|
من وحى الحروب ( قصص قصيرة )
|
08:49 PM June, 05 2025 سودانيز اون لاين ابو جهينة-السعودية _ الرياض مكتبتى رابط مختصر
مجرد امل *** هطلت القذائف كمطر ٍغزير على ساحة القرية, حيث كان فيها حفل زفاف ٍمتواضع. هرول والده بخوف إلى الساحة ليبحث عن أمه, فلحقه طفلهما الصغير. لم يعثر والده بين الجثث التي ذابت ملامح وجوه بعضها على والدته. أحد الجرحى طمأنه بأنه قد لمحها عن كثب تغادر الحفلة قبل القذائف ببضع دقائق. الطفل كان ــ وبسعادة ــ يلهو بالتقاط الأيدي المقطوعة من بين الأشلاء البشرية وهو يظنها دمى, فجمع عدة أيدي. صرخ عليه والده وهو يأمره بالرجوع حالاً للبيت, ثم وعده بأنه سيرجع إلى البيت بعد قليل, وأمه معه. ركض الطفل وهو يحضن إلى صدره الأيدي المقطوعة. في البيت, داخل غرفة الجلوس, التقط المزهرية عن الطاولة, ورمى عنها الورود ليدسّ بها تلك الأيدي, ثم وضعها جانبه على الأريكة وهو يتأملها ويبتسم ببلاهة. تأخر والده ووالدته.. شعر بالنعاس, تثاءب.. ثم غفا جانب المزهرية. بعد أن نام.. ثمة يدٌ من الأيدي في المزهرية, مالت إليه بهدوء, لتمسح بحنان على شعره الناعم.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
Re: من وحى الحروب ( قصص قصيرة ) (Re: ابو جهينة)
|
ابوجهينه يا كبير كل عام وانت بالف خير... ذهبنا انا وزوجتي بعد ان سمعنا بخبر تحرير صالحة وما جاورها من قري ومربعات من ايدي الاوباش لنطمئن علي ما تبقي من منزلنا الصغير الذي اوقفنا وضع الطوب علي بعضه ليكتمل عندما بزغت الحرب رصاصها ... تجولت بعربتي التي خرجت بها باكرا حول جغرافية المنزل وما جاوره علي بعد شارعين رأيت جثة رجل رمت به الاقدار ليموت ولا يجد من يدفنه فعبثت به وباطرافه الكلاب والقطط وعندما رجعت للمنزل اخبرتني زَوجتي انها تريد الاطمئنان علي منازل بعض جاراتها فاسوضحتها فذكرت من بينهن احداهن فقلت لها امام احذري فأمام منزلها جثة ولن تقوي علي رؤية ذلك فلم تلقي لي بالا مسرعة متجاهلة تحذيري.. . فذهبت وعندما عادت لم تقل شيئا ولكن ظلت لثلاث ليالي لا تسطيع النوم ولا الاطمئنان في بيتها من هول ما رأت مما افسد علينا الاستقرار فرجعنا للقرية مسرعين... انها اهوال الحرب يا صديق....
| |

|
|
|
|
|
|
Re: من وحى الحروب ( قصص قصيرة ) (Re: ابو جهينة)
|
قبل الحدود ببضع تلالٍ ومنحدرات, انهمرت عليهم القذائف, فركض أولئك النازحون بصخب ٍ وخوف. أمسك الأب يد طفله, وهرولا مع العشرات في هذه الفوضى البشرية. القذائف قتلت بعضهم وجرحت بعضهم الآخر, لكن لا أحد انتبه لأحد في فوضى الرعب هذه. بعد أن اجتازوا الحدود تنفسوا الصعداء.. ثم مشوا نحو ذلك المخيم. باستثناء هذا الطفل الذي عندما تخطى الحدود نظر إلى يمينه, فلم يشاهد من كل والده إلا يده الممسك بها. تأمل الطفل مفزوعا يد والده المقطوعة, ضمها إلى صدره, ثم جلس على صخرةٍ جانب الأسلاك الشائكة. ابتسم ببلاهة وهو يمعن نظره في البعيد, منتظراً قدوم أشلاء والده, لتتحد مع يده هذه فتعيد تشكيله. تماماً.. مثلما كان يتشكّل (غرندايزر ) في ذلك المسلسل الكرتوني.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من وحى الحروب ( قصص قصيرة ) (Re: ابو جهينة)
|
كانت الحرب كعادتها اليومية, تمارس قذائفها هذه الليلة على مقربة ٍمن غرفته. لم يأبه أبداً لضجيج الانفجارات, وإنما ظلّ لساعات يتأمل بلا مبالاة هذا الغبار المتراكم منذ أشهر على أثاث غرفته, وهو يدخن بشراهة. شعر بالملل فالتقط علبة سردين, فتحها والتهمها ببطء عن غير شهية. عندما انتهى, أشعل سيجارة وعبّ منها بعمق. أثناء النصف الأول من سيجارته, كان يرمق بصمت علبة السردين الفارغة, على سطح طاولته. تخيلها التابوت المناسب لجثته, فابتسم ببلاهة. أثناء النصف الثاني من سيجارته, بدأت علبة السردين الفارغة تتأمله بصمت, فتخيلته الجثة المناسبة لفراغها الداخلي, عندئذٍ.. هي أيضاً, ابتسمت ببلاهة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
|