نظرة في زجلية يا ملهمة (حقيبة) لعبد الرحمن الريح.. لعبة من سبع خطوات!
من كواليس بحث الحقيبة.. صادفتني اليوم بالصدفة أثناء التقليب في فايلات قديمة لم تنشر من قبل فأحببت أن أشركها البعض منكم!
ﺍﻟﻤﻠﻬﻤة قصيدة زجلية "تامة" لعبد الرحمن الريح .. لماذا هي قصيدة غنائية باهرة.. نعم باهرة.. يقول لنا البعض دون أن يحدثوننا "علمياً" لماذا تكون كذلك بشكل اكثر علمية؟!.. والقاعدة تنطبق على الأشعار الغنائية الرديئة.. أي لا بد من مقاييس فنية علمية.. أنا هنا سأحاول القصيدة وأتنمى أن يكون لنا مقاييسنا للسياسة والإقتصاد والنقد والحوكمة بمعانيها الشاملة بذات القدر.
الملهمة (النظم الزجلي الرفيع يرفع معه اللحن والأداء)
تبدأ الزجلية كعادة الزجل التام بمطلع فادوار تتخللها أقفال وتنتهي بخرجة.. وتكون الخرجة في قافية ووزن المطلع والأقفال وتختلف قوافي الأدوار كما أوزانها.. وهذا ما حدث بالضبط لدى "الملهمة".. سنراها الآن في سبع أحوال من حيث التحقق من كونها زجل تام كما النظر في بنائها النظمي وتفاعليها ووزنها واللحن والإيقاع.
الآن لنتحقق من زعمنا كون هل فعلاً المطلع والأقفال والخرجة من ذات القافية والوزن دون خلل مطلقاً وفي كمال الإتساق في المقابل فإن الأدوار تأخذ قوافي مختلفة وفي كثير المرات أوزان مختلفة.. سناخذ آخر كلمتين من المطلع والأقفال والخرجة ونشوف معا وزنها والقافية:
(فاعلْ فعلْ = مستفعلنْ) في الوزن العروضي الكلي كما سنراه في مستقبل هذا السرد.
"3"
وهنا نضع المجتزأ من المطلع والأقفال والخرجة مفصول عن جسد القصيدة لنتحقق :من كمال القاعدة
المطلع:
ﻛﻴﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ كيفلْ/ عملْ فاعِلْ/ فَعَلْ
الأقفال:
شعر الغزل شعْرلْ/ غزلْ فاعلْ/ فعلْ
ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻬْﻤﺎ/ ﺣﺼﻞْ
فاعلْ/ فعلْ
الخرجة:
ﻳﺎ ﺭﻭﺣي ﻫﻞ
ﻳﺎ ﺭﻭﺣﻰ ﻫﻞ ﻳﺎ ﺭﻭ/ ﺣِ ﻫﻞْ فاعلْ/ فعلْ
ملاحظات: القصيدة زجلية قصيرة تتكون من مطلع تام وقفلين فقط ايضاً تاميين وخرجة تامة.. ذلك الإتساق المطلق يجعل جرس الكلمات ذا رنين عالي.. مع النأي عن حشو الكلمات القاموسية القادمة من التاريخ الذي حفلت واحتفت به كثير من زجليات الحقيبة.. فالقصيدة أقرب إلى العامية الوسطسودانية وهذا في حسباني ما يجعلها "مختلفة عن زجليات الرواد مثل برضي ليك المولى للعبادي وأحرموني لود الرضي" فبرغم أعتمادها على نظم لونية الزجل الاندلسي من حيث البناء فهي مثال للمرحلة الإنتقالية بين نظم الحقيبة والنظم الشعري الذي تلاها في أزمان مختلفة ومن أمثلته المعيشة أشعار إسحاق الحلنقي.
"4"
وهناك المزيد من الملاحظات: فبقليل من التأمل سنجد أن أدوار الزجلية الثلاثة كل واحدة منها تتكون من قافيتين مختلفتين وفي كل الأحوال تكون الأدوار من ذات الوزن الشعري.
لنعاينها هنا من جديد مفصولة عن مطلعها وأقفالها وخرجتها:
ملاحظات فنية: العلامة "/" = الحركة والعلامة "0" = السكون. هذا التقطيع العروضي محاولتي الخاصة "ضمن بحث الحقيبة من مناشط السودان200) ولم يحدث من قبل حد علمي.
"6"
القصيدة مشحونة بالتنويع التفاعيلي ( مُسْتَفْعِلنْ "آن"/ /فاعيلنْ/ فاعلْ/ مفاعلنْ/ فعولنْ) دون الإخلال بالوزن والنسق النظمي الكليين فكل تلك التفاعيل خاضعة لذات منظومة العلل والزُّحافات . تستطيع أن تشهد ذلك بعزل الكلام عن إيقاعه كالتالي "أدناه" فيكون لديك نوتة موسيقية "إيقاعية" مكتوبة يستطيع أي شخص أن يجربها ولو هاوي ناهيك عن "مليجي" عظيم أن على الآلة الإيقاعية المحددة وستكون بالضبط هي من لحن الملهمة:
القصيدة كما قد نلاحظ مقتصدة العبارة وأظن ذلك من أسرارها مع حشد القوافي وتنويعها بشكل مباغت بين الفينة والأخرى بالنسبة للأدوار بجانب الإتساق المطلق للمطلع والأقفال والخرجة في القافية والأوزان العروضية.
وبهذا الإختصار أظننا نستطيع أن نطور مبادئ أكثر علمية حيال الشعر الغنائي ونظرية في النظر للبناء الداخلي وتفاعيل وأوزان كل أشعارنا العامية وليس الغنائية فحسب. واذا قد نملك مقاييس موضوعية "أو كما ينبغي" لا ذاتية وشخصية وهذا طبعاً معنيُّ به المشتغلين بالنقد الفني (في المجال) بهدف الامل في تخلق حركة نقدية أكثر علمية تستطيع أن تنهض بالفن الجديد في مستقبله عن وعي علمي مثلما وجب أن نملك مقاييس علمية كما قلنا في مقدمة هذا السرد في مجالات السياسة والإقتصاد والمجتمع والثقافة وبالمعاني الشاملة للعبارة.. وإلا لا سبيل للحضارة بمعناها الحقيقي وفق ما تقول لنا التجربة البشرية.. أو وفق هذا التصور!.
والتحية من هنا للأرواح المبدعة ممثلة في الشاعر عبد الرحمن الريح والفنان التاج مصطفى.. مع ملاحظة أن محاولتي هذي مخصصة فقط للنظم الشعري لا اللحن (برغم انه جزء من النظم) ولا الأداء ولا المقامات الموسيقية ذلك شأن آخر.
* الزجلية وفق ما أداها الفنان الكبير التاج مصطفى
"7"
نسمع الزجلية الباهرة مغناة من الفنان الجليل التاج مصطفى:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة