بيان فدية الاطعام وزكاة الفطر بسم الله الرحمن الرحيم هيئة شؤون الأنصارللدعوة والإرشاد الله أكبر ولله الحمد المركـز العام – أم درمــــان مكتب الأمين العام بتاريخ:/3/2024 نمرة/هـ/ش/أن/ د/44 فدية الاطعام وزكاة الفطر قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ﴾[سورة البقرة: 183-186] الفدية: هي فريضة إسلامية على كلٍ من لم يستطع صيام شهر رمضان لعذر وهي تقوم مقام الصيام وينجو بها المسلم من إثم عدم صيام شهر رمضان. على من تجب الفدية؟ على كلٍ مسلم عاقل قادر لم يستطع الصيام في شهر رمضان بسبب عذرٍ شرعي، وفي حال كان المسلم المكلف بالصيام يعيش في إعالة والده أو ولي أمره، فعلى والده وولي أمره أن يدفع عنه هذه الفدية. الفدية هي إطعام مسكين وجبتين عن كل يوم لا يصومه الشخص المريض لعدم قدرته فالواجب على كل من لم يستطع الصيام مثل كبار السن والمريض مرضا مزمنا لا يرجى شفاؤه، ونصحه الأطباء بعدم الصوم؛ على هؤلاء جميعا إطعام مسكين عن كل يوم يفطرونه من رمضان، وهو المذكور في قوله تعالى ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ يقدر الإطعام بِمُدٍ وهو ربع صاع والصاع يساوي (2176) غراماً على الأرجح وربعه "المد" ويساوي 544 غراماً، ويجوز إخراج القيمة بدلاً من الطعام على الراجح من أقوال العلماء. وهذا المبلغ يقُدِّر بحسب عملة البلد الذي يقيم فيه الشخص بالجنيه أو الريال أو الدينار أو الدولار ...إلخ زكاة الفطر: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهره للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات "أخرجه أبوداود. وعن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. رواه البخاري ومسلم على اختلاف في العبارات. كلام ابن عباس يبين المقصد من زكاة الفطر في أمرين: الأول: اصلاح الصوم الذي يجرحه الصائم ببعض الألفاظ والسلوك والتصرفات التي لا تفسده ولكنها تجعله صوما مجرحا. الثاني: دعما للمساكين الذين يتعذر عليهم الحصول على الغذاء بصورة ميسرة بسبب الفقر والعوز. على من تجب؟: يخرجها المسلم عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم من أسرته؛ وهم الوالدان الفقيران، والأولاد الذكور الفقراء، والإناث الفقيرات غير المتزوجات، والزوجة والزوجات – وإن كن ذوات مال-كما ذهب الإمام مالك. لحديث ابن عمر: " أمر رسول الله بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تُمَوِّنُون" أي تنفقون عليهم. أخرجه الدار قطني. مقدارها: اتفق الفقهاء على أن الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف التي يجوز إخراج الفطرة منها، وهي: (القمح والشعير والتمر والذبيب والأرز والذرة واللبن المجفف واللحم) وقال المالكية من غالب قوت أهل البلد. واختلفوا في مقدار القمح والذبيب فالأئمة الثلاثة ذهبوا إلى أن الواجب إخراجه من القمح هو صاع، وذهب الأحناف إلى أن الواجب إخراجه نصف صاع. والصاع يساوي 2,176 جرام. على الأرجح. هل يجوز إخراج النقود بدل العين؟ ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز دفع القيمة، لأنه لم يرد نص بذلك، ولأن القيمة في حقوق الناس لا تجوز إلا عن تراض منهم، وليس لصدقة الفطر مالك معين حتى يجوز رضاه وإبراؤه. وذهب الحنفية إلى أنه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر؛ بل هو أولى ليتيسر للفقير أن يشتري أي شيء يريده يوم العيد، فربما لا يكون محتاجا إلى الحبوب وإنما هو محتاج إلى ملابس أو لحم أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية. هل يجوز نقل زكاة الفطر لبلد آخر غير المكان الذي يقيم فيه الصائم؟ الأصل أن تفرق زكاة الفطر في البلد الذي وجبت على المكلف فيه، لحديث معاذ: "خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم". والمعتبر عند الحنفية والشافعية في زكاة المال: المكان الذي فيه المال، والمعتبر في صدقة الفطر: المكان الذي فيه المتصدق اعتبارا بسبب الوجوب فيهما، وللفقهاء في نقل الزكاة من بلد إلى بلد؛ تفصيل: قال الحنفية: يكره تنزيها نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر إلا أن ينقلها إلى قرابته المحاويج ليسد حاجتهم، أو إلى قوم هم أحوج إليها أو أصلح، أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى طالب علم، أو إلى الزهاد، أو معجلة قبل تمام الحول، فلا يكره نقلها. ولو نقلها لغير هذه الأحوال جاز؛ لأن المصرف مطلق الفقراء. وقال المالكية: لا يجوز نقل الزكاة لبلد لمسافة القصر فأكثر إلا لمن هو أحوج إليها. وقال الشافعية: الأظهر منع نقل الزكاة ويجب صرفها في البلد الذي فيه المال، فإن لم يوجد المستحقون نقلت إلى أقرب بلد لبلد الوجوب. وقال الحنابلة: لا يجوز نقل الصدقة من بلد إلى بلد مسافة القصر ولكن تجزئه. الترجيح: أرى أن الرأي الذي يقول بجواز إخراج القيمة هو الأنسب لحالة الفقراء اليوم، فإذا نظرنا للمقصد الشرعي من زكاة الفطر وهو توفير حاجات الفقراء وإغناؤهم عن السؤال؛ فإن القيمة أنسب لهم للاعتبارات التي ذكرها الحنفية. وكذلك يجوز نقل الزكاة لبلد آخر مراعاة للقرابة والأرحام وشدة الحوجة وغيرها من الاعتبارات التي ترجح جواز نقل الزكاة، وكما تعلمون اليوم فإن بلادنا تعيش ظروفا بالغة التعقيد، وأهلها بين مشرد ونازح ولاجئ ومحاصر، وقد نفد الزاد وانعدم المعين، أرجو من الجميع إخراج فدية أهل الأعذار الممنوعين من الصيام، وزكاة الفطر، والصدقات، وإرسالها لأهلهم وأقربائهم بصورة مباشرة أو عبر المؤسسات الموثوقة العاملة على الأرض. وأما إخراج قيمة الزكاة بعملة بلد الإقامة للمزكي أم بعملة بلد إقامة من تجب عليه نفقتهم؟ لم أجد رأيا للفقهاء في ذلك، وأرى أن الأمر فيه سعة؛ فإن كان مستطيعا وعملة البلاد التي يقيم فيها أَقْيَم، عليه أن يخرجها بعملة البلاد التي يقيم فيها؛ لأن المقصد هو إغناء الفقراء وكلما زاد الإنسان زاده الله. لقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾وقوله تعالى:﴿لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ وعمل البر فيه سعة فمن وسع على الناس وسع الله عليه، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ﴾، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، فلنسارع للخيرات في هذا الشهر الكريم ونقدم للمحتاجين ما يساعدهم في تخفيف آلامهم. قال تعالى:﴿ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ والله أعلم عبد المحمود أبُّو إبراهيم الأمين العام لهيئة شئون الأنصار للدعوة والارشاد 22 شعبان 1445ه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة