المنشورات النقدية الإسفيرية للناقد الأدبي السوداني الأعلى كعبا: بدر الدين العتاق (1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-18-2025, 06:35 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-26-2024, 07:23 AM

wedzayneb
<awedzayneb
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 2170

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المنشورات النقدية الإسفيرية للناقد الأدبي السوداني الأعلى كعبا: بدر الدين العتاق (1)

    07:23 AM July, 26 2024

    سودانيز اون لاين
    wedzayneb-California, USA
    مكتبتى
    رابط مختصر







    " رقص الإبل " حكاية من حِلَّتْنَا
    القاهرة في : ٢٥ / ٧ / ٢٠٢٤
    كتب؛ بدر الدين العتَّاق
    تنبيه مهم جداً
    { ما لم تكن هذه الرواية طفرة جديدة استثنائية بشكلها الحالي في عالم الرواية التقليدية فإنِّها قطعاً ستكون " حكاية من حِلَّتْنَا " } .
    قراءة سريعة
    أقصد بكلمة " حكاية من حِلَّتْنَا " وهي كلمة سودانية شعبية متعارف عليها وتعني الأقاصيص التي تُروى بين الأهالي والمجتمعات الريفية ما حدث في قديم الزمان بعد غروب الشمس بقليل وهي بمثابة قصة أسطورية أو حجوة من الأحاجي مثل الحدوتة المصرية؛ التي دائماً ما تكون نهايتها ( توتة توتة خلصت الحدوتة ) التي ترويها الجَدَّات للأطفال في مقتبل العمر فترسخ في أذهانهم ووجدانهم وتنتقل من جيل لآخر بذات الأسلوب والنَّفَس والكلمات والتي عادة ما تختتم فصولها بـــــــ ( تمت وختمت في .... / كلمة نابية / الصغير فيكم ) وقد وثَّق لمثل هذه الأحاجي الأستاذ المرحوم الدكتور / عبد الله الطيب؛ في كتابه ( الأحاجي السودانية ) ، والحِلَّة هي القرية أو الريف أو المدن فيما بعد ، بعد انتقال ثقافة الريف إلى المدن عبر الهجرات والنزوح إلى العاصمة والمدن الكبرى ، لتكون متكئاً تاريخياً شعبياً راسخاً من الأجيال التي سبقت عصر الإنترنت بمراحل عمرية طويلة إلى الأجيال اللاحقة وهي الآن من المصادر النادرة لحفظ الثقافة المحلية البدائية والتراث الشعبي في عصرنا الحالي.
    أنا قدمت بتلك المقدمة لأمَهِّد للقارئ الكريم ما تحمله رواية ( رقص الإبل ) للكاتب المهندس والروائي المصري القدير / فتحي إمبابي ( مواليد 1949 / 75 عاماً اليوم ) ؛ المتخرج في كلية الهندسة المدنية جامعة عين شمس تخصص هندسة أنفاق ، والذي كان أحد قادة الحركة الطلابية في مصر خلال سبعينيات القرن العشرين؛ وقد كان للتحولات السياسية والإجتماعية التي حدثت في مصر في أعقاب حرب حزيران ١٩٦٧ وما تلاها؛ أثرها في إنتاجه فكتب في الأدب والسياسة؛ وهذا العمل الأدبي الفني يحمل حرفياً ذلكم الأثر السياسي والأدبي في طريقة تفكيره وكتاباته؛ ويمكن الإطلاع على الكتاب الرواية الضخمة وكل رواياته بذات الحجم فهو متاح للجميع بالمكتبات المصرية داخل وخارج مصر.

    تصنيف العمل
    بعد قراءة التنبيه عاليه - في تقديري - إنَّ العمل الموسوم بــــــ ( رقص الإبل ) يجمع بين طيَّاته عملين منفصلين تماماً عن بعضهما البعض بإعمال الفلسفة الكتابية للتدوين والتوثيق ؛ - الرجل دارس للفلسفة مطَّلع عليها بتعمق - العمل الأول هو العمل الروائي الذي جعله مدخلاً مباشراً وجيِّداً في آن واحد للعمل الثاني وهو التوثيق والتحقيق التاريخيين لفترة ما في الوسط السياسي السوداني وهي الحكم التركي المصري للسودان والذي غيَّر مجرى طبيعة سير حركة الحياة بالنسبة للمثلث : السودان ومصر وتركيا؛ ونحن نسميها في المصطلح الشعبي بالتركية السابقة ( 1820 - 1881 ) ولا تخلو هذه الفترة من عمل مباشر أو غير مباشر للإنجليز في المستعمرة الجديدة التي ما كانت التركية السابقة إلَّا تمهيداً مباشراً للإستعمار البريطاني لبلاد السودان؛ وقد أشارت الصحافية البريطانية فلورا شو من خلال مذكراتها عن الزبير باشا ود رحمه ( 1830 – 1913 ) ؛ المنشورة سنة 1887 إلى ذلك؛ ولقد كنت أحد المستمعين لمحاضرة البروفيسور عبد الله الطيب في منتصف التسعينيات من القرن العشرين بالخرطوم؛ إلى ما قاله عن تمهيد دخول محمد علي باشا إلى السودان بحُجَّة الطلب للمال والرجال والذهب / استغلال الموارد البشرية والطبيعية والأصول الثابتة والمتحركة لدعم جيشه الفاتح للغزو القادم ومن ثمَّ غزو واستعمار أفريقيا بكاملها / لدخول الإنجليز للسودان؛ ومثله بالضبط ما حدث في فلسطين المحتلة حين كانت اتفاقية وعد بلفور - وعد من لا يملك لمن لا يستحق - أن تكون فلسطين وطناً لليهود في سنة ( 1916 - ١٩١٧ ) وقد تم ذلك سنة ١٩٤٨ وما شابهها من اتفاقية سايكس - بيكو؛ وتم دخول الإنجليز للسودان سنة ١٨٢١ وكان دخول اليهود لأرض فلسطين سنة ١٩٤٨؛ فتأمل.
    التصنيف الأول للعمل الفني الأدبي ( رقصة الإبل) والتي بدأها سنة ( 2017 – 2018 ) لا أقدر أن أصفه برواية كاملة لأنَّها خرجت من إطار الرواية التقليدية بصورة جديدة / العمل أقرب للدراسة والتحقيق منه إلى الرواية والأدب القصصي / وهي نقل طبيعة الديموغرافية السودانية قبل مائة وأربعين سنة تقريباً ( 1883 – 2022 ) للمتلقي نقلاً مباشراً مدعوماً بزيارة ميدانية للكاتب سنة 2020 تقريباً إلى مديريتي كردفان والمديرية الوسطى - ولاية الجزيرة الآن - وبعض مناطق السودان المختلفة حيث مكث هناك حوالي الشهرين يتتبع فيها البيئة وطبيعة المكان الجغرافي واللهجة وأسلوب الحوار وحياة الريف السوداني وأشكال الناس وما إلى ذلك؛ مما أكسبه فكرة جيدة في كتابته للنص ، تتبعاً ممتازاً لا تتفق لغيره ممن لم يزر السودان؛ وجعل هذه الزيارة عملاً روائياً عظيماً بعظمة الفكرة لا النص المكتوب موضع تحليلي لهذه الاصدارة الحديثة.
    رغم محاولاته الواضحة في إدخال عناصر الرواية في العمل السياسي التاريخي ولا أقول فشل ولكني أقول قد خطَّ خطَّاً جديداً ونهجاً حديثاً لمن أراد تتبع نهجه من الروائيين الجُدُدْ لأنَّه سيكلفهم مشقة زيارة السودان ورأيها رأي عين وقلَّما تتفق عزيمة أحدهم لمثل هذه المغامرة بلا ريب.
    قلت : حاول الكاتب إدخال عناصر الرواية التقليدية في الأسلوب الجديد وهي إظهار شخوص وأبطال الرواية في التوثيق والتحقيق التاريخيين بين الفينة والأخرى؛ أو قل : بين فصل وآخر؛ الأمر الذي حاول جاهداً أن تتماسك به فصول الرواية بفصول التاريخ / يشمل الكتاب عدد أربعمائة واثنين صفحة؛ طبعة الهيئة العامَّة المصرية للكتاب سنة ٢٠٢٢ / فكان أحد أمرين : إمَّا هي رواية كاملة الدسم بإمتياز ؛ وهذا خطأ ! وإمَّا هي توثيق وتحقيق في التاريخ السياسي والعسكري السوداني بجدارة ؛ وهذا خطأ أيضاً ! وإمَّا هي خليط بين الأمرين بأسلوب حداثوي غير مسبوق - حسب ما نما إلى علمي حتى الآن والله أعلم - وهذا خطأ ثالث أيضاً !.
    في تقديري الشخصي هذا العمل يندرج تحت مُسَمَّى " الإحساس والإيمان بالإنتماء الوطني لوحدة وادي النيل - مصر والسودان - " وهي الفكرة التي يدور حول فلكها مفهوم النص الروائي المعروف وبين التوثيق والتحقيق والدراسة للتاريخ والسياسة السودانية والمصرية معاً بأشواق فطرية صادقة لا يشوبها شائبة المغالاة ولا شانئة الإدعاء ولا شائكة التكلُّف؛ فالرجل عبَّر عمَّا يجوش بداخله فكراً وشعوراً بأحقيَّة وحدة وادي النيل وأن تكون مصر والسودان دولة واحدة ؛ وإذا كان تحليلي صائباً - وأرجو من الله ذلك - فأنا أهنئه على هذه القيمة الأخلاقية الوطنية الإنسانية الصادقة بأسلوبه الحداثوي هذا الذي جمع بين فن كتابة الرواية وفن إرسال الرسائل السياسية بطريق إعادة قراءة الأحداث والوقائع للجيش المصري بالسودان آنذاك في بريد الحكومتين السودانية والمصرية اليوم لتكون نقطة فارقة في العلاقات الثنائية الأزلية الأبدية بين البلدين الشقيقين.
    اقرأ معي من صفحة 338 " صراع الهويات المضمرة " : [ دار الصراع بين هويتين : الهوية التاريخية للجماعة المصرية تتلمس طريقها نحو دولة حديثة ، أجهضها جهل قادة الثورة العرابية العسكري والسياسي ، الإبحار نحو / ههنا شاهدي على الاستنباط والتحليل / شمس الحداثة تعاطفت معه الجماعة السودانية التي تسكن النيلين وشرق السودان ] يشير من طرف خفي وبعيد جداً لدولة كوش الممتدة من الشمال والشمال الشرقي لبلاد السودان الحالي وحتى الجنوب المصري الجغرافي بحدود أسوان ومجدل وما تاخمهما من بلاد واللتين كانتا تحت غطاء ومسمَّى واحد هو دولة وادي النيل أو هكذا تُعرف .
    قال من ذات الصفحة : [ الهوية الأصولية الدينية التي تضرب جذورها عميقاً في السودان وقبله في النفس البشرية وفي الثقافة العامَّة لجماعة يستند اقتصادها على الرعي والزراعة المطرية وتجارة الرقيق ] هنا يشير من طرف خفي بعيد إلى الثقافة العامَّة آنذاك واتهام الزبير باشا رحمه بتجارة الرقيق الأمر الذي نفاه من قبل ، راجع المصادر السابقة .
    قال : [ يتم استدعاؤها مع كل انتكاسة في طريق التقدم ، وجدت صدى بين قبائل وسط السودان وغربه التي مالت إلى المعلوم لديها من الصوفية والأصولية فانضمَّت إلى ثورة تقدَّم إلى قيادتها رجال دين ومشايخ وجلَّابة وعبيد ونخَّاسين ، ومع انتصارات الهبَّة الشعبية اجتمع السودان غربه وشرقه تحت رايات المهدية ] راجع الفقرة التالية .
    من ناحية عكسية ، إذا كان رأيي خطأ ! هل كان الكاتب تشوبه أشواق الوجود المصري بالسودان وأن يكون خاضعاً للإرادة والإدارة المصرية حتى اليوم بصورة من الصور أم شاهه قتل الجنود المصريين في تخوم شيكان عند مديرية كردفال الكبرى سنة 1883 ومقتل قائد الحملة البريطاني مع القوات المصرية وليام هيكس باشا ( 1830 -1883 ) بأيدي الدراويش ولم يرض هزيمة الجيش المصري أو قل للتدقيق : مقتل الجنود المصريين سَمْبَلَة وليس لهم يد في ذلك ؟ اقرأ معي من ص 304: [ عام مضى على هزيمة الجيش المصري أمام الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس ، عام مضى على قيام الخديوي الخائن بإصدار مرسوم في 19 سبتمبر من عام 1882 بحل الجيش وإحالته إلى الاستيداع ، ولكن في يناير 1883 وبناءً على نصيحة أخرى من الحكومة البريطانية قام باستدعاء الجيش الذي سبق حلَّه وهو في أشد حالات انهياره المعنوي والعسكري ، لإرساله للقضاء على الثورة المهدية ] هنا شميم من الحسرة بعدما قُضِيَ الأمر على هزيمة الجيش المصري على أيدي الدراويش الذين لا دراية لهم بفنون الحرب الأكاديمية وتطبيقها عملياً على أرض الواقع ، لكنهم فعلوها عنوة واقتداراً بلا شك .
    قال : [ هكذا هُزِمَتْ الثورة الدستورية الأولى في مصر ، والتي كان لهزيمتها سبب مضاف لصعود المهدية ... هكذا صعدت الثورة الأصولية المهدية في السودان ، التي صهرت قبائل السودان العربية في بنيان واحد وصنعت شرخاً بين السودان العربي والسودان الزنجي .
    وبين صراع هويات شعوب وادي النيل المضمرة تقدَّم الرجل الأبيض بصلافة ووقاحة ليضع حذاءه العسكري على رقاب الجميع ] انتهى من ص 338 .
    يشير الكاتب هنا إلى التمهيد الذي سبق هذا التعليق والتحليل بأنَّ دخول محمد علي باشا إلى السودان 1821 كان تمهيداً [ لتقدُّم الرجل الأبيض بصلافة ووقاحة ليضع حذاءه العسكري على رقاب الجميع ] أي الاستعمار الإنجليزي على مصر والسودان في آنٍ واحد كما جاء عن محاضرة البروفيسور عبد الله الطيب سنة 1996 تقريباً وهو يتحدَّث عن ذلكم الخبر الذي سقته إليكم أعلاه وأنا كنت عليه من الشاهدين .
    وهنا ترى الهمس الخفي والشوق الدفين لوحدة وادي النيل وتبَّاً للمستعمر [ لتقدُّم الرجل الأبيض بصلافة ووقاحة ليضع حذاءه العسكري على رقاب الجميع ] أينما كان وأينما حلَّ .
    أنا في قرارة نفسي لا أميل للتحليل الثاني لأنَّه بعيد عن فكرة الكتاب والكاتب فهو رجل وطني غيور على القيم الإنسانية التي يحملها الشعبين الشقيقين بلا مِراء لمن طالع النص وفَهِمَه .
    تمحيص النص
    إذا ذهبت أنا أو أنت أيها القارئ الكريم لتمحيص النص من ناحية النقد للعمل الروائي - في تقديري الشخصي - فسيكون النقد والقراءة مختلَّتان لأنَّني لا أرى النص من حيث هو نص روائي عملاً مكتملاً / ذكر الإبل ورقصها دلالة وإشارة لفكرة النص فيما بدا لي / فبالتالي ستكون النتيجة النهائية والتمحيص لا معنى لهما ؛ ولا يعني ذلك ضعف النص من هذه الرؤية بل يعني بكل تأكيد مفارقة رسالة الكاتب للنص بتلك الطريقة التي ذكرتها آنفاً.
    وإذا ذهب أحدنا ليتفحص النص / أنا بالتحديد / من حيث هو قراءة في التاريخ السياسي السوداني في القرن العشرين فقط فأنا جنيت على النص جناية فاحشة لا تتفق أيضاً مع رسالة الكاتب في بريد السياسيين السودانيين والمصريين على السواء؛ ولكن يطيب لي قراءة النص من خلال مراد الكاتب منه بعامَّة لا الإمعان في التفاصيل وعقد المقارنات بخاصَّة فذاك يضعفه بلا شك وهي رؤية وقراءة ناقصتين لعمل ذي رسالة هادفة وقيمة وطنية وإنسانية وأخلاقية سامقة في المقام الأول؛ إذ قام صاحبنا بإرسائها بين دفتي الكتاب وأنا استنبطتها بين السطور وجلَّ من لا يخطئ إن كنت أخطأت التقدير .
    مثال : إذا أنا حققت في النصوص التاريخية للفترة من القرن العشرين فيما يسمى بـ ( التركية السابقة ) أو ما يعرف بـفترة المهدية ( 1881 – 1885 / 1885 – 1898 ) ووجدت بعض الأخطاء في التحقيق؛ فلا يعني ذلك عَمْدَاً من الكاتب التضليل للقارئ؛ بل أحيله للعمل الإبداعي الفني لكتابة الرواية وههنا ذكاء واضح من الكاتب حتى لا يقع في براثن الإتهام بالتضليل للرأي العام بين البلدين؛ حيث لم أجد في مؤخرة الكتاب أي إشارة لأي مصدر تاريخي وإن كنت أعلم ما هي المصادر التاريخية التي اعتمد عليها .
    وفي ذات الوقت إذا تفحَّصت العمل الروائي بعين الناقد ووجدت فيه خللاً فلست برادِه إلى ضعف الكاتب من الناحية الفنية للرواية فأحيله لتسبيب فقرة سياسية تتطلب تكيف النص لتقبل الفقرة التالية حيث مراده؛ من هنا أيضاً يتضح ذكاء الكاتب للحيلولة دون الوقوع في براثن ضعف الفكرة الروائية؛ فهو في الحالتين خرج خروجاً آمناً من شطط النقاد ومن شطط السياسيين؛ وبطبيعة الحال من سخط القارئ المفضال.
    إنَّ قضية ( وحدة وادي النيل ) بين مصر والسودان؛ قضية ملأت الدنيا وشغلت الناس خصوصاً في الفترة قبل استقلال السودان من بريطانيا ( ١٩38 " بعد قيام مؤتمر الخريجين بالسودان " – ١٩٥٦ ) إذ كانت الأشواق الجماهيرية النابض مشتعلة - وأشواق الكاتب منهم بالتأثر والتأمُّل - ومتحمسة لأن يكون السودان مع مصر متحدات كدولة واحدة ذات سيادة مستقلة ونشأ على غرارها الحزب الإتحادي الديمقراطي بقيادة السيد / إسماعيل الأزهري؛ رئيس الوزراء ( الوفد السوداني لبريطانيا ١٩٥٣ ) الذي نادي بضرورة الإتحاد مع مصر لا أن يكون تابعاً لبريطانيا ولا منفصلاً عن مصر؛ وكان بالمقابل الرأي الآخر المضاد من المعارضين لفكرة الإتحاد مع مصر وهو حزب الأمة القومي ( ١٩٤٥ ) بقيادة السيد الإمام / عبد الرحمن المهدي ( 1885 – 1959 ) ؛ ابن الإمام محمد أحمد المهدي ( 1843 – 1885 ) قائد الثورة المهدية بالسودان ( ١٨٨١ – ١٨٨٥ )؛ مما شكَّل ثنائياً سياسياً موازياً في الحركة السياسية السودانية منذ ذلكم الحين وحتى الآن بين الاتفاق تارة والاختلاف تارة أخرى في كيفية نظام الحكم في السودان.
    وبالمقابل كان في مصر من يقف وراء وحدة وادي النيل وبالمقابل أيضاً من يمانع لفكرة الإتحاد مع السودان لكن ليست بالوضوح السياسي المعلن كما في السودان صراحة إذ أصدرت مصر سنة 1950 قراراً بحق تقرير المصير للسودان وكان ما كان .
    هذه الأجواء ألهمت الكاتب فكرة الإنتماء لوطن واحد بصرف النظر عن الإتفاق أو الاختلاف حول قضية وحدة وادي النيل من عامة الشعب أو خاصتهم ؛ خصوصاً إذا علمنا أنَّه كان أحد قادة الحركة الطلابية في مصر خلال سبعينيات القرن العشرين؛ وقد أثَّرت هذه الأفكار والأشواق في كتاباته أو قل : كتابه ( رقصة الإبل ، الذي فاز بجائزة نجيب ساويرس للرواية مطلع هذا العام في يناير 2024 )؛ وقد احتمل السجون والاعتقالات لفترات طويلة من حياته كانت إيجابية أغلب الظن ، يظهر هذا في منتوجه الفكري والثقافي والفني والسياسي ومشروعه الحياتي كله ؛ وغيرها من العوامل المؤثرة على سير الحياة بمصر خلال الخمسين أو الستين سنة الماضية وكان أحد هذه الثمرات فكرة الإتحاد بين البلدين الشقيقين إذا صدق حدسي .
    تلخيص النص
    بقدر الطاقة المبذولة في طرح قضايا أندرست أو كادت أن تندرس بين ذاكرة الشعبين الشقيقين إلَّا أنَّها ما زالت عالقة في الذهن الجمعي للبلدين أغلب الظن؛ وهذه الفكرة تراود من تراود وتزاول من تزاول لكنها موجودة في النفسين وربَّما تلاشت أو تحققت أو تطورت الفكرة والشعور لحالة واقع معاش رمى بذرتها كاتبنا الكبير وتركها لتنمو في خاطرة الشعبين وذاكرتهما الوطنية المخلصة المعبرة عن فئة كبيرة من الطرفين.
    أمَّا من ناحية تصنيف الرواية بين العمل الفني الروائي وبين الجانب السياسي والتاريخي النظريين؛ فهذا يقع تحت طائلة التذوق والاشتمام لمراد الكاتب؛ أي كاتب؛ من خلال رسالة النص وفكرته المبتغاة توصيلها للناس وبالتحديد للجهات المختصة لينظروا في أمرها بصورة من الصور.
    تلخيص ثالث؛ هو تصنيف الكتاب كعمل مزدوج استثنائي في العصر الحديث يجمع بين الرواية في قالب حداثوي متناولاً جانباً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لظاهرة مجتمعية في أقصى تخوم غربي السودان النائي المترامي الأطراف؛ لينبه العقل البشري العام بصوت عالي لوجود ثُلْمَة تحتاج إلى إهتمام ومعالجة في أبسط صور تداعيات الأفكار وتحويلها لعمل مكتوب ذي صلة بالواقع السياسي والثقافي والفني الراهن بين البلدين الشقيقين ، فيما اعتقد .
    ربَّما أكون قد غاليت في بعض التحليل الفنِّي للنص وربَّما قسطت وما جنيت لفكرة الكاتب خلال السطور وجنبات الفقرات وربما فشلت فشلاً ذريعاً في تقييمي للعمل لكن يظل راسخاً فكرة الإنتماء الوطني في الذهن المنفرد بضرورة تحليل وقراءة النص بأكثر من طريقة لأكثر من مرة فهو عمل قمين بالدراسة والتحليل والاستنطاق والفهم بالذوق والفكرة وبالشعور فهما جديران ( الكاتب وكتابه ) بالوقوف عليهما من بابي المتعة والفائدة بلا شك .
    وداع النص ومقابلة الكاتب
    هذا ! أول مرة التقيت فيها بالأستاذ المهندس والمفكر والمثقف المصري / فتحي إمبابي؛ بمعية الأستاذين الجليلين / العباس علي يحيى العباس؛ والأستاذ / محمد الأمين مصطفى؛ بمنزله الكائن بمدينة نصر؛ في مايو 2024 حيث استمعت واستمتعت بحديثه السلس الذي لا يمل ولولا ضيق الوقت وفسحة الأمل لاستزدنا منه فكراً وشعوراً حتى تنجلي سحائب الشوق بأفول الوقت آزفاً للرحيل؛ فأهداني كتابين من كتبه هما : ( رقص الإبل ) و( عتبات الجنة ) للإطلاع عليهما؛ وله من الإصدارات : نهر السماء؛ العرس؛ مراعي القتل؛ أقنعة الصحراء؛ العلم؛ وغيرها الكثير وقد اطلعت على الكتاب الأول كما ترى .
    المرة الثانية التي قابلته فيها كانت بمنزل الأستاذ الروائي / العباس علي يحيى العباس ؛ بمنزله بالمهندسين؛ في يوليو من هذا العام ، وكنت سعيداً لأبعد الحدود حين قابلته مرَّتين حيث لا تتح لأكثر أهل جيلي مثل هذه اللقاءات التي تجمع بين المهتمين بالشأن العام السوداني والمصري كثيراً في جلسة أكثر من رائعة لتلاقح الثقافات العربية المشتركة والاهتمامات المتشابهة والتوغل في مهام مقدسة لإحياء وتحريك النشاط الفكري والثقافي والفني لكل الكفاءات من الطرفين بلا شك.
    أنا أعتذر عن التأخير لهذه الكلمة عن موعدها المقرر لصروف الدهر وظروف الوقت اللذين حالا دون ذلك؛ وقد أوفيت بوعدي اليوم بلا شك والحمد لله رب العالمين .






                  

07-26-2024, 07:28 AM

wedzayneb
<awedzayneb
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 2170

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنشورات النقدية الإسفيرية للناقد الأدب (Re: wedzayneb)

    https://www.facebook.com/groups/430287561544155/permalink/1163508851555352/؟mibextid=Nif5ozhttps://www.facebook.com/groups/430287561544155/permalink/1163508851555352/؟mibextid=Nif5oz
                  

07-26-2024, 09:42 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 12447

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنشورات النقدية الإسفيرية للناقد الأدب (Re: wedzayneb)



    نبارك للاستاذ بدر الدين العتاق هو ناقد أدبي سوداني بارز له دور كبير في الحركة الأدبية والثقافية في السودان.
    يُعرف بإسهاماته النقدية والأدبية التي تعكس فهماً عميقاً للأدب العربي والسوداني بشكل خاص.
    قد تميزت كتاباته النقدية بأسلوبها الرصين وعمقها الفكري، مما جعله يحظى بتقدير واسع بين الأدباء والنقاد.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de