الرجل الذي عاش بهدوء كي لا ينهار -قصة قصيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-18-2025, 06:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2025, 03:31 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 12447

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرجل الذي عاش بهدوء كي لا ينهار -قصة قصيرة

    03:31 AM June, 19 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    لم يكن من السهل عليه أن يحكي قصته. فالكلمات، وإن بدت متاحة، تخونه دائمًا عند أول الكلام .و لكنه في النهاية جلس معي ، يحكي لي لا اعلم لماذا لكنه استطفن في هذه اللحظة وبدأ قائلا
    أنا رجل في التاسعة والخمسين من العمر، أعمل مديرًا لقطاع الحسابات بإحدى المؤسسات الحكومية الكبرى التبعه لقطاع الطاقة .
    وُلدت في بيت متواضع من الطبقة المتوسطة، تلك التي تآكلت تدريجيًا حتى ذابت في ركام اقتصاد متقلب.
    متزوج منذ خمسة وثلاثين عامًا، لدي ابن يقيم في بريطانيا مع أسرته الصغيرة، وابنة صغرى زُفّت قبل خمسة أشهر فقط.
    ابتسم للحظة. لم تكن بسمة فرح، بل تنهد خافت لرجل خرج لتوه من معركة تأثيث شقة في زمن تتكسر فيه الأعناق على أبواب الأسواق.
    العراقيل المادية كانت كثيرة، لكن الأصعب كان ما خلف الجدران زوجته، تلك التي أحبها ذات ربيع جامعي
    لم تترك يومًا يمرّ دون أن تصب الزيت على نار القلق.

    كان يظن، يومًا، أن إيصال أولاده إلى برّ الأمان سيمنحه أخيرًا لحظة تنفس. لحظة فقط. لكنه وجد نفسه وجهًا لوجه أمام حقيقة حاول تجاهلها لعقود: هو لا يحب هذه المرأة.
    هو فقط كان أبًا. وربما، محاربًا بصمت.

    يوم التقاها في الجامعة، كانت تضحك كثيرًا. جمالها جريء، مرحها معدٍ، وعصبيتها... مقلقة. غفر لها كل شيء.
    قالت إن السبب والدها المتسلّط، وإنها ستتغيّر حين تدخل مملكتها – بيت الزوجية.
    لكنها لم تهدأ.
    صارت الملكة فعلًا، ملكة الصراخ واللوم والتقريع. كل عطل في غسالة، كل سوء تفاهم عابر، كل تفصيلة صغيرة كانت تتحول إلى عاصفة.
    وكانت حججها حاضرة دومًا: الحمل، الضغوط، التهميش، خيانة الأحلام، مقارنة نفسها بصديقاتٍ ترفلن في الرفاه، متناسية أن لكل بيت جحيمه الخاص.

    صار البيت معسكرًا، يمشي فيه على قشر بيض. وتكاثرت الاتهامات: بالبرود، بالاستهتار، بعدم الطموح. في معظم الوقت، كان يلوذ بالصمت. لا لحكمة، بل لتعبٍ مزمن.

    لم يكن قديسًا. كان فقط رجلاً يسعى لأن يحمي أولاده من تلوث الغضب، أن يبقى الحائط الأخير في وجه الانهيار.
    يتذكر جيدًا حين بدأت ملامح ابنه تتقاطع مع انفعالات أمه: نبرة الصوت، ردود الفعل، الألفاظ. كانت تلك بداية تحوّل داخلي. لم يعد يرى زوجته كما كانت. بات يرى والدها فيها. نفس القسوة. نفس المزايدات. نفس الجروح اليومية.

    فكر في الطلاق أكثر من مرة، لكنه تراجع في كل مرة. من أجل ابنته، من أجل ما تبقى من العائلة، وربما من أجل نفسه. ثم اختار نمط حياة أسماه داخليًا بـ"الدفع اليومي"، مستلهمًا جملةً من فيلم قديم: "ادفر معايا اليوم."
    صارت شعاره في الحياة.
    الدَفع، كلمة بسيطة، لكنها حملت معنى ثقيلًا: العيش المشترك بالإكراه، المراوغة اليومية، وتكديس التعب في زوايا القلب.

    تحول العمل إلى مهرب. غرفة المكتب إلى ملاذ. والمباريات إلى وهْم بالحياة.
    مرّت السنوات، وكل ما يريده هو بعض السلام.

    والآن، وقد تزوجت ابنته، ولم يتبقَ في البيت سواهما، صار الصمت رفيقه الأوحد.
    جالسًا أمام مرآة عمره، يسأل نفسه:
    هل يحقّ له أن يتحرر؟ أن يعيش ما تبقى له كما يشاء؟ أن يطلب راحة مؤجلة بعد كل هذه التضحيات؟
    أم يبقى ذلك الرجل "المسؤول"، الذي اختار الصمت حفاظًا على الجميع؟
    لكن، كيف له أن يهجر امرأة يتيمة، كبيرة في السن، حتى وإن كانت سجنه الطويل؟
    هل سيراه أبناؤه خائنًا بعد كل ما فعله من أجلهم؟

    لا توجد بطولات هنا. لا قرارات حاسمة.
    فقط قلب ممزق بين الرحيل والبقاء، بين الواجب والذات، بين حياة مضت... وأخرى ربما لن تأتي.






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de