|
Re: شهد الراوي...ورسالة إلى إمراة خاصة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
في #يوم_المرأة_العالمي، لن أكتب للمرأة القوية، لتلك الفولاذية التي تتغنى بها مذيعات التلفزيون والمانشيتات الكبيرة في الشوارع؛ لن يعنيني هذا اليوم موضوع الأم المُقدسة أو الفتاة التي أزهرت من الكثبان الرملية، سأكتب هذا النهار إلى المرأة الهامشية، التي لن يلاحظ ندوبها الصغيرة أحد؛ إذ أن معاناتها ليست دموية حقاً بالشكل الذي يؤهلها لتصبح قابلة للحكي؛ أكتب للمرأة التي تسبغ عليها الأمومة شعوراً مروعاً بالذنب، وبسبب من صورة الأم المكررة والبديهية والمضمونة و الضاغطة من المجتمع سيظل شبح الأم المثالية حملاً ثقيلاً عليها وهي تُقارن نفسها بالأمهات الرائعات، بينما تتشظى حياتها بالكامل من أجل الأبناء الذين يسلبون بالحب منها فردانيتها حتى النهاية. أكتب للابنة التي تشعر باليتم المسكوت عنه، بوجود أمها؛ سيما وأنها تعاني من أم هي عكس المتداول الذي يصدر لنا نمطاً للأمومة المنزهة من الأخطاء والقسوة والنرجسية والمعاناة النفسية. أفكر بالأنثى التي لا تريد الزواج، ليسَ لأنها تعاني من مشاكل نفسية، أو عارض سحر أو دخول كوكب المريخ في عطارد.! إنها فقط لا ترغب بذلك؛ ونتيجة للرفض العام؛ ستبدو غريبة ومنفصلة عن العالم، ثم تتغير موجة شعورها الى حالة من الكآبة النائية التي لا أمل من شفائها. أفكر بالفتاة التي تحلم بأن ينشب لها جناحان وتهاجر مع الطيور المهاجرة، لا تأمل أن تغيب بسبب ظروفها البائسة فحسب، ولا تريد أن تجرب ارتكاب الأخطاء المشروعة، هي فقط تشعر بأنها ابنة الحياة بكل تدفقها الهستيري، لديها رغبة عميقة ومزمنة بالرحيل، ليسَ كل شيء في الدنيا منطقياً يا صديقي المجتمع.! إلى تلك التي لن تعترف بحبها حتى لو أنقذ الحب المتبقي من حياتها، إلى التي يفتت شغفها الكسل كلما شاهدت الناس تتقافز من حولها عبر الريلز مثل قرود حزينة. إلى الزوجة التي تشعر بأن قلبها فارغ بينما تعاني النساء حولها من الحب المفرط لأزواجهن، وإلى التي تشعر بأن الحب سحق ذاتها حتى استحالت إلى امرأة وحيدة. إلى اللامرئية الدخيلة، والتي إذا جلست على مسطبة عامة سيجلس الناس في مكانها دون أن يشعر بوجودها أحد؛ الآن عرفتِ أنكِ لستِ وحدك. زها حديد لم تتزوج، وفيرجينا وولف كانت تشعر بأنها ليست موجودة البتة، أغوتا كريستوف لم تقوَ على الاعتراف بالحب، وجوليا كريستيفيا كرهت أمومتها، بينما سحقت حنا آردنت بأحذية الغرام، ونفرت سيمون دوبوفوار من أمها. كل هؤلاء كن هامشيات، حتى إني لا أستطيع أن أتذكرهن دون أوجاعهن الصغيرة. كلنا نتشابه يا صديقاتي؛ لا تحتاج المرأة في هذا اليوم إلى تهنئة، هي دائماً بحاجة إلى تخفيف الحكم أو إلغاء قانون العقوبات إلى الأبد.
| |
 
|
|
|
|
|
|
|