تفاجأت الأوساط الشعبية والسياسية أمس بخبر مغادرة الوفد الأمريكي، برئاسة مساعدة وزير الخارجية، مولي في، جدة، عائدا إلى بلاده، في ختام جولة للتفاوض غير المباشر بين الدعم السريع والقوات المسلحة، فشلت الأطراف في التوصل خلالها لصيغة فعالة لوقف إطلاق النار بعد هدنة الأيام الثلاثة، حسب تصريح مولي في، على أن تُستأنف عملية التفاوض عقب عطلة عيد الأضحى المبارك. وقد أصيب المواطنون الذين كانوا يتابعون المفاوضات للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار بخيبة أمل كبيرة، إذ يعني الحدث فشل الجولة التفاوضية، لا في التوصل لاتفاق وقف دائم لإطلاق النار فحسب، وإنما في التوصل لاتفاق هدنة جديدة أكثر فعالية وبالتزام، تغطي فترة العيد، بما يمكن المواطنين من التحرك، بعد طول حصار بين النيران وتحت القصف والنهب والسلب لممتلكاتهم واستمرار انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات وتوقف الأعمال، وغياب للأمن وتوقف دولاب العمل في العاصمة، ودار فور، وشمال كردفان. نفد خلالها مخزونهم من الغذاء، واشتدت حاجة مرضاهم للدواء والرعاية الصحية، ونضب معينهم المالي، فيما بدأ الكثيرون يفكرون، بعد معاناة لا توصف، في العودة إلى بيوتهم من مراكز الإيواء والنزوح واللجوء. إن فشل جولة التفاوض الأخيرة، في التوصل لأي اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤقت أو مستدام، يؤكد ما ظلت تشير إليه "الهدف"، بأن استمرار الحرب، لأقصى مدى، رغبة ذاتية لطرفيها، وبحسابات موغلة في الذاتية والمصالح الضيقة، كما يعني، ضمنا، إعطاء ضوء أخضر لاستئناف الاقتتال وإعادة الانتشار، والحصول على إمدادات، واستمراره بزخم أكبر. ومن المتوقع أن تشهد الفترة لما بعد عطلة عيد الأضحى، تصعيدا خطيرا في الحرب من قبل طرفيها، واستشراء عمليات النهب والاستيلاء على مقدرات وأملاك المواطنين، استباقا للجولة القادمة، بحسم عسكري يتطلع إليه كل طرف، أو بتحسن ملموس للوضع الميداني على الأرض، وإعادة التموضع والانتشار، يعزز موقف الفريق المعني عند طاولة التفاوض. ويتوقع أن يدفع المدنيون غاليا أثمان جديدة لهذا التطور في الحرب: آلافا من القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين والمعتقلين والمفقودين، بالتزامن مع المزيد من الانتهاكات والجرائم. غير أن هذا الهدر المجاني لأرواح السودانيين وما يرافقه من أضرار تصيب ممتلكاتهم وطمأنينتهم ومقدرات البلاد وبناها التحتية وزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي، ليس أمرا حتميا، لا مفر منه فالتصعيد القتالي المشار إليه كاحتمال راجح، من الممكن تفاديه في حالة عدم التوصل لأي اتفاق جديد، لا معنى له، حيث من الممكن تفعيل الاتفاق السابق، المعروف بالإعلان الإنساني لحماية المدنيين وإيصال المساعدات من خلال إيجاد أجهزة رقابة فعالة على الأرض لمنع القصف الجوي والمدفعي على المناطق السكنية وضمان أمنها وضمان خروج قوات الدعم السريع منها، بجانب توفير آليات لتأمين ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية والفصل بين القوات المتحاربة. وهي حزمة الإجراءات التي لا غنى عنها، لحماية أكيدة للمدنيين وقت الحرب. وهي أقل ما كان ينتظر من مفاوضات جدة في جولتها الأخيرة. عدم تحقق ذلك يجدد الاعتبار لحقيقة أن العامل المؤثر والفعال في وقف الحرب يظل رهين بتفعيل إرادة رفض الحرب ورفع مناسيب فعاليتها بمختلف وسائل النضال السلمي وتوسيع قاعدتها بتوحيد وتنسيق جهود مكونات قوى التغيير والديمقراطية حول وقف الحرب لإطلاق عمل سياسى يتصدى لمخلفاتها وأسبابها، بسلطة مدنية ديمقراطية، تلتزم ببرنامج الديمقراطية والتغيير الانتقالي المتوافق عليه.
كلمة الهدف حزب البعث العربي الاشتراكي 24 يونيو 2023م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست