عندما كانت الديناصورات تحكم العالم. وقف بنو البشر ،، ينتظرون فتاتها. عاشوا في هلع ،، يقتاتون ثمار الأشجار ،، يشربون من مياه البرك خوف الإقتراب من موارد العمالقة و يجمعون المياه المتجمعة في الحفر التي تخلفها أقدام الديناصورات و هي تدوس على الأخضر و اليابس .و سكنوا في الكهوف خوف الموت سحقا.
و لكن ..... هناك ... و في بقعة مباركة من الأرض التي قال الله ( أنه جاعل فيها خليفة ) ،، زاحم بعض العمالقة هذه الديناصورات في أرضها ،، و مثل نبات الصبار الصحراوي ،، يقف متحديا ظروف المناخ و خطوط الطول و العرض ،، و كبذور ( العشر ) التي لا تعترف بنوع التربة أو مذاق الماء ،، و لا تأبه إن إنتفع الناس بشجرتها أو تركوها حتى تجف سيقانها و أوراقها و تتطاير ضفائر أسلاكها الفضية. و كريح السموم ،، ينفلت من بين ثنايا الأشجار و سفوح الجبال ،، يجفف حبات الحنطة و يُسقِط ( البرم ) .... و كغمامات الخريف المُزجى سحابا داكنا يجري من الشرق إلى الغرب ، ليعود شمالا ثم ينحرف جنوبا ،، في تراكم مستمر يبشر بالودْق ليخْضَر الزرع و يمتليء الضرع. كحبات الرمال ،، تصحبها الرياح في سهولة و يسر ،، فتنثرها على شجيرات السافنا ( غنيها و فقيرها ) ،، ثم على ذرا الغابات العالية ( الإستوائية منها و غابات السنط و الطلح ) ،، و تلال الشرق المترابطة السلاسل و جبال الغرب المخضرة و أوتاد الشمال بكنوزها المخبوءة ،، و في هيبة تيجان الملوك و عروشهم و صولجاناتهم ،، و بهاء قصورهم ،، و همهمة جحافلهم تشحذ سنابك خيولهم الأصيلة تدك فلول الدخلاء و الطامعين ،، و في نبل الأميرات ،، و خبايا خدورهن ،، و أسرار وصيفاتهن ،، و شموخ و أنفة الملوك و السلاطين و حكمتهم و جبروتهم. و في سحر طلاسم الكجور ،، و أحجبة ( الفقرا ) و محاياتهم ،، و في عبق بخور حلقات الزار و صوت إيقاعاته و في دقات النوبة في حلقات الذكر الصوفي المحلق بين زخات الغبار و في ألوان ثياب الدراويش و في حدة نصال الرماح و شفرات السيوف و في طقطقة مسابح اللالوب و في إنسياب الأذان في البكور ،، و في صوت شيخ يتلو أوراده في هجعة الليل و الناس نيام
و في دعوات الأمهات المقالدات لفلذاتهن المهاجرة بأن ( يحفضك الرحمن من كل إنس و جان ) و في صرير أقلام الأردواز على اللوحات تخط كلام الله على ضوء نيران التقابة و في أنين الحيران عند تلقي العقاب على الفلقة على يد الفكي و الشيخ في الخلوة و المسيد و في تصاعد أبخرة القراصة و الكسرة و البفرة و التيلبون من بين فتحات الطبق ،، و في تحمل ( القرقريبة ) لحر ( الدوكة و الصاج ) بعد برد ماء العجين ،، و في كرم حاتم بالجود بالموجود من صحاف أم رقيقة و عصيدة الدخن و أم تكشو و الكول و المرس و التقلية و التركين و الكسرة الجافة المعطونة بالماء و الملح و في علو المزاج عند جلسات الجبنة و القهوة و العجوة ،، و شاى العصاري و طعم اللقيمات و في فرح أكبادنا بهدوم العيد و العيدية و بالخروف المربوط بحبل قصير و أمامه كومة برسيم و في العزة بالدين و الحمد و الشكر يملآن الميزان و القلوب عند تكبير جموع الحجيج و دموع التوبة تشق المآقي و الخدود ، و جبال مكة تردد الدعاء السرمدي و في فرحة والدين ،، يعمِد القسيس إبنهما بالماء المقدس و أجراس الكنيسة تدق معلنة ميلاد مؤمن جديد ، يؤمن بطهارة مريم العذراء ، و بمعجزات المسيح الممنوحة له من الذات الإلهية ، يرتل الإنجيل و يدير خده الأيمن للمسيء. من بين كل هذا و ذاك ،، و هذه و تلك أطل جيل من العمالقة يضارع الديناصورات طولا ،، و لكنه يبزها نبلا و شهامة و يفوقها خلقا و كرم محتد ، و يمتاز عنها بكل مافي هذا الزخم من صفات الأنبياء و الرسل ،، و حميد خصال الملوك و السلاطين ، فتبعثر أبناؤه و أحفاده كتسرب الدماء في شرايين الجسد الواحد ، شعوبا و قبائل و بطونا و أفخاذا ،، ملأ الرحمن قبضته من كل التراب ،، و خلقهم من عجين صلصاله ، و نفخ فيهم روح واحدة ،، هي نفس الروح إلى أن يرث الله الأرض و من عليها
08-24-2022, 07:27 PM
صديق مهدى على
صديق مهدى على
تاريخ التسجيل: 10-09-2009
مجموع المشاركات: 10216
شكرا ابوجهينة على هذه القطعة التي لم تعرضها كسلعة بل كفكرة درء للفتنة لكن للاسف الكل في محنة لعنة ثلاثين عاما مندفنة اتت متبرجة لا سترةلا فركة لا مصر البيضاء ولا توب زراق ريحتو علكة فسبحان الذي ملكك هذه الفكرة فلم تكملها في صفحة بل زرعتها بذرة في قلوب تنقصها الحنكة المهم كلماتك جذبتني والقت بي في بحيرة بالبصرة حيث العراق التي عاصرت نبتة فيا لها من فرحة ان ترجعنا الي الوراء عقودا ودهورا في هذه الرحلة حيث لم تكون صدفة بل اتت من رجل صاحب فكرة اسأل الله دوام الصحة والعافية وهو في غربة سرقت عمره في لحظة صديق مهدى على الاربعاء ٠٨/٢٤/٢٠٢٢ فنكس اريزونا امريكا
08-25-2022, 04:19 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة