« الرواية الحائزة على جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي- زين 2023 » قريبًا في المكتبات . تخفّى الرقيب ماجد النوراني، يوميْن كامليْن بين الجثث الطافية على ماء النهر الهائج، وحين تأكد أنّ عناصر «حركة التحرير» انفضّوا عن المكان منتصرين خرج مُتخبّطًا من الماء الآسن الملوّث بالدماء وبقايا الأعضاء البشرية المبتورة وهو يشعر بنفسه ميتًا أكثر من الموتى المكدّسين من حوله. كانت الجثث متناثرةً على الطين وفوق فروع الأشجار وعلى سطح المستنقعات الطحلبية. فانسحب من بينها جائعًا وظمآن حتّى ولج غابات أشجار العرديب والمانجو الضخمة، وهناك عثر على عددٍ آخر من الجثث لجنود يبدو أنّهم حاولوا الفرار أو أنّ قوّة الدانات دفعت بهم إلى داخل الغابة ، عثر بين أشلاء الجثث المبعثرة على حافظة ماء و بقايا طعام. فشرب حتى ارتوى ثم استلقى بظهره على العشب الأخضر ، وانتبه لأول مرّة إلى ضوء الشمس الباهر يُنير المكان رغم استمرار هطول الأمطار ، فأغمض عينيه في محاولة لاستيعاب ما جرى ، لكنّه قبل أن يستغرق جيّدًا في حبل أفكاره سمع صوت تأوّهات متقطّعة و ضعيفة آتية من موضع قريب منه... - طحلب أزرق نبارك لأستاذ منصور الصويم صدور روايته في هذه الظروف وعسي ربي يسهل له ما هو عسير في مجال الأبداع ويمتعه بالعافية
04-24-2024, 12:59 PM
زهير ابو الزهراء زهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796
(طحلب أزرق) عين الكتابة المجيدة عبدالرحيم حمدالنيل في رواية (طحلب أزرق) يقرأ منصور الصويم بلغته الذكية المختلفة؛ وعبر سردية بدأ ينسج خطوطها منذ كتاباته المبكِّرة؛ تاريخ السودان الحديث، متتبعاً سيرة الجنرال جعفر البشير التي تتداخل مع حكاية الشيخ ماجد النوراني، ملخصاً المسيرة المعقدة والمرهقة لحقب مختلفة، دمجها منصور في حقبة واحدة عبر بناء محكم لشخصيات تنبض بالحياة وفضاء روائي يضج بالحكايات والمفاجآت. لن يجد القاريء بداً وهو يمسك بدفتي الكتاب غير قراءته دفعة واحدة، غير التورط في المصائر المعقدة لشخوص الرواية التي تتشابك مع ماضٍ وحاضرٍ متشابه ومختلف في آنٍ، لتنتج الرواية قراءتها الخاصة للتاريخ السوداني، وتفتح نافذة على المستقبل السوداني المتعدد الاحتمالات. يكتب منصور رواية ماتعة، ومُرة، جذابة وصادمة، تشتعل فيها حقول الدلالة، وتتربص بقارئها علوم الإشارات اللامعة؛ حيث لا نجاة من السخرية والمفاجآت الساحقة، والتوغُّل في درس الحياة الفريد الذي يكتبه منصور الصويم بصوت الراوي العليم على طول الرواية التي تقع في "٤٤٨"صفحة من المتعة الخالصة. في كل رواية جديدة يتفوق منصور الصويم على نفسه مرة تلو الأخرى، فبعد (تخوم الرماد)،(ذاكرة شرير)،(أشباح فرنساوي) ،(آخر السلاطين)و(عربة الأموات) هاهو يدفع بالرواية السادسة (الطحلب الأزرق) والتي تأتي لتضع لمسة جديدة في مشروعه السردي العظيم الذي بناه بحرفية ودربة وذكاء وألمعية وصبر وتفانٍ ودقة فائقة؛ كاتباً وراصداً لتاريخ السودان السياسي والاجتماعي عبر شخوص وحكايات موغلة في فرادتها بأسلوبه المختلف ولغته الشعرية الكثيفة وتصاويره الباذخة الثراء. في (طحلب أزرق) يضعنا منصور أمام كشافات رائي هائل يكتب تاريخاً سياسياً واجتماعياً للسودان بطريقة مغايرة، يسلّط عين الكتابة المجيدة إلى مكمن الضعف في سردية التشابه المهلكة؛ ليقول لنا كل ما لم يحدث ولكنه قد حدث هنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة