عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجراي لو سمحت ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-06-2025, 09:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2023, 03:27 PM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجراي لو سمحت ..

    02:27 PM March, 04 2023

    سودانيز اون لاين
    يحي قباني-فى الدنيا العجيبة
    مكتبتى
    رابط مختصر



    ابو الريش ..

    كل المودة و السلام ..

    ياخي واحدة من الياذات وردي لا شك اغنية مافي داعي تقولي مافي ..

    و انا لا امل سماع هذا التسجيل بالذات ..

    كلمنا عن الاستاذ ناظر المدرسة العم محمد عثمان كجراي .. ان كان لك معرفة به و اسرته ..







                  

03-05-2023, 05:49 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: يحي قباني)

    أهلاً باشمهندس يحيى..

    شكرا على السؤال والثقــة.. ولا يعرف المسؤول أكثر من السائل.. معلومات عامة بس منها انه شاعر من البجـا. وما الى ذلك.
    ولكنى استشرت عمتنا ويكيبيديـا وهــذه كانت المعلومات التى تكرمت بها عن شاعرنا الكبيـر عليه رحمة الله.
                  

03-05-2023, 07:18 AM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: Abureesh)


    إرتعاشاتك بتحكي
    قصة أحلامك معاي
    وكل خفقة في قلبي نغمة
    تحكي ليكي شوقي وهواي
    إنت في بهجة شبابك
    وحبي ليك من غير نهاية
    مافي داعي ..
    ....
    يا قباني يخدر ضراعك
    دا الشعر البخلي شعرة جدك تكلب .
    عمك الناظر شاعر وعارف مزمار بديع
    يحكي عنه استاذ صديق المرضي وصديق
    من طلابو .
    يحكي انو كجراي يكتب القصيدة في الأول
    ك صفاره بي خشمو .
    بعد داك يلمها في الورقة .
    ودي طريقة فريدة في تفانين الشعر
    عليك الله شوق المقطع البقول ( ارتعاشاتك بتحكي قصة أحلامك معايا )
    شغل مارق ملحن .
    ربنا يرحمكم يا كجراي ويا وردي بقدر ما ابهجتونا.
                  

03-05-2023, 12:02 PM

محمد صديق عبد الله
<aمحمد صديق عبد الله
تاريخ التسجيل: 09-05-2017
مجموع المشاركات: 1896

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: يحي قباني)

    سلام قباني.

    أذكر أنني في مطلع هذه الألفية طلبت من الأستاذ وردي في أثناء بروفة بمنزله أن يغني هذه الأغنية فاستحسن الفكرة، ولعل هذا التسجيل ظهر بعد ذلك. يعني ممكن يكون لي الفضل في ظهور هذا التسجيل ههههه.

    وأذكر أنني والأستاذان عوض أحمودي وإسماعيل عبد الجبار بقينا مع الراحل وردي في حوش منزله بعد ذلك اليوم الطويل من البروفات، فهمست لأحمودي أن يبدأ عزف أغنية "تاجوج" للراحل كجراي، فغنّاها وردي وهو مستلق على السرير في الحوش وكأنه عثر على كنز مفقود، وتابع بالعزف الأستاذ المبدع إسماعيل عبد الجبار، الذي يحفظ معظم الغناء السوداني ويضيف إحساسه في تحديث اللزمات. وظهرت أغنية "تاجوج" بعد ذلك في تسجيل بالعود في تلفزيون السودان، ولكن بإيقاع السيرة بدلاً من الإيقاع الأصلي. وبرضو ممكن يكون لي الفضل في ظهورها.

    غنى وردي أغنية ثالثة للراحل كجراي باللغة الفصيحة وهي "بسمة الزنبق"، لكنه هجرها لانشغاله بأغنية "الطير المهاجر" في ستينيات القرن الماضي.

    وأكيد لا يفوتك يا قباني أن الراحل كجراي أهدى الراحل إبراهيم حسين أغنيتي "شجون" و"قالوا الزمن دوّار".

    (عدل بواسطة محمد صديق عبد الله on 03-05-2023, 12:38 PM)

                  

03-05-2023, 07:13 PM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: محمد صديق عبد الله)

    Quote: أهلاً باشمهندس يحيى..

    شكرا على السؤال والثقــة.. ولا يعرف المسؤول أكثر من السائل.

    لك التحية يا محمد ..
                  

03-05-2023, 07:15 PM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: يحي قباني)

    Quote: إرتعاشاتك بتحكي
    قصة أحلامك معاي
    وكل خفقة في قلبي نغمة
    تحكي ليكي شوقي وهواي
    إنت في بهجة شبابك
    وحبي ليك من غير نهاية
    مافي داعي ..
    ....
    يا قباني يخدر ضراعك
    دا الشعر البخلي شعرة جدك تكلب .
    عمك الناظر شاعر وعارف مزمار بديع
    يحكي عنه استاذ صديق المرضي وصديق
    من طلابو .
    يحكي انو كجراي يكتب القصيدة في الأول
    ك صفاره بي خشمو .
    بعد داك يلمها في الورقة .
    ودي طريقة فريدة في تفانين الشعر
    عليك الله شوق المقطع البقول ( ارتعاشاتك بتحكي قصة أحلامك معايا )
    شغل مارق ملحن .
    ربنا يرحمكم يا كجراي ويا وردي بقدر ما ابهجتونا.

    شكرا ابا عفان على المعلومات و المداخلة الممتعة ..

    مافي داعي من الاغنيات التي لا تفارقني و لا امل سماعها على الاطلاق ..
                  

03-06-2023, 06:32 AM

Ahmed Yassin
<aAhmed Yassin
تاريخ التسجيل: 01-31-2013
مجموع المشاركات: 5507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: يحي قباني)

    المحارب
    صاحب "صمت الرماد"
    في لغة البجا... كان مثل اسمه(كجراي) قاوم ورفض انقلاب عبود وكل الدكتاتوريات العسكرية
    انضم الى الثورة الاريترية مناضلا وثوريا وعضوا منذ الستينات بالفكر والقلم وتعليم اطفال اريتريا
    وبعد نجاحها استقر في اسمرا... كتب:
    أغلى ما أملك يا قلبي
    مهراً لعيون الحرية
    لبلادي في درب الأحرار
    تدك جدار الفاشية
    ما عاد كفاحك يا شعبي
    صفحات نضال منسية
    فارفع راياتك يا شعبي
    في المرتفعات الصخرية
    في حقل الحنطة مخضرا
    وعلى الأحراش الغابية
    من ( ساواة ) حيث الأرض هناك
    قلاع نضال منسية
    من بركة في وديان القاش
    وفي الطرقات الرملية


                  

03-06-2023, 06:33 AM

Ahmed Yassin
<aAhmed Yassin
تاريخ التسجيل: 01-31-2013
مجموع المشاركات: 5507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: Ahmed Yassin)

    وبعد شهور قليلة اتضح ان الثورة مثل كل ثورات افريقيا.. تاكل ابنائها... كتب:
    واقسم إني سأغسل عن وجهك العار
    أحرق في ساحة النور كل جذور المحن
    أطلي فأنك يا غادة الشجر ترنيمة الغاضبين
    وأنشودة في فم الغائبين
    ومقبرة للظلام الرهيب على برزخ الذل والانكسار
    وتوقا يقود الخطى لذرى المجد والانتظار
    فمدي يديك فهذا السكوت نذير بقرب سقوط الجدار
                  

03-06-2023, 07:45 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: Ahmed Yassin)

    قال عمنا محمد عثمان قال
    قبانى
    اختشى
                  

03-06-2023, 08:05 AM

مصطفى نور
<aمصطفى نور
تاريخ التسجيل: 05-13-2022
مجموع المشاركات: 5019

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: بدر الدين الأمير)

    الثائر كجراي.. شاعر الصمت والفجيعة..!

    ( نصّبوا الطاغي إماماً.. بايعوا تحت ظلال القصر جيفة)..!
    * من أي (مَنبتٍ) قطف الإلهام هذه العذوبة المُرّة؟! سؤال كبير يتضاءل في حضرة شاعر أكبر.. وهو مدخل متعدد المفاتيح لسياحة ممتعة (على قسوتها)..! فنحن أمام كون متداخل العَرَصَات؛ مركزه هذا الأسى العريض الذي يمثل عرش القصائد، والتي كان شاعرنا ملكاً متوجاً بذهبها وياقوتها..!
    * مثل فارس اختار الترجُّل في أشد الميادين ضيماً تسللت روحه، ليحقق شرط الغياب معاني الطمأنينة والانتصار على جحيم الوجود "الخاص ــ العام".. إنه محمد عثمان كجراي " 1928 ــ 8 أغسطس 2003م" شاعر أحرق شبابه بحثاً عن فردوس مفقود، ولمّا هدّت عواصف الترحال كيانه، عاد من منافي الذات والأرض، إلى منفى المعاناة والمرض، ولم يشاء أن يقول: "ها أنا أموت كما تموت الحرية في وطني"..! هذا الفارس حقق لبلاده صوتاً "ثورياً" فريداً في المحفل الثقافي ــ إفريقيا وعربياً ــ صوتاً سنامه "الكرامة الإنسانية" ومحوره لتفتيت أصنام الطغيان.. فهو المناضل ضد القمع والتجويع والجهل.. ثم كان حصادنا من بيدره حروف "واجعة!" رسم من خلالها "البؤس" بواقعية ثاقبة وصادمة، توقظ الضمائر وترعشها.. واقعية تقربنا من وجوه الضحايا في بلده:
    "ها هم الآن يقيمون صلاة الشكر
    في ظل الحراسة
    ثم يضفون على الجالس في العرش
    أساطير القداسة
    وتردَّى وطن الأغنية الخضراء
    في قاع التعاسة
    وجه من هذا الذي أنهكه الجوع
    وإفلاس السياسة؟!"
    * في سنابك الحقب الحجرية التي دارت عليه حتى أصابه دوار الغضب الجبار؛ حمل ديوانه "الليل عبر غابة النيون" مرائي السنوات العجاف للإنسان السوداني، ولم يكن قلب الشاعر سوى خافق بهذا الاعتلال.. كأنه يقرأ انفجارات الحاضر.. فما أشبه اليوم بالأمس بين جلاد وآخر:
    "نبرر أخطاءنا بالقدر
    فلا وطن نحن نحميه
    لا أمة تتجمع حين تهب رياح الخطر
    نتحدث عن أمة
    هي من خير ما أنجبته عصور البشر
    ويعجبنا صوت هذا الوتر
    وزاد مسيرتنا من لهاث الهجير
    يطاردنا الموت تحت ظلال الكدر".
    * وحين نجترُّ مقطوعته الجهيرة "اللائعة!" وهو ينتحب مفجوعاً في البلاد، ندرك كم هو معذب هذا المحارب:
    "وطن النسيان
    لا يثمر غير الحنظل الأصفر
    حقداً ومرارة
    يعرف الربح عقوداً ونقوداً
    ويرى في مقطع الشعر الخسارة
    حينما يمتد في ظلِ المصابيح المضيئة
    ظلُ سدٍ من تراب أو حجارة؛
    آه.. لا يبقى سوى أن ينزف الشعر دماً
    مرثية للفكر في عصر الحضارة
    فامضِ يا قلبي..
    فما نبضك إلاّ مقطعاً للحزن خانته العبارة".
    * قصائد كجراي في معظمها حملت تشابهاً وأعماقاً لا قرار في ظلمتها وعتمتِها... هل هي ظلمة المدائن الجديدة الكاشفة بالنيون ومدلهمة بخطو الطغاة؛ أم هي ظلمة النفس التي تفتحت عيون أغنياتها على غروب وغربة؟
    "وحدي مع الليل الذي
    يقطر الأحزان في مشاتل الخيال
    يكفي عزاءً أننا نصارع الظلام
    في انتشاره الرهيب
    نقول للناس ارفعوا رؤوسكم
    لأننا نعرف أن قدرنا
    يشرق من ذؤابة المغيب"
    * يستحضر المقطع من عذابات أهل السودان وحشة الليالي التي تنقلب فيها الآمال رأساً على عقب وتتحطم، ففي الظلام تُكتب "مقاديرهم" وما تزال.. أما عزاءات الشعراء فهي على بعثها للسلوى؛ لا تعدو سوى قطرات شافة لما هو أكبر من الحزن.. إنه ذلك الحريق الشامل لجثة وطن يتعدى المأساة إلى "مجاهيل السراب" الأخرى؛ وفي الإمكان أسوأ مما كان:
    "ركبنا خيول السراب
    نثرثر باللغة السائدة
    نبيع على واجهات الرصيف
    بضاعة أسلافنا الكاسدة
    كفرت بجيل ينمي الجذور؛
    مع العار يأكل في مائدة..!".
    * رغم اعتزاز كجراي "بالأصول" إلاّ أنه هكذا كثير الطواف في أصقاع التاريخ المحنط؛ حين يرى أن الصحارى لا تغادر رمل الثرثرة؛ يدفعها إلى ذلك وهم عريض ــ متأبلِس ــ ينتمي إلى جذور الخلافة والتخلف: (نبيع على الرصيف بضاعة أسلافنا الكاسدة..!) بيد أن حكمة الشاعر لخصها في هذا العوز: (ومن أعوزته خيوط الكرامة يسقط من محنة واحدة..!).. فالكرامة هي فطرتنا في الأصل؛ تحتاج منا شحذ الأسئلة في معرفة من نحن؟ خصوصاً وأننا أمة درجت على السقوط مراراً، حتى شارفت المحنة أن تكون "ركيزة!".. ومع كل هيول الجغرافيا الثاكلة، فللشاعر شرفة ضوء، لكن يستحضر الفجيعة ــ أيضاً ــ
    محكوماً بالمكان وجلاديه:
    "أنني الآن؛
    أدرك أن النهار لغة الضوء
    ينضح بالشوق وبالانبهار
    ولهذا أمقت اليوم ظل الجدار
    هو ظل الفجيعة
    والعدم المتسمِّر في قاعة الانتظار".
    * في مقاطع كجراي إحساس ملول بالأشياء، فربما ذلك لتشرُّبه من تفاصيل الحريق المزمن في بيئة الشرق السوداني؛ وغيرها من بَلاقِعِ البلاد "المسوسة!"؛ ما جعل سطوة الاغتراب في "غضبة الذات" أكثر إلحاحاً في الحضور داخل غرف الفجيعة "النصية"..! بل ليس الشرق وحده، إنما يحضرنا تشابه الصمت والظلام على أمداء "الخاص والعام ــ الداخلي والخارجي":
    "أعرف صحرائي التي
    يعبث في رمالها الظلام
    ويفرخ الصمت،
    فلا يورق في شحوبها الكلام
    أشهد في حديقتي تفرّق اليمام
    أوغل في طريقه..
    فالظلام عنكبوت
    مدّ خيوط الغدر في مخابئ الأغصان
    في مداخل البيوت
    يا شهداء الغدر عبر وطن؛
    لحظة المخاض في عشية انتصاره يموت".
    * كجراي من أهم الأصوات التي تعشق الحرية وتقدسها؛ وبالعودة إلى الـ(كم) في أعماله، نلحظ أنه دار كثيراً في الأسر بمفردات خشناء موحية للقلب: "الصمت، الظلام، الضياع، الكآبة، الانتظار، الهزيمة، العار" وجلّها نقائض للحرية، بالإضافة إلى غيرها من تعبيرات الحياة "الكلحة" التي لم تخلو من بعض الندى والورود في مفازات الشاعر "المحارب" وفيافيه؛ حيث يبرز الأسيان والمأساة مهما طرّزت الآمال بأندائها "أوراق النص".. فدائماً ثمة ذبول موحٍ بالشجن الصامت والفقد..!
    "أنا من أمة
    سكرى بخمر الصبر
    آه.. يا لخمر الصبر تخرس صوت
    آهاتي
    يمر العام تلو العام
    لا الآمال تصدق؛
    لا ركام الهم يسقط من حساباتي
    ويخجلني امتداد الصمت؛
    لون الصمت في جدب المسافاتِ".
    .......
    رفعت على ركام الغيب
    فوق مدارج المجهول راياتي
    فيا وطن الضياع المر،
    يا نصلاً يمزقني ويكثر من جراحاتي".

                  

03-06-2023, 08:06 AM

مصطفى نور
<aمصطفى نور
تاريخ التسجيل: 05-13-2022
مجموع المشاركات: 5019

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: مصطفى نور)

    الموت لا يغيّب المعطاء الذي برزت قدراته وتجلياته - أيًا كانت - بين مجتمعاته، فمن الناس مَن هم في حضورهم غياب، وقد يتجلى فراغًا محضًا، ويكون أجدى، وثمة آخرون في غيابهم حضور، وإن طمروا تحت التراب، وما بين المتلازمتين (الحضور والغياب) يبقى المنجز هو الحكم، والراسخ في الذاكرة الجمعية تستعيده لتنتفع به متى ما تهيأ لها ذلك، أو كلما دعت الضرورة، وهذا هو الذي يوطن الحضور في جوف الغياب، وربما من دون مناسبة.



    جاءت هذه المقدمة في لحظات تداعٍ تلقائي غمرني حينما كنت أعيد قراءة ديوان «الليل عبر غابة النيون1987م» للشاعر السوداني محمد عثمان «كجراي»، الأمر الذي حرّك مقود الذاكرة إلى الوراء لتستعيد حوارًا أجرته معه قبل أكثر من ثلاثة عقود صحيفة «الشرق» التي تصدر بمحافظة البحر الأحمر آنذاك، ولم ينشر لتوقفها إلى الآن، وكذلك قصيدة فلسفية عميقة مطولة بخطه الأنيق أهدانيها أحد أصدقائه قبل سنوات، وفي ظني أنها أيضًا لم تحظ بالنشر وعنوانها «من شرفات الأحلام» وعليها توقيعه – م . كجراي – في خاتمها:
    يا سليمان الحكيم
    قد طرقنا بابك الفضي هذا مرتين
    وسمعنا صوت بلقيس تغني لمليك الخافقين
    كنتما في ساحة الملك كأبهى فرقدين
    نحن من أبناء عصر ضل عن ناصية الحكمة
    فاختار دهاليز الهُرَاء
    قد تقدمنا كثيرًا فاكتشفنا أننا نلهث نعدو للوراء
    فترفق إن دخلنا في ثياب السفراء
    نحن يكفينا ائتلاف الحُسنِ زاد الشعراء
    كسب الشاعر السوداني «كجراي» ، الذي صادف الثامن من أغسطس 2021م ذكرى رحيله الثامنة عشرة، سمعة عظيمة وشهرة واسعة داخل السودان والعالم العربي في خمسينيات القرن الماضي، ولا أعتقد أن ثمة في الداخل من لا يعرفه، يقينًا بأن شهرته كانت نابعة في المقام الأول من كونه كتب أربعة من أجمل وأعذب الأغنيات بالعامية المتفصحة للمطربين الراحلين محمد وردي «ما في داعي» و«تاجوج»، وإبراهيم حسين «شجون»، و«بسمة النوار»، وغذى بها ساحة الغناء السوداني، وهي كفيلة بأن تمنحه إشراقًا وشعبية جارفة، وثانيًا لاسمه المستعار«كجراي» الذي تميز بالبساطة والفرادة والرنين، وبالكاد ليس في السودان مَن يحمل هذا الاسم، وفوق هذا كله فقد أخذ على عاتقه هم الإنسان حيثما حلّ، ومضى كمدرس في كفاح متصل بخدمة النشء والتعليم من ناحية، وخدمة الأدب والشعر من ناحية أخرى، إذ عكف على التعبير عن الراهن المعيش، وقضايا الإنسان، بصورة شفافة وواقعية (أنا أتحدث عن وبلسان هذا الإنسان المقهور في محاولة لتخطي الواقع المأساوي... لا بالهروب بل بالعمل الدؤوب لتغيير هذه الصورة المحزنة)** فكان صوتًا جديدًا، ونموذجًا فريدًا لجيل التزم أن يعبر بأدواته الخاصة، حتى صار مسموعًا في كثير من دول العالم العربي، نشرت بعض الصحف والمجلات العربية الكثير من أشعاره، وفضلًا عن هذا فهو يعد مثالًا للمعلم التنويري الوفي، والبروليتاري المثقف، ما بوأه مكانة مرموقة لدى الجميع.

    إيمان راسخ
    عاش «كجـراي» في الحقبة الاستعمارية وما تلاها حياة لا تختلف كثيرًا عن غيره من السودانيين، وبما لديه من استعداد فطري وسعة اطلاع وثقافة عالية، لم يكن أبدًا مجرد شخص عادي، بل كان نافذ النظر، دارسًا للمجتمع وجوهر المشكلات التي تحيط به وانعكاساتها على الناس. ولحساسيته المفرطة استطاع أن يدرك عن كثب حجم معاناتهم، على يقين من استفحالها في حالة البقاء على ما هي عليه، ومن ثمّ انفرد بإبداعه يستجلي من الواقع والمجتمع والخاصية الزمكانية (الزمان والمكان) صورًا تختلف عن مألوف الرؤى، تقوم على إشاعة الحرية والمبادئ المتصلة بالقيم الإنسانية، ما فتح أمامه مغاليق الخلق والابتكار التعبيري، وكان أن تحقق أول ظهور له في ميدان الأدب والصحافة في نهاية الأربعينيات حينما بدأ ينشر مقالات أدبية مرتبطة بالواقع السياسي والاجتماعي في جرائد عدة، منها (السودان الجديد)، و(الصراحة)، ولما (كان الإنجليز يحرّمون على الموظف أن يكتب في الصحف تسترت وراء اسم مستعار هو - كجراي - وهي لفظة بجاوية معناها جندي)**.
    بعد فترة أطلق «كجراي» العنان لخياله الشعري، متسلحًا بالموهبة، واللغة الشعرية الرفيعة، والرؤية الثاقبة كيما يعبر عن قضايا الناس خاصة المهمّشين منهم والمعذبين، بمعايشته ومخالطته إياهم خلال تنقله في حقل التعليم:
    وعجائز المتسولين وبعض أبناء السبيل
    الراقدين على الرصيف
    الجوع يدفعهم إلى الأبواب
    يلتمسون رائحة الرغيف

    وليست مصادفة أن يكون «كجراي» شاعرًا مجيدًا، وهو الذي كان يتلمس طريقه منذ الصغر (إن ما جذبني للشعر وأنا صغير بيت شعرٍ كان يردده والدي في لحظات أصفائه، وهو رجل متصوف، فكثيرًا ما كنت أسمعه ينشد هذا البيت الشعري، وكان له وقعٌ ضخم في أعماقي وهو لأبي صخر الهزلي:
    وإني لَتَعرُوني لذكراكِ هـِزةٌ
    كما انْتَفضَ العصفورُ بَلَّلَهُ القَطرُ
    ومنذ أن استمعت إلى إنشاد هذا البيت الشعري لأول مرة أحسست بانجذاب غير طبيعي لهذا الكلام المموسق الذي يتضمن شحنة كبيرة من العاطفة. كان مدخلي إلى هذا الكلام الشعري الوصف العاطفي البليغ). ** وكان (في بداية الخمسينيات بدأت بالشعر العاطفي التقليدي الشكل الذي هو تراثنا الخالد)**.
    لكن الشاعر الذي توفرت له شروط كتابة الشعر الذاتية والموضوعية، كانت روحه الثورية النازعة للتحرر تستجيب وتتفاعل مع معطيات الحس والتجربة ومقتضيات الواقع، وكلما تجددت تلك المعطيات جدد في مضامين قصائده، فكيمياء الشعر في ينابيعه الشعورية في حراك دائب وتجدد مستمر، متأثرًا بالتغير الذي حدث آنئذٍ في حركة الشعر، في أعتاب النشاط السياسي والنضالي الذي طغى عقب الحرب العالمية الثانية، (بعد سنوات أحسستُ بحاجة مُلِحة إلى التطور فاتّجهتُ إلى شعر التفعيلة أو الشعر الحر، وفترة الخمسينيات كانت تمثل فترة المـَدْ النضالي العنيف في العالم العربي والأفريقي، وفي تلك الفترة بدأ تلاقح الأفكار يؤتي ثماره)**.
    ومن ثمّ أظهر نجابة وقدرة فائقة في تطويع الحرف لينقل صورة حية لما هو كائن، فجاءت قصائده ماتعة ومشعة، تحمل أفكارًا وخطابًا جديدًا، منمطًا بالفكر السياسي التحريضي والثوري في أزمنة يصعب فيها التعبير والجهر بالطغيان دون أن يلتفت إلى العواقب، ما قاده إلى المعتقلات ومصادرة ديوانه الشعري الأول «الصمت والرماد» 1961م، وغدا كمن يتنفس تحت الماء:
    هأنا رغم ﻛﻞ المسافات
    ﻳﻤﺘﺪ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ الليل ﺻﻮﺗﻲ
    ﻗﺪ تعودت ﻓﻲ زمن الزيف
    أن ﻳﺼﺒﺢ السجن ﺑﻴﺘﻲ،
    ﻟﻦ ﻳﺰﻟﺰﻟﻨﻲ الذل ﻓﻲ زمن
    الانكسار!

    انطلاق الذات
    يلاحظ القارئ لشعر «كجراي» مدى حساسيته في تناوله للموضوعات المتصلة بالحياة، وأنه انصب منذ البداية على نبش الواقع المنحدر من ركام الماضي، وكذلك فصاحته اللغوية المشربة بالتعبيرات المختلفة عن لغة الذين جايلوه، وتبلغ الدهشة منتهاها عندما يدرك أنه من أبناء البجا، إحدى القبائل الراطنة في شرق السودان، يقول الشاعر مصطفى سند... (لسانه أعجمي ودمه عربي وتلك هي المعجزة بالضبط ... تعلم العربية وأتقنها وتفوّق فيها وكتب بها شعرًا بذّ فيه جميع أقرانه من أبناء الوسط والشمال والغرب الذين ليس لهم في الرطانات نصيب، كتب أجمل الشعر، وأرقّه وأعذبه، وأقواه وأرصنه).
    يأتي السؤال مَن هو «كجراي»؟... هو الابن الشرعي للعصر والظروف اللواتي أنجبنه، اسمه الفعلي محمد عثمان محمد صالح، وُلد عام 1928م في مدينة القضارف (هي مهد طفولتي ومرتع صباي الأول، ولها الفضل في أنني ما كنت سأصبح شيئًا مذكورًا لولا أن نشاطي بدأ في هذه المدينة العظيمة، فالجذور التي تربطني بها جذور عميقة، وإنها شكلت شخصيتي)**.
    وكانت نشأته (في بيئة دينية صرف. وكان والدي - رحمه الله - من المتشددين في الدين، يأخذ أولاده بالشدة التي تبلغ أحيانًا حدّ القسوة، فكان يأمرنا ونحن إخوة أربعة بأن نصحو في الرابعة لصلاة الصبح جماعة، ثم نوقد المصابيح ونخرج ألواحنا ونقرأ أجزاء من القرآن الكريم مكتوبة على الألواح، ونظل على ذلك حتى الساعة السابعة صباحًا، ثم نعرض القراءة على والدنا. والويل لمن لم يكن يحفظ لوحه فإنه عرضة للعقاب الصارم).* ولما بلغ الرابعة عشرة كان قد حفظ القرآن وأتم المدرسة الأولية، وأرسله والده مع إخوته إلى أم درمان للدراسة في معهدها الديني. (سررتّ بذلك لأن السفر كان يمنحني قدرًا كبيرًا من الحرية وانطلاقًا من القبضة الحديدية التي غرست في نفسي الخوف على نحو عميق).*
    في المعهد العلمي الذي تمتد فترة الدراسة فيه اثنتي عشر عامًا، وكان صرحًا كبيرًا من صروح العلم والمعرفة الدينية والدنيوية في السودان، بدأ يشعر بالتحرر من وصايا الأب، وأخذ يتمتع بقدر كبير من انطلاق الذات، فيما ظل ملازمًا لمكتبة المعهد، فأغنى روحه وحسّه وعقله وخياله، وتزوّد بمخزون فكري وأدبي عالٍ، ولغوي ضخم يقبس منه دائمًا أنصع الكتابات وأصفى القصائد.

    أنهر الجزالة
    رغم الجو المثالي الذي وجده في المعهد وسبل الاطلاع التي توفرت له في مكتبات مدينة أم درمان، إلا أن رياح حظه هبّت بما لا يشتهي، إذ اضُطر إلى قطع دراسته بعد خمس سنوات لأسباب أسرية، ليعود من حيث أتى، ويتخذ مجالًا غير مجاله ... (اشتغلت في التجارة برأسمال بسيط لأعول والدتي، لكن الدكان الصغير الذي افتتحته احترق أيام الحرب حينما أمر المستر (لي) حاكم القضارف بحرق القرية التي اتخذتها موطنًا لتجارتي، إذ اتهم أهلها بأنهم يُهرِّبون الأسلحة من الحدود الحبشية إلى منطقة القضارف، فأشعل الجنود النار في القرية ليلًا بعد أن أمروا السكان بالخروج منها، دون أن يأخذوا شيئًا من أمتعتهم.
    عدت إلى القضارف خاوي الوفاض. وقدمت طلبًا إلى مفتش تعليم المديرية لأشغل وظيفة مساعد مدرس عام1947م، فقبل طلبي وتلقيت تدريبًا علي التعليم في معهد بخت الرضا ثلاث مرات)* وهي الفرصة السانحة التي مكّنته من التطواف على كثير من المدارس في القرى والمدن بكل أنحاء السودان، وأتاحت له التعرف على شرائح المجتمع ومختلف الثقافات السودانية، متدرجًا في وظيفته حتى صار مفتشًا للتعليم، حيث انتهى به المطاف في مدينة بورتسودان، ثم أحيل للمعاش في1987م، واستمر كاتبًا لصحيفة «الشرق» التي كانت تصدر فيها. تحدث للعربي - الأديب والإعلامي عبدالوهاب مالك الذي شغل مديرًا للتحرير بالصحيفة - يقول... (عرفته صوتًا نافذًا خلف جدار الوطن، وسوّد حبره إصداراتنا الصحفية شعرًا يغتسل على أنهر الجزالة ونثرًا متدفقًا في أرضٍ يباب. وفوق ذاك كان معلمًا يوظف الحرف والرقم ويبني بأدواته جسرًا متماسكًا لفضائل التربية والترشيد).
    ولأن داء الحروف يعيش طويلًا مع المصابين به ظل (كجراي) بعد أن نفض يديه من (طباشير) العلم يُعلمنا كيف نبني أعشاشًا نجترّ بداخلها أبياته الشعرية السامقة كقامته. وعلمنا أن الجلوس عند أبواب السلاطين والتمسّح بأعتاب وسطائهم وحاملي أختامهم لا يَرِدُ في قاموسه، سلوكًا كان ذلك أو شعرًا)، ولك أن تقرأ... (فاسمعوني إنني أعرف حقًا ما أقول/ فأنا لا أعرف المسح على الجوخ ولا قرع الطبول)، وكذلك قوله:
    كفكف أحزانك يا قلبي
    الدمعة ميراث الإنسان
    بعض الشعراء تنابلة
    في موكب حاشية السلطان
    والشعر يمر بلحظات
    تتكشف فيها الأحزان
    تتساوى في شرفات الظن
    جميع تخاريف الألوان

    إسهاماته عقب استقلال إريتريا
    بعد أن وضعت الحرب الإريترية أوزارها باستقلال إريتريا بداية التسعينيات سافر إليها وعمل في حقل التعليم، حيث شارك في وضع المناهج التعليمية للدولة الحديثة، واحتل مكانة رفيعة في التعليم الإريتري حتى عام1999م، ثم رجع إلى موطنه السودان، وبقي فيه حتى رحيله الأبدي في عام2003م.
    من ينظر إلى «كجراي» في حياته العامة يجد مفارقة كبيرة فرغم خلفيته الصوفية وتعليمه الديني إلا أنه ارتبط بالفكر الماركسي والحزب الشيوعي السوداني، فيما كان عصاميًا مبرزًا، صنع شهرته بنفسه، ولم تغير فيه شيئًا، إذ كان حريصًا على مشاركة ومجالسة الناس على اختلاف طبقاتهم، يتأذى ويتألم حين يرى غيره يعاني من وطأة القهر وثقل الحياة، (وحدي قطعت رحلة الأسَى على أجنحة الأرقْ/ مشاعري كما عهدت مثلما أغنية/ تخضر في مساحة الورقْ)، لكنه في الوقت نفسه كان على قناعة بالمستقبل البهي الزاهر (مولد الشمس/ لن يتأخر/ فالفجر أغنية/ لقدوم النهار)، وليس أبلغ في الدلالة على هذا من قوله... (سنبيد على مر الأيام بذور الشر الملعونة/ سنذوب هنا/ في قلب الريف الأسيان/ فضحايا الليل هنا أبدًا تدمي أعماق الإنسان/لا عذر لنا/ فالليل هنا/ تنِّين مرهوب خاتل/ وظلام مسموم قاتل/ حتمًا سيموت إذا شئنا). على يقينًا بأنه لم يستخدم شعره سعيًا وراء تحقيق مآرب ذاتية، وهو القائل في دعابة وتهكم (شعر الأخوانيات)...
    لحاك الله أيامًا تـوالــت
    تعبتُ برعبها جسـدًا وروحًا
    فكوخي لا رعـاه الله كوخي
    يكاد من التصـدع أن يصيحـا
    تعالوا يا مصابيح الدياجي
    نؤبن للــوري وطنًا جريحا
    يموت الشاعـر الصداح فيه
    ولا يلقى بـه بيـتًا مريحا

    الاحتجاج الأنيق
    الشاعر الذي نضجت عبقريته الأدبية مبكرًا، بات ذا قدرة عالية على الخلق الفني، والتعبير بمتعة النفس الواثقة، ودائم السعي إلى ما هو إيجابي، ولما أدرك أن بلاده التي نالت استقلالها عام1956م لم تخرج من عباءة المستعمر، دأب على أن تتحرر من ذياك الرق كليًا، وأن تنفض عن نفسها مخلفاته لخلق واقع جديد بانبعاث الروح الوطنية، ومعالجة المشاكل الحياتية ومظاهر البؤس في الواقع السوداني بأسلوب حي قوي، وذكاء في التعبير، لذا دفع صوته بالاحتجاج الأنيق أمام أول حكومة وطنية ديمقراطية ولفت انتباهها إلى الأوضاع غير المرغوبة... (الأحداث التي تمسُّ حياة الإنسان هي مادة الشعر الحقيقية فإذا أهملنا هذا الجانب الأساسي فعن أي شيء يتحدث الشعر، عن الخطرفات والشطحات التي لا يستسيغها غير عقل مريض؟... ألا يُعتبَر هذا هروبًا من الواقع الآسن؟
    نحن لا نريد أن نشغل الناس عن قضاياهم بل نريد من الأدب أن يبلور هذه القضايا من خلال الشعر أو القصة أو الرواية أو المسرحية ويُعبِّر عنها بصدق ليتجاوز السلبيات ويعمل على تغيير الواقع المتخثر)**... ولنتمعن تعبيره عن مدلول الفقر:

    والجوع هنا غول أسحم
    غول يتلمَّظ لا يرحم
    وبلادي ما زالت في القاع
    تلوك الأعشاب المُرَّة
    خدعوني إذ قالوا مرة
    رحل «الكابوس» وفيض النور
    يُقبِّل تُربتنا الحُرة

    ثورة كجراي الأدبية
    مع انفتاح الرؤى وانبثاق الأمل والرجاء خضع «كجراي» لسلطان الشعر خضوعًا تامًا، وغمس يراعه وشعوره ورؤاه في صميم الحياة، منجزًا ثورة أدبية تنقل أرزاء الحياة إلى واقعية فاعلة، فيما كان شعره يمثل نموذجًا لتطور الوعي الشعري، وتفوقه في تلك الفترة، ولا عجب إن نشرت مجلة الرائد الكويتية في الخمسينيات أول قصيدة له خارج وطنه، بعنوان (السأم والأحلام الميتة)...
    حينما تشرق شمس أو تغيب
    نحن نستقبل أفراح الحياة
    بعيون فارغة
    بعيون جفَّ منها ألق النور تغشاها السأم
    حولنا أقدارنا تسبح في بحر العدم
    مات في أعماقنا عرق الندم

    هكذا آل «كجراي» على نفسه أن يكشف عن تراجيديا الواقع، ويضع النقاط فوق الحروف في لغة شعرية خاصة جمعت ما بين الصرامة والأناقة، والتي تكشف نبل مقصده وقدرته على تصوير الأحداث ورسم الصور شعريًا بإتقان:
    ليَّ لغتي فهي قصفٌ ونار
    وملخمة سوف تبدأ
    من حيث يبدأ خيط النهار

    وقد أعطت سلاسة الأسلوب ودقة التصوير وفصاحة اللغة قصائده بعدًا مميزًا لأدب الواقعية الاشتركية في السودان، وسرعان ما صار معروفًا وقريبًا جدًا من كبار أدباء هذا التيار، وأحد رواد الشعر العربي الحديث... يقول الشاعر محمد الفيتوري... (كان صلاح أحمد إبراهيم في السودان يؤسس هو ومجموعة من رفاقه، على رأسهم محمد المهدي المجذوب، والشاعر كجراي وعلي المك، لحركة الشعر العربي الحديث).

    الصمت والرماد
    لم يكن «كجراي» متصالحًا مع كل الحكومات التي تعاقبت على حكم السودان بعد الاستقلال مدنية كانت أم عسكرية، بل أكثر ضيقًا بالأخيرة، وهو يرى أنها ليست سوى استعمار جديد، ما دامت قد بقيت منكفئة على ذاتها، ولم تحرز تقدمًا ملموسًا في تطور البلاد، وحياة إنسانها، وفي وسعنا أن نتأمل رؤاه من قبل أكثر من نصف قرن:
    بلادنا يا إخوة الطريق يا طلائع النهار
    ما زال في تربتها يزدهر الصبار
    وينبت الشوك على سواحل البحار
    أو قوله:
    أين اختفت مواسم الخضرة في ازدهارها الوريق؟
    يا شاهد العصر لماذا نحن في مفترق الطريق؟
    فلنعبر الدخان والحريق
    حدثني الصمت بأن الصخر لا يرضخ للنكسة والهزيمة
    المتأمل في النص الشعري لـ«كجراي» يجده ممتلئًا بالحيوية والصدق التعبيري، لشاعر معتد بنفسه، (كبريائي مثل عرق الذهب اللامع في ضوء الأصيل)، يعي مجريات الواقع، مسقطًا مآلاته على المستقبل بمخاوف وتطلعات وآمال عريضة، ما ينبئ بأنه يتمتع بحدس صادق وفراسة قوية، (قد تقدمنا كثيرًا فاكتشفنا أننا نلهث، نعدو للوراء)، وكان - كما يقولون - أبصر من زرقاء اليمامة:
    يكفي عزاء أننا نصارع الظلام في انتشاره الرهيبْ
    نقول للناس ارفعوا رؤوسكم
    لأننا نعرف أنَّ غدنا
    يشرق من ذؤابة المغيبْ
    فَلنُشْعِلِ الأحرف يا صديقتي
    يكفي بأنا نفضح الظلمة من أعماقها ونصنع الحياةْ

    وفي كل مرة كان يزداد في خطوه اقترابًا من حياة الناس وواقعهم، فكان أوفر خيالًا، وأصدق إحساسًا بما اجتلى من مشاهد، ودونكم قصيدة «الصمت والرماد»:
    أترى أﻋﻴﺶ أ‌ﺷﻬﺪ الموتى يشقون الدروب؟
    ويباركون بحيرة اﻟﺤﻘﺪ المقدس ﻓﻲ ابتهالات
    الغروب
    شلال ﻧﻬﺮ ﺟﺎﻣﺢ الوثبات هدار العيون
    ويمزقون
    أكفانهم
    ﺗﻠﻚ التي اهترأت ﻧﺴﻴﺠﺎ ﻣﻦ رماد
    أترى ﺳﻴﻨﺘﻔﺾ الرماد؟

    في كل الأحوال أخذ شعر «كجراي» يشكّل نبض عصره وتحولاته، ويعبر عن أحداث كثيرة تمس الإنسان في داخل السودان وخارجه في تلك الفترات، إذ غنى لإنسان أفريقيا، ولمناضلي إريتريا، كما غنى للجزائرية الثائرة جميلة بوحيرد، والمغربي المهدي بن بركة الذي اختطفه الإسرائيليون عام1965، ومعركة الكرامة في منطقة غور الأردن عام1968، وأطفال صبرا وشاتيلا في فلسطين 1982 والزعيم المصري جمال عبدالناصر في مصر، وقرطاج في تونس:
    دفنت مع الليل خارطة للكآبة
    فكل الحروف تؤدي إلى عرش قيصر
    ما عاد قيصر يملأ ثوب المهابة
    أقول لسيدتي دفتري عربي الكتابة

    لغة الصمت
    جمعت قصائد الشاعر في مجملها كثيرًا من رموز الميثولوجيا الإغريقية، مثل «أوزوريس»، «باخوس»، «أوليس»، و«أورفيوس»... إلخ، ما يكشف عمق ثقافته وتنوعها. كما حملت عناوين غريبة ذات دلالة رمزية عميقة مثل (تباريح الغرام المزمنة)، (ارتديت الحريق)، (من ثقوب الغرابيل)، (الليل عبر غابة النيون)، (شجو المزامير)، (العشق الدامي)، (الأفعوان)، (العنكبوت وسيد الساحة)، (الصدى لغتي الثانية) وهكذا، وكانت تجد القبول خاصة من المستنيرين، وذوي النزعة التحررية، ونراه - كما ذكر الدكتور محمد مصطفى هدارة في مؤلفه - تيارات الشعر العربي المعاصر في السودان - (مولعًا ببدء قصائده بمطالع غريبة تشد الانتباه، لما فيها من تصوير إيحائي لشيء مبهم يثير التساؤل والخيال، وهو إلى جانب ذلك كله قادر على استخدام الرمز ليرسم صورًا تعبيرية دقيقة عندما يريد إلقاء بعض الظلال على المضمون).
    كما استخدم الشاعر مفردة «الصمت» في جل قصائده، ووردت أكثر من مرة في كثير منها، ذهب إلى أبعد حينما جعل من الصمت (لغــة) خاصة، (آه من لغة الصمت)، (حدثني الصمت)، بل جعله كائنًا يتحرك ويمشي على قدمين، يتشكّل ويتلوّن حسب مقتضيات الحال، ويتصرف وفقًا للظروف، مثل قوله (دعني مع الصمت)، (أيها الصمت الضبابي )، (جلس الصمت على مقعده)، (وهأنذا مع الذكرى، مع الصمت)، (وهأنذا أتحدث عنك إلى الصمت)، ولم يكن استخدام هذه المفردة عبثًا أو مبهمًا، وإنما عن وعي، ومرآة حقيقية لما يدور، وما يعتمل في نفسه، (ونفتح للصمت بابًا/ إذا ما رأينا على الواقع المتخثر شبهة ما لا يجوز)، وكان حري به أن يطلق عليه (شاعر الصمت):
    أنا من أُمةٍ سكرى بخمر الصبر
    آه يا لخمر الصبر تخرس صوت آهاتي
    وتخنق لي عباراتي...
    يمر العام تلو العام لا الأحلام تصدق
    لا ركام الهم يسقط من حساباتي...
    ويخجلني امتداد الصمت
    لون الصمت
    عري الصمت في جدب المسافات

    خلّف «كجراي» تراثًا أدبيًا كبيرًا يجعله حاضرًا في المشهد السوداني على الدوام، جمعه في دواوين «الصمت والرماد»، «الليل عبر غابة النيون»، «في مرايا الحقول»، و«إرم ذات العماد» مع كتاب في أدب الأطفال بعنوان (خماسيات أبي الشول) ■

    (عدل بواسطة مصطفى نور on 03-06-2023, 08:22 AM)

                  

03-06-2023, 08:13 AM

مصطفى نور
<aمصطفى نور
تاريخ التسجيل: 05-13-2022
مجموع المشاركات: 5019

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمنا محمد عثمان ابو االريش .. كلمنا عن كجرا (Re: مصطفى نور)


    محمد عثمان كجراي
    معلومات شخصية
    اسم الولادة محمد عثمان محمد صالح
    الميلاد 1928
    القضارف، السودان
    الوفاة 2003
    كسلا، السودان
    الجنسية السودان سوداني
    الحياة العملية
    الاسم الأدبي كجراي
    المواضيع الرومانسية / ميثولوجيا
    الحركة الأدبية الشعر الحديث الحر
    المهنة شاعر
    أعمال بارزة الصمت والرماد، الليل عبر غابة النيون، في مرايا الحقول، إرم ذات العماد
    P literature.svg بوابة الأدب
    تعديل مصدري - تعديل طالع توثيق القالب
    محمد عثمان كجراي شاعر سوداني يعد واحد من أبرز وأكثر الشعراء السودانيين المحدثين شهرة.
    إسمه ولقبه
    إسمه بالكامل هو محمد عثمان محمد صالح كجراي.
    وكَجَرَاي (بالفتحة على الكاف والجيم والراء) هو لقبه وهو لفظ بلغة قبيلة السبدرات البجاوية بشرق السودان التي ينتمي إليها الشاعر ويعني المحارب.
    ميلاده ونشأته
    ولد كجراي بمدينة القضارف بولاية القضارف الحالية شرق السودان في عام 1928 م، ونشأ نشأة دينية سردها في مقدمة ديوانه حيث قال: «نشأت في بيئة دينية صرف. وكان والدي رحمه الله (...) يأمرنا ونحن أخوة أربعة بأن نصحو في الرابعة لصلاة الصبح جماعة، ثم نوقد المصابيح ونخرج ألواحنا ونقرأ أجزاء من القرآن الكريم (...) ثم نعرض القراءة غيباً على والدنا».
    تعليمه وحياته العملية
    بدأ تعليمه في المدارس القرآنية المعروفة في السودان بالخلوة حيث حفظ القرآن وهو في سن الرابعة عشرة. وبعد أن اكمل تعليمه النظامي الأولي بمدرسة القضارف الأولية أرسله والده إلى مدينة أم درمان للدراسة في المعهد الديني، وأمضى فيه خمس سنوات. قطع دراسته لأسباب عائلية واشتغل بالتجارة ليعول على والدته وأخوته ففتح متجرا صغيرا في قرية تسمى مهلة بمنطقة القضارف والتي صبّت السلطات الإنجليزية جام غضبها عليها في عام 1947 إبّان الحكم الثنائي في السودان حينما أصدر حاكم القضارف المفتش البريطاني مستر لي قراراً بإحراقها بحجة أن سكانها كانوا يهربون الاسلحة عبر الحدود الحبشية مع السودان التي كانت تشكل خطرا على الوجود البريطاني في المنطقة ويمارسون الصيد غير المشروع، فاحترق المتجر مع بقية منازل ومحال القرية، وإضطر كجراي إلى العودة إلى مدينة القضارف للإقامة فيها وتقدم بطلب إلى مفتش التعليم فيها ليعمل في وظيفة مساعد مدرس. تم قبول طلبه وأرسل إلى معهد بخت الرضا للتأهل وتخرج فيه ليعمل معلمًا بمصلحة المعارف السودانية آنذاك ويتنقل بين المدارس الوسطى والثانوية المختلفة في السودان كما تلقى دراسات تأهيل المعلمين بمعهد التربية بشندي، ثم عين موجهًا فنيًا بوزارة التربية والتعليم. وفي سبتمبر / تشرين الأول 1989 م، ذهب كجراي إلي منفاه الاختياري في مدينة أسمرا، الإريترية لأسباب سياسية ليعود منها إلى السودان في يونيو / حزيران من عام 1989 م وفي عام 2012 تكفلت دولة قطر بطباعة «ديوانه في مرايا الحقول»، ضمن مجموعة دوواين لشعراء سودانيين آخرين بارزين.
    كان عضو اتحاد الأدباء، وعضو رابطة أدباء كسلا. وتقلد منصب السكرتير العام لجماعة أولوس الأدبية وهو أحد مؤسسيها
    أعماله الأدبية
    بدأ اهتمامه بالأدب منذ سن مبكرة ونشر مقالاته تحت اسم مستعار هو كجراي والذي أصبح فيما بعد لقبه الرسمي وأول ما نُشر له من أعماله بهذا الاسم كان في العام 1948 م بجريدة «السودان الجديد». وأول قصيدة نشرت له على مستوى الوطن العربي كانت بمجلة «الرائد» الكويتية بعنوان: السأم والأحلام الميتة، في عام 1957 م. وتوالت بعد ذلك أعماله الأدبية المنشورة في الصحف والمجلات ومنها قصيدة «العودة إلى الجحيم» التي نشرتها له مجلة «صوت المرأة» السودانية في أكتوبر / تشرين الثاني 1964.
    دوواينه
    صدرت له أربعة دوواين منشورة وهي:
    الصمت والرماد
    الليل عبرغابة النيون
    في مرايا الحقول
    إرم ذات العماد
    وله أيضا اعمالا ادبية أخرى منها:

    أنفاس البنفسج
    ترجمة رباعيات الخيام
    خماسيات أبو شول (قصص للأطفال) وتصنّف ضمن أدب الأطفال
    اسلوب شعره
    يعد كجراي من رواد الشعر الحديث الحر علي مستوي الوطن العربي ضمن مجموعة الشعراء السودانيين المحدثين امثال محي الدين فارس وجيلي عبدالرحمن ومحمد المهدي المجذوب وصلاح احمد إبراهيم وعلي المك، قال عنها الفيتوري بأنها وضعت أسس حركة الشعر العربي الحديث في السودان.
    كما ينتمي الشاعر محمد عثمان كجراي إلى شعراء الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الذين اهتموا بالتجديد في البنية الإيقاعية للقصيدة العربية، وفي شكلها وموضوعها الشعري، ويبدو في شعره التأثر ببدر شاكر السياب، وعبدالوهاب البياتي، ومن جاراهم من شعراء مصر والشام والعراق. يقول كجراي:
    يا نجمتي مات الشروق وكنت ألهث بين أودية العدمْ

    لم أدرِ كم قد مرَّ عام

    قد كنت في الكهف القديم مع السرّاب مع الظلامْ

    «قطْميرُ» كان بجانبي لم أدر كم قد مرَّ عامْ

    وحشٌ خرافيٌّ يصب الموت بين مفاصلي

    يعوي إذا غنيت لحن شواطئي وقوافلي
    ويعتمد كجراي في كتابة قصائده الشكل التفعيلي والسطر الشعري، ويميل فيه إلى الرمزية، وحجب الدلالة، والتعويل على الأساطير والأحاجي القديمة، حيث يقوم بإعادة تشكيلها أو باستعارة رموزها في بعض الأحيان، وأحياناً أخرى يقوم بتوظيفها في سياق جديد. كما يتسم شعره بالسردية الحكائية. ويبدو تأثره بالميثولوجيا الإغريقية تماماً كصلاح أحمد إبراهيم واضحاً في بعض قصائده فهو يقول:

    ها آنذا أنوء بصخرتي الصماء

    يا سيزيف أهدر في دروب الليل طاقاتي

    فيا وطن الضياع المرّ يا نصلاً

    يمزقني ويكثر من جراحاتي


    كتب كجراي أيضاً بالعامية السودانية بأسلوب واضح المعنى والبيّان ومن ابرز ما كتب في هذا المضمار قصيدة «بسمة الأنوار»، ويقول مطلعها:

    قالوا الزمن دوّار يا بسمة النوّار

    ياريت تعود أيامنا ونكمّل المشوار

    ياقلبي يا سواح

    قول لي متين نرتاح

    دمع الحنين خلاّنا ما نعرف الأفراح

    رأي النقاد
    قال عنه عبد الله حامد الأمين في ندوة أدبية ضمت الشاعر اليمني عبد الله حمران، والوليد إبراهيم، ومهدي محمد سعيد وعدد آخر من الشعراء والأدباء والنّقاد العرب: «هذا شعر كجراي.. اتحدى من يجد فيه بيتاً غير موزون.. أو كلمة غير عربية». وقال فيه الشوش «كجراي شاعر رصين ارتبط شعره بقضية التحرر الوطني، وبالعروبة، والمبادئ والقيم النبيلة». وقال عنه الشاعر صلاح احمد إبراهيم: «من احتذى حذو كجراي، جاء شعره مبرأ من كل عيوب وسقطات الشعرالحديث». وأشار اليه الأديب عبد الهادي الصديق باعتباره صوتاً هاماً من اصوات الشعر السوداني الحديث. وقالت عنه دار النسق التي تولت طباعة ديوانه الأول، وعنوانه الليل عبر غابة النيون: «إننا نستمد حماسنا من النصوص المدهشة التي أمامنا، ومن أصدقائنا الكتّاب الذين يشدون من أزرنا ويتوقعون منا الإنجاز، والشاعر محمد عثمان كجراي في هذه الباقة (الشعرية) نموذج رفيع لحوافزنا الروحية».
    وفاته
    توفي كجراي في 8 أغسطس / آب 2003 م في مدينة كسلا بشرق السودان.
    نماذج من أعماله الشعرية
    الليل عبر غابة النيون
    لا تجرحي الصمتَ فإن الليلَ فوق سقفكمُ عيونْ

    تنفذ كالشعاع حين يرتمون

    على المدى البعيد عبرَ غابة النيونْ

    أجهدت روحي حينما حاولت أن أكتب ما أقولْ

    لكنني أعرف أن الصمت لا يجدي

    وأن موجة الحزن التي تعصف بالقلوب لن تطولْ

    أعرف أن بيننا عوالـمًا على المدى السحيقْ

    ألهث في امتدادها،

    وأمسح الجبين من غزارة العرقْ

    وحدي قطعت رحلة الأسَى على أجنحة الأرقْ

    مشاعري كما عهدت مثلما أغنية

    تخضر في مساحة الورقْ

    همستُ كلمتينْ

    ربيعنا أورق في الحقول مرتينْ

    والشوق قد أنبت في الجدار زهرتينْ

    تشدني إليك يا صديقي رهافة النغمْ

    وذلك المرهقُ في جوانحي

    تعصره أصابع الألمْ

    وأنتِ في مداركِ البعيدْ

    لا تجهلين أنني

    أمشي على مزرعة الشّوك نهارًا نازفَ الوريدْ

    وهأنا وحدي مع الظلامْ

    وحدي مع الليل الذي

    يقطر الأحزان في مشاتل الخيالْ

    يكفي عزاء أننا نصارع الظلام في انتشاره الرهيبْ

    نقول للناس ارفعوا رؤوسكم

    لأننا نعرف أنَّ غدنا

    يشرق من ذؤابة المغيبْ

    فَلنُشْعِلِ الأحرف يا صديقتي

    يكفي بأنا نفضح الظلمة من أعماقها ونصنع الحياةْ

    أغنية العودة
    (مهداة إلى عبد الوهاب البياتي)

    سأعود يا وطنَ النجومِ، غدًا سأخترق الجدارْ

    يافا أعود إليكِ في وضح النهارْ

    ظمئي إليك، فراشة للعطر يدفعها الحنينْ

    فتظل تلهثُ

    في دروب الشمس تبحثُ

    عن شفاه الياسمينْ

    فوق الروابي الخضر في وطني الحزينْ

    سأعود مرفوعَ الجبينْ

    ومعي الرفاقْ

    أبناء شعبي الثائرونْ

    في عمق أعماقي تضجُّ الذكرياتْ

    سرب الصبايا، والعيون الحالماتْ

    وصَدَى عبير الأغنياتْ

    شعبي الذي بالأمس ماتْ

    لا، لم يمتْ

    يافا أعود مع العصافير الطليقة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de