في عام 2010، وكنتُ آنذاك شابًا يافعًا... ههههههههه أيام! ومع انطلاق التجهيزات للانتخابات الرئاسية (الكيزانية)، سمعتُ عن مرشّحٍ قادمٍ من منظمةٍ عالمية في إحدى الدول الأوروبية، هو الدكتور كامل إدريس (رئيس الوزراء الحالي). تتبعتُ الأخبار حتى عرفتُ مكان حملته الانتخابية، فقصدتُ مقر الحملة، وكانت فيلا بشارع الستين. لم يدفعني إلى هناك أملٌ في فوزه، لإدراكي أن تلك الانتخابات لم تكن سوى مسرحية كيزانية، بطلها البشير. لكن دافعي كان فضولًا لمعرفة ما إذا كان هذا الرجل يحمل في جعبته بارقة أمل لمستقبل السودان، إن تبدّل الواقع يومًا ما.
وللأسف، فقد تملّكني شعورٌ عميق بالخذلان. فالأداء الذي لمسته من مدير حملته ومن حوله أوحى لي بأن الرجل لن يخسر حتى بطريقة مشرفة. كان مدير الحملة شابًا صغيرًا جدًا في السن، شككتُ للوهلة الأولى في خبرته السياسية، وتأكد شكوكي بعد بدء الحديث عن الانتخابات. وكانت الأحاديث الدائرة هناك تعكس عالمًا مخمليًا لا يمتّ لمعاناة الشعب السوداني الكادح بأي صلة. بدا لي أنهم لايمكن ان يخطر علي عقولهم أن المواطن المطحون قد يُضطر للقفز من نافذة حافلة ليظفر بمقعد في موقف جاكسون. بعبارة اخري انهم قوم لا يعرفون شيئا عن معاناة المواطن اليومية لقد كانوا ببساطة فئةً منفصلةً تمامًا عن واقع السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن، فكيف لهم أن يكسبوا أصوات ناخبين لا يعرفون عن تفاصيل حياتهم القاسية شيئًا؟ وكان انطباعي أن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، قادمون لتوّهم من أوروبا وقد عاشوا معظم حياتهم هناك. .
كانت تلك الزيارة الأولى والأخيرة، فالانطباع الكئيب الذي خرجتُ به من هناك جعلني أعزف عن العودة مجددًا.
إذا كان ذلك الفريق هو ما يراه كامل إدريس مناسبًا لخوض معركة انتخابية، وما زالت تلك الذهنية قائمة إلى اليوم، بعد خمسة عشر عامًا، فعلى الشعب السوداني أن لا يعلّق أي آمال في حكومة الأمل.
ورغم كل ما سبق، فإنني – من صميم قلبي – أتمنى أن تكون كل تحليلاتي هذه خاطئة، وأن ينجح الرجل، لأن هذا المواطن "الغلبان" قد ذاق ما فيه الكفاية، ويستحق حياةً أكرم، ولو نسبيًا.
09-01-2025, 01:35 PM
صلاح شريف صلاح شريف
تاريخ التسجيل: 03-08-2023
مجموع المشاركات: 30
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة