الدعوة إلى الحوار مع الكيزان حتى تتوقف الحرب لا معنى لها، لأن الكيزان، وإلى حين إشعار آخر، فاقدين حاسة السمع لأي صوت سوى صوت أنانيتهم المتسفلة. لن يستعيدوا حاسة السمع لأصوات الآخرين إلا في حالة واحدة فقط وهي انكسار شوكتهم العسكرية وفقدانهم لأدوات قهر الآخرين! لن يكفوا عن العض إلا إذا سقطت أسنانهم! هذا لسان حالهم ومقالهم معًا!
من هذا المنطلق، يتفاوت الرأي العام السوداني حول فكرة الحوار مع الإسلاميين (الكيزان). فبينما يرى البعض أن الحوار ضرورة من أجل إيقاف النزيف الذي يعاني منه السودان بفعل الحرب، يرى آخرون أن الإسلاميين لم يُظهروا أي نية صادقة للانخراط في عملية سياسية حقيقية وأن دعوتهم للحوار ما هي إلا محاولة لكسب الوقت وإعادة تنظيم صفوفهم لاستعادة السيطرة على السلطة بالقوة.
القوى الديمقراطية، وعلى رأسها قوى الحرية والتغيير، ترفض مبدأ التفاوض مع الإسلاميين دون أن يتخلوا عن تطلعاتهم لإعادة النظام القديم. وتؤكد هذه القوى أن الإسلاميين لم يعترفوا بعد بفشل مشروعهم السياسي أو بمسؤوليتهم عن تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في السودان. بالنسبة لها، من غير الممكن الحديث عن حل سياسي شامل قبل أن يقبل الإسلاميون بأنهم مواطنون عاديون في السودان، لا سادة وأوصياء.
من جانبهم، يُشير بعض قادة الأحزاب الإسلامية إلى أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، زاعمين أن إقصاء الإسلاميين هو ما عمّق الانقسامات السياسية. المؤتمر الشعبي جناح علي الحاج، على سبيل المثال، قدّم موقفًا محترمًا ضد انقلاب 25 أكتوبر، ودعا علنًا إلى إيقاف الحرب، وهو ما دفع بعض القوى السياسية إلى قبوله في المشهد كطرف يمكن التعامل معه.
لكن الجناح الأكثر تشددًا من الإسلاميين، المتمثل في قيادات مثل علي كرتي وآخرين من النظام السابق، لا يزال يتبنى خطابًا عدوانيًا وغير قابل للتفاوض. هذا الجناح يرفع شعارات مثل "شنق آخر قحاتي بأمعاء آخر جنجويدي"، مما يدل على رفضهم لأي تسوية سلمية حقيقية. هؤلاء يرون أنفسهم في موقع القوة الأخلاقية والسياسية، متوهمين أنهم في موقع يتيح لهم فرض شروطهم الخاصة على القوى الديمقراطية.
المعارضة السياسية الواسعة في السودان تؤكد أن هذه العقلية المتعنتة التي يتبناها الإسلاميون تعرقل أي فرصة للسلام. وقد صرّحت بعض القيادات الديمقراطية بأن أي حوار في الوقت الحالي مع الإسلاميين، خاصة مع عدم وجود أي تغييرات في خطابهم أو سلوكهم، سيكون عبثيًا ولن يؤدي إلا إلى استمرار الحرب وإراقة المزيد من الدماء.
في هذا السياق، يرى بعض المحللين أن الحوار مع الإسلاميين قد يكون ضروريًا، ولكن ليس بالشروط التي يطرحها الكيزان. فهم، حتى الآن، لا يظهرون أي استعداد للتخلي عن مشروعهم القديم أو قبول مبدأ المواطنة المتساوية. كما أن رفضهم للتفاوض بحسن نية مع القوى الأخرى يعكس عدم إدراكهم لواقع توازن القوى في السودان اليوم.
الشارع السوداني منقسم في مواقفه؛ فهناك من يرى أن أي حل سياسي لا يشمل كل الأطراف سيؤدي إلى مزيد من الصراعات، بينما يرى آخرون أن الإسلاميين لا يزالون يمثلون خطرًا على الديمقراطية، وبالتالي فإن إقصاءهم مؤقتًا قد يكون الخيار الوحيد لحماية التحول الديمقراطي.
في أخر الامر ، من الواضح أن المسؤولية في استمرار الحرب لا تقع فقط على القوى السياسية المعارضة، كما يُروَّج أحيانًا، بل إن تعنّت الإسلاميين ورفضهم لأي تسوية عادلة يعقد الأمور أكثر. وعليه، فإن أي دعوة لحوار مع الإسلاميين يجب أن تنطلق من واقع جديد يعترف بفشلهم في الحكم، ويُظهر استعدادًا حقيقيًا منهم للتخلي عن تطلعاتهم بالسيطرة المطلقة.
09-25-2024, 03:38 AM
Nasr Nasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11414
ما في مانع من أي حوار مع الكيزان يؤدي لوقف الحرب وقد تحاورنا معهم من قبل رغم قتلهم الشباب وأغتصابهم للكنداكات في إعتصام القيادة أخترنا التفاوض حقنا للدم السوداني ورضينا بمجلس سيادي يقاسمونا فيه السلطة وتحاورنا معهم بعد إنقلاب اكتوبر وقادتنا في السجون وقادتهم قد أخذو من السجن لمستشفي خمسة نجوم من أجل وقف الحرب أي حاجة تهون
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة