• فجَّر لقاء وفد من الحِزب الشيوعي، بمبادرة وحدة قوى الثورة، التي يرعاها الشيخ الجعلي، بمنطقة كدباس، فجَّر موجة عاصفة من التعليقات، والردود، وهذا شئ طبيعي، لكون أي فعل سياسي، يؤخذ فيه ويرد، ولكن غير الطبيعي أن جُلَّ المتعاطيِّن مع الأمر، كانوا يأخذون على الحزب زيارته لشيخ طريقة صوفية، وصفوها ب (الرجعية) وهو حِزب تقدمي، وهذه قول، فيه نِزوع نحو، تطرف يساريِّ، لم يدري أنَّ ثورة ديسمبر، في مجرى حركة شعبنا الثورية، نحو إنجاز مهام البرنامج الوطني الديمقراطي، هي (فترة) ولم تعبِّر لتصبح (مرحلة) وهي التي حتى الآن، قضاياها لم تحلَّ، من جذورها، وأهدافها لم تتحقق كاملة، فبالتالي فإنها إنتفاضة، وهي بهذا فترَّة، لم تبلغ مستوى (مرحلة) و قضايا البرنامج الوطني الديمقراطي، المُضمنة في وثيقة قوى التغيير الجِذري، ما هي- في الوقت الحالي- إلا إستكمال مهام وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وهذه هي قضايا الصراع الطبقي الآن، وهو ما لا ينفع معه، طرح مفاهيم جاهزة ومعلبة، تُثقل كاهل الصراع الحالي، بقضايا لم يُحن وقتها بعد، ونحن الآن في طريق إستكمال مهام الثورة، كمدخل لهذه المرحلة.
• هناك حقيقة أخرى لا يمكن تجاوزها وهي أن الشيخ وجماعته، موجودون قبل تأسيس الحزب الشيوعي، فهل إلتقى بهم الحزب، مرة واحدة، قبل أن يعلنوا عن مبادرة سياسية؟ الإجابة لا. إذاً؛ هذا يعني أنَّ طبيعة اللقاء، طبيعة سِّياسِّية، وهو ما يقتضي مناقشة بنود المُبادرة، وأجندة اللقاء و ليس الهُروب للأمام، والحديث عن الخلفية الدينية للشيخ- وهذا الفرق بين مُبادرة الجعلي ومبادرة الجَّد- فالآخير، يستغل الدين في السياسة، وموقفه السياسي معروف، ومؤكد فإن الحِزب ليس ضِد الطرق الصوفية، ولا ضد الدين نفسه، لكنه هو في الحقيقة ضد إستغلال الدين في السِّياسَّة، وهذه صِفة بالمتابعة لن تجدها في الشيخ الجعلي، وطريقته، و ظلَّ الحزب على الدوام، يؤكد أن الطُرق الصوفية، مثلت الإسلام الحقيقي للسُّودانيِّين، وقد قال الشهيد عبدالخالق محجوب ذات مرة، أن الإشتراكية الوضاءة، هي الإسلام الحقيقي، والبحث عن جِذور وطبيعة العلاقات داخل هذه الطُرق نجدها، إشتراكية، وهذا ما حاولت جماعات الإسلام السياسي هزيمته، بل وإفراغه من محتواه الإجتماعي.
• الحزب الشيوعي له مصلحة في أنّ تأتي الجماهير لميدان الصراع السياسي الإجتماعي، والشيوعيون يجب أن يكونوا سعداء، بإقتحام هذه الجماهير لهذا الميدان، بدلاً من حصرها في أطر دينية أو قبلية، وقد كان الحزب منذ البداية ينظر للطرق الصوفية كتنظيم أرقى من القبلية في إتجاه تمتين الوحدة الوطنية. ولأنَّ الطريقة القادرية، هي طريقة لها جماهير يأكلون الطعام ويمشون بين النأس في الأسواق، فإن حزباً ثورياً، لا يستنكف، الحوار مع قوى كهذه، مهما كان رأيها وشكل قيادتها، وإنطلاقاً من هذا الفهم العميق لخصائص المجتمع، فإن الحزب منذ البداية، قطع بأن قِطاع كبير من جماهير الأحزاب التقليدية، هم من لُب جماهير البرنامج الوطني الديمقراطي، ومستفيدين من الثورة الوطنية الديمقراطية.
• أما الذين تعاطوا إيجاباً لم ينظروا، لقضية، حملها البيان الختامي للقاء، وهي في غاية الأهمية، جاءت على النقيض مما هو سائد، وهو السائد الذي عانى منه السودانيون طويلاً، وهو خُلو الإتفاقيات التي تعقد بمناطق خارج الخرطوم، دون الإشارة لمخاطبة قضايا المنطقة المحلية، وقد عبر غن ذلك وبحكمة بليغة ناظر الرزيقات مادبو، والذي زار مع وفد من منطقته، في يوم من أيام كآلحات في دكتاتورية السفاح نميري، القصر الجمهوري، لقضية تخص المنطقة، وقابل السفاح والذي بدأ حديثه معهم، حول الصِراع الدولي، والحرب الباردة وصراعه مع القذافي وغيرها من المواضيع التي لا علاقة لمادبو ورهطه بها، ومع طول إنتظار مادبو، لعرض قضيته، لم يكن أمامه بدٌ من أن يستدعى إرثه الذاخر بالمعرفة والحكمة، والذكاء الفطري، ليقاطع النميري قائلاً : (سيدي الرئيس؛ الزول بونسوه بغرضو) فأسقط في يد نميري، ولم يجد بدً من أن يناقش معاهم تفاصيل ما جاؤه لأجله. وهو ما أنتبه له الحزب، وونسَّ الشيخ وأتباعه، بقضايا منطقتهم، وهي قضايا التغيِّير الجِذري، والخطوة نفسها تغيِّير جِذري في مفاهيم السياسة السُّودانية، وهزيمة للعقلية المركزية للسياسي السوداني.
• إننا مطالبون في الوقت الحالي، بالدِراسة الباطنية العميقة للمجتمع السوداني، حتى لا يجعلنا عدم الدِّراية بها والمعرفة الكافية، نلجأ إلى الدخول في لججّ قضايا فكرية وسياسية، ليست لدينا (عِدَّة) شغلها. وفي القلب من هذه القضايا، تحديد جماهير البرنامج الوطني نفسها، وهي جماهير، تتعدي العمال والمزارعيِّين، والمثقفين الثوريِّين، والرأسمالية الوطنية، لتمضي نحو كل القوى المُتضررة من السير في طريق التطور الرأسمالي، منذ عام ١٩٥٦، والسياسات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الشائهة، المُترتبة على تنفيذ هذا البرنامج، هل سنجد فيها جماهير الطُرق الصوفية؟ هذه هي القضية والمعركة السياسة والفكرية.
• قصدنا من هذه النقاط، إثارة حوار هادي، حول هذه القضايا مع الوطنيِّين والديمقراطيِّين، الحادبين على الحزب، أما نقد كوادر قوى الحرية والتغيير للِّقاء، فهو في إطار (المكاواة) السِّياسيَّة، وهو نقد مبعثه غرض، فالبتالي يجّدُر تجاهله وعدم الرد عليه، وهذه قوى غير مؤهلة سياسياً ولا فكرياً ولا حتى أخلاقياً لتقيِّيم، تقديرات قوى أخرى، فهي سقطت في إمتحان القضايا الوطنية منذ وجودها في حكومتي الفترة الإنتقالية وهو أمر معروف.
11-18-2022, 07:00 PM
Nasr
Nasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839
يا خالد أعتقد أن السر بابو صار أكثر تفهما منك لموضوع التغيير الجذري خاصة في مقالاته الأخيرة دي ماركسية كتاب الماركسية وقضايا الثورة السودانية الذي كتب قبل أكثر من نصف قرن خطت بعده البشرية والمعارف العلمية فراسخ للأمام
النقد الأساسي للقاء الحزب الشيوعي مع سجادة كدباس إنه الحزب الشيوعي يتحاشي لقاء قوي سياسية راسخة في الثورة ويسعي للتحاور مع قادة طرق صوفية " دينية " وهو الذي نافح طويلا لإبعاد الدين عن السياسة !!!!!
معلوم ان الحزب يطرح برنامجا للتغيير الجذري يختلف عن برنامج القوي الأخري تلك التي توحدها قحت ديل الناس المفروض تتحاور معاهم مش تتجاوزهم (وأتمني أن تصمد أنت للحوار طالما طلبته)
مقتطف من مساهمة خالد
Quote: أما نقد كوادر قوى الحرية والتغيير للِّقاء، فهو في إطار (المكاواة) السِّياسيَّة، وهو نقد مبعثه غرض، فالبتالي يجّدُر تجاهله وعدم الرد عليه، وهذه قوى غير مؤهلة سياسياً ولا فكرياً ولا حتى أخلاقياً لتقيِّيم، تقديرات قوى أخرى، فهي سقطت في إمتحان القضايا الوطنية منذ وجودها في حكومتي الفترة الإنتقالية وهو أمر معروف.
دا كلام خطير وضار بالحزب وبالثورة السودانية كيف تتجاهل رأي مخالف مهما كان مصدره؟؟؟ وكيف تحكم علي قوي الثورة السودانية بأنها غير مؤهلة سياسيا ولا فكريا ولا حتي أخلاقيا لتقييم خطواتكم في دروب السياسة ؟؟؟؟ من أين لك بهذا الحكم الخطير والفطير ؟؟؟ قحت لم تسقط في أمتحان الوطنية لمجرد وجودها في حكومات الفترة الإنتقالية بل بالعكس نجحت في الإمتخان والدليل علي ذلك هو إنقلاب البرهان عليها وتنكيله بها والعمل مع العسكر ليس بدعة ففي إنتفاضة ١٩٨٥ رضيت قوي الثورة بمجلس عسكري حاكم له السيادة في الفترة الإنتقالية ويتقاسم التشريع مع مجلس الوزراء ورضي الحزب الشيوعي حينها بهذا وقال عنه أن هذا ما سمح به توازن القوي في فترة الإنتقال وقاد ذلك لأنجح فترة إنتقال توجت بإنتخابات حرة نزيهة وديمقراطية حزبية برلمانية إستمرت لثلاثة سنوات فكيف يكون الأمر هنا خيانة وهو في إنتقاضة ١٩٨٥ أمر مقبول ؟؟؟؟؟؟؟ وكيف يكون خيانة والحزب الشيوعي مساهم في كل الحوارات وموافق علي نتائجها ؟؟؟؟ (طبعا خروجه اللاحق عن قحت لا يعني أنه لم يوافق اصلا علي الحوار مع العسكر ومشاركتهم السلطة)
مقتطف أخر
Quote: وفي القلب من هذه القضايا، تحديد جماهير البرنامج الوطني نفسها، وهي جماهير، تتعدي العمال والمزارعيِّين، والمثقفين الثوريِّين، والرأسمالية الوطنية، لتمضي نحو كل القوى المُتضررة من السير في طريق التطور الرأسمالي، منذ عام ١٩٥٦، والسياسات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الشائهة، المُترتبة على تنفيذ هذا البرنامج
دا الكلام الما إتجاوزت الماركسية وقضايا الثورة السودانية قيد إنملة أولا ليس كل القوي الوطنية بالضرورة رافضة للسير في طريق التطور الرأسمالي هناك قوي سياسية كثيرة ومؤثرة وما رافضة للرأسمالية ولا توافق علي برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية
كان أصلك مقتنع بتعريف الماركسية وقضايا الثورة السودانية بأن أكتوبر فترة وليست مرحلة (وهذا قد ينطبق علي ثورة ديسمبر) فكان عليك أن تعي ذلك لأنه في الفترة دي معاك قوي دايرة ديمقراطية لكن ما رافضة التطور الرأسمالي بكلامك دا أثبت أن الحزب عموما لا يستطيع أن يفرق بين التغيير الجذري (وما قاعد إتعامل معاك علي انك الناطق الرسمي بإسم الحزب) كشعار برنامجي في هذه الثورة والبرنامج الوطني الديمقراطي (في مقالات السر بابو جاول أن يفند أن التغيير الجذري يقود بالضرورة لمرحلة أخري في طريق الثورة الوطنية الديمقراطية .... ربما كان في حقيقته نقطة إفتراق يواصل الحزب في إطار الديمقراطية البرلمانية الليرالية في الدعوة لبرنامجه الإستراتيحي وتواصل القوي الأخري في دعم الديمقراطية والتطور الرأسمالي )
تعرف يا خالد هناك قلق وحيرة شيوعيين بين نموذجين للثورة أو فلنقل ثورتين نموذجيتين الثورة الفرنسية (والتي عرفها ماركس أنها ثورة برجوازية ) وبين الثورة البلشفية الروسية ١٩١٧ و التي عرفها لينين والشيوعين إنها ثورة بروليتارية ورغم سقوط الإتحاد السوفيتي وإشتراكيته المزعومة ما زال نموذج باهرا في أذهان الشيوعيين يحلم الشيوعيين بثورة بروليتارية ويقبلون علي مصص الخوض في ثورة برجوازية (طبعا كرهة في الرأسمالية ولأنهم نقدهم للرأسمالية ...خلافا لماركس ... هو نقد أخلاقي لا علمي)
عشان يحلو الحوار كدي عرج علي مقالات صديق الزيلعي في هذا الشأن فإنها مفيدة وهي مقالات لزول من جوة الكار وما قحتاوي (قحطاوي) في رواية أخري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة