صنع الله ابراهيم.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-18-2025, 06:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-16-2025, 05:10 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صنع الله ابراهيم.

    05:10 PM May, 16 2025

    سودانيز اون لاين
    shaheen shaheen-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    كل يوم ، افتح هاتفى المحمول فى انتظار ان اجد خبر رحيلك.
    منذ ايام (تلك الرائحة) ، تعلقت بك.
    استاذ الرواية الوثائقية ، ما فهمت الغاز الوضع الطائفى المُحير فى لبنان الا على صفحات (بيروت .. بيروت).
    تعلمنا منك معنى الالتزام ، فى صمت ودون شو ، ودون ردح او تلميع طفولى ساذج على مواقع التواصل الاجتماعى.
    يوم ، أو اسبوع ، شهر ، سنة ؟ .. كم يستطيع الجسد النحيل ان يُقاوم كوكتيل الامرض وكسر الحوض ؟.
    اخر الرجال المحترمين انت ، سلامُ عليك سيدى وقُرة عيني وشيخى الجليل ، سلامُ عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا.
    رغم سنك المتقدم ، ورغم قانون الحياة الصارم ، صدقنى سوف أحزن لعالم بدون "صنع الله ابراهيم".






                  

05-16-2025, 06:57 PM

صديق مهدى على
<aصديق مهدى على
تاريخ التسجيل: 10-09-2009
مجموع المشاركات: 11389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: shaheen shaheen)

    خالص التعازي لكم
                  

05-18-2025, 04:37 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5604

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: صديق مهدى على)

    يا استاذ شاهين، الكلام دي ح يجر عليك متاعب!
    هسع الجماعة "الطيبين"،يجو يكفروك ساكت!
    يقولو ليك دى مدحة أولياء، ولا عزاء لروائي!
    كده، كده قصة دكتورة إحلام حسب الرسول مازالت فى مخيلتهم..!

    بس صراحة كلامك ده فيهو وفاء نادر، وعارف توصل المحبة بقلم راقى.
    تعازينا الحاره
                  

05-18-2025, 06:33 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: Mohamed Adam)

    هذا ليس رثاء.
    فما زال جسده يُعافر.
    هذا عربون محبة 💘 لشيخ الطريقة ، وصاحب المقام القادم ، واعتبار ما سيكون.
    وعندما يجد الدرويش ذات صباح خبر نعيه ، لن يملك الا ان يقول :-
    - اااااخ يا ابويا .. صنع الله مات.
    *
    على موقع (مؤسسة هنداوى) ، وهو من أهم مواقع تحميل الكتب دون قرصنة ، ستجدون كل أعماله متاحة.
    جاء من أقصى المدينة يسعى ، لكننا لم نعرف قدره وقامته.
                  

05-18-2025, 12:14 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: shaheen shaheen)

    تجاهل علاج قامة أدبية 🇪🇬

    - على مدار الأسبوع الماضي
    الروائي صنع الله إبراهيم
    اتحجز في مستشفى "معهد ناصر"،
    بعد إصابته بكسر في الحوض،
    بشكل خلاه يمر بحالة صحية حرجة تستدعي نقله لمستشفى متخصّص.

    - الوضع الخطر على الروائي الكبير دفع العديد من الكتّاب والمثقّفين لمناشدة حكومة مصطفى مدبولي للتدخّل وإنقاذه عبر تحمل تكلفة علاجه.

    - المقربون من الروائي بيقولوا إنه تعرض لكسر في مفصل الحوض أثّر على حركته بشكل أعاق بعض أجهزة الجسم، بالتزامن مع معاناته من نزيف بالمعدة، تسبّب في قرحات ودا اللي مخوف الأطباء من التدخل الجراحي في ظل تقدّمه بالعمر.

    - أُسرة صنع الله إبراهيم طلبت نقله لمستشفى أكثر رعاية صحية من الموجود فيها الآن، ودا كان مطلب مجموعة من الروائيين المصريين اللي طالبوا من الحكومة التدخّل العاجل لإنقاذ المثقف البارز، وعلى رأسهم الروائي إبراهيم عبد المجيد، والروائية رانيا أبو العينين، والروائي إبراهيم فرغلي، والروائي نعيم صبري، إلى جانب الشاعر فاروق جويدة

    **
    - صنع الله اللي بلغ من العمر ٨٧ سنة، اتعرض لأزمة صحية في مارس اللي فات وخضع للعلاج في مستشفى المقاولون العرب، بسبب معاناته من نزيف في المعدة بشكل أدى إلى انخفاض نسبة الهيموجلوبين في دمه، ووقتها خضع لمنظار عاجل للمعدة وتمّ نقله إلى وحدة رعاية الكبد.

    - وقتها أعلن وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو، متابعته الدقيقة لحالة صنع الله إبراهيم وأنه تواصل مع وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار، اللي وجّه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة للروائي، بما في ذلك تأمين فصيلة الدم النادرة المطلوبة.

    - كذلك صرح رئيس "اتحاد كتاب مصر" علاء عبد الهادي، بترتيب زيارة عاجلة لصنع الله، ومتابعة حالته ونفقات علاجه بالتنسيق مع إدارة المستشفى والجهات المعنية.

    - الاستجابات دي والزيارات المتكررة طيبة ومشكورة، لكن هل هي كافية؟ وهل من الصعب نقل الروائي لمستشفى أكثر تجهيزا وعلاجه على نفقة الدولة؟

    - من الصعب أننا نجد إجابة شافية عن الأسئلة دي لكننا متأكدين أنه على المؤسسات المعنية تحمل مسؤوليتها الكاملة في علاج الرموز الثقافية بالشكل الأمثل وإلا هيلحق بيها عار لا يمكن محوه إذا جرى شيء للروائي الكبير.

    - قبل قليل كتبت الشاعرة السورية هنادي زرقة أنها حين زارت مصر لم تزر الأهرامات ولا أي معلم حضاري مصري بل كان أول من فكرت بزيارته صنع الله إبراهيم، ودا بيقول إلى مدى فقدت مؤسساتنا الشعور بقيمة رموزنا الثقافية اللي يعرفها القاصي والداني.
    **
    - صنع الله إبراهيم بدأ إنتاجه الأدبي من ٥٨ سنة من أول ما نشر روايته "إنسان السد العالي" في 1967، ورواياته حظيت بانتشار غير عادي في العالم العربي كله، بما في ذلك "اللجنة" (1981) اللي أعادت إنتاج أجواء روايات الأديب العالمي فرانس كافكا، الكابوسية، و"بيروت بيروت" (1984) اللي حاكت أجواء الحرب الأهلية اللبنانية و"ذات" (1992) اللي رصدت بعمق وإتقان تحولات المجتمع المصري في فترة حرجة من تاريخه، و"وردة" (2000) اللي عرفتنا على ثورة ظفار بنضالاتها وتناقضاته ومشاهدها الإنسانية الشجية، و"أمريكانلي" (2013) وغيرها من الروايات اللي جمعت بين التخيل والتوثيق الصحفي والسيرة الذاتية المتقاطعة مع تاريخ مصر والعرب.

    - صنع الله إبراهيم صوت مهم وفارق في الحياة الثقافية المصرية، وبيمثل للبلد دي قيمة لا يمكن التعامل معها بالتجاهل، إذا البلد لم تفقد ذاكرتها حتى الآن ولا فقدت القدرة على التمييز وتقدير رموزها الأدبية.

    - الحكومة مسئولة بشكل تام تجاه الرموز الثقافية لمصر، وملزمة بإنقاذ مثقف وطني عاش حياته كلها من أجل رفعة البلد ونهوضها، والنخبة الثقافية مسئولة عن عنصر فاعل فيها، بالتكاتف لإنقاذه وإثارة الضجيج حتى لا نفقد أديبا لن يتكرر، والشعب كذلك مسئول عن مصير مثقف لطالما آمن بالشعب ودافع عنه بإخلاص استثنائي.

    - انقذوا صنع الله إبراهيم قبل فوات الأوان وتحملوا مسؤولياتكم تجاهه بجدية قبل ألا ينفع الندم.

    مجاميجو جادوليو
    ندى القصاص
                  

05-20-2025, 11:58 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: shaheen shaheen)

    محمود الورداني يكتب:
    صباح الخير ياصُنع الله
    أخبار الأدب ـ ١٨ مايو ٢٠٢٥
    طمأننا الكثيرون ومن بينهم الأصدقاء نادية الجندي ويحي وجدي وسيد محمود على صُنع الله، وأن عملية تغيير المفصل تمت بنجاح والحمد لله، وسيعود صنع الله كالعادة للعفرته والشقاوة، بعد أن تأكد من المحبة الغامرة التي أحيط بها من جانب من لايعرفونه على المستوى الشخصي أكثر ممن يعرفونه.
    السطور التالية تحية ومحبة لشخصه وأعماله الروائية والقصصية وترجماته وسائر كتبه، ودوره في حياتنا ككاتب وإنسان وصاحب موقف سياسي دافع عنه، ودفع الثمن كاملا من أجل اختياراته.
    عرفته مبكرا جدا، وأذكر أنني بعد شهور قليلة من صدور أخبار الأدب عام 1993 ذهبتُ إليه عندما كان يسكن في الطابق الخامس في بناية بلا مصعد،
    كانت تقع على أطراف مصر الجديدة، وأجريتُ معه حوارا طويلا وربما كان أطول حوار أجري معه. قرأت كل أعماله عدة مرات طبعا وأحببتُ أغلبها، ومن بينها رواياته الخلابة للفتيان، ولطالما عبّرتُ عن ذلك.
    محبتي لصنع الله بدأت قبل موقعة رفضه لجائزة ملتقى الرواية العربية عام 2003 بسنوات طويلة، وبالتحديد منذ قرأت " تلك الرائحة " في أوائل سبعينيات القرن الماضي لحُسن حظي طبعا.
    أود أن أشير إلى أمرين أساسيين يمكن أن أعتبرهما أهم ملامحه. الأول هو انفراده تقريبا بأنه لم يعمل مطلقا إلا ككاتب. فبعد خروجه من المعتقل عام 1964 حاولت السلطات إلحاقه بوظيفة إدارية تافهة في شركة ما، لكنه فضل الهروب منها. ومنذ تلك اللحظة لم يعمل إلا كاتبا فقط طوال حياته، وفضّل باختياره تلك الحياة المتقشفة ولم يندم يوما على اختياره.
    وحتى عندما سعت جائزة الملتقى إليه عام 2003 وكان يمكنه أن يشتري بقيمتها شقة محترمة ذات مصعد، ويستريح قليلا هو وزوجته من صعود الطوابق الخمسة، لكنه فضّل رفضها لأسباب محددة، وشكر أعضاء لجنة التحكيم واعتذر لهم كما يليق بكاتب محترم، ببساطة ودون ادعاء أو استعراض.
    ظل يكتب، ويعيش من الكتابة حرفيا، وأنجز إنجازا نادرا ومتفردا في الرواية العربية بعكوف وعزلة حافظ عليها، وأظن أنه من المعروف أن صُنع الله كان سعيدا بعزلته، بل ودافع عنها. رأيت مثلا مكتبته عندما زرته لإجراء الحوار في شقة مصر الجديدة. كان مستغرقا تماما في فوضى مرعبة من الكتب والصحف والدوريات. وحتى بعد تقاعده الذي تم باختياره أيضا. بقرار شخصي امتنع عن الكتابة، لكنه كان متابعا يقظا لما يصدر، وهو ماعرفته شخصيا في فترة كنا نتحدث فيها هاتفيا بانتظام.
    وهكذا عاش كاتبا وكاتبا فقط، وعمله كمدير لدار الثقافة الجديدة بعد رحيل الأستاذ محمد الجندي كان عملا تطوعيا اضطر لقبوله دون أجر.
    أما الأمر الثاني فهو هذا الاتساق والانسجام الكامل بين مواقفه وحياته الشخصية وبين كتابته.
    صُنع الله رجل مناضل وانضم في شبابه الباكر جدا للحركة الشيوعية، وأمضى خمس سنوات معتقلا في الواحات، وكان يشارك شهدي عطية الشافعي الذي قتل وهو يعذّب في قيده وهما يهبطان من عربة الترحيلات. وظل حتى الآن بعد أن تجاوز الثمانين محترما وأمينا لنفسه وللكتابة والحرية والعدل.
    صنع الله قيمة كبرى جدا في الحقيقة. قيمة ككاتب طليعي ويساري ومحترم في مواقفه وكان قادرا طوال الوقت على حماية نفسه والنأي بها واحتراف الكتابة.
    حمد الله على السلامة وصباح الخير..
                  

08-13-2025, 11:51 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: shaheen shaheen)

    ورحل اليوم صنع الله ابراهيم.
    نهاية حكاية عن السندباد
    بداية حكاية لناس ع الطريق.
                  

08-13-2025, 03:30 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صنع الله ابراهيم. (Re: shaheen shaheen)

    وداعا اليساري الأخير :-
    1
    روح هشة وعرة، مملوءة بالشك، عاشت سنوات بلا رحمة وكوابيس ضارية، أيامها متاهة وأحلامها لئيمة وطعامها خيبات وهزائم وانكسارات، يكره هوائنا الملوث بالغبار والاكاذيب ونجوم الظهرة التي لا نراها، ويعادي مؤسساتنا المكتظة بالغربان والذباب والتقارير السرية، جسده شوكة نخيل مصابة بالانهيارات والهزائم والمعتقلات، وشعره هبه ريح، ووجهه ساحة سوق وقت الظهيرة تعج بالموظفين والعمال والبائعين والمخبرين والمتسولين، وعينيه حقل ألغام، يحمل فوق أكتافه نجمة الفجر الشاردة ويرافق القلم كأنيس لا يخزله مطلقًا.
    أنه صنع الله إبراهيم؛ العظيم كالفلاسفة والنحيف كموظف والعميق كالتاريخ والساكن كصنارة صيد والقلق كمواطن في انتظار تأشيرة المرور.
    2
    لذا إذا أردنا أن نؤرخ لمصر في السبعون عامًا الماضية، فسوف نجد جزء كبير من هذا التاريخ متشابك مع تاريخ " صنع الله إبراهيم"، سواء على المستوي القومي أو المستوي الإنساني، فصنع الله جزء من نسيج ظل يغزله طوال حياته، معتنقًا أفكاره الخاصة، فهو وحده يعرف خلاص نفسه، يسير بدماغه، لا يملي عليه أحد شروطه، نادرًا أن تراه، ونادرًا أن تلتقي به في مطعم أو محطة اتوبيس أو ندوة أو قاعة مؤتمر، لكنه يعرفك ويراك ويفهمك ويقرأ أفكارك، ويستطيع أن يمهد لك القضبان التي تستطيع أن تسير عليها أو التي تسجن خلفها.
    وهناك سبب آخر – حسب رأيي – أحسبه ناتجا عن عامل نفسي أو شخصي، فالكاتب حين يكتب، فهو يتمنى ما لا يملكه، ويكمل ما ينقصه، ويفسر ما صعب عليه قوله بفمه، يتمنى عدلا ليس موجودًا، يتمنى قوة لا يمتلكها، يتمنى الخير رغم الشر السائد، وفي حال أستاذنا صُنع الله ابراهيم، والذي اشتهر بنحافته ونحول جسده، فقد وجد في الكتابة عزاءه وساحته التي يستطيع فيها خوض معركته، حيث يخلق لنفسه القوة التي يمتطي بها صهوة القلم للتعبير عما يجول في خاطره.
    3
    وأجمل ما في صنع الله إبراهيم إيمانه ومصاحبته لوعده النفسي والداخلي، بأن يصير كاتبًا ولا شيء غيره، هذا الإيمان جاء لأنه لن يستطيع أن يدخل معك في مبارزة كلامية أو جدال، فهذه ليست منطقته، منطقته التي يبدع وينطلق بها وتظهر قوته، هي الورقة البيضاء، فالكتابة هنا هي المعادل أو السيف الذي يستطيع إن يشهره في وجه الجميع، فإذا كان – ولا يزال- البعض يتحدثون عن الاسم الغريب أو الجسد النحيف له، لكنه على الورقة البيضاء يصير ماردًا، يتقافز بك هنا وهناك، يصنع شخصياته ويتحدث بألف لسان، يقول ما لا يستطيع به أن يرد على أحد، يخرج من جعبته تاريخ وطن ضخم وعظيم ساهم في صنعه ومرت أحداثه أمام عينيه، لذا فإن الكلمات التي يضعها على الورق، تصبح ذات ثقل وكثافة في عقل ووعي القاري، فمثلا في روايته أمريكانلي، هو يستطيع أن يمزق الاسم "أمر- كان- لله" أو تلك الدولة التي قام صنع الله إبراهيم بنفضها مثلما تنفض امرأة سجادة مزخرفة على سطح بيتها، لتظهر لنا الحقائق رغم كثرة الأكاذيب التي يطلقها الاعلام، عاكسًا الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الأمريكي، يبحث في عمقها وينبش تاريخها، ونشاهد ن خلال سطور الرواية التفاوت الطبقي والعرقي في دولة هي رئيسه العالم والتي تدعي الديمقراطية، فهذه ليست أمريكا التي نعرفها، يخرج لنا خلال تلك الرواية، أحشاءها، ويفردها كي تتعرض للهواء الطلق، ويتركنا كما بدء في حرية، أن نختار هذا الأرض أو نرفضها.
    وحتى لو أتضح بإن الموضوع يبدو مكررًا، لكنه يصبغ بأسلوب ونكهة "صنع الله إبراهيم"، الجمل القصيرة المخروطة داخل النص، والتي من صغرها وحدتها، تجعلك تخط أسفلها بالقلم الرصاص، لأنك تريد أن تحفظها أو تريد ان تقول كنت أريد أن أكتب هذا أو أقول كهذا.
    ونادرًا أن يفعل كاتب مع القارئ تلك العلاقة، المصادقة خلال الكتاب أو الرواية، ثم تركه لاتخاذ قراره، وهذه قدرة فذة أن يعيد تشكيل وعيك، لأن ما يقوله لك، هو وجه نظر هذا الرجل الذي عاش الحياة صامتًا، لكنه يستطيع أن يصرخ على الأوراق.
    4
    عوامل تكوين صنع الله إبراهيم الإنسان والديب ثلاثة أشياء، المعتقل وحب كبير لعبد الناصر، ثم نكسة وانفتاح وتشتت فاق قدرة وذهن هذا الرجل، وبالتالي كان يجب عليه أن يكتب، فالمعتقل الذي عاش فيه قرابه سبع سنوات، وأنا هنا أصمم على كلمة عاش، أي لم يكن زائرًا أو سائحًا لعدة أيام، بل عاش داخله، ولأن هذه الفترة كانت المعتقلات المصرية تزخر بعقلها الإبداعي والثقافي ومن جميع التيارات، لذا فقد تعلم هذا الشاب العشريني كثير من الأسس والمبادئ التي سار على نهجها، والضلع الثاني نكسة 67 تلك التي شرخته كما شرخت آخرون، وأصبحت مثل حفرة عميقة في وجدانه، فلا يستطيع الفكاك منها، وسوف نجد ملامحها في جميع رواياته وأحاديثه، بل أن النكسة سوف نجد أثارها على وجهه حتى الآن وكأنه لا يزال يبكي ما حدث، وبالطبع يأتي الضلع الثالث وهو الانفتاح وما رافقه سواء كان التصالح في كامب ديفيد مع العدو، أو سياسة السادات وما تبعه بعده وسار على نهجة – مبارك- في التصفية والخصخصة وخلافه.
    هذا هو المثلث الذي يتحرك فيها استاذنا "صنع الله إبراهيم" وسواء أصبح هذا المثلث حادًا أو منفرجًا أو قائمًا، لكنه في الختام مثلث، يتحرك فيه بأفكاره ومبادئه وأسلوبه، أسلوبه الذي يبدو فيه " مدرسة " خاصة به في السرد، فلا نستطيع أن نقول أنه أتبع مدرسة أو رافد لمدرسة، بل أن صنع الله إبراهيم مدرسة خاصة به، يوجد فيها الوثائقي ويوجد فيها الاجتماعي ويوجد فيها الاخباري والارشيفي والاجتماعي، ويوجد فيها " صنع الله إبراهيم " ذاته، تلك الذاتية التي سوف تصبح هي الرافد المميز له، تلك الذاتية العجائبية في السرد التي تتحدث عن القاهرة، قاهرة الموظفين والباعة والسائقين والإداريين والعساكر وأصحاب النفوذ، وقاهرة الطبقة المتوسطة التي سحقت وتفتت لتصبح تلك الهلاميات التي نراها في كل مكان حولنا، استطاع " صنع الله إبراهيم" أن يقبض عليها، ليوظفها في عدة روايات مثل " ذات " و" اللجنة" و" شرف" و " تلك الرائحة.
    فمثلا، في روايته " شرف" تلك التي يحلم فيها هذا الشاب بأن تصير له غرفه بمقده، وعندما يخرج ذات يوم ويلتقي بالخواخة الذي يريد أن يتحسس جسده ويمارس معه الجنس فيقوم " رف بقتله"، لتتحول غرفته التي حلم بها إلى غرفة في السجن، وبدخوله عالم السجن، يجد عالم آخر وحياة كبري وشخصيات لن تستطيع أن تراها في ي مكان آخر، وفي السجن لا يوجد شرف سواء كان بين سجنان ومسجون، أو سجين وسجين، كما لا يوجد متهم حقيقي من الكبار الذين تسببوا في كل تلك القضايا.
    5
    في روايته "اللجنة" وبطلها "سعيد" الذي يظهر ويختفي، يؤدي واجباته أو تعليمات اللجنة ثم يمتهن المهن ثم ينفذها أو يرفض أو يختفي، تلك التي لو دققنا فيها نجدها ممتلئة بالسخرية، سخرية موجعة لوطن عاش ثلاثون عامًا، تتحكم فيه لجنة لا أحد يعرف فيها أحد، بل هي مثل أله الاغريق، بائسة وتشعر بحرية الإنسان الذي خلقته وهي محاصرها في مقاعدها وأوامرها، وخلال ذلك نرى وطن ومواطن يتم امتهانه وضغطه وسحقه، لكنه يستطيع إن يعيش مجددًا، وهذا هو السر في هذه الرواية، ولم يكن رغم كثرة الأحداث والشخصيات إلا أن نراها بمنظور آخر غير هذه القسوة، والمرادف هنا هو السخرية من أنفسنا كما فعل صاحب الرواية، إنه يسخر من كل ما يحدث، لأنه نبهنا في أعمال سابقة، ولم نسمع أو نفهم الكلام.
    6
    في كتاب" إنسان السد العالي" سوف تجد الحلم القومي وتجد شباب يعيشون الحلم ويريدون ان يسجلوه، في لحظات، لأن العمل كان يتغير باستمرار، ورغم الحرارة الشديدة، ورغم قلة النقود وضيق الوقت استطاع مع مرافقيه "كمال القلش ورءوف مسعد" أن يقدما لنا تلك الشهادة عن "السد" والعمل فيه، فستجد الغبار وصوت الكراكات والباعة والتباعين والشغيلة وهدير الماء والديناميت والأجانب والمتعة، خلية نخل حقيقية في هذا الكتاب الصغير الحجم كبير القيمة، عن فترة مجد حقيقية عاشها هذا الشاب الصغير، رغم أنه كان يمكن أن يصبح أحد أعداء النظام الناصري – بسبب اعتقاله – لكن بداخل هذا الشاب – كاتب – يريد ان يرى بعيونه ويلمس بيديه قبل أن يضع بصمته على الورق.
    والملاحظ أن صنع الله إبراهيم عشق عبد الناصر الشخص وعشق كثير من أحلامه ومبادئه، لكنه أيضا لعنه وغضب منه وهاجمه، كما هاجمه كثير من كتّاب الستينيات في أعمالهم، لكن كما قلت – صنع الله - يكتب ما مر به، وما حدث له، فلا تمر عليه أي شيء أو وقد سجله في عقله، ويخرجه وقت إبداعه وسرده.
    إن صنع الله إبراهيم كاتب وثائقي تحليلي بامتياز، وهو ساهم في تطوير السرد العربي بتقنيته تلك، وظل مخلصا لها، كما نجد هذا في روايته " بيروت- بيروت" والتي تدور أحداثها حول الحرب الأهلية في لبنان، وهي رواية تحث على المقاومة، من خلال تقنية " صنع الله" الوثائقية.
    أن صنع الله ابراهيم مدين لوالده الحكاء الماهر لذا يكتب، ومدين لكل الذي رآه في المعتقل، لذا يكتب، ومدين للنكسة التي رآها وتشربها، ومدين إلى عبد الناصر الذي أحبه ولعنه، لكنه ظل بداخله رغما عنه، ومدين للإنسان المصري الذي لا يعي كثير مما يدور حوله، ومدين لتلك الأيام التي أحبها وفجأة لم يجدها أو تلاشت مثل انقشاع الضباب، فلم يكن أمامه الا الكتابة كإنقاذ ولم يكن أمامنا إلا الأعجاب لأن هذا الرجل كيساري مصري، جعلنا نرى أو نفهم معني أن نكون مصريين حقيقيين في زمن الخيبات العظيمة.
    (محمد محمد مستجاب)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de