|
Re: لا تتولوا كبرها (Re: الزبير بشير)
|
تحياتي الزبير الختمي أنت تري الصمت من ناحية بعيدة عن مضمون الصمت في هذا الحديث النبوي يا صديقي يوقول أهل التصوف هذا عن فلسفة هذا الحديث الحديث النبوي "إن الله - عز وجل - يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة" يحمل في طياته رؤية عميقة يمكن تحليلها فلسفيًا من عدة جوانب:
1. الصمت كأداة للتواصل الروحي عند تلاوة القرآن: الصمت هنا يعكس احترامًا وتقديسًا لكلام الله. فلسفيًا، يمكن رؤية هذا الصمت كطريقة لفتح قناة روحية بين الفرد والنص المقدس. الصمت يتيح للفرد استقبال معاني القرآن بتأمل وخشوع، مما يعزز من فهمه وتأمله في الآيات. تأمل وفهم: الصمت يخلق مساحة للتفكر والتأمل في معاني القرآن، ويعزز من حالة الاندماج الروحي، حيث يلتقي الفهم العقلي بالتجربة الروحية. 2. الصمت كتعبير عن التركيز والشجاعة عند الزحف: الزحف يشير إلى القتال أو الحرب. في هذا السياق، الصمت ليس علامة على الخوف، بل هو تجسيد للشجاعة والتركيز. في الفلسفة، يمكن النظر إلى هذا الصمت كحالة من التأهب والاستعداد النفسي والبدني للمعركة. التركيز والتفكير: الصمت في هذه اللحظة الحاسمة يعكس الحكمة والتركيز، حيث يتوقف المرء عن الكلام ليكون في كامل تركيزه على المهمة التي أمامه، مستعدًا لكل احتمال. 3. الصمت كدليل على الاحترام والتأمل في الفناء عند الجنازة: الجنازة لحظة مواجهة مع الموت والفناء. الصمت في هذا السياق يعكس احترامًا للموت وللميت، وتقديرًا للحظة التأمل في حقيقة الفناء والحياة الآخرة. تأمل في الحياة والموت: فلسفيًا، يمكن رؤية الصمت هنا كوسيلة للتفكر في معاني الحياة والموت، حيث يُدعى الإنسان للتأمل في نهايته وتذكر ضعفه وعجزه أمام الحقيقة المطلقة للفناء. 4. الصمت كوسيلة لتحقيق الانضباط النفسي السيطرة على النفس: الصمت في هذه السياقات يعبر عن القدرة على ضبط النفس والتحكم في الكلام، مما يعكس قوة داخلية وانضباطًا نفسيًا عميقًا. الصمت ليس مجرد غياب للكلام، بل هو فعل واعٍ يهدف إلى تحقيق الانسجام الداخلي والتركيز على الأمور الجوهرية. 5. الصمت كفضيلة أخلاقية وروحية فضيلة الحكمة: الصمت في هذه الحالات يعكس فضيلة الحكمة. الحكمة تتطلب معرفة متى ينبغي التحدث ومتى يكون الصمت أكثر ملاءمة. في الحالات المذكورة، الصمت يعبر عن احترام للنظام الإلهي وللمواقف التي تتطلب تفاعلًا روحيًا أو أخلاقيًا. البعد الأخلاقي: الصمت أمام هذه اللحظات يعكس أيضًا أخلاقًا عالية، حيث يتم تجنب الحديث غير الضروري والتركيز على القيم الأسمى مثل الاحترام، التأمل، والشجاعة. 6. الصمت كتجسيد للعلاقة بين الفرد والمقدس التواصل مع المقدس: في جميع الحالات الثلاث، الصمت يمثل نوعًا من التواصل غير اللفظي مع المقدس: كلام الله في القرآن، الشجاعة والتضحية في القتال، والحياة الآخرة في الجنازة. هذا الصمت يعبر عن انسجام بين الفرد والحقائق الروحية أو الأخلاقية الكبرى.
الحديث يعبر عن رؤية فلسفية عميقة تعتبر الصمت ليس فقط كغياب للكلام، بل كحالة من التأمل، التركيز، والتواصل الروحي مع الله والحياة. الصمت هنا يصبح وسيلة لتحقيق التوازن الداخلي، وضبط النفس، والانفتاح على معاني أعمق للحياة والموت والشجاعة.
| |
 
|
|
|
|