالسة على حافة السرير وتتابع في اهتمام بالغ ‏وأذناها شحيحتا
    السمع لا تطاوعها لتسمع شيئا. لكنها بحاسة الأم عرفت انه هو هرعت الفتاتان في ‏فرحة نحو الباب بعد أن تأكدا بأنه هو. ازاحت البنت الكبرى
    درفة الباب وأخرجت رأسها للخارج. أما ‏هي والبنت الصغرى فاكتفين بالمتابعة والنظر من زاوية الباب نصف المفتوح... في فورة مشاعرها
    ‏الداخلية لم تستطع الانتظار فخرجت هي كذلك. كانت أول ما رأته صورة جسمه السفلي وهو يفتح ‏حقيبة السيارة الخلفية. فَجأة سَرَتْ في داخلها
    رعشةَ وخفق قلبها بشدة حينما رأت وجهه وهو يستدير ‏بجانب السيارة. فتراجعت بسرعة محاولة مداراة تشوقها.‏
    دقائق قليلة انثالت فيها المشاعر دفاقة وأترعت الدموع أطراف المآقي. الوحيد الذي كان يتابع في صمت ‏منتظرا أن ينتهي هذا الفاصل كان هو
    سائق التاكسي. بعد أن تم فتح المسافر حقيبة صغيرة وأعطى ‏السائق ورقة من فئة العشرين دولار. كان السائق يعرف أن هذا الراكب القادم من
    الخليج سيعطيه أكثر ‏من حقه. نظر السائق إلى الورقة للحظات وهو غير مصدق، ولما أفاق ثم شكر الراكب بكل ما أسعفته ‏الذاكرة من كلمات
    شكر، ثم أدار سيارته وذهب. ‏
    أوعزت صرخات الفرح المختلط بنهنهات البكاء لبعض الجيران للحضور واستكشاف الأمر. وقام بعض ‏من شباب الجيران بإدخال الحقائب والأمتعة
    إلى داخل البرندة. ‏
                  

07-27-2025, 12:56 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 51385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    حكي جميل

    تسلم يا دكتور محمد.
                  

07-27-2025, 04:30 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: Yasir Elsharif)



    Quote: حكي جميل

    تسلم يا دكتور محمد.


    شكرا عزيزي ياسر

    القصة كما سأوضح سرد لقصة واقعية لزميل توفي ربنا يرحمه.
                  

07-28-2025, 03:41 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    معلومة تعريفية عن قصة "وداعا أيها الخليج"‏
    أولا القصة هي إهداء لروح رؤوف (الهندي) وطارق (الباكستاني) و ‏س.(السودانية). ‏
    القصة أو الرواية(كما أتوقع)، ستتكون من ثلاثة أجزاء، كل جزء يحكي عن ‏واحد ممن ذكرتهم، وهم الذين عاشرتهم يوما عن قرب . كنت
    قد بدأت في كتابة القصة ‏قبل عدة أعوام ولكن المشغوليات المتعددة والمزاج المتقلب في الكتابة بين ‏مختلف الموضوعات
    لم يتركني لأكمل القصة. كذلك بطبعي لا أستطيع أن أركز ‏في موضوع واحد بعينه أياما... إذ سرعان ما تأخذني المشاغل والمسئوليات ،
    ‏أو يأخذني مقال أو تعبير جميل( وأنا مغرم بتصيُّد التعابير الجميلة) أو تأخذني ‏جملة في صحيفة أو منشور عن موضوعي الذي أركز فيه
    إلا عالم آخر..وأجد ‏نفسي بالتالي وقد بدأت أبحث أو أنقب عن خلفياته أو يكون بداية للكتابة عنه ‏وعن موضوعات مشابهة تأخذني أياما
    واسابيع وأحيانا شهرا بأكمله.‏
    ‏ كان رؤوف وطارق كانوا زملائي في العمل(عدا س.) .. كانوا مجرد عمالا ‏بسطاء في أدنى سلم التراتبية الوظيفية و....، وجميعهم طبعت
    الغربة في ‏أرواحهم ومشاعرهم ذكريات مؤلمة من المعاناة والتعب، وأحيانا من جهالة ‏البعض. جميعهم دفعوا ثمنا غاليا في الغربة.. ‏
    حركت تلك المشاعر اليومية المكتومة التي كنت أعايشها عن قرب في نفسي ‏دافعا للكتابة عنهم.. ‏
    عندما بدأت الكتابة عنهم كان بعضهم حي يرزق(رؤوف) أما طارق فتوفي ‏فجأة.. وكانت الشابة السودانية س. هي آخر من توفي منهم،
    بعد أن عادت إلى ‏وطنها.. ‏
    شيء ما دفعني لأن أكتب تلك الأيام وما عايشته من مشاعر سالبة كانت ‏تترسب أحيانا في دواخلهم مسببة الضيق والأسى ولربما
    كانت سببا في الأذى ‏الروحي والنفسي والبدني.‏
    هي كتابة عن تاريخ حياتهم كما هي كتابة عن جزء من تاريخ حياتي..‏
    لابد أن أذكر أن تخصصي في الاغتراب والمغتربين وموضوع الهوية والانتماء ‏لدى المغتربين كان له دور في الوعي ببعض الجوانب
    العميقة في الموضوع.‏

    هذا ما لزم قوله.‏

                  

07-28-2025, 08:53 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    تكملة لقصة وداعا أيها الخليج
    في صباح اليوم التالي:‏
    عندما بدأت أولى أضواء الصباح توشك أن تطل على القرية كان هو قاب قوسين أو أدنى من ‏الاستيقاظ، لولا بقايا من وسنٍ لم يتبدد بعد. لكن
    نفحات الهواء الندي غير المعتاد عليه لم تتركه يواصل ‏نومه. فوجد نفسه يفتح عينيه ببطء وهو يتلفت حوله مستغربا، مرت ثواني قبل أن يستوعب
    أنه في ‏بيته وسط أسرته. في تلك اللحظات كانت تصل إلى أذنيه صياح يشبه صياح الأوز (عرف لاحقا أن ‏ابنته قد اشترتهم) وأصوات كلام خافت،
    وأصوات طيور تأتي من بعيد تعلو مرة وتخفت. تلفت يمنة ‏ويسرة في بطء، ومد ذراعيه في استرخاء. حينما بدأ يستعيد وعيه كان شعور عميق
    بالارتياح قد بدأ ‏يسري في داخله. حاول بنصف عزم أن ينهض وينفض بقايا الكسل والتعب، نهض جالسا على السرير ‏لدقائق قبل أن يستقيم واقفا. ‏
    عاد بعد أن اغتسل وصلى ووجد الجميع في انتظاره في ظل الصالة المعروشة بالخشب والجريد. عرف ‏انهم كانوا قد جاءوا عدة مرات وكانوا يجدونه
    لا يزال نائما يرجعون. كانت آنية الشاي والطعام قد ‏وضعت فوق السجادة. الجميع كانوا جالسون فوق السجادة في انتظاره، عدا أمه التي كانت
    تجلس على ‏الأريكة. قبّل والدته وحيا الجميع ثم جلس فوق الأريكة جنب والدته لدقائق قبل أن ينزل ليجلس مع ‏الجميع في السجاد الكشميري
    الأحمر. (والذي تذكر أنه كان قد احضره في إجازته الماضية). لاحظ أنه ‏لا يزال جديدا كأنه لم يُستعمل. ‏
    ‏- لماذا لم تستعملوه؟ لقد أحضرته لكم؟
    صمت الجميع ..‏
    ‏- أمي منعتنا. حاولناها عدة مرات لكنها رفضت. ابتسم في سره ولم يعلق، فقد كان يعرف زوجته.‏
    لم تشأ زوجته أن يستعمله أي من كان، ولا يُفض من غطائه إلا عند عودة زوجها وحضور الضيوف ‏لتحيته. ‏
    كانت أباريق الشاي الكرك(باللبن) بنكهة الجنزبيل والهيل توجد في طرف السجادة. أما أطباق البيض ‏المقلي وخبز الشباتي والبوراتا، والبطاطس
    المقرمش والفطائر المتنوعة تتوسط الجلسة. بدأوا يتناولون ‏إفطارهم في تؤدة، وهم يتبادلون الكلام والتعليق والوالدة تتابع في صمت وسرور.
    كان يسألهم عن البيت ‏والدراسة وأخبار الأهل والجيران. سألته البنت الصغرى:‏
    هل البلد كبير مثل الهند؟
    ‏-هل أهلها طيبون؟
    كان الابن الأكبر يضحك باعتبارها أسئلة ساذجة، مما يضايق الشقيقة الصغرى. يضحك الأب والأم ‏يحكي لهم كما في كل مرة عن البلد التي يعيش
    فيها وعن أهلها. وعندما يجيء الحديث عن العمل ‏والروتين اليومي وحياته في الغرفة، كان يحكي لهم عن عمله ومكان سكنه وكأنه يتحدث حياة
    مرفهة ‏غير تلك التي استهلكت أكثر من نصف حياته. لم يكن يحكي لهم عن تعبه اليومي وعن معاناته وعن ‏الروتين اليومي القاتل وعما يواجهه
    أحيانا من صفاقة لا يستطيع أن يرد عليها. ‏
    كاد الضحى أن ينجلي وهم في جلستهم تلك يتآنسون ويضحكون. كان في داخله متشوقا لمرآى القرية ‏التي لم ينسى تفاصيلها. كان يطوف بها
    كل ما جاء كأنه يود أن يطمن نوستالجيا تسكن في جوانحه ‏وومشاعره. كان يتمنى أن تظل كما هي منذ أن عرفها ونشأ في أحضانها، ولكنه يدرك
    أن ذلك لن يكون ‏لما لا نهاية. ترك موضوع التجوال في الوقت الراهن بعد أن أكدوا له الشمس قد أرسلت أشعتها اللاهبة ‏وهو بعد غير معتاد
    فانصاع لرأيهم. ‏
    عند العصر كان أهل القرية يشاهدون عمران وأسرته وأخيه وبعض الصبية وهم يتجولون حول شوارع ‏ومباني القرية. لم تكن تلك الجولة لتشبع
    شغفه المختزن وذكرياته التي لا يريدها أن تنمحي عن ملامح ‏القرية. كان يود أن يذهب بمفرده ليمتع نفسه بطقوس الزيارة فهناك معالم
    ومفردات تمثل له أهمية ‏خاصة. فهناك مثلا شجرة النيم المعمرة ذات الجذور والأغصان الضخمة في ركن القرية الغربي، والتي ‏كان يسميها الجدة.
    كان هناك شبها يراه هو لوحده بينها وبين جدته المتوفاة منذ سنوات. فما يره هو مهما ‏لا يرونه هم كذلك. سأل عن كومار الهندوسي العجوز
    الذي كان يسكن لوحده في طرف القرية وقالوا له ‏مات. أحزنه الخبر ثم واصل في التجول حتى وصل أطراف القرية القريبة، وقرر أن يترك
    زيارة باقي ‏الأماكن لوحده في الغد. لاحظ خلال جولته القصيرة أن بعض الأشجار والشوارع والتي ارتسمت ملامحها ‏في ذهنه منذ صباه

    لا زالت كما هي ولكن ذلك لا يعني أن باقي اللاندسكيب لا زال كما هو. أحزنه ‏قليلا أن بعض ملامح التغيير قد بدأت تطل هنا وهناك بما
    يمس ما مرتسما في ذاكرته‏
                  

07-29-2025, 02:10 PM

walid taha
<awalid taha
تاريخ التسجيل: 01-28-2004
مجموع المشاركات: 4260

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    Quote: كانت أباريق الشاي الكرك(باللبن) بنكهة الجنزبيل والهيل توجد في طرف السجادة. أما أطباق البيض ‏المقلي وخبز الشباتي والبوراتا، والبطاطس
    المقرمش والفطائر المتنوعة تتوسط الجلسة


    دى جلسة بتنبش فى الذاكرة
    انا متابع
                  

07-29-2025, 07:48 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: walid taha)

    Quote: دى جلسة بتنبش فى الذاكرة
    انا متابع

    اهلين اخ وليد .. وين مختفي ليك مدة..
    والا انا غلطان؟

    شكرا يا عزيزي على المتابعة...
    طبعا اتشرف بذلك.
    تحياتي وودي.
                  

07-31-2025, 02:56 PM

walid taha
<awalid taha
تاريخ التسجيل: 01-28-2004
مجموع المشاركات: 4260

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مرحب يا دكتور

    نظهر بين الفينة والاخرى :)

    قاعد اعيد القراءة فالحكايات دى كلما أعدت قراءتها تكتشف فيها الجديد في كل مرة

    تحياتي الى حين عودة
                  

07-31-2025, 09:58 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: walid taha)

    جزء من مقتطف سردي:‏ا
    لآن وأنا جالسة هكذا يسرح بي الخيال لأتذكر تلك الايام ...عندما كنت أقوم بالتجهيز للسفر إلى هذه البلاد.
    ‏‏اتذكر حلاوة تلك السويعات لحظة بلحظة أتذكرها ‏الآن وعيناي تتطلعان إلى حقيبتي السفر اللتان ‏ترقدان أمامي استعداد للعودة النهائية للوطن، وأمامي على الطاولة يرقد جواز سفري والتذكرة .......
    إنها اللحظات الأخيرة ‏لإسدال الستار على هذه التجربة.‏‏... نفس لحظات الانتظار... ‏نفس القلق الذي كنت أحس به عندما وصولي إلى هنا....
    ‏لكنها ليست نفس ‏المشاعر، ولا نفس الأفكار ولا نفس التصورات ولا نفس الأحاسيس.

    هل يا ترى أصبحت أكثر ‏نضجا؟
    لربما ..‏ولكن المؤكد أنني صرت أكثر واقعية.. ..هذه السنوات الثلاثة جعلتني أكثر زهداً وقناعة . بل أصبحت أقل انخداعا ‏بالأحلام.
    تلك الأحلام التي نخلقها أحيانا من واقع انكساراتنا ومن محاولاتنا لملمة جراحانا وأحلامنا.

    الآن أقل ‏استجابة للأوهام والسرابات التي ظننها ماء. والأوهام التي نصنعها بنفسنا أو من خلال آراء الآخرين ومن وحي حكاويهم ‏
    ومن خلال ‏التمنيات والدعوات التي يطلقونها الأحباب أحياناً لكسب وُدِّنا. ‏

    المهم، الآن سأعود إلى ‏بلدي شخصية أخرى.. شابة أكثر وعياً وقوة واكثر نضجا وأكثر تقبلا لواقعي.‏

    الآن تمر بذاكرتي الآن تلك اللحظات التي كانت مفعمة بالآمال العراض وبالإحساس بالإنجاز وأنا في ‏قاب قوسين أو ‏أدنى من ارتشاف لذة الاغتراب التي تشكلت صورتها في ذهني منذ سنوات.
    ‏أتذكر ذلك اليوم الذي وصلت فيه ‏إلى هذه البلاد كان ذلك أول يوم لي في الإغتراب. كان رذاذ ‏المطر الشتوي يتساقط بخفة وهو يبعث في داخلي ‏إحساسا دافئا بالبهجة والتفاؤل كان إحساسا رومانسيا بامتياز..
    الجو كان يبدو لطيفا كما أراه من خلال زجاج السيارة بينما قطرات المطر ‏ينساب بلورها على زجاج ‏السيارة وهي تنقلني إلى موقع السكن في الغربة. ‏كانت لحظات تشبه تقريبا نفس لحظات الانتظار الحالية وانا انتظر مندوب الشركة التي قابلني في المطار ‏حين وصلت ‏وكانت دواخلي حينها مشبعة بالقلق والتوجس وباللايقين. كان إحساس ثقيل مشبع بكل أحاسيس الوحشة و‏الوحدة ‏والبعد عن الأهل والأحباب....
    ..والآن أنا في انتظار سائق الشركة والمندوب المكلف بإنهاء ‏إجراءات مغادرتي. ‏أكاد أقول إن الإحساس مختلف..
    خاصة وأنا عائدة نهائياً إلى الوطن، حتى وإن لم ‏أحقق ما كنت أحلم به، ولا نصف ما كنت أحلم به. ‏ نعم سأعود بلا غنيمة، سوى الإياب
    والآن اعتبره هو الغنيمة الكبرى.

    ‏‏( محمد عبد الله)‏

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 08-01-2025, 07:10 AM)

                  

08-01-2025, 05:59 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)


    مرحب بك دائما صديقي العزيز وليد

    Quote: مرحب يا دكتور

    نظهر بين الفينة والاخرى :)

    قاعد اعيد القراءة فالحكايات دى كلما أعدت قراءتها تكتشف فيها الجديد في كل مرة

    تحياتي الى حين عودة


    ** شكرا للمتابعة
                  

08-01-2025, 07:10 PM

السر عبدالله
<aالسر عبدالله
تاريخ التسجيل: 11-10-2006
مجموع المشاركات: 2351

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: محمد عبد الله الحسين)

    فعلا قصة شيقة ...
    ومن الفقرات الأولى تشعر أنك أمام واقع معاش دائما داخل كل حي سوداني في زمننا الجميل ،،
    زمننا الجميل الذي ولى واندثر ولن يعود مرة أخرى أبدا أبدا ....
    قصة تجبرك على متابعتها وانت تجلس في طرف السرير متشوقا وملهوفا اتعرف تفاصيل اللحظات التالية ..
    فشكرا ليك كتير ...
                  

08-01-2025, 10:21 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11639

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 🌹وداعا ايها الخليج🌹 (Re: السر عبدالله)

    من دفاتر الغربة ‏
    ‏"طارق الباكستاني"‏
    في ليل الغربة تصير ساعات السهاد لياليَ، وتصبح الوحدة سجنا، ويبدو طلوع الفجر حلماً ‏مستحيلا.‏
    في الغربة نحمل أرواحنا بين أكفّنا، قلقا من المجهول. ونحمل أحلامنا قرباناً للأمل وللقدر ‏المجهول.‏
    في الغربة أحيانا يصير الغريب أخا، ويصير الصديق أخا ويصير الغريب قريب..والصديق أخاً ‏وتوأما للروح وبلسما للجراح.‏
    لا زالت الذاكرة تحتفظ بذكرى ذلك اليوم الشتائي الماطر وأنا داخل المكتب في تلك المؤسسة ‏الكبيرة. إذ تناهى إلى سمعي
    نشيج حزين مكتوم...كاد قلبي ينخلع من كثافة الحزن الذي كان ‏يبثه ذاك النشيج... فخرجت وانا اتوجس خيفةً. الصوت ليس
    غريب علي. فوجدته هو كما ‏توقعته..كان ذلك هو طارق. طارق الهيّن، اللين، رقيق القلب، المفؤود هو من ينتحب. ‏
    نعم كان هو ينتحى ركناً قصياً، والوجه مبلل والأعين محمرة وأنهارا من الدموع تسيل منها... ‏أحسست به دمعاً طازجاً وسخينا
    كأنه ينبجس من بركان حزن. ‏
    وفي لحظة تنزّل عليّ فجأة حنان تلقائي لم أكن احسب أني امتلكه:‏
    ‏-ما لك، ماذا حدث يا طارق؟..‏
    لكن يبدو أن سؤالي قد زاد الجرح اتساعاً، فازداد صوته تهدّجاً. وعلا نحيبه وزادت الدموع ‏انسيالا حتى حسبته سيشرق بها. طفِقتُ
    أمسح دموعه بما أتاني الله من عطف ومواساة وحنان ‏مدخر، ومناديل ورقية.‏
    ‏- أمي ثم علا صوته وعندئذ تجمع حولنا حوالي خمسة من زملاء المكتب..‏
    ‏- أمي ماتت
    ‏! يا للأسى! فقد توفيت أمه... إنه اليُتم إذن....يا للأسى فقد أصابت الغربة (طارق) بواحد من ‏سهامها المسمومة الغادرة... أصابته في أعز الناس.‏
    إنني جد آسف وحزين يا طاهر..‏
    ولكن ماذا نفعل، إنها إرادة الله؟
    ونظل طيلة ذلك الضحى نجفف الدموع ونخفف الأحزان ووقع الصدمة بما استطعنا من كلمات ‏ومن مواساة و من تعزية ..وماذا لدينا
    غير ذلك نحن بني البشر أمام أكثر الأحداث في الكون ‏قتامة وحيرة؟
    ويظل عزاؤنا مجرد كلماتٍ نمسح بها على الجراح دون أن تشفيها.‏
    في تلك المدينة الخليجية التي تعجّ بالمهاجرين شاءت إرادة المولى أن نلتقي ...وأن نتعارف... ‏وأن نتعامل، وأن نعرف بعضنا بعضا،.....
    بغض النظر عن اختلاف سحناتنا وألواننا وبغض ‏النظر عن جنسياتنا، وهوياتنا الوطنية التي نحملها وثائقا وأوراقا، لا تعني شيئا أمام تلك
    المعاني ‏والترتيبات السماوية الراسخة التي تترجمها الآية: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..)‏
    ولكن (طارق) ببراءةٍ وكاريزما فطرية تفوّقت على كاريزمات التكلّف والتجمّل المصطنعة استطاع ‏أن يجعلنا نلتقي حوله وندور في فلكه.
    لم نحس يوما بأنه عامل بوفيه فقط..‏
    كنا أحيانا دون سابق نذار نتفاجأ برؤية وجهه الطفولي السمات وهو يضحك أو يدندن في مرح ‏ويتمايل يمنة ويسرة مع لحن شعبي يحمل
    أنغامها ملامح سهول آسيا التي تركها وراءها. كان ‏كثيرا ما يكون منتشياً لسبب لا نعرفه. ولكننا نخمّن السبب من خلال حجم الشجن الذي
    كان ‏ينضح من دواخله في تلك اللحظات.. فنعرف بعد حينٍ أنه كان قد اجرى اتصالا هاتفيا صباحيا ‏مرة مع أمه الحنون ومرة مع زوجته
    الحبيبة، أو أطفاله الصغار، وهكذا يولد ذلك التواصل ‏الأسري العاطفي الدافيء في نفسه البِشر والتألّق بقية اليوم كله. ‏
    ولكن كيف تتركنا هكذا يا (طارق)، بعد أن ملكت كل هذه القلوب لتتركنا هكذا في العراء ‏والخواء؟
    كان يقف امامنا... و نحن من مختلف الجنسيات العربية في ذلك البلد الخليجي الذي يضم ‏شتاتاً من مختلف الأصقاع كان يقف هكذا دائماً
    ويكتسي وجهه بنظرة كلها حنان ومودة لكي ‏يستجيب لطلباتنا في الشاي والقهوة. كان طارق حسب تصنيفٍ وظيفيّ ظالم.، مجرد نادلٍ.
    ‏ولكنه حسب التصنيف الإنساني الحقيقي مديرا عاما ومالكا لقلوبنا جميعا دون استثناء.‏
    بينما هو في أدنى تدرجات السلم الوظيفي ولكن أحاسيسه الإنسانية الدفاقة كانت في أعلى تلك ‏الدرجات..‏
    من أين أتيت بهذه الكاريزما يا طارق؟
    أحيانا كنا نجده جالسا ساهماً ...مطاطأ الرأس للأرض في حزن وعيونه محمرة من أثر البكاء.‏
    كان عندما يجهل عليه أحد من رؤسائه، أو يستثيره تصرفٍ مستفزٍ أو جهل الجاهلين ، فسرعان ‏ما يلتمس ركناً قصياً ليسكب فيها دموعه
    ثم دقائق يعود إلينا نظيفا كما كان. .. كانت دائما هي ‏الدموع التي يطلق لها العنان حين تترقرق في مآقيه في تلقائية هي التي تجعلنا
    نركض إليه ‏لنخفف عنه ونمسح دموعه.. ثم بعد ساعة كان يدخل المكتب وابتسامة في صفاء الحليب تنوِّر ‏وجهه الطفولي المستدير.‏
    كان حينما يسافر في إجازته السنوية إلى باكستان يختل التناغم العاطفي والإنساني في ‏دواخلنا.. ونظل نحسب الأيام في انتظار عودته،
    وكأننا كنا نعرفه منذ دهور...... أو كأن ‏طفولتنا قد عمَّدها حبه منذ ميلادنا. فكنا نحسب الأيام في انتظار أن يهل وجهه الباسم ليبعث ‏من
    جديد في دواخلنا إحساسا صادقا بالحب ووالإلفة.... والحب. ‏
    لقد استطاع طارق بشخصيته الودود أن يجتاز الحدود والحواجز كلها بعفوية وتلقائية فطريةٍ .‏
    في الصيف قبل الماضي سافر (طارق) إلى أسرته في كراتشي. كراتشي تلك المدينة التي ‏سمعنا بها كثيرا ولم نراها... و لكن عرفن شوارعها
    وسمعنا ضجيج بائعيها، ورأينا اكتظاظ ‏أسواقها بالبائعين كل ذلك من خلال(طارق)... و هكذا نظل نحن نتابع رحلته حينما يغيب عنّا ‏مسافراً
    لأسرته في انتظار اوبته.....‏
    ‏.....لقد عبر بنا طاهر الحدود الجغرافية فكنا نسافر معه حين يسافر، ونصل معه إلى مطار ‏بلده حينما يصل، ومرة فمرة نتجول معه افتراضيا
    حينما يتجول في أحياء مدينته التي لم نراها ‏ولكن أحببناها لحب طارق....وتمر الأيام نظل بعد ذلك في شوق نحسب الأيام انتظارا ‏لعودته. ‏
    في الصيف الماضي تفرقنا، سافر كل منا لوطنه. وحينما عدنا وجدناه ووجدنا نفس الابتسامة ‏الوضيئة، ونفس النظرات الحانية. ‏
    ولكن....... تفاجأنا لشيءٍ آخر...خلف نظراته الوديعة كانت يلوح شيء غامض، شيء أرسل ‏إلى دواخلنا رسالة قلق كثير، أثار فينا تساؤلا حائرا.
    ما دهى طارق.‏
    الحمد لله الآن طارق عاد إلينا من جديد. عاد ولكن كان هناك شيء غير طبيعي... نحولاً في ‏الجسم وتثاقلا في الخطا..ونظراتٍ ساهمة،
    وطارق شابا لم يصل للأربعين..‏
    ‏.. وصار يأخذنا الخوف الصامت والقلق بعيداً.. لأشد الإحتمالات قتامة. ولكن سرعان ما كنا ‏نتوقف عن أن نسترسل خوفا ورهبةً من المجهول.
    وكنا نتمتم سراً بالدعاء ونسأل الله له أن ‏يجنبنا وإياه لعنة الفراق. ..‏
    ‏ بماذا عدت لنا من بلدك يا طارق؟ .إنه داء الكلى اللعين.‏
    ثم خلال اسبوعين فقط ......حال المرض بيننا وبينه إلى الأبد.‏
    وهكذا ذهب إلى السماء، وافتقدناه، إلا صورة مضيئة له في القلوب، ولوعة في الوجدان.... ‏ودعاء له من القلب واللسان.‏
    فأنت تنتمي للسماء بحق يا (طارق)...فها قد ذهبت إليها لأنك منها وإليها.‏

    عليك سلام الله ‏

    عليك سلام الله يا (طارق).‏

    محمد عبد الله

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de