ود ضحوية وكرتي: عندما يلتقي السارق بالزعيم في حرب المواقف لا عجب أن يُفتح المشهد السياسي السوداني على ود ضحوية، سارق الإبل في الموروث الشعبي، وكرتي، الزعيم الإسلامي في معركة تحاك خيوطها بين خرائب البلاد. فمن ود ضحوية، الذي يجسد الشجاعة المشوبة بالمكر، إلى كرتي، الزعيم الذي يهرول بخطى ثقيلة لقيادة الحرب، نجد أنفسنا أمام تحالف غريب بين من يسلب الناس حياتهم علنًا ومن يتنكر وراء شعارات الدين والوطنية. مبادرة الحزب الشيوعي: بين مطرقة الحيران وسندان كرتي كأنما دخل الحيران، أتباع المشايخ المخلصين، على الخط كجوقة تصفق هنا وهناك، لكن دون وجهة واضحة سوى حماية مصالح سيدهم. الحيران الذين يرون في أنفسهم وكلاءً للسماء، يخوضون حربًا شرسة على الأرض ضد مبادرة لا تهدف إلا إلى إيقاف نزيف الدم. وكرتي، الزعيم ذو الرؤية الدينية الملتبسة، لا يُفوِّت فرصة لإعادة إنتاج التاريخ بصيغته الأحادية: "إما نحن، أو الفوضى." ساخرون على هامش الحرب المبادرة الشيوعية، التي تعلن عن رغبتها في السلام بوجه صريح، أصبحت هدفًا للسخرية والاتهامات، ليس لأنها تفتقر إلى الواقعية، بل لأنها تهدد مصالح "ود ضحوية" الجديد. المشهد كاريكاتوري بامتياز: كرتي بخطابه الإسلامي الرنان، وحيرانه المنتشرين كحرَّاس على مدخل خراب الوطن، يتبادلون الشعارات الفارغة، بينما تستمر الحرب في سحق الآمال الباقية. ما بين ود ضحوية وكرتي والحيران، يبقى المواطن السوداني وحده الضحية الحقيقية. مبادرة الحزب الشيوعي قد لا تكون عصا سحرية، لكنها بالتأكيد مرآة تعكس مدى الإفلاس الأخلاقي في مشهد يسيطر عليه اللصوص والزعماء الفاشلون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة