حرب السودان … كيف تحوّلت إلى صفقة رابحة لمصر؟ صورة أواب عزام البوشي أواب عزام البوشي17 يوليو، 20254 فيسبوك X
📝 أواب عزام البوشي
في ظلام الصحراء الفاصلة بين دارفور والمثلث الحدودي، تتحرك شاحنات محمّلة بالمواشي نحو مصر. لا أصوات قذائف هنا، ولا شعارات سياسية، بل صفقة هادئة تخفي وراءها لعبة مصالح أكبر من مجرد تجارة ماشية. منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، تتحرّك القاهرة بحذر، لكنها لا تضيّع أي فرصة للاستفادة من موارد السودان المنهكة.
*موارد السودان بلا دولار*
في وقت يئن فيه الاقتصاد السوداني، تستغل مصر الفوضى لشراء سلع سودانية بأسعار رخيصة ومن دون دفع عملة صعبة، مستفيدة من حاجة السودانيين الماسة للسيولة. ووفق تقديرات غير رسمية، فإن نحو 40% من صادرات السودان الزراعية والحيوانية خلال الأشهر الأخيرة تتجه نحو مصر بأسعار مخفّضة أو عبر طرق غير رسمية، ما يقلل من عائدات السودان من العملة الصعبة. وهكذا تحصل القاهرة على اللحوم والمنتجات الزراعية وحتى الذهب أحياناً، دون أن تتحمل عبء تحويل الدولار، ما يعد مكسباً هائلاً للاقتصاد المصري الذي يعاني بدوره أزمة عملة خانقة. “مصر تشتري… والسودان ينزف.”*
*ماشية الحرب… مصر تربح دائماً*
رغم دعم القاهرة العلني للبرهان، تتوالى الأنباء عن فتح ممرات تجارة الماشية من دارفور إلى مصر، تمر عبر المثلث الحدودي (وهي منطقة تقع بين مصر والسودان وليبيا، معروفة تاريخياً بطرق التهريب والتجارة غير الرسمية). وتشير تقارير اقتصادية إلى أن ما لا يقل عن 150 ألف رأس ماشية خرجت من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في دارفور نحو مصر خلال عام 2024، رغم القتال العنيف. هذه التجارة غالباً تتم من مناطق يسيطر عليها الدعم السريع، خصم البرهان في الحرب. لكن القاهرة لا ترى عائقاً في ذلك؛ فهي تتعامل مع من يسيطر على الأرض، حتى لو كان خصماً لحليفها العسكري. ويرى مراقبون أن هذه التجارة لم تكن لتجري دون ضوء أخضر مصري، إذ تمثل الماشية مورداً حيوياً للأسواق المصرية المهددة بارتفاع أسعار الغذاء.
*البرهان… ورقة مصر الرابحة*
في الوقت نفسه، يرى كثيرون أن مصر لا ترغب في حكومة مدنية قوية في السودان، لأنها قد تفتح ملفات حساسة مثل مياه النيل، أو الحدود، أو إعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية. أما البرهان، فهو في نظر البعض الحليف الأنسب للقاهرة، إذ يبقي كل الملفات الخطيرة مغلقة، ويحافظ على الوضع القائم الذي يخدم مصالح مصر الاستراتيجية.
*الرباعية: مصر تغلق الباب أمام المدنيين*
هذا الحرص المصري على الجيش السوداني تجلّى واضحاً في اجتماعات الآلية الرباعية (أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات). فقد نقلت قناة الشرق عن الدبلوماسي بولس أن مصر أصرت على ضرورة مشاركة قيادة الجيش السوداني في أي حوار سياسي، بينما رفضت واشنطن ذلك وأصرت على دعوة الحكومة المدنية التي أطاح بها انقلاب 2021.
“ مصر تريد الجيش في الصورة… كي تظل ممسكة بخيوط اللعبة.”
*القاهرة… المصالح أولاً*
رغم كل ذلك، يدرك كثيرون أن الفوضى ليست مكسباً صافياً للقاهرة، إذ يخشى المسؤولون من تدفق موجات لجوء ضخمة، أو تصاعد الفوضى على حدودها الجنوبية، فضلاً عن المخاطر الاقتصادية. وفيما تراقب الإمارات والسعودية المشهد من بعيد، يبقى السؤال قائماً: *هل تحولت فوضى السودان إلى كنز خفي في يد القاهرة … أم إلى قنبلة موقوتة تهدد الجميع؟* [email protected]
فيسبوك X مشاركة عبر البريد طباعة صورة أواب عزام البوشي أواب عزام البوشي 4 تعليقات Avatar photoيقولمبارك الهادي: 17 يوليو، 2025 الساعة 2:26 ص بالتأكيد مصر لا تريد استقرار السودان، هي تنظر له كنز تريد الاستفادة منه بقدر الإمكان أحسنت.
رد Avatar photoيقولTaha Osman: 17 يوليو، 2025 الساعة 2:32 ص فعلاً مصر تتعامل ببراغماتية مفرطة، تستغل الظروف الاقتصادية والسياسية لتحقق مصالحها، خصوصاً في ملف الغذاء والعملة الصعبة. لكن يظل السؤال الأهم: هل تستطيع القاهرة الاستمرار في اللعب على كل الحبال دون أن تدفع الثمن لاحقاً؟ فالربح قصير المدى من التجارة غير الرسمية قد يتحوّل إلى عبء طويل المدى مع احتمالات الفوضى واللجوء وأزمات الحدود.
رد Avatar photoيقولمسجون في الغربة: 17 يوليو، 2025 الساعة 10:48 ص لب الموضوع مياه النيل فمصر لا تريد في السودان دولة قوية مستقرة تستغل كل حصتها من مياه النيل فالسودان لم يستطع ان يستغل حصته القليلة منذ،الاحتلال البريطاني(١٨ مليار لتر مكعب ) مقابل ٥٤ مليار لمصر وحتي هذه الحصة القليلة نصفها تذهب شمالا وما يؤكد هذا ان المصريين مؤخرا قل اهتمامهم بسد النهضة الإثيوبي فمع اندلاع حرب السودان اكتفت مصر من مياه النيل واصبحت مسألة تعبئة السد لا تؤثر علبهم حتي في زمن الجفاف….لكن العيب ليس فيهم بل في العاهات السودانية التي تتصدر المشهد…
رد Avatar photoيقولTarig Alnor: 17 يوليو، 2025 الساعة 3:03 م إلى متى سيستمر المسؤولون السودانيون في خيانة الوطن وإهدار موارد الدولة؟ البرهان لا يصلح أن يكون رئيس دولة… ربما يصلح كقائد ميداني، لكنه أبعد ما يكون عن قيادة وطن يحتاج للحكمة، الرؤية، والشرعية. السودان لا يُدار بالبندقية… بل بالعقل والإرادة الوطنية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة