|
Re: الفن في مرآة الصراع: فنانو السودان بين الو (Re: Mohamed Adam)
|
الفن في مرآة الصراع: فنانو السودان بين الولاء والمبادئ.
يمثل الفن أحد أبرز تجليات الهوية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات، وفي السودان، نجده، يتفاعل بشكل عميق مع السياقات السياسية والصراعات المستمرة منذ نشأة "الدولة". تتشكل تجربة الفنانين السودانيين في ظل الظروف القاسية التي مر ويمر بها الوطن، مما يجعلهم أمام خيارين: الولاء للسلطة أو الالتزام بالمبادئ الإنسانية والاجتماعية..!
ففى السياق التاريخي والسياسي، على مر العقود، شهد السودان تحولات سياسية عاصفة، بدءا من الأنظمة العسكرية إلى الانتفاضات الشعبية. كل هذه الأوضاع أدت إلى تأثر الفنانين بشكل مباشر، حيث أُجبروا أو بعضهم يتطوع، على اتخاذ مواقف تجاه قضايا البلاد المعقدة. في هذا السياق، برزت ثنائية الولاء والمبادئ، حيث نجد بعض الفنانين يختارون دعم الأنظمة الحاكمة في سعيهم لحماية مكانتهم أو تحقيق مكاسب شخصية، بينما اتجه آخرون نحو الإلتزام بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
الولاء للسلطة مؤكد لها تبعات وتحديات. في بعض الأحيان، يجد الفنان نفسه في موقف يتطلب منه التملق للسلطة. فنانة مثل ندى القلعة، وفنان مثل إسماعيل حسب الدائم، وجمال فرفور.. على سبيل المثال، واجهوا انتقادات بسبب ولائهم للأنظمة الحاكمة. يتجلى هذا الولاء في أعمال قد تعكس مشاعر الفخر والانتماء، ولكنها تفتقر إلى القدرة على التعبير عن الهموم الحقيقية للشعب. يمثل هذا الاتجاه تحديا كبيرا، حيث يؤدي فى الغالب إلى إنتاج فن سطحيا، يبتعد عن قضايا، القتل ، الدمار، الفقر والظلم والمعاناة أو ممكن تقول يبتعد عن هموم الوطن الحقيقية..!
على النقيض من ذلك، نجد فنانين يلتزمون بقضايا الشعب ويستخدمون فنهم كأداة للتغيير. أبو عركي البخيت ونانسى عجاج، حسين الصادق.. على سبيل المثال، يشكلون رموزا للفن الذي يهدف إلى تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية الراهنة والحيوية. تعكس أعمالهم رغبة في مواجهة الظلم والفساد، مما يجعلهم صوتا لمن لا صوتا لهم. ووطنا لمن لاوطنا لهم، هنا، يصبح الفن وسيلة للتحريض والتعبير عن الآلام والآمال.
بالطبع… تؤثر خيارات الفنانين بشكل مباشر على الجمهور. بينما يفضل بعض الفنانين الملتزمين بقضاياهم، تقديم سلوك وطنى راقى، نجد البعض الآخر يرتاح للفن الذي يعبر عن الولاء للسلطة. ومع ذلك، نجد أن الجمهور بدأ يدرك أهمية الفن كوسيلة للتغيير، مما يعزز من شعبية الفنانين الذين يجرؤون على التعبير عن آرائهم بصدق.
يمثل الفن السوداني مرآة تعكس التحديات والصراعات التي يواجهها مجتمعنا السودانى. في الوقت الذي يختار فيه بعض الفنانين الولاء للسلطة، وفى الجانب الآخر، يتبنى آخرون المبادئ الإنسانية ويسعون إلى تغيير واقعهم بكل صدق.
يبقى السؤال مفتوحا على القارئ، كيف سيؤثر هذا الصراع بين الولاء والمبادئ على مستقبل الفن في السودان؟ إن التجارب الفنية التي تتبنى الشجاعة والتعبير عن الهموم الحقيقية قد تكون هي المفتاح لمستقبل أكثر إشراقا وتغييرا إيجابيا.
| |
  
|
|
|
|