في عمق الليل، حين يكون العالم مغمورًا بالسكون والظلام، يجلس زميلنا الصامد على سريره. ينظر إلى السقف، وعيناه تحمل أثقالًا لا يستطيع أحد أن يدركها. يعاني من الفشل الكلوي، وكل يوم يمر كألف عام، ينتظر قوائم التبرع بالكلي.
كان يومًا بعد يوم، يتلوّى على نفسه الأمل والصبر. يعرف أن الكليات ليست مجرد أعضاء في جسده، بل هي أمله في الحياة. يحاول أن يكون قويًا، يمارس الرياضة ويتعلم اليوغا لتهدئة أعصابه. يرسم على أوراق بيضاء، يعزف على الجيتار الخشبي، يبحث عن أي شيء يمكن أن يشغل عقله عن الانتظار المرهق.
لكن الخوف والقلق يسيطران عليه. يخشى أن يأتي اليوم الذي يفشل فيه الجسم في الاحتفاظ بالحياة. يخاف أن يكون اسمه على قائمة الانتظار، وأن يكون مصيره معلقًا بين الأمل واليأس.
في لحظات الضعف، ينظر إلى النجوم من نافذته. يتساءل عن معنى الحياة، وعن لماذا يجب أن يعاني بهذا الشكل. يتمنى أن يأتي يومًا يستيقظ فيه ويجد نفسه في غرفة العمليات، يستعيد حياته بكليتين جديدتين.
لكنه يعلم أن الانتظار ليس مجرد مرحلة مؤقتة، بل هو جزء من رحلته. يحاول أن يتقبلها بكل ما فيها من ألم وأمل. يعلم أن اللحظة التي يُعلن فيها اسمه ستكون لحظة تغيير حياته إلى الأبد.
في ذلك الوقت، سيكون لديه فرصة للعيش من جديد، ليكون شاهدًا على شروق الشمس وغروبها، وليشعر بنبض الحياة في عروقه. وحتى ذلك الحين، يستمر في الانتظار، يرسم ويعزف، ويحمل في قلبه أملًا للغد وبدأ ينشد باكي بصوت رخيم جعل من الإنشاد متعة رهيبة
في صحراء الأيام على قيد الأيام، يجلس الإنسان كالذرة الصغيرة، يناجي ربه بلسان يسأل عن الحياة، والمعنى الحقيقي في لحظات الهموم، والأمل الضعيف
ينظر إلى السماء، ويسأل النجوم هل هذا العالم مكانٌ للأحلام؟ أم هو مجرد تجربة عابرة، تمضي كالرياح الهادئة، تتلاشى في الأفق
يناجي ربه بقلبٍ مليء بالخوف يخشى أن يكون كثير السؤال فهل يُعاقب على جرأته في البحث؟ أم يُغفر له خجله من ربه الكريم؟
في لحظات النهابة، يتساءل الإنسان هل يُسمح له بالرحيل من الحياة؟ أم يجب أن يستمر في الانتظار حتى يأتي يوم الحساب والميزان؟
في صمت الليل، يُجيب الرب الكريم "يا عبدي، لا تخجل من سؤالك أنا هنا لأجيبك، وأنا الغفور الرحيم استمر في البحث، ولا تيأس أبدًا"
بتلك اللحظة، يشعر الإنسان بالسلام يعلم أن الله يسمع دعائه وسؤاله على قيد الأيام، يستمر في النجاح كالذرة الصغيرة، يناجي ربه بلسان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة