💔 سلام عليك في الخالدين💔 وداعا" حسن الخير" وهكذا نجمة أخرى تسقط من سمائنا.. وحبة فريدة تنفرط من عقدنا الفريد كان"حسن" زهرة يانعة في بستان شبابنا النضير في رحاب إدارة الاستثمار الزراعي. كان ايقونة متفردة في كل شيء...في البساطة والتلقائية وفي ابتداع التعبيرات الفكاهية والتعليقات الساخرة التي كنا نعجب كيف ينسجها، تعليقات يجيد نظمها في لماحية باهرة لتثير فينا الضحك للمفارقة الذكية في الوصف وفي التشبيه والتعبير..ورغم مرور السنوات ما نفتا نستعيد وصفه وتشبيهاته للمواقف اامختلفة فنبتسم ونضحك كانه قالها اليوم. كان وسيما وظريفا وأليفا ومألوفا...كان نجما تستطيب ونساته وتعليقاته رفيقات العمر من الشابات والزميلات حتى اشتهر في معظم مكاتب الزراعة بخفة دمه وتلقائيته وبتعليقاته الذكية. فكن يستلطفن ونسته وطلته ومسامراته البريئة... حينما كنا نذهب معه لشؤون العاملين في مبنى الزراعة الآلية كان الجميع يحتفي به و يحتفون بنا بسبب مرافقتنا له..وفي حسابات وزارة الزراعة كانت أمورنا نتقضي لدى ناشئات المحاسبات لزمالتنا لحسن الخير...وكان يكفي ان نعرِّف انفسنا باننا زملاء حسن الخير. كنا خريجون جدد ممتلئين اشراقا وتفاءلاً وإحساساً مشرقا بالحياة.. كنا نحس باننا نملك الحاضر والمستقبل.. كان النجمة التي تضيء سماء شبابنا الباكر وشبابنا الممثل لجيل من المتعلمين المتطلعين للحياة في أمل ممتد بامتداد الأفق. كل ذكرى من ذكريات ايام العمل كان حسن الخير قد علَّمها بموقفٍ او تعليقٍ ساخر، لا يزال عالقا بأذهاننا كأنه قالها قبل ساعة. لايزال ترك بصمة في حياتنا العملية وذكريات الشباب والزمالة واللهو المباح..وخطرات الشباب ..لا زلت اذكره حين يدندن أحيانا في جلسات الأنس بصوته الرخيم بإحدى أغنيات العميري... ماذا نذكر وماذا نحكي...وهو موجود في كل تفاصيل حياتنا العملية وفي قلب ذكريات الزمالة وفي تلميحاته اللماحة وفكاهته المحببة..ولا ننسى تعليقاته الظريفة اللماحة حينما يرى منا اعجابا شبابيا عابرا فيعرف بذكائه اتجاه سهم كيوبيد..او ملامح عشق شبابي في أعين أحدنا أو سرحان ينبيء عن تعلُّق تائهٍ ...فكان ذكيا يقرا ما بين القلوب وشِغافها... كنا نمر عليه وهو قد التحق بأحد الدبلومات في معهد الدراسات التنموية بجامعة الخرطوم. فهالني انه كان النجم الذي يتحلق حوله جميع زملائه من الدارسين ينتظرون منه تعليقا ظريفا يتزودون به خلال البريك حتى يكملوا بقية المحاضرات...وعرفنا الكثيرين منهم عن طريقه...فكان هو بطاقتنا اليهم...وكان هو المعبر . ضمن تغير الأحوال والسياسات في زمن الإنقاذ تم انتدابه للعمل كمسئول في هيئة الاستثمار بالمقرن..وما أدراك ما هيئة الاستثمار وقتذاك..كانت محط أنظار المستثمرين والأموال. وكانت الموئل لمنح المشاريع والأذونات والتصاديق للمشاريع..لكن حسن الأخير كان بعيدا عن كل المغريات والتفاهمات خلف الأبواب المغلقة.. كان يعمل وسط أنواع شتى من (من زينة الحياة) لكنه كان يعمل دون كلل ويعف عند المغنم . كان نزيها وشريفا وعفيفا.. كانت الأعين المتلصصة من حوله ومن خلفه ...ولكنه كان مدركا بذكائه للكلمات المعسولة وخبث العبارات المخملية، والإيماءات والمجازات الموشاة بأغلفة زاهرها التسهيلات وباطنها الرشاوى المموهة تحت ألف غطاء ومسمى.. لكنه رغم كل ذلك لم يضعف ولم يتهاوى ولم يسقط ..كان يعمل بكل تجرد وبكل نقاء ونزاهة. لم يجري وراء مكاسب كان يلهث خلفها وينالها من هم اقل منه في تراتبية المناصب..إلى أن ترك المنصب..لقد كان غريبا عليهم في ذلك المبنى كما كان غريبا بينهم. أصاب حسن الخير مؤخرا مرضا شبه نادر، أثر على نشاطه وحركته فكان صابرا ومحتسبا.. فلزم المنزل سنوات .. وكانت أخباره تأتينا متقطعة..وكنا نتسمع أخباره من حين لآخر جاءات الحرب فانتقل من أمدرمان إلى كوستي. ..واختفى من أنظارنا ولم يختفي من ذاكرتنا ولا من دعاء الزملاء له.. كنا نمني النفس أن نلتقي به.. ولكن شاءت الأقدار المكتوبة خلاف ما كنا نأمل ونتمنى. بالأمس جاءنا النبأ الحزين بوفاته في أول أيام العيد في كوستي المدينة التي أحباها. نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يتقبله قبولا حسنا مع الصديقين والشهداء والصالحين. وإنا لله وإنا إليه راجعون. (محمد عبد الله) الاثنين 09 يونيو 2025
06-30-2025, 06:48 AM
mohmmed said ahmed mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9310
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة