[B ] ليس من انتصر وحده شريف عثمان علي إمبراطورية التضليل ولكنه انتصار الحقيقة على الأكاذيب ولكل أهل السودان في خضم واقع متشابك بالأزمات، حيث يُستخدم الإعلام كأداة لتوجيه الرأي العام وبث التضليل، يبرز مشهدٌ يجعل الحقيقة عصيّة على التغييب، مهما كانت قوة القمع أو سطوة الأكاذيب. لقد أصبحت الممارسة السياسية المدنية، رغم كل ما تواجهه من ضغوط وقمع، هي القوة المنتصرة في نهاية المطاف، لأنها تستمد شرعيتها من قيمها ومن ارتباطها بمصالح الشعب. إمبراطورية الأكاذيب والتضليل في السودان، لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه الإعلام الممول بملايين الدولارات، حيث يتم تسخير أموال الشعب لإقامة إمبراطورية تزيف الوعي وتسعى لتكريس السرديات الكاذبة. عبر شركات دولية وشبكات منظمة، تُغرق وسائل التواصل الاجتماعي بحسابات وهمية تُروّج لروايات مغلوطة، تسعى لإظهار التيار المدني الديمقراطي كـ"غطاء سياسي" لبعض الأطراف المسلحة. هذا الإعلام الموجه لا يكتفي بتضليل الناس، بل يُجند جيوشًا من المهووسين والمأجورين لتشويه صورة القوى المدنية عبر حملات ممنهجة. الهدف؟ كسر إرادة الشعب، وإخماد أي صوتٍ يعارض النزعة الاستبدادية أو يطالب بدولة ديمقراطية حديثة. شريف عثمان دقيقة صدق تهز عرش الأكاذيب وسط هذا الواقع المشحون، جاءت لحظة فارقة من خلال ظهور الأستاذ شريف عثمان، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، في برنامج دائرة الحدث الذي تبثه قناة سودانية 24 من القاهرة. في دقائق معدودة، استطاع شريف أن يفند الأكاذيب التي حاولت إمبراطورية التضليل أن تفرضها كحقائق مطلقة. لم يكن الرد في كلمات شريف مجرد دفاع عن التيار المدني، بل كان لحظة اختراق لجدار الصمت الذي حاول معسكر التضليل أن يبنيه حول روايته. لم يحتج سوى إلى الحقيقة، التي لا يمكن أن تخفيها ملايين الدولارات ولا جيوش الحسابات المزيفة. خوف من الحقيقة رد الفعل كان متوقعًا؛ أوقفوا البرنامج بالكامل. هذا القرار يعكس أكثر من مجرد انزعاج، إنه دليل على هشاشة إمبراطورية الأكاذيب. الخوف من استضافة شخصيات أخرى من التيار المدني الديمقراطي يكشف أنهم يدركون تمامًا أن الحقيقة، حتى لو كانت مجرد قطرة، قادرة على إغراق بحر الأكاذيب الذي يحاولون السباحة فيه. الممارسة المدنية تنتصر في نهاية المطاف، ورغم كل ما تتعرض له القوى المدنية من تشويه، يبقى تيارها هو الأقدر على الاستمرار. لأن الممارسة المدنية، القائمة على التعددية والحوار والانفتاح، تمتلك قوة ذاتية تجعلها تتجدد وتتطور. بينما الأنظمة القائمة على الكذب والقمع، مصيرها الانهيار مهما طال الزمن. إمبراطورية التضليل قد تستمر لفترة، لكنها لا تستطيع الصمود أمام حقيقة واحدة تُقال في اللحظة المناسبة. تمامًا كما فعل شريف عثمان، الذي أثبت أن الكلمة الصادقة يمكن أن تهز عروشًا بنيت على الأكاذيب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة