|
Re: اتفاق جوبا للسلام- بين النصوص المعطلة وال� (Re: زهير ابو الزهراء)
|
[B
اتفاق جوبا للسلام (الموقع في أكتوبر 2020) بين الحكومة الانتقالية السودانية وبعض الحركات المسلحة، مثّل محاولة مهمة لمعالجة جذور الصراع في السودان من خلال التفاوض السياسي بدلًا عن المواجهة المسلحة. لكنه دخل اليوم في مرحلة شديدة التعقيد بسبب الحرب المستعرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني والدعم السريع، وتحوُّل البيئة السياسية إلى مشهد فوضوي وغير قابل لتنفيذ أي ترتيبات سلمية من ذلك النوع. بناء على ذلك يمكن تقسيم النقاش حول الاتفاق إلى ثلاثة محاور---- 1. تنفيذ اتفاق جوبا خلال الحرب: شبه مستحيل تعطّلت معظم بنود الاتفاق، خاصة الترتيبات الأمنية التي كانت تنص على دمج قوات الحركات المسلحة في الجيش. الحركات نفسها أصبحت موزعة الولاء: بعضها انحاز للجيش (مثل حركة مني أركو مناوي)، وبعضها يتحدث عن الحياد، والبعض الآخر يحتفظ بقواته دون موقف معلن. الحرب ألغت فعليًا أي إمكانية لتنفيذ بنود تتطلب سلطة مركزية أو أرضية مستقرة. النتيجة هي الاتفاق لم يُلغَ رسميًا، لكنه أصبح غير قابل للتنفيذ في الوضع الحالي. 2. السجال حول مكاسب الحركات: سلطة بلا قواعد؟ الانتقادات الحالية تركز على أن الحركات المسلحة استمرت في المناصب السيادية والوزارية والإقليمية رغم توقف عملية السلام.
هناك من يصف الأمر بأنه "مكافأة سياسية بلا مقابل عملي"، أي أن هذه الحركات نالت مقاعد في السلطة دون أن تحقّق استقرارًا أمنيًا في مناطقها أو تندمج فعليًا في المشروع الوطني.
البعض يعتبر أن الاتفاق صار مجرد آلية محاصصة، وليس مشروعًا للسلام أو التنمية.
مثال بارز---- التمكين في إقليم دارفور عبر اتفاق جوبا لم يفلح في وقف نزاعات الفصائل المحلية أو حماية المدنيين في مناطق ككتم والفاشر.
3. هل انتهى أجل اتفاق جوبا؟ هذا سؤال قانوني وسياسي في آن:
من الناحية الشكلية: الاتفاق لم يكن محددًا بأجل صريح، لكن بعض ملاحقه (مثل الترتيبات الأمنية) كانت مرتبطة بجداول زمنية (مثلاً 39 شهرًا بعد توقيع الاتفاق).
من الناحية السياسية: هناك رأي واسع يرى أن الاتفاق "سقط موضوعًا" بانهيار الدولة المركزية، وانفجار الحرب، وانهيار الوثيقة الدستورية التي تأسس في ظلها.
لكن بالمقابل، بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين لا يزالون يتمسكون به كمرجعية محتملة لأي ترتيبات ما بعد الحرب (خصوصًا الوساطة الجنوب سودانية).
المشكلة أن اتفاق جوبا للسلام لا يزال قائمًا نظريًا، لكنه عمليًا أصبح منتهي الفعالية.
وجود الحركات في السلطة اليوم لا يقوم على مشروعية شعبية أو إنجازات واضحة، بل على اتفاق لم يعد يُنفذ.
النقاش الجاري يعكس صراعًا أعمق حول شكل الحكم بعد الحرب: هل يعود المركز لحكم كل الأطراف، أم سنشهد ترتيبًا جديدًا تكون فيه الحركات جزءًا من المرحلة الجديدة؟
| |
 
|
|
|
|