السادة الأفاضل، *أصحاب الضمير الحي، حماة الحقيقة والعدالة، في ظلّ هذه اللحظة الفارقة من تاريخ أمتنا السودانية، حيث تتكاثر الخطابات المتناحرة وتتصاعد نبرة الاحتراب، نجد لزاماً علينا أن نقف وقفة جادّة أمام هذه السرديات المتناقضة التي تهدد بتمزيق النسيج الوطني. إن ما يُطرح اليوم تحت مسمّى "التحليل السياسي" ليس في كثير من الأحيان سوى خطاب تحريضي مسموم، يغذّي نار الفتنة بدلاً من إطفائها. القسم الأول- تفكيك الأساطير السياسية أسطورة الضحية الوحيدة إن محاولة تصوير أي طرف في هذا الصراع المعقّد كضحية بريئة هو تشويه صارخ للحقيقة. فالجيش السوداني - كمؤسسة حاكمة لعقود - لا يمكن اختزاله في صورة "المحاصر البريء"، وهو الذي قاد الحروب ويسيطر على الاقتصاد ويمتلك أدوات القوة كافة. خطاب الحيوانية السياسية إن استخدام مصطلحات مثل "الكلاب البرية" ليس مجرد زلة لسان، بل هو مؤشر على انهيار أخلاقيات الخطاب السياسي. إننا نرفض هذا التخاطب الذي يعيدنا إلى عصور الظلام، حيث كان الإنسان يُسقط إنسانية أخيه الإنسان تمهيداً لاستباحته. مفارقة القوة والضعف كيف يُدّعى أن جيشاً يمتلك ترسانة هائلة كان "عاجزاً" ثم أصبح فجأة قادراً على حسم المعارك؟ هذه التناقضات تكشف هشاشة السرديات المقدمة، وتؤكد أنها أقرب إلى البروباغندا منها إلى التحليل الموضوعي. القسم الثاني- قراءة في الجذور التاريخية تراكم الإخفاقات ليست الأزمة الراهنة وليدة لحظتها، بل هي حصاد مرير لسياسات متعاقبة فشلت في بناء دولة المواطنة. إن التمادي في تبسيط الصراع إلى "أخيار وأشرار" هو هروب من مواجهة الحقائق المؤلمة. ثقافة الإفلات من العقاب ما زلنا نعاني من غياب المحاسبة عن جرائم الماضي، مما شجّع على تكرار الانتهاكات. إن تصوير الجيش كمظلوم اليوم لا يمحو سجله في دارفور وقمع المتظاهرين، كما أن تجاوزات الخصوم لا تُبرّر بالانتهاكات السابقة. القسم الثالث - رؤية للمستقبل رفض منطق البندقية لقد أثبتت التجربة أن الحلول العسكرية تؤدي إلى دمار البنى التحتية وتمزّق النسيج الاجتماعي. إن طريق الخلاص يبدأ بإعلاء صوت العقل على صوت الرصاص.
إعادة بناء الثقة نحتاج إلى مصالحة وطنية حقيقية تقوم على - الاعتراف بالأخطاء - جبر الضرر -ضمانات عدم التكرار دور المجتمع الدولي نطالب المجتمع الدولي بـعد هذا دعم المسار السياسي لا العسكري
نرفض أي تدخل يزيد الأزمة تعقيداً مساندة مؤسسات العدالة الانتقالية
* كلمة أخيرة إلى الشعب السوداني أيها الأحباب، إن التاريخ لن يرحم من يواصل لعبة التضليل والتحريض. أمامنا خياران لا ثالث لهما إما الاستمرار في حلقة العنف المفرغة، أو اختيار طريق الحوار الجاد الذي يحفظ كرامة الجميع. إننا نؤمن أن السودان أكبر من كل خلاف، وأعظم من كل صراع. فلنعمل معاً من أجل غد أفضل، حيث يعلو صوت الحكمة على صوت التطرف، وتسود لغة الحوار على لغة السلاح.
Quote: إن التاريخ لن يرحم من يواصل لعبة التضليل والتحريض. أمامنا خياران لا ثالث لهما إما الاستمرار في حلقة العنف المفرغة، أو اختيار طريق الحوار الجاد الذي يحفظ كرامة الجميع.
03-27-2025, 07:33 PM
Hafiz Bashir Hafiz Bashir
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 8183
Quote: أسطورة الضحية الوحيدة إن محاولة تصوير أي طرف في هذا الصراع المعقّد كضحية بريئة هو تشويه صارخ للحقيقة.
استبشرت خير بهذه الجملة في المقدمة، إذا أنها توحي بأن النداء سيخرجنا من الرؤى الأحادي إلى وؤية شاملة لجذور المشكلات السودانية والفشل الذي اوصلنا للإحتراب.
ولكني أحبطت تماماً بتناول عندما وجدت النداء يكرس لنظور ضيق جداً يختزل كل المشكلة في الجيش السوداني.
بالتأكيد مثل هذا الاختزال لا يمكن أن يكون افتتاحية لحوار جاد. ولا يمكن أن ينتج شئ غير مزيد من الفشل السياسي وعلو صوت البندقية.
03-27-2025, 08:20 PM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39363
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة