كتبت بالأمس مقالاً اسميته اين الجيش السوداني؟ قلت في مطلعه " أين قوات الشعب المسلحة السودانية؟ أين عنوانها وكيف واين نجدها لنخاطبها لا لنسألها عن حالها، فذلك بيّن، بل لنقول لها "إن الشعب السوداني طوال تاريخه كان يغفر لها جرائمها في حقه املاً في "انه لمّن يجي يوم الحارّه بنلقاها وبتدافع عننا عشان هي مننا وفينا ونحن جُعنا وفِقِرنا ومُتْنا من المرض، وأولادنا ما لقوا تعليم ولذلك قعدوا جهلة، بينما القوات المسلّحة بتبني في المؤسسة الاقتصادية والتصنيع الحربي ورِضِينا وسكتنا عشان القوات المسلّحة تكون قوية وقادرة وحاضرة للدفاع عننا". قرأ أحد الأصدقاء القراب وإن كان مختلفاً معي في الرأي، وإن كان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، كتب لي الآتي مباشرةً، ولعله اكتفى بالعنوان والسؤالين الاولين، كتب لي صديقي ذاك
"معليش معليش ما عندنا جيش كنداكة جات بوليس جرى فرتقتوا الجيش زمان هسي بقيتوا تفتشوا فيه (اين الجيش السوداني)
سبحان الله"
كان ردي بسيطاً ومباشراً، "قبل ما نقول منو الفرتق الجيش؟ ومنو البفتش فيه، إذا فهمت إني بفتّش فيه تبقا you missed the point.
نقول للأخ الحبيب ان الجيش السوداني عنوانه معروف ومقاره معروفه وقادته معروفين وليس تلك المعضلة ولكن المعضلة تكمن في التمترس وراء فكرة والقفز الى النهايات دون أساس. مقالي المذكور ذكرت فيه وقائع عاشها السودانيين وشاهدوها وشاهدها معهم العالم وانطبعت ليس في اذهانهم فحسب بل في وجدانهم من فرط قسوتها ووحشيتها. فثورة ديسمبر المجيدة عايشها السودانيين وشاهدها كل العالم كما شاهد مجزرة فض الاعتصام على الهواء مباشرةً قبل ان تأمر قيادة الجيش بإيقاف خدمة الانترنيت والمفاوضات والاتفاق السياسي والتوقيع على الوثيقة الدستورية تابعه السودانيين الذين كانوا يبيتون امام قاعة الصداقة لمتابعة المفاوضات وشاهده معهم كل العالم. احداث دارفور شاهدناها جميعاً وتعديات الدعم السريع شاهدناها جميعاً. انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر كان منقولاً على الهواء والسودانيين كانوا في الشارع يحتجون حتى قبل بزوغ الفجر وإذاعة البرهان لبيانه وقتل المتظاهرين الذي بدأ في ذلك اليوم امام القيادة كان منقولاً على الهواء. والاحداث التي تلت ذلك من قتل للمتظاهرين وحماية لاعتصام الموز وقفل الطريق القومي والميناء كانت منقولة على الهواء مباشرةً. إذن انا لم اذكر الا حقائق عايشها الشعب السوداني، ام تريد ان تقول ان مظاهرات الفلول ومسيراتهم لم تكن محمية؟ ذلك امر استنكره حتى حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة حينها، مرةً أخرى على الهواء مباشرةً.
هل هتف الثوار معليش معليش ما عندنا جيش؟ نعم وهم محقين في ذلك، فالجيش لم يقابلهم بالورود بل انه اغلق أبواب القيادة امامهم وتركهم ليقتلوا ويسحلوا ويضربوا ويداس على رؤوسهم بأعقاب البوت، ام ان ذلك في عرفك امر عادي يستحقه المواطن السوداني من جيشه، ليس فقط من جيشه بل الذي اعتصم امام قيادته ليحتمي به فتخلى عنه بأبشع الصور ولم تكن لاي منهم ذرّة من نخوة ليحمي بناتنا من الضرب وسوء المعاملة والاغتصاب، بل بالتشهير الكاذب عندما تم بث فيديو طيور الظلام.
هل هتف الثوار كنداكة جات بوليس جرى؟ نعم، وهم محقين في ذلك، فماذا كان يفعل البوليس بالثوار؟ وكيف كانوا يضربون ويتم جّرهم بالأرض و يضربون كما الحيوانات و يعذبون و يساقوا الى الزنازين ليتم حشرهم فيها حشراً و يمنع المحامين من مقابلتهم اولاداً كانوا ام بنات، و عندما طلبت الحكومة الانتقالية من الشرطة الالتزام بالإجراءات القانونية تقاعسوا عن أداء واجباتهم و انفرط الامن و كانوا يرددون في أي مناسبة "دي المدنية الدايرنها". لا لسبب الا لأنه تم محاسبة بعض المتفلتين منهم للدرجة التي اضطر وزير الداخلية ان يخاطبهم بوجوب الالتزام بالقانون وان كل من يردد دي المدنية الدايرنها سوف تتم مجاسبته.
اما فرتقتوا الجيش دي فأغلب الظن أنك لا تدري عما تتحدّث. الوثيقة الدستورية قالت بإصلاح القوات المسلّحة و أصر الجانب العسكري ان تتولى القوات المسلحة الإصلاح، و لم يتدخل أي مدني في شأن القوات المسلّحة و ما تم أخيرا جداً هو الحاق جهاز الشرطة و جهاز الامن بسلطة مجلس الوزراء.
الجيش ان كنت لا تعلم "فرتقه" البرهان، اولاً انتقاماً من حامد الجامد وزملاؤه وثانياً ارضاءً لحميدتي، حيث عزل كل ضابط كان يحتج على وضع حميدتي وسلطاته العسكرية.
السودانيون يعرفون الاحداث ويعرفون من فعل ماذا ولم يعد باستطاعة احد تضليلهم او "سواقتهم بالخلا" بأمثال الانصرافي و بسيوني و بقية الابواق، نحن في وقت احوج ما نكون فيه لان تكون وقائع الأشياء و حقائقها واضحة لئلا تتكرر مآسينا، فإن لم نتعلم من درس هذه الحرب فلن يكون هناك سودان.
مامون محمود بخاري
08-22-2024, 04:39 PM
حيدر حسن ميرغني حيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة