|
Re: اسباب سيادة العامية الوسطسودانية في الجغ� (Re: محمد جمال الدين)
|
ملاحظة مختصرة حول اسباب القطيعة بين العامية السودانية واللغات المحلية الاقدم
العامية الوسطسودانية هي العامية ذات السيادة الشعبية والرسمية في السودان منذ منتصف العهد السناري وحتى تاريخ اليوم وتتوسع كل يوم في الكم والجغرافيا داخل البلاد على حساب اللغات الاقدم في المكان وفي دول الجوار. الملاحظة هنا انها توقفت عن التلاقح القديم مع اللغات المحلية الاقدم في السودان كالنوبية والبجاوية مع العهد التركي في السودان وتوطدت القطيعة اكثر مع العهد الانجليزي اذ تم سد الغذاء الذي تحتاجه من التركية ثم الانجليزية فاصبحت اسماء الادوات والمرافق الجديدة غير المتوفرة بها يتم استلافها منهما مباشرة وليس اللغات القديمة كما كان الحال في الماضي.. والامثلة لا حصر لها.. راجع ان شئت بوست كلمات تركية في العامية السودانية وتامل في الكلمات الانجليزية المستخدمة في اليومي.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: اسباب سيادة العامية الوسطسودانية في الجغ� (Re: محمد جمال الدين)
|
العامية الوسطى السودانية: لغة الهيمنة وتاريخ الجراح بقلم زهير عثمان
في بلد كالسودان، حيث تتعدد الألسن وتتشابك الهويات، لا تُعتبر اللغة مجرد أداة تواصل، بل هي تعبير سياسي وثقافي واقتصادي. وحين نُسائل صعود العامية الوسطى السودانية كلغة مهيمنة، لا نتحدث عن تفضيل طبيعي أو تفوق ذاتي، بل عن ظاهرة تاريخية مركبة ارتبطت بتشكّل السلطة، وهيكلة السوق، وصناعة الإعلام، وسيرورة الهوية القومية. العامية كلغة سلطة لا مصادفة لم يكن هيمنة العربية السودانية الوسطى على اللغات المحلية (النوبية، البجاوية، البرتاوية، وغيرها) حدثًا بريئًا أو طبيعيًا. فالتحليل البنيوي يبين أن هذه اللغة وُلدت في مركز جغرافي سياسي (سنار - الخرطوم)، ونمت في كنف الدولة والمؤسسة، وفرضت نفسها كلغة بيروقراطية منذ سلطنة الفونج، ثم تم تعزيزها عبر أجهزة الحكم التركي والإنجليزي. اختيرت العامية الوسطى بوصفها لغة "محايدة" بين القبائل، لكنها في الواقع كانت أداة توحيد قسري، حوّلت اللغات الأصلية من وسائط تعبير إلى شفرات منزلية هامشية. قواعد عربية، قاموس هجين العامية الوسطى احتفظت بهيكل اللغة العربية الكلاسيكية من حيث الجذور (ف-ع-ل)، والتأنيث، وتراكيب الجملة، لكنها امتصّت كمًّا هائلًا من المفردات من المحيط:
من التركية: "خُوزِقنا"، "أوضة"، "ميري".
من النوبية: "عشميق"، "كُرِّي"، "دَبُّ".
من الإنجليزية: "دَبْرِس"، "رَدَّا"، "بَتَرِي".
ورغم ذلك، طوّعت هذه المفردات ضمن نسقها الصوتي والنحوي. فمثلاً، الكلمة الدخيلة لا تُترك كما هي، بل تُعرّب صرفيًا لتندمج: "دبرس" تصاغ كفعل، و"باتري" تتخذ صيغة مؤنثة.
جراح اللغات المحلية: من الحقل إلى الظل فشل اللغات الأصلية في مقاومة التهميش لم يكن ناتجًا عن قصور جوهري فيها، بل عن عدة عوامل بنيوية:
انقسامها الداخلي: النوبية مثلًا ليست لغة واحدة، بل لهجات متباينة (دنقلاوية، محس، فاديجا).
غياب التدوين: لم تُطوَّر أغلب هذه اللغات إلى أنظمة كتابة إلا في العصر الحديث.
التفكيك السياسي: لم يتبلور تحالف لغوي أو نخبوي يحمي هذه اللغات، مقارنة بتحالفات قبائل الوسط العربية.
الاستعمار: الإنجليز أقروا العربية في التعليم والإدارة، فعمّقوا التباعد اللغوي.
وهكذا، أصبحت هذه اللغات مع الوقت لغات "عائلية"، بينما احتلت العامية الوسطى الفضاء العام.
بين أربع لهجات: لماذا انتصرت "الوسطى"؟ السودان لا يتحدث "عربية واحدة"، بل عدة لهجات:
اللهجة التأثير الثقافي الجغرافيا الوسطى مملوكي–محلي مروي–سنار (مركز السلطة) البطانة قحطاني–يمني شرق السودان دارفور مغاربي–محلي غرب السودان الشايقية نوبي–مصري شمال السودان
لكن "الوسطى" سادت بفعل:
مركزيتها في مناطق السلطة والسيطرة الإعلامية (الإذاعة، الصحف).
قدرتها على امتصاص التنوع الإثني (أصبحت لغة الفور، والزغاوة، والنوبة، والهوسا...).
وظيفتها كبنية لغوية مرنة، تستوعب الحداثة دون أن تُهدّد بهويتها النحوية.
نحو مقاربة غير أيديولوجية علينا أن نرفض التصورات النقية: العامية الوسطى ليست "لغة عربية خالصة"، ولا هي "نوبية مشوّهة". إنها نهر لغوي متغير، يغرف من روافده لكنه يُشكّل مجراه بنفسه.
الهيمنة اللغوية ليست ظلمًا مطلقًا، لكنها تتطلب عدالة ثقافية. فحماية النوبية، أو البجاوية، أو اللغات النيلية الصحراوية لا تعني محاربة العامية، بل إعادة التوازن في الفضاء اللغوي السوداني، وضمان أن يُروى التاريخ بلسان أكثر من قبيلة.
"اللغة ذاكرة جماعية، وحين نُقصي لغاتٍ بعينها، فإننا نمحو فصولًا كاملة من قصة الإنسان."
المصادر: Owens, J. (1993). A Grammar of Nigerian Arabic.
Miller, C. (2007). Arabic in the City: Issues in Dialect Contact and Language Variation.
أحمد الياس حسين. اللغة والمجتمع في السودان.
عون الشريف قاسم. قاموس اللهجة العامية في السودان.
*تحياتي استاذي هذه اضافة عسي ان تكون مفيدة
| |
 
|
|
|
|
|
|
|