تدوال السودانيون يوم أمس بكثافة فيديو مسجل للعقيد ركن مصطفى محمد عثمان الضابط بالفرقة الاولى مشاه بالجيش، يطالب فيه البرهان بالذهاب للتفاوض وتوقيع اتفاق سلام فورا، وهدده بالمقاومة في حال عدم التوقيع، متهما الفلول باستغلال الجيش في هذه الحرب للعودة للحكم، وموضحا بان الحرب الحالية يدفع ثمنها العساكر والمدنيين الابرياء.
اذا ربطنا حديث العقيد ركن مع ثلاث احداث اخرى (ساوردها في الاسفل)، سنصل الى حقيقة مهمة جدا، هي ان هذه الحرب كان من المفترض أن تتوقف منذ وقت طويل لولا تدخل طرف سياسي بعينه وعرقلته للسلام باستمرار.
الحدث الأول تصريحات البرهان بعد الحرب مباشرة والتي وصف فيها الحرب بأنها حرب عبثية ويجب أن تتوقف فورا، وبعد ذلك وسط دهشة الكثيرين غير الرجل رأيه، وأصبح يتحدث عن معركة وجودية، ومعركة كرامة، فمن غير رأيه؟
الحدث الثاني عقوبات امريكا ضد قادة تنظيم الكيزان واتهامهم الواضح بعرقلة خطوات احلال السلام، وكون امريكا طرف في وساطة جدة، فهذا يعني ان معلوماتها عن من يعرقل خطوات السلام تأتي من داخل المفاوضات، وبالتالي هي معلومات ذات مصداقية لا يمكن التشكيك فيها.
إعلان امريكا عن عرقلة الكيزان للسلام، يعضد فكرة ان الجهة التي غيرت راي البرهان من الحرب هم الكيزان انفسهم، وراج عند البعض أن الكيزان وعدوا البرهان باستنفار ٥٠٠ الف مقاتل، وضمان دعم قطر وتركيا الاسلاميتين للجيش، كما وعدوه بالنصر الحاسم السريع ومن ثم تنصيبه بشيرا جديدا لحقبة انقاذية كيزانية جديدة، بيد انهم فشلوا في الاستنفار، وفشلوا في جلب الدعم الدولي، اذ اعلنها أمير قطر ورئيس تركيا بأن لا حل عسكري في السودان، وأن التفاوض هو الطريق الوحيد لحل الأزمة.
الحدث الثالث هو تصريح فارس النور عضو لجنة التفاوض عن الدعم السريع قبل ايام والمتضمن لاستقالته، حيث ذكر بأن الجيش كان من المفترض ان يوقع معهم على اتفاق وقف العدائيات في منبر جدة ولكنه انسحب من التوقيع في آخر لحظة وسط دهشة الوساطة، متهما الجيش بانه لا يملك قراره، وهو اتهام ظلت قوات الدعم السريع تتهم به الجيش مرارا وتكرارا، بأن مصدر القرارات متعدد ولا يصدر من جهة واحدة، مما يعيق عملية التفاوض، وبالطبع الجيش كمؤسسة له رأي واحد، لكن الرأي الاخر الذي يزاحم الجيش في قراره هم الكيزان عبر القيادات الكيزانية العسكرية والمليشيات والاجهزة الأمنية الكيزانية.
بهذا الربط يتضح للجميع الدور القذر لقادة الكيزان في تأجيج الحرب وعرقلة الوصول للسلام، وهو ما اكتشفته القوى السياسية مبكرا، ثم اكتشفته امريكا والوساطة والدعم السريع والان ضباط الجيش، ولم يبق الا ان يكتشفه الشعب بكامله قريبا.
وبهذا تكون الدوائر قد دارت على الكيزان، فهم قد خسرو الدعم السريع، والان يخسرون ضباط الجيش، ولذلك نراهم هذه الايام ينشطون في اطلاق شيء جديد اسمه المقاومة الشعبية، يستهدفون بها تكوين مليشيا عسكرية جديدة قوامها السري وقادتها من الكيزان، ومن ثم يحولونها لجيش، ليفرضوا عبرها وجودهم مرة اخرى، وهي خطة ماكرة، ولكن الشعب أصبح اكثر وعيا بالاعيبهم ومكرهم، وكما أفشل استنفارهم، سوف يفشل دعوتهم المسمومة لما يسمى المقاومة الشعبية والتي ماهي الا مليشيا كيزانية جديدة تحت غطاء شعبي، ولقطع الطريق على هؤلاء سوف يدفع الشعب نحو السلام يسانده في ذلك شرفاء الجيش وجميع القوى السياسية المدنية الرافضة للحرب والقوى الدولية.
أشعل تنظيم الكيزان هذه الحرب وهو واثق من حسمها لمصلحته بسرعة ومن ثم عودته لحكم البلاد مرة اخرى ودفن ثورة ديسمبر وقواها المدنية للابد، ولكنه خسر الحرب، وهاهو الان يخسر كل شيء، فسبحان الله القائل (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة