في موقف يثير الدهشة والاستنكار، رفض والي ولاية القضارف ونائبه استقبال النازحين من قرى الجزيرة، مبررين ذلك بأن التعليم يحتل الأولوية القصوى ويتفوق على مسألة إيواء النازحين وحمايتهم. إن هذا التصريح يعكس قصورًا في الرؤية الإنسانية وسوء تقدير لماهية الأولويات في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها السودان اليوم.
لطالما كان التعليم ركيزة أساسية لبناء المجتمعات وتطويرها، ولكن هل يصح أن نضعه في كفة مقابل كفة حياة الإنسان وحقوقه الأساسية في الأمن والمأوى؟ إن التعليم، مهما كان ضروريًا، لا يكون ذا قيمة إذا ما تجاهلنا أساسيات الحياة نفسها. فالنازحون الذين تركوا بيوتهم وأراضيهم يواجهون مشقات تفوق الوصف، ويعيشون ظروفًا تهدد حياتهم وصحتهم، وهم في حاجة إلى ملاذ آمن، لا إلى تجاهل ومعاملة لا إنسانية.
أن يصرح مسؤول بهذا المستوى بأن التعليم أهم من حياة الناس يعكس غيابًا للرؤية الإنسانية وتهميشًا لمبادئ أساسية تتعلق بأمان الأفراد وحقهم في الحماية والرعاية، خاصة في أوقات الأزمات. إن هذا الموقف يجعلنا نتساءل: ما جدوى تعليم لا يحترم حق الإنسان في الحياة الكريمة؟ وما الذي يمكن أن يتعلمه الأطفال في ظل مجتمع يعجز مسؤولوه عن إيواء النازحين وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة؟
اليوم، وفي ظل هذه الأزمة، يجب على المسؤولين أن يتذكروا أن حماية الإنسان وسلامته تأتي أولاً، وأن التعليم الذي يتحدثون عنه هو بناء طويل الأمد لا يمكن أن يتحقق بدون توفير بيئة آمنة ومستقرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة