كثيرون من ظنوا أن حرب 15 أبريل، التي شنها فلول الحركة الإسلامية بواسطة عناصرهم داخل الجيش، لا تعدو أكثر من كونها نزهة تستغرق ساعات أو أيام معدودات، أو حتى اسبوعين، كما في الرواية الأكثر استخفافاً بعقول السودانيين، التي جاء بها الفريق ياسر العطا! وأيضاً هناك مجموعة أخرى، أكثر عدداً وسذاجة من المجموعة الأولى، وهم الذين لا يزالون ينتظرون حسم هذه الحرب بذات السرعة، وبنفس أدواتها الحالية، حتى بعد الظهور البائس لـلفريق/ “شمس الدين كباشي”، والذي جعل كل حصيف يرى أطلال الخرطوم في الأفق القريب!
خرج “الكباشي” بالأمس لأول مرة من مخبئه منذ بداية الحرب، في جولة الـ (500) متر (حواجز) إياها، والتي سبقه فيها قائده “البرهان”، بعد أن خاب مسعاهم وتدنت أحلامهم السلطوية إلى مستوياتها “الواطية”، وصار الخروج من “البيدروم” هو الانتصار، بعد أن عزت الانتصارات في الواقع، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع بكل ميادين المعارك الحقيقية، بفضل استبسال جنودها، وتقديمهم بسالة منقطعة النظير، جعلت أسوار الخوف ترتفع ارتفاعاً عالياً!
كان خروج “الكباشي” رتيباً ومملاً ومخيباً للآمال – بالطبع آمال من كانوا يصورونه قائداً عسكرياً من الأفذاذ – فإذا به لا شيء سوى “كباشي”. كما كان خروجه خالياً حتى من الإثارة، فهو لم يخرج للناس قادماً من الحرب، حتى يروي لهم قصص الأبطال والشهداء التي دائماً ما تحكى في مثل هذه المواقف. ولم يخرج بعد أن تم أسره أوعقب محاولة اغتيال نجا منها، أو عملية فدائية قام بها، وإنما خرج للناس بعد أن ظل بسرير “بدرومه” زهاء الـ (55) يوماً، توقع فيها الناس موته كل يوم، إما بسبب الخيبة أو المرض، أو كلاهما!
وما هو أسوأ من خروجه الفاضح، هو ما تفوه به أمام جمع من جنوده، إذ ظل يصرخ ويرغي ويزبد، بذات شخصيته الحنجورية المعهودة. تحدث في كل شيء، دون أن يقول أي شيء مما توقع الناس أن يقوله، فهو لم يطمئن أحداً، ولم يشرح للناس سر تقهقر جيشه، أو يفسر لهم سبب إنهزامه بكل المعارك التي خاضها في الحرب، ولم يقدم خططهم العسكرية لدحر ما أسموه بـ(التمرد). بل ارتجل مفردات هابطة ومبتذلة، تثير السخرية والقرف في آن، مفردات لا تليق بقائد عسكري في ميادين القتال، وتليق بـ(قواد) في أزقة الليل، حيث تحدث على طريقة “كيد النساء”، معايباً ومخازياً، وكاذباً، مستخدماً ألفاظ على شاكله: “الدق” و”الدايات، وغيرها من ألفاظ بعض السوقة والساقطات على مواقع التواصل الإجتماعي، من أمثال: “سهير” و”داليا” و”رشان” و”عائشة”، وكل من بذلت نفسها رخيصة للعمل كـ (فتاة جيشا)!
وفتيات “الجيشا” لمن لا يعلم، هن فتيات استخدمتهن الحكومة اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية مقابل أموال، نظير تقديم المتعة والترفيه عن قادة الجيش!
إن “شمس الدين الكباشي” يمثل أنموذجاً باهراً لمأساة هذا الجيش، فإضافة إلى أن الجيش قد أصبح جيشاً عقائدياً حزبياً غير مهني، ومحض مليشيا تابعة للحركة الإسلامية. أيضًا تكمن مأساة الجيش في أنه يحتاج إلى “رجال” على مستوى القيادة، رجال بالمعنى الحقيقي للكلمة، لا معناها المبتذل، وما تمثله من خلاعة وخيانة، ظل يمارسها الرجل: منذ نجاح الثورة، مروراً بفترة الحكومة الانتقالية، وحتى الآن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة