غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 11:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-15-2025, 08:50 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م

    07:50 PM January, 15 2025

    سودانيز اون لاين
    Abuelgassim Gor-السودان- الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر



    رواية غارارآم للكاتب السودانى العباس على يحيى
    مقاربة : الواقعية الصادمة
    ابوالقاسم قور

    " مجتمع يغارف افراده أبغض الحرام الى الله دون أدنى مبررات ويعيبون على ممارستى أبغض الحلال اليه رغم قوة مبرارتى" نادية فى رواية وجهان للحياة ص 7
    مقدمة :
    ليس هناك شيئ أكثر تعقيداً و عواصة من البحث عن معنى منطقى للأثر الابداعى. مطاردة المعانى هى ماذق الانسان فى الحياة . يقول الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر فى هذا الصدد الانسان مطارد للمعتى ‘stalkers of meaning’ ، والحقيقة القاطعة ان المعانى هى التى تقودنا الى الاجابة الصحيحية عن السؤال (ما هذا الشيئ ؟ ).
    يزداد هذا التعقيد خاصة فى عالم الابداع ، والآثار الفنية الابداعية من شعر و قصة ومسرح ,,,الخ لقد ظل سؤال وظيقة الفن محور بحث النقاد منذ ارسطوطاليس فى القرن الثالث قبل الميلاد.
    بالطبع لقد ترددت كثيراً قبل ان اقدم على هذه المقاربة ، ذلك لاسباب مختلفة ومتعددة ومتنوعة ، أكثرها شدة ما يعتور النقد كضرب من اضرب الابداع من حالات بؤس وتسيب تاريخى حتى صار مهنة من لا مهنة له ، وما به من كلفة لا تتناسب وزماننا السودانى هذا ، الذى لم يعد السؤال عن معنى الاشياء هو الاصل فى حياتنا اليومية ، بل تجاوزة الى السؤال عن حقيقة وجود الاشياء؟
    لا يمار احد فى ما يعانيه المشهد الثقافى فى السودان من ازمة وجودية ، ولكأننا نتحرك من العدم الى العبث ، بالطبع قد افسدت السياسة ذلك المكان الذى يسمى السودان. فكانت النتيجة ان تصبح الحالة الثقافية هى مجموع الاحباط الخطاب اليومى كمتولد للحالة السودانية عامة.
    مفهوم الواقعية :
    لما كانت هذه المقاربة بعنوان الواقعية الصادمة لدى الروائى السودانى العباس على يحيى، يستوجب على الباحث تعريف الواقعية عامة فى تلخيص غير مخل ، ثم البحث عن الصدمة ثانياً. تعتبر كتابات الفيلسوف أوجست كونت صاحب الفلسفة الوضعية Positivism من أهم الآثار الفكرية التي ساعدت في تطوير الواقعية ( Realism) عامة وفى الادب على وجه الخصوص بأوربا . دعى كونت إلى أن يكون علم الاجتماع أعلا أنواع المعرفة ويجب تسخير كافة انواع المعرفة في خدمة المجتمع ، والسبيل إلى هذه الخدمة لا يتأتي إلا عن طريق الملاحظة والتجربة ، بحيث يستطيع الإنسان أن يري العلاقات بين الأحداث المختلفة التي تحدث في المجتمع كعلاقات سبب ونتيجة.
    اتخذت الفلسفة الوضعية المجتمع موضوعاً للتجربة الأدبية وأصبحت قضايا المجتمع هي عناصر البحث الأدبي والأثار الفنية. وهو اتجاه جاري فيه الأدب الاتجاه نحو المعرفة العلمية التي اعتمدت على التجربة في العلوم التطبيقية المخلفة والمتعددة. كما كان لظهور نظرية داروين المعروفة بـ (اصل الأجناس ) دور كبير في دعم الفلسفة الوضعية .ولقد ظهرت الواقعية فى الادب المسرحى الاوربى باكراً بعد الرومانسية و تقول فى ذلك البروفسير فيليس هارتونيل في تعريفها للواقعية في المسرح"مسرحية جيدة الصنع ظهرت عند نهاية القرن التاسع عشر وأتجه فيها التمثيل إلى قضايا ومشاكل ذلك القرن من حيث الحوار والمواقف". وغنى عن القول ذكر كل من مؤسسى تيار الواقعية كالايرلندى جورج برنارد شو ، والنرويجى هنريك ابسن ، والروسى انطوان تشيخوق.
    الواقعية الصادمة :
    تتبدى الواقعية الصادمة فى روايات الكاتب السودانى العباس على يحيى فى خدعة يتوسل البها بمحاورة الوقائع الطبيعية ، بلغة يومية عادية مليئة بالتفاصيل المملة، وهو مستوى اول مم القراءة لا يعطى انطباع ايجابى لقاريئ هذا الزمان العجول، ثم ينتقل الكاتب الى خدعة أخرى فى مستوى ثان من السرد لاقتناص واقعة أخلاقية قيمية متسامية ، ولا يتوانى فى ذلك حتى ان كانت تلك الواقعة (تابوية ) كالجنس مثلاً، ثم ينقض فجأة فى المستوى الثالث للكشف لنا الى أى مدى أصبحتتلك الممارسة القيمية مسألة طبيعية منتشرة ومنسربة فى بنية المجتمع السودانى ، بل يذهب الي تكثيف الصدمة لدى القاريئ باسقاط اقنعة المجتمع وزيفه عندما يثبت الكاتب الى أى مدى قد تواثق افراد المجتمع على هذه الممارسة وكانها عقد اجتماعى ، بل يستطيع القاريئ احساس توتر الحياة طيلة تنامى النص بذنب الاتفاق على غياب الحقيقة التى يعمل الكاتب على بعثرتها....فنقف حيارى امام حيلة الكاتب خلف ستار البساطة وهو يواجه المسكوت عنه بجسارة ...وهكذا يتحول الكاتب العباس على يحيى الى جراهام قرين السودان ...وساعود لاحقا الى وجهة الشبه بين الإنجليزى الكاثوليكى الملحد جراهام جرين والروائى السودانى العباس على يحيى.
    قصة رواية غارُآرام :
    تقع رواية غارارام للروائى السودانى العباس على يحيى فى اثنين وخمسين وخمسمائة صفحة من الحجم المتوسط ، وهى من منشورات دار مسارب للنشر والتوزيع لعاعام ٢.٢١م. هذه رواية واقعية مم الطراز الأول ، تدور احداثها حول قصة قد تحدث وقائعها فى كل زمان أو مكان ، ولا يكاد يخلو مجتمع ما من وقوع مثل أحداث رواية غار أرام. بل ربما اذا نظرنا الى أحداث الرواية من منظور آخر غير تراثنا العربى الاسلامى ، وأكثر دقة بعيدا عن القيم السودانية ، على سبيل المثال من منظور غربى تعتبر عقدة الرواية التى ارتكز عليها الكاتب شيئ طبيعى ، أو بالأحرى فلنقل هو النموذج الاخلاقى .
    (بعد قصة حب بين الشاب كمال والطالبة منازال أنجبا بنت سفاح سٌميت آرام وهو اسم للذكر والانثى، ساعدتها صديقتها فى التخفي بمنزلها الى ان أنجبت الطفلة وبمعاونة إحدى صديقات بعد تأجير شقة خاصة لذلك ، تم حمل المولودة الى دار الحنان، التى تم تخصيصها للأطفال مجهولى السند . بعد هذا الحادث ترك كمال السودان الى فرنسا فرارأً من العيب ، حيث درس اللغة الفرنسية وعادت منازل الى مواصلة الدراسة بالجامعة بعد فترة وجيزة .علم اخ منازل بالحادث فما كان منه إلا أن غادر السودان الى أميركا فراراً من العيب.ثم يعود كمال ، الى السودان بعد نيله شهادة رفيعة ليتزوج منازل ْو يعيدا آرام الى حضنهما. تتطور الأحداث ليحظى كمال بوظيفة فى السفارة الفرنسية بالمملكة العربية السعودية كمترجم .تنشأ آرام فى حضن والديها بين اخوانها .وبينما كان كمال يقود سيارته فى إحدى المهام يتعرض لحادث أدى إلى وفاته فى الحال .الوصية التى تركها كمال تشير الى نصيب الابنة آرام .مما ابعد خطة وهيبة التى عملت على إفساد ترتيبات زواج ارام من مهيار ، ذلك بعد تسريبها قصة آرام كابنة سفاح حتى يحظى بها ابنها).
    هذا موجز مبسط عن أحداث رواية غارارام . لكن مالذى يجعل من هذه الرواية ذات أهمية وهى تبدو عادية جدا ؟ ذلك هو سؤال النقد، انه سؤال هام ، وبالغ التعقيد ، لأنه يبحث عن المعنى ، معنى رواية غارآرام، ...معنى الأثر الإبداعي غار ارام . لماذا هذه الرواية بالذات ؟
    بالطبع كانت رحلة البحث مكلفة ، وباهظة ، وشاقة ، مما يستدعي مراجعات خاصة فى روايات أخرى للكاتب، مثل رواية على حافة الهلاك ووجهان للحياة والموت ، لاكتشاف الخط الدقيق الذى يؤسس ما يسمى المقدمة المنطقية لهذه المثاربة .
    هذه مقاربة نقدية بعنوان (الواقعية الصادمة عند الكاتب العباس على يحيى ).تهدف الى مقاربة أوسع نطاقا للمشهد الاجتماعى السودانى عبر الآثار الإبداعية ، أى ان الباحث يفتح فضاء المقاربة على المشهد الاجتماعي – الثقاى السودانى . بالطبع لا يوجد ما يٌسمى بالواقعية الصادمة فى النقد ، لكن تلك هى الفرضية التى تسعى الدراسة لمقاربتها اىاَ كانت النتيجة .
    نشوء العقد الاجتماعى فى روايتى غارام و على حافة الهلاك :
    الكاتب السودانى العباس على يحيى يمتاز بجهاز رصد حساس ، ومقدرة على حشد التفاصيل ...بل تفاصيل التفاصيل ، فقط ليجد التبريرات الأخلاقية لتغطية العقود الاجتماعية بين شخوصة لسرد قد يبدو عادياً.فيظهر نشوء هذه العقود ، لتغطية حالة اجتماعية أو ما نطلق عليه فى السودان اسم ( العيب /الفضيحة ) .شخوص تتعاقد لإخفاء وتتآمر على شرعنة الفضيحة ، تلك الشخوص موزعه بين اشخاص عادية ، وأثرياء ، وفقراء ، ونبلاء ، قوادين وقوادات نبلاء ، وتجار غسل الأموال، وساسة فاسدين وعهرة وداعرات، وعلاميين مأجورين.
    تنشأ العلاقة لإخفاء الفضيحة...بمفهوم السترة ، اذاً هذا كاتب ساخر ، بواقعية صادمة ، السُترة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ...هذه الشرعية القيمية الدينية هى محل الفعل الإبداعي والنقد الساخر للكاتب.فهو ما يكتشفه الباحث عكس ما يطفو على سطح الرواية ، كاتب ساخر مسقط لاقنعة المجتمع ، هذه رواية فاضحة للمجتمع السودانى ، قال فيها الكاتب كل شيئ . ولان لم يجد الروائى العباس حظه من الدراسات النقدية ذلك فقط لمفدرته فى التخقى خلف سطوره .
    نشأ عقد السترة عندما تواثقت الداية الرضية التى تعمل بدار الحنان للأطفال مجهولى الأبوين مع نادية صديقة منازل ، ذلك لتأجير شقة خاصة ترتحل فيها الرضية حتى تقوم بتوليد منازل بعيدا عن أعين الناس. تواثقت اطراف عديدة لتقوم بهذه المهمة ، و ساعد كل طرف فى المهمة ، فبينما قام كمال بتوفير المال اللازم لذلك ، قام صديقه جاسر بتوصيل المال الى منازل ، وقام السمسار وزوج الرضية بالبحث عن الشقة بالقرب من دار الحنان...وهكذا تتسع ( المداراة) ..لكن الكاتب لايخبر سرديا عن إخفاء جريمة بل يفيض فى واقعية نشؤ العقد حتى يبدو طبيعيا ان يقوم المجتمع بذلك تحدياً للبنية الفوقية السودانية انظر مثلا كيف استطاعت الداية الرضية تؤسس الى عملية نقلها الى دار الحنان فقط لتستقبل مولدة منازل تقول لمدير المستشفى "سبق أن تم نقلى الى المركز الصحى دار الحنان الخاص بالأطفال مفقودى السند.، وانا يومئذ لم اعترض على النقلْْ لكن ظروف امتحانات أبنائى كانت هى الحائل دون النقل.بجانب الاحتمال اللحاق بزوجى الذى يعمل بالخارج والآن خلصت أبنائى امتخاناتم كما أن فكرة سفرى ما عادت موجودة وعليه فأنا مستعدة لتنفيذ النقل وقتما طلب منى ذلك " نص قوى ، يحمل كل التبريرات ، ...بالطبع الأمر مقنع...مقنع لقيمنا ...مقنع لبنيتنا الشعورية الأخلاقية كما يرى ريموند وليامز فى مفهوم (بنية الشعور ).هكذا ينجح الكاتب فى توريط القاريئ ...ببساطة ماذا لو رفض مدير المستشفى لكنه ينصاع لها باطراء .
    وفى رواية على حافة الهلاك استطاع الكاتب الذهاب إلى اعمق من ذلك حيث أسس منتدى للعقد الاجتماعى بين بعض المطلقات، ويتيح لهن فرص التداعى الحر وسرد تجاربهن ، تقول وفاء "....وعليه فالطلاق افضل فى مثل حالتي تلك ...صحيح تماما بعد أن أصبحت مطلقة ْ تعرضت لصنوف من المضايقات وضغوط المجتمع ، ولكن اعزى كل ذلك الى ضعفنا نحن المطلقات ، فإذا تعاملنا مع تلك المواقف بصلابة وصرامة ، واحسسنا ان لنا كرامة وصناها، فإننا سنجبر المجتمع على انزالنا المنزلة التى تليق بنا ....واذا ما انكسرنا فى وجه سيل الضغوط ، واستجبنا للمضايقات، ستجد أنفسنا مضطرات، لنعيش تلك الحياة المزدوجة ، التى ذكرتها وفاء " ص ٤٧
    نشوء التعاقد فى رواية على حافة الهلاك :
    ولا يتوانى الكاتب فى الذهاب إلى أبعد عن ذلك فى توريطه واسقاطه لأقنعة المجتمع والحياة المزدوجة والخيانة الزوجية فيقول فى ص ٨٢ من رواية على حافة الهلاك على لسان ناهد التى اخترعت وسيلة للقاء حبيبها تقول ( أعملت عقلى فهدانى تفكيرى إلى مخرج ،فقمت باخطار زوجى بفكرة ان اعد افطارا ،ونذهب به إلى والدتى ، فوافق على الفكرة ،وبعد فراغى من اعداده ، تظاهرت بمغص حاد ولزمت السرير ،وطلبت منه ان يحمله إلى منزل امى ، وتناوله معها ،شريطة الا يقلقها بظرفى الصحى ويعتذر لها بأن إحدى زميلاتي قد زارتنى بصورة مفاجأة...فعاقت حضورى بصحبته ...حمل زوجى الأفطار ووضعه فى سيارته ، ثم عاد وودعنى داعيا لى بوشيك الشفاء ،وفور مغادرته اتصلت على حبيبى، فأتى فى لمح البصر ، فابحرنا فى بحور السعادة تلك التى لم تجف مناهلها الا عندما اتصل زوجى ليطمئن على" ..وبحور السعادة هنا بمعنى ممارسة الجنس! هذه زوجة سودانية تتحدث عن الخيانة الزوجية والمعاشرة الجنسية مع عشيقها ، ولا يتوانى الكاتب فى ذلك ، ولا يرف له جفن ، والادهى من ذلك يتقبل القاريئ الامر دون اعتراض ، بعد ان ابتلع طُعم العقد الاجتماعى المتمثل فى حفل المطلقات الراتب ....
    ويواصل الكاتب فى فضح الخيانة الزوجية عندما تحدثنا مايسة عن تجربة مثيرة مع عشيقها الذى ظلت تقابله إبان غياب زوجها فى تسفاره الكثير ، لكن فى مرة من المرات ، كان من المتوقع سفر زوجها صباحا ، وسفر عشيقها ليلا فى ذات اليوم فودعت زوجها بكل شوق نهاراً ثم عادت لتعد المنزل للعشيق الذى حضر بسرعة البرق ليلاً لكن ما ان دخلا فى حالة الحب (الجنس ) حتى ازداد الطرق على الباب لتجد زوجها امامها بعد ان تم الغاء الرحلة "
    هذا كاتب جريئ انظر ص ١٦٦ ، لم يدع للمجتمع السودانى مسكوتاً الا كشفه ، وهو يصف بيت الدعارة " نظر الرجل الذى كان يجلس على كرسي الخيزران أمام الباب الى ساعته واعتدل وقال بصوته الذى لا يخطاة جل الواقفين :بالله كل شخص يلزم مكانه بهدوء .وإنشاء الله كلكم ستقضون وطركم...وأشار الى الأربعة الأوائل بالدخول ثم فتح الباب وهم يكادون يطيرون من فرط فرحهم .وقف الناس مشدودين نحو الباب بانظارهم، وجمر الانتظار يحرق قلوبهم بلا رافة فلم تمض سوى دقائق معدودات خالوها دهورا ، حتى خرج الأربعة وهم يسيرون بخطى متكاسلة"...النص ساخر وصادم فالرجل الذى يجلس على كرسى الحيزران هو القواد ، أما الصف فهو صف بين الدعارة. لم يقف الكاتب عن هذا الحد من السخرية والكوميديا الصادمة عندما تقع مشاداة بين بعض الرجال فى صف الدعارة و القواد انظر "ظهرت همهمات بين الصفوف توحى ببعض الامتعاض ربما كانت نذير اخلال بالنظام ، فاستفسرهم ذلك الرجل ، عن دواعى تلك الجلبة ، فتطوع احدهم قائلاً : الخميس الماضى والايام التى سبقته ، كانت الدفهة مؤلفة من خمسة ، فلماذا تقلصت الى اربعة ؟ فاجابه الرجل أنتم ليست لديكم أخوات ولا زوجات ؟ الخامسة لديها اليوم عذر!!بالطبع يعنى الداعرة الخامسة ممايدل اان المنزل به خمس داعارات . ويواصل فى سخريته عندما يكشف الكاتب عن الفساد فى صفوف الدعارة ويقول "وعاد الهدوء الى الصف وتوالى الدخول والخروج ، فلم يعكر صفاء المصطفين الا تلك العربة الفارهة التى وقفت بالقرب من الباب وترجل منها شخص تبدو عليه النعمة ، وما ان رأه الرجل حتى حياه مبتسماً وداعبه ككلب لاح له من يغدق عليه العطاء ، ثم فتح الباب امام دهشة الحاضرين" هذا بالطبع قاد الى شجار تلقى فيها الرجل المنعم الضرب لكن اهم ما فى الامر قال احد المصطفين امام بيت الدعارة (لقد ادمنتم المخسوبية والفساد ونهبتم البلد ورغم ذلك لم نتعرض لكم ، واليوم تحاولون نقل الفساد والمحسوبية الى هذه البيوت التى تعودنا فيها العدالة والمساواة" . الى هذا الحد يقمع الكاتب المؤسسة السياسية الفاسدة ، فقد اسستشرى الفساد وعم كل مكان ، هناك مكان واحد يمكنك ان تجد فيه المساواة والعدالة والحرية والسلام وهو بيت الدعارة. خارج هذا البيت ال توجد حرية ولا عدالة ولا مساواة ... وهل تبقى لوجه المجتمع من بضعة لحم ؟ . رواية على حافة الهلاك هى المدخل لفهم رواية غارآرام .تشرا اول مرة عام 2015م.
    وفى رواية وجهان للحياة والموت منذ اللحظة الاولى يصب الكاتب جحيم غضبه على المجتمع حيث تقول المطلقة فاتن " مجتمع يغارف افراده أبغض الحرام الى الله دون أدنى مبررات ويعيبون على ممارستى أبغض الحلال اليه رغم قوة مبرارتى"٧
    "تواسيها وداد واصفة الرجال بالذئاب.فهم لا يتوانون فى اغرائها إبان غياب زوجها حتى تقول "فما جنحت الشمس نحو غيابها وجن عليهم الليل إلا وخلعوا ثياب البشر و أرادوا ثياب الذئاب وتخلقوا بأخلاقها لكن تبا لهم .عشم ابليس فى الجنة"
    بل تصف فاتن الرجال :( كلهم اولاد حرام ).
    السرد فى رواية غارآرام :
    تمتاز الرواية بلغة سهلة بسيطة واضحة،وهو الاسلوب المتبع فى كافة روايات الكاتب العباس على يحيى، اسلوب يبعد كثيرا من الواقعية السحرية ، والشاعرية ، أو التعبيرية. اسلوب الرواية خادع ، اذ فى الغالب ما يعتقد القاريئ للرواية من الوهلة الاولى انه وقع فى شباك رواية لاحد الروائيين الذين سودوا الاوراق بحبرهم فصارات روايتهم لا تساوى ثمن حبرهم,من الافضل لمثل هؤلاء ان يعرضوا عن هذا ، لان فن الرواية هو الجنس الابداعى الذى تنامى ، بل اشتار حتى اصبحت الرواية مجموع الفنون الادبية. رواية غار آرام تحتاج لصبر من القاريئ ليكتشف بتؤدة اسلوب القاريئ القائم على التفاصيل الدقيقة.انظر البداية "الوقت ليل ، الساعة تجاوزت العاشرة ببضع دقائق ، اوقف كمال سيارته الفارهة بهدوء، فترجلت منها منازل ، وسارت تتبعها نادية ، على بعد بضعة أمتار ، تلفتت نادية يمنة ويسرة كحارس مرمى هم بتمرير الكرة لأحد زملائه" . هذه الاسماء السودانية المألوفة كمال ، نادية ومنازل تكثف من واقعية الرواية ، لكن يظل السؤال من هم ؟ الرواية لم تبدأ بوصف المكان، وبناء الشخصيات كما هو فى الواقعية ، لكن تقرك ذلك لتفسخ الأحداث ، حتى نتعرف على الشخصيات عن قرب ، اذ لا زال كل من كمال ونادية ومنازل مجهولين لدى القاريئ ، بالطبع هذه البداية غير تفليدية.يوظف الكاتب اسلوب الفلاش باك ، ليفصح عن هذا الموقف وعن الثلاث شخصيات ، يعود بنا عبر تداعى احد شخوصه لنعرف كمال ومنازل هما من ارتكبا الخطيئة ام نادية هى صديقة منازل، ثم تتفسخ الاحداث ان المشهد امام عيادة الدكتور مهاب ، الذى وقع عليه الاختيار فى هذه المرة للقيام بعملية اجهاض الجنين بعد محاولتين سابقتين فاشلتين.لكن فى نحو احى عشر صفحة ظل الكاتب يكثف التفاصيل ، هذا كاتب سودانى يتحدث فى رواياته عن اطباق الطعام ، ومواعيد الوجبات ، وانواع المعاليق ....بالطبع ينتمى الكاتب الى طبفة البرجوازية من افندية ، على الرغم من نشئته القروية. انظر هذه التفاصيل الواقعية ص 23 " الساعة العاشرة الا بضع دقائق ، الليل بسط سطونه على شارع الحوادث ، الذى سرت فى اوصاله موجة من الهدوء،باستثناء بعض الصيدليات ، والتى طفق يتردد عليها بعض المرافقين ، بحثا عن دواء تادر استعصى العثور عليه وبعض المعامل التى بدت مجتهدة لتسليم النتائج التى تستغرق زمناً اطول".
    الجدير بالذكر قد فر كمال الى فرنسا ذلك اليوم بعد ان ساعدته الظروف التسنط لمحادثة بين شخص واحد رجال امن المجتمع وهو داخل الحمام فتأكد له ان هناك كمين فما كان منه الا ان امر نادية ومنازل بالخروج وان بتبعانه باسرع وقت هكذا نجوا من الوقوع فى الفخ"...دخل كمال الحمام واشعل سيجارة، بدد نشوتها القلق الذى فتك بقلبه ، ,اخذ يسترق السمع ، من فتحة مروحة الشفط ،فتابع محادثة موظف الاستقبال ، وهو يبلغ ضابط امن المجتمع وهى الوحدة التى ينتمى اليها، بالجريمة الوشيكة،...فهرع كمال على عجل وحث منازل ونادية بان تتبعاه" ص24.










                  

01-15-2025, 09:04 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م (Re: Abuelgassim Gor)

    مرحبا د. قاسم
    إستهلال لعودة جميلة إن شاء الله
    سعيد بعودتك بعد غيبة
                  

01-15-2025, 09:13 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م (Re: حيدر حسن ميرغني)

    تحية واحترام .عاصف الحب والتقدير
                  

01-15-2025, 09:59 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م (Re: Abuelgassim Gor)



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، د. أبوالقاسم قور،

    يسرني أن أرحب بكم أجمل ترحيب لعودتكم الميمونة للكتابة في المنبر العام، وأتمنى أن تكون هذه العودة محفوفة بالإبداع، ومفعمة بالأفكار النيّرة التي طالما أغنت هذا الفضاء الثقافي. حضوركم يضيف زخماً مميزاً لنقاشاتنا، ويعيد إلى المنبر دفء الحوار البناء الذي نفتقده كثيراً.

    اسمح لي أن أقدم نفسي، أنا زهير عثمان، صحافي سوداني شغوف بالكلمة، عملتُ لفترة في مسارح لندن نجاراً يصنع خشبة المسرح التي تحمل العروض وتبرز الإبداع، وهو ما ألهمني أن أُمعن النظر في فكرة البناء – سواء كان بناء الكلمة، أو بناء الفكرة، أو حتى بناء الجسور بين الثقافات.

    رؤيتي لرواية "غارارام" للكاتب العباس علي يحيى
    بما أنكم عائدون إلى الساحة، أود أن أشارككم رؤيتي عن رواية "غارارام" التي قد تكون إحدى علامات الإبداع الأدبي السوداني الحديث. الرواية تحفر عميقاً في النفس البشرية، متنقلة بين مشاعر الألم والخلاص في سياق يتشابك فيه التاريخ مع الخيال. أبدع العباس علي يحيى في خلق عوالم متداخلة، حيث تتصاعد الأحداث في مشهدية مدهشة تجمع بين الرمزية والفعل المباشر.

    ما لفت نظري في "غارارام" هو السرد المتشعب واللغة التي تسافر بين البساطة والعمق، إذ تترك للقارئ مساحة للتأمل دون أن تغفل عن إحكام العقدة الروائية. إنها رواية تختزل مأساة الإنسان السوداني في ظل التحولات الكبرى، حيث تبدو غارارام رمزاً لتلك المساحات الضائعة بين الماضي والمستقبل.

    دعوة للتثاقف
    وجودكم هنا، دكتور قور، هو فرصة لنثر بذور التثاقف بيننا. أؤمن بأن الحوار بين الأقلام المختلفة يثري الفضاء الفكري، ويخلق توازناً بين التجارب. أرجو أن تكون كتاباتكم القادمة مصدراً للإلهام، وأن تسمح لنا بمواكبة رؤيتكم حول قضايا الأدب والمجتمع والفكر.

    ختاماً، أهلاً بعودتكم التي أضاءت المنبر من جديد. آمل أن نقرأ لكم قريباً، وأن نتشارك حوارات معمقة تسهم في صقل معارفنا وتعزيز وعينا الثقافي.

    مع أطيب التحايا،
    زهير عثمان



    دراسة نقدية لرواية "غارارام" للكاتب العباس علي يحيى: قراءة فلسفية مغايرة لمقاربة "الواقعية الصادمة"
    مدخل: الفعل الإبداعي ومعنى الحقيقية
    يتفق جان بول سارتر مع فكرة أن الإنسان "مطارد للمعنى"، لكن الفعل الإبداعي يتجاوز المطاردة إلى ابتكار معانٍ جديدة. إذا كانت مقاربة "الواقعية الصادمة" تفترض أن الكاتب يُعري المجتمع عبر فضح الممارسات والتابوهات، فإننا هنا نقترح قراءة مغايرة ترى في رواية "غارارام" تجربة فلسفية تسعى إلى مساءلة بنيات القيم ذاتها، لا فقط فضحها أو انتقادها.

    الكاتب، في هذا السياق، لا يكتفي بعرض التفاصيل الواقعية وإنما يحاول تفكيك العلاقات الاجتماعية وتجريدها من الشرعيات التقليدية التي تستمد منها وجودها. إنها محاولة جريئة لإعادة صياغة مفهوم "العقد الاجتماعي"، ولكن ليس وفق الأسس الطوباوية كما تصورها روسو، بل وفق ديناميكيات العار والقيم المزدوجة التي تسكن المجتمعات السودانية والعالمية.

    إشكالية "العقد الاجتماعي" بين الواقع والأسطورة
    تقدم الرواية فكرة نشوء عقد اجتماعي غير رسمي يتمحور حول "السترة"، كآلية للتعامل مع الأزمات الأخلاقية داخل المجتمع السوداني. ومع ذلك، فإن هذا العقد ليس بريئًا أو طبيعيًا، بل يتسم بطابع خفي يدعم استمرارية النفاق الاجتماعي.
    لكن، هل يمكن النظر إلى هذا العقد باعتباره مجرد وسيلة للإخفاء؟ أم أنه يُعبّر عن شكل جديد من التفاوض على المعايير الأخلاقية داخل مجتمع يعيش حالة اغتراب عن قيمه المعلنة؟

    هنا يُمكننا أن نرى أن "غارارام" لا تكتفي بتقديم الواقع كما هو؛ بل تحاول كشف العلاقة الجدلية بين القيم المعلنة والتطبيق الفعلي لها في الحياة اليومية. فالكاتب يضع القارئ أمام تساؤل وجودي: هل القيم هي جوهر ثابت أم أنها مجرد أدوات مرنة تتشكل حسب الحاجة؟

    اللغة والتفاصيل: هل البساطة هي الخديعة؟
    أشار التحليل إلى أن لغة الكاتب تبدو "يومية وعادية" لكنها تُخفي مستويات عميقة من السرد. هذا التوصيف ينطوي على تصور تقليدي يرى أن النص الأدبي ينجح عندما يُخفي المعنى وراء واجهة بسيطة. ولكن ماذا لو كانت هذه اللغة البسيطة نفسها تعبيرًا عن فلسفة سردية تُعيد تعريف وظيفة الأدب؟

    في رواية "غارارام"، تكمن القوة في قدرتها على استغلال البساطة لخلق انحراف دقيق عن المألوف. فالتفاصيل ليست مجرد عناصر للحبكة، بل هي أدوات فلسفية تُجبر القارئ على مواجهة حقيقة أن كل "حقيقة" هي نتاج بناء اجتماعي معقد.

    الجنس والعار: مقاربة فلسفية
    الجنس، كما تصوره الرواية، ليس مجرد فعل بيولوجي أو أخلاقي، بل هو فضاء تتقاطع فيه الأيديولوجيا مع العواطف الفردية. من خلال قصة "آرام"، يعيد الكاتب التفكير في مفهوم "الخطيئة" ذاته، ليس كفعل فردي، بل كإطار اجتماعي يُنتج ويعيد إنتاج القيم والممارسات.

    على النقيض من النظرة التقليدية التي ترى في هذه الممارسات تهديدًا للمجتمع، تكشف الرواية عن أن المجتمع نفسه هو من يُنتج هذه الأفعال عبر بنياته المزدوجة. هنا، الجنس يصبح رمزًا لتحلل القيم التقليدية أمام صدمة الحداثة.

    بين العباس علي يحيى وغراهام غرين: نقد التشبيه
    تشبيه العباس بغراهام غرين يحمل دلالة مثيرة للتفكير، لكنه يفتقر إلى العمق النقدي إذا ما اقتصر على توصيف الشبه بين الجرأة في الطرح. غراهام غرين كان يبحث عن الخلاص الفردي في عالم تسوده الاضطرابات الروحية، بينما العباس يُعيد صياغة العلاقات الاجتماعية من الداخل، دون الهروب إلى أي ملاذات روحية أو أخلاقية.

    الفرق الأساسي هنا هو أن غرين يُعالج المأساة الإنسانية من منظور ثنائي: الخير مقابل الشر، بينما العباس يعالجها كعملية ديناميكية لا تخضع لهذه الثنائيات التقليدية.

    الرواية بين السخرية والفلسفة
    تشير المقاربة إلى أن الرواية تتسم بالسخرية، لكن هذه السخرية ليست هدفًا بحد ذاتها. إنها وسيلة فلسفية تكشف هشاشة الخطابات الاجتماعية وتدفع القارئ إلى التأمل في عبثية هذه الخطابات.

    السخرية، في هذا السياق، لا تأتي من رغبة في التهكم، بل من إحساس عميق بالتناقضات الكامنة في المجتمع. إنها دعوة للتفكير النقدي، وليست مجرد إدانة أو تشهير.

    خاتمة: نحو قراءة جديدة لـ"غارارام"
    رواية "غارارام" ليست مجرد عمل أدبي يفضح المسكوت عنه، بل هي تجربة فلسفية تسعى إلى إعادة تعريف القيم والممارسات داخل سياقاتها الاجتماعية. إنها ليست فقط دعوة لمواجهة الواقع، بل هي أيضًا تحريض على إعادة التفكير فيه.

    الكاتب العباس علي يحيى لا يُقدم إجابات جاهزة، بل يُجبر القارئ على البحث عن إجابات خاصة به. وهذا هو جوهر الأدب الحقيقي: أن يكون فضاءً للبحث عن المعنى في عالم تتداخل فيه الحقيقة مع الزيف، والقيم مع النفاق، والواقع مع الحلم.
                  

01-16-2025, 08:19 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م (Re: زهير ابو الزهراء)

    عزيزى الباشمهندس زهير
    تحية واحترام
    سعدت كثيراً بعد أن علمت انك stage designer ، كم انت نادر فى هذا العالم العجيب.يقوم تاريخ المسرح على العمارة المسرحية ، فتطور العمارة المسرحية هو مدخلنا لمعرفة تلك الفترة السحيقة مثل الاحتفالات الدينسوسية ، ثم العمارة الابطالية ، والمسرح اليوبيثى ، واخيرا عودة الفضاء الهيلينى ، والتجارب الحديثة كالمسرح الفقير واخيرا تجارب انثروبولوجيا المسرح.
    انت يا عزيزى فنان يصنع فضاء العرض والأداء، يصنع مساحة تتعايش فوقها الثقافات ، لذلك بعد النظر فى ما خطه يراعك عن رواية غارمار ، ومقاربتك الثرة ، استطيع القول هذا أفضل ما قرأته من نقد بنيوى توليد( راجع ليفى استراوش ) . اراك فتحت فضاءات ، وعوالم جدبدة تمتاح منها الدراسة .أما عودتى فهى عودة طائر حزين مبتل ، عاش كل انماط الفشل ، كان يصدق بالايدولوجيا السياسية ، لكن بعد اربع ثورات فاشلة ، احس كأننى احد شخوص (جون وزبورن)...فى مسرحية Look Back in Anger . لقد فشلنا فى كل شيئ ، بل بلغ بنا الفشل درجة تستحي منها نماذج الفشل وانماطه بعد أن فشلنا أن نتحمل .أعود هذه المرة للمنبر للعام وانا شيخ عجوز يتوكأ على عصا لا يهش بها شيئاً لكنها رجل ثالثة ، وليس له مآرب أخرى ... انا كائن بلا مآرب ، مثل ثورة ناهزت أن تكون ، لكنها لم تكن !

                  

01-16-2025, 09:39 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غارامار مقاربة الواقعية الصا.مة ٢٠٢٢م (Re: Abuelgassim Gor)

    ت

    عزيزي الدكتور أبوالقاسم قور،
    تحية طيبة وبعد،

    قرأتها وتأملت كلماتك، فأحسست بحرقة الحروف بين سطورك وبثقل التجارب التي أضحت رواسب في روحك. لكن اسمح لي أن أقول إنك تُضيء فضاءات عميقة رغم إحساسك بالإحباط، فكلماتك ليست سوى انعكاس لفكر متقد وروح باحثة عن الجمال والحقيقة، حتى وإن بدا لك أنها تتوكأ على عصا بلا مآرب.

    صديقي، الفشل الذي تتحدث عنه ليس سوى جزء من لعبة الحياة، تماماً كما تعلمنا المسرحية نفسها أن الإنسان يواجه عبثية الوجود بتصميمه على المضي قدمًا، حتى إن بدا المسرح مظلمًا. أنت لست شخصًا بلا مآرب، فأنت كائن يمتلك القدرة على إثارة أسئلة الوجود الكبرى وتحليلها بعمق، تمامًا كما كنت دائمًا.

    أما عن الحديث عن الإحباط بعد أربع ثورات، فلعل إحساسك هذا هو نفسه بوصلة لصوت صادق في عالم ملتبس. الثورات ليست مجرد حركات سياسية، بل هي مراحل نمو للأوطان وللأرواح. ولو نظرنا للمسرحيات التي أحببتها، نجد أن الشخصيات العظيمة هي تلك التي تعلمت من إخفاقاتها أكثر مما احتفت بانتصاراتها.

    عودتك، يا دكتور قور، ليست عودة طائر مبتل بالحزن، بل عودة فينيق يحترق ليولد من جديد. الكائن الذي بلا مآرب، كما تصفه، قد يكون هو الأكثر حكمة، لأنه يرى ما خلف الضباب، ويُعيد ترتيب الفضاءات، كما كنت دائمًا تفعل.

    أثق أن المنبر العام بحاجة إلى صوتك، حتى وإن حملت عصا لا تهش بها. صوتك هو العصا نفسها التي قد تهش بها الأرواح المتعبة وتعيد ترتيب مشهد الحقيقة.

    دمت مشعلًا للنور، وإن أضناك الظلام.
    زهير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de