المتابع لقضايا الشأن السوداني سوف يلاحظ أن حكومة الرئيس عمر البشير قد سعت جاهدة لإضعاف المكونات السياسية و الإدارية و الإقتصادية و الإجتماعية السودانية حتي يتثني لها أمر إعادة بناء او تشكيل السودان وفقا لأيديولوجية الحركة الاسلامية - و من تلك المساعي كانت خطط تفكيك الأقاليم او الولايات السودانية الي عدد من الولايات الصغيرة وفقا لشروط و مصالح اثنية او جغرافية او إجتماعية و اقتصادية تخص مشروعات و افكار المجموعة القابضة علي مؤسسات الدولة حينذاك ، و من هنا جاءت فكرة الاكثار من عدد الولايات حتي تتمكن الدولة من احكام قبضتها علي الجميع اما بإضعافهم او بإرضائهم او بالإجبار.
في ثنايا هذه الحرب الضروس التي قضت علي الكثير من مقدرات الدولة السودانية - يلزمنا أن نضع صوب اعيننا تصورا لحلول جوهرية للمشاكل الناجمة عن هذا الواقع الجديد الذي تتزايد تعقيداته يوما بعد يوم.
باعتقادي أن أحد أهم الخطوات التي يجب اتخاذها هو دمج الولايات في بعضها البعض ، فبدلا أن يكون بالشرق ولايات مثل ولاية القضارف و كسلا و البحر الأحمر - يمكننا العودة الي الولاية الشرقية ، و في الوسط بدلا عن ولاية سنار و ولاية التيل الابيض و ولاية الجزيرة، فيمكننا العودة الي دمجها معا في الولاية الوسطي او ولاية الجزيرة او ايا كان الاسم، و كذلك مع ولايات كردفان مع وضع خصوصية لولاية جنوب كردفان بحكم الواقع السياسي فيها و الذي يخضع لشروط فوق مستوي تأثير الدولة، و كذلك يتم دمج الولاية الشمالية و ولاية تهر النيل. و هكذا مع مراعاة واقع الحال في ولايات دارفور و ولاية النيل الازرق و بالطبع جنوب كردفان لكون أن الصراع فيها مع الدولة كان سابقا للحرب.
هذه ليست دعوة للانفصال او حتي تماهي مع ما قد يؤول اليه الحال بعد الحرب من تقسيم للسودان بقدر ما هو إجراء احترازي لمواجهة الحرب و آثار الحرب و تصدعات ما بعدها. فأنا علي قناعة كاملة بأنه بعد هذه الحرب سوف لن يعد السودان كما كان في يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ قبل لحظات من الحرب - فالشرخ الإجتماعي الذي حدث في الوجدان السوداني جراء صدمة الحرب و من بعدها الفظائع التي واجهها المواطن السوداني في كل ربوع الوطن الحبيب فهي وحدها ستجعل من الصعب قبول فكرة الدولة المركزية التي تفرض سيطرتها علي كل السودان من عاصمة إدارية واحدة.
لقد ارتفعت وتائر الحديث عن الإقصاء و التهميش و التجاهل من الدولة لبعض المناطق او بعض الاثنيات في السودان - و بالرغم من أن هذا الأنر واقع و حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد إلا أن الجميع يختلفون في نظرتهم لهذا التهميش. فجبال النوبة مثلا تظل هي الاكثر مواجهة مع الدولة و الأكثر تأثرا بالحرب لكون أن مواطنها قد ظل علي مدار السنين السابقة يواجه البراميل المتفجرة و غلو الانتينوف، كذلك انسان دارفور و انسان النيل الازرق و بالطبع فإن الحرب ليست التهميش الوحيد بل إن هناك تهميش اقتصادي و إجتماعي و اثني يتفاوت من مكان الي مكان. اما التهميش في شمال السودان فيعني تغول الدول علي الحقوق مثل التنقيب الجائر لموارد المنطقة و منحها لجهات سياسية من مناطق أخري إرضاء لهم و ترك مواطن المنطقة يواجه التلوث الناجم جراء عمليات التنقيب من زئبق و سيانيد دون وضع أدني اعتبار لتلك المشكلة الوجودية التي لا يحس بها سوي المواطن في تلك البقاع الذي يواجه الموت بالسرطان و الذي يفقد احتياطيات ولايته من موارد اقتصادية نادرة غير متجددة كالذهب مع تهديد وحودي آخر و هو تلوث الماء. كذلك التهميش لانسان شمال السودان يعني بيع او منح اراضيه لمستثمرين أجانب يزرعون أرضه و يستنزفون احتياطيات مياهه الجوفية و يضيقون عليه فرص التوسع الزراعي الذي تحرمه منه الدولة بغرض إرضاء أجانب مستثمرين، كما أن التهميش يعني له التهجير و بناء السدود و الخزانات التي لا تعود عليه بالخير بل انه بسببها يفقد الاراضي الزراعية و المنازل ، كذلك يعني التهميش له الضرائب الجائرة علي أصوله و ممتلكاته و انتاجه الزراعي ( تلت للطير، تلت للاسبير و تلت للزبير و المزارع فاعل خير). اما التهميش في الجزيرة فيعني الغياب الكامل للدولة للدرجة التي تجعل المواطن يبني بنفسه المركز الصحي و المدرسة الابتدائية و المتوسطة و الثانوية. كذلك يعني له التهميش تدمير الدولة لمشروع الجزيرة و استبدال العلاقة بينها و بين المزارع بعلاقات جائرة عادت عليه بضرر كبير و أفقدته جهده الذي ضاع سدي جراء الخسائر المتتالية التي اوقعته فيها الدولة حد الإفقار حتي صارت الجزيرة اكثر بقاع السودان طردا للشباب الذين وجدوا ضالتهم في الاغتراب و بالتالي فإنهم يساهمون في رفد الدولة بعائدات طائلة من العملات الأجنبية دون الحصول علي اي منافع مقابل تلك التضحيات، كما يعني التهميش لمواطن الجزيرة تلك الإجراءات الجائرة من بيع المحالج لشركات مصرية تفرض شروط قاسية غلي المزارع عند شرائها القطن بأبخس الاثمان و هكذا تتوالي عليه التهميشات. اما التهميش في القضارف فيعني العطش ويعني تدمير الدراعة الآلية و يعني سجن المزارع بسبب قروض ربوية و بيع سلم يبدد كل ثروات المزارعين التي حققوها عبر عقود او توارثوها عبر السنين، و كذلك يعني التهميش لانسان البحر الاحمر في الامراض و شبح المجاعة و العطش الذي ارهق المواطنين كذلك فإن التهميش للكثيرين صار يعني تجاهل الدولة لما حدث لهم جراء هذه الحرب الجائزة التي وقع العبء الأكبر منها علي المواطن في ظل غياب كامل للدولة التي لا يعنيها سوي الحفاظ علي رموز الحكومة و الجيش اما ارواح و ممتلكات المواطنين فلتذهب الي الجحيم و هذا بالطبع سيبقي واقعا له ما بعده من توابع ستغير شكل العلاقة بين المواطن و الدولة و بين المواطنين فيما بينهم و بينهم و بين مواطني و حكومات دول الجوار او الدول التي يري المواطن انها شاركت او تسببت في الحرب..
بما أن الجميع يرون أنهم مهمشون او مظلومون من الدولة ، كلهم علي طريقته، و لأن الانسان أناني بطبعه يهمه في المقام الأول ما يعنيه - فإن ذلك سوف يدفع بالعديد من المواطنين الي الارتماء في صدر حواضنهم الإجتماعية - خاصة في المناطق التي ظلت فيها القبيلة مجرد إسم لوعاء إجتماعي يتحلق حوله الأفراد بدعوي التراث المشترك و الرقعة الجغرافية و العادات و التقاليد ، اما فكرة الموت لأجله أو اتخاذه هوية او الدفاع عنه بالسلاح فتلك فكرة لم تكن واردة من قبل و إن ظلت حاضرة الآن و بعد ما رآه المواطن من فظائع الاستهداف الممنهج له إنطلاقا من فكرة الاستضعاف لكونه لا يملك سلاحا يمكنه أن يدافع به عن نفسه و أهله و عن الأموال و الممتلكات. هذا الواقع الجديد سوف يدفع الجميع الي التوحد من أجل البقاء. تأبي الرماح اذا اجتمعن تكسرا و اذا افترقن تكسرت آحادا.
ذلك هو الواقع الجديد الذي أراه و الذي بسببه أقترح دمج الولايات المتقاربة بعضها ببعض لأجل تكوين وحدات إدارية أكبر يمكنها التعامل بصورة أفضل مع تحديات الحرب. فالوحدات الإدارية الكبري بإمكانها أن تضع يدها علي موارد مالية أكبر كما أنها سوف تستطيع فرض وجهة نظرها علي الحكومة لكون أن عوامل الضغط بحوزتها ستكون أكبرو اكثر و اولها زيادة اعداد المنضوين تحت رايتها كما أنها بإمكانها أن تحشد اعداد كبيرة من الناس لأجل تنفيذ المشاريع التي تخطط لها و هكذا فإن الكثرة غلبت الشجاعة كما يقولون .
السودان ربما صار دولة كونفدرالية بعد الحرب و لكن أن يكون دولة تتبع لمركز واحد يتحكم في كل شيء فذلك أمر أراه في عداد المستحيل.
هناك قدر من الكونفدرالية يمنح الولايات مرونة كبيرة في إدارة شؤونها مع الاحتفاظ بعلاقة و لو طفيفة بالدولة و ذلك ما أراه مناسبا لسودان ما بعد الحرب لأن هناك ولايات صوتها عالي جدا بل و تأثيرها قوي و لها ثقل مؤثر في الحكومة المركزية فرضته بقوة السلاح كما هو الحال مع ولايات دارفور التي تمتلك عددا من الوزراء في وزارات سيادية حصلت عليها باتفاقية السلام التي قدمت لها ضمانات غير محدودة بسقف زمني و متجاوزة لفكرة التوزيع العادل للسلطات و التي اتخذتها تلك الحركات ذريعة لوضع أيديها علي تلك الوزارات السيادية التي لا يعلم أحد إن كانت خاضعة للتداول السلمي بين جميع القوي السياسية بعد الآن أم لا ، و هذا باعتقادي ينافي حتي قوانين العمل الدبموقراطي او السياسي التي تري أن الوزارات انما هي وحدات إدارية يجب ملأها بالتداول السلمي و الانتخاب و ليس بالمنح و التسجيل و الاعتماد لجهة بعينها دون الآخرين. كما أن قضية الثروة نفسها في اتفاقية السلام قد احدثت بعض الاشكالات التي ستقود حتما الي اشتعال نار الصراع مثل شركة الموارد المعدنية التي تقوم بالتنقيب عن الذهب في شمال السودان و تعود حصيلتها من الارباح لجهات تتبع الي حركات مسلحة تتبع لولايات أخري تمت ترضيتها بذهب شمال السودان في حين أن ولاياتها زاخرة بالذهب الذي لا يستطيع أحد التنقيب فيه بما في ذلك مؤسسات الحكومة المركزية نفسها. هذا الواقع الذي يتغافل عنه كثير من السياسيين السودانيين - إنه سوف يقود الي دفع سكان مناطق الشمالية و نهر النيل الي التفكير في علاقتهم بالحكومة المركزية التي يبدو أنها لا تضع اعتبارا الا لمن يحمل السلاح.
أعضاء الحركات المسلحة و الكثير من مثقفي دارفور يتحدثون دائما عن ثراء دارفور بالموارد المعدنية و الاقتصادية ، و ذلك الأمر صحيح، ثم يبنون افتراضاتهم في التهميش علي أن ولاياتهم غنية إقتصاديا و مع ذلك ليس بها تطور و تنمية. بالرغم من وجاهة هذه الرؤية الا أنها مع احترامي لها وجهة نظر غير مكتملة لأن ثروات دارفور التي يتحدثون عنها ليست ثروات مستغلة و بالتالي فإنها لا تساهم في اقتصاد السودان الحالي بأي نصيب و الا فليخبرني أحدهم باسهام يورانيوم دارفور في ميزانية العام ٢٠٢٣ او اسهام حفرة النحاس بدارفور في موازنة هذا العام. حتي ذهب جبل عامر فإنه كان يذهب بأكمله الي حميدتي و الدعم السريع و لا يكاد يوجد شخص من أي مكان في السودان يمكنه أن يستفيد من ذهب دارفور ، في حين أن حركات دارفور لها نصيب من ذهب المناطق الأخري و مواطن دارفور بإمكانه التنقيب عن الذهب في أي مكان بالسودان و ما اكثرهم في شمال و شرق السودان. إذا كان هذا هو الواقع، لماذا إذن يصر مثقفو و مناضلو دارفور علي ارغام الجميع علي دفع نصيب مالي معتبر مقابل ثروات دارفور المعدنية التي لا تساهم أصلا في الاقتصاد السوداني بأي نصيب؟ نعم هناك ثروة حيوانية و حبوب زيتية و من جبل مرة بطاطس و برتقال لكن جميعها مملوكة لأفراد و بالتالي يتم شراءها منهم و لا يمنحونها لمن يستهلكها مجانا حتي يطالبنا مثقفو دارفور و مناضلوها بامتيازات و خدمات مقابل تلك المعاملات التجارية العادية، كما أن تجار دارفور يشترون بضائع من أمدرمان و الجزيرة و الشمالية و غيرها من ولايات و مدن السودان الأخري و لا احد يطالب أهل دارفور او ولاياتها بتقديم اي امتيازات مقابل تلك السلع و الخدمات التي حصلوا عليها بالشراء، فتلك معاملات تجارية يتم انتهاؤها باستلام الخدمة او البضاعة و دفع قيمتها من المال و هذا يحدث في كل أرجاء العالم بهذه البساطة و دونما أدني تعقيد، فلماذا حينما تصدر دارفور منتجاتها للولايات الأخري تتوقع اكثر مما يتوقعه الآخرون؟
هذا الغبن المتوارث المدعوم بمثقفي و منظري الهامش و الذي يدفع شخص مؤمن بالديمقراطية و التداول السلمي للسلطة بأن يفتح بوست أو يقيم ندوة معتدا بجرائم الدعم السريع ضد المواطن السوداني في مناطق هو يراها مواقع الجغرافيا المعادية له و لأهله تاريخيا - فذلك أمر لا يدعو فقط للحيرة و الاندهاش بل يدفع الكثيرين لأخذ الحيطة و الحذر و الخروج من دائرة السذاجة الفكرية التي ربما قادتهم و أهلهم لأن يكونوا كبش فداء لمشاريع إجرامية مخطط لها بعناية و مكر شديدين.
هذه المواقف من بعض المحسوبين علي أدعياء قضايا الهامش و التهميش تذكرني بقصة التحكيم بين علي بن أبي طالب و بين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما- فعلي اختلاف الرواة حول حقيقة تلك القصة و ما تبعها من احداث و لكن بها درسا قاسيا أراه يتمثل أمامنا في واقع سودان اليوم لأن الكثير من مثقفي وسط و شمال السودان لم يرفضوا نهائيا تفكيك سلطة أهلهم لصالح سودان حر ديمقراطي يسع الجميع و هم هنا يمكنني أن اشبه موقفهم بموقف الصحابي الجليل أبي موسي الاشعري ممثل الامام علي رضي الله عنه في القصة الوارد ذكرها أعلاه قصة التحكيم و الذي تحدث عن أنه بإمكانه أن يخلع موكله كما يخلع هذا الخاتم من يده ثم خلع الخاتم في اشارة الي عدم ممانعته من عزل موكله لصالح أمة الاسلام ، ثم جاء دور الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه ممثل معاوية و الذي يجب أن يقول نفس الكلام عن موكله ( بحسب الاتفاق مع أبي موسي الاشعري ممثل علي) و لكنه قال عكسه تماما و أقر بأنه سوف يقوم بتثبيت موكله كما يثبت الخاتم علي يده و قام بتثبيت الخاتم في اشارة منه بأنه يدعم خلافة معاوية و يدعو اليها مقابل خلافة علي الذي رفض خلافته حتي ممثله في لجنة التحكيم ، ثم جاءت بعد ذلك حيلة رفع المصاحف علي الرماح بحثا عن الصلح و جنوحا للسلم ثم تبعها تغيير الموقف الذي قرأناه بكتب التاريخ الاسلامي و الذي يراه البعض غدرا و خبثا عسكريا و سياسيا بدل مسار الدولة الاسلامية و حال المسلمين الي عصرنا الحاضر و ربما بقيت آثاره ما بقي الاسلام.ذلك هو الموقف الذي يتراءى لي من بعض النخب التي تقدم نفسها بأنها تمثل قضايا الهامش و التي لا يبدو أن السودان يهمها بقدر ما يهمها أن تضع يدها علي قيادة الدولة بكل ما توفر لديها من وسائل بغض النظر عن أخلاقية و شرعية و قانونية تلك الوسائل و الطرق و ذلك ما يبرر وقوفها الي جانب الدعم السريع برغم مل الذي ارتكبه من جرائم في حق المواطنين. كما اسلفت من قبل فأنا لست بصدد افتراع جدل فقهي أو نقاش ديني حول صحة أو خطأ تلك القصص و الروايات بقدر ما أني قصدت الاشارة اليها لتوصيف العلاقة بين العديد من ممثلي ما يسميه البعض بالمركز و من يسمون انفسهم بممثلي الهامش. إذ لا يمكن أن اوافق انا علي تفكيك سلطة أهلي المتمثلة في مؤسسات الدولة و الشرطة و الجيش لصالح دعم قضايا الهامش و تثبيت العدالة و دولة المواطنة في السودان - ثم أتفاجأ بأنك انت ممثل جدل الهامش الذي قمت بذلك لأجل التقارب معك و التضامن مع قضاياك فأجدك توافق علي أن يقوم الدعم السريع المدعوم من بعض انصارك او حواضنك الاجتماعية التي تري في الدعم السريع و جرائمه ضد انسان الوسط و الشمال بارقة أمل لانتصار مشروعك السياسي و الثقافي و الاجتماعي ثم تحتفي بانتهاك الدعم السريع لحرمات أهلي و نهب أموالهم تحت شعار جلب الديمقراطية الي السودان مستعينين بكل من يضع يده بأياديهم الملطخة بدماء الأبرياء من مجرمي و عساكر و متمردي و خريجي السجون من دول الغرب الافريقي مدعومون بعون دولة الامارات و من يسند ظهرها من دول الجوار و دول الاتحاد الافريقي و طواغي العالم الغربي الذي لا يبدو أنه تجاوز فكرة الاستعمار. هل هذا ما اتفقنا عليه بحق الإله؟
هذا محض غدر صراح سينسف كل إدعاءات البراءة و تقمص دور الضحية بل أنه يتجاوز ذلك كثيرا الي الدرجة التي توصله لأن يكرن خبث و مكر سياسي لا يمكن التعايش معه بسلام و لا يمكن بأي حال الثقة بمن قاموا به قصر الزمن أو طال و هذه الحرب في ذاتها لم تكن قاسية بقدر ما كانت قاسية صدمة الكثير من أهل وسط و شمال السودان في تماهي كثير من النخب التي تمثل دارفور و احتفائهم بجرائم الدعم السريع التي استهدفت المواطنين بالدرجة الأولي و تركت قيادات الكيزان بمن فيهم البشير في السجن و قد كانوا جميعا في متناول يدها و لكنها تركتهم و انشغل جنودها بنهب اعيان المواطنين و الانفضاض علي الاعراض. علما بأن العديد من مثقفي و نخب شمال و وسط السودان قد تضامنوا تضامنا حقيقيا ضد حرب حكومة و جيش السودان ضد أهل دارفور و دعموا ملف قضية دارفور للدرجة التي وصلت نعه لأن تصدر المحكمة الجنائية الدولية حكما بتوقيف البشير و لم يقل منهم إن البشير جلدنا و ما بنجر فيه الشوك الا صاحب مصلحة مباشرة مع الحكومة حينها او سياسي ينمق الحديث خوفا من مسؤولية ما يمكن أن ي افق قوله للحق او ايا كانت الاسباب و لكن اعداد كبيرة من مثقفي شمال و وسط السودان كانوا ضمن الحملة التي قادت الي محاصرة وزراء و قادة حكومة البشير. ذلك موقف لن يتوقع صاحبه علي الإطلاق أن يحتفي أحد الذين تضامن معهم و يفرح بدخول الدعم السريع الي كافوري و اقتياده لعدد من البنات اللواتي تم بيع بعضهن في حواضن الدعم السريع بمناطق دارفور وفقا لشهادة العديد من شهود العيان و المراقبين.
هذا الشرخ الإجتماعي الكبير الذي احدثته تلك المواقف الشامتة الشاتمة سوف لن يمنح اي فرصة تعايش سلمي في سودان موحد كما كان الحال قبل اندلاع الحرب - ليست تلك رغبة مني إذ لا أحد يرغب في تفكيك وطنه أو اثارة مشاكل تقود الي الاحتراب و لكنها فقط و ببساطة قراءة لكتاب الحرب و السلام في بلد المليون مليشيا هذا الوطن الجريح.
لذلك فإن الكونفدرالية هي الحل الوحيد الذي أراه يمثل قاسما مشتركا أصغر يجمع بين الفصائل المختلفة و المتصارعة حول السلطة بأبشع الوسائل بما فيها وسائل قذرة و جبانة مثل التي تم استخدامها في حرب السودان و التي أدناها هو الاستعانة بالأجنبي علي ابن الوطن العدو و الغريم.
انتم ترون أن دارفور غنية بالموارد المعدنية و الإقتصادية و أن انسان دارفور لا يجد ما يستحقه من التنمية الاقتصادية و أن التقصير الحكومي أقعد انسان دارفور و جعله يعاني المرض و الجوع و الفقر. و نحن نري أن التهميش في السودان ليس حكرا علي دارفور وحدها و أن ولايات وسط و شمال السودان و ولايات كردفان و الشرق و ولاية النيل الازرق ايضا بها موارد إقتصادية طائلة و كذلك يعاني مواطنها من المرض و الجوع و الفقر، بل أن موارده علي عكس موارد دارفور فإنها يتم استغلالها و تذهب عوائدها الي آخرين بمن فيهم الحركات المسلحة من دارفور و التي تفرض علي الحكومة أن تمنحها اموال طائلة مقابل تخليها عن رفع السلاح في وجه الدولة و بالتالي تضطر الدولة الي توفير تلك الأموال لها حتي و لو لجأت لانتزاعها من موارد الآخرين كما هو الحال مع ذهب الشمالية و الشرق و نهر النيل الذي يذهب جزء معتبر منه الي حركات دارفور المسلحة ، هذا مع تقديم مزايا أخري لحركات دارفور محروم منها الآخرون مثل المناصب الحكومية في وزارات سيادية و التي ظلت حكرا لممثلي حركات دارفور المسلحة دون سواهم من السودانيين و لا يهم إن كان مندوب حركات دارفور لتلك الوزارات السيادية مؤهلا علميا و مهنيا و أخلاقيا الي تلك الوظائف الكبري أم أنه فقط جندي مطيع من جنود او ضباط تلك الحركات الذين حصلوا علي رتبهم العسكرية بالترضية و المنح ثم فرضوها علي الدولة كجزء من مستحقات اتفاقية السلام التي لا يمتلك أحدا من الآخرين الطعن فيها أو اقتراح عرضها علي المراجعة او التصحيح. يعلو صوت حركات دارفور بالصراخ بالرغم من أنها تحصل علي تلك الامتيازات الاستثنائية و التي من ضمنها امتيازات قديمة من أغربها أن تخصص الجامعات السودانية لأهل دارفور مقاعد في كلياتها يتنافسون عليها بدرجات أقل من تلك التي يتنافس عليها باقي طلاب السودان. ؟really هذا و من اعظم الامتيازات التي تتمتع بها حركات دارفور المسلحة هي أن الدولة تمنع إقامة الحركات المسلحة في شمال و وسط السودان مما يمنح انسان دارفور حق التفوق العسكري علي انسان الوسط و الشمال بل أن التفوق العسكري في دارفور ظل مدعوما بالدولة كما حدث من تسليح الدولة لقوات الدعم السريع و منحها ذهب جبل عامر و امتيازات اقتصادية متعددة و فتحت لها المجال لإقامة علاقات دولية مفتوحة تختار فيها قيادة الدعم السريع أي الدول التي تحب أن تتعاون او تتعامل معها دون أدني قيود من الدولة فكانت علاقات حميدتي مع فاغنر و روسيا و علاقاته مع السعودية و الامارات و علاقات مع الاتحاد الاوروبي و اسرائيل دون أن يوجه له أي شخص اتهام بالعمالة او بالسعي لتأسيس دولة داخل الدولة و قد كانت النتيجة أنه خطط لابتلاع الدولة بأكملها ثم تقديمها قربانا لحلفائه الخارجيين. تلك امتيازات لا يمكن لأي شخص من شمال او وسط السودان أن يتمتع بها فارضا نفسه بجيش قوامه اكثر من مائة الف مقاتل تقف وراءه دول تدعمه بالسلاح و حواضن إجتماعية محلية و أجنبية توفر له كل ما يطلبه من المقاتلين و مع ذلك لا زال صوت عدد كبير من مثقفي دارفور و أدعياء جدل الهامش و المركز و انصار الحركات المسلحة يعلو صوتهم بالصراخ رافعين شعارات الظلم و التهميش دون أن يشرحوا لنا ما هو سقف مطالبهم الذي عندما يتحقق سوف يصمتوا عن هذا الصراخ؟
خلاص اعملوها كونفدرالية مع التزام و ارتباط و لو اسمي بسودان موحد و بالتالي فإن الولايات يتم دمج المتقاربة منها في بعضها البعض ثم تقوم كل ولاية بتعيين وزرائها بنفسها و من صميم قبائلها المحلية و تقوم بالاستثمار المباشر في مواردها التي سوف لن ينازعها في حصيلتها الآخرون ثم تكون ملزمة بمواجهة كل مصروفاتها دون الحصول علي أي دعم مركزي او من إحدي الولايات الأخري و تحكمها مع الولايات الأخري علاقات التبادل التجاري و حرية الحركة و الانتقال.
إذن فلتقم دارفور بحصد كامل حصيلتها من استثمار اليورانيوم و الذهب و النحاس الذي ظل حبيس مناجمه يتقاتل عليه المسلحون و لتكف عن محاولاتها لإلصاق التقصير بالآخرين و كأنهم هم سبب تأخرها الوحيد و كأن مواطنوها ظلوا متكاتفون متوحدون يعملون كالنحل بنشاط من أجل رفع شأن ولاياتهم و مدنهم و قراهم و لكن كل المصائب ظلت تتساقط علي رؤوسهم من اشرار جلابة الوسط و الشمال. علي الأخري بأن دارفور سوف تكون هي الخاسر الأول اذا تأسست كونفدرالية سودانية علي هذا الشكل و ذلك لكون الانسان هو المفتاح الاساسي لأي تنمية و تطور اقتصادي و التناحر الاثني و القبلي في دارفور سوف يقعد انسانها طويلا قبل أن ينطلق في طريق التطور و النماء و لا زالت هناك مفردات عنصرية يتم تداولها بشكل جماهيري في دارفور مثل أبلدا و أمباي و فلنقاي من الصعب بناء مجتمع متماسك معها ، هذا بالاضافة الي عدم اعتراف القبائل بعضها ببعض و في حين ان المواطن بوسط او شمال السودان يمكنه أن يطرق اي باب من كاب الجداد و حتي امنتقو المحس و يطلب الزواج من أي قبيلة يريدها دون أن يوجه له أحد اتهام بالعنصرية او عدم الكفاءة الاجتماعية و تلك ميزة سوف تضع انسان تلك المناطق في مكان متقدم جدا عن انسان دارفور الذي ربما لا يستطيع فيه الماهري الزواج من فرع قبيلته الآخر المحاميد بعد الشرخ الذي حدث بين حميدتي و الشيخ موسي هلال ، فهل يدرك انصار جدل المركز و الهامش من أبناء و بنات دارفور هذا الأمر ؟.
اعتقد أن هذا الطرح إذا لم يحل الازمة الحقيقية لإنسان دارفور فإنه سيوضحها له لأن ازمة دارفور لا تتمثل في تلك الموارد المعدنية و الاقتصادية الكامنة في تربتها بقدر ما هي متمثلة في ذلك التناحر القبلي و الاصطراع علي أتفه الاسباب مما جعل دارفور هي المكان الاكثر انتشارا للسلاح و للحركات المسلحة و للنهب المسلح و الإقتتال في السودان و لو نظرنا الي كامل الخارطة السودانية بما فيها خارطة سودان ما قبل انفصال الجنوب فإننا سوف لن نجد أي منطقة بها نهب مسلح الا في دارفور او بعض المناطق القليلة جدا في كردفان و التي هي ايضا متقاربة جغرافيا مع دارفور، فهل هذه مشكلة مسؤول عنها جلابة وسط و شمال السودان؟ حتي أن نشاط الشفتة المحدود في شرق السودان ليس مسؤولا عنه سودانيون بقدر ما هو نشاط إجرامي خاص ببعض المتفلتين من حركات المقاومة الاثيوبية او مليشيات قبائلها علي الحدود و لكن النهب المسلح بالسودان فهو نشاط دارفوري خالص تمتلك عليه دارفور براءة اختراع.
تلك فاتورة عالية جدا تدفعها كافة الولايات السودانية بغرض الاحتفاظ الآمن بدارفور و لا يبدو أن أدعياء تهميش دارفور قادرون علي تصور ذلك فلهذا يلزمنا أن نضعهم أمام تجربة حقيقة و عملية تريهم بكل وضوح من هو الذي يدفع فاتورة الاحتفاظ بدارفور ضمن خارطة السودان ، فهل هم و مواطنيهم من يدفعها أم يدفعها مواطنو باقي ولايات السودان التي يتهمونها السطو المسلح لموارد دارفور ؟ و حتي انشطة جماعات النهب المسلح بدارفور ظلت طوال عمرها موجهة ضد التجار من شمال و شرق و وسط السودان بل أن بعض قبائل دارفور قد اغتني أفراد منها بصورة مباشرة أو غير مباشرة جراء تلك الحملات الممنهجة لإفقار التجار الشماليين و تجار وسط السودان لأن النهب المسلح في دارفور ظل و لفترات طويلة ليس نشاطا اعتباطيا أو إجراميا عشوائيا ضد الجميع بل إن الضحايا يتم اختيارهم بكل دقة و انتقاء و المعلومات تخرج من داخل الاسواق و احيانا من داخل البنوك و أنا كشخص ولدت و تربيت في دارفور و قد كان والدي تاجرا و كثيرا من أهلي تجار فأنا اعرف ذلك جيدا و اشهد عليه، بل أن الأمر تجاوز ذلك بكثير و وصل لدرجة نهب البضاعة و الاموال ثم اتخاذ أصحابها رهائن لأجل المطالبة بالمزيد من المال و كل ذلك يتم توجيهه ضد تجار شمال و وسط السودان و الدوافع معروفة و منها أنهم أقلية في دارفور كذلك أنهم لا يملكون سلاح بل و ليست لهم قبائل تقف وراءهم و تمتلك قوة ضاربة او سلاح ، أما حكاية انهم يملكون أموال طائلة فتلك ليست قضية محورية في الأمر لأن الزغاوة في دارفور مثلا يملكون أموال طائلة و لكن في الغالب لا يتعرض تجارهم الي النهب لكون أن وراءهم قبائل و حركات مسلحة ، بل علي العكس فإن مجرمي قبائل دارفور يتم دعمهم من أهلهم كما حدث مع قصة أدومة و مجموعته التي نهبت بنك السودان بنيالا في تسعينيات القرن الماضي - تلك القضية التي قام بعض مجرمو دارفور بمحاولة اغتيال ضابط الشرطة ( الشمالي و اسمه التلب ) الذي كان ممسكا بالقضية بعد أن حاولوا استرضائه بالمال فرفض. ذلك جزء يسير مما يحدث في دارفور التي يعلو صوت بعض مثقفوها بالتهميش و يعلو تصفيق بعضهم فرحا بجرائم الدعم السريع في الخرطوم و الجزيرة ضد انسان وسط و شمال السودان و كله تحت رايات الديمقراطية و العدالة و السلام، فأي جحيم هذا الذي يقودنا اليه هؤلاء؟
اذا كان امتلاك السلاح هو الحل فذلك حلا سهلا و متاحا في متناول اليد، و لكن هل هذا هو ما سيبني لنا وطن ديمقراطي حر معافي من امراض السودان القديم؟ السلاح في السودان ليس الحصول عليه لأهل وسط و شمال و شرق السودان أمرا صعبا فمن الممكن دخوله عن طريق حلفا من مصر او عن طريق حلايب في الشرق او عن طريق اثيوبيا او ارتريا او ليبيا في الشمال الغربي كما أن جنود الدعم السريع انفسهم يقومون ببيع السلاح بأنفسهم هذه الايام، لذلك فأنا احتار من اولئك المثقفون من دارفور الذين يرون أن البندقية هي الحل و كأن الآخرين عاجزون عن استخدام البندقية أو مغيبون عن وسائل الحصول عليها او لا يمتلكون لها قيمة شراء او أنهم حفنة جبناء ليس فيهم رجل يمتلك الشجاعة لحمل السلاح ناسين او متناسين أنه لا فرق بين حمل السلاح الي جانب الجيش او الي جانب مليشيا قبلية ضيقة الافق و المصالح و التفكير - فالموت هو الموت و لكن المبادئ هي التي تقود توجهات الافراد عند مواجهتهم خيار الموت.
انظروا الي هذه البوستات المفتوحة و التي يحتفي أصحابها بجرائم الدعم السريع في الجزيرة و سنار و الخرطوم و غيرها من مناطق الاحتراب.
لقد كتبت في مرة سابقة بوست بعنوان الخطاب العنصري المضاد لا يبني دولة، و الآن أراني مندهشا و أنا أقول لأولئك: التشفي و إظهار الشماتة بمصائب الآخرين لا يبني دولة، فهل حقا أن من يكتبون مثل تلك البوستات هم فرحون باغتصاب الدعامة لحرائر السودان؟. فنحن لم نفرح عندما اغتصب الجنجويد نساء دارفور بل وقفنا ضد البشير و فرحنا بقرار المحكمة الجنائية ضده و هتفنا مستبشرين بقرب موعد العدالة و استبشرنا اكثر حين ام حصاره في جنوب افريقيا و كان علي وشك السقوط في الفخ و نع ذلك لا زلتم تروننا ضمن تلك الحكومة الجائرة حكومة البشير و التي تفترضون أنها تمثلنا و أنها ( حكومة الجلابة) متجاوزين بذلك كل حقائق التاريخ التي لا زال شهودها احياء و منهم اغلب الذين يكتبون علي هذا المنبر ففي حين كان التجاني آدم طاهر و دومينيك كاسيانو و بيويوكوان و ابراهيم نايل ايدام و محمد الامين خليفة أعضاء في مجلس انقلاب البشير و كان علي الحاج و ابراهيم السنوسي و الشفيع و محمد جار النبي و دكتور خليل ابراهيم و غيرهم الكثيرون من سياسيي دارفور و جبال النوبة جزء أصيل من حكومة الحركة الاسلامية - كان هناك الشهيد دكتور علي فضل و شهداء رمضان من الضباط الشماليين و ضباط الوسط و الشرق يواجهون مصيرهم قتلا بالرصاص او بالتعذيب. و بالجانب الآخر عندما كان الألوف من طلاب و مواطني دارفور منتمون لجهاز الأمن أو كانوا يغلقون الجامعات و يذهبوا للجهاد في جبال النوبة و جنوب السودان و معهم الدباب الراحل رئيس حركة العدل و المساواة دكتور خليل - كلن علي الماحي السخي و دكتور مأمون و عثمان محمود و الطريفي و آخرون اما يواجهون التعذيب او الموت البطيء علي ايادي كوادر دارفور من منسوبي جهاز الأمن او كوادر العنف بالجامعات.
اذا نسيتم او تناسيتم ذلك فإن ذاكرتنا الجمعية تحتشد بالكثير من المظالم التي اوقعها بعض أهل دارفور و طلابها بمن تسمونهم الجلابة و ذلك من واقع انتماء اولئك المحسوبون علي دارفور لدولة الكيزان الظالمة التي تقتل الناس حسب مواقفهم السياسية منهم و ليس حسب انتمائهم القبلي كما تزعمون و الا لما مانت قتلت شماليين و ضمت الي صفوفها اعداد كبيرة من طلاب و مواطني دارفور، كما أن جرائم الشيخ موسي هلال و كوشيب و حميدتي و اعوانهم ضد أهل دارفور لم تتم بأوامر شيخ أبو سن أو عمدة الكنانة او البسابير او مك الجعليين - بل تمت بأوامر الحركة الاسلامية التي انتمي اولئك الي حزبها الحاكم المؤتمر الوطني بمن فيهم حميدتي الذي تصفقون لاغتصابات جنوده التي مارسوها علي نساء و عذراوات مواطني شمال و وسط السودان و كأن قضايا دارفور و مظالمها العالقة سوف يتم حلها بفض بكارة طالبة في المدرسة الابتدائية او سيدة يتم اغتصابها جماعيا ضمن بناتها فيتقاسمن حمل جينات مجرم من النيجر يصفق لجريمته مثقفون سودانيون و أصحاب فكر و قلم لا يشق لهم غبار و تحت ادعاء سافر و كذبة صلعاء بأن تلك ثورة إجتماعية ضد الظلم و التهميش. هل هذا حقا هو السودان الذي تحلمون به؟ و هل هذه هي الديمقراطية التي تعدون بها شعب السودان؟ و هل هذا حقا ما يشفي غليلكم من غبن تاريخي تراكم عبر عقود من الزمان؟
اعتقد أن ذلك عادلا. كل الولايات المتقاربة يتم دمجها مع بعضها البعض حتي تصبح وحدات إدارية اكبر تحوي إقتصاد متنوع و فرص تطور و استثمار أفضل ثم تقوم كل ولاية باختيار حكامها و تضع خطط تطورها و تتكفل بكامل مصروفاتها و تحتمل كامل المسؤولية عن اتخاذ قراراتها حتي نغلق الباب أمام أي ذريعة من قبيل لقد قمتم بتهميشنا او اختلستم موارد و مقدرات ولايتنا و ما الي ذلك من مقولات. اما التداول بين الولايات فيكون تبادلا تجاريا في حدود البيع و الشراء و المشاركة و الاقتراض او اي شكل من اشكال التعامل المتعارف عليها عندما يتعلق الأمر بالتجارة و إدارة الاقتصاد.
كل ولاية لها مواردها كاملة و عليها مصروفاتها كاملة و تنفرد بشكل كامل باتخاذ قراراتها السيادية مع وجود علاقة تربطها بالدولة يتم توضيحها وفق اتفاق مسبق يبين ملامح تلك العلاقة بالدولة او بما يجاورها من ولايات.
لقد تعبنا، فهناك ولايات مستقرة إجتماعيا تقوم بدفع فاتورة باهظة جدا بسبب ولايات أخري غير مستقرة بعض مواطنيها يتخذون من العنف و الحروب و السلاح وسيلة حياة و مصدر دخل و مع ذلك يعلو صوتهم بأنهم يواجهون عنصرية ممنهجة و تهميش متعمد من الآخرين و كأن قبائل الولايات الأخري يتسرب قادتها بعد منتصف الليل و يقيمون جلسات عصف ذهني لأجل الوصول الي اسرع الطرق و افضلها للتحكم في ثروات و أهل دارفور - هذا الابتزاز الماكر يجب أن يتوقف إذ ليس هناك شخص أو اسرة أو قبيلة أو ولاية أو دولة علي استعداد لسماع هذه الاكاذيب ناهيك عن التماهي معها أو تصديقها بعد كل ما رآه السودانيون من عداء ممنهج من تلك المجموعات الاثنية ضد الآخرين للدرجة التي تدفع مثقف و كاتب و مطالب بالديمقراطية و الحرية و حقوق الانسان أن يتغني طربا لجرائم الدعم السريع و حربه التي ينصب مدافعها داخل بيوت و قري و احياء المواطنين بعد أن أفقرهم بنهب نجائب خيلهم و قتل رجالهم و استفرد بالشيوخ و النساء يفعل بهم ما يريد وسط بوستات التشفي و الفرح الغامر بجرائم يندي لها الجبين و قد تفاعلنا نحن من قبل مع قضية دارفور التي لم نري من جرائمها عشر معشار الفيديوهات المتاحة للجميع الآن و مع ذلك لم نقل أن ذلك صراع دارفوري دارفوري بل كنا نفهم جيدا أن ذلك سببه حكومة الكيزان التي يقف علي رأسها العديد من منسوبي الشمال و الوسط و مع ذلك لم نصمت عن جرائمهم بل قمنا بفضحها و لاحقناها و لم يهدأ لنا بال حتي صدر أمر التوقيف للبشير و من معه من مجرمين و الآن و بالرغم من آلاف الفيديوهات التي تثبت جرائم الدعم السريع و التي صورها جنود الدعم السريع بأنفسهم و برغم وجود الآلاف من الأجانب الذين يقاتلون المواطن السوداني من داخل صفوف الدعم السريع و بالرغم من اثباتحقيقة الدعم الاماراتي و دعم بعض دول الاتحاد الافريقي البائن لقوات الدعم السريع و الذي شهدت عليه الكثير من وكالات الأنباء و التقارير الاخبارية و تقارير المنظمات الأجنبية التي تؤكد التدخل الخارجي في حرب السودان الا أنه لا زال هناك من يحتفي بجرائم الدعم السريع و يدبج لها البوستات و المقالات تحت دعاوي النضال ضد الظلم و التهميش و الإضطهاد. هل هذا كل ما يمكن أن يقدمه هؤلاء فيما يتعلق بحل ازمات السودان؟ اما عن هذه الحرب فهي سوف تنتهي بخيرها او بشرها و لكن سيبقي السؤال العالق هو ما الذي يمكن أن يقدمه هؤلاء لنا و لشعب السودان بعد انتهاء هذه الحرب؟ و ما هو تصورهم لمعالجة قضايا التنمية و توزيع السلطة و التطور الاقتصادي و النمو المستدام؟ فالدعم السريع قد حرث لهم الأرض تماما، فهل هناك أحد منهم يمكنه أن يخبرنا بالذي يمكننا أن تفعله بهذه الأرض البكر ؟
استحقاقات دارفور صارت بالنسبة للدولة السودانية مثل تعويضات حزب الأمة التي لا يعرف أحد كم هي و متي يمكن أن تنتهي. فالامام الصادق المهدي عليه رحمة الله كان عندما يعود من معارضة الخارج و يستلم مبالغ مالية يقول إنها تقع ضمن تعويضات حزب الأمة، و عندما تدفع له حكومة البشير أموال طائلة قبيل الانتخابات فيقوم بوضعها ضمن تعويضات حزب الأمة. أصلو حزب الأمة دا طالب الشعب السوداني كم؟ و ما هو المقدار المدفوع من ذلك الدين؟ لا أحد يعلم ، اللهم تعويضات يتم دفعها و السلام. كذلك الحال مع استحقاقات دارفور. كم هي؟ متي استحقت؟ من الذي استدانها او صادرها من دارفور؟ لا أحد يعلم. اللهم استحقاقات و السلام.
حتي الذين يقومون باستلام تلك الاستحقاقات. هل هم مفوضون حقا من أهل دارفور بذلك الاستلام؟ هل هم يوزعونها علي أهل دارفور؟ هل لهم قوائم بأسماء المستحقين؟ لا أحد يعلم. اللهم اناس يطالبون و دولة تدفع ثم تخرس البنادق الي حين تجديد آخر لشروط و أرقام المطالبات و إلا فإن السلاح سوف يلعلع في كل مكان.
هل هذه رؤية اناس يبحثون عن دولة موحدة و اقتصاد حر و استقرار؟
ما يدعوني للدهشة هو أن العديد من مثقفي دارفور يتعاطون مع الشأن السوداني و كأنهم هم الوحيدون المتعلمون في هذا الوطن المسمي السودان او كأنهم هم الوحيدون الذين يمتلكون خبرات قتالية و عسكرية دون باقي مكونات السودان رغم أن تاريخ و واقع السودان ينفي هذين الادعاءين. فمن قبل الاستقلال كان هناك سودانيون من شمال و وسط السودان يدرسون في كلية غردون او في الجامعات و المدارس المصرية و عندما كان الناقد و الأديب السوداني معاوية محمد نور ينشر في صحيفة السياسة و يتم تداول أعماله في جريدة الجهادفي العام ١٩٣٠ - كانت دارفور لتوها قد انضمت لخارطة السودان لم يمضي علي انضمامها ١٥ عام و حينها كلنت دارفور لا تعرف سوي الخلاوي و تعليم الدين. كذلك فإن بعض قبائل شمال السودان كانت تقول عن أبنائها: إن فشل للطورية و إن نجح للعسكرية، في اشارة مباشرة لأهمية العمل العسكري في تلك المجتمعات. فمن أين يأتي هؤلاء المثقفون الدارفوريون بهذه الثقة من أن مواطنو شمال و وسط السودان جهلاء لا يفقهون ما يخطط او يروج له فطاحلة السياسة و العمل المسلح في دارفور؟ الجميع في شمال و وسط بل و شرق السودان يفهمون جيدا ما يرمي له هؤلاء و لكن تلك المجتمعات لقد تطورت جراء التعليم المتواتر بين جماهيرها لسنوات طويلة و جراء الانشطة الزراعية و التجارية التي تقود أصحابها للتفكير في الحياة المدنية و الاستقرار و بالرغم من أن نخب بعض تلك المجتمعات في الوسط و الشرق و الشمال ظلت تحرص علي الامساك بالسلطة و بالتالي توجيه الدولة كما تشاء - الا أن الغالبية العظمي من المواطنين لا تعنيهم السياسة كما صارت لا تعنيهم العسكرية نفسها الآن و لكن بالجانب الآخر فإن العديد من مثقفي دارفور اكتشفوا سر المعرفة و سر القوة و استخدام السلاح اللذان يضمنان لهما أوضاعا إقتصادية و إجتماعية و وظيفية لا يضمنها لهم التدرج الطبيعي في السلم الوظيفي بالدولة لذلك اتخذوا من المعرفة و السلاح أدوات ابتزاز للسلطة القائمة في الخرطوم بل أن الخرطوم نفسها صارت لهم هدفا للاستمتاع بالرفاهية و بالخدمات لدرجة أن حاكم دارفور نفسه مني أركو مناوي قد رفض الذهاب الي دارفور لفترات طويلة و آثر البقاء بالخرطوم و إدارة شؤون ولاياته من جنة الرفاهية في السودان. ذلك هو الفارق بين مواطن الوسط و الشمال و بين مواطن دارفور الذي يري مثقفوه أن دارفور تم انتهاك حقوقها و تهميشها قسرا بعد أن تم ضمها للسودان في العام ١٩١٦ بقوة السلاح و لا أدري من اعتدي علي من؟ ففي العام ١٨٨٥ و قبل ضم دارفور الي السودان بواسطة المحتل البريطاني ب ٣١ عام قد حكم الخليفة عبد الله التعايشي كامل التراب السوداني و من داخل أمدرمان عاصمة السودان في ذلك الحين و قد جاء من أم دافوق علي الحدود بين افريقيا الوسطي و السودان و تربع علي عرش السودان لمدة ١٣ عام فعل فيها ما فعل من جرائم يندي لها الجبين و امامكم حادثة قطب الدولة المهدية عبد الله ود سعد و ما حدث له و الذي لم ينقذه من الغدر انتماءه المطلق للدولة المهدية و جهاده المستميت في صفوفها. فهل حقا كانت دارفور مهمشة؟ و قد استدعي الخليفة عبد الله قبائل دارفور و منحها أفضل اراضي و بيوت العاصمة و لا عزاء للجموعية و سكان أمدرمان الأصليين فكانت إحياء مثل العباسية و حمد النيل و الموردة و غيرها من شواهد التهجير القسري لسكان أمدرمان الأصليين و احلال آخرين مكانهم و من يدعي بأن تلك الأراضي قد كانت أراضي خالية تماما من السكان فعليه أن يأتينا بتلمود جديد يقرأ لنا منه قصة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
نحن لسنا جاهلون بتاريخ بلادنا او حراكها الإجتماعي و لكنا ندعو لمجتمع مدني يتعايش سلميا بعيدا عن النزاعات المسلحة و الاحتراب و الاقتتال لأتفه الاسباب و لذلك فإننا اول من يقوم بمعارضة حكوماتنا العسكرية ( المحسوبة علي أهلنا في وسط و شمال السودان ) بل و حتي المدنية منها حين يتعلق الأمر بالعدالة و الحقوق و لكن لا يمكن لمثقفي دارفور أن يخططوا لتقديمنا و أهلنا قربانا لدولتهم المزعومة فينحروننا علي المحراب ثم بكل مكر الدنيا و خبثها يريدوننا أن نكون نحن انفسنا من ينفذ ذلك الحكم.
Come on, everyone It is abundantly clear that you are planning something malicious
12-10-2024, 01:04 PM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39363
سلام وليد قلنا للناس، والشباب، 2019 ما تمشو القيادة امشو المحكمة الدستورية العليا ومن الساحة الخضرا 1- رجعو علم الاستقلال،القديم 1956واجدعو علم الاستعباد، الايدولجي، بتاع، مايو 1969 2- الغاء الولايات الكثيرة والاقاليم المشوهة واستعادة اقااليم قبل 1989 ومرجعية دستور1974 3- اطلاق، المؤسسات ال11 ومالية البوردًًده. 4- سمكرة الجنوب، الجديد، والقديم بمرجعية دستور،2005 واتفاقية نيفاشا
5 الانتقال، الكامل، للاشتراكية الدولية ودول، بريكس، والصين لاعادة الاعمار، بواسطة وزارة التخطيطً والتعاون الدوليً والذهب، مقابل، التنمية وترك اللهاث، خلف، البنك الدوليً، ونادي، باريسً وتسوول، دول، الخليج، الناهبة للسودان المفضوحة 6- اطلاق، اذاعة وتلفزيون جديد يشبه، السودان والسودانيين وهسة نحن فيً2025 مع نفسً الناس ونفس، التوهان يا ريت تتجدد، الثورة بعلم حسنين ويتعلمو، حاجة جديدة من الحراك، السوري، والعلم الوطني، لحقيقي وبرضه المشوار طويل، للدولة الديمقراطية الفدرالية الاشتراكية المدنية والعاقبة للمتقين.
12-10-2024, 01:09 PM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39363
فكرتك دي، هيً البند، الثاني، في، الروزنامة، اعلاه العودة للاقاليم الخمسة القديمة اسهل، لانه في، وصف،، دستوري، ليها بس باسس جديدة
تعيين حاكم اقليم بالمشورة الشعبية في، كل، اقليم وحكومة اقليم ومجلس، تشريعيً انتقالي، بعدد، السكان في، كل، اقليم، وقوة المقعد اطلاق المحالس، المحلية والريفية استعادة الادارة الاهلية الاصل، وقانون الجنسية الخضرا، والبنية ومراجعة الرقم الوطنيً لو حصل، من 2019 ما، كان وصلنا، الوضع ده ارمي قدام بسً
اغرب حاجة حصلت في الحكومة الانتقالية هي ان النظام الاداري كان مزيجا بين الأقاليم و الولايات، فبالرغم من أن الولايات ظلت كما هي - الا أن مني اركو مناوي كان حاكم اقليم دارفور . دارفور التي ظلت تشتمل علي خمس ولايات بحكامها حتي بداية الحرب ، الا أنها ايضا كان و لا يزال لها حاكم إقليمي واحد ، و هذا الأمر يدعو للدهشة بل و يثبت تخبط الدولة لأنه لم ينص عليه دستور او قانون. فإذا كان هناك حاكم لإقليم دارفور و في نفس الوقت يوجد ولاء لولايات دارفور العديدة، فهل دارفور إقليم واحد أم مجموعة ولايات؟ و هل حكام الولايات تحت سلطة حاكم الإقليم أم ان الولايات وحدات إدارية منفصلة ينفرد بإدارتها الولاة؟ و هل الولاية تابعة للإقليم أم انها مستقلة عنه؟ و اي السلطات التشريعية و التنفيذية تابعة للولاية و ايها يتبع للإقليم؟
اعتقد أن البشير قام بتفكيك دارفور الي عدد من الولايات بغرض إضعافها و كذلك بغرض الترضيات السياسية حتي يمنح مناصب سياسية و دستورية لأكبر عدد من المؤلفة قلوبهم بالحكم من اصحاب المصلحة مع نظام الكيزان، و عندما جاءت اتفاقية جوبا للسلام لم يجدوا مكانا ملائما للسيد مني اركو مناوي فاختلقوا له هذه الوظيفة التي لا مكان لها في الدستور و انما هي وظيفة لجعله يشعر بأنه يمتلك سلطة شاملة علي كامل تراب دارفور بغض النظر عن وجود عدد من الولاة و عدد من الولايات و كأنهم يقولون له انت والي ولاة و لايات دارفور بأكملها ، و كما كان البشير يضع مني اركو مناوي في منصب فخري لا معني له و هو مساعد رئيس الجمهورية فأنا اعتقد ايضا أن حاكم اقليم دارفور منصب فخري لا معني له و ذلك ما جعل مني اركو مناوي يزاول مهامه من العاصمة في كثير من الاحيان و أنه الآن و برغم الحرب فهو ايضا يزاول مهامه من خارج الإقليم لأنه في الحقيقة لا يلتزم بجدول عمل واضح يفرض عليه البقاء داخل الإقليم لمتابعة مهامه كحاكم لكامل مناطق دارفور. هذا الاستهبال السياسي الذي يقوم به مجرمو قيادة الدولة في الخرطوم انما هو أحد اسباب هذا الاقتتال الدائر في كل ربوع الوطن الحبيب. كما أن الإدارة الأهلية قد تم تهميشها تماما و منذ عهد نميري و احيلت الي مسخ إداري تابع لأي حكومة تفرض سيطرتها علي البلاد و خاصة الحكومات التي يسيطر عليها الجيش.
تحياتي adil amin اعتذر لك علي تأخير الرد، فقد قمت بكتابة رد مع اقتباس لمداخلتك و لأني اكتب من التلفون فلم استطع ارسال ذلك الرد رغم تكراري للأمر عدة مرات، لذلك فسأكتب ردي لمداخلتك دونما اقتباس
أراني اتفق معك في كثير مما ذهبت اليه خاصة فيما يتعلق بدستور عام ١٩٧٤ الذي يبدو أن الكيزان حاولوا تقليده في دستور ٢٠٠٥ الذي انفصل بعده جنوب السودان ، و بالرغم من أن دستور ٢٠٠٥ فد نص صراحة علي أن المواطنة اساس الحكم الا أن الهوس الكيزاني بالدين أصر علي الإبقاء علي ملامح الاسلمة في الدولة بل و في الدستور نفسه مما جعله متناقضا و مريبا بالنسبة لأهلنا في جنوب السودان فجعل الوحدة غير جاذبة لهم فاختاروا الانفصال و بالرغم من أن الاسلمة نفسها ظلت شعارا فقط او عصا مشهرة في وجوه المعارضين الا أن الكيزان أصروا علي التمسك بها حتي و لو كانت النتيجة ضياع ثلث مساحة السودان و ثلاثة ارباع ثروته من النفط و بالرغم من أن الشريعة الاسلامية لم تكن مطبقة حينها و لمدة ١٦ منذ بداية انقلاب الاسلاميين الا أنها ظلت هوسا و هاجسا يقلق منام الكيزان فلا هم قادرون علي تطبيقها و لا هم مستعدون للتنازل عنها و لذلك اختاروا تعليقها لإرضاء العالم الخارجي و اكثار الحديث بالداخل لإرهاب المواطن او حمله علي المباركة و القبول. كذلك اتفق معك فيما ذكرته عن علم مايو الذي لم يكن ليعبر عن ملامح استقلال بلادنا و انما كان نسخ اعمي لأعلام عربية أخري متجاوزا علم الاستقلال القديم الذي كان إلهاما ليس للشعب السوداني وحده بل للعديد من الدول الافريقية التي اقتبست منه ألوان اعلام استقلالها فيما بعد اعترافا منها بنضال و تضحيات أهل السودان اول الدول استقلالا في القارة السمراء ثم جاء نميري و ركل كل ذلك المجد و ارتمي في احضان قومية عربية لا تعترف به الا نصيرا و معاونا لا ندا و شقيق. كذلك فقد قطع علم نميري الطريق امام تواصل الأجيال الحديثة مع أجيال الاستقلال و حذف من ذاكرتنا الجمعية مواقف بطولية لمناضلين و مناضلات ارتبطت نضالاتهم بعلم السودان القديم و منهم الفنانة حواء الطقطاقة و التي كان لها موقفا نضاليا مشهودا و هو حياكتها ثوب سوداني بألوان علم الاستقلال لبسته احتفالا بذلك اليوم الخالد في مسيرة و تاريخ شعبنا الكريم ، و لا يكاد أحد يذكر لها ذلك الموقف النبيل و كل ما يعرفه الناس عنها الآن هو انها فنانة دلوكة و غنا بنات لا غير. كذلك فإن هناك قصائد خالدة ارتبطت بالعلم القديم و بألوانه مثل قصيدة علمي انت رجائي انت عنوان الولاء، انت رمز للفداء انت رمز للولاء، لونك الأخضر زرع لونك الازرق ماء، لونك الأصفر أرض يفتديها الأوفياء. فقد قام نميري بحجب كل ذلك من ذاكرتنا الجمعية و حجب معه الكثير بتغييره للعلم. اما الرجوع الي الأقاليم القديمة فذلك أمر مهم للغاية و ذلك ما عنيته بالضبط لأن الرجوع الي الأقاليم القديمة يقلل الانفاق الحكومي بتخفيض عدد الدستوريين و الحكام في الأقاليم و عندما نمنح الاقاليم حرية في اختيار من يمثلها فذلك يقلل حدة الصراع علي السلطة و كذلك اذا منحت الاقاليم فرصة لإدارة مواردها المالية و استثمار ثرواتها فذلك سوف يقلل من حدة الصراع حول الثروات و يقلل من قبضة المركز و يزيد من فرص التعايش السلمي بالدولة.
12-12-2024, 02:01 PM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39363
حياك الله يا، وليد الفدرالية الرشيدة في، السودان افسدتها، المشاريع المركزية المصرية المجرمة القوميين العرب 1969 والاخوان المسلمين، 1989 ومصرين علي، مركزية الدولة حتي، الان وخدمة مصر، وجابت ليها، امارات كمان 2025 وقحت او تقدم نفس، الناس، ونفس، الفشل شوف اول مشروع فدرالي، كان بتين ولحدي هسة القحاتة يقولو ليك ما عارفين كيف، يحكم السودان السودان يحكم كده من قبل، الاستقلال، 1955 اول، مشروع فدرالي، في، السودان
Quote: رأي الأستاذ محمود محمد طه منذ سبعين عاما
(السودان يجب أن يكون جمهورية ديمقراطية اشتراكية فدرالية..)
إن اهتمامنا بالفرد يجعلنا نتجه، من الوهلة الأولى، إلى إشراكه في حكم نفسه بكل وسيلة، وإلى تمكينه من أن يخدم نفسه ومجموعته في جميع المرافق، التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك بتشجيع الحكم الذاتي، والنظام التعاوني ولما كان السودان قطرا شاسعا وبدائيا فإن إدارته من مركزية واحدة غير ميسورة، هذا بالإضافة إلى ما تفوته هذه المركزية على الأفراد من فرص التحرر والترقي والتقدم، بخدمة أنفسهم ومجموعتهم، ولذلك فإنا نقترح أن يقسم السودان إلى خمس ولايات:- ١- الولاية الوسطى ٢- الولاية الشمالية ٣- الولاية الشرقية ٤- الولاية الغربية ٥- الولاية الجنوبية ثم تقسم كل ولاية من هذه الولايات الخمس إلى مقاطعتين وتمنح كل ولاية حكما ذاتيا يتوقف مقداره على مستواها ومقدرتها على ممارسته، على أن تعمل الحكومة المركزية، من الوهلة الأولي، على إعانة كل ولاية لتتأهل لممارسة الحكم الذاتي الكامل، في أقرب فرصة، وأن تمنحها سلطات أكثر نحو كل ما بدا استعدادها ويقوم الحكم الذاتي في كل ولاية على قاعدة أساسية من مجالس القرى ومجالس المدن ومجالس المقاطعات ومجالس الولايات حتى ينتهي الشكل الهرمي بالحكومة المركزية التي تسيطر على اتحاد الولايات الخمس، وتقويه، وتنسقه بسيادة القانون لمصلحة الأمن والرخاء في سائر القطر، وفيما عدا حالات الضرورة لا تتدخل حكومة الولاية في شؤون المقاطعة ولا حكومة المقاطعة، في شؤون المدينة ولا المدينة في شؤون القرية، كما لا تتدخل الحكومة المركزية في شؤون الولايات التي يجب أن تمارس كل السلطات التي يلقيها عليها ذلك المقدار من الحكم الذاتي الذي تمارسه، إلا أن يكون تدخلا لضرورة الإرشاد والإعانة، حتى إذا ما نشأت مسائل في نطاق غير حكومة واحدة أمكن وضع نظام مشترك فالتعليم، مثلا، يقع نظامه تحت تشريع كل ولاية على حدة، ولكن الحكومة المركزية تساعد الولايات في التعليم بالتنسيق والإرشاد وبالهبات المالية، لأنه يهم الأمة جمعاء، كما يهم كل ولاية على حدة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالصحة والتنظيم وبترقية حياة الناس من جميع وجوهها. وسيكون نظام كل حكومة ابتداء من حكومة القرية فصاعدا على غرار النظام الديمقراطي، الذي يكون الحكومة المركزية في القمة، من دستور مكتوب، وهيئة تشريعية وهيئة تنفيذية وهيئة قضائية، والغرض من هذا تربية أفراد الشعب تربية ديمقراطية، سليمة وموحدة في جميع مستوياتهم العلمية وبيئاتهم الاجتماعية.
أسس دستور السودان محمود محمد طه الطبعة الأولى - ديسمبر ١٩٥٥
شكرا adil amin علي رفد البوست بهذه الإضافة المهمة عن رأي الاستاذ محمود محمد طه في قضية دستور السودان و قضايا الممارسة السياسية و الحكم. الاستاذ محمود محمد طه قد وضع اسس واضحة لحل الازمة السودانية و اعتقد أن الحزب الجمهوري كان بإمكانه أن يقدم الكثير من الحلول لمشاكل الدولة و المجتمع السوداني و لكن للأسف فإن الحزب واجه هجوم شرس من العديد من السياسيين و من الاحزاب السياسية السودانية و أذرعها المتجذرة في المؤسسات العسكرية و الأمنية و الشرطية و المجتمع و لأن عضوية الحزب الجمهوري كانت و لا تزال محدودة لكونه حزب غير طائفي فلذلك فهو قد تأثر سلبا و بصورة مباشرة من ذلك العداء الممنهج ضده مما جعله ينكفي علي نفسه خاصة بعد التآمر عليه باغتيال الاستاذ محمود محمد طه الذي كان له من العبقرية الإدارية و وضوح الرؤية قدر كبير وضعه في مرمي نيران الغالبية العظمي من السياسيين السودانيين حين كان السودان بحاجة لأناس مثله و لأعضاء ناضجين فكريا و سياسيا مثل العديد من أعضاء حزبه، و بعيدا عن اسهامات الاستاذ محمود محمد طه في كتابه عن دستور السودان فهناك رؤية جمهورية أخري ثاقبة جدا تعكس لنا مدي أهمية الحزب الجمهوري في الحياة السياسية السودانية و لو أن الاحزاب السودانية وقفت الي جانب الحزب الجمهوري و لم تناصبه ذلك العداء السافر - لوجدنا الآن بلادنا في مكان آخر تماما مقارنة بهذا النفق الضيق المظلم الذي نحيا فيه الآن. فقد ذكر الاستاذ محمد خير البدوي في كتابه قطار العمر، هذا النص في ص ٢٩٢ ( قال ابراهيم بدري: إن الحزب لا يزال علي رأيه في عدم تحديد موعد للسودنة أو ربطها بتقرير المصير و انما ينبغي ان يسير تنفيذها جنبا الي جنب مع تطوير الجنوب. فوجئنا في إجتماع عقد بالعاشر من يناير باتفاقية قيل لنا أنها ستكن اساسا لدستور الحكم الذاتي. وقّع مندوبو جميع الاحزاب عليها باستثناء ابراهيم بدري الذي رفض التوقيع نيابة عن الحزب الجمهوري الاشتراكي بحجة أن الاتفاقية تشكل خطرا علي مستقبل العلاقة بين الجنوب و الشمال مما يهدد وحدة البلاد و لا بد من الإبقاء علي سلطات الحاكم العام في حالة عدم ايجاد بديل فعال يطمئن الجنوبيون له و يزيل مخاوفهم.)
إصرار الحزب الجمهوري علي عدم تحديد موعد للسودنة او ربطها بتقرير المصير حتي تكتمل مساعي تطوير الجنوب، فمندوب الحزب الجمهوري في الاجتماع الاستاذ ابراهيم بدري رفض التوقيع علي الاتفاقية التي قيل أنها سوف تكون اساس لدستور الحكم الذاتي - فذلك الإقتراح بمنح الدولة الفرصة لتطوير الجنوب قبل انفاذ مشروع الحكم الذاتي ثم الرفض علي توقيع الاتفاقية انما هو أكبر دليل علي أن الحزب الجمهوري كان يسبق الكثير من الاحزاب السودانية برؤيته المستقبلية لقضايا الصراع في السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة