في منتصف الطريق بين السوق والمقابر، كانت هناك حفرة. ليست كبيرة ولا عميقة، لكنها عنيدة، لا تُردم. مرّت فوقها عجلات العربات، خطب فيها الخطباء، تعثّر بها الأطفال، ومات عندها رجلٌ ذات ظهيرة حارة بعدما انفجر إطار دراجته. قالوا إنها مسؤولية البلدية، وقالت البلدية إنها من آثار القصف. أقسم شيخ المسجد أن الحفرة "فتنة"، وحذّر من الاقتراب منها. سمّاها البعض "الحفرة الوطنية"، فكلّ فريق يرمي فيها ما لا يريد رؤيته: القحتاويون رموا فيها "الجيش"، والداعميون رموا فيها "الحرية"، والعسكر رموها "بالدولة العميقة"، ومرتزقة عبروا فوقها وتركوا دمًا وجثة كلب.
وفي ليلةٍ بلا قمر، جاء طفلٌ من الحي، كان قد فقد أمه في قصفٍ مجهول. وقف أمام الحفرة طويلًا، ثم جلس، وأخذ يحفر بيديه، أعمق وأعمق.
مرّ عليه سائق ركشة فقال له ساخرًا-ــ "بتفتش لي شنو؟" فأجابه الطفل:ــ "بدور علي البلد والناس ، وقع في الحفرة دي."
07-27-2025, 06:19 AM
عزالدين عباس الفحل عزالدين عباس الفحل
تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 9328
صباح الخير الصديق العزيز ابو الزهور بصدق الإحساس ونبض المشاعر ، بحق للأوطان دين علينا لكن جمود العقلية السودانية هي الكارثة ؟ The deepest hole in the world
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة