هذا هو الجزء الثاني من سلسلة جمهوريون أحببتهم، ونعمل فيه على التوثيق للفكرة الجمهورية، أخبار ، صور، مقالات، آلاراء سياسية، إجتماعيات وفيديوهات متنوعة عن كل ما يخصت بالفكرة الجمهورية ومجتمع الإخوان الجمهوريين.
وكما هو معلوم بأن أكثر ما يلفت الإنتباه للإخوان الجمهوريين هو حسن أخلاقهم وتهذيبهم، حتى عتاة أعدائهم ومنتقديهم لا ينكرون ذلك، وكما يُقال الفضلُ ما شهدت به الأعداء وأعتقد بأن الجمهوريين يعملون على ترويض النفس للوصول للكمال أو الإنسان الكامل، ومسألة الإنسان الكامل عصية الفهم للعامة كما موضح بالفيديو أدناه، وياريت الإخوان الجمهوريين في هذا المنبر أن يقوموا بتبسيطها لنا.، مع فائق الشكر والتقدير مقدماً
12-26-2023, 09:28 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
عندما أنظر لإنحطاط الأخلاقي الذي وصل إليه السودانيون الآن بسبب حكم الإخوان المسلمين الذي دمر الأخلاق، وأرى أننا لن نرجع كما كنا عليه قبل سنة 1989، وحتى دول الخليج قد لاحظوا تدهور أخلاق السودانيين عما كانوا عليه قبل الإنقاذ، إلا أنني عندما ألاحظ أخلاق الإخوان الجمهوريين بقول لسى الشعب السوداني بخيرو.
12-28-2023, 03:07 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
لقيا الأستاذ هي كل ما كنت احتاجه لقد قرأت وسمعت عدد الأخوان والأخوات يحكون عن كيف أرتضوا نهج الفكرة طريقا لحياتهم. كلما أقرأ ذلك تزداد قناعتي بأني انسان بسيط وبذات القدر أن قصتي ليست معقدة. عبدالله عثمان (زوج نزيهة محمد الحسن ) قد يصف ذلك بأنه ( زي قصص الحبوبات). بلا شك فقد اصبحت جمهوريا فقط برؤيتي للأستاذ .. لم أقرأ أو أناقش شيئا معه أو عنه مع أي شخص آخر. أنا على دراية بأن هذا قد يبدو غريبا للبعض ولكن ذلك ما قد حدث بالفعل. كان النور حسن سيداحمد هو الذي هيأ لي لقيا الأستاذ كما أن النور نفسه هو الذي "سندني" السند الذي أحتاج لأستوي على جادة نهج الأخوان الجمهوريين. عندما استلم نميري السلطة في العام 1969 وتم تحويل مدرسة وادي سيدنا الثانوية الى الكلية الحربية، عمد الى تحويل طلاب تلك المدرسة الى مدارس أخرى فكان من نصيبي أن أحول طالبا داخليا الى رفاعة. كنا حينذاك نسكن الحصاحيصا (عبر النيل الأزرق من رفاعة) وقد كانت هناك علاقة تربط أسرة النور حسن في رفاعة بأسرتنا فقد سبق للأستاذ الخير( شقيق النور الأكبر سنا) ، والذي كان يعمل معلما بمدرسة شيخ لطفي أن ألحق شقيقي الأكبر حسن بتلك المدرسة ظل خلالها حسنا مقيما مع تلك الأسرة فتم بذلك توطيد الصلة بين أسرتينا. ووصلا لهذه الوشيجة فقد حرصت خلال اقامتي في رفاعة على زيارة تلك الأسرة في عطلات نهاية الأسبوع. كان الأستاذ خالد الحاج معلما لمادة التاريخ بالمدرسة ورغما عن أنني كنت لا أحب مادة التاريخ الا أنني كنت أحب طريقة تدريس الأستاذ خالد الحاج وكنت أحس دائما أنه "نسيج وحده" بين بقية رصفائه المعلمين. ما كنت أدري سببا لكون الأستاذ خالد "مختلفا" عن غيره ولكني كنت أحس أن هنالك "شيئا ما" لا أدري كنهه يحيط بذلك الرجل ... لم يكن ثمة رابط بيننا أكثر من العلاقة المتعارف عليها بين تلميذ وأستاذه. حتى ذلك الحين لم يحدث أن قرأت أو سمعت شيئا عن الأستاذ أو الجمهوريين. أذكر أن أول مرة رأيت فيها الأستاذ محمود كانت في العام 1971 في مدينة ود مدني (كان عمري حينها سبعة عشر عاما). اصطحبني النور حسن معه لأشهد يوما من نشاط الجمهوريين. كان الأستاذ متوسطا المجلس وقد جلست مع النور على مبعدة من مكان جلوسه. كان الحديث يدور عن "التوبة"، بوسعي الآن أن أذكر ذلك بوضوح تام. بعد نهاية الجلسة أخذني النور للأستاذ فصافحته وسط حشد من الناس، وقد كنت مأخوذا بمجرد تلك المصافحة. أحسست بأني أود لو أراه ثانية .. لم تكن لدي فكرة أو خطة واضحة كيف يتم لي ذلك ولكن ذلك ما كنت أحسه على كل حال. سارت حياتي في مجراها الذي اتخذته وأنقضت سنوات حتى هيأ الله لي "الرؤية" مرة أخرى. كان العام 1973 عندما تيسر لي مرافقة الأخت سكينة حسن، شقيقة النور، لمعاودة مستشف لهم في مستشفى الخرطوم بحري. عزمت سكينة على زيارة الأستاذ بعد تلك الزيارة وكانت تحتاج مرافقا يصاحبها في تلك الرحلة وقد كنته، وقد خطر لي أن تلك فرصة لرؤيا الأستاذ مرة أخرى. ذهبنا بسيارة أجرة مباشرة الى منزل الأستاذ. كان الوقت ظهيرة وكانت ستائر غرفة الأستاذ مسدلة. اقترحت علىّ سكينة الإنتظار في غرفة جلوس كبيرة (الصالون) ثم ما هي الا برهة ونادتني سكينة لأدلف الى غرفة الأستاذ. ما أن دخلت حتى غمرني فيض من الطمأنينة ودفق من فرح طاغ ظل يعاودني كلما تذكرت تلكم اللحظات!!! كانت الشمس باهرة السطوع خارج الغرفة غير أن بداخلها كان ثمة عطر يفوح من عود يحترق وضوء خافت يغمر الغرفة مسدلة الأستار وقد كان الأستاذ يجلس على سرير مواجها الباب فصافحني بحرارة بينما كانت سكينة تتولى أمر التعريف بي. نفذت نظرات الأستاذ خلال عينيّ الى قلبي مباشرة وأحسست حينها وكأنني في حضن دافي. أتذكر شعوري لحظتها وكأنني طفل ضل لفترة طويلة ثم وجد نفسه فجأة بين أهله "الى هنا أنتمي، وهنا سأظل وأبقى" ... "لقد وجدت سعادة فاقت تصوّر كل متصوّر" .. ظل عقلي في حالة "ذهول" ممتع... سألني الأستاذ عن "من وين في الأهل" .. من أي جزء في السودان أهلي وأسئلة أخرى لا أتذكرها الآن ولكن ما أذكره تماما فيض السلام الممتع الذي كنت أعايش لحظتها. قدموا لي شراب الليمون وبعض الحلوى التي ألتهمتها وكأني طفل في سن الثالثة ... لم أتحدث كثيرا ولم ير الأستاذ أن يستمر هو كذلك في الحديث وإنما تركني أن أجلس فقط كطفل سعيد، مطمئن وقانع بما هو فيه، ولكن تلك الحال أفسدتها علي حقيقة أن قد توّجب الذهاب مع سكينة عائدا للمستشفى لتلحق بأهلها. طلب لنا الأستاذ سيارة أجرة فغادرت كجسد ولكن قلبي لم يغادر وأحسست بأني "ملتحم" بذلك الرجل منذ ذلك الحين. أحساسي أني ما كنت أريد أن أكون واحدا من تلاميذه وحسب إنما أكون أكثر من ذلك!!! كنت أقول لنفسي "عادة ما يتبع المرء فردا ولكن هذا ليس شخصا عاديا!! لا!! لا يكفي أن تتبعه وحسب." في بداية الفترة الأولى من العام الدراسي بالجامعة (1973) ذهبت مباشرة للقيا الأخوان الجمهوريين في المبانى الرئيسية للجامعة (جامعة الخرطوم). كان يداخلني شعور عارم أن ذلك ليس هو ما أريد ... عندما ألتقيتهم كانوا في هندام متواضع وبحسبك أن ترى بوضوح أنهم لا يحفلون كثيرا بمظهرهم العام ولكنهم ينتقون أطايب الكلم كما ينتقي آكل التمر أطايبه ويديرون نقاشاتهم الداخلية بأذهان متفتحة. كان عقلي رافضا للربط بين أن أكون مع "الأستاذ" وأن أصبح جزءا من مجموعة. كان من الصعب علي أن أنتم لمجموعة ما لأني أعاف مسألة أن "أرهن حريتي لرجال، بالغا ما بلغوا من الكمال، ليشيرون عليّ بفعل أو ترك أي شيء". كنت أنفر من التنظيمات عموما لأنني أكره "المؤسساتية" و"شكلياتها" ولذا فلم أنتم في سابق حياتي لأية تنظيم ولذلك فقد حدثتني نفسي بأنني يمكن أن أصبح مع الأستاذ وجمهوريا ولكن ليس بالضرورة منضويا تحت زمرة هؤلاء "الشباب" ولذلك فقد حافظت على أن أكون على مبعدة منهم مع الإنتظام في زيارة الأستاذ معتبرا نفسي جمهوريا (أرجو أن أكون!!!) فعلها النور حسن ثانية، فهو الذي كسر "صليبي" فساهم بذلك في "مراسيمية تعميدي" لأصبح جزءا من حركة الأخوان الجمهوريين. كان صيف العام 1974 وكان ثمة اجتماع في أحد بيوت الأخوان لتشكيل وفد لتوزيع الكتاب (حملة الكتاب وحملة الدعوة). قام كل من يريد أن يكون عضوا في الوفد بإنتداب نفسه لذلك العمل ... فجأة، وبدون مشاورتي أو حتى إعطائي تصورا لذلك الأمر قام النور حسن باقتراح اضافتي لذلك الوفد، فوجدتني، وبلا سابق إعداد جزءا من ذلك الوفد، وفد طلاب الجمهوريين بجامعة الخرطوم، الذي طاف مناطق شرق السودان: أتبرا، بورتسودان، كسلا والقضارف وقد كان بقيادة أحمد دالي. كان أعضاء الوفد هم: محمود إحيمر، بشير علي حماد، خالد محمد الحسن، صديق دالي، عمر القراي، حبيب الله بخيت، بشير علي محمد "الشهير ببشير البطحاني"، عبدالقادر عبد الرحمن وهشام عبدالملك. من ذلك الوفد الطويل والممتع قبلت مسألة أن أكون منتميا لتنظيم. شعرت بأنني قد نجحت في خلق علاقة طيبة (ولا أقول صداقة لأن الأمر أكبر من ذلك) مع زملائي الطلاب وبذات المقدار مع بقية أخواني وأخواتي الجمهوريات. أنا أفترض أنه، ومن بين أهداف أخرى، فإن واحدة من مهام الوفود الرئيسية هي خلق مثل هذه الروابط بين الأخوان. أكثر، بل وفوق ذلك، فقد شعرت بأن كل هذا الأمر يصب في ذات المنحى، لا فرق بين أن تمارض معتلا أو تعرض كتب الفكرة في الطرقات طالما أن كلاهما تقوم به وأنت تبتغي "وجه" الأستاذ تريد أن تكون حاضرا معه. بوسعي أن أتخيل أنه، ولولا صمامة النور حسن وقراره الإنفرادي، لأصبحت جمهوريا من منازلهم لدهر طويل. كانت سنوات الجامعة غاية في الإمتاع. كانت سعادتي تنبع من كوني مع الأستاذ ووسط أخواني وأخواتي. كنت أهوى دراسة الطب وأتعشقها ولكن ظل نشاط الجمهوريين هو مسقط فؤادي. وبما أن لكل شيء قلب، فقد كان قلب متعتي تلك (بعد تخرجي) هو قيادتي لسيارتي والأستاذ متربع بها!!! أتذكرني جلوسا في حضرته أتحرّق شوقا للإستجابة له والحضور معه اذا ما طلب مني معاودة شاك او شاكية. جئته مرة لأزوده بتقرير عن حالة صحية لأحد من عاودتهم، فوضع يده على كتفي، كما يفعل أحيانا، ثم قال لي: (أكبر عمل بعد الصلاة هو إغاثة الملهوف و العمل الإنتوا بتعملوا فيهو ده من نفس السبيل). طوال عهدي في حركة الأخوان الجمهوريين كان همي الأوحد الا أكون "متوزعا"، بما يحدث، عما يتوجب علي من حضور بصدد ما يقوم عليه أمرنا كله. كنت أذكر نفسي بألا يشغلني شاغل من أي من أنشطة الحركة عن همي الأساسي "الأستاذ". تخرجت في العام 1979 وأذكر أن والدي (المبارك حسن) كان جد فخور بإنجازي وكان وكده أن اكون في "خدمة الناس" بتقديم المشورة الطبية المجانية والسريعة لهم. كان كثيرا ما يود لي الا أكتفي بتقديم النصح الطبي وكفى وإنما بتوفير الدواء كذلك!!! كنت أقوم ذلك بشعور عميق من السعادة والرضا. انتقل والدي فجأة في الخامس والعشرين من مايو 1980 ثم انتقلت والدتي بعده بأشهر ثلاث في أغسطس بعد مغالبة يسيرة وسريعة مع المرض. بوسعي أن أقول بأنه ورغما عن سرعة ومفاجأة حدثا إنتقال والديّ الا أن ذلك لم يفت في عضدي ولم أخش تحمّل مسئولية الأسرة من بعدهما، ولعل من البداهة أن أعزو تلك الصمامة التي وسعتني، في مجابهة هذا الأمر، لكوني مع الأستاذ والأخوان الجمهوريين والذين أحس دائما بأنهم "عالمي" الخاص. أتذكر أن أحد الجمهوريين (أفضل الإحتفاظ بالاسم) عندما التقيته/التقيتها لأول مرة بعد رحيل والدتي أن بادرني/بادرتني بتوحد قائلا/قائلة (يمكنني تخيلك وأنت تواجه هذا الفقد المفاجيء وما يترتب عليه من مسئوليات جسام .. ليس لدي الكثير من المال ولكن لا تتردد لحظة اذا ما أردت ثمة مساعدة .. فقد يمكنني تدبير بعض الشيء أو تدّبر أية مسائل أخرى قدر الأمكان) ولكن الله، رحمة منه وفضلا، لم يحوجني لطلب تلك المساعدة ولكني ما حييت سأظل أذكر، حامدا، تلكم الوقفة النبيلة التي كان أحتاجها في وقت عصيب كنت أمر به. علق الأستاذ، وبضورة مشجعة لي، عن حالة والدي الروحية بقوله: (والدك أنا ما شفته إلا جسد مسجي، لكن جسده كله دين) وقال لي بعد وفاة والدتي (والدينك أرواحهم قريبة من بعض).
أحمد المصطفى المبارك – بكسهيل – المملكة المتحدة في الثاني من مارس 2011
12-28-2023, 03:10 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب عبدالله عثمان: كنت قد حرّضت د. أحمد المصطفى المبارك على تسجيل ذكرياته فكتبها بالانجليزي فكتبت له: رغم أن أنجليزيتكم مليحة جدا وحرفكم فيها "باهي" الا أنني أحب دائما ألو أقرأ "الإنطباعات" بالعربي فعقيدتي انو الحرف العربي فيهو سر ... أقرأ اليومين دي في مذكرات لبعض الأتراك والألبان وغيرهم عن تجربة أتاتورك في تغيير الحرف العربي الى لاتيني .. (واحدة مشت لواحد يكتب ليها حجاب "رقية" فكتبه باللاتيني .. رمتو في وشو وقالت "بس"!!) ====
I apologise profusely for writing this is in English. The reason for using the English language is that I haven’t got Arabic software. However Abdalla Osman has kindly translated it to Arabic so it would not be as boring as it is in English.
MEETING ALUSTAZ WAS ALL I NEEDED
I have read and listened to a lot of Brothers stories of how they were first convinced to take Alfikra as a way of life. The more I read about this, the more I become convinced that I am a simple person and my story is equally not sophisticated. Abdallah Osman (husband of Nazeeha Mohammed Alhassan) would describe it as: “Zai gisas alhaboabat!!”
Undoubtedly, I became a Republican Brother by just meeting Alustaz…. without reading or discussing anything with him or about him with anybody else!!! I am quite aware this sounds very strange to some people, but that is exactly what has happened…
It was Annour Hassan Sied Ahmed who gave me the opportunity to see Alustaz and it was Annour again who gave me the “nudge” I needed, to stand straight in the line of the Republican Brotherhood.
I was one of the students of Wadi Saydena High School who were relocated to Rufaa High School after Nemeri took over power in 1969 and our school was transferred to a military academy and all students were relocated to other schools across the country. I was a boarder in Rufaa High school, but I used to go regularly to visit Annour Hassan’s family in the weekends.
Annour Hassan’s family and my family were old friends, well before that. Some twelve years earlier, Alkhair, (Annour’s elder brother) who was a teacher in Lutfi School, took my elder brother (Hassan) to stay with them during school time so my brother could attend Lutfi School because we lived in Alhasaheesa (across the Blue Nile) at that time. That how our families came together.
Austaz Khalid Alhaj was our History teacher, in Rufaa High School. I never liked History, as a subject, but I loved his lessons…. I always felt that he is “different” from the rest of our teachers. I didn’t know what was different about him, but I felt there is something “unusual” about him…nothing more than a normal student teacher contact has happened between us.
Up to then, I haven’t read or heard of Alustaz or the Republican Brothers.
I remember when I first saw Alustaz, it was in Madani in 1971 (I was seventeen years old); Annour Hassan took me with him from Rufaa to attend a day activity of Republicans. Alustaz was sitting at the head of the gathering I sat with Annour far away from where Alustaz was sitting. The talk was about repentance, I can clearly recall. When the meeting ended, Annour took me to Alustaz and I shook his hand, amongst a big crowd of people, I was very impressed by just doing that. I felt I needed to see him again… I didn’t have any plan or idea how to do that, but this was how I felt. I carried on with my life and the years passed by till I saw him once more.
It was 1973 when I went with one of Annour’s sisters, Sakeena Hassan, because she needed company to travel from Khartoum North Hospital to visit Alustaz in Althowra. Sakeena came to the hospital with other members of her family to visit a relative who I also came to visit. I remember I thought to myself this is a chance to see Alustaz again!! We took a taxi straight to Alustaz house, it was midday and Alustaz room curtains were drawn. Sakeena asked me to sit and wait in a big sitting room (Alsaloon). Not long time had passed till she came and told me I could come in his room. Once I entered his room I was overwhelmed by a strong feeling of peace and happiness, the feeling was so intense that I continue to experience it whenever I recall that moment!! There was scent wood burning, the room quietly lit because the curtains were drawn, as it was very bright hot sunshine. Alustaz was sitting in a bed facing the door, once I came in, he gently shook my hand while Sakeena was introducing me. Alustaz eyes pass through mine, straight to my heart, and I felt as if Alustaz gave me a warm long hug. I remember my feeling was of a young child who has been lost for a very long time and suddenly found himself at home… “This is where I belong, this is where I am going to stay”… “I have just found happiness in a scale beyond my imagination”…my mind continued to wander pleasantly.
Alustaz asked me; which part of Sudan my parents originally come from and other questions which I can’t remember or even recall their subject. However, I can clearly remember that I continued to enjoy the pleasurable feeling of overwhelming peace. I was given a lemon drink and sweets, which I drank and ate like a three year old…. I didn’t say much and Alustaz didn’t lead me to further conversations. Alustaz just left me to sit like a peaceful, happy and contented child. To my disappointment Sakeena asked if we could be allowed to go back to the hospital, as she had to catch up with the rest of the family. Alustaz ordered a taxi for us and we left. But my heart never left, I was glued to him since then. I never wanted to be just one of his students I wanted to be more than that!!! I remember thinking; “you follow people but this is not just a person!! It is not enough just to follow him.”
At the beginning of the first term of my first year at the university (1973), I went straight to meet the Republican Brothers, in the university (Khartoum University) main building. Deep in my heart, I felt that was not what I wanted…. When I met them; they were humbly dressed and obviously they didn’t take much interest in their appearance, but they were well spoken and thoughtfully lead their closed discussions. I refused to accept the link between being with Alustaz and being part of a group. I found it difficult to be part of an organised group, because I feared “giving up my freedom to some guys to tell me what to do”. I always hated being in “organisations” because of fear of institutionalisation. I had had never been a member of any organised group before. So I thought to myself that I can be with Alustaz and “Jamhoori” but not necessarily with “these guys”, so I kept my distance from them while I continued to visit Alustaz regularly, considering myself a “Jamhoori” (maybe I was!!!).
It was Annour Hassan again, who broke the mould and got me into “the organisation” to become part of the Republican Brotherhood Movement; It was the university summer holiday 1974 and there was a meeting, in one of Brothers Houses, to organise a book distribution mission (Hamlat Keetab wa Hamalt dawaa). Everyone who wanted to join the mission (wafd) put his name forward…suddenly, without telling me or even giving me a hint, Annour Hassan put my name forward for the “wafd”. Unprepared, I found myself joining a group of my fellow Republican university students in the book distribution mission around the east of Sudan; Atbara, Port Sudan, Kasala and Algadarif. The mission “wafd” was lead by Ahmed Dali and other members of alwafd were; Mahmoud Ihaimir, Bashier Ali Hammad, Khlid Mohammed Alhassan, Siddig Dali, Omer Algarrie, Habeeb Allah bakheet, Bashier Ali Mohammed, Abdalgadir Abdurrahman and Hisham, Abd Almalik. From that very long and enjoyable wafd I accepted been “organised”. I felt I have formed a strong relationship (I am not saying friendship, as it is more than that) with my fellow students as well as the rest of the brothers and sisters, I suppose among a lot of goals, one of the wafd’s goals is to create such bonds between the Republicans. Over and above, I felt it all pours into the same pool whether you see a patient or sell Alfikra book, as long as you are doing it for the same reason of attending to Alustaz.
I can imagine, If it was not for Annour decisive and “unilateral single-handed” action, I could have remained “Jamhoori min Manazilihim” for quite a time.
My University time was really a happy time. My happiness stemmed from being with Alustaz and among the Brothers and Sisters, I loved studying medicine but more than that, I enjoyed the Republican Brothers activities. Among all, I enjoyed driving Alustaz in my car (after I graduated). I remember sitting, in his presence, itching to respond to him, if he were to ask me to see someone for medical consultation. Once I came to give him a feedback on someone’s health state, he put his hand on my shoulder, as Alustaz sometimes used to do, and said to me; “The second top deed after praying is to rescue the desperate…and what you are doing (as doctors) is one form of this deed”. During all of my time in the Republican Brotherhood Movement, I had always kept telling myself not to be distracted, by what was happening, from attending to what it was all about. I kept reminding myself not lose focus on Alustaz in attempting to attend to any form of an activity.
I graduated in April 1979. I remember my father (Elmubarak Hassan) was so proud of me and always wanted to help people by providing them with free and easy medical consultations through me. He had asked me, in many occasions, not only to give a medical advice to someone, but also wanted me to get him or her the necessary medicine. I did that with deep feeling of pleasure and satisfaction. My father died suddenly on 25th of May 1980 and my mother died, after a very short illness, in August the same year, less than three months after his death. I have to say, despite the sudden and huge loss of my parents, I was not shaken and I didn’t feel a burden of responsibility of looking after the family. In hindsight, this was because of being with Alustaz and the Republican Brothers, whom I always felt are my world. I remember one of the Republicans (I prefer keeping the name), when I first met him/her after my mother’s death, he/she assured me firmly; “ I can see you have suddenly found yourself facing a huge responsibility…. I haven’ got much money, but should you need any help, financially, or any other support, don’t hesitate to get me involved!! I can arrange the money and I will do my best to help otherwise also”…. With Allah grace and mercy, I never needed that help and I never forgot the strength and support he/she gave me with his/her kind and firm advice, in that moment of vulnerability. Alustaz commented in a very positive note on my father’s spiritual state; He said to me “I have only seen your father after his death and his body shows how religious he was”. Alustaz also said to me, after my mother’s death, that my parents’ souls are very close together souls.
Ahmed Elmustafa Elmubarak, Bexhill, UK. 02/03/2011
01-14-2024, 05:38 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
تصفحت بوستك هذا صباح اليوم واستمعت إلى تسجيل الأخ عثمان النعيم وراق عن قصة صديقه وهي المرة الأولى لي أن أسمعها. واعتبرتها هدية منك إلي. وأردت أن أبادلك الهدية فاخترت لك هذا الفيديو للأستاذ متحدثا في جلسة داخلية عن الهجرة. أنا متأكد أن الحديث سوف يعجبك.
01-22-2024, 11:03 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
🌱♥️💐الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة ❤️🌹 وذلك الأثر الطيب في الأخلاق والمعاملات ... 🌹إرتبط هو وأسرته بمنطقة أملبوك (ملبوك) وهي تعرف بمشروع دبة علالي ويعتبر من مشاريع الزراعة المروية المهمة جنوب الرنك حينها وهي تتبع لمؤسسة النيل الأبيض الزراعية والإصلاح الزراعي..وكان مشروع دبة علالي من أهم تلك المشاريع المروية وكان يستقطب إليه عمال اللقيط من شمال كردفان مناطق شركيلة ومجموعات بني جرار وكانوا في البدء يؤتى بهم في الموسم وفي فترات لاحقة ونتيجة للعديد من الإعتبارات تم توطينهم وتوفير أراضي سكن لهم وأصبحوا نواة لقيام وإزدهار منطقة ملبوك.. 🌹 وقد كان الوالد الشهم من أوائل بناة التغيير في منطقة ملبوك من خلال البذل الثر والعطاء الصادق.... وبجهودهم ومبادراتهم تحولت قرية ملبوك من قرية تجمع عمال لقيط القطن إلى نقطة تجارية مهمة جداً جنوب الرنك حيث أصبحت هي المحطة الرئيسة للمسافرين في الطريق البري من كل مناطق السودان 🇸🇩 المتجهة جنوباً إلى ملوط وملكال والكرمك (عبر جلهاك) وبور وجوبا وياي وحتى نمولي ...كانت تعج بالنشاط والحيوية وخاصة المطاعم التي كانت تقدم كل مالذ وطاب ... 🌹الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة كان من المحفزين للأهالي بضرورة التغيير والمواكبة وذلك بدءاً من أهله السكان والأهل من الوافدين وقد أدت مبادراته إلى تغيير عدد كبير لأوجه نشاطهم التجاري وإكتساب مهارات جديدة وكذلك الوعي بالمشاركة في دعم الخدمات عبر إدارة المشروع... 🌹الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة كان سامقا شامخاً في علاقاته الاجتماعية المتعددة وكان إنسان محبوب جدا بين أهله الدينكا مجموعة ,,(أقويم ) وله علاقات وطيدة جدا بكل من الشيخ كور شول والزعيم النقابي دينق فُلُج و كان هو جزء من نسيجهم بكل وفاء وصدق وله حضوره البارز في كل مناسباتهم مشاركا وباذلا بكل سخاء .. 🌹الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة كان عندما يزورنا في جلهاك ويلتقي الوالد يوسف نقور كنا نحس إن هناك ضيف مختلف من حيث الأناقة والجمال والبساطة والتواضع والنقاء والمودة فكان لايشتهي الأشياء ولاينتظر أن تخدمه بل يسعى لخدمة نفسه بما تيسر أمامه ..وكان حديثه قليل ويغلب عليه الهدوء منخرطا في مايخص الكل.. الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة ظل من الرموز الباهرة في منطقة ملبوك وماحولها وظل الكثير من أهله يذكرونه بكل صدق ووفاء.. 🌹الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة إلتقيته بعد عقود عبر الأخ العزيز والزميل النبيل المرهف Ismail Abugarja ❤️عندما تزاملنا في الجامعة وقد أخبر والده بذلك وتمت دعوتنا لمنزله العامر وعدد من الزملاء وعندما إلتقيته تأثر جدا وكان ترحيب أبوي كطبعه المميز وسألني عن الكل وقضينا أجمل الأوقات في بيتنا بيت الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة... ❤️أخوي إسماعيل مصطفى أبوقرجة وذلك إنسان آخر فهو مبدع مكتمل ورجل مقدام وشهم ومرهف جداً . ربنا يسهل عليك ويوفقك ويحفظك ويحقق لك كل الاماني الجميلة العصية ♥️لست أدري كيف حالك يا أخي العزيز في هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأهل في السودان 🇸🇩 الحبيب وأنت لا تحتمل حتى الشوق والحنين وجميل الهمسات... 🌹الوالد الشهم مصطفى أبوقرجة نسأل الله القوي القادر العليم الرحيم الكريم أن يغفر له ويرحمه ويكرم نزله في الفردوس الاعلى ويبارك له في أهله وذريته 🤲 💐🤲🎉التحيات الطيبات والدعاء الصادق بالعافية والسلام والأمان لكل الأهل💐🌿♥️ الصادق مصطفى ابوقرجة
05-05-2024, 01:43 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
جامعة الخرطوم كحاضنة ثقافية قبل ان تكون مؤسسة تربوية لمن يقصدها بشمول توفر حمية فكرية تغسل عنه لوثة الهوس الصغير الذي تخلق في حضن السلطات الديكتاتورية وغذته وقدمته للمجتمع باعلامها المشوه كأبشع مايكون ، تغسله الجامعة ثلاثا علي عتبات مدخلها الا لمن يأبي او يختار التساكن طويلا مع هذا الهوس وقبل ان يصل الطالب المكتبة المركزية (المين ) تتبدي لكل من يحمل داخله جين وعي او بصيرة فكرية كل سمات وسيماء رموز العمل الفكري والثقافي والادبي والسياسي منذ تأسيس الجامعة وجدنا من بين ما وجدنا سيرة الحزب الجمهوري ومؤسسه المغدور الاستاذ محمود محمد طه بفكره الذي نقش نقشا علي رمزي الحزب الفكريين دالي والقراي وانبئتنا نجيلة اداب وشارع النشاط عن سلوك وصبر ومنهجية وعلمية ورصانة وادب ارباب المنهج الجمهوري كما انبئتنا عن تاريخ الحركة السياسية والثقافية والادبية والاجتماعية من اقصي اليمين الي اقصي اليسار فكانت مداخل لدراسة هذه المدارس المختلفة دراسة متأنية دون تكوين رأي مسبق او حكم جبري علي فكر فتوفرنا علي اغلبها وكانت الفكرة الجمهورية شامخة في جامعة الخرطوم رغم محاولات وأدها بإعدام الاستاذ ، شامخة كمدرسة تربية وسلوك ومنهج يتمثله افرادها قبل ان يلقوه علي الناس .
صداقات جمهورية في مجتمع كنانة الصناعي رغم طغيان الانتاج علي الوقت توفرت لنا فرصة التعرف علي رجل متواضع بسيط متزن يمثل السودانوية في ابهي صورها له من الاستاذ محمود شبها وتشبها وهو من اسرة جمهورية ولكنه دوما كان يقول انه محب لكنه غير ملتزم وليته بلغ مقام الاخوان الجمهوريين او كما يقول في ادب وتواضع هكذا كان الاخ الصديق سعيد حميدان حفظه الله من خلاله تعرفت علي اغلب الجمهوريين في كنانة بروف بشير علي حماد والمهندس الهادي ادم (الاولين بشير والهادي ارباب براعات اختراع )والاستاذ عبد الباقي ويوسف ابن الجزيره الخضراء فكانو جميعا كأنما استنسخو من بعضهم منتهي الادب والسلوك والذوق ولين الجانب والعرفان حسبت قبل ان ادرك ان كل من عاشر جمهوريا يجد الله عنده (الالتزام بالشرع والامر ) ، حسبت ان هذه حالة خاصة بمجتمع كنانة رغم غرابتها ان تجد انسانا يتمثل فكرته سلوكا بل يمتد هذا التمثل لكل الفئة المؤمنة بهذه الفكرة والمدرسة وذا دليل علي قوة الفكرة وقدرة مؤسسها وقادتها علي التربية والتجرد . للجمهوريين قدرة فائقة علي معرفة بعضهم في كل بقاع الارض وعندهم التلت اي قيام ثلث الليل الاخير كأنما ارواحهم تطوف البقاع لايقاظ بعضهم البعض للعبادة اناس بسيطون ملبسا ومأكلا ومناسبات اجتماعية عميقون فكرا وجمال مخبر تري الدين يمور بداخلهم وينبئك عنهم قبل ان يتحدثون عنه موطئون اكنافا يألفون ويؤلفون متواضعون سلوكهم نبوي بكل ما تحمله الكلمة من معني خدام مجتمع ولاسيما فئاته البسيطة تجدهم في الحظوة اخر الناس والصفوف عنت لي شهادتي هذه بلا مناسبة او لعلها نفحة ميلاد الحبيب المصطفي فتجول النفس في من يقتفي الحبيب سلوكا وعساها كذلك استبطان لقبح الواقع ولفت الانظار للضد الذي دوما يظهر حسنه الضد فهؤلاء من مدرسة الامانة والصدق والتجرد والتربية والسلوك لها عنوان . لا انسي ان اشير لصديقنا المهندس محمود الهادي ادم الذي كان عنوان سلوك وصبر وشامة واستقامة وانكسار نفس تعرفنا عليه ايام بأس الطلاب (المعسكر) في العام ٩٨. وهكذا عرفتهم جميعا . *محمد علم الهدي* *٢٠١٨/١١/١٢*
05-18-2024, 11:40 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب الاخ السفير / حسن يوسف نقور بصفحته بالفيس بوك ما يلي عن الاخ / محمد عبد المالك ( ازرق ) ... والسفير حسن نقور عمل بوزارة الخارجية بالخرطوم ردحا من الزمان قبل ان يلتحق بوزارة خارجية جنوب السودان عقب الإنفصال ، وهو إبن السلطان يوسف نقور جوك ، سلطان عموم قبائل شمال أعالي النيل ، رحمه الله واكرمه ... كتب الرسالة الآتية: 🎈🌹الأخ العزيز العفيف الشريف/ محمد عبد المالك نورين💐🎉 🌿عندما كنا صغارا في جلهاك الحبيبة ولم نستقر بمدينة الرنك العزيزة بعد ، كانت أهم وسائل النقل والمواصلات هي اللواري ومن أشهرها لوري عمنا عبد المالك نورين ولم يكن مجرد لوري بل كان بريد وإسعاف و راحة لكل الناس وذلك من خلال ماكان يقوم به من خدمات إنسانية مميزة ومتفردة مثل إيصال الأدوية والمصاريف والمستلزمات الأسرية والخطابات وكان يتولى كل تلك المهام بصورة خاصة الوالد الشهم عبد المالك نورين شخصياً حيث كان ينزل بنفسه لتسليم الأمانات على طول الطريق ... كان له إهتمام خاص بنقل التلاميذ للمدارس خلال العام الدراسي ولأهلهم خلال العطلات الدراسية وكان يعرفهم جميعاً . كان هناك السائق المقتدر صديق أبو رجيلة وبعده المهذب عز الدين وكنا في بعض السفريات نشاهد شخص شاب مهذب وأنيق مبتسم دوما مرافق لهم وهو ليس سائق ولا مساعد ولكنه كنا نراه دوماً نشطا في مساعدتهم والركاب و احيانا يشرف على تنظيم الركاب ولايهتم بالجلوس على المقعد الأمامي وعرفنا لاحقا بأن ذلك الشاب هو محمد ولد عمنا عبد المالك نورين (سيد العربية)... 🎉عندما إستقر بنا الحال وإستقرينا بالرنك العزيزة حي السواري ، هناك بدأنا نسمع كثيرا عن الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك وكان منزلهم في حي السواري ناحية الجنوب الشرقي بجوار مدرسة الرنك الإبتدائية ج والتي كانت داخلية بنات مدرسة اتفاقية أديس أبابا الثانوية العامة وكان البيت هو ملاذ للبنات وأضحى جزء منها حيث كانت الوالدة الحاجة فاطمة جار الحبيب والدة الأخ العزيز محمد عبد المالك تتولى طواعية وبكل مودة وأمومة رعاية البنات بل كانت تصر على إستقدامهن وخدمتهن وضيافتهن بكل ما تيسر لها ... 🎉الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك كان شاب متعدد المواهب والقدرات والإهتمامات وكان على كل لسان حينها من حيث المشاركات في النشاطات المختلفة المتعددة في الفن والموسيقى...وكان مبرزا في المجال الأكاديمي وسعى هو وأبناء دفعته لمواصلة مسيرتهم التعليمية ولإكتساب المزيد من المعرفة والتجربة حيث إلتحق بجامعة الخرطوم وتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإجتماعية... 💐الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك إختط لنفسه بل إلتزم بمنهجاً فكريا وسياسيا واجتماعيا حرا لم يعتدي ولم يغتر به بل قدم مثالاً مختلفاً في الإلتزام وقد عانى كثير وواجه صنوفا من المعاناة والعنا والحجر على حركته وحريته ولكن ظل صامداً وفيا لإلتزامه ... 🎉الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك بخبرته ومؤهلاته الأكاديمية اللازمة إلتحق بالجمارك وتدرج وظيفياً و مهنيا في هرمها حتى رتبة اللواء وكان مثالاً للطهر والنزاهة والشفافية والصدق والجدية ، فهو من الذين تتشرف بهم المناصب والمنابر والمنتديات ، خرج منها كما دخلها بل أرسى قيم وترك أثراً فهكذا هو ... 💐الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك تعتز جداً به عندما تسمع الغير يتحدثون عنه نبيلا عفيفا عادلا صادقا...هو رجل عفيف اليد وأنيق الكلام والسلام وكثير التقدير والاحترام... 💐الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك نورين له تجارب متعددة ومتفردة في الحياة العامة على مستوى المنطقة والسودان الكبير 🇸🇩 قاطبة وهو من جيل الوصل والتواصل والوعي والتغيير والإستنارة وكانوا يمثلون دفعة مميزة من أبناء المنطقة الشمالية لأعالي النيل وتحديداً الرنك والقيقر الذين درسوا بجامعة الخرطوم خلال بداية سبعينات القرن الماضي.. ولهم تجاربهم المفيدة جدا في مجالات مهنية وقطاعات مهمة جداً. 🤲 الأخ العفيف الشريف محمد عبد المالك ربنا يمتعك بالصحة والعافية والتوفيق والسعادة في الدارين والأسرة الكريمة 🤲 /:/:/ رد السفير عادل ابراهيم مصطفى (الخليل) سفير السودان في تركيا والذي أقاله البرهان لك التحية اخي العزيز حسن نقور ، والشكر الجزيل علي كلماتك الطيبة الصادقة في حق اخونا وصديقنا المشترك محمد عبد المالك ، وهي تدل علي معاني النيل وكل الخصال الحميدة التي يعرفها عنك كل من عرفك اخي حسن ، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر رب الناس .. اسعدتني الظروف وشرفتني بالتعرف علي الاخ محمد عبد المالك منذ عدة سنوات ، ولم اكن اجد صعوبة كبيرة في إستيعاب نبل هذا الرجل وعطاؤه غير المحدود وبذل وقته وماله في خدمة الآخرين وتوصيل الخير لهم بلا مقابل ، او حتي آنتظار الشكر منهم ، ذلك لمعرفتي انه يلتزم منهجا وطريقا ، هو الفكرة الجمهورية ، يحث علي تقليد نبي الامة ، عليه افضل الصلاة واتم التسليم ، في عباداته وما يطيق الإنسان من عاداته ،،، ولكني اخي حسن ، علمت بعد إطلاعي علي ما سطره قلمك الرشيق ، ان اخونا وصديقنا محمد عبد المالك ، ايضا ، ورث حسن الخلق وخدمة الناس وحسن معاملتهم وحب الخير لهم ، عن والده ، سيد اللوري ، عمنا عبد المالك .... لك ولمحمد عبد المالك المودة والتقدير ...
06-16-2024, 09:01 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
ثم أنه ليَجِلُ القولُ في الأستاذ جلال، حتى ليبلغ مبلغا مالي به من سبيل. فالحديثُ عنه سيرٌ في الوادي المقدس، حيثُ تُخلعُ النعلان، وتُواصل التلبية ويُستشعر الخشوع. كيف لا وقد اخفى كماله بجلاله عمن حوله، فلا يُرى، إلا لمن كان له بصر حديد، أو القى السمع وهو شهيد.
كان فريدا في كل شئ. وفرادته أمر دلّه إليه الأستاذ، فذهب فيه غير هياب ولا وجل. فحاشاه أن "يترك يقين ماعنده لظن ماعند الناس". قال أكرمنا الله بفضل صحبته وجاهه الواسع الكريم عنده "كُنت اتبع الأستاذ سعيد في كل شئ يأتيه أو يدعه. ولما عرفتُ أن الأستاذ سعيد لا يَردُّ على خطابات الأستاذ التي يُرسلها له قررت أن أتبع نفس المذهب. فلم أردُّ على خطاب كان الأستاذ قد بعثه لي. وفي أول زيارة لي لأمدرمان موطن الحركة آنذاك، قال لي الأستاذ: ياجلال إنت ما عارف أنه ردُّ الخطاب زي رد السلام؟". ومن يومها عرفت أن مشهدي في طريق الفكرة مختلف عما عزمت عليه".
(2)
سألني يوما ما ونحن أمام منزل الأستاذ دفع الله موسى قائلا: "أحمد خطك كيف؟ ولعله أردف ذلك بقوله: سمعت أنه جميل". فرددت متهيبا الإجابة ومحاولا أن أكون دقيقا فيها، وقد استغربت السؤال: "بقولوا أنه كويس". وقد كنت معروفا أيام الطَلب بين زملائي بحسن الخط، والميل للتنسيق والتلوين. يعرفُ ذلك عني أيضا بعض الأخوان والأخوات الذين كانوا يقصدونني لكتابة وتلوين بعض القصائد العرفانية، أو من كانوا يطلبون مني بعض أعمال الزخرفة والتشكيل. ولعله عرف إتجاهي للخط والتنسيق من بعضهم.
على كُلٍ، كان ذاك النقاش القصير ليلتئذ مفتتحا لعلاقة قوية وعميقة وطويلة ربطتني بالأستاذ جلال الدين الهادي. تطوّفت معه من خلالها، وتعرفت على معارف وعلوم شتى، ما كان لي أن أعرفها أو ابتغي إليها السبيل لولاه. غير أني لا أذكر على وجه الدقة الآن إن كان قد طلب مني زيارته بالمنزل في نفس تلك الليلة أو في وقت آخر لاحق، ولكن ما أذكره جيدا هو أنني قد زرته بطلب منه بعد ذلك بأيام بغرض القيام بكتابة وتنسيق مواد دينية و فكرية من كُتُب الفكرة وغيرها.
كان الأستاذ جلال مهتما بالتوثيق غاية الإهتمام. تدعمه في ذلك خبرته الطويلة الممتازة كمعلم، كما يهديه إلى ذلك تاريخه الطويل، ومسيرته القاصدة المسددة في معايشة الأستاذ، وتوثيق الأحداث الكثيرة التي مرت على حقب الفكرة الجمهورية المتعاقبة منذ فجرها الباكر في أوائل الخمسينات من القرن الماضي. كيف لا وهو القيادي الثاني، بعد الأستاذ سعيد، والذي كان يقضي كل إجازاته واوقات فراغه في معية الأستاذ وقلب الحركة النابض بأمدرمان.
أذكر أنني هاتفته من الرهد "أبودكنه" مكان عملي آنذاك وأنا في أول أيام زواجي، فكانت وصيته لي بالتوثيق لصور زواجنا بكتابة تاريخ الصورة ومكانها ومناسبتها وأسماء الحضور بها، وقد كانت نعم النصيحة وخير الوصية.
على أن ما أسرني في إتجاه الأستاذ جلال التوثيقي للفكرة، هو نوعية التوثيق وتفرده. فقد كنت امضي الكثير من الأوقات في حضرته انقل في دفاتر خاصة منتقاه بعض فقرات ومختارات من كٌتُب الفكرة وكُتُب ومجلات أخرى علمية وثقافية وفكرية ودينية. وقد إستمر هذا العمل لسنوات، غير أنه كان متقطعا أحيانا ومتصلا أحيانا أخرى، حسب ظروفه الإجتماعية وظروف الحركة بمدينة ودمدني بصورة خاصة، والسودان بصورة عامة.
وقد تشرفت في تلك الفترة الناضرة من حياتي بنقل وتوثيق مواد مختلفة ومتنوعة منها على سبيل المثال: الإهداءات المكتوبة في كتب الأستاذ، والإهداءات المكتوبة في الكتب التي خطها الإخوان، ثم الأحاديث النبوية الواردة في كتب الأستاذ، والأحاديث القدسية كذلك، كما قمت ايضا بنسخ أقوال السيد المسيح المكتوبة بكتب الأستاذ، وكذلك الجوانب السلوكية، والمعلومات العلمية، والتاريخية، والسياسية التي وردت بكل كتب الأستاذ. ثم في أُخريات أيامه كان يعمل على توثيق أسماه "جماع سلوك محمد" جمع فيه ما ورد في كتب التراث المشهورة عن سلوك النبي الكريم صلوات الله عليه وأتم التسليم. يُضاف إلى ذلك أيضا فقرات متنوعة علمية وفكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية كان يختارها بعناية من كُتُب ومجلات مكتبته العامرة.
كان ذلك العمل يتم بدقة ونظام شديدين مع الحرص الكامل على التصحيح إن وقع خطأ ما، والذي نادرا ما كان يحدث. وقد كان يعمل أيضا من الاخوان في هذا المشروع من حين لآخر الأخ الأستاذ حمدالنيل العركي الذي استمتعت بصحبته إبان تشاركنا ذلك العمل العظيم النفع الكثير الفائدة.
(3)
مما أسعدني واطربني غاية السعادة وكثير الطرب هو إشراف الأستاذ جلال على زواجي من الأخت العزيزة هنادي (نوال) الأمين عبدالغفار. وقد قاد الأستاذ جلال وفد تلك الزيجة وتكبد مشاق السفر لرفاعة رُغم ظروفه الصحية والإجتماعية الكثيرة. كما اشرف إشرافا كاملا على مراسم العقد الذي كان شاهدا عليه.
كان الأستاذ جلال كما يعلم الأخوان والأخوات مشهورا بالطُرفة والنُكته الحاضرة. وقد ظلت بسمته التي تُعدي خير شاهد على ذلك الروح المرح الهادف الهادي للخير والجمال. فهي إذا طُرف ونِكات ذات أغراض تربوية وتعليمية، تشحذ الذهن على الحضور و تنأى به عن الغفلة. ومما أذكره في هذا المجال أنه لما كان شاهدا على عقد زيجتنا المحضورة تلك، لم يكن يعلم أن العروس "هنادي" إسمها بشهادة الميلاد هو "نوال". وحينما بدأت إجراءات العقد ذكر عمها الأستاذ عبدالرازق عبدالغفار للمأذون أسمها الرسمي كما يعرفه، وهو نوال.
فهب الأستاذ جلال قائلا: "نوال دي منو؟ نحن زولتنا هنادي؟!"
ثم تم شرح الأمر له وللحضور، فساد المجلس روح من الحبور والبهجة مما زاد من طلاوة المناسبة وحلاوتها. والجدير بالذكر، أن زواجنا ذاك قد كان هو الزواج الوحيد الذي تم تحت إدارة الأستاذ جلال المباشرة وهو على قيادة الحركة بعد إنتقال الأستاذ سعيد الطيب شايب.
(4)
كان صباح يوم الأربعاء 12 يونيو من العام 2002 عاديا كصباح كل يوم. ولكنه لم يَعُد كذلك بعد إستقبالنا مكالمة هاتفية من تلفون منزلنا بالرهد "أبودكنة" التي تقع في شمال كردفان. كُنتُ أتهيأ ذاك الصباح للذهاب للمكتب بمباني إدارة الرعاية الصحية الأولية. حيثُ كُنتُ أعمل منسقا للمتابعة والتقييم بمشروع "تلبية الإحتياجات الأولية" التابع "لمنظمة الصحة العالمية". وفجأة رنَّ جرس التلفون معلنا عن مكالمة. رفعت السماعة فكان المتصل هو الأخ التاج سلامة. وبعد سلام مقتضب أخبرني بخبر إنتقال الأستاذ جلال الدين الهادي. فتبدل حالي غير الحال.
وصلنا ذاك النبأ العظيم بعد الثامنة صباحا. ولم يكن السفر بعد تلك الساعة ميسورا لمدينة ودمدني. فكل الباصات المريحة تتحرك باكرا من الأبيض لتصل الرهد عن السابعة، ويستلزم الركوب فيها الحجز لها قبل يوم، ثم إنتظارها حين وصولها الرهد عند شارع المرور السريع. ولم نكن نحن مستعدين للسفر، كما لم نحجز لذلك السفر قبل يوم، ثم أن الوقت قد مضى على موعد وصول البصات لمدينة الرهد. ضربنا اخماسا في اسداسا، ولكنني وهنادي قررنا السفر بأي صورة كانت للمشاركة في بعض مراسم العزاء، وقد كان. كانت الرحلة متعبة حد التعب. ولكننا لم نكن لنستطع صبرا حتى صبيحة اليوم التالي وأخذ البص المريح. فوصلنا لودمدني على مشارف المغرب. فقابلنا الكثير من الأخوات والأخوان.
كان الكل مذهولا من سرعة وفُجاءَة إنتقال الأستاذ جلال. فلم يكن يشكو من مرض أو علة كما ذكر الذين لازموه في أيامه الأخيرة. ومِمَا حُكِي عنه أنه في ليلته الأخيرة طلب من بعض من كان معه أن يخرجوا له سريره من غرفته التي إعتاد المبيت لسنوات بها إلى فناء الدار. فهل كان هو الوداع لليل والنجوم، أم كان هو تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ لتتولى قبلة ترضاها، يا أستاذنا العزيز؟ وأنت الذي ما رضيت غيره قبلة ولا تولى وجهك لغيره منذ فجر الخمسينات.
نفعنا الله بك، وبجاهك الواسع العميم، وبفضل حضرتك وصحبتك ومعيتك، ثم ارجوا أن تسامحنا على تقصيرنا في حُسن عشرتك، هذا وسلام عليك في العالمين يا أستاذ جلال.
https://www.0zz0.com
10-27-2024, 01:46 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
https://top4top.io/ This morning my heart breaks for my dear friend Marium. She had gained her wings, and I’m blessed to say that she was an amazing friend. She was one of the first people that I met at JPS in 2013. Wheew she was bossy, and that was Marium! So vibrant, and welcoming, and willing to help you be great! That was Marium! When my sister passed I could count on one hand how many FRIENDS that came to be there for me. Marium was one of those friends. I was so surprised, but that’s what friends are for! She hugged me and she held onto me so tight, and her words melted my heart. She was the definition of what God calls a friend. I didn’t even tell he about my sister her and Teretta were there without question! Those are friends that were I blessed to call a FRIEND. God says make time for your friends, and she made time for me! I will truly miss her, and I pray that God blesses her family during this time! She was literally an angel here on earth! Rest in love my sweet sweet friend. 💜🙏🏽
10-27-2024, 01:49 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب اخونا السر جعفر في قروب جاليتنا العزيزة (الجالية السدوانية بشمال تكساس <دالاس فورت ورث>) .........................
لا نقول الا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون ان العين لتدمع والقلب ليحزن... اخت الجميع اخت الكميونتى … المرحومة باذن الله مريم أمين
الكميونتى فقدت كُوكب مُنير وشمعة تُضيء كل ما حولها وكل من يعرفها ويتعامل معها من غير مناً أؤ آذي.
سمعنا انو الممرضات ملائكة الرحمة وعشرتنا لمريم أمين أيقنا بانهم فعلاً ملائكة رحمة. والله نشهد لها بحبها للجميع بدون فرز من ديانة او قبيلة او حزب. مريم أمين خُلقت لتساعد كل من طلب المساعدة او لم يطلب.
اي مبادرة خير وتكافل تجدها اول من بادر بها او شارك فيها … من إعصار كترينا فى لويزيانا إلى حرب دارفور لثورة ديسمبر وكانت اول من بادر بدمج جاليتنا بجالية ال DFW (ابناء غرب السودان كما يحلوا للبعض بتعرفيها)
مريم آمين من ضمن مؤسسى صندوق تكافل الجالية … وكانت حريصة انو لا تذكر اسم الشخص او الاسرة المحتاجة مساعدة حرصاً لعدم إحراجهم. وكانت دايما تقول لينا خت لي ٥٠ دولار لي أنا و ٥٠ دولار لى فوزي زوجى وح ارسل ليكم القروش لمن اصرف شيك مرتبي الاسبوع القادم (قمه فى الجود والعطاء لا تملك فايض فى حسابها ولكن تقطع ١٠٠ دولار من مرتبها لتساعد الاخريين )
فى ناس فى الحياة الفانية دي لمن تلاقيهم تعلم جيداً انهم ما بيشبوه بقية البشر من الذوق واللطافة والاحترام والحساس العالي المرهف وانو عمرهم ما ح يكون طويل فى هذة الحياة المعقدة … مريم أمين من هولاء الناس … وهنا نترحم على اخونا ناصر دهب لانو هو من هولاء الفئة من الطيبين.
اللهم إجعل قبرها روضة من رياض الجنة ولاتجعلها حفرة من حفر النار اللهم إفسح لها فى قبرها اللهم إجعلها من السعدااااء وجازِها بأفضل الجزااااء يا أرحم الرحمين واجعلها رفيقة الشهداء والمتصدقين والأبرار 🤲
اخوك يا مريم
10-27-2024, 01:51 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
https://top4top.io/ في تذكر مريم أمين كتب الباشمهندس جبريل محمد الحسن بسم الله الرحمن الرحيم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ ..أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ.. وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ.. كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) صدق الله العظيم كتب لنا الاستاذ محمود وكنا يومذاك في بريطانيا ؛( وفاة اختكم خديجة لحقت بها وفاة جدكم امين صديق وكلتا الوفاتين لم تترك اثر حزن وانما تركت فرحا كبيرا بان الفقيدين قد برزا الي مقام عزهما وقربهما من الله وقد تركا ميراثا روحيا لكل جمهوري وجمهورية ..) واليوم وفاة الأخ حامد امين لحقت لها وفاة الأخت مريم امين وانى لارجو أن يكون للاخوين حامد ومريم حظا كبيرا مما قاله الاستاذ في الخطاب أعلاه عن العم امين والاخت خديجة ..وما التناهم من عملهم من شيء، وهي تعني ما نقصناهم من عملهم من شيء.. ومريم شخصية متفردة , لا اكتب عنها اليوم باعتبارها جمهورية فحسب، وانما بالاضافة الي ذلك لما اكنه لها من تقدير ،واحترام، وتبجيل، لما لمسناه في معاملتها لنا ,ونحن ضيوف عليها, في كل زياراتنا لهم في القصيم..فقد كانت ضيافتها مستوى عالي من الكرم والترحاب والفرح بنا, وينطبق عليها تماما قول الشاعر : ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل.. فقد كنا نستلم المنزل علي حسابنا ونتحرك في اريحية تامة ونصبح نحن اهل المنزل .. والغريب انه في كل زياراتنا لهم كنا نجد عندهم الأخ حامد امين (الهين, اللين, السمح) كما وصف النبي صفات من يدخلون الجنة, وكأن النبي كان يصف في حامد امين .. وتقول لنا مريم أنتم عندي مثل حامد اخوي، سأعاملكم مثلما اعامل حامد ..ستدخلون معي المطبخ، وتساعدوني في تجهييز بعض الأطعمة ..وساتحرك بينكم عاديا وبدون تكلف , وبدون بروتوكولات.. كانت دائمة البشر , تتحرك داخل البيت كالنحلة , تنكت مع هذا, وتعلق علي هذه، وتناقش وتجادل في كل المواضيع، وتضحك وتنشد وتغني في وقار ببعض المقاطع المؤثرة العميقة ، وتملأ البيت كله فرحا وسرورا وحضورا ..وعندما تبدأ جلسة الانشاد تتهتك حتى لتكاد أن تخرج روحها من جسدها, وكنت أتساءل في نفسي: ماهو السر الذي كانت تحمله مريم في داخلها, وهو غائب عن ادراكنا وعلمنا ,ويفعل بها هذه الافاعيل؟ واتذكر ما كانت تردده التومة علينا دائما وهي تقول عن نفسها (أنتو ما عارفبن جواي في شنو)..ديل ناس مشوا وحمدهم في بطنهم وشالوا كل شيء معاهم وتركونا في متاهات الليل البهيم ..فقد كانت لنا يوما نافذة نطل من خلالها على بهموت الغيب، ونسبر بها اغوار النفوس الغامضة، ونفك بها طلاسم تضاريسها المتشابكة ، ولكنها اغلقت في وجوهنا ،وتركتنا في خواء وفي خجل .. يقال أن الصحابي عبد الله بن انيس الجهني كلفه النبي بقتل رجل من العرب، كان يعمل على تجميع الرجال لقتل النبي الكريم.. وبعد أن قتله ابن انيس كافأه النبي بأن اعطاه عصاة ، فقال للنبي لماذا اعطيتني هذه العصاة يا رسول الله؟ فقال له النبي: هذه آية بيني وببنك يوم القيامة..فكان ابن انيس يحرص عليها أشد الحرص ولا تفارق يده ابدا، وطلب في وصيته بان تدفن معه في قبره ،وقد كان..ونحن يا مريم كذلك نعتبر تلك الايام قدكانت كلها عرسا،وهي خالدة وحية ومشتعلة في الوجدان، وستكون باذن الله آية بيننا وببنك نحاجج بها الله يوم القيامة .. تلك كانت ذكريات ناصعة ومصيئة, ومع انه قد تقادم عهدها, الا ان الاصالة لا تبلى ابدا ,ولا تستطيع أن تعبث بصدقها وحرارتها عاديات الايام والشهور ,ولا تشتت تماسكها وصلابتها هوج الرياح ولا عنف الاعاصبر .. ما كتبته عن مريم اليوم كان بمكن اكتب أكثر منه عن اخي فوزي عن تلك الايام ،ولكن هذه المقالة هي عن مريم اساسا، ويوم شكرك أن شاء ما يجي يا فوزي.. فزوجها الأخ فوزي زميلي بكلية الهندسة وكان يدمن النقاش معي ويتمتع بذكاء حاد، وموضوعية عالية ،وهدوء تام, وكنت انقل نقاشة للاستاذ والاخوان فيعجبون به كثيرا , وهو لم يلبث كثيرا في الصداقة حتى التزم, فزادت علاقتي به قربا وودا..وحفظ لي هذه المكانة ,فعندما قابلني بالمدينة, ولم اكن أحصل وقتذاك، علي وظيفة بالسعودية, اصر علي أن ارجع مباشرة من المدينة الى القصيم ..ووسط الانس والفرح وأنا في ضيافة مريم وفوزي جاءنا اتصال من الرياض بقبولي في شركة الكهرباء التي بقيت فيها الى أن نزلت المعاش, وكانت تلك آخر عمل لي بالمملكة ..(يعني بدأت حياتي الوظيفية من منزلهما العامر ووسط ضيافتها الكريمة..فكان لهما بعد الله الفضل الكبير في الحصول على هذه الوظيفة ،) زرناهم بعدها في القصيم ثلاث مرات بمجموعات مختلفة من الاخوان والاخوات..وفي بعض الزيارات مكثنا معهم أكثر من يومين . . بعد هذه الذكريات الجميلة، والتحليق عاليا مع هذا الحلم السماوي النبيل, لا نشعر الا بهادم اللذات, ومفرق الحبان، يوقظنا من سباتنا وهو يأخذ من دنيانا أجمل الحلوين ..ومع علمنا بان الموت حق، الا ان الفراق الحسي إليم، ومصارعة الصبر معه أشد الما..ولا نقول يا فوزي ويا أبناء العم امين الا ما يرضي ربنا وانا لله وانا اليه راجعون، وهذا سبيل الاولين والاخرين،. ونسترشد بقوله تعالى: ( إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ ..وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ ..وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) نسأل الله أن ينزل السكينةعلى قلوبكم جميعا ويلزمكم الصبر والسلوان ..وللفقيدين الرحمة والمغفرة ونسال الله أن يسكنهما اعلى الجنان.. العزاء الحار لك يا فوزي ولكل ابنائك الكرام .. والعزاء لكل أبناء العم امين صديق.. والعزاء لكل الاخوان الجمهور يين..
جبريل محمد الحسن
10-27-2024, 01:55 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب أحمد محمد أحمد البشير لقد ودعنا بحزن: الأخ محجوب إسماعيل
أحمد محمد أحمد بشير
الأخ الجمهوري الراحل محجوب اسماعيل، لا تعرفه الأجيال الجديدة، أجيال ما بعد 18 يناير. لقد بذل جهده في خدمة الفكرة الجمهورية، وفي خدمة الأخوان الجمهوريين، وفي أيامه الأخيرة دخل تجربة المرض، فعانى منها، واحتاج إلى إجراء عملية لتصحيح حركة طرف من امعائه، في مستشفى القصر العينى بالقاهرة، وكان قد نزل من قبل، في شقة في القاهرة في حدائق الأهرام، تم إجراء العملية، وتم تحويله كالعادة إلى قسم العناية المركزة، ولكن الأقدار قدرت أن يغادر هذه الحياة بعد أيام قليلة.
فى أم درمان بلغنا خبر وفاته صباح الجمعة، فكان حزناً عليه.
بعد أن بلغنا الخبر د، اتصلت ببعض أخوان القاهرة، الذين أعرفهم، لأخطرهم بوفاة المرحوم. حتى يقوموا بواجبهم نحوه. فاستجابوا على الفور، إذ أن أعدادا منهم يعرفونه حق المعرفة.
ثم اتصلت بأبناء أخت المرحوم في جدة، والذين تمت تربيتهم على يديه، بعد وفاة والدهم، وبعد التعزية قلت لهم أن الجمهوريين سيتولون كل مراسم ما بعد الوفاة، من الغسل وحتى الدفن، فوافقوا على الفور، فهم أصحاب علاقة وطيدة مع أستاذ سعيد، حيث كانوا يسكنون جواره فى حي المدنيين .
ولأن القانون يفرض أن تتم عملية الغسل، داخل المستشفى الذي تمت فيه الوفاة، فقد تحرك الاخوان مباشرة نحو القصر العيني، وباشروا عملية الغسل، ثم تحركوا نحو مسجد عبدالله بن مسعود، فأقاموا فيه الصلاة عليه. الأخوان الذين وصلوا إلى المستشفى، لحضور عملية الغسل د، منهم : عزالدين صديق الفاضل محد علي جمال محمد صالح عمر ابو القاسم بشير البطحاني الكابتن محمد عبد الباقي.
كتب الأخ جمال محمد صالح: ( تمت صلاة المغرب والصلاة على الفقيد محجوب اسماعيل في مسجد عبد الله بن مسعود، قرب مقابر عين شمس. وقد تم الدفن بالذكر المفرد وختم بالقراءة الجماعية).. انتهى
الحمدلله، إنهم الجمهوريين، نعم الخوة والرفقة.
ثم اتصل بي الأخ جمال محمد صالح، وحكى لي عن اجراءات الغسل والدفن، وقال اننا سنزور أسرته في شقتهم يوم غد السبت والتي فيها أخت المرحوم وبنات أخته.
من الثورة شارع الوادي اتصلت بالاخ علي العوض لنشر الخبر، وساهم بمجهوده فى الاتصالات الأخ محمد سالم بعشر.
وقد ظلت اتصالات الأخوان للعزاء بالهاتف، تتواصل إلينا من عدد من الاخوان الكرام.
في المنزل بالثورة ام درمان، وصلنا عدد من الاخوان الجمهوريين للعزاء، على الرغم من أن الذين لا يزالون في الثورة من الأخوان، عدد قليل. وقد قضى هؤلاء الأخوان، وقتا طيبا بلغ عدة ساعات، كانت ممتنعة عن الملل، جرت فيها أحاديث ممتعة، عن الأستاذ والفكرة الجمهورية، وحكايات عن السلوك.
هؤلاء الاخوان هم: سليمان عمر الاخ محمد زين بشير ود ام البشير عصام محمد علي حسن عثمان كمشاك، الصادق السرحة، وابن اخت مريم زوجة حسن عثمان.
واستمرت جلستهم الممتعة المروحنة، حتى ودعناهم مشكورين مع صلاة المغرب. الجيران والأقارب كانوا قد دخلوا أيضا إلينا للعزاء.
مساء اليوم السبت سيقوم الأخوان، وفيهم عدد من المنشدين، بزيارة الأسرة في شقتهم، للعزاء وإقامة جلسة إنشاد. مالك العمارة الذي فيها شقة المرحوم، فتح للأسرة شقة أخرى ليستخدمونها للعزاء، بل وأصر أن يساهم كما يساهم السودانيين. هذا كله من بركات المرحوم.
رحم الله الأخ الراحل محجوب، وقد ذكرتني وفاته بمقولة الأستاذ، أن أجساد الجمهوريين فى المقابر، تظل كما هى ولا تتحلل .
12-10-2024, 03:53 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
قبل ايام قليلة ارتحل عن دنيانا الأخ الحبيب محجوب اسماعيل، بعد معاناة طويلة مع المرض..وترك رحيله غصة كبيرة في الحلق، ودمعا لا يجف، وألما عميقا في نفوسنا، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك لمحزونون يا محجوب..ولكن في الله عوض عن كل فائت.. كل الأخوان وبمدني بالذات، يحبونك، لأنك كنت ابنهم البار الوفي المخلص، وكانت سيرتك الطيبة تلهج بها ألسنتهم، وأخلاقك العالية يشهد بها القاصي والداني فقد ورد عن النبي الكريم قوله: (إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا) ونحسبك يا محجوب إنك منهم.. آخر لقاء لي معه كان في افطار رمضان أبريل، قبيل بداية الحرب، في عمارتهم التي تضم الاسرة كلها بحي كارفوري، وتحت ضيافة الاخوين احمد محمد احمد البشير وانتصار حسين .. وكان معي في ذلك الإفطار دكتور محمد صادق جعفر وبنتي آمنة جبريل وطفلها محمد ..كان اللقاء عامرا وجميلا، تخلله نقاش هادئ وهادف خاصة أن الإفطار كان محضورا بعدد كبير من اهاليهم ..شارك محجوب بقوة في كل المواضيع التي تمت اثارتها ..ولم تكن تلك هي الزيارة الأولى لهم فقد سبقتها آخر .. أول لقاء لي معه قد كان في بداية توظيفي، حيث التقيته ضمن اخوان مدني، التي اختارها الله لي، دون تدخل مني، لتكون فاتحة عملي كمهندس، وذلك في بداية ١٩٧٤.. لا يذكر محجوب الا ويذكر المرحوم احمد علي حمد ..كانا كتوأمين ، اعمارهما متقاربة، ويسكنان في حي واحد، هو حي المزاد ..وجيران الحيطة بالحيطة.. ولامر ما ، شاءت الاقدار أن تعرج ارواحهما الاثنين ، إلى السماء من القاهرة، وإن اختلف وتباعد الزمن بينهما في العروج .. كانت لهما مكانة خاصة عند الاستاذ سعيد .. كان يحبهما، ويعزهما ،ويقربهما منه ،ويهتم كثيرا بكل امورهما واهليهما ..كان يقدر حركتهما الدؤوب، ومشاركتهما الكاملة والتامة في كل انشطة الحركة، داخل وخارج مدني، رغم صغر سنهما وقتذاك.. تجدهما في حملة الكتاب، وفي الجلسات ، وفي تجهيز طعام العشاء، وفي استقبال ووداع الوفود ، بل حيثما تكون الحركة فهما هناك ،حضورا ونشاطا وهمة عالية .. وكانا لا يرجعان إلى منازلهما ،ليلا، الا بعد انتهاء الحركة تماما، وبعد أن يتفرق الاخوان إلى مساكنهم ..ومعروف أن الحركة في مدني قد تمتد إلى الساعات الاخيرة من الليل، خاصة إذا كانت هناك وفود، ويتطلب الامر الاستقبال او الوداع في السكة حديد .. يقع بالقرب من حي المزاد ،حيث يسكن الاخوين, حي الحلة الجديدة المشهور بصناعة الخمور .. وقالا لي , يوما، انهما عندما يتأخران في الرجوع إلى مساكنهما يتعرضان أحيانا لمواقف صعبة وعنيفة من السكارى الذين يقابلونهم في الطريق ..ورغم ذلك لم يطلبا يوما الاستئذان للرجوع مبكرا الى منازلهما ، قبل نهاية الحركة، وذلك للسلامة من هذه المضايقات ،بل ظلا على برنامجها المعتاد دون أي تغيير.. تم حريق معرض الجمهوربين ،الذي اقيم بنادي الخريجين مدني، في نهاية عام ١٩٧٩ حريقا كاملا ..وكان منظمو المعرض قد طلبوا من الأخ محجوب أن يمدهم ببعض الاجهزة الالكترونية، لاستعمالها في المعرض ..فما كان من الأخ محجوب الا أن امدهم بكل ما لديه من اجهزة حديثة ومتنوعة، منها ما يملكها هو، ومنها ما هو ملك لبعض اهله ..وكان لها الاثر الكبير في النشر والاعلان أثناء المعرض وقبل الحريق ..ولكن قدر الله أن تكون كلها من ضمن ماحرق بالكامل مع المعرض ..(بدون تعليق ) مرضت أثناء عملي بمدني ،ولزمت السرير بمنزل الاخوان, وكنت لا استطيع النزول منه لمدة شهر كامل، الى أن عافاني الله وشافاني..كان يزورني الاخوان والاخوات بانتظام، ولكن ما يهمني ،في هذه السانحة، هو زيارة الأخ محجوب لي ..فقد كان يزورني بصورة منتظمة، ليخدمني!!.. يحضر اليّ صباحا ولا يخرج مني الا عند موعد النوم ..بعمل لي كل شيء احتاجه واطلبه, ويقوم كذلك بواجب اكرام زواري ..(بدون تعليق) بحكم عملي والاخ سليمان الوسيلة بمؤسسة الحفريات، التي تقع بالقرب من حي المزاد، فقد كان الأخ محجوب ،في بعض الاحيان ، يدعوننا الى الإفطار بمنزله وذلك قبل زواجي وزواج الاخ سليمان ..لا أتذكر إطلاقاً بماذا كان يكرمنا ،وماذا كنا ناكل عنده ،ولكن ما اذكره ،ولا يكاد يفارق عقلي وقلبي، هو تلك اللحظات السعيدة والخالدة التي كنا نقضيها معه..فانه يملك شخصية مرحة ،ودودة، ذكية، عالمة، لطيفة، لا تمل الحديث معه، ولا الجلوس اليه .. كان يجيد الحديث في كل شيء ،يحب دقائق المعاني ، وقمم الاشراقات من الواردات .. كان متمكنا من فهم الفكرة، لذا تجده يصول ويجول في اريحية وبهدوء العالم المتمرس الوقور وهو بشقق في المعاني في مختلف مناحيها ..وكان يحلق بنا في سموات عليا بحسه الاجتماعي الراقي، ومقدرته الفائقة على اسعاد ضيوفه .. كان محجوب حقا، غصنا مورقا في شجرة الجمال ..وعندما نخرج منه نكون في حالة اشبه بالسكر من رحيق النشوة ،وصفاء الوجدان ,لنعود مرة أخرى الى ورشة الشموخ وعز السودان ، حيث الحديد والنار واصوات الدوازر والقريدر والبوكلين .. زارني الأخ محجوب بمدينة الرياض في ١٩٩٧ حاملا لي رسالة من زوجتي التومة وبناتها(شريط كاسيت) وكنت يومها في الرياض اسكن في منزل زعيم أبناء كسلا الأخ الحبيب مصطفى ادم جرنوس، اطال الله في عمره ،ومتعه بالصحة والعافية ، الذي ذهب في إجازة الى السودان، وترك لي الشقة والسيارة ،حتى يعود..ذكر لي الاخ محجوب أنه جاء الى الرياض خصيصا ليسلمني رسالة التومة، والا فانه كان في طريقه الى جدة (بدون تعليق ).. مكث معي ما يقارب الأسبوعين ،على ما اذكر ، ثم سافر الى جدة .. سررت كثيرا لكتابة الابن صلاح بكري الحاج عنه، وعن ذكرياته معه بمنزل الاخوان د .. وانا الآن لا اذكر شيئا عن تلك الفترة.. وصلاح يمثل جيلا جديدا من خارج نطاق مدني .. ومن المؤكد أن كثيرا من الاخوان لديهم ذكريات مع الفقيد في عدد من مناشط الحركة مما يدل على انه كان موجودًا وحاضرا في كثير من المواقع ..وما كانت كتابتي عنه هنا الا انطباع عن فترة زمنية محددة عشتها معه بمدني.. ويعتبر الأخ سليمان الوسيلة من الاخوان الذين عاشوا معه ولازموه لفترة طويلة من الزمن ، ويعرفون عنه الكثير .. وكما ذكرت أعلاه ،فإن الاستاذ سعيد قد كان يضع لهما ، معا، احمد ومحجوب،مكانة مرموقة ،وخصوصية خاصة في نفسه ..فلما توفي الأخ احمد على حمد بالقاهرة، ونسبة للظروف المتشددة مع السودانيين من المصريين ، في ذلك الوقت، فقد قرر الاخوان هناك أن يرسلوا الجثمان بدون مرافق له ،لأن من يخرج من مصر لن تسمح له السلطات المصرية بالعودة مرة أخرى ..ولم يوافق الاستاذ سعيد على ذلك، واستنكره بشدة وبغضب، ورأي انه تقليل لمكانة احمد عند الجمهوربين ، بالإضافة الى ذلك فإن اهله لن يقبلوا هذا الموقف من الجمهوريين.. فطلب من الأخت نوال محمد فصل أن ترافق الجثمان مهما يحدث لها ..فقبلت الأخت نوال على الفور، وبدون اي تردد..وعندما جاءت مطار القاهرة لتغادر الى السودان ، استخرجت لها جوازات المطار تاشيرة خروج ودخول..فكانت الكرامة.. الكرامة .. (إِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ؟؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ).. سترت الاستاذة نوال الحال كله. .رفعت رأس الاستاذ سعيد عاليا...فرح الاستاذ سعيد.. وسعد اهل احمد وشعروا بالفخر لانتماء ابنهم لهذه الفكرة ..ورجعت نوال الى القاهرة , بعد اتمام واجب العزاء,واكمال المهمة المستحيلة بجدارة واقتدار وشجاعة متفردة وبعد أن سجلت موقفا ستتناقله الاجيال فخرا ومجدا للمرأة وللاستاذ محمود ، رجعت مكرمة ,وغانمة, وسالمة .. ذكرت هذه القصة لأرسل رسالة للأخ محجوب، توأم الأخ احمد،واقول له أن أي تكريم للأخ احمد هو تكريم لك يا محجوب ..وانه لو كان الاستاذ سعيد حيا اليوم ، لاتخذ من موتك مهرجانا واحتفالا ، ولذاع خبر موتك في الورى وعم البوادي والحضر ..ولكن يقيننا أن الاستاذ سعيد حتما سيكون اول المستقبلين لك هناك ،وسيفرش لك السجاد الاحمر ، وسيعزف لك السلام الجمهوري ..(الاستاذ كان يسمي القراءة الجماعية السلام الجمهوري ). نسأل الله أن ينزل السكينة على اهلك جميعا ويربط على قلوبهم ويلزمهم الصبر والسلوان ..وان يرفعك مكانا عليا في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. وانا لله وانا اليه راجعون
12-10-2024, 03:57 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
يوم ٩ ديسمبر ٢٠٢٤، من مستشفى جفرسون بولاية فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية
إلى أشقائي وأهلي وعشيرتي، إخواني وأخواتي الجمهوريين والجمهوريات، أصدقائي وصديقاتي، زملائي وزميلاتي في مركز الخاتم عدلان، زملائي وأصدقائي في المجتمع المدني السوداني والإقليمي والدولي، وإلى جميع أحبائي، وكل من دعا لي، بظهر الغيب، في مرضي، وكل من يحمل في قلبه مشاعر طيبة تجاهي،
أحييكم وأتمنى أن تكونوا جميعا متماسكين جسديا ونفسيا وعقليا في ظل الفتن التي تقع على رؤوسنا كقطع الليل المظلم حتى أصبحنا في كل يوم نتلقى خبرا يبكينا، وهما يبلينا، واستغاثة مستغيث لا نستطيع إغاثته، فقد جفت الجيوب، وبلغت الديون الحناجر، وسُدَّت المنافذ واحدة بعد الأخرى، فأصبحنا عاجزين، وما أسوأ الإحساس بالعجز، ونرجو الله ألا يقودنا لليأس من روح الله، "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
لقد غبت عنكم، قسرا، منذ التاسع من أبريل الماضي، بسبب انتكاسة صحية تعرضتُ لها هي الأصعب منذ تشخيصي بالمرض اللعين في يونيو عام ٢٠١٨، استمرت شهرا كاملا من المعاناة المستمرة. آلام مبرحة، وغثيان أو (طُمام) وإسهال، ونزيف. وما أفرزته من نقص في السوائل أو (ديهايدريشن)، ونقص في الصوديوم والماغنيسيوم والهيموجلوبين. نتج عن كل هذا فتور الشديد وانعدام طاقة لدرجة التفكير مرات ومرات قبل القيام بالضروري من الأفعال، كالاستجابة لنداء الطبيعة. هذا رغم العناية الطبية المكثفة وإحاطتي بالأطباء والطبيبات، والممرضين والممرضات أشباه ملائكة الرحمة، والدعم الهائل الذي يحيطني به أهلي خاصة شقيقتيَّ الحبيبتين عفاف ونجاة وصهري السخي أمير إدريس، وأصدقائي في أريزونا، خاصة الصديق بكري أبوبكر وزوجته الدكتورة هالة، وابن بلدي (الحوش) وليد خالد وزوجته اللذان استضافاني وأسرتي أيضا، وبقية العقد الفريد من سودانيي أريزونا الذين أحاطوني بكرمهم الفياض واهتمامهم الذي أخجل تواضعي.
في ظرف أسبوعين ذهبت مرتين لغرفة الطواري بالمستشفى. في المرة الثانية استفرغت دما وأنا في استقبال الطوارئ أباشر التسجيل، فدفعوا بي مباشرة لغرفة العمليات وهم يجرون جريا، حيث أكمل التسجيل أثناء الإعداد للعملية داخل غرفة العمليات. في هذا الشهر أجريت لي ثلاث عمليات ببنج كامل، آخرها عملية منظار لمعالجة القرحة التي كانت سببا في نقص الهيموجلوبين، والاسهال والاستفراغ، حيث كان لابد من نقل الدم، وأخذت عشرات الدربات من مختلف السوائل والمحاليل حتى تورمت ذراعي وتعرضت لجلطة فيها ولكنها لم تخلف أي أثر والحمد لله.
ولكن بفضل من الله ورعايته، وبفضل العناية الطبية الممتازة التي يسرها الله لي، ودعوات الأهل والاصدقاء والأحباب، وصلوات كل أصحاب القلوب الطيبة النبيلة، وبعزيمة، وصبر، وصرامة وdiscipline، نميتُها خلال صراعي الطويل مع المرض، اجتزتُ تلك المرحلة الصعبة وخرجتُ منها بخسائر قليلة إذا ما قورنت بالحال التي كنت عليها، فلقد خسرت ما يقارب ثلث وزني، حتى بِتُُّّ أنكر نفسي كلما طالعتني في المرآة. وهذه واحدة من الخصائص التي يتفرد بها مرض السرطان على غيره من الأمراض، وهو أنه يغير شكل الإنسان وصورته وهويته التي لازمته طيلة الحياة، يغيرها بوتيرة متسارعة. ولعل من لطف الله على البشر أنهم لا يشعرون بالتغيير في أشكالهم رغم تقدمهم في العمر وذلك لأن التغيير يكون وئيدا، ولأن الناس يرون أنفسهم يوميا في المرآة، ويألفون شكلهم الذي يرونه، فلا يحسون بتغيير فيه.
أما مرضى السرطان فحكايتهم تشبه من بعض الوجوه حكاية درويان قري، بطل رواية "صورة دوريان قري" ، The Picture of Dorian Gray لأوسكار وايلد، التي تصف ذلك الشاب الأرستقراطي الوسيم المزهو بجمال صورته، والذي يحيط به المعجبون، ومن بينهم صديقه الرسام البارع (بازيل) الذي رسم له صورة صب فيها كل إعجابه بجمال صورته. ولما رأي الشاب صورته أصابه القلق من فكرة ضياع شبابه، وزوال رونقه وجماله، فتمنى أن يظل شابا لا يتغير، بينما تحدث جميع التغييرات في الصورة بدلا عن جسده. وهذا ما تحقق له، فثبت له شبابه، وذهبت كل التغييرات إلى صورته التي أسدل عليها ستارا وأغلقها في غرفة بعيدا عن الناس. كانت التغييرات التي تحدث على الصورة تشمل التشوهات الناتجة عن ذنوبه التي ارتكبها، وكان للشاب ضحايا كثر خاصة من الفتيات اللائي أحببنه فانتحرن عندما تخلى عنهن.
وفي لحظة ما، بعد نحو عشرين عاما، عندما أزاح دوريان قري الستار عن صورته، ورأى التغييرات التي حدثت لها طيلة تلك السنين، استبشعها حد الصدمة لدرجة أنه شرع يطعن الصورة بالسكين ليمزقها. ولكن لما كانت الصورة قد توحدت معه، انتحر، وسقط على الأرض. كان الذي سقط على الأرض رجلا عجوزا متجعدا وقبيحا، لم يتعرف عليه خَدمُه إلا من خلال خاتمه وملابسه.
بالطبع هذه صورة درامية مبدعة تحكي عن فلسفة فكرة الشيخوخة المصاحبة للإنسان كفكرة الموت. ولكنها تحمل بعض أوجه الشبه مع التغييرات السريعة التي تحدث لمرضى السرطان، فإذا بالذي يطل عليك في المرآة وكأنه شخص آخر. لقد استمعت لقصص كثير من زملاء رحلة المرض وكان هذا أمرا مشتركا بين غالبيتهم. وذكر لي عدد منهم ومنهن أنهم عندما نظروا في المرآة للمرة الأولى كانوا يستديرون للوراء ليتأكدوا أن من يرونه ليس شخصا آخر يقف وراءهم. وهذا أصعب ما يعانيه الشباب والفتيات منهن بشكل خاص. وعندما سافرت لأديس أبابا للمشاركة في المؤتمر التأسيسي لتقدم، مر أمامي عدد من الأصدقاء دون أن يحيوني لأنهم لم يتعرفوا عليَّ من أول وهلة.
تزامن مرضي مع الثورة لقد شخصت بالمرض مع بداية إرهاصات الثورة في يونيو ٢٠١٨، ودخلت المستشفى للعملية الكبرى The Whipple Procedure في مستشفى جونز هوبكنز يوم ١٧ ديسمبر ٢٠١٨، وكانت البلد تشهد مظاهرات متفرقة منذ نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر. وكان قد أُعلِن عن مظاهرة يوم ١٩ ديسمبر، وكانت كل الإرهاصات تدل على إنها ستكون القاصمة لظهر النظام. وبينما أنا في الغرفة قبيل الدخول لغرفة العمليات جاءني الجراح الذي سيجري لي العملية موضحا لي بالتفصيل ما سوف يقوم به، وأنها سوف تستغرق سبع ساعات أكون نائما خلالها. ولما انتهى من الشرح قال لي: "هل لديك أي أسئلة؟". قلت له لي سؤال واحد فقط. قال: وما هو؟ قلت له كم هي النسبة المئوية في أنني عندما أنوم لا أصحو قط؟ فاندهش لسؤالي وقال لي: "نسبة ضئيلة جدا، ولكن هل لي أن أسأل لماذا سألت هذا السؤال؟" قلت له هناك حدث هام جدا في بلادي سيحدث يوم ١٩ ديسمبر، أي بعد يومين، وأريد أن أرى نسبة فرصي في حضوره". فقال لي وما هذا الحدث؟ فأخبرته عن الثورة ضد هذا الدكتاتور الذي ظل يتحكم على رقابنا لثلاثين عاما، رغم قلة عقله وموتان ضميره، أو لربما في الحقيقة بسبب من ذلك. وإنني ظللت عمري كله أعمل من أجل أن أرى هذه اللحظة. فابتسم وقال لي "غالبا ستراها"، فقلت له "بإذن الله". وقد سمح بالزيارة في نفس يوم المظاهرة حيث زارني عدد مقدر من الأصدقاء والصديقات في منطقة فيرجينيا وواشنطن وميريلاند وكلهم من الذين نذروا أعمارهم في النضال ضد دكتاتورية الإنقاذ فجاءوني بالأخبار السعيدة وتبادلنا التهاني، فكانت الفرحة فرحتين، فرحة نجاح العملية وفرحة نجاح المظاهرة التي قصمت ظهر النظام. ولقد أنعشتني تلكم المظاهرة ورفعت روحي المعنوية لعنان السماء فعزمت على هزيمة السرطان في جسمي. وأن أعتبر نفسي في ميدان الاعتصام أحرس ترسين، هما عقلي وروحي، أن يظلا قويين، لا يخترقهما الأمنجية والكيزان، أو يتسرب إليهما الضعف والشك واليأس من روح الله، وهذا ما يحدث عادة لمرضى السرطان. لذلك يزورهم بانتظام رجال الدين والاختصاصيون النفسيون يسألونهم إذا ما كانت تنتابهم أفكار انتحارية. أذكر عندما جاءني أحدهم وسألني هذا السؤال كنت في حالة من الألم العام، والطمام وأوجاع الضهر من الرقدة الطوية في وضع واحد فقط، وأذكر أنه كان معي صهري وصديقي أمير إدريس، الذي كان بالنسبة لي ممرضا، وشوفيرا، ومُطعِما، ومُداوِيا، وداعما نفسيا، وكأن لسان حاله يقول "سنفعل كل ما من شأنه أن يبقيك معنا لأطول مدة ممكنة وغير ممكنة، وسوف لن ندعك تذهب وفي يدنا حيلة نبذلها. والباقي على الله". فعندما سمعت سؤال الاختصاصي النفسي عما كانت تنتابني أفكار انتحارية، أجبته بصوت واضح وقوي: "وما الذي يحملني على هذه الأفكار البشعة؟ إنني رجل روحاني، أؤمن بقوة الصلاة والتأمل في الثلث الأخير من الليل. وأدعو الله أن يشفيني. ولقد جئت هنا لولاية أريزونا ألتمس علاجا جديدا، غير تقليدي، للسرطان. إنني أعمل بكل قواي على هزيمة المرض الخبيث في جسمي، بعد أن هزمته في عقلي وروحي. إنني عازم على التمسك بالحياة، ولا حياة إلا بعد التخلص منه. وأعني الحياة المنتجة والمفيدة، قبل أن أرحل في عمري الطبيعي، ما أمكن ووفقني ربي". كنت ألاحظ تعبيرات الرجل الذي يبدو سعيدا بإجابتي.
فلسفة الموت
لا يجد مريض السرطان مفرا من التفكير المستمر في الموت، وهذا ببساطة لأنه كثيرا ما يقترب منه ويحدق في وجهه مرات عديدة. ومن تجربتي الشخصية خلال مرضي هذا فقد ذهبت لحافة القبر وعدت منه ثلاث مرات. لذلك لابد من تبني فلسفة للموت تطمئن لها النفس بعض الشيء.
علاقتي بالموت
اتسمت علاقتي بالموت بالرعب منه منذ طفولتي وحتى بلغت الحلم وكان موت خالي سليمان محمد أبوشارب الفجائية، وهو في ميعة صباه، أبلغ الأثر في نفسي. كنت في السنة الأولى أو الثانية بمدرسة الحوش الابتدائية (ذات الرأسين)، وهي بالقرب من منزلنا. خرجنا من الفصول على صوت بكاء حار في الفريق ورأينا النساء في الفسحة جنوب بيتنا وهن يهلن التراب على رؤوسهن، وكثير من الرجال "يجعرون"، فقد جاء خبر الوفاة حارا من الخرطوم. كان الخال بطلا من أبطال كمال الأجسام. وكانت صوره تزين جدران صالون البيت وهو في أوضاع مختلفة يعرض فيها عضلاته. كان واسع الصدر بارزه، نحيل الخصر، عاضل الأيدي والأرجل، وسيما جدا. كان يمثل عندي معنى البطولة والخلود. وكنت أرى احترام الناس له عندما يعود للحوش في مناسبات الأعياد والأفراح والأتراح. أذكر بأنني تسللت جاريا من بين أرجل النائحين والنائحات حتى دخلت الصالون، وتسمرت أما الصور على الجدران منتظرا أن ينزل لي من إحداهن. انتظرت كثيرا حتى غص الصالون بالمعزين فيئست وغادرت. ومنذ تلكم اللحظة كان يرعبني الموت لدرجة أنني كنت طيلة تلكم الفترة أتمنى أن أكون أول الراحلين من أهلي حتى لا أتعرض لمثل تلكم التجربة مرة أخرى. استمر هذا العذاب النفسي يمزقني سنين عددا، حتى وصلنا المرحلة الثانوية، ولكن مما أعانني عليه أن الموت كان قليلا، يُؤَّرخُ به. فقد كانت حبوبتي تُؤَرِّخ "بروحة سليمان ولدي" ردحا من الزمان.، وتعني بكلمة "روحة" الموت.
في المرحلة الثانوية أكثرنا من قراءة الدكتور مصطفى محمود، وكان نجما في تلفزيون السودان وكتبه ومقالاته تثير الجدل، فقرأت ما كتبه عن الموت، ولكن شرحه لتلك المعضلة لم يكن لي فيه غناء.
ولكني كنت على موعد سيغير من مجرى حياتي لما وصلنا أستاذ اللغة الإنجليزية الجديد. كان، خريجا حديثا لا يبدو أنه يكبر الطلاب كثيرا، وكان مختلفا عن بقية الأساتذة في كل شيء تقريبا، خصوصا تعامله الودود مع الطلاب، وكأنه صديقهم. وكذلك كرمه الفياض. فقد كنا نلاقي أساتذتنا في مطاعم البلدة وأنديتها بالأمسيات، فيكتشف عدد من الطلاب أن عشاءهم وطلباتهم الأخرى كانت مدفوعة بواسطة هذا الأستاذ الجديد. وكنا إذا وجدناه وبعض زملائه المقربين منه، بالمطعم أو المقهى، وعددنا محدود، يصر بأريحية تلقائية على أن نجلس معهم على ذات المائدة، ويبدأ في "الهظار" والنكات، ويشجعنا على أن نتونس معهم دون خجل أو تحفظ. هذا بالطبع إلى جانب خلقه الدمث وكفاءته الملحوظة في التدريس. وكان حبب إلينا مادة اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي. ذلك هو أستاذي الجليل مسعود محمد علي، ابن المرابيع، والذي أصبح في نهاية ثمانينات القرن الماضي زميلي بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الجزيرة، والذي امتدت علاقتي به حتى هذه اللحظة. وهو شاهد عصر على صراعي مع المرض اللعين.
في تلك الفترة كنا في رحلة مدرسية بمنطقة الدناقلة على النيل الأزرق، وكنا مستضافين في أحدى الجناين بالمنطقة. وبينما الجميع منهمكين في تحضير الطعام، وبرامج الرحلة، لاحظت أن الأستاذ مسعود، على مبعدة من الناس، يرقد تحت شجرة يقرأ كتابا. فاقتربت منه، ووجدته يقرأ كتابا عنوانه "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري"، لمحمود محمد طه. فسألته قائلا من هو محمود محمد طه؟ فاندهش لسؤالي، وجهلي، وجلس بعد أن كان راقدا، وأسند ظهره على جذع الشجرة، ونظر لي بخيبة أمل ظاهرة، وقال لي مُقَرِّعا، أنت تعرف مصطفى محمود، الكاتب المصري، وتقرأ له، ولم تسمع بمحمود محمد طه، وهو أكبر مفكر سوداني؟ ومع هذا تعتبر نفسك شاب وطني ومثقف؟ في تلك اللحظة تذكرت بصورة غامضة أنني منذ سنوات، وأنا طفل، سمعت الناس يتحدثون عن رجل سقطت عنه الصلاة. المهم انتهى حواري القصير مع أستاذي مسعود إلى أن سلفني الكتاب واشترط عليّ أن أعيده له بعد أسبوع واحد فقط، سواء فرغت منه أم لا، وأن آتيه بملخص للكتاب يحتوي على ما فهمته منه. استلمت الكتاب، رغم هذه الشروط القاسية، ولم أكن أعلم بأن بين دفتي هذا الكتاب يكمن خلاصي، من الخوف من الموت، ومدخلي لإحداث انقلاب كامل في مجرى حياتي. ولهذا فسوف يظل هذا الكتاب من أحب كتب الأستاذ إلى نفسي. أجهدت نفسي في قراءة الكتاب، ووجدته صعبا جدا، فهذا عالم جديد علي في كل شيء، اللغة والمفردات مثل "من مادة الفكر صنع العالم" والتفسير والتأويل"، "والتسيير والتخيير". و"القدر وسر القدر"، لقد عانيت كثيرا مع هذا الكتاب، وكنت أعيد قراءة صفحات منه مرات عديدة دون أن أفهم شيئا. أوشكت على الاستسلام وأن أعيد الكتاب للأستاذ مسعود معتذرا له بقصور فهمي. ولكني قررت أن أواصل القراءة حتى النهاية. ولحسن الحظ وجدت بأنني أفهم بعض الأشياء كلما أوغلت في الكتاب، إلى أن وصلت الفقرة التي يرد فيها الأستاذ محمود على فكرة الدكتور مصطفى محمود عن الموت. يقول الدكتور مصطفى محمود: "لا إله إلا الله".. إذن لا معبود إلا الله. ولن يعبد بعضنا بعضا. ولن يتخذ بعضنا بعضا أربابا ولن نقتتل على شيء وقد أدركنا أنه لا شيء هناك. ولن يأخذنا الغرور وقد أدركنا أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء.. ولن نفرح بثراء ولن نحزن لفقر ولن نتردد أمام تضحية ولن نجزع أمام مصيبة فقد أدركنا أن كل هذه حالات عابرة. (وسوف تلهمنا هذه الحقيقة أن نصبر على أشد الآلام. فهي آلام زائلة شأنها شأن المسرات. لن نخاف الموت. وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) انتهى حديث الدكتور مصطفى محمود..
ويقول الأستاذ محمود في الرد عليه الآتي: "وأنت، حين تقرأه، (أي حين تقرأ حديث الدكتور أعلاه) يخيل إليك أنه يمكنك تحصيل هذا الإدراك في جلسة واحدة، أو في أيام قلائل، بعدها تملك الصبر على (أشد الآلام). وما هو هذا الإدراك؟؟ هو إدراكنا (أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء)!! وهل نحن حقا خيالات ظل؟؟ أم هل نحن خلائف الله في الأرض؟؟ و(لن نخاف الموت) يقول الدكتور، ثم يردف: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) فهل رأيت كيف يرى الدكتور انتصارنا على الخوف من الموت؟؟ هو يراه في اليأس من الحياة، وفي اليأس من القدرة على الفرار من الموت.. (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟).. والحق غير ذلك.. فإن انتصارنا على الخوف من الموت إنما يجيء من اطلاعنا على حقيقة الموت، ومن استيقاننا أن الموت، في الحقيقة، إنما هو ميلاد في حيز جديد، تكون فيه حياتنا أكمل، وأتم، وذلك لقربنا من ربنا.. وبالموت تكون فرحتنا، حين نعلم أن به نهاية كربنا، وشرنا، وألمنا.. قال تعالى عنه: (لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد).. وإنما بالبصر الحديد ترى المشاكل بوضوح، وتواجه بتصميم.... وقد سمى الله، تبارك، وتعالى، الموت (اليقين) فقال: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) و(اليقين)، أيضا، العلم الذي لا يكاد يكون فيه شك، والذي به تتكشف الحقائق المستورة وراء الظواهر.. وإنما سمي الموت اليقين لأن به اليقين، ولأن به يتم اليقين الذي يكون قد بدأ هنا عند العارفين، وإنما يكون بدؤه بالموت المعنوي الذي هو نتيجة العبادة المجودة.. وعن هذا الموت المعنوي قال المعصوم (موتوا قبل أن تموتوا).. وقال عن أبي بكر الصديق: (من سره أن ينظر إلى ميت يمشي في الناس فلينظر إلى أبي بكر). هذا هو اليقين الذي باطلاعنا عليه، لا نتحرر من خوف الموت فحسب، وإنما به قد يكون الموت أحب غائب إلينا.. وما هو الإدراك الذي به توصل الدكتور إلى مثل هذا القول الذي قاله: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟)؟؟ إنه من غير شك الإدراك الذي تعطيه العقول لحقيقة الموت – الإدراك الذي يعطيه النظر – وهو إدراك قاصر، ومخيف.. فإن الموت، كما يعطيه النظر العقلي، هو، عند أكثر الناس، نهاية، به تنقطع الحياة، وتسكن الحركة، ويتصلب البدن، ويعود إلى تحلل، ونتن، ويستحيل إلى تراب.. ألم يقل الدكتور نفسه في صفحة 237: (أين كل هذا؟ تحت الردم.. انتهى.. أصبح تربا.. كان حلما في مخيلة الزمان وغدا نصبح، أنا وأنت، تحت الردم..) إن هذا هو الموت كما يعطيه نظر العقول غير المرتاضة، ولكن الموت، كما تعطيه حقائق القلوب السليمة، والعقول الصافية، فهو شيء يختلف اختلافا كبيرا.. ولا عبرة بالعقول غير المرتاضة بأدب القرآن فإن علمها ليس بعلم، لأنه يقف عند الظاهر، ولا يتعداه إلى بواطن الأمور.. وقد قال تعالى في ذلك: (وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم، عن الآخرة، هم غافلون) فهم لا يعلمون اللباب، وإنما يعلمون القشور، (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) ولا يكون بعلم القشور تحرير من الخوف.. هذا هو مبلغ علم الدكتور، وهو به يظن أنه (لن يخاف الموت..) ويقول، فيما يشبه البداهة، (وكيف يخاف ميت من الموت؟) ألا ترى أنك قد هونت صعبا، وأرخصت عزيزا؟؟ أني لأرجو أن تحدث مراجعة لأمرك هذا." انتهى حديث الأستاذ.
لقد ارتحت كثيرا لفكرة أن "الموت ميلاد في حيز جديد". فأنت تولد في ذات اللحظة التي تموت فيها. فكأنك تخلع جلدك وتواصل المسير في فضاء آخر. وهذا واحد من معاني "إنضاج الجلود" كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها". وأذكر مرة كنا نجلس في حضرة الأستاذ وجاءت سيرة الموت فقال الأستاذ "الموت تجربة مثيرة تستحق أن تخاض". قالها بطريقة رسخت في عقلي معنى الإثارة لدرجة كادت أن تقضي على أي آثار للخوف من الموت. وأصدقكم القول أنه في كل المرات التي قاربت فيها الموت في مرضي هذا كانت الإثارة هي الغالبة، لأن معها يجيئ انتفاء الآلام والشرور والكروب وتحقق البصر الحديد والعلم اليقين الذي لا يكاد يكون فيه شك.
12-10-2024, 07:23 AM
محمد بدرالدين محمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2653
رسالة موجعة ..... كبير دائما كما انت استاذ الباقر من وسط الاوجاع و الالام تبث فينا الطمأنينة و تقبل اقدار الله بمحبة اسال الله الحنان المنان الاحد الفرد الصمد الذى لم يلد و لم يولد ان يمن عليك بالشفاء العاجل و يلبسك ثوب العافية و يخفف عنك الالام انه على ذلك لقدير .. النذير يا حبيبنا صباح الخير بتوقيتنا و احلام سعيدة بتوقيتكم و هكذا فرقتنا المعايش يا صديق و الف شكر :ـ
Quote: أكثر ما يلفت الإنتباه للإخوان الجمهوريين هو حسن أخلاقهم وتهذيبهم، حتى عتاة أعدائهم ومنتقديهم لا ينكرون ذلك، وكما يُقال الفضلُ ما شهدت به الأعداء
Quote: عندما ألاحظ أخلاق الإخوان الجمهوريين بقول لسى الشعب السوداني بخيرو
مودتى و تقديرى
12-10-2024, 09:35 AM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
نسأل الله أن يرحم الأخ محجوب اسماعيل وينزله منازل المقربين ويحسن في فقده عزاء الأسرة والأهل والجمهوريين ويلزمهم الصبر. إنا لله وإنا إليه راجعون علمت بخبر انتقاله من هذا البوست هذا الصباح.
والتحية للأخ الحبيب الباقر العفيف وشكرا له على هذا المقال العظيم، ونسأل الله أن يشفيه ويعافيه إنه سميع قريب مجيب.
والتحية للأخ محمد بدر الدين وللأخ جبريل، واحمد محمد أحمد البشير، ولك أنت يا النذير، صاحب هذا البوست المنير.
أهدي القصيدة للباقر وزوار البوست. القصيدة من إنشاد الراحل المقيم محمود شريف، ود الخاوية.
عاصرت الاخوان الجمهوريين في جامعة الخرطوم في الفتره 1980 الي 1985 و فعلا مثال للاخلاق الرفعيه و الذوق العالي
و لي صداقات قريبه جدا مع الاخ محمد بليله و الاخ حيدر بدوي و كنا نسكن سويا في سنة رابعه اقتصاد
و كلامك كل كويس
بس حكايه تحشروا لينا الكيزان في كل حاجه بقت مسيخه و غير مستساغه انتو اذا عندكم معاهم ثأر في اغتيال الاستاذ محمود هذا لا يطغي علي لب الفكره في المنهج و السلوك و العمل
خليكم في اصل الفكره و اتركوا الاعراض مثل خلافكم الدنيوي مع الكيزان
الزبير الختمي
12-15-2024, 10:00 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
إلى القطب / العم عبدالله عثمان الذي يضيء دروب العيون بحبٍ لا يُرى، ولا يُسمع، ولا يُحسّ إلا في الطيبات:
يا من يطلق على الحياة ألحان السلم، ويبث في الأرض بذر المحبة وتآلف الأرواح، أكتب إليك والقلوب منكفة على شعاع حضورك، تنبض بالأمل. محبة لقلبك الذي لا يملّ من نشر السلام، وكيف لي أن أتحدث عن ذلك الإحساس الرقيق الذي تحمله في أجوائك؟ قد لا يدرك كثيرون لكنك في كل لحظة تُذيب الثلج في الأرواح وتبعث فينا الطمأنينة كما يفعل النهر في الصخور، فتزيل عنها غبار الزمن .. تردد بالحب: حب السودان من حب الله. وكأنك تصوغ لنا لحنا خفيا نحبه دون أن نعرف، نلتقي به دون أن نتقصد. تُدخلنا في دائرةٍ من نور. يا أبا السلام تزرع فينا التآخي وتُطعمنا الأغاني كأنها أرواح تنعش الحياة، تبث عبر كل أغنية دفء الأرض وسكينة السماء. لست كاتبًا أو مؤلفًا بل أديب الوجدان وفنان الكلمات التي لا تُكتب ، ولكنها تُحس وتستشعر .. تجد الجمال في كل زاوية، تراه في الحقول التي يزينها المطر، في أوقات الغروب حين تتراقص الظلال على وجه الأرض.. معلمٌ من نوع آخر تُعلّمنا أن البساطة هي أعظم الجمال وأن السماحة هي أقوى الأسلحة .. الريح تحمل معك السلام. وجودك تناغم بين روحية الأرض وسماحة السماء .. رمزا للسلام الذي لا يختار، بل يحب من دون استئذان .. القطب الذي يوجه البوصلة نحو الجمال، وأنا التي أرى في إشارتك نورًا يهديني، تقودني بحبك إلى الحقيقة العميقة، إلى تلك اللحظة بعيدًا عن الضجيج، في سكينة القلب.. سلام عميق يظل يتردد في صدورنا، وكأنك أغنية باقية لا تنتهي. أمنيات الصحة والعافية العم عبد الله فنحن نحتاج إلى وجودك اللطيف الذي يملأ المسافات بين الكلمات ونحتاج إلى ألحانك التي تنعش أرواحنا كما ينعش الندى زهرة في بداية الصباح. ______ مودتي ابنتك في سر الأبدية أبية.
12-25-2024, 09:55 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
العيلفون منطقة توافدت عليها كثير من القبائل والأسر من جميع أنحاء السودان فكونت نسيجها الاجتماعي الحالي الذي يمثل سوداناً مصغراً حتي صار لا يكاد يكون للقبلية وجوداً بها بل أصبحت العيلفون هي القبيلة والانتماء فخرج منها اعلام في السودان الكبير و انتشروا منه الي أصقاع الدنيا فادوا واستفادوا وهذا من فوائد الهجرات واهميتها والاختلاط والتماذج الذي يخلق ثقافة جديدة مختلفة و أجيال ارقي و افضل من سابقتها...
// هناك نوع من البشر قليل ونادر من النجباء لا يحبون الاضواء لانهم زاهدين في هذه الحياة وهي عندهم دار عبور وجسر لحيوات اُخري وعدنا بها الخالق.. و رغم أن سيرة هولاء النجباء الأتقياء مضئية وحافلة عندما نقتفي أثرها تحتاج لوقفات عندها و تدبر مواقفها...
//دائما عندما اكتب عن الشخصيات اتحري تفرد الشخصية في مجتمعها أو مجالها والشخصية التي نلقي عليها الضوء الخفيف اليوم هو شخصية متفردة في خصائصها ومتميزة عن محيطها ومختلفة مع احترامها لمجتمعها والتزامها باعرافه... شخصيتنا اليوم هو :-
الاستاذ / *محمد العاقب حاج حمد بادي*
*(١٩١٢---٢٠٠٢)* رحمه الله وأحسن إليه
// ولد في عام ١٩١٢ بالعيلفون منطقة (دوم بُربُر) المعروفة في العيلفون و تُميزها أشجار دوم عتيقة بموقع (فريق حنك) و هو ذلك الحي الواقع في المساحة مابين مسجد الختمية شرقاُ ومسجد المريخ غرباً ومنطقة مسجد سعد الملك شمالاً الي مقابر ام قحف جنوباً وهي منطقة متداخلة في عدة أحياء من عيلفون اليوم و(فريق حنك) هو الحي الذي قطنته مجموعات من بطون الشايقية علي راسهم (الحنكاب) و منهم (الطمبلاب) و( العوناب) قدم الحنكاب من منطقة حزيمة شرق نهر النيل العظيم للعيلفون عام ١٨٢٢م وتصاهروا مع اهلها القادمون أيضاً من مناطق مختلفة والسكان الأصليين وقد تجمعوا جميعهم حول مسيد الشيخ ادريس ود الارباب مؤسس عيلفون مملكة سنار ومفتي الديار الملقب ب(العتاق)
والملاحظ أن مولد الاستاذ المرحوم محمد العاقب كان بعد أكثر من قرن من قدوم (الحنكاب) للمنطقة وهذا تاريخ طويل واحداث عراض تحتاج للتوثيق لتلك الفترة والمجموعات القادمة من الشمال وتصاهرها واختلاطها بالمجموعات الموجودة فمثلاً جد أبناء اكبر الخلفاء الان الخليفة علي الخليفة بركات جدهم الكبير صبير ود العاص و جد الخليفة الحالي الخليفة الصديق جدة جده هي( الملكة بت حضري) من المجموعات القادمة من شمال السودان بالإضافة لجدود الخليفة من القبائل الأخري
// ولد الاستاذ العاقب بذلك الحي العتيق و من أقرانه في الطفولة (ابراهيم النجمي و عبد القادر مضوي وأحمد حسن صبير)
// والدته السيدة (شول مني حاكم محمد) رحمها الله وأحسن اليها
// زوجته ام نور محمد بشير رحمها الله انجبت له من الذكور المأمون والمعتصم و من البنات ..ست البنات و نائلة و وداد
// تلقي الاستاذ المرحوم محمد العاقب تعليمه الأولي بمدرسة العيلفون وكانت المدرسة ببيت( شيخ خالد مضوي )والد السياسي الاسلامي المعروف عثمان خالد مضوي والروائي ابوبكر خالد مضوي جوار شفخانة العيلفون وهو المنزل الذي سكنه (الشيخ سيد احمد الشيخ) وانجب أولاده هناك ومنهم (والدة الكاتب) وفيما بعد سكنه عبد الكريم الامين عبد الرحمن الذي انجب ايضاً كل أبناءه هناك رحمهما الله
// بعد العيلفون الأولية انتقل الاستاذ محمد العاقب للدراسة بمنطقة رفاعة ثم الأبيض و لا شك أن هذا التنقل والتجوال في تلك السن الصغيرة أكسبه من المعرفة والاعتماد علي النفس الكثير و كان له الأثر في بناء شخصية الرجل وصقلها والذي انتمي فيما بعد (للحزب الجمهوري) وكان من المقربين للاستاذ محمود محمد طه رحمه الله ورضي عنه...
// قلت لمحدثي ابنه العم مامون العاقب أن العلاقة مع الاستاذ محمود محمد طه ربما بدأت من ايام المدرسة برفاعة لكنه نفي ذلك وقال إن العلاقة أتت لاحقاً في الستينات من القرن الماضي فقد كان متابعاً حريصاً علي ندوات الاستاذ بود مدني وأم درمان ومجالسته والمفاكرة
// التحق بعد ذلك بكلية غردون وتخرج فيها متخصصاً في المالية والحسابات
// ثم عمل بالسكة حديد عطبرة قسم الشئون المالية وهو من الموظفين الاوائل من أهل العيلفون
//في عام ١٩٤٧م اغترب للملكة العربية السعودية للعمل في شركة( أرامكو بالسعودية) مترجماً فقد كان مجيداً للغة الإنجليزية فاطلقوا عليه هناك لقب Black English Man لانه يتحدث الإنجليزية بطلاقة كما يتحدثها أهلها... فكان من اوائل السودانيين المغتربين و أول مغترب من العيلفون علي الاطلاق لكنه لم يمكث طويلاً بالسعودية لظروف خاصة و ربما لأن السودان وقتها كان أكثر تحضراً ومدنية والخرطوم كانت عاصمة ذات وزن وقتها في نهاية الأربعينات حيث ما زالت تحت الحكم البريطاني...( وثق الاستاذ كمال حمزة لشكل الحياة بالخليج في مجلدين كبيرين وقد كان اغترابه للامارات بعد عقدين من اغتراب الاستاذ العاقب)
// عاد الاستاذ محمد العاقب للسودان وعمل بمديرية النيل الازرق وعاصمتها مدني في ذلك الوقت قبل أن تصبح مديرية الجزيرة وعمل بالمديرية رئيساً للحسابات لما يقارب الثلاثة عقود ..
// و أقام بمدينة ود مدني ما يقارب الثلاث عقود بحي الموظفين قرب المستشفي من ١٩٥١ وحتي ١٩٧٧ وهو حي يسكنه الأجانب من الجاليات والموظفين حتي ١٩٥٦م و كان بيته منزلاً لا ينقطع عنه الضيوف والأهل نسبة لقربه من المستشفي وكان مسكناً لطلاب المدارس من الأهل والمعارف من العيلفون و حلة الدناقلة بالجزيرة ...
وأيضاً كان منزلاً لأبناء العيلفون من طلاب حنتوب الثانوية في عطلة نهاية الأسبوع يذكر منهم عمنا مأمون دفعات مختلفة منهم علي سبيل المثال (المهندس السيد محمد السيد وكمال عبد القادر بله و ابراهيم النص و ابراهيم الجعلي وغيرهم) فقد كانوا يتنفسون هواء العيلفون في ذلك البيت ويجدون ريح اهلهم
// كان الاستاذ العاقب رجلاً بسيطاً متواضعاً يحب البسطاء وينتمي (للغبش) من أهل السودان وكان زاهداً في الحياة عاش ثلاثة عقود بمدينة ود مدني ومسئول كبير بالمديرية ولم يتملك قطعة أرض هناك وكان زاهداً في ذلك يقول ( ربنا يقدرني علي العندي في العيلفون)
// سألت العم مأمون عن علاقة والده بالاستاذ محمود محمد طه رحمه الله فقال إنها بدأت في الستينات وقال نصاً كانت *( علاقة صداقة وإيمان بالفكرة الجمهورية)*
// ثم سألته عن قصد بعلاقة والده بالعبادات والصلاة تحديداً وذلك لبيان حقيقة ما يروج له (الاسلاميون) من أكاذيب عن الجمهوريين وفساد اعتقاداتهم في الصلاة ويروجون لتلك الأكاذيب بين الأجيال الجديدة فقال إن والده كان ملتزماً التزاماً صارماً بالفروض و كان يكثر من نوافل الفروض فللشهادة والزكاة والصوم والحج نوافل معلومة وغير معلومة ونوافل الصلاة كانت ذات أهمية عنده بعد الفرض وقبله و كان يقيم الليل بها وأقسم لي قسماً مغلظاً أن والده عليه الرحمة من كثرة الصلاة تكونت طبقة جلدية سميكة علي ركبتيه واقدامه وأنه كان يقرأ القرآن في قيامه حتي صلاة الفجر و بقي علي ذلك الحال حتي وفاته كما أنه كان مؤمناً بالفكر الجمهوري وان الصلاة والخشوع فيها يرفع الإنسان درجات في صلته بالخالق رحمه الله...
// عندما سألت عن اصدقاء المرحوم الأوفياء بالعيلفون عرفت أن هناك صداقة قوية تجمعه بالعم المرحوم ابراهيم محمد ابراهيم مؤسس مشروع الرهد الزراعي. وان ابراهيم محمد ابراهيم كان يقول محمد العاقب هو اخي الذي لم تلده امي وذكر عند تكريمه بمسيد الشيخ ادريس أنه عندما قدم لوظيفة مفتش زراعي بمشروع الجزيرة قال نزلت بمدني مع اخي وصديقي محمد العاقب حاج حمد وفي سؤالي عن أصدقائه لاحظت أنهم جميعاً يشتركون في اسم (ابراهيم) فبالإضافة لابراهيم محمد ابراهيم أيضا جمعته صداقة منذ سنوات باكرة مع ابراهيم النجمي و ابراهيم علي ابو فائدة و أيضا الامين ابرهيم كان صديقاً صدوقاً اشرف علي بعض المهام في بناء بيت محمد العاقب بالعيلفون أثناء عمله بود مدني
// ايضاً كانت هناك علاقة مع عبد العزيز محمد حامد وعمر حامد و من الدبيبة مضوي يوسف و علاقة خاصة مع عميد الفن أحمد المصطفي عليهم رحمة الله..ويقول العم مامون أن أحمد المصطفي وعبد العزيز محمد حامد وإبراهيم محمد ابراهيم كانوا يطلقون علي والده كنية (ابو المأمون) وهم من أطلقوا اسم المأمون علي ابنه الأكبر ... "" // كانت مدينة ود مدني من المدن الكبيرة والمهمة بالسودان نسبة لوجود مشروع الجزيرة وامتداد المناقل الذي يقوم عليه وقتها اقتصاد البلاد فقد كان بها مجموعة من كبار الموظفين والتجار من العيلفون منهم( احمد الشيخ مضوي وأبناء محمد النور افندي حسن النور و احمد النور و النور الحكيم و أيضاً الخليفة علي الخليفة بركات وأخيه الحبر الخليفة بركات و الاستاذ سعد الملك و عبد القادر بركات وصديق فارس و بركات ودشتور ) ومجموعة كبيرة من الموظفين والمعلمين والتجار من أكابر العيلفون وكان صديق فارس وكيل شركة اجيب للبترول وله طلمبة بنزين بالقرب من المستشفي قبل أن يتم تحويل الطلمبة للسوق جوار الاستاد وكان أبناء العيلفون وقتها يطلقون عليها اسم السفارة لأنها كانت منتدي لهم ومنطقة تجمع بالنسبة لهم يتبادلون الاخبار ويناقشون القضايا ... ويذكر العم مامون الاحتفال الضخم الذي اقاموه لاحمد الشيخ مضوي عندما نزل المعاش وغادر ود مدني
// ايضاً عمل الاستاذ محمد العاقب لفترة بسيطة بمشروع الرهد الزراعي
//كان الأستاذ العاقب محباً لمديح المصطفي صلي الله عليه وسلم وكانت تربطه صداقة بالفنان مبارك حسن بركات وكان في أمسيات الخميس يقيم لليلة المديح بمنزله بالعيلفون يحبها مبارك حسن وكان الاستاذ العاقب رقيقاً تدمع عيناه عند مديح المصطفي
// ذكر لي العم مامون أن والده ايضاً كان يطرب لغناء مبارك في الأغنيات ذات المضامين الراقية في الحب والجمال والحماس
// كما عرفت أن الأستاذ محمود محمد طه رحمه الله أقام ندوات بالعيلفون بنادي الموردة و أن معتصم محمد العاقب ترأس نادي الموردة في احدي دوراته فسألت عن علاقة المرحوم محمد العاقب بنادي الموردة؟؟
فأجابني العم مامون العاقب إجابة قد تكون غير معلومة لعلاقة شخصية اخري بالموردة فكانت إجابته أن الأستاذ حاج ادريس كان في جولة لجمع تبرعات لبناء نادي الموردة الحالي و زار الاستاذ محمد العاقب بود مدني فتبرع لهم بمبلغ معتبر بمقاييس ذلك الزمن وأفاد بأن الاستاذ. محمود محمد طه كان يقيم ندواته بنادي الموردة بعد قيامه و قد كان من يدير تلك الندوات هو الأستاذ حاج ادريس رحمهم الله جميعاً
// تم اعتقال الاستاذ محمد العاقب بعد إعدام الاستاذ محمود محمد طه و قد رفض كتابة (تعهد) و تم التحفظ عليه ثم اُطلق سراحه بعد فترة
//سألت العم مأمون عن علاقتهم بأسرة الاستاذ محمود محمد طه فقال إنها علاقة طيبة و مستمرة فهم اصدقاء الوالد وبيننا زيارات متبادلة ويحضرون جميع مناسباتنا بالعيلفون ..و عندما يأتون للعيلفون يزورون قبة ابونا الشيخ ادريس ود الارباب و كذلك قبر الوالد بمقابر ام قحف رحمه الله
// كما أفادني العم مامون أن اختهم (وداد) هي الأكثر تواصلاً مع اخوان والدها الجمهوريين في مجموعاتهم وقروبات الواتساب
// حدثني العم مأمون عن كثير من علاقات والده الاجتماعية بالعيلفون وغيرها يصعب حصرها لكن من علاقته التي امتدت لعلاقات أسرية عميقة منها علاقته بابرهيم النجمي وأسرته فهي علاقة مميزة بين الاسرتين كذلك جلساتهم ومنتدياتهم بمنزل عبد القادر مضوي مع احمد الحسن صبير و مكي ابو عركي و مبارك عبدالقادر وكثيرون يصعب حصرهم في هذه الاضاءة
// عرف الناس الاستاذ محمد العاقب في العيلفون و ود مدني و في كل المناطق التي عاش بها بالاخلاق العالية والالتزام الديني والأخلاقي ومراعاة الاعراف الاجتماعية واحترام الآخرين وحسن التعامل مهم ولين الجانب
*// وفاته 30/05/2003*
تعب قبل وفاته و ظل مدة يومين بالبيت رافضاً الذهاب للمستشفي وكأنه احس انها النهاية الا بعد إلحاح من صديقه وأخيه المهندس ابراهيم محمد ابراهيم نقلوه للمستشفي وكان مرافقه ابنه المعتصم فقد كان ابنه الأكبر المأمون بالمملكة العربية السعودية بالمستشفي وفي ساعات الفجر شهد ابنه المعتصم علامات وتغيراً ملحوظاً علي وجهه فاخطر الطاقم الطبي بالمستشفي وعند الفحص عليه أعلنوا الوفاة ..
رحل بذات الهدوء واللين.. اتصل ابنه معتصم علي كل من أحمد الحسن صبير و سعد وإبراهيم الملك وإبراهيم محمد ابراهيم و الاخوان الجمهوريين و نُقل الجثمان للعيلفون وقد شيعه الأهل وإخوانه الجمهوريين في مشهد مهيب ونادر بالعيلفون حيث ان الاخوات الجمهوريات كن في ثيابهن البيض بمقابر ام قحف حيث رقد جثمانه عليه الرحمة والبركات من المولي عز وجل خالق الموت والحياة ابتلاءً لخلقه وامتحاناً ...وانا لله وانا اليه راجعون
======= هوامش
إستوقفني خلال محادثتي مع العم مامون أنه كان يخاطبني ب(الاخ الاستاذ محمد طلب) رغم أنه في مقام الوالد وانا في مقام الابن و هذه ايضاً حالة نادرة تدل علي الادب والذوق العالي واحترام الاخر ... الشكر كل الشكر والتقدير للعم الفاضل الجميل المامون محمد العاقب حاج حمد علي صبره عليّ و افاداته الطيبة علي كل اسئلتي بشفافية
سلام محمد طلب
التعليق مع الصورة ادناه أن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد و يقول كما يفكر و يعمل كما يقول علي شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيراً و براً و اخلاصاً وسلاماً مع الناس أن غاية التوحيد أن تكون في سلام مع الله لتكون في سلام مع نفسك لتكون في سلام مع الاحياء والأشياء...فإذا كنت كذلك فأنت (الحر)
*الاستاذ محمود محمد طه*
01-17-2025, 12:50 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
بسم الله الرحمن الرحيم في ذمة الله الاخ الاستاذ الدكتور ع الله العراقي... ا.د.زكي مكي اسماعيل... نعت الينا الاخبار المحزنة هذا الصباح الجمعة وفاة ورحيل الاخ الحبيب الاستاذ الدكتور عبدالله ع رحمن العراقي ببلدتهم بنوري الولاية الشمالية وسوف يواري جسده الطاهر صباح اليوم بمقابر مروي ..وكان الخبر محزنا موجعا تلقيته وقد كنت احدثه بالهاتف قبل ايام ونحن نستعيد ذكريات اياما جميلة قضيناها بدامر المجذوب وعطبرة بكلية التجارة وادارة الاعمال بجامعة وادي النيل...ثم من بعدها بجامعة النيلين بالخرطوم هو بكلية الاحصاء وشخصي الضعيف بكلية التجارة...د عراقي.. وبروف عراقي اخ حبيب وصديق عزيز تزاملنا وبمكتبين متجاورين لسنوات جميلة ونحن نؤسس لكلية التجارة وادارة الاعمال بدامر المجذوب ونحن نستقبل طلابها الجدد "البرالمة" الذين لم تسبقهم دفعة بالكلية وهي كلية وليدة لتوها عملنا معا وكوكبة اخرى من الزملاء الاحباب حتى خرجنا دفعتها الاولي وكانوا نعم الطلاب الخريجين..ويكفي ان زاملنا من بعد ذلك ثلاث منهم من طلابنا اصبحوا بروفات معنا بجامعة النيلين بعد ان تساوت الكتوف وهم ب كمال احمد يوسف عميد كلية التجارة بجامعة النيلين الاسبق وب سعد الباوقة بكلية الاقتصاد وب طارق ع الكريم عميد كلية علوم الحاسوب بجامعة النيلين...والاخ العراقي رحمه الله وهو يوارى الجسد الان عرفته اخا كريما نبيلا جمعتنا روح الانتماء حيث كنا ابناء منطقة واحدة بالشمالية وجئنا مغتربين الى عطبرة من محافظة مروي الى اتبرة والتي وصف غربتها الحبيب حميد في اجمل ماتغنى به ودالكرم محمد كرم الله رحمه الله ؛-(شن طعم الدروس مادام مكانا مشي قطر ..كيف ذاتا ترتاح النفوس وتقبل قرايتن في سفر..والشوق متل شوك الكتر..طعن الجسم لامن خدر!!! والله لو مو منجبر ..ماكت بفارقك بي شبر..يايمة كر ..من حالي كر).. لذلك بجانب تجاور مكتبينا كنا قريبين جدا روحا وإلفة...جئت الى الدامر مطلع التسعينات ومن اوائل من تم توظيفهم من اساتذة الكلية ووجدت قبلي فقط استاذ العراقي كان قد سبقني منقولا اليها من كلية التربية بعطبرة بجانب الاخ العميد ووكيل الجامعة حينها...فوجدته علي علم بمجيئي قبل وصولي حيث كان التوظيف يتم لاساتذة الجامعات من وزارة التعليم العالي من السيد الوزير مباشرة بالخرطوم...ونزلت الدامر ضيفا عليه... فكان صديقي العراقي يضحك وهو يحدثني بقوله ؛-( يابو الزيك انا اصله جابوني الدامر دي منفي من عطبرة خلاص اتلمينا الاتنين من بحري اللفة وهو يقصد الشمالية) ضحكت كثيرا حينما علمت بالقصة خاصة حينما يجيء احدهم سامحه الله بنبأء "انت منه براء" ويجر لك من بعده كثير من المتاعب التي لا تنتهي الا برحيلك عن الوطن ذاته!!!...فالحبيب عراقي كان جمهوريا ملتزما من جماعة / محمود محمد طه بينما كنت انا مستقلا استقلالا تاما لا علاقة لي البتة بالسياسة ولا بأحزابها ولا افهم شيئا ابدا عن ابجديات دروبها "زول جل وقتي بين الاكاديميات والشعر والادب والإجتماعيات"...كان ذلك في اولى سنوات الإنقاذ...وكانت عطبرة حينها تعامل بحذر شديد لوصفها بؤرة للفكر اليساري... فكنت كثيرا ما اضحك وانا اكلم جاري وصديقي استاذ العراقي ؛-(ياعراقي ياخوي انت بالعليك من جماعة الاستاذ رحمه الله ..لكن انا في شنو ..انا زول فلوتر ساكت..والله من الله وجاتني لا إيدي ولا كراعي!!!)..بعدها اصبحت اقدم برنامجا بتلفزيون عطبرة الريفي بمسمى "في رحاب الجامعة"..لدورة تلفزيونية كاملة وكان من انجح البرامج بالتلفزيونات الاقليمية..وكان صديقي استاذ عراقي كلما جئت من احدى حلقاته يضحك ويعاجلني بعباراته الظريفة والتي لا تخلو من ذكاء الحاد قائلا ؛-(دي عملتها كيف ياجان؟؟!! انا غايتو عاوز اشوف نهاية برنامجك دة شنو يابوالزيك؟!!)..وبعدها بأشهر كان استاذ عراقي رحمه الله بذات الضحكة وصوته الرقيق الرنان يردد لي ؛-( انا ماقلت ليك يابوالزيك احسن ليك طبشيرتك وشعرك وحيطان مكتبك الاربعة ديل وبس!!!)...مرت الايام لانتقل الى السعودية من جديد وينقل العراقي لكلية الاحصاء بجامعة النيلين ليسبقني ايضا لأجيء اليها بعده بسنوات وأكون انا بكلية التجارة وهو بكلية الإحصاء ... وبمعيتنا نفر كريم كلهم جاءوها من اتبرة والدامر وتبوءوا بها مناصب عليا كوكلاء للجامعة وعمداء كليات بل مدراء كأستاذنا الجليل حسن على الساعوري مدير النيلين الأسبق والذي تبواء قبلها عميدا لكلية التجارة وهو الذي قام بضمي لاسرة كلية التجارة بالنيلين بعد عودتي من إغترابي العام ٢٠٠٣م...فكنت ازور الاخ الحبيب العراقي بالاحصاء بإنتظام ..لنجلس معا نستعيد ذكريات سنواتنا الخوالي بأتبرة والدامر..اذكر زرته بمكتبه بكلية الإحصاء بعد ثورة ديسمبر العام(٢٠١٩م)وجلست اليه وانا ابادله ضحكاته البريئة قائلا؛-(بختك ياصحبي خلاص بعد دة ح تطلعوا لينا في الكفر يا الجمهوريين...اما نحن معشر المستقلين "المهمشين في الارض"...سوف نظل راكبين الطرورة)!!! فيضحك كثيرا قبل ان يعلق على حديثي بقوله ؛-(شوف يابوالزيك والله ما أخفي عليك عرضوا عليي مناصب بالجامعة فرفضتها زاهدا في اي منصب غير طبشيرتي وبس ..والله اخير لك الف مرة تركب طرورتك دي وتقعد بي طرف مالك ومال الغلبة)...فكنت اواصل ضحكتي وانا ارد عليه بقولي كما كان يقول حبيبنا بالمدرسة الثانوية وداعة النمر على ؛-( اليخلونا ناخد لنا خريف خريفين...بعدين الله كريم)..فيقاطعني عراقي ؛-( والله اخير ليك الف مرة زي ماقلت ليك يابوالزيك تركب طرورتك دي وتؤلف كتبك دي..وتكتب شعرك الجميل داك..ياخي دة بالدنيا.)..ثم يضحك ويواصل ؛-(هههههه متذكر يابوالزيك ليلتكم الشعرية في حوش الكلية ابو نجيلة داك انت ود فرح شادول وس احمد الدوش ..وفي نص الليلة والشعر نازل منكم زي المطر وقت د فرح شادول يلقي في قصيدته ديك "ليه مانحب ونعلم ولادنا الحب"..ووقفت طالبة شايلاها الهاشمية..وصاحت بأعلى صوتها ..لمن هجمتنا ذاتا!!!..وهي تصيح ؛-( إنصراف !!!) وقامن البنات كلهن منسحبات ههههه وتركوك قائما)..وعراقي يضحك بمكتبه الى ان دمعت عينيه وهو يتذكر تلك الواقعة وانا ايضا "ارفس" من الضحك..رحم الله د..بروف ع الله العراقي ..طرقت برهة وانا استعيد تلك الذكرياتواتذكر ايامنا البريئة بالدامر وعطبرة والخرطوم..وذلك الرجل البريء الرقيق عراقي وقد تغمده الله واسكنه فسيح جنانه..وكلنا ماضون لذات المصير وبارك في ذريته وابنائه الاحباب والهمهم وامهم الصبر وحسن العزاء ولكل اسرته بنوري والحي الله وحده ...زكي مكي اسماعيل /نزوى سلطنة عمان ٠٠٩٦٨٩٨٢٤٠٤٧٤
01-17-2025, 04:44 PM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
كتب د. الطيب حسن من مانشستر لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . ربنا يتقبل اخانا العزيز احمد محمد أحمد البشير، و يلحقه بالصالحين. كان احمد من الثابتين على خط الفكرة الاساسي، و لم تزعزعه الاحداث المختلفة التي عصفت بمجتمعنا. و لم تزغ عيناه عن الخط الذي كان عليه استاذ سعيد و اخوانه الميامين، فظلّ في ذلك الخط حتى غادر الدنيا صباح اليوم في خواتيم هذا الشهر المبارك. الذين لا يعرفون الاخ احمد،فهو رجل متعدد المواهب ، بدأ حياته المهنية كمعلم بالمرحلة الابندائية بولاية الجزيرة. انتماؤه للفكرة الجمهورية فتح آفاقاً جديدة للطموح في نفسه، فالتحق بكلية الحقوق بجامعة النيلين بالخرطوم ( الفرع سابقا ) و نال ليسانس الحقوق. كما انه التحق بكلية الفنون الجميلة و تخرّج منها فنانا بشهادة. اذكر ان بحث التخرج الخاص به في كلية الفنون كان تمثال مجسّم لشخص الاستاذ، و ذلك في قسم النحت بالكلية . شارك احمد في كل انشطة الفكرة الجمهورية ،فبالإضافة إلى العمل العام في الوفود و حملات الكتاب و الذكر ، و التي يشارك فيها معظم الجمهوريين و الجمهوريات ، كانت للاخ احمد إسهاماته الكبيرة في المعارض و اعداد جريدة "الفكر " لسان حال رابطة الفكر الجمهوري بالجامعات المختلفة . ايضا ساهم الاخ احمد في تقديم اركان النقاش في كلية الفنون و غيرها من الجامعات ، و لقد نال شرف الاعتقال من احد هذه الأركان فقضى قرابة العامين في سجن كوبر في سبيل الله ، و ياله من شرفٍ لا يدانيه شرف، " و طوبى لمن عمل لهذه الفكرة و لو النذر اليسير، أو كما قال ، فكيف لمن وقف كل حياته عليها؟ جمعني مع الاخ احمد السكن في منزل الاخوان "ج" منذ ان بدأ تأسيسه في الحارة الخامسة بمدينة الثورة، ثم انتقلنا المنزل الدي تتبع له عيادة الجمهوريين بالحارة الرابعة ، لفترة قصيرة إلى ان استقر بنا المقام فى الحارة الرابعة في نفس شارع العيادة باتجاه شارع الشنقيطي ، فكان المقر النهائي للمنزل ج. عندما قررت اسرة الاخ احمد ان يكون لهم منزل بالعاصمة، حسب مقتضى ضرورة التعليم ، قام الاخ احمد باستئجار الجزء من المنزل التابع للعيادة لتسكن فيه اسرته. قام بتجهيزه، و رحل من المنزل ج إلى ذاك البيت و دعاني أنا و بعض الاخوان ان نكون معه في المنزل لحين وصول اسرته من كريمة. و بالفعل كنا معه حتى وصول اسرته . كان الاخ احمد غيورا على الفكرة الجمهورية لدرجة تشبه التعصب، لا احتاج ان اقول انه كان يحب الاستاذ ، و لكنه كان شديد الاحترام للاخوان الكبار شديد الادب مع ذكراهم، خاصة البرزخيين منهم ، كان احمد لطيف المعشر يلقاك هاشاً باشاً لا تفارقه الابتسامة و روح الدعابة. اذكر ان احمد و أنا كنا مشتركين في حافلة نقلة مع مجموعة من الموظفين و الموظفات تنقلنا من الثورة إلى الخرطوم في الصباح ثم في العودة بعد الظهر. اكاد اجزم ان الاخ احمد خلف علاقة ود مع معظم اؤلئك الموظفين رغم اختلاف ميولهم و اتجاهاتهم الفكرية . في احد الايام كانت الحركة بطيئة في ذلك الصباح (ربما بسبب حادث أدى إلى قفل الكوبري)، ظلت الحافلة في المسار المجاور لنا كأنها في حالة توازً مع حافلتنا ، و يبدو ان هناك ركاب يعرفون بعض في الحافلتين . كانت نوافذ الحافلتين مفتوحة و اصبح الركاب يتبادلون الحديث و النكات كأنهم جبران. فجأة مدّ احمد يده لموظفة يعرفها من ركاب الحافلة الاخرى و قال لها ( أدّونا حبة ملح لو سمحتم) يعني كأنه اراد ان يقول لها "اصبحنا جيران نشحذ الملح" فانفجر ركاب الحافلتين بالضحك ، بعد الملل الذي خيّم علينا . هذا نموذج واحد من طرائف الاخ احمد و حضور بديهته. ارجو ان يتمكن الجمهوريون الذين عايشوه في مدني من الكتابة عنه خاصة الاخ الحبيب جبريل الذي تعوّد على إتحافنا بكتاباته عن البرزخيين و مآثرهم حتى انني كنت اقول له "ما زلت أُوثر ان تقول رثائي يا منصف الموتى من الاحياء و البيت من قصيدة لأحمد شوقي في رثاء صديقه حافظ إبراهيم . و لأن حافظ إبراهيم توفي قبل احمد شوقي ، جاء في القصيدة "قد كنت أوثر ان تقول رثائي" فقمت بتعديل العبارة إلى " ما زلت أوثر ". أطال الله بقاء الحبيب جبريل و مدّ في ايامه و بارك فيها. العزاء في الاخ احمد ينبغي توجيهه إلى اتجاهات شتى في مجتمعنا الجمهوري. أبدأ باسرته الصغيرة فأعزي اختنا المكلومة انتصار حسين و إبنه المفجوع محمود ، و شقيقته الملتاعة انتصار محمد احمد البشير ً، و شقيقته المفجوعة آمال ، و الاخوين النذير و معتصم، و قريبهم الاخ عمر الذي تعرفت عليه في بيت العيادة . ثم انتقل إلى إخوان المنزل ج و الذين سوف بهزّهم خبر انتقاله ، و ابدأ بشيخ المنزل شيخ علي و محمد سالم بعشر و المهندس عماد البًوشي و تاج الدين عبد الرازق و الزعيم احمد محمد الحسن و خالد محمد الحسن و دكتور خليفة و محمد عبد المالك و عصام خضر و ازهري بلول و الاخ محمود امين صديق و الاخ الدرديري عبد الله و عوض صديق و الطيب رغيمة و الاخ علي الجميعابيً ، الريح حسن خليفة، الجنيد البشير و سليمان بطران، أبو الخير و دسوقي و اسامة محمد الفكي و ابو بكر القاضي ( رد الله غربته ) ، و كل ضيوف المنزل ج الموسميين من اخوان الاقاليم. هذ و قد التحق الاخ احمد هذا الصباح بكوكبة من اخوان ج الذين سبقوه إلى البرزخ ، و عرفاناً لذكراهم العطرة سوف اًورد أسماءهم هنا: 1. لقمان الامين 2. عمر محمد الحسن. 3. بشير محمد علي 4. محمد الفكي عبد الرحمن. 5. سيف الدولة محمد الفكي 6. د. عبد القيوم البشير 7. الصيدلي عبد الرحمن عمر 8. محمد صديق إبراهيم . معذرة إذا فات علىّ ذكر بعض الأسماء ، فالحزن الآن هو سيّد الموقف ، و أنا اكتب من ذاكرةٍ عصفت بها الاحزان و أضعفتها فليكن الله في عوننا، هو مولانا و نعم النصير. أخوك المحزون. الطيب حسن. مانشستر. 23/3/2025
03-24-2025, 01:42 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب الفنان التشكيلي والشاعر العوض مصطفى العوض من مصر يا للخزن ويا للدمع المُزن ويا للصبر الوهْن
قلّ سؤالي عن صحتك في الآونة الأخيرة لأني كنت ( خايف من زي دا) كنت أخاف حتى تصوّر أني لا أتصل بك نقضي الوقت الطويل في استرجاع أيام خلت وخُوَّة لم يزدها الدهر إلا تماسكا.. والدتك وإخواتك وإخوانك هم أسرتي قبل أن يفرقكم الزمن وأنت تفرّ جناحك فوقهم جميعا تظلهم من هاجرة الزمن وجور الأيام في تفانٍ نادر.. تفانيك في الفكرة واهتمامك الذي يفوق الوصف.. نعم، الأيام كفيلة بأن تفت في عضد الحزن.. أعلم ذلك من تجارب عشتها ما كنت أظن أنني أحيا بعدها، وتأتي الأيام وتبقى ذكرى.. يحق لي أن أدّعي أني كنت أقرب الناس إليك ولكنه إدعاء أعلم وهنه لأن الذي يعرف طبيعتك يعرف أن هذا ديدنك بين كل الناس.. عزائي لأختي انتصار الصامدة ولابني محمود الذي قام بدور الكبار لأنك علمته المسؤولية مكاففة.. لشقيقاتك وأشقائك وأعلم كم الحزن الذي يعتريهم الآن.. لجميع الأخوات والإخوان الجمهوريين.. ولي.. ولي.. ولي.. حتى تنقشع سحابة الحزن يا أحمد.. لك الله في برزخك وهو أكرم الأكرمين.. ولنا من بعدك الأثر الذي تركته والبصمة التي كنت تعززها ما حييت.. فنم في كنف الرحمن.. إنا لله وإنا إليه راجعون
03-24-2025, 01:43 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
إنا لله وإنا إليه راجعون.. رحم الله الأخ العزيز أحمد محمد أحمد البشير لقد كان متعلقا بالفكرة وبالأستاذ تعلقا ملك عليه كل حركاته و سكناته. عشنا معا في بيت الأخوان بودمدني في معية الأستاذ سعيد حياة كانت عامرة بالدين وكان الأخ أحمد شعلة من النشاط تجده مرة يتقاسم الخدمة مع محمد موسى في بيت أستاذ سعيد لإكرام الضيوف وللخدمة العامة وتجده في بيت الأخوان يقوم على الخدمة هناك ثم تجده في الحملة وسط الأخوان والأخوات وكذلك في الجلسات. ثم عندما انتقل إلى الخرطوم بعد أن تم انتدابه للدراسة في كلية الفنون الجميلة واصل حركته في كلية الفنون الجميلة فكان المقدم الأساسي لأركان النقاش هناك فلفتت حركته كثيراً من طلاب كلية الفنون مما دفع بعضهم للحضور لمقابلة الأستاذ للاستفسار عن بعض جوانب الفكرة و قد أتى بهم الأستاذ أحمد محمد أحمد البشير إلى منزل الأستاذ فتمت لهم جلسة مسجلة عام ١٩٨٢. تمَّ اعتقال الأخ أحمد محمد أحمد البشير في سجن كوبر مع بقية اخوانه الجمهوريين كتتويج لحركته تلك الدؤوبة ثم خرج مع إخوانه من الاعتقال. ولما تم التنفيذ وتوقفت الحركة ثم ظهر نشاط الجمهوريين بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كان الأخ أحمد من المشاركين الذين لا يتوقفون عن الكتابة في كل جوانب الفكرة، حتى وهو يعاني من المرض. فالأستاذ أحمد كان يحب الأستاذ ويحب الفكرة ويحب الجمهوريين لأنه كما قيل إذا أحب شخص شيئاً أكثر من ذكره. هذه بعض كلمات أردت أن أقولها في حق الأستاذ أحمد محمد أحمد البشير الذي تعرّف على الفكرة الجمهورية في قريتنا الرميتاب عندما كان معلماً في مدرسة الرميتاب الابتدائية للبنات. فقد جاء الأستاذ سعيد لإقامة محاضرة في نادي الرميتاب بترتيب من الأخ الأستاذ سليمان الوسيلة بواسطة المساعد الطبي للقرية صالح مصطفى نسيب الأخ سليمان الوسيلة. أن ما خططته من كلمات هنا لا يعدو أن يكون ظلاً باهتاً لتاريخ الأستاذ أحمد محمد أحمد البشير و لحياته التي أشرقت بالفكر وتعطرت بالذكر. ألا رحم الله الأخ أحمد وانزله منازل الصديقين القربين وجعل البركة في زوجه انتصار وابنه محمود وبقية أهله وإلى كل الأخوات والأخوان الجمهوريين.
الريح حسن خليفة
03-24-2025, 01:45 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
كتب د. صلاح فرح من كالفورنيا سلام يا كرام أعزيكم وأعزي نفسي في أخي العزيز أحمد محمد أحمد البشير الذي قدمني للأستاذ محمود محمد طه يوم التزامي للفكرة الجمهورية.. وفاة الأخ أحمد في شهر مارس ذكرتني حادثة اعتبرها كرامة من كراماته حدثت في مارس ١٩٨٣ في ركن نقاش للأخ أحمد في جامعة السودان (معهد الكليات التكنولوجية، سابقا).. كان الركن مزدحما جدا بالطلاب والعاملين في المعهد، أذكر من بينهم أحد الموظفين من الوهابية كان يتقدم الصلوات في مسجد المعهد القريب من داخليات STS.. كان الأخ أحمد موفقا ومسددا جدا في حديثه في الركن حيث استشهد قائلا: (ربنا قال في القرآن لنرسل عليهم حجارة من طين).. في تلك اللحظة صرخ الإمام الوهابي مطالبا بإيقاف الركن وقال: (الجمهوريين بقوا كمان يألفوا في القرآن.. أنا في طفولتي ختمت وحفظت القرآن وما حصل لاقتني عبارة حجارة من طين القالها أحمد دي).. بعد ذلك حصل هرج شديد في الركن وطالب الحضور الاخ أحمد بأن يذكر السورة التي استند عليها.. وهنا صاح أحد الطلاب وقال: (يا جماعة، المسجد قريب أنا حا أجيب لكم منه مصحف عشان نحسم الكذب دا).. جرى الطالب وأحضر المصحف وناوله للأخ أحمد.. في تلك اللحظة هدأ الجميع ونظرات الشماتة في أعين كثيرة وخصوصا الإمام الوهابي.. تناول الأخ أحمد المصحف وفي حركة واحدة فتح عشوائيا المصحف وطلب من أحد الحضور أن يقرأ بصوت عال من نقطة حددها له الأخ احمد، فقرأ: (قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين).. في تلك اللحظة بهت الحاضرون واختفى عن الأنظار ذلك الإمام الوهابي ولم يشاهد بعدها في أركان النقاش.. اسأل الله ان يتقبل الأخ أحمد محمد أحمد البشير خير قبول مع المصطفين المقربين.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. صلاح أحمد فرح
03-24-2025, 07:53 AM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
سلام يا حبيبنا الجميل د. ياسر، ما لاحظته في الإخوان الجمهوريين، حبهم ووفائهم لبعض، حاجة ما شفتها عند أي مجتمع، الواحد يتمنى يكون من مجتمعكم الراقي هذا، هذه القيم التي تحملونها إنتهت عند البشر.
03-24-2025, 08:30 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
بسم الله الرحمن الرحيم (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) صدق الله العظيم كان فقيدنا الحبيب يحب الاستاذ، ويحبه الاستاذ ،حتى أصبح ممزوجا من نور الفكرة ..الغفلة عن الفكرة، او ادارة ظهره لها ليست واردة في قاموسه..لذا كانت حياته كلها عملا في نشر الفكرة، بكل الوسائل المتاحة عنده ..كان الاستاذ يصف المخلصين(بفتح اللام) والمخلصين(بكسر اللام) بعبارة:المما عقدوا ما نقضوا ..فقد كان فقيدنا منهم ،اخلاصا، وصدقا، ووفاء.. القروبات التي انشأها احمد كانت هي مدده في الحياة، ومدده في المرض، وهي الان مدده في الممات .. الكثير من الناس، ومن غير السودانيين ، انتفعوا بقروبه الذي خصصه للاجابةعلى اسئلة الأصدقاء، وكانوا يتابعونه بانتظام، وفي مرضه الأخير كانوا يهاتفوني يسألون عنه .. كتبت لابنه محمود أن اباك انتقل في العشر الخواتيم من الشهر الفضيل، كأنه كان يسابق موعدا مع ليلة القدر، ليتنزل فيها مع الملائكة الذين هم اعوان المسيح ، يزفون العريس الى العالم كله، والى سوداننا الحزين، الذي اضناه النزوح، وألم الجروح، وكثرة الدماء السائلة منه، على كل شبر من ارضه البريئة الطائرة .. يا محمود بالله عليك، عزي امك نيابة عني، فاني لن أقو على ذلك ،فعندما عزيتها في حبيبنا محجوب وهو خالها، ظللت ابكي معها لمدة تزيد على العشرة دقائق، وانا ممسك بالتلفون..وسوف تكون الآن ، أكثر من ذلك بكثير، إذا عزيتها في احمد ..وفي هذه الايام فان دموعي تنهمل في أقل من ذلك، فكيف تكون في احمد..لقد حذرتني بنتي فاطمة من كثرة البكاء، وقالت انه يذهب بالبصر على مصداق الآية (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ),, ورغم ذلك حاولت عدة مرات أن اتصل بالتلفون ،لاعزي الأخت انتصار ،ممسكا بكفني على يدي اليمنى والاخرى بالتلفون ،الا انه في كل مرة لا يجيب .. حياتي مع احمد كانت مليئة بروح عالية من الود ،والتقدير، والتدين العميق..عندما انتهت مراسيم زواجهما بمدينة مدني ، وتفرق عنهم الجمع ،اكرمني الأخ احمد، وشرفني، بان طلب من الأخ بروف عصام البوشي أن يوصله وزوجه الى منزلنا بحي مايو في مدني، وظلا ضيوفا عزاز معنا لفترة جميلة من الزمن ..وصادف بعدها أن توفت والدتي وذهبنا الى كسلا ،لما يقارب الشهر، وبقي احمد وانتصار بالمنزل يملؤنه نورا وبهاء.. ورجعت من كسلا حازما امتعتي ،وعازما السفر الى السعودية، بعد أن اذاقني الكيزان الأمرين في العمل .. كان احمد يزورنا بانتظام بعد أن ارتحل الى منزل اهله بالمزاد، ونتلاقي في منزل الاستاذ سعيد ،او في منتزه مسك الختام .. ساعدني احمد على السفر فلولا الله، ثم احمد، لما تمكنت من السفر الى السعودية ،التي مكثت بها ما يقارب الخمس وعشرون عاما..وعندما وصلنا الخرطوم ،لنغادر منها الى السعودية، طلب احمد من استاذ عبد اللطيف أن نبيت معه تلك الليلة، ونغادر من منزله الى المطار مباشرة، على أن نلتقي باستاذ عبد اللطيف في المطار .. وعندما رجعت من السعودية، بعد أن قبرت التومة بالشيخ حمد النيل، سكنت في بري المحس، وكان احمد في كافوري بالقرب منا ،فكنت ازوره بانتظام بصحبة الحبيب محمد صادق جعفر ..والمشاهد معه كثيرةولا يمكن أن احصيها هنا، ولكني اذكر منها واحدة عالقة بالذهن لا تنسى.. عندما لزم احمد سرير مستشفى رويال كير، وكانت المستشفى قريبة منا، فقد كنت والاخ محمد صادق، نزوره بانتظام ،ولما خرج من المستشفى، ولم نكن على علم بخروجه، طلب من انتصار ومحمود أن يمروا علي بالمنزل أولا، قبل الذهاب الى منزلهم،وقد كان أن فعل ..فهل سمعتم بمثل هذا الوفاء من قبل !!؟؟.. كان يقول لي بصورة متكررة، انه يحاول جاهدا أن يعاملني بنفس الطريقة التي كان يعاملني بها الاستاذ.. فلذا ظل احمد اخا، وحبيبا وفيا، لم أشعر يوما أن تغير خاطره ضدي، منذ أن غادرنا الاستاذ حسا في عام الفداء ..ودائما يشعرني بأن لي مكانة مرموقة في داخله، بل يقولها لي لاسمعها بصوته الجميل الشجي، في كثير من الاوقات.. وكانت افضاله تنهال علينا باستمرار ،بواسطة ابنه الوفي محمود.. كان حضورا انيقا ،في كل المناسبات التى مرت باسرتنا، متوكأ على عصاه تجارة ،وعلى محمود تجارة أخرى ،وذلك باصرار منه على المشاركة الحسية وعدم التخلف رغم تقديرنا لظروفه .. أستمر مرضه زمنا ليس بالقصير،بسبب من الله ،وسبب من ذلك المسمار اللعين، وظل حبيس الفراش لسنين طويلة،وكان قبلها قد برع وحقق نجاحا كبيرا في عمله، وفي شركته الخاصة، عملية السقف المستعار ..ولكن ذلك الحبس لم يفت من عزمه، ولم يضعف من همته ،ولم تلن له قناة، بل ظل مرفوع الرأس متفائلا، يملأ الساحات كلها كتابة وحديثا وابتسامات, واملا .. الكتابة عنه تطول وتطول واظن الاخوان سيكتبون عن سيرته الكثير فقد كانت علاقته بالجميع ممتازة، وفي قمة ،ومن جميع الاطياف.. آخر مشاهدة لي معه كانت في رمضان الحرب اللعينة, فطرنا معهم بصحبة محمد صادق وبنتي امنة،وكانت جلسة عامرة بالدين والدنيا ..وبعدها افترقنا مع النزوح المجيد شرقا وغربا ..ونزح احمد مع اسرته الى الشمالية ..ورغم أن اغلب اسرتهم نزح الى مصر الا ان احمد اصر على البقاء في السودان دون مزايدة او مكابرة في ذلك، وتركها حاجة في نفس يعقوب قضاها ،كمشهد خاص به، مع أن حالته الصحية تحتم عليه أن يكون اول الخارجين من السودان .. لكنه الحب والعشق لهذا الوطن العزيز.. ولما اشتد به الحال المرضي، وكان القرار ان يسافر الى مصر، توقف في بورتسودان لاتمام اجراءات السفر، واشتد عليه المرض أكثر، وادخل العناية المكثفة، وفاضت روحه الطائرة بعد معاناة طويلة وكبيرة،وهو في انتظاراتمام اجراءاته..ولكن حبسه الله في الارض التي يحبها، فقد استجاب الله له واتم رغبته بالا يغادر البلاد التي يعشقها ليقبر فيها .. (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ﴾ .. واختم بدعاء النبي الكريم عندما كان يصلي على أحد المسلمين : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ،واكرم نزله واوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الابيض من الدنس ،وابدله دارا خيرا من داره ،واهلا خيرا من اهله ،وزوجا خيرا من زوجه ،وادخله الجنة واعذه من عذاب القبر وعذاب النار .. وصلى الله على النبي الكريم
جبريل محمد الحسن
04-01-2025, 00:20 AM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
يمين الصورة الأستاذ مختار مختار ويسارها عضو المنبر الدكتور عبد الله عثمان
كتب الباشمهندس جبريل محمد الحسن من الدمام بسم الله الرحمن الرحيم (وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا) صدق الله العظيم ودعنا بالأمس عزيزين من الاخوان، رفضا الا أن يكون عيدهما خلف اسوار عالمنا المادي هذا (العيد هناك احضروا)..أحدهما انتزعته المنية من قمة الحضارة والعمار، وآخر فاضت روحه من بين اكوام الدمار ،والتخلف ،والهمجية، والوحشيه .. خضني الخبر كثيرا ،وقد قرأت الخبرين في وقت واحد ،وظننت اننا سنذهب اليه زمرا، وقد حان الوقت لذلك .. واذا رجعت بالذاكرة في قراءة الايام، وتاملت في تدبير العناية الالهية لحياتنا ، فسوف أتذكر عصر يوم الخميس ٦ يناير من عام ١٩٧٢ حيث كنت بصحبة الأخ يحي حسن احمد، وهو يقدمني الى الاستاذ محمود ،لأول مرة ..طرقنا الباب ،وفتحه لنا شاب أنيق، جميل المنظر، وعرفت مؤخرا انه الاخ مختار مختار.. وانه ولد البيت، وهو من يقوم بخدمة الزوار في وقت راحته.. في أحد الاعياد، وكان الذكر بعد صلاة العيد، بساحة جامع الحارة الرابعة، اعتدت جماعة من شباب الاخوان المسلمين، على حلقة الذكر ..وكان الاعتداء عنيفا ..وبفضل الله استطاع الأخ مختار، وصاحبه دكتور احمد المصطفي المبارك، أن يصدا ذلك الاعتداء ببسالة وشجاعة فائقة، وكانا بحق ابطال وفرسان ذلك اليوم(فارس الميدان في يوم الرهان ) ..وكان مختار في كثير من محادثاته معي, يذكر لي اشادة الاستاذ بموقفها البطولي ذاك، الذي استطاع أن يوقف التهجم والاعتداء السافر، ويكسر عنجهية الكيزان، ويلزمهم حدهم ..ويقول له الاستاذ لولا تلك المواجهة القوية، لطمع السلفيون فيكم ،ولطاردوكم الى بيوتكم .. سألت الاستاذ يوما ،عن فارس الضباينة محمود ود زايد، هل له قدم في الولاية؟ وهو لم يعرف عنه عبادة او كثرة تدين؟ فقال لي :هل هناك ولاية أكثر من الشجاعة والكرم ؟؟وهو ما اشتهر بهما محمود ود زايد ..وهو ما كانت عليه حياة فقيدنا أيضا ،ويزيد عليه التزامه بطريق محمد.. كان مختار هو رجل البيت(بيت الاستاذ محمود) ،وكانت الخدمة كلها على رأسه، من الالف الى الياء..وحكى لي مختار موقفا مع الاستاذ، فقال أن الاستاذ تحدث معه يوما بلهجةحادة، وطلب منه أن يخرج من المنزل، ويغادره الى مكان آخر ، فرد عليه مختار بانه لن يخرج لانه لايعرف منزلا له غير هذا المنزل..فنظر الاستاذ في وجهه مليا ، ثم احتضنه، وقال له: انا قلت لك هذا الكلام عشان أعطيك فرصة، أن كنت تري آني احبسك هنا للخدمة، وانت في داخلك ترغب في الخروج، وان تتحرر من هذا السجن ،أن ترى في كلامي لك اذن، ومناسبة، لتلبيةرغبتك، وتشجيعا لك لتمارس حياتك الخاصة،كما تريد ، ولكني ،والحمد لله ،تأكد لي انك تخدم هنا لأنك تري أن هذا هو واجبك، وبرغبتك، وهذه اسرتك ومنزلك ، وفعلا يا مختار هذا منزلك، ولا منزل لك سواه.. في جلسة وداع مختار، وهو ذاهب الى امريكا ،قال الاستاذ أن مختار ذاهب الى بلد مجهولة ،في مهمة مجهولة..وهو الآن، بالنسبة لنا، ذاهب الى مكان مجهول، في مهمة مجهولة أيضا .. كان يردد لي في محادثاته معه، أنني كنت السبب في ذهابه لامريكا ،فقد كان ينوي الذهاب الى كندا،الا أنني كنت اصر عليه أن يذهب لأمريكا .. وانا لم أتذكر ذلك، واعترف انه كان فضلا منه ،اراد أن ينسبه لي.. عندما رجعت من بريطانيا، في اول الثمانينات، استقبلني مختار داخل المطار ،في موقع استلام الامتعة، وانا حسب خطابات الاستاذ لنا هناك، المليئة بالمحبةوالاستلطاف ، قلت بعفوية لمختار هل حضر الاستاذ لاستقبالنا؟ فضحك مختار ،بقهقهة ساخرة، وقال لي هل سمعت يوما أن الاستاذ ذهب المطار لاستقبال أحد؟ بل انا الذي حضرت لاستقبالك .. كان يتصل بي تلفونيا، من وقت لآخر ،ولساعات طويلة، يحكي لي عن ذكرياته مع الاستاذ، منذ أن عمل معه جنزرجي في مشاريع الرنك والجبلين، وكيف انه كان يحمل قامة المقاسات، ويجرى بها الى الموقع المحدد لها، والاستاذ يحمل منظار التلسكوب..قال الاستاذ دائما أسرع منهم في الحركة،وانشطهم واكثرهم حيوية، ويصل الموقع قبلهم، حاملا التلسكوب والحامل الثلاثي (السيبا)..والاستاذ رغم انه ،كما يقول المثل : كان سيد روحه في العمل ،الا انه كان يلتزم باليونوفورم الذي تتطلبه المهنة (الكرفتة، والشرابات الطويلة، والشورت تحت الركبة، والحذاء الجلدي، واحيانا الكسكتة )، وذلك احتراما وتقديرا للمهنة ..وقال مختار كنا نلاحظ ان من سرعة حركته، فقد كانت الكرفتة تدفعها سرعة الرياح فتتدلى على ظهره خلف صدره عندما يركض ..كان الاستاذ يحضر للعمال معه ما لذ وطاب من الطعام، اما هو فقد كان لا يأكل معهم، ويكتفي طوال اليوم بامتصاص ليمونة،يضعها على فمه .. ومن المغامرات، التى حكاها لي مختار مغامرة متفردة، ولا اظن انها يمكن أن تخطر، مجرد خاطرة ،على عقل أي جمهوري .. وآثرت أن اوردها هنا قبل أن يطوى ملفه، وتذهب هذه المغامرة ادراج الرياح.. قال انه رجع من امريكا بعد أن عرف باعتقال الاستاذ في منزل بونا منوال..وبمجرد وصوله الخرطوم عرف أن الاستاذ لديه مقابلة مع دكتور ملاسي اخصائي الاسنان، نظمتها الاستاذة بتول ..فذهب هناك وقابل الاستاذ ،في مشهد وجداني عاطفي ، عالي السمو لا يسع المجال لذكره هنا.. مختار يحب الاستاذ محبة بلا حدود، وعلى استعداد تام ،ليضحي في سبيلها بكل مرتخص وغال ..أكثر من ذلك، فانه لا يبالي أن يدخل في أي مغامرة، مهما كانت خطورتها ورعونتها ،دون ان يفكر في تبعاتها او عاقبة امرها ،ما دامت هي من اجل الاستاذ، والدفاع عنه ..وكمثال لذلك المغامرة التي تمت الإشارة إليها اعلاه : قال في اليوم الثاني لوصوله استلف عربة دكتور احمد المصطفي واتجه بها مباشرة لمنزل بونا منوال ،وكانت خطته ،كما ذكر لي، أن يقوم باختطاف الاستاذ من منزل بونا ،ويستأجر التكاسي الجوي، لنقله الي اديس، ومنها الى امريكا .. دخل بعربته مبني منزل بونا ، دون أن يستأذن من الحرس، ولم يوقفه الحرس، ظانين انه أحد افراد امن الدولة ،كما كان يظهر من شكل مختار ..ساعد مختار على ذلك، انه كان يعمل ضمن القوات الخاصة بالقوات المسلحة في يوم ما .. رآه الاستاذ، وكان واقفا خلف الشباك ،فخرج اليه، فاخبره مختار بما ينوي عمله ..فقال له الاستاذ اول ىشيء تخرج سيارتك هذا من المبني، وتوقفها بالخارج، ثم تطلب الأذن من الحرس ليدخلوك ..وعرف مختار أن الحرس لن يسمحوا له بالدخول مرة اخرى، بل قد يحاسبوه على دخوله بدون اذن..فركب سيارته وخرج دون أن يتحدث مع الحرس ،واتجه مباشرة الى مكتب عمر محمد الطيب .. لم يكن عمر موجودا، ولكن كان المكتب مفتوحا، فدخل وجلس على كرسي الضيافة، وكان الوقت مبكرا، ولم يحضر اغلب الموظفين ..صادف أن مر بالقرب من المكتب مجموعة من الضباط، فشاهدوا مختار بالداخل فدخلوا عليه، وسألوه عن سبب دخوله المكتب، فرد عليهم بانه جاء لمقابلة عمر محمد الطيب ليسأله عن سبب اعتقال والده الاستاذ محمود محمد طه .. طلب منه أحد الصباط أن يذهب معه الى مكتبه ،وهناك عرفه مختار بنفسه وذكر له انه جاء من امريكا وعرف بالاعتقال هنا ..ويظهر أن رجل الامن كان يعرف معلومات كافية عن مختار، فقال له انت أخو بتول؟ ..فرد مختار بالايجاب..اتصل رجل الامن بالاستاذة بتول وقال لها اخوك المجنون معانا هنا ارجو الحضور فورا لاستلامه ..وجاءت بتول وخرج معها مختار ليرجع بعدها الى امريكا مرة أخرى، بدون أن يظفر باختطاف الاستاذ، واسدل الستار على تلك المغامرة المجنونة .. قبل شهرين اتصل بي مختار وقال لي انه يقرأ في مقالة كتبتها انا في الاحتفال بالذكرى،٢٧ ..رغم انه مضى عليها أكثر من ثلاثة سنين ،قال انه يقرأها بانتظام واعاد نشرها على الفيس مرة اخري، وارسلها لي في الماسنجر ..فكيف عرف مختار اني قد كتبتها من قلب عشوق وبدمع هتون حتى تعلق بها بهذه الصورة .. ابى مختار، وفاء لعلاقته معي ،الا أن يحضرني مراسيم دفنه ..فتحت الجوال على غير موعد مني، ولا تدبير مسبق ، فاذا بي مع الأخ لطفي في بث مباشر لنقل مراسيم الدفن ..تتبعتها كلها ،من البداية وحتى الختام، ودموعي لم تتوقف ولا لحظة وكانني كنت واقفا وسط الحاضرين ..ولم اشك لحظة في انها وفاء من مختار، اراد أن يختم بها سلسلة الوفاء معي في هذه الدنيا .. احر التعازي للاستاذة بتول والاستاذة اسماء وسميةوالاساتذة ماريا وسعدية وصفية .. رحم الله كذلك اخونا محمد على وديدي، الذي تزامنت وفاته مع مختار ..فقد كان شعلة من النشاط والتفاني والتجرد ،من اجل الفكرة ..كان يسكن بعيدا من منزل الاستاذ، في الصحافة، الا انه كان متواجدا ،حيثما تتواجد الحركة ،حتى لتظن انه من سكان الثورات المجاورة للحارة الاولى.. بعد توقف الحركة ظل وديدي يكتب ،ويوثق،ويعلق ،ويحلل لكل الأحداث من تاريخ الاعتقالات، واسماء المعتقلين، واماكن اعتقالاتهم ،وعن كل المواجهات، ويكتب عن قصة الخلق ،وعن المهدي والمسيح ،وعن المجتمع الجمهوري، ويشارك في كل المناسبات داخل وخارج العاصمة في الافراح والاتراح .. وظل متمسكا برائحة التراب السوداني ،حتى آخر رمق منه .. قفلت المستشفيات، والصيدليات ،وهاجر الاخوان خارج السودان ، والدكاترة، والممرضين ، وقفلت الاسواق ،وانتشرت الدانات واتشتت الرصاص، وخلت البيوت والأحياء، من الاهل والاحباب، والجيران ،وظل فقيدنا مرابطا، ليس في السودان فحسب ،وانما في الصحافة ،حيث مولده الروحي، ومنبع صفائه الفكري ،والوجداني .. عاش ايامه الأخيرة وحيدا، ومات وحيدا ،مثل الصحابي الجليل ابي ذرالغفاري، الذي مات بالربذة وحيدا، كما تنبأ له النبي الكريم بذلك .. رحم الله موتانا جميعا..وكشف الله عنا العذاب، فأنا مؤمنون، وانزل علينا السلام والوئام، في كل ربوع بلادنا ،ونزع الضغائن، والاحقاد، من قلوبنا، وجمعنا على المحجة البيضاء ،والزمنابالسنة النبوية الطاهرة النقاء ..وانزل علينا المبعوث فينا.. فقد زاغت بنا الابصار ، وبلغت القلوب الحناجر ..
جبريل محمد الحسن
04-01-2025, 02:24 PM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
نسأل الله أن يرحم فقيدنا مختار مختار محمد طه وينزله منازل المقربين ويحسن في فقده عزاءنا وعزاء أسرته الصغيرة والكبيرة وكل آل محمد طه والجمهوريين ويجعل بركته فينا وفيهم أجمعين. إنا لله وإنا إليه راجعون شكرا لك يا النذير لنقل كتابة أخينا الحبيب جبريل محمد الحسن.
04-01-2025, 03:11 PM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
نسأل الله أن يرحم فقيدنا محمد علي جعفر وديدي وينزله منازل المقربين ويحسن في فقده عزاء الأسرة والأهل والجمهوريين كافة ويجعل بركته فيهم وفينا أجمعين. إنا لله وإنا إليه راجعون
04-07-2025, 08:51 AM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50867
كتب الأخ جبريل محمد الحسن ما يلي عن فقيدنا العزيز مختار مختار محمد طه:
Quote: ومن المغامرات، التى حكاها لي مختار مغامرة متفردة، ولا اظن انها يمكن أن تخطر، مجرد خاطرة ،على عقل أي جمهوري .. وآثرت أن اوردها هنا قبل أن يطوى ملفه، وتذهب هذه المغامرة ادراج الرياح.. قال انه رجع من امريكا بعد أن عرف باعتقال الاستاذ في منزل بونا منوال..وبمجرد وصوله الخرطوم عرف أن الاستاذ لديه مقابلة مع دكتور ملاسي اخصائي الاسنان، نظمتها الاستاذة بتول ..فذهب هناك وقابل الاستاذ ،في مشهد وجداني عاطفي ، عالي السمو لا يسع المجال لذكره هنا.. مختار يحب الاستاذ محبة بلا حدود، وعلى استعداد تام ،ليضحي في سبيلها بكل مرتخص وغال ..أكثر من ذلك، فانه لا يبالي أن يدخل في أي مغامرة، مهما كانت خطورتها ورعونتها ،دون ان يفكر في تبعاتها او عاقبة امرها ،ما دامت هي من اجل الاستاذ، والدفاع عنه ..وكمثال لذلك المغامرة التي تمت الإشارة إليها اعلاه : قال في اليوم الثاني لوصوله استلف عربة دكتور احمد المصطفي واتجه بها مباشرة لمنزل بونا منوال ،وكانت خطته ،كما ذكر لي، أن يقوم باختطاف الاستاذ من منزل بونا ،ويستأجر التكاسي الجوي، لنقله الي اديس، ومنها الى امريكا .. دخل بعربته مبني منزل بونا ، دون أن يستأذن من الحرس، ولم يوقفه الحرس، ظانين انه أحد افراد امن الدولة ،كما كان يظهر من شكل مختار ..ساعد مختار على ذلك، انه كان يعمل ضمن القوات الخاصة بالقوات المسلحة في يوم ما .. رآه الاستاذ، وكان واقفا خلف الشباك ،فخرج اليه، فاخبره مختار بما ينوي عمله ..فقال له الاستاذ اول ىشيء تخرج سيارتك هذا من المبني، وتوقفها بالخارج، ثم تطلب الأذن من الحرس ليدخلوك ..وعرف مختار أن الحرس لن يسمحوا له بالدخول مرة اخرى، بل قد يحاسبوه على دخوله بدون اذن..فركب سيارته وخرج دون أن يتحدث مع الحرس ،واتجه مباشرة الى مكتب عمر محمد الطيب .. لم يكن عمر موجودا، ولكن كان المكتب مفتوحا، فدخل وجلس على كرسي الضيافة، وكان الوقت مبكرا، ولم يحضر اغلب الموظفين ..صادف أن مر بالقرب من المكتب مجموعة من الضباط، فشاهدوا مختار بالداخل فدخلوا عليه، وسألوه عن سبب دخوله المكتب، فرد عليهم بانه جاء لمقابلة عمر محمد الطيب ليسأله عن سبب اعتقال والده الاستاذ محمود محمد طه .. طلب منه أحد الصباط أن يذهب معه الى مكتبه ،وهناك عرفه مختار بنفسه وذكر له انه جاء من امريكا وعرف بالاعتقال هنا ..ويظهر أن رجل الامن كان يعرف معلومات كافية عن مختار، فقال له انت أخو بتول؟ ..فرد مختار بالايجاب..اتصل رجل الامن بالاستاذة بتول وقال لها اخوك المجنون معانا هنا ارجو الحضور فورا لاستلامه ..وجاءت بتول وخرج معها مختار ليرجع بعدها الى امريكا مرة أخرى، بدون أن يظفر باختطاف الاستاذ، واسدل الستار على تلك المغامرة المجنونة ..
في عام 2008 في فرجينيا بالولايات المتحدة قام الأخ الأستاذ فائز عبد الرحمن بتسجيل ذكريات الأخ مختار في حلقتين أرجو أن تجد يا النذير الوقت لمشاهدتهما أدناه:
04-08-2025, 01:09 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
أزهري محمد أحمد بلول الاسكندرية/ واشنطون العاصمة في التعليق على هذه الصورة في الفيسبوك كتب الشاعر عدنان صدوقي أَزهَرَ (الأزهري)! ذو الوَجهِ المُنَوِّرِ! صاحِبُ القَلبِ النَّقي! والبَديعُ القِكَرِ! نَجمُهُ مُلَألِىءٌ! ساطِعٌ كالدُّرَرِ! قلبي هَواهُ .. لَم يَزَل رَسمُهُ في خاطِري! ذلكَ (الزّولُ) الّّذي مُتعَةٌ لِلنَّظَرِ ! رُؤيَتُهُ في كُلِّ حين! مُشرِقَةٌ كالقَمَرِ! مَعشَرُهً حُلوٌ .. شَهي! كالشَّهدِ .. ذَوبِ السُّكَّرِ! لا تَسأَلوني عن هَواي لِ {بَلّولِ الأَزهري}! حُبًي لَهُُ لا يَنتَهي! وَغَيرَهُ لا أَشتَري!!! *************** https://ibb.co/j9mD8G6p
04-08-2025, 01:12 PM
النذير حجازي النذير حجازي
تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 7183
Quote: في عام 2008 في فرجينيا بالولايات المتحدة قام الأخ الأستاذ فائز عبد الرحمن بتسجيل ذكريات الأخ مختار في حلقتين أرجو أن تجد يا النذير الوقت لمشاهدتهما أدناه:
أكيد ألف شكر يا حبيبنا الجميل د. ياسر على هذه الدرر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة