مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع.......

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 05:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-16-2022, 04:05 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع.......

    03:05 PM July, 16 2022

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    كُلُّ مَعْروفٍ صَدقة
    الصَدَقة في هَدْي وسُنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم لا تقتصر على بذل وإنفاق المال فحسْب، بل تتعداها إلى الكثير من الأمور التي يقدر على فعلها الغني والفقير، والكبير والصغير. والسيرة النبوية فيها الكثير من المواقف والأحاديث التي تدلنا على أبواب هذه الصدقات التي لا يُنْفَق فيها درهم ولا دينار، ومن ذلك:

    1 ـ الصدقة على المُصلي المنفرد بالصلاة معه:
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصرَ رجلًا يصلِّي وحْده فقال: ألا رجُلٌ يتصدَّقُ على هذا فيصلِّيَ معه) رواه أبو داود. وفي رواية: (أن رجلاً دخل المسجد وقدْ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ يتصدق على ذا فيصلي معه؟ فقام رجلٌ من القوم فصلى معه).
    قال الهروي: "(ألا رجل يتصدق على هذا) أي: يتفضل عليه ويحسن إليه، (فيصلي معه): ليحصل له ثواب الجماعة، فيكون كأنه قد أعطاه صدقة، وفيه دليل على أن دلالة أحد على الخير وتحريضه عليه صدقة.. سماه صدقة لأنه يتصدق عليه بثواب ست وعشرين درجة، إذ لو صلى منفردا لم يحصل له إلا ثواب صلاة واحدة".
    2 ـ صلاة الضحى:
    عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى (عظم الأصابع، والمراد به العظام كلها) مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تسْبِيحَةٍ صدقة، وكل تحْمِيدَةٍ صدقة، وكل تهْلِيلةٍ صدقة، وكل تكْبيرةٍ صدقة، وَأَمْرٌ بالمَعروف صدقة، ونهْيٌ عَنِ المُنْكرِ صدقة، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى) رواه مسلم. قال القاضي عياض: "قوله: (ويجزئ من ذلك ركعتان من الضحى) أي: يكفى من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء، إذ الصلاة عمل لجميع أعضاء الجسد، ففيه بيان عظيم في فضل صلاة الضحى، وجسيم أجرها".
    3 ـ إماطة الأذى عن الطريق:
    عن أَبي بَرْزَة الأَسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمِطِ (أزِل) الأذى (ما يؤذي) عن الطريق فإنه لك صدقة) رواه أحمد. وفي رواية للترمذي: (وإماطتُكَ الحجرَ والشَّوْكَ والعظم عنِ الطريق لك صدقة).
    4 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ بعلم وحِكْمَةٍ ورفق ومراعاة للمصالح والمفاسد ـ صدقة من الصدقات. عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وأمرُكَ بالمعروفِ ونَهْيُكَ عن المنكرِ صدقة) رواه الترمذي.
    5 ـ تبسمك في وجه أخيك:
    عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة) رواه الترمذي. قال المناوي: "(تبسُّمك في وجه أخيك) أي في الإسلام، (لك صدقة) يعني: إظهارك له البشَاشَة، والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة".
    6 ـ الكلمة الطيبة:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الكلمة الطيبة صدقة) رواه البخاري. قال ابن حجر: "قال ابن بطال: وجه كون الكلمة الطيبة صدقة: أن إعطاء المال يفرح به قلب الذي يعطاه ويذهب ما في قلبه، وكذلك الكلام الطيب فاشتبها من هذه الحيثية".
    7 ـ التسبيح والتحميد والتكبير:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهلُ الدُّثورِ (أصحاب الأموال الكثيرة) بالدرجات العُلى والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به مَنْ بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دُبُرَ (عَقِبَ) كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة. قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) رواه مسلم. قال ابن الجوزي: "وهذا الحديث يتضمن شكوى الفقراء وغِبْطَتُهُم للأغنياء، كيف ينالون الأجر بالصدقة، وهم لا يقدرون، فأخبرهم أنهم يثابون على تسبيحهم وتحميدهم وأفعالهم الخير كما يثاب أولئك على الصدقة".
    8 ـ الصبر على الذي عليه دَيْن:
    إنظار وإمهال الذي عليه دَيْن صدقة للدائن بكل يوم ينظره فيه هذا إذا كان الدَيْن لم يحل وقت سداده، أما إذا جاء وقت سداد الدَّيْن وأنظره صاحب الدَّيْن فله بكل يوم ينظره مثليه صدقة مضاعفة له في الأجر. عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن أنظرَ مُعسِرًا (أَمْهَلَ مَدْيُونًا فقيراً وأجَّل له في مُدَّة سَدادِ دَيْنه) فله كلَّ يومٍ مثلِه صَدقة، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ سمعتُكَ تقول: مَن أنظرَ مُعسرًا فله كلَّ يومٍ مِثلَيْهِ صدقة، قال له: كلَّ يومٍ مثلَه صدقةً قبل أن يَحلَّ الدَّيْن، فإذا حلَّ فأنظَرَ فله كلَّ يومٍ مِثلَيْه صدَقة) رواه ابن ماجه.
    9 ـ الغرْس والزرع:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِس غرْساً، أوْ يَزْرع زرْعاً، فَيَأْكُل منه طيْرٌ أوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمةٌ، إِلَّا كانَ له به صدقة) رواه البخاري.قال القاضي عياض: "الحديث: فيه الحض على الغرس واقتناء الضياع، كما فعله كثير من السلف، خلافًا لمن منع ذلك. واختصاص الثواب على الأعمال بالمسلمين دون الكفار. وفيه أن المسبب للخير أجرٌ بما تنفع به، كان من أعمال البر أو مصالح الدِين"، وقال الشيخ ابن عثيمين: " ففي هذا الحديث حث على الزرع، وعلى الغرس، وأن الزرع والغرس فيه الخير الكثير، فيه مصلحة في الدين، ومصلحة في الدنيا.. وفي هذا دليل على أن المصالح والمنافع إذا انتفع الناس بها كانت خيراً لصاحبها وأجراً وإن لم ينو، فإن نوى زاد خيراً على خير، وآتاه الله تعالى من فضله أجراً عظيماً". وقال ابن هبيرة: " في هذا الحديث من الفقه: أن الله تعالى يحتسب للعبد أعمال البر مضاعفة وبما ينتهي إليه، وكل ما يبلغ من مبالغها، فإن من غرس شجرة كان له ثواب كل من أكل منها، واستظل بظلها، أو اهتدى في الطريق بها أو غير ذلك، فكذلك إذا زرع زرعا. وفيه أيضا: أنه إن أكل من ذلك آدمي حسب بذلك صدقة، وكذلك إن أكل منه طائر أو بهيمة؛ لأن الكل خَلْق الله تعالى".
    10 ـ ومن الأمور كذلك التي حثنا النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأمرنا بها في أحاديث كثيرة ـ وهي من باب الصدقات بلا إنفاق مال ـ: إِرْشَادُك الرَّجُل في أرْض الضَّلال لك صدقة (مَن أرشَد إنساناً ضالًّا إلى الطَّريقِ الذي يريده، كان له كأجرِ صدقة)، وبصَرُك للرَّجُل الرَّديء البصر لك صدقة (أي: ومَن أعان كفيف البصَرِ على بُلوغِ أمره ووصوله مطلَبَه، كان له كأجرِ صدقة)، وإِفْرَاغُك مِنْ دَلْوِك في دَلْوِ أخِيك لك صدقة، وكلُّ خطوةٍ تخطوها إلى المسجد صدقة، وعَدْلك (إصلاحك بالعدل) بيْن الاثْنيْن صدقة، وإعانتك الرَّجُل علَى دابَّتِه بأن تحمله عليها، أوْ تَرْفع عليها متاعَه صدقة، والشربة من الماء، وعيادة المريض صدقة، واتباع الجنازة صدقة، وتسليمُك على الناس صدقة، وردُّك السلام صدقة.. بَلْ وكفُّك الشرَّ والأذى عن الناس صدقة منك على نفسك.

    من خلال المنهج النبوي الذي يوجهنا دائماً إلى طريق الخير والصلاح، والسعادة والفلاح، علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة لا تقتصر على بذل وإنفاق المال فحسْب، بل تتعداها إلى الكثير من الأمور التي يقدر على فعلها الغني والفقير، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها وحث عليها حتى يرسخ المَودَّةِ والحب والإخاء والتَّكافُل بينَ أفراد المجتمع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (كلُّ معروفٍ صدقة) رواه البخاري. وفي رواية عند الطبراني: (كلُّ مَعْرُوفٍ صَنَعْتَهُ إلى غَنِيٍّ أوْ فقيرٍ فهو صدقة).
    قال الماوردي: "المعروف نوعان: قول، وعمل، فالقول: طيب الكلام وحسن البِشْر، والتودد بجميل القول، والباعث عليه حسن الخُلق ورقة الطبع، والعمل: بذل الجاه، والإسعاف بالنفس، والمعونة في النائبة، والباعث عليه حب الخير للناس وإيثار الصلاح لهم، وهذه الأمور تعود بنفعين نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذِكْر، ونفع على المُعَان بها في التخفيف والمساعدة فلذلك سماه هنا صدقة". وقال ابن بطال: "والمعروف مندوب إليه، ودل هذا الحديث أن فعل المعروف صدقة عند الله يثيب المؤمن عليه ويجازيه به، وإن قلَّ لعموم قوله: (كلُّ معروفٍ صدقة)، سواء قُدِّم المعروف لغني أو لفقير، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كُلُّ مَعْرُوفٍ تَصْنعه إلى غنِيٍّ وفقِيرٍ فهُوَ صدقة)". وفي كتاب "منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم": "(كل معروف) أي: عُرِف في الشّرع بأنّه قُرْبَة، من قول أو فعل، (صدقة) أي: كلّ ما يفعل من أعمال البرّ والخير فثوابه كثواب من تصدّق بالمال، وسُمِّيَت صدقة، لأنّها من تصديق الوعد بنفع الطّاعة عاجلا وثوابها آجلا. وفيه إشارة إلى أنّ الصّدقة لا تنحصر في المحسوس، فلا تختصّ بأهل اليسار مثلا، بل كلّ أحد يمكنه فعلها غالبا بلا مشقّة".
    copied






                  

07-17-2022, 12:53 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    سلطان الأباريق ....
    يحكي أنه في يوم من الأيام كان هناك رجلاً مسئولاً عن الإشراف على الأباريق لأحد الحمامات العمومية، فكان يومياً يتأكد أن جميع الأباريق مليئة بالماء بحيث يأتي أي شخص ويستخدم هذه الأباريق لقضاء حاجته ثم يعيد الإبريق إلى الرجل من جديد فيعود ملئه للشخص التاني وهكذا .
    وذات مرة جاء شخص مسرعاً إلى الحمام وكان يبدو عليه آثار الإستعجال فخطف أحد هذه الأباريق بسرعة كبيرة وانطلق عل الفور به إلى دورة المياه، فصاح به الرجل المسئول عن الأباريق وأمره بالعودة إليه، فعاد الرجل على مضض، وأمره المسئول أن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه بدلاً عنه، فأخذ الشخص الإبريق المقصود ثم مضى إلى دورة المياه، وحين عاد حتى يسلم الإبريق سأل المسئول قائلاً : لماذا أمرتني بالعودة وتبديل الإبريق مع أنه لا يوجد أي فارق بين جميع الأباريق، فكلها مملوءة بالمياه والغرض منها واحد لا يختلف،
    رد عليه مسئول الأباريق : إذاً ما عملي هنا ؟!
    إن مسئول الأباريق يشعر بأهمية عمله وأنه يجب أن يتحكم بأمر الأباريق، على الرغم من أن عمله لا يحتاج كل هذا التعقيد والتحكم ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق، والعبرة أن سلطان الأباريق موجود بيننا جميعاً وكثيراً ما نقابله في حياتنا في الكثير من المصالح،
    ألم يحدث معك من قبل خلال محاولتك لإنجاز أي عمل يخصك أن قابلك شخص حاول تعطيل عملك لأمر تافه .. واجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك: أترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين على الرغم من أن هذه المراجعة لا تحتاج أكثر من دقائق معدودة .. إنها عقدة سلطان الأباريق.
    دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مستجابة.( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فأشقق عليه.اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به ). الوصية لكل مسلم أن يرفق بالمسلم.و كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته.سهلوا معاملات المسلمين و لا تصعبوا عليهم. سهلوا عليهم يسهل الله عليكم في الدنيا و الآخرة.تذكروا الأخرة و لا تعطلوا مصالح المسلمين. لا تضعوا قوانين تعطل مصالحهم.فربنا يغفر كل شيء إلا حقوق العباد.
    --------


    كنت أظن أن العبادة السهلة البسيطة التي لا تحتاج إلى مجهود بدني أو مادي هي الذكر فقط

    ولكن اليوم بعد أن قرأت هذه الرسالة للشيخ محمد لبيب حفظه الله يقول فيها: (بعضا منها):
    عبادات سهلة جدا ولا تحتاج لأي مجهود مادي أو بدني:

    ١- عبادة الرضا
    الرضا بما قسمه الله لك أيا كان لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال

    ٢- عبادة جبر الخواطر
    وهذه أيضا عبادة سهلة وهي كلمتين حلوين تكسب بهم قلوب الناس

    ٣- عبادة قضاء حوائج الناس
    وهذه تأتي لأغلبنا عندما يحتاجك البعض كي تساعده للوصول لغايته أو لقضاء حاجة

    ٤- عبادة الكلمة الطيبة صدقة
    كلمة حلوة من لسانك يشهد لك بها يوم الحساب

    ٥- عبادة حسن الظن
    أترك البواطن لله لأن ربنا هو الذي يحميك من الشر

    ٦- عبادة جميلة هي زكاة العلم
    وهو أنك إذا سألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين عن طريق أحدهم... ابعثها لكل الناس أفدهم بها

    ٧- عبادة التفاؤل والأمل بالله
    أي والله التفاؤل عبادة "أنا عند ظن عبدي بي"

    ٨- عبادة ترك مالا يعنيك
    وهو عدم التدخل في أي حاجة لا تعنينا ونترك التحليلات والاستنتاجات التي تؤدي إلى سوء الظن

    *"يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"*

    ٩- عبادة التغافل
    لا تدقق كثيرا في عيوب غيرك
    لأنه من عاب شيئا على أحد وقع فيه وأصابه نفس العيب

    ١٠- عبادة الإمهال والصبر
    تمهل وتصبر تعطي المخطئ فرصة أخرى لعل وعسى أن تكون له مُعين

    ١١_ عبادة وقف الشائعات عندك
    وهذه عبادة مهمة جدا بأنك إذا سمعت كلاما سيئا عن أحد دعه يقف عندك

    ١٢- عبادة التبسم
    تبسمك في وجه أخيك صدقة

    ١٣- إدخال السرور على قلب انسان .
    سواء بلين المعاملة أو الصفح عنه أو التبسم له أو الهدية أو المعونة أو الكلمة الطيبة أو البشرى أو غيرها

    ١٤ - عبادة صلة الارحام

    أظن لا يوجد أسهل من هذه العبادات فلنعود أنفسنا دوما على فعل الخير.
    copied
                  

07-18-2022, 12:28 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الدعاء للأبناء منهج الأنبياء
    روى الذهبي في كتابه العظيم "سير أعلام النبلاء" في ترجمة سليم بن أيوب الرازي (13/ 265)، ما حكاه سليم عن نفسه: أنه ذهب وهو صغير إلى الملقن (المحفظ) ليحفظه القرآن، فطلب منه أن يقرأ الفاتحة، قال فعجزت لعجمة لساني، فقال لي الملقن: هل لك من أم؟ قلت: نعم. قال فاسألها أن تدعو لك أن يحفظك الله القرآن ويعلمك العلم.. فرجعت إلى أمي فسألتها ذلك.. فدعت لي.
    فيسر الله تعالى له أن يدخل بغداد فيتعلم العربية ويحفظ القرآن والحديث، ويتفقه على علماء الشافعية في العراق، حتى برز وصار إماما، ثم رجع إلى بلاده فجلس يعلم الناس..

    الأبناء هم قرة العيون، وبهجة النفوس.. وهم زينة الحياة، ومنة الإله (المال والبنون زينة الحياة)(الكهف:46)..
    وكلنا يسعى في تربية ولده وصلاحه، ولا تتم لنا سعادة حتى نراهم صالحين مطيعين لربهم نافعين لأنفسهم ودينهم وأوطانهم.

    وإن من أعظم أسباب صلاح الذرية ـ بعد الأخذ بالأسباب المادية ـ كثرة الدعاء لهم والتضرع إلى الله ليصلحهم.

    منهج الأنبياء
    وهذا الدعاء للأبناء هو منهج السادة الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وهم أعلم الناس بطرق التربية الصحيحة، وأحرص الناس على أولادهم وما يصلحهم.. وقد كانوا صلوات الله عليهم يدعون الله لأبنائهم بالصلاح قبل ولادتهم وبعدها.

    هذا إبراهيم عليه السلام يدعو الله ويقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)(الصافات:100).

    وزكريا يدعو بعد أن كبرت سنة وامرأته عاقر: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(آل عمران:38).
    وهو القائل: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)(مريم:5، 6).
    والوراثة هنا وراثة النبوة والدعوة وليست وراثة المال وحمل الاسم، لأن الأنبياء لا يورثون كما قال صلى الله عليه وسلم: (نحنُ معشرَ الأنبياءِ لا نورَثُ ما ترَكناهُ فهو صدقةٌ) وهو في البداية والنهاية، وأصله في صحيح مسلم قال: (لا نورَثُ ما ترَكناهُ فهو صدقةٌ).

    وامرأة عمران رضي الله عنها لما علمت أنها حملت دعت ربها سبحانه وقالت: (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(آل عمران:35).

    فاستجاب الله دعاءهم، ووهبهم الذرية الطيبة.. فهل توقفوا عن الدعاء لهم؟ لا.

    هذا إبراهيم عليه السلام يدعو لأولاده ويقول: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)(إبراهيم:35)، ودعا لهم أيضا بقوله: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)(إبراهيم:40).

    ولما وضعهم عند البيت دعا ربه بالدعاء المشهور: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(إبراهيم:37).
    فدعا لهم بصلاح الدين، وسعة الرزق، ومحبة الخلق، وأن يكونوا من الشاكرين.

    وامرأة عمران لما وضعت وخرج المولود أنثى، لم يمنعها ذلك أن تَهَبَها لخدمة بيت المقدس، وأن تدعوَ ربها ليحفظها ويُنبتَها نباتًا حسنًا، بل دَعَتْ بما هو أكبر من ذلك؛ فقالت: (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(آل عمران:36).
    فكانت ثمرة هذه الأدعية ما تعلمون.

    النبي يعلم أمته
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو سيد النبيين ـ يعلم أمته هذا الأمر، فيأمرهم بالدعاء لذرياتهم قبل مجيئهم وبعد أن يرزقهم الله إياهم.
    روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَمَا لو أنَّ أحَدَهُمْ يَقولُ حِينَ يَأْتي أهْلَهُ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بيْنَهُما في ذلكَ، أوْ قُضِيَ ولَدٌ؛ لَمْ يَضُرَّهُ شَيطانٌ أبَدًا).

    وكان صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بأن يكثروا من الدعاء لأولادهم، ويعلمهم أن دعوة الوالد لولده مستجابة لا ترد: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ)(البيهقي وحسنه الألباني).

    وكان هو عليه صلوات الله وسلامه يدعو لأحفاده، الحسن والحسين ويعوذهما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.

    سبيل المؤمنين
    والدعاء للأبناء كما أنه منهج الأنبياء الكرام كذلك هو منهج عباد الرحمن؛ فقد وصفهم الله تعالى بذلك فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)(الفرقان:74).
    قال أهل التفسير: "يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده ويعمل بطاعته، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة".
    قال عكرمة: "لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين".

    وفي سورة الأحقاف حكاية عن المؤمنين قولهم: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(الأحقاف:15).

    الفضيل وابنه
    كان الفضيل بن عياض سيدا من سادات هذه الأمة، وكان كثيرا ما يدعو الله لابنه علي ويقول: "اللهم إني اجتهدت في تربية علي فلم أقدر.. فربه أنت لي".. فما زال يدعو حتى قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "خير الناس الفضيل بن عياض، وخير منه ابنه علي".
    وقال سفيان بن عيينة: "ما رأيت أحدا أخوف من الفضيل وابنه"..

    فدعوة الوالدين لها دور كبير في صلاح الأولاد، فلنكثر من الدعاء لأبنائنا؛
    فكم من دعوة يسرت عسيرا، وفتحت مغلقا.
    وكم من دعوة ردت شاردا، وقربت بعيدا، وأصلحت فاسدا، وهدت ضالا.
    وكم من دعوة دعا بها أب لابنه فسعد بها الابن، وسعد به أبوه في الدنيا والآخرة.

    فاللهم هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
    =======
    الحياة الزوجية ليست لقاءً عابرا، أو صحبةَ يوم أو يومين، وإنما هي صحبةٌ الأصل فيها الديمومة، فهي شراكة طويلة وحياة ممتدة لسنوات في الغالب طويلة، وإذا لم تكن هذه الحياة مطمئنة سعيدة كانت عبئا على أصحابها وباب هم وغم ونكد، ولذلك أمر الإسلام بكل ما يلزم من أسباب السعادة والهدوء والدعة والاستئناس بين الزوجين خاصة، وأفراد الأسرة عامة .. ومن أهم أسباب السعادة والاطمئنان ما أمر الله تبارك وتعالى به الأزواج من حسن المعاشرة والتلطف قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19].

    وإنما خص الله تعالى الرجال بهذا الأمر، وإن كانت النساء أيضا مأمورات به، لأن المرأة هي الطرف الأضعف في هذه الشراكة، وهي الأكثر احتياجا لهذا من الرجل، وأيضا لطبيعتها التكوينية والنفسية فهي أكثر تأثرا به وتفاعلا معه، ثم للمردود الحسن لمن يحسن إليها.. إلى غير ذلك من العواقب المحمودة لحسن العشرة.

    وحسن العشرة باب واسع تندرج تحته تفصيلات كثيرة، ونحن نذكر بعض ذلك ولا يخفى عدم الحصر:
    ا. التلطف والمداعبة:
    كما كان النبي صلوات الله وسلامه عليه، يتلطفُ مع زوجاتِه، ويُحسنُ عشرتَهنَّ، بل كانت له في ذلك لمساتٌ رقيقةٌ، فمن ذلك:
    . أنه كان يختارُ لزوجتِهِ اسمَ تدليلٍ (دلع) تلطفاً وتقربا وتحببا فكان يقول لعائشة : ((يا عائش)).

    . وكان يتعمَّدُ أن يشربَ أو يأكلَ منَ الموضعِ الذي شرِبَتْ زوجتُه منه أو أكلَتْ، فعن عائشة قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في، فيشرب.. وأتعرق العِرق، وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في).[رواه مسلم].
    ومعنى أتعرَّق العرق: "يعني آخذ اللحم من العرق بأسناني، وهو عظم أخذ معظم اللحم منه وبقيت عليه بقية، والمراد هنا العظم الذي عليه اللحم".
    والحديث فيه أَرَقُّ وأجمل وأعلى أنواع الملاطفة والمجاملة والتودد والتحبب. فصلى الله عليه وسلم.

    في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك).
    ومعنى الحديث: أنه يؤجر على ما ينفقه في نفقة زوجته..

    وروى البخاري في صحيحه في "باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل": عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يَلعَقها أو يُلعِقَها). قال الإمام النووي : "المراد إلعاقُ غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم وولد".

    ب ـ المسابقة والملاعبة
    أخرج أبو داودَ، والنسائيُّ عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالت: خرجتُ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا خفيفةُ اللحمِ فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِهِ: (تَقدَّمُوا) ثمَّ قالَ لي: (تعالي حتى أسابِقَكِ فسَابَقَنِي فَسَبقْتُهُ)، ثم خرجتُ معَه في سفرٍ آخرَ، وقد حملتُ اللحمَ فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِه: (تَقدَّمُوا) ثم قال لي: (تعالي أُسَابِقَكِ) فسابَقَنِي فسَبَقَنِي فضربَ بيدِهِ كَتِفِي وقالَ: (هذهِ بتلك).

    ج ـ المؤانسة والمجالسة:
    وذلك بأن يفرغ كل من الزوجين من وقته ليجلس مع الآخر، فيتحدثان أو يعملان عملا مشتركا، ويستمع كل منهما للآخر، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع زوجاته..
    فقد روى الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه).

    ومن أشهر شيء في ذلك حديث أم زرع الطويل الذي قصته عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم فجلس يسمع من غير ضجر، ويستمتع من غير ملل، حتى علق عليها في آخر الحديث ليدل على اهتمامه بسماعها وكلامها، واستمتاعه بذلك وعدم السآمة.. فاختار أحسن الأزواج وشبه نفسه به وقال: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلق).

    ومنه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يضَعُ رأسَهُ في حِجري وأنا حائضٌ ويقرأُ القرآنَ)[ابن ماجه].
    وفي الحديثِ: حُسْنُ عِشْرةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُراعاتُه لأحوالِ زوجاتِه، وكريم شمائله وأخلاقه.

    د ـ المدح والإطراء:
    المدح إكسير الحياة الزوجية، والمرأة تحب أن تسمع كلام الإطراء والثناء، ويسعدها أن يتغزل بها زوجها، وكذا الرجل، والأذن تعشق قبل العين أحيانا...
    وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أروع مثال: فكان يمتدح عائشة ويقول: (فضل عائشةَ على النساء ِكفضل الثريدِ على سائر الطعام)[متفق عليه].

    وروى البخاري بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: (يا عائشُ! هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته...).

    وسأَلَته يوما: (يا رسول الله من من أزواجك في الجنة؟ قال: أما إنك منهن؟)[رواه الحاكم وصححه].
    وروى البيهقي في دلائل النبوة، وأبو نعيم في حلية الأولياء عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله وكنت أغزل، قالت: فنظرت إليه، فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا، قالت: فبَهِتُّ، فنظر إلي فقال: ما لك بهت؟ فقلت: يا رسول الله نظرت إليك فجعل جبينك يعرق وجعل عرقك يتولد نورا، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بقوله بشعره. قال: وما يقول يا عائشة أبو كبير الهذلي؟ قلت: يقول هذين البيتين:
    ومبرأٌ من كلِّ غُبَّرِ حيضةٍ .. .. وفســادِ مرضعةٍ وداءٍ مُغْيِلِ
    وإذا نظرتَ إلى أَسِرَّةِ وجههِ .. برقَتْ كبرقِ العارضِ المتهّللِ
    قالت: فوضع صلى الله عليه وسلم ما كان بيده وقام إلي وقبل ما بين عيني وقال: جزاك الله خيرا يا عائشة ما سررتِ مني كسروري منك)[الحلية: 2/46].

    هـ ـ إظهار المحبة
    وإذا كان بعض الرجال يأنف أو يستحي من ذكر ذلك، فقد كان أكرم الناس يفعله ويعلنه:
    جاء في الصحيح أن عمرو بن العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: (أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قال أبوها)[البخاري].

    وقد كان هذا مشهورا بين الصحابة رضوان الله إليهم، حتى كانوا (يتحرون بهداياهم يوم عائشة. يبتغون بذلك مرضاة رسول الله)[رواه مسلم].

    وجاءته فاطمة ابنته يوما فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة... فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟ فقالت: بلى. قال: فأحبي هذه)[رواه مسلم].

    فصلوات الله وسلامه عليه، ما مر على ظهر الأرض أفضل ولا أكرم ولا أكمل ولا أحسن معاشرة لزوجه وأهله منه كيف لا وهو القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)(رواه الترمذي وابن ماجه).
    فعلى المسلمين أن يتعلموا من نبيهم ويأتسوا به {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب:21).
    ==============
    عندما يؤرخ الباحثون لمفهوم "ثقافة الاستهلاك" ويدرسون تداعياته الاقتصادية والنفسية والمجتمعية فإن هذا لا يعني أن الإنسان لم يكن يستهلك سلعاً وخدمات في يوم من أيامه، فقد خُلق الإنسان ضعيفاً مفتقراً إلى العديد من الضروريات والحاجات، مجبولاً على التفاخر والتكاثر في الرفاهيات والكماليات، وعندما عاندت الماركسية نواميس الإنسان والحياة الاجتماعية صارت أحاديث ومُزقت كل ممزق.

    إنهم يؤرخون للفترة التي تحول فيها البيع والشراء من عملية اقتصادية ضرورية لسير الحياة وانتظامها، إلى غاية نفسية واجتماعية يسير نحوها الأفراد والشعوب، وكأنها عملية معكوسة لم تعد فيها ثورات الصناعة والاتصالات وتسهيلات التجارة تخدم الإنسان، بل صار مُنتهَكاً باللعب على أفكاره وإعادة تشكيل دوافعه وإدمانه للسلع والأشياء ليبقى خادماً لهذه الوسائل فتبقى هي أيضاً بل تزدهر وتتوسع.
    وفي البداية كانت ثقافة الاستهلاك مبحثاً اقتصادياً، لدراسة أنماط السوق، وتدخلت العلوم النفسية والاجتماعية لخدمته أيضاً بهدف تسويق السلع، حتى بدأت آثاره السلبية تظهر وتتعاظم في مناحٍ مختلفة، بدءاً من الفقر والاكتئاب والإدمان واختلال القيم وحتى الإضرار الكبير بالبيئة.
    النزعة الاستهلاكية وفقاً ليانيس جبريل وتيم لانج (1995م) تشمل خمس دلالات واضحة، هي: مذهب أخلاقي، ووسيلة لترسيم الوضع الاجتماعي، ووسيلة للتنمية الاقتصادية، وتحديد السياسة العامة، وحركة اجتماعية.
    وتعرف بأنها مجموع السلوكيات والمواقف والقيم التي ترتبط باستهلاك السلع المادية.

    تاريخ ثقافة الاستهلاك:
    لا يوجد إجماع على التاريخ الذي بدأت فيه ثقافة الاستهلاك، فقد ذهب نيل ماكندريك ورفاقه إلى أن ثقافة الاستهلاك بدأت في القرن الثامن عشر في إنجلترا لتسويق الأزياء مع التغيير في الذوق العام.
    ويلخص دون سلاتر نشأة ثقافة الاستهلاك بقوله: بدأت تلك الثقافة مع انتشار واسع ووفرة للسلع الاستهلاكية في الحياة اليومية للناس من مختلف الطبقات الاجتماعية، وأشعل هذا الاستهلاك تغيرات الذوق العام في الأزياء والمظاهر، ورسخت من خلال تطوير البنى التحتية والمؤسسات والممارسات التي استفادت من الأسواق الجديدة، مثل: الإعلانات، والتسويق.

    النظرة للذات:
    لم يقتصر أثر النزعة الاستهلاكية في الإحساس بالنفس على ربط التقدير والمكانة والرضا بامتلاك الأشياء والحصول المستمر على المزيد منها، وإنما تعدى ذلك إلى "تسليع" الذات.
    وأثرت المادية والضغط الاستهلاكي في نظرة الإنسان لنفسه، في تقديره لها وإحساسه بمكانته، فامتلاكه للأشياء وحصوله عليها أصبح يحتل مكانة عليا في إحساسه بالرضا والأمان والثقة، ليس هذا فحسب بل أصبح ينظر لجسده على أنه شيء مادي خاضع للتقييم والمقارنة.
    تتلاعب الإعلانات بـ"صورة الجسد" فتضع الناس تحت ضغط صور مثالية، ثم تقدم عروضاً ترويجية للجسم بإفراط في التبسيط والتخييل، تصور تقنيات التخسيس وجراحات التجميل والملابس وأدوات الزينة وغيرها على أنها ستجعل الناس ينظرون للشخص نظرة مختلفة، وستسهل طريقه للمتعة المنشودة.

    التمحور حول المتعة:
    ثقافة الاستهلاك ترسخ للمتعة على أنها هدف محوري ونهائي، يقول باتشر: "لم يعد الأبطال الشعبيون هذه الأيام الأقوياء الذين يبنون الإمبراطوريات ويقدمون اختراعات ويتفوقون في مجالات الحياة المهمة، وإنما المشاهير ونجوم السينما والمطربين الذين يتصفون بالجمال الخارجي ويعتنقون فلسفة المتعة بدلاً من الانضباط والكد".
    مكنت هيمنة وسائل الإعلام المرئية لخلق نمط حياة غامض وجذاب مرتبط بالسلع، وبعض الموضوعات تتكرر في الإعلانات وتوجه ثقافة المستهلك نحو سلع تمنحه إياها، مثل: الشباب، والجمال والطاقة واللياقة البدنية، والحركة، والحرية، والرومانسية، والتفرد والفخامة والمتعة.
    تضع ثقافة الاستهلاك الإنسان في أزمة مع جسده وصورته ومظهره، وتقدم نمطاً مثالياً للخروج عن الصفات الطبيعية للجسد البشري، وتقديم صوراً بلاستيكية، تجعل الإنسان في عداء مع التغيرات الطبيعية الطارئة عليه، وربطها بالمهانة وفقدان المكانة والسعادة، فالثقافة الاستهلاكية تتعامل مع الجسد وتعرضه كوسيلة للمتعة، وتربط بين ذلك وبين ضرورة تمتعه بصورة مثالية يتحقق فيها الشباب والصحة والجمال والرشاقة، وفي سبيلها يظل الإنسان أسيراً للشراء، ودائراً في دوامة استهلاكية لا تتوقف.

    ثقافة الاستهلاك قوانين جديدة:
    للاستهلاك قيمه وقوانينه، وحالة الإغراق في الاستهلاك تتناسب عكسياً مع الحفاظ على المقتنيات وإصلاحها وتطويرها، مدمن الاستهلاك لا يعرف كيف يصلح شيئاً، بل يلقي به ويشتري غيره مهما كان العطل بسيطاً، فلم يعد الإصلاح مهارة وذكاء، بل ربطته ثقافة الاستهلاك بصفات ذميمة مثل البخل وضيق الأفق.
    ولنتخيل إنساناً يزدري فكرة إصلاح الموجود، لصالح شراء الجديد؛ كيف ستكون علاقاته الاجتماعية! إن منظومة القيم التي ينتهجها إنسان ما لا تؤثر على جزء من حياته دون آخر، والعادات السلوكية لا ينحصر تأثيرها في زاوية واحدة، ومن هنا فإن ثقافة الاستهلاك ليست عادة في التسوق فحسب، وتداعياتها لا تقتصر على الجانب الاقتصادي وحده، بل تتعداه إلى أمور أخطر مثل التعامل مع الإحباط، وطريقة تقييم الأشياء، وسلم الأولويات، ومعايير تقدير الشخص لذاته وللآخرين.

    قيمة الصبر في مواجهة قيم الاستهلاك:
    إن الصبر خلق عظيم، يخطئ البعض بتصوره سكوناً محضاً، فإن الصبر الجميل هو حبس النفس عن التصرفات الحمقاء والكلمات التي لا تزيد المشاكل إلا تعقيداً.. الصبر هو بداية الحل، لأن الصابرين هم الذين يعطوا لعقولهم الفرصة للتفكير الصحيح، ولقلوبهم الطمأنينة للدعاء واليقين.
    تتنافى ثقافة الاستهلاك مع قيمة الصبر، فالصبر يحمل معاني التؤدة والتروي والنظر في الأمور من أوجهها المختلفة، الصابر لا يطيش مع الدعاية، ولا يسارع بإنفاق المال لضغط إعلان قبل أن ينظر في نفسه هل يحتاجه بالفعل؟ وهل يلبي هذا الشيء احتياجه، ومن يفعل ذلك لن يدور في دوامة الاستهلاك. كما أننا نجد أن العلاقات الإنسانية في الإسلام قائمة على الصبر، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}.
    والمتأمل للعلاقات الإنسانية عموماً، والزواج بشكل خاص؛ يرى بوضوح آثار غزو القيم الاستهلاكية، فمن البداية تقدير ملائمة الرجل والمرأة للزواج ينصرف إلى خصائص "سلعية" تركز على جاهزية كل منهما لإحضار أكبر كم من الأشياء والسلع، فبيت الزوجية يُبنى على "الأشياء" وليس "القيم والأخلاق".

    مرتكزات المسلم في دوامة الاستهلاك:
    1ـ تعزيز قيم التوسط والاعتدال، والتأكيد على القاعدة الكلية القرآنية في الإنفاق بشكل عام، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}.
    2ـ تغيير النظرة للمال من اعتباره وسيلة للمتعة وهو منطلق الثقافة الاستهلاكية، ومن اعتباره مصدراً للأمان وهو مدخل البخل والمنع، إلى التركيز على كونه أمانة سيسأل عنها الإنسان بين يدي الله: (وعنْ مالِهِ منْ أينَ اكتسبَهُ وفيم أنفقَه).
    فالمسلم يتعامل مع المال على أنه أمانة، ولا يتنافى هذا مع حصوله على نصيبه من الدنيا والتمتع بالطيبات، ولا مع الادخار: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) (البخاري).
    3ـ تعزيز ثقافة الشكر، فخير ما تواجه به ثقافة الاستهلاك إعلاء ثقافة الشكر، والتي هي مرتكز إسلامي أصيل؛ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، الشكر ابتداء من تقدير النعم وتعظيم الامتنان للخالق الوهاب، وعمل القلب واللسان حمداً وثناء ومحبة، وعمل الجوارح بالحفاظ عليها واغتنامها وإعانة المحروم واستثمارها في الخير، فالعقلية الشاكرة تحفظ وتراعي لأنها في الأصل تقدر وتمتن، وهي تقدر النعم جميعها، وتعي أن العلاقات فتنة ليست فقط بالبلاء والأذى، وإنما بالنعمة والصبر على الشكر وأداء الحقوق ورعايتها.

    4ـ إعلاء القيم والمعاني فوق الأشياء، إذ تحتاج المجتمعات في مواجهتها لغزو الاستهلاك وربط السعادة والمكانة بالسلع والشراء إلى التنبه والتصحيح المستمر للأفكار والصور الدخيلة، وعدم الملل من إرساء المفهوم القرآني للكرامة: {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
    ومن ذلك إعادة الاعتبار للمهارات فوق الماديات، والإعلاء من قدرات الإصلاح والترميم والتطوير. وإعلاء قيمة العمل فوق الشراء، وعدم الاحتفاء بما يقتنيه الإنسان وإنما بما ينتجه.
    5ـ تحرير مفهوم المتعة:تلعب الثقافة الاستهلاكية على وتر المتعة، وذلك من خلال أمرين،
    الأول: تضييق أفق المتعة بحصرها في موضوعات معينة، وتحويل المتع الشعورية إلى مسارات جسدية أيضاً.
    والثاني: ربط الحصول على هذه المتع مادية وشعورية بشراء ما ليس لديك، بالحصول على ما تفتقده، فيبقى الإنسان رضيعاً لا يُفطم أمام إغراء الجديد، وكأن لديه حاجة فعلية وماسة للشراء، بينما هي حاجة وهمية اكتسبت قوتها من ارتباطها بمفهوم المتعة.

    لذا فإن المواجهة ينبغي أن تعمل على المسارين: بإعلاء قيم المتعة الروحية والفكرية، والتوجيه نحو استغلال الموجود والمتاح، ونشر الوعي بأن الرضا هو أولى خطوات الاستمتاع بالحياة، وفك كل ارتباط بين الحصول على متعة ما وبين السلع، وكذلك بين السعادة والمثالية المزعومة، فالصحة والشباب والجمال لا تكتمل، ولا يعني نقصانها غياب السعادة، كما أنها لا تقبع في مشروب أو مسحوق.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الأستاذة مي عباس بـــ"تصرفـ" في المقال
                  

07-19-2022, 05:14 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    . *من هو المحظوظ؟*
    يتكلم الناس ان فلان حظه طيب . عنده بيت عنده سيارة عنده وظيفة عنده مرة يازينها عنده أولاد صاحب منصب عنده علاقات قوية عنده واسطة .
    هذه كلها حظوظ ولكن من حظوظ الدنيا ولا حسد فيها .
    اذا من هو المحظوظ حقا .....!!!!!؟
    المحظوظ الحقيقي هو

    * من لم يحُرِمَ الخَيْرَ* :

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قرأ الآيتين الاخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه وهي لا تستغرق دقيقة واحدة ، ويقرأها .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قرأ اية الكرسي بعد كل صلاة لا يمنعه من دخول الجنة الا ان يموت .. ويقرأها ..
    وهي لا تستغرق دقيقة واحدة.

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قرأ اية الكرسي عند النوم لا يزال عليه حافظ من الله حتى يصبح ولا يقربنه شيطان .. ويقرأها ..
    وهي لا تستغرق دقيقة واحدة.

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن قراءة سورة الاخلاص 3 مرات تعدل ختم القران الكريم ويقرأها ..
    وهي لا تستغرق دقيقة واحدة.

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنه(حسنة) ويقول ذلك ..
    وهي لا تستغرق ثواني معدودة.

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن قول :
    سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله و الله أكبر .
    خير مما طلعت عليه الشمس ويقول ذلك .
    وهي لا تستغرق ثواني معدودة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن قول :
    لاإله الاالله وحدهـ لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيءقدير ، 10 مرات
    بعد صلاة المغرب وبعد صلاة الفجر
    تعدل عتق 4 رقاب من ولد اسماعيل عليه السلام ويقول ذلك وهي لاتستغرق دقيقة واحدة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قال :
    اللهم أجرني من النار ، 7مرات
    حينما يمسي كُتب له جوار من النار حتى يصبح
    ومن قالها حينما يصبح كُتب له جوار من النار حتى يمسي
    ويقولها وهي لاتستغرق دقيقة واحدة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ..
    تحل له شفاعة النبي ﷺ يوم القيامة .. ويقولها وهي لاتستغرق دقيقة واحدة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن من قال :
    اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ .
    صباح مساء.
    تُذهب عنه الهم وتقضي عنه الدين !؟
    ويقولها وهي لا تستغرق ثوانٍ معدودة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن اليوم والليلة 24 ساعة ويستطيع أن يقرأ جزء من القرآن وهو لا يستغرق 20 دقيقة تقريبا .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن وقت الضحى يقارب ( 6 ) ساعات ويستطيع أن يصلي فيها ركعتي الضحى وهي لاتستغرق ( 5 ) دقائق وهي صدقة عن ( 360 ) عضواً في جسده !

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن الليل مايقارب ( 11 ) ساعة وهو يستطيع أن يصلي الوتر ركعة واحدة ربما لا تستغرق ( 3 ) دقائق تقريباً !

    * *المحظوظ* الذي يعلم من قال :
    سبحان الله وبحمده 100 مرة
    تُغفر ذنوبه ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر ويقول ذلك!؟
    وهي لا تستغرق دقيقة واحدة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم من قال :
    استغفر الله الذي لا إله الا هو الحي القيوم وأتوب إليه . 7 مرات
    تُغفر ذنوبه ولو كان قد فر من الزحف ويقول ذلك !؟
    وهي لا تستغرق دقيقة واحدة .

    * *المحظوظ* الذي يعلم أن قول :
    سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ، ٣ مرات .
    من اعظم الأذكار وأكثرها أجرا كما ثبت ذلك في الحديث ويقول ذلك !؟
    وهي لا تستغرق ثواني معدودة .

    * *المحظوظ* حقا هو من يعلم
    أن الدال على الخير كفاعله وينشر الخير !

    *طابت اوقاتكم بكل خير❤
    الكنز الذي ستندم عليه إن تجاهلته؟؟؟!!!

    الكنز الأول:اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة(
    الراوي: عبادة بن الصامت - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم6026

    الكنز الثاني: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله و بحمده، سبحان الله العظيم)
    الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 457

    الكنز الثالث :قراءة ما تيسر من القرآن
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأحرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم} حرف و لكن: الف حرف، و لام حرف، و ميم حرف)
    الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6469

    الكنز الرابع : قول الحمد لله
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الطهور شطرالإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه،فمعتقها أو موبقها).
    الراوي: أبو مالك الأشعري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3957

    الكنز الخامس:سبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء..الحديث
    عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أحرك شفتي فقال لي: (بأي شيء تحرك شفيتك ياأبا أمامة؟) فقلت أذكر الله يارسول الله، فقال: (ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار و النهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملأ ماخلق، سبحان الله عدد ما في الأرض و السماء، سبحان الله ملأ ما في السماء و الأرض، سبحا ن الله ملأ ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، و سبحان الله ملأ كل شيء، و تقول: الحمد الله، مثل ذلك).
    الراوي: أبو أمامةالباهلي - خلاصة الدرجة: إسناده حسن رجالهثقات - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2578

    الكنز السادس :لاحول ولا قوة الابالله
    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله ).
    الراوي: أبو موسى - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3097

    الكنز السابع : سبحان الله وبحمدة عدد خلقة ورضا نفسة وزنة عرشه ومداد كلماته
    عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟) قالت نعم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله و بحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه،وزنة عرشه، و مداد كلماته).
    الراوي: جويرية بنتالحارث - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيحالجامع - الصفحة أو الرقم: 5139

    الكنز الثامن:سبحان الله وبحمدة 100 مرة
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر).
    الراوي: أبوهريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابنماجه - الصفحة أو الرقم: 3089

    الكنز التاسع:لا إله إلا الله وحده لا شريك له 10 مرة
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده، لاشريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي. وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح).
    الراوي : أبو عياش الزرقي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 5077

    الكنز العاشر:اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه بها عشر صلوات ، و حط عنه عشر خطيئات ، و رفع له عشر درجات ).
    .......
    قال احدهم :

    تتبعت التسبيح في القرآن فوجدت عجبا، وجدت أن
    التسبيح يرد القدر كما في قصة يونس عليه السلام قال تعالى " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "

    وكان يقول في تسبيحه "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " .

    والتسبيح هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع داود عليه السلام قال تعالى " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير " .

    التسبيح هو ذكر جميع المخلوقات قال تعالى " ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض " .

    ولما خرج زكريا عليه السلام من محرابه أمر قومه بالتسبيح قال " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " .

    ودعا موسى عليه السلام ربه بأن يجعل أخاه هارون وزيرا له يعينه على التسبيح والذكر قال " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا " .

    ووجدت أن التسبيح ذكر أهل الجنة قال تعالى " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام " .

    والتسبيح هو ذكر الملائكة قال تعالى " والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في اﻷرض" .

    حقا التسبيح شأنه عظيم وأثره بالغ لدرجة أن الله غير به القدر كما حدث ليونس عليه السلام .

    اللهم اجعلنا ممن يسبحك كثيرا ويذكرك كثيرا.

    *فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.*
    هاتين الظاهرتين ( التسبيح والرضا النفسي )
    لم تكونا مرتبطتين في ذهني بصورة واضحة، ولكن مرّت بي آية من كتاب الله كأنها كشفت لي سرّ هذا المعنى، وكيف يكون التسبيح في سائر اليوم سببًا من أسباب الرضا النفسي ؛
    يقول الحق تبارك وتعالى: "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمسِ وقبل غروبها ومن آنائ الليل فسبّح وأطراف النهار لعلّك ترضى"
    لاحظ كيف استوعب التسبيح سائر اليوم ..
    قبل الشروق وقبل الغروب وآناء الليل وأول النهار وآخره
    ماذا بقي من اليوم لم تشمله هذه الآية بالحثّ على التسبيح !
    والرضا في هذه الآية عام في الدنيا والآخرة .

    وقال في خاتمة سورة الحجر: "ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين"
    فانظر كيف أرشدت هذه الآية العظيمة إلى الدواء الذي يُستشفى به من ضيق الصدر والترياق الذي تستطبّ به النفوس .

    ومن أعجب المعلومات التي زودنا بها القرآن أننا نعيش في عالم يعجّ بالتسبيح :
    "ويسبح الرعد بحمده"
    "وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير"
    "تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن، وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم"

    سبحانك يارب ~
    ندرك الآن كم فاتتنا كثير من لحظات العمر عبثًا دون استثمارها بالتسبيح !

    ⬆⬆جعلنا الله وإياكم أحبتي من المسبحين الله كثيرآ .. آمين
    ......
    جماليات الدين.. التسبيح
    " سبحان الله " كلمةٌ صغيرة يقولها اللسان، لكنها كلمة إجلالٍ وتعظيمٍ، تبجيلٍ وتقديسٍ، ينطقها العبد تنزيهاً لله عزَّ وجلا حينما ينبهر بعظمته وملكوته، ويدرك هيبته المتجلّية في مخلوقاته وأفعاله، فيقف فاغراً فاه في آية من آيات الله الكونية.
    أن تسبح الله معناه أن تقر بربوبيته سبحانه، وتقرَّ بجوارحك وتفكيرك أنه عز وجلّ أعلى من أن يحيط به عقلٌ، أو يتصوره خيالٌ { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ( الشورى : 11 )، ليس كمثله شيء، ولا يحيط به شيء، بل هو يحيط بكل شيء : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّة في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبين } ( الأنعام : 59 ) .
    أن تقول سبحان الله معناه أن تستحضر صفات الجمال والجلال، في رحلةٍ كونية عظيمةٍ، تتأمل فيها وتبصر، تتدبّر وتعقِل، فتلك نملةٌ تسعى في الأرض وتكدح، وذلك طائرٌ يعانقُ السماء ويسترزق، تلك أمٌّ تحنو على صغارها وتُرضع، وذاك رجلٌ يسعى من أجل أسرته ويعمل، و كواكبٌ تدور في الفلك بإحكام ، وفي الأرض شجرةٌ تملأ الجائع بالثمار، ومياهٌ عذبةٌ تروي العطشان و بخريرها يقف كلُّ رسّامٍ مشدوه الإحساس بريشته يرسم الأنهار، وأعماقها عالمٌ والمالحة منها البحار ... كله من خلق الله، فتعجّب وقل : سبحان الله .
    اقرأ حروف الكون، وتناغم مع تلك العظمة، وقل فيه ما شئت، وانظم في جماله القصائد، واكتب في وصفه الصحائف، لكن لا تنسَ " سبحان الله ".
    فأممٌ في الأرض، وأممٌ في السماء، وأخرى في أعماق المحيطات، كلٌّ له حياته، ودوره، وكل الخليقة أممٌ : { وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون } ( الأنعام : 38 ) .
    تلكَ الأمم والمخلوقات كلها تسبّح الله تعالى، طوعاً أو كرهاً، شاءت أم أبت، فذاك عظيم الكون وإلهه، الملك القائم بأمر الكون؛ فاقرأ إن شئت كتاب الذكر والتسبيح الأعظم حين يقول الله تعالى : { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفوراً } ( الإسراء 44 ) .
    ومن هنا كان التسبيح شعار السالكين، والأنبياء والأولياء الصالحين، بل هو دأب الملأ الأعلى : { وله ما في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستسحرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون} ( الأنبياء : 19-20 ).
    فتأمّل أيها القارئ كلمة " مَن عنده " وهم الملائكة في العوالم العليا؛ يقول الإمام الألوسي : " وهم الملائكة مطلقاً عليهم السلام على ما روي عن قتادة وغيره " -1-.
    فلا تحرم نفسك أيها السالك في مدارج الإيمان من فضله، وأنت ترى أنه مقرون مع الصلاة؛ وهي أفضل العبادات وأرقى القربات، " سبحان ربي العظيم " في الركوع، و " سبحان ربي الأعلى " في السجود، فتكونَ ورداً دائماً في الصلاة المفروضة والنافلة أيضاً، واستزد منها في الأذكار { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } ( المطففين : 26 ).
    فجمالية التسبيح فضلاً عمّا ذكرناه آنفاً، من تأملات في نفس الإنسان خاصّةً، ومخلوقات الله عامّة، وتدبير الله للكون وتصريفه له ولمآلات البشر وأقدراهم، تتجلى جماليته أيضاً في فضله العظيم، وأجره الكبير.
    فهذا الإمام البخاري يروي في صحيحه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) رواه البخـاري.
    فالتسبيح لمائة مرة فقط يحطُّ عنك الخطايا وإن كانت مثل زبد البحر في كثرتها وتنوّعها، فأيُّ جمالٍ بعد هذا، وأيُّ شيءٍ يُقال ؟
    والعبد المخلص يدرك نعم الله عليه، ويستحضر عظمة الله في سرّه وعلانيته، والمحبُّ يفعل ما يُرضي حبيبه، ومن أرضى الله تعالى فقد فاز في دنياه وآخرته، فتأمّل معي وأبصر حين يروى عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال :( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده).
    وأزيدك في فضل التسيح حتى تقف على جمالياته قول النبيّ – صلى الله عليه وسلم – أم هانيء بنت أبي طالبٍ – رضي الله عنها - : (سبٍّحي الله مائة تسبيحة ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ) -2-
    مائة رقبة ؟ فتصوّر معي أيها القارئ الفطن، لو استمر الرقّ في عصرنا، فبكم سيكون تحرير رقبة أو شراء أمَةٍ أو عبدٍ ؟ لاشك أنه سيكون أغلى من شراء سيارة، ولكلّف آلاف الدراهم والدولارات، واضرب ذلك في مائة، واحسب الأجر لو استطعت، والله يضاعف لمن يشاء !
    " أخي يا رفيق الطريق، ليس كلّ من نطق بعبارة التسبيح قد سبّح الله، فسبّح الله؛ سبّح الله، سبّح الله ! تلك لمعةٌ من لمعات التسبيح، وومضةٌ من ومضاته، ومضةٌ أقلُّ من أثر البرق،ضرب هنا ثم انتهى قبل أن تدركه عين ! " -3-
    فاغتنم أيها السالك، واتعظ أيها المخالف، وتأمّل جمالية التسبيح، واسبح بعقلك وتفكيرك في عبره وعظاته وعالمه، تكن إن شاء الله من المبصرين.
    هوامش المقال
    -1- روح المعاني للألوسي، تفسير سورة الأنبياء .
    -2- أخرجه النسائي والطبراني وابن خزيمة، وصححه الألباني في الصحيح الجامع .
    -3- الشيخ فريد الأنصاري، ميثاق العهد في مسالك التعرّف إلى الله، ص : 45.
    أبو عبد الرحمن الإدريسي-إسلام ويب...
    *إستنزلوا فرج الله و عطاياه بـ*
    *لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ*

    معنى لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه ِ:
    معناها :
    اعتراف العبد بعجزه عن القيام بأي أمر إلا بتوفيق الله له و تيسيره ، و أما حوله و نشاطه و قوته فمهما بلغت من العِظم فإنها لا تغني عن العبد شيئا إلا بعون الله الذي علا و ارتفع على سائر المخلوقات ، العظيم الذي لا يعظم معه شيء ،

    - *و تقال لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه ِ: إذا دهم الإنسان أمر عظيم لا يستطيعه ، أو يصعب عليه القيام به .*
    و لهذا أوصى النبي ﷺ أكثر من ١٩ صحابي أن يكثروا من لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ...!

    - *لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّة ِ:*
    قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و َسَلَّمَ :
    *أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ .*.
    البخاري ٦٣٨٤
    - معنى كنز من كنوز الجنـــة:
    قال السندي : قَوْلُهُ : ( كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ) :
    جُعِلَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَائِلَهَا يَمْلِكُهَا بِسَبَبِهَا، و َفِي النِّهَايَةِ ؛
    معنى كنز من كنوز الجنـة :
    أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا وَ الْمُتَّصِفُ بِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ .

    - *لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ غرس مِنْ غِرَاسِ الجَنَّة ِ:*
    عن أَبي أَيوب الأنصارِي رضي الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه و سلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ :
    *مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ و َأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ ،*
    قَال َ: *وَ مَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ ؟*
    قَال َ: *لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .*

    - *لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ باب مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّة ِ:*
    *قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و َسَلَّم َ: ل قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما :*
    *ألا أَدُلُّك على بابٍ من أبواب الجنَّة ِ؟*
    قلتُ: بلى،
    *قال : لا حولَ و لا قُوَّةَ إلا باللهِ .*

    - *لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ حصن للمال و النعم :*
    قال الله عز و جل عن المؤمن الذي قال لصاحبه :
    *( و َلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ )*
    قال مالك : ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا .

    - *لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ حرز و حصن :*
    فهي تقي قائلها من شياطين الجن و الإنس عند الخروج من منزله .
    *قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و َسَلَّم َ:*
    *إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ : بِسْمِ اللَّه ِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّه ِ، لَا حَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه ِ،*
    *يُقالُ له حسبُك ، هُدِيتَ و كُفِيتَ و وُقِيتَ و يتنحَّى عنه الشَّيطانُ ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ و َكُفِيَ وَوُقِي َ.*

    - *لَاحَوْلَ و َلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تمحو الخطايا :*
    *قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:*
    *ما علَى الأرضِ أحدٌ يقولُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ و اللَّهُ أَكْبرُ و لا حولَ و لا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ إلَّا كُفِّرَت عنهُ خطاياهُ و لو كانت مثلَ زبدِ البحرِ .*

    - *تذكر دائما عندما تقول : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ*
    *أنه لا تحوّل من الضيق إلى السعة الا بالله*
    *و لا تحوّل من المرض إلى العافية إلا بالله*
    *و لا تحوّل من المعصية إلى الطاعة إلا بالله .*

    *من لزم الحوقلة فرج الله شدته و رفع كربته و حوّل عنه مصيبته و كانت له غراس و كنز في الجنـــة .*
    * هل قلت اليوم :
    أستغفر الله الذي لا‌ إله إلا‌ هو الحي القيوم و أتوب إليه

    * هل قلت اليوم :
    سبحان اللّه و بحمده

    * هل قلت اليوم :
    سبحان الله العظيم

    * هل قلت اليوم :
    لا‌ حول ولا‌ قوة إلا‌ بالله العلي العظيم

    * هل قلت اليوم :
    اللهم صل على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم أنك حميد مجيد

    * هل قلت اليوم :
    سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته

    * هل قلت اليوم :
    الحمــد لله ولا‌ إله إلا‌ الله و الله أكبر

    * هل قلت اليوم :
    لا‌ إله إلا‌ الله الواحد الأ‌حد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد

    * هل قلت اليوم :
    لا‌ إله إلا‌ الله وحده لا‌ شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شئ قدير

    * هل قلت اليوم :
    لا‌ إله إلا‌ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

    ذكروهم فاليوم قصير ..
    ذكروهم فالحياة تسير ..
    ذكروهم فالذنوب تزيد ..
    ذكروهم فالنار تقول هل من مزيد ..
    ذكروهم فالله يقول هل من داعي فأجيبه .
    الحمد لله.. ثناء ودعاء...
    الحمد لله، كلمةُ مباركة، وهي ثناء في دعاء، ودعاء في ثناء. تجري على الألسنة بسهولة ويسر، وهذا من فضل الله على عباده. الكلمة التي اختارها الله فاتحةً لكتابه العزيز، لأن أسرارها وكنوزها لا تنفد. يقول سيّد قطب رحمه الله: (والحمد لله، هو الشعور الذي يفيض به قلب المؤمن بمجرد ذكره لله، فإن وجوده ابتداء ليس إلا فيضاً من فيوضات النعمة الإلهية التي تستجيش الحمد والثناء، وفي كلّ لمحة، وفي كل لحظة، وفي كل خطوةٍ تتوالى آلاء الله وتتواكب وتتجمع، وتغمر خلائقه كلّها، وبخاصة هذا الإنسان، ومن ثم كان الحمد لله ابتداء، وكان الحمد لله ختاماً قاعدة من قواعد التصور الإسلامي).

    فما معنى هذه الكلمة؟ وما دلالاتها مما هو موقفها في حياة الإنسان؟
    يقول ابن القيم رحمه الله: الحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه.
    الرب الإله المحمود في الدنيا والآخرة.. المحمود قبل أن يخلق وبعد ما يخلق، وبعد إفناء الخلق وبعد بعثهم (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص:70).
    محاسنه تعم الكائنات جميعاً، محاسنه في ذاته، وفي أسمائه الحسنى، وفي صفاته العليا، يخبرنا بها فضلاً منه ورحمة، ويعرفنا بجلاله وجماله وكماله.. محاسنه في لطفه وعلمه وعزّه وقدرته وحكمته.. محاسنه في بره وجوده وفضله.. محاسنه في إحسان خَلقه (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ )(السجدة:7)، (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(التين:4). محاسنه في إرسال رسله وإنزال كتبه لهداية عباده، محاسنه التي لا يأتي عليها عدٌ ولا حصر، كل هذا وغيره كثير متضمن كلمة الحمد لله، يجري بها لسان العبد، ويتجاوب الله مع عبده وهو يلفظها، (فإذا قال العبد: الحمد لله ربّ العالمين، قال الله: حمدني عبدي) (رواه مسلم).
    حب وإجلال وتعظيم
    قد تذكر محاسن إنسان، لكنك لا تحبه، ولا تجد في قلبك ميلاً إليه ولا إجلالاً ولا تعظيماً.. بيد أنك عندما تذكر محاسن ربك اللامتناهية، لا يسعك إلا أن تحبه أشد الحب، (والذين آمنوا أشدّ حباً لله) وتجد في نفسك فيوضات جلاله، ويمتلئ فؤادك بتعظيمه، وتعمر أوقاتك بحمده وشكره وشهود منته، والرضا عن أفعاله. كل هذا وغيره تتملاه عندما تنطق بـ "الحمد لله"، فتتذوق حلاوتها وطلاوتها ولذتها، وتسيطر على جوانحك السكينة والطمأنينة والفرح والسرور.
    أفضل الدعاء
    والحمد لله هي أفضل الدعاء.. وسرّ ذلك أنها متضمنةٌ للثناء على الله عزّ وجل، روى الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله)، أخرجه الترمذي: وحسَنه ابن حجر والألباني والأرنؤوط.
    وهذا فيضٌ آخر من فيوضات الرب عز وجل، قال المناوي:لأن الدعاء عبارة عن ذكر الله، وأن تطلب منه الحاجة، والحمد يشملهما، فإن الحامد لله إنما يحمده على نعمه، والحمد على النعم طلب المزيد، وهو رأس الشكر، قال تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنّكم"
    قال بكر بن عبد الله المزني: رأيت حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله، أستغفر الله، فانتظرته حتى وضع ما على ظهره، وقلت له: ما تحسن غير ذلك؟ قال: بلى أحسن خيراً كثيراً، أقرأ كتاب الله، غير أن العبد بين نعمةٍ وذنب، فأحمد الله على نعمه السابغة، وأستغفره لذنوبي، فقلت: الحمال أفقه من بكر.
    وقال الطيبي: لعلّه جُعل أفضل الدعاء من حيث إنه سؤال لطيف يدق مسلكه.
    ملء الميزان
    الأعمال لها تأثير كبير في تقريب العبد من ربه أو إبعاده عنه، وبعض الأعمال أشد تأثيراً من البعض الآخر، ففي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض).
    ما أعظم هذا الفيض، وما أجزل هذا العطاء والكرم الذي لا يمكن مجرد تصوّره. كلمةٌ واحدة تملأ الميزان بالثواب والعطاء، تجده موفراً يوم توزن الأعمال. كم بين السموات والأرض من مسافات هائلة لا يعلم مداها إلا الله؟ مسافاتٌ ليست بالأمتار، بل بمئات الملايين من السنين الضوئية. سبحان الله والحمد لله تملآن هذه المسافات. إن هذا العطاء لا يقدر عليه إلا من يعطي بغير حساب.
    بيت الحمد
    استحقاق عن جدارة في مقام الصبر على فقدان الولد عند الصدمة الأولى، والحمد وإرجاع الأمور إلى الله برضا وتسليم، بيتٌ لا تقوم له كلّ بيوتات الدنيا، روى الترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِه؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ" قال أبُو عِيسَى: حَسَنٌ غَرِيبٌ وحسنه ابن حجر والسيوطي والألباني.
    ما ألذّ الجزاء، وما أحلى حلية بيت الحمد، فحقيق لمن فقد ثمرة فؤاده، ولم يعدّ ذلك مصيبة من كل وجه، بل مصيبةُ من وجه فاسترجع، ونعمةٌ من وجه فحمد الله، أن يقابل بالحمد في تسمية محله به، فيكون محموداً حتى في المكان الذي سمي به، بيت يليق بصبره على المصيبة العظيمة.
    وفي السرّاء والضرّاء حمد
    لا ينفكّ العبد المؤمن عن حمد ربه في كل أحواله وتقلباته، فلا تسكره نشوة الفرح عن حمد ربه، ولا يذهل عن الحمد في المدلهمات والخطوب.. روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وإذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال. صححه السيوطي، وحسنه الألباني.
    حمد النزع
    حق الله لا يُقدّر بزمنٍ ولا بعمل، والعبد المؤمن ينضح الخير منه حتى في أواخر لحظات حياته، يحمد الله في كل حال، وعلى كل حال، سواء في السراء والضراء، فالخير يتمثّل فيه، وهو مستسلمٌ لأمر الله وقضائه، ولا يرى من مولاه إلا كل خير، ولا يفتر عن ذكره حتى في الرمق الأخير، في أشق الأهوال عند نزع روحه، (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)(الحجر:99)، ولم أجد حالاً أجمل من حال المؤمن الذي يبقى أشدّ تعلقاً بربه، يحمده حتى في مثل هذه الحالة. روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْر، يَحْمَدُنِي وَأَنَا أَنْزِعُ نَفسَه مِن بَينِ جَنبَيهِ). حسنه ابن حجر.
    كان الجنيد يقرأ وقت خروج روحه، فقيل له: في هذا الوقت! قال: أبادر طي صحيفتي.. ما هذا الحب الفريد النادر لله؟ إن العبارات لتعجز عن تصوير هذه الحالة مهما كانت دقة المصوِّر.
    نسيان الذات ابتغاء حمد الله
    العالم القدوة الموفق يسعى في تعليم الخلق كيف يحمدون الله.. ففي طبقات الشافعية عن القاضي حسين قال:كنت عند القفال (عبدالله بن أحمد القفال)، فأتاه رجل قرويٌ وشكى إليه أن حماره أخذه بعض أصحاب السلطان، فقال له القفال: "اذهب فاغتسل، وصلّ ركعتين، واسأل الله أن يرد عليك حمارك"، فأعاد عليه القروي كلامه، فأعاد عليه القفال، فذهب القروي فاغتسل، ودخل المسجد وصلى، وكان القفال قد بعث من يرد حماره، فلما فرغ من صلاته ردّ الحمار، فلما رآه على باب المسجد خرج وقال: الحمد لله الذي ردّ علي حماري، فلما سُئل القفال عن ذلك قال: أردت أن أحفظ عليه دينه كي يحمد الله تعالى.
    وعند زوال الظالمين حمد
    مكافحة الظالمين والطواغيت من أوجب الواجبات، لأن هؤلاء من أكبر العقبات التي تحول بين الناس وعبادة ربهم، والله خلق الجن والإنس لعبادته، وبعد معارك مريرة، وتضحيات هائلة تتطهر الأرض من رجسهم وإفسادهم وصدّهم عن سبيل الله.. الأمر الذي يستوجب الحمد، (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(المؤمنون:28). (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:45).
    حمد لا يفتر
    وهكذا يظلّ العبد حامداً لله، ديمةً عند استيقاظه وعند منامه. في خلوته وفي جلوته، بعد إطفاء نار عطشه، وبعد سدّ جوعة بطنه، في حال سقمه أو بعد ما يأذن الله له بشفائه، عندما يواري عورته باللباس والزينة، أو يأوي إلى بيته وفراشه في كل شؤونه وتصريفاته إلى وقت نزع روحه من بين جنبيه، ثم هو حمدٌ لا يفتر في الجنة كما روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه (.... يُلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس).. حمد لله على ذهاب الحزن والكروب, (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ)(فاطر:33-34). وحمدٌ على منة الهداية التي خولتهم دخول الجنة. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(الأعراف:42-43)
    وإن أقصى ما يشغل أهل الجنة تسبيح الله أولاً وحمده آخراً، يتخللهما تحيات السلام، (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(يونس:10).
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    الشيخ: عبدالعظيم عرنوس.....
    منقول.............
                  

07-20-2022, 11:36 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    منهيات شرعية
    مقدمة
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

    لما كانت أبواب المحرمات كثيرة والأمور التي ورد النهي عنها في كلام الله ورسوله متعددة ولما كان من المهم للمسلم أن يتعرف عليها ليجتنب أسباب سخط الله وغضبه ويتفادى ما يفسد عليه دنياه وآخرته رأيت جمع جملة من تلك المنهيات من باب قوله صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " آملا أن أنتفع بها وإخواني المسلمون وقد جمعت منها ما تيسر من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة التي صححها أهل العلم بهذا الفن [ وغالب الاعتماد على ما صححه العلامة محمد ناصر الدين الألباني في كتبه ] مرتبة على بعض أبواب الفقه ولم أورد النص كاملا وإنما اجتزأت منه الشاهد فغالبها مأخوذ من ذات النصوص التي تضمن أكثرها كلمة النهي ومشتقاتها أو " لا " الناهية ونحو ذلك وجرى إضافة شيء من الشرح لبعض الكلمات الغريبة وذكر علة للنهي أحيانا وأسأل الله سبحانه أن يجنبنا الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن يتوب علينا أجمعين والحمد لله رب العالمين .

    سرد طائفة من النواهي الواردة في القرآن والسنة
    لقد نهانا الله ورسوله عن أمور كثيرة لما يترتب على اجتنابها من المصالح العظيمة والفوائد الجمة ودرء المفاسد الكثيرة والشرور الكبيرة ، ومن تلك المناهي ما هو محرم ومنها ما هو مكروه وينبغي على المسلم اجتنابها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
    " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه "والمسلم الجاد يحرص على اجتناب المنهيات سواء كانت محرمة أو مكروهة ولا يفعل فعل ضعاف الإيمان الذين لا يبالون بالوقوع في المكروهات علما أن التساهل فيها يؤدي إلى الوقوع في المحرمات وهي كالحمى بالنسبة للمحرمـات من رتع فيه يوشك أن يرتع فيما حرم الله بالإضافة إلى أن اجتناب المكروه يؤجر عليه صاحبه إذا تركه لله وانطلاقا من هذا لم يحصل التمييز هنا بين ما نهي عنه نهي كراهية وما نهي عنه نهي تحريم ثم إن التمييز بينهما يحتاج إلى علم على أن أكثر ما سيأتي من المنهيات هو من باب المحرم لا المكروه إليك أيها القارئ الكريم طائفة من نواهي الشريعة :

    في العقيدة
    النهي عن الشرك عموما الأكبر والأصغر والخفي
    والنهي عن إتيان الكهان والعرافين وعن تصديقهم وعن الذبح لغير الله وعن القول على الله ورسوله بلا علم .
    والنهي عن تعليق التمائم ومنها الخرز الذي يعلق لدفع العين وعن التولة ، وهي السحر الذي يعمل للتفريق بين شخصين أو الجمع بينهما والنهي عن السحر عموما وعن الكهانة والعرافة ، وعن الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس وعن اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق كذلك .
    والنهي عن التفكر في ذات الله وإنما يتفكر في خلق الله والنهي أن يموت المسلم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى .
    والنهي أن يحكم على أحد من أهل الدين بالنار ، وعن تكفير المسلم بغير حجة شرعية ، وعن السؤال بوجه الله أمرا من أمور الدنيا ، وعن منع من سأل بوجه الله بل يعطى ما لم يكن إثما وذلك تعظيما لحق الله تعالى .
    والنهي عن سب الدهر لأن الله هو الذي يصرفه والنهي عن الطيرة وهي التشاؤم .
    والنهي عن السفر إلى بلاد المشركين والنهي عن مساكنة الكافر وعن اتخاذ الكافرين من اليهود و النصارى وغيرهم من أعداء الله أولياء من دون المؤمنين ، وعن اتخاذ الكفار بطانة فيقربون للمشاورة والمودة .
    والنهي عن إبطال الأعمال كما إذا قصد الرياء والسمعة والمن .
    والنهي عن السفر إلى أي بقعة للعبادة فيها إلا المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى وعن البناء على القبور واتخاذها مساجد .
    والنهي عن سب الصحابة وعن الخوض فيما حدث من الفتن بين الصحابة وعن الخوض في القدر ، وعن الجدال في القرآن والمماراة فيه بلا علم ، وعن مجالسة الذين يخوضون في القرآن بالباطل ويتمارون فيه ، وعن عيادة المرضى من القدرية ومن شابههم من أهل البدعة وكذا شهود جنائزهم .
    والنهي عن سب آلهة الكفار إذا كان يؤدي إلى سب الله
    - عز وجل - والنهي عن اتباع السبل أو التفرق في الدين وعن اتخاذ آيات الله هزوا وعن تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله ، وعن الانحناء أو السجود لغير الله وعن الجلوس مع المنافقين أو الفساق استئناسا بهم أو إيناسا لهم وعن مفارقة الجماعة وهم من وافق الحق .
    والنهي عن التشبه باليهود والنصارى المجوس في إعفاء الشارب وقص اللحية ، بل نقص الشارب ونعفي اللحية ، وعن بدء الكفار بالسلام وعن تصديق أهل الكتاب أو تكذيبهم فيما يخبرونه عن كتبهم مما لا نعلم صحته . ولا بطلانه ، وعن استفتاء أحد من أهل الكتاب في أمر شرعي ( بقصد طلب العلم والفائدة ) .
    والنهي عن الحلف بالأولاد والطواغيت والأنداد وعن الحلف بالآباء وبالأمانة وعن قول ما شاء الله وشئتّ ، وأن يقول المملوك ربي وربتي وإنما يقول مولاي وسيدي وسيدتي ، وأن يقول المالك عبدي وأمتي وإنما يقول فتاي وفتاتي وغلامي ، وعن قول خيبة الدهر ، وعن التلاعن بلعنة الله أو بغضبه أو بالنار .

    في الطهارة
    النهي عن البول في الماء الراكد ، وعن قضاء الحاجة على قارعة الطريق وفي ظل الناس وفي موارد الماء ، وعن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط ، واستثنى بعض أهل العلم ما كان داخل البنيان ، وعن الاستنجاء باليمين ، وأن يتمسح بيمينه والنهي عن الاستنجاء بالعظم والروث لأنه زاد إخواننا من الجن . وعن الاستنجاء بالروث لأنه علف دوابهم .
    والنهي أن يمسك الرجل ذكره بيمينه وهو يبول ، وعن السلام على من يقضي حاجته .
    ونهي المستيقظ من نومه عن إدخال يده في الإناء حتى يغسلها .

    في الصلاة
    النهي عن التنفل عند طلوع الشمس وعند زوالها وعند غروبها وهي تطلع وتغرب بين قرني شيطان ، فإذا رآها الكفار عباد الكواكب سجدوا لها وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس ، وهذا في صلاة النافلة التي ليس لها سبب ، أما ما كانت لسبب فلا بأس كتحية المسجد .
    والنهي عن جعل البيوت مقابر لا يتنفل فيها وعن وصل صلاة فريضة بصلاة حتى يتكلم ( بذكر أو غيره ) أو يخرج ، والنهي أن يصلي بعد أذان الفجر شيئا إلا ركعتي سنة الفجر .
    والنهي عن مسابقة الإمام في الصلاة والنهي أن يصلي خلف الصف ، وعن الالتفات في الصلاة ، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة ، وعن قراءة القرآن في الركوع والسجود فإن دعا في سجوده بدعاء من القرآن فلا بأس .
    والنهي أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فلا يصلي وهو عاري الكتفين والنهي عن الصلاة وهو بحضرة طعام يشتهيه ، وعن الصلاة وهو يدافع البول والغائط والريح ، لأن كل ذلك يشغل المصلي ويصرفه عن الخشوع المطلوب .
    والنهي عن الصلاة في المقبرة والحمام . والنهي في الصلاة عن نقر كنقر الغراب ، والتفات كالتفات الثعلب ، وافتراش كافتراش السبع ، وإقعاء كإقعاء الكلب ، وإيطان كإيطان البعير ، وهو أن يعتاد مكانا في المسجد لا يصلي إلا فيه ، وعن الصلاة في مبارك الإبل فإنها خلقت من الشياطين .
    والنهي وعن مسح الأرض أثناء الصلاة فإن احتاج فواحدة لتسوية الحصى ونحوه وعن تغطية الفم في الصلاة . والنهي أن يرفع المصلي صوته في الصلاة فيؤذي المؤمنين وعن مواصلة قيام الليل إذا أصابه النعاس بل ينام ثم يقوم ، وعن قيام الليل كله وبخاصة إذا كان ذلك تباعا .
    والنهي عن التثاؤب والنفخ في الصلاة ، وعن تخطي رقاب الناس وعن كف الثياب وكفت الشعر في الصلاة ، وكف الثياب جمعها وتشميرها وكفت الشعر جمعه وحبسه .
    والنهي عن إعادة الصلاة الصحيحة وهذا نافع للموسوسين . وأيضا النهي أن يخرج المصلي من صلاته إذا شك في الحدث حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وعن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة ، وعن مس الحصى والعبث والكلام أثناء الخطبة ، وعن الاحتباء فيها وهو ضم الفخذين إلى البطن وشدهما بالثوب أو باليدين .
    والنهي أن يصلي الرجل شيئا إذا أقيمت الصلاة المكتوبة والنهي أن يقوم الإمام في مكان أرفع من مقام المأمومين دون حاجة ، وعن المرور بين يدي المصلي ونهي المصلي أن يدع أحدا يمر بين يديه أو بينه وبين سترته .
    والنهي عن البصاق في الصلاة تجاه القبلة وإلى الجهة اليمنى ، ولكن يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ، وأن يضع المصلي نعليه عن يمينه أو شماله حتى لا يؤذي من بجانبيه وإنما يضعهما بين رجليه . والنهي عن النوم قبل العشاء إذا كان لا يأمن فوات وقتها ، وعن الحديث بعد صلاة العشاء إلا لمصلحة شرعية ، وأن يؤم الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه . ومثله نهي الزائر أن يؤم أصحاب الدار إلا إذا قدموه ، والنهي أن يؤم قوما وهم له كارهون لسبب شرعي .

    في المساجد
    النهي عن الشراء والبيع ونشد الضالة في المساجد والنهي عن اتخاذ المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة ، والنهي عن إقامة الحدود في المسجد والنهي عن التشبيك بين اليدين إذا خرج عامدا إلى المسجد ، لأنه لا يزال في صلاة إذا عمد إلى الصلاة . والنهي أن يخرج أحد من المسجد بعد الأذان حتى يصلي . والنهي أن يجلس الداخل في المسجد حتى يصلي ركعتين ، والنهي عن الإسراع بالمشي إذا أقيمت الصلاة ، بل يمشي وعليه السكينة والوقار والنهي عن الصف بين السواري والأعمدة في المسجد إلا إذا دعت الحاجة . ونهي من أكل ثوما أو بصلا وكل ما له رائحة كريهة أن يقرب المسجد والنهي أن يمر الرجل في المسجد ومعه ما يؤذي المسلمين ، والنهي عن منع المرأة من الذهاب إلى المسجد بالشروط الشرعية ، ونهي المرأة أن تضع طيبا إذا خرجت إلى المسجد . والنهي عن مباشرة النساء في الاعتكاف ، والنهي عن التباهي في المساجد ، وعن تزيينها بتحمير أو تصفير أو زخرفة وكل ما يشغل المصلين .

    في الجنائز
    النهي عن البناء على القبور أو تعليتها ورفعها والجلوس عليها والمشي بينها بالنعال وإنارتها والكتابة عليها ونبشها . والنهي عن اتخاذ القبور مساجد والصلاة إلى القبر إلا صلاة الجنازة في المقبرة والنهي أن تحد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا الزوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرة أيام ، ونهي المتوفى عنها زوجها عن الطيب والاكتحال والحناء والزينة كأنواع الحلي ولبس الثوب المصبوغ ( وهو ثوب الزينة ) .
    والنهي عن النياحة والنهي عن الإسعاد ( وهو أن تساعد المرأة من مات له ميت بالبكاء ، فهو بكاء لغير الله ثم إن الاجتماع بهذه الصفة على البكاء يعد من النياحة ) ومن المحرمات استئجار النائحة ، وشق الثوب ونشر الشعر لموت ميت .
    والنهي عن نعي أهل الجاهلية أما مجرد الإخبار بموت الميت فلا حرج فيه .

    في الصيام
    النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق الثلاثة بعد الأضحى ويوم الشك ، وعن إفراد الجمعة بالصوم وكذلك يوم السبت ، والنهي عن صيام الدهر والنهي عن تقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين ، والنهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان ما لم يكن له صوم معتاد من قبل . والنهي أن يصل يوما بيوم في الصوم دون إفطار بينهما ، وعن صيام يوم عرفة بعرفة إلا لمن لم يجد الهدي ، والنهي عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق إذا كان صائماً . والنهي أن تصوم المرأة صيام نافلة وبعلها شاهد إلا بإذنه ، وعن ترك السحور للصائم ولو جرعة ماء . ونهي الصائم عن الرفث والمشاتمة والمقاتلة .

    الحج والأضحية
    النهي عن تأخير الحج بغير عذر ، والنهي عن الرفث والفسوق والجدال في الحج .
    ونهي المحرم أن يلبس القميص أو العمامة أو السراويل أو البرنس أو الخف ، وأن تلبس المحرمة النقاب أو القفازين ، والنهي عن قلع شجر الحرم أو قطعه أو خبطه .
    والنهي عن حمل السلاح في الحرم أو الصيد فيه أو تنفير الصيد أو ألتقاط لقطته إلا لمعرف . والنهي عن تطييب من مات محرما وعن تغطية رأسه وعن تحنيطه ، بل يدفن في ثيابه فهو يبعث ملبيا .
    والنهي أن ينفر الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت ( أي طواف الوداع ) ورخص للحائض والنفساء في تركه .
    والنهي عن ذبح الأضحية قبل صلاة العيد والنهي عن الأضحية المعيبة والنهي أن يعطي الجزار منها شيئا على أنه أجرة ونهي من أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يضحي .

    في البيوع والمكاسب
    والنهي عن أكل الربا ، وعن البيوع التي تشتمل على الجهالة والتغرير والخداع ، والنهي عن بيع الشاة باللحم ، وبيع فضل الماء وبيع الكلب والهر والدم والخمر والخنزير والأصنام وعسب الفحل وهو ماؤه الذي يلقح به ، والنهي عن ثمن الكلب وكل شيْء حرمه الله فثمنه حرام بيعا وشراء . وكذلك النهي عن النجش وهو أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها كما يحصل في كثير من المزادات . والنهي عن كتم عيوب السلعة وإخفائها عند بيعها ، والنهي عن البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة ، والنهي عن بيع ما لا يملك وعن بيع الشيء قبل أن يحوزه ويقبضه ، والنهي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا مثلا بمثل يدا بيد . والنهي أن يبيع الرجل على بيع أخيه وأن يشتري على شراء أخيه وأن يسوم على سوم أخيه ، والنهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وتنجو من العاهة . والنهي عن التطفيف في المكيال والميزان ، والنهي عن الاحتكـار والنهي عن تلقي الركبـان ، وهو تلقي من يقدم من خارج البلد سـواء للبيع منهم أو البيع لهم بل يتركون حتى يأتوا سوق البلد وفي ذلك مصلحة للجميع .
    والنهي أن يبيع حاضر لباد ( مثل أن يكون ساكن البلد سمسارا للقادم من البادية ) فعليه أن يدعه يبيع بنفسه ، والنهي أن يبيع الرجل جلد أضحيته ، ونهي الشريك في الأرض أو النخل وما شابهها عن بيع نصيبه حتى يعرضه على شريكه ، والنهي عن الأكل بالقرآن والاستكثار به ( مثل الذين يقرأون القرآن ويسألون به الناس ) والنهي عن أكل أموال اليتامى ظلما وعن القمار والميسر والغصب ، والنهي عن أخذ الرشوة وإعطائها والنهي عن السرقة ، وعن الاختلاس من الغنيمة وعن النهبة ، وهي نهب أموال الناس والنهي عن أكل أموالهم بالباطل وكذلك أخذها بقصد إتلافها والنهي عن بخس الناس أشياءهم ، والنهي عن كتمان اللقطة وتغييبها وعن أخذ اللقطة إلا لمن يعرفها ، والنهي عن الغش بأنواعه ، والنهي أن يأخذ المسلم من مال أخيه المسلم شيئا إلا بطيب نفس منه وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام ، والنهي عن قبول الهدية بسبب الشفاعة ، والنهي عن التبقر في المال وهو الاستكثار منه والتوسع فيه وتفريقه في البلدان بحيث يؤدي إلى توزع قلب صاحبه وانشغاله عن الله .

    في النكاح
    النهي عن التبتل وهو ترك النكاح ، والنهي عن الاختصاء ، والنهي عن الجمع بين الأختين والنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى خشية القطيعة . والنهي أن ينكح الرجل امرأة أبيه .
    والنهي عن الشغار وهو أن يقول مثلا زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي فتكون هذه مقابل الأخرى وهذا ظلم وحرام والنهي عن نكاح المتعة وهو نكاح إلى أجل متفق عليه بين الطرفين ينتهي العقد بانتهاء الأجل ، والنهي عن النكاح إلا بولي وشاهدين ، والنهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له ، والنهي عن خطبة المعتدة من وفاة زوج تصريحا إنما يكون ذلك بالتلميح ، والمطلقة الرجعية لا يجوز خطبتها مطلقا ، والنهي عن إخراج المطلقة الرجعية من بيتها ونهي المرأة أن تخرج من بيت زوجها وتتركه في عدة الطلاق الرجعي والنهي عن إمساك المطلقة أو مراجعتها وليس له رغبة فيها وإنما لتطول عليها المدة فتتضرر والنهي أن تكتم المطلقة ما خلق الله في رحمها ، والنهي عن اللعب بالطلاق والنهي أن تسأل المرأة طلاق أختها سواء كانت زوجة أو مخطوبة مثل أن تسأل المرأة الرجل أن يطلق زوجته لتتزوجه ، والنهي أن يحدث الزوج والزوجة بما يكون بينهما من أمور الاستمتاع والنهي عن إفساد المرأة على زوجها والعكس ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن ، ونهي المرأة أن تنفق من مال زوجها إلا بإذنه ، ونهي المرأة أن تهجر فراش زوجها فإن فعلت دون عذر شرعي لعنتها الملائكة ، والنهي عن إيذاء الناشز إذا رجعت إلى طاعة زوجها . والنهي أن تدخل المرأة أحداً بيت زوجها إلا بإذنه ، ويكفي إذنه العام إذا لم يخالف الشرع .
    والنهي عن ترك إجابة الدعوة إلى الوليمة بغير عذر شرعي ، وعن التهنئة بقولهم بالرفاء والبنين لأنها من تهنئة الجاهلية ، وأهل الجاهلية كانوا يكرهون البنات .
    والنهي أن يطأ الرجل امرأة فيها حمل من غيره والنهي أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة إلا بإذنها والنهي أن يطرق الرجل أهله ويفاجأهم ليلا إذا قدم من سفر فإذا أخبرهم بوقت قدومه فلا حرج ، ونهي الزوج أن يأخذ من مهر زوجته بغير طيب نفس منها ، والنهي عن الإضرار بالزوجة لتفتدي منه بالمال والنهي عن الظهار والنهي عن الميل إلى إحدى الزوجتين دون الأخرى وعن مجانبة العدل بين الزوجات ، وعن نكاح التحليل وهو أن يتزوج مطلقة ثلاثاً لكي يحلها لزوجها الأول .

    في أمور متعلقة بالنساء
    النهي أن تبدي المرأة زينتها إلا للمحارم ، ونهي النساء عن التبرج ونهي النساء أن يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ، والنهي أن تضار والدة بولدها أو مولود له بولده ، والنهي عن التفريق بين الوالدة وولدها ، وعن المبالغة في ختان المرأة . والنهي أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، والنهي عن مصافحة المرأة الأجنبية وعن تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال وأن يختلي الرجل بالمرأة الأجنبية والنهي عن الدياثة والنهي عن إطلاق النظر إلى المرأة الأجنبية وعن اتباع النظرة النظرة .

    في الذبائح والأطعمة
    النهي عن الميتة سواء ماتت بالغرق أو الخنق أو الصعق أو السقوط من مكان مرتفع أو نطحتها أخرى أو التي افترسها السبع إلا ماذكي وعن الدم ولحم الخنزير وما ذبح على غير اسم الله وما ذبح للأصنام وعن الأكل مما ذبح دون أن يذكر اسم الله عليه تعمدا .
    والنهي عن أكل لحم الجلالة وهي الدابة التي تتغذى على القاذورات والنجاسات وكذا شرب لبنها وعن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، وأكل لحم الحمار الأهلي ، وعن قتل الضفدع للدواء وهي مستخبثة لا يؤكل لحمها عند جمهور العلماء .
    والنهي عن صبر البهائم وهو أن تمسك ثم ترمى بشيء إلى أن تموت أو أن تحبس بلا علف ، والبهيمة التي تصبر بالنبل هي المجثمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها لأنها لم تذبح بالطريقة الشرعية .
    والنهي عن الأكل من صيد الكلب غير المعلم أو إذا خالطته كلاب أخرى فإنه لا يدري أيها الذي صاد والنهي عن أكل الصيد إذا أصابه بآلة فقتلته بثقلها أو صدمتها كالمعراض ، أما إذا أصابه بمحدد كالسهم فخرق أو خزق وسمى الله فليأكل .
    والنهي عن الذبح بالسن والظفر ، وأن يذبح بهيمة بحضرة أخرى ، وأن يحد الشفرة أمامها .
    والنهي عن أكل طعام المتباريين وهما المتفاخران اللذان يصنعان الطعام للمفاخرة والمراءاة ويتنافسان في ذلك وهو داخل في أكل المال بالباطل .

    في اللباس والزينة
    النهي عن الإسراف في اللباس وعن الذهب للرجال ، وعن التختم في الوسطى والتي تليها ( أي السبابة ) وعن خاتم الحديد .
    والنهي عن التعري وعن المشي عريانا وعن كشف الفخذ .
    والنهي عن إسبال الثياب وعن جرها خيلاء وعن لبس ثوب الشهرة وثوب الحرير .
    والنهي عن المفدم وهو المشبع حمرة بالعصفر فلا يلبسه الرجل .
    والنهي عن تشبه الرجال بالنساء ولبس ملابسهن وعن تشبه النساء بالرجال ولبس ملابسهم وعن لبس القصير والرقيق والضيق من الثياب للنساء .
    والنهي عن الانتعال قائما وذلك فيما في لبسه قائماً مشقة كالأحذية التي تحتاج إلى ربط . والنهي عن المشي في نعل واحدة لأن الشيطان يمشي في النعل الواحدة .
    والنهي عن الوشم وعن تفليج الأسنان و وشرها مثل أخذها بالمبرد ولا يدخل في ذلك تقويم الأسنان بالأسلاك ونحوها .
    والنهي عن مشابهة المشركين في إعفاء الشارب وقص اللحية بل نقص الشارب ونعفي اللحية .
    والنهي عن النمص وهو نتف شعر الوجه وأشده الأخذ من الحاجبين وعن حلق المرأة شعرها وعن وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء ، وعن نتف الشيب وعن تغيير الشيب بالسواد وعن الصبغ بالسواد وعن القزع وهو حلـق بعض الرأس وتـرك بعضه .
    والنهي عن تصوير ما فيه روح في الثياب والجدران والورق سواء كان مرسوما أو مطبوعا أو محفورا أو منقوشا أو مصبوبا بقوالب ونحو ذلك وإن كان لابد فاعلا فليصنع الشجر وما لا روح فيه .
    والنهي عن افتراش الحرير وجلود النمور وكل ما فيه خيلاء والنهي عن ستر الجدران .
    في آفات اللسان
    النهي عن شهادة الزور .
    والنهي عن قذف المحصنة .
    والنهي عن قذف البريء وعن البهتان .
    والنهي عن الهمز واللمز والتنابز بالألقاب والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين ، وعن التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب وعن السباب والشتم والفحش والخنا والبذاءة وكذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم .
    والنهي عن الكذب ومن أشده الكذب في المنام مثل اختلاق الرؤى والمنامات لتحصيل فضيلة أو كسب مادي أو تخويفا لمن بينه وبينهم عداوة ومن عقوبته أن يكلف يوم القيامة بأمر مستحيل وهو أن يعقد بين شعيرتين .
    والنهي أن يزكي المرء نفسه ، وعن النجوى فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ، وعن التناجي بالإثم والعدوان ، وعن لعن المؤمن ولعن من لا يستحق اللعن .
    والنهي عن رفع الصوت فوق الصوت النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك رفع الصوت فوق صوت القارئ للحديث وكذلك رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم .
    والنهي عن سب الأموات ، وسب الديك لأنه يوقظ للصلاة وسب الريح لأنها مأمورة وسب الحمى لأنها تنفي الذنوب وسب الشيطان لأنه يتعاظم والمفيد هو الاستعاذة بالله من شره .
    والنهي عن الدعاء بالموت أو تمنيه لضر نزل به ، وعن الدعاء على النفس والأولاد والخدم والأموال .
    والنهي عن تسمية العنب كرما لأن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أن الخمر تدعو إلى الكرم ، والنهي أن يقول الرجل خبثت نفسي والنهي أن يقول نسيت آية كذا وإنما يقول أنسيت ولا يقل اللهم اغفر لي إن شئت بل يعزم في الدعاء والمسألة ، النهي عن إطلاق لفظة سيد على المنافق والنهي عن التقبيح وخاصة تقبيح الزوج زوجته ( مثل أن يقول قبحك الله ) ، وعن قول راعنا ، والنهي عن السؤال قبل السلام ، والنهي عن التمادح .

    في آداب الطعام والشراب
    النهي عن الأكل مما بين أيدي الآخرين وعن الأكل من وسط الطعام وإنما يأكل من حافته وجوانبه فإن البركة تنزل وسط الطعام ، والنهي عن ترك اللقمة إذا سقطت بل يزيل عنها الأذى ثم يأكلها ولا يدعها للشيطان .
    والنهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة والنهي عن الشرب واقفا وعن الشرب من ثلمة الإناء المكسور حتى لا يؤذي نفسه وعن الشرب من فم الإناء والنهي عن التنفس فيه ، وعن الشرب بنفس واحد بل يشرب ثلاثا فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ .
    والنهي عن النفخ في الطعام والشراب والنهي عن الأكل والشرب بالشمال ، وأن يأكل الشخص وهو منبطح على بطنه وأن يقرن الرجل بين تمرتين عند الأكل إلا إذا أذن له صاحبه المشترك معه في الطعام وذلك لما في الإقران من الشره والإجحاف برفيقه ، والنهي عن استعمال آنية أهل الكتاب التي يستعملونها فإذا لم يجد غيرها فليغسلها ويأكل فيها ، والنهي عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر .

    في آداب النوم
    والنهي عن النوم على سطح ليس له جدار حتى لا يسقط إذا تقلب أثناء نومه والنهي عن مبيت الرجل وحده والنهي عن ترك النار في البيت موقدة حين النوم ، والنهي أن يبيت الرجل وفي يده غمر مثل الزهومة والزفر والنهي عن النوم على البطن ، والنهي عن وضع إحدى الرجلين على الأخرى عند الاستلقاء على القفا إذا كان يكشف العورة ، والنهي أن يحدث الإنسان بالرؤيا القبيحة أو أن يفسرها لأنها من تلعب الشيطان .

    في أمور متفرقة
    النهي عن قتل النفس بغير حق ، والنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر وعن الانتحار .
    والنهي عن الزنا و النهي عن اللواط وشرب الخمر وعصره وحمله وبيعه . والنهي عن الفرار من الزحف إلا لسبب شرعي ، والنهي عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ، والنهي عن إرضاء الناس بسخط الله .
    والنهي عن نقض الأيمان بعد توكيدها في العهود والمواثيق ، وعن الغناء والكوبة وهو الطبل وعن المزمار وعن المعازف ، والنهي عن انتساب الولد لغير أبيه ، والنهي عن التعذيب بالنار ، والنهي عن تحريق الأحياء والأموات بالنار والنهي عن المثلة وهي تشويه جثث القتلى ، والنهي عن الإعانة على الباطل والتعاون على الإثم والعدوان ، والنهي عن حمل السلاح على المسلمين .
    والنهي أن يفتي بغير علم والنهي عن يطيع أحداً في معصية الله والنهي عن الحلف كاذبا وعن اليمين الغموس ، وعن قبول شهادة الذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعـة شهـداء إلا إذا تابـوا ، وعن تحريم الطيبات التي أحلها الله ، وعن اتباع خطوات الشيطان ، وعن التقدم بين يدي الله ورسوله لا بقول ولا بفعل .
    والنهي أن يستمع لحديث قوم بغير إذنهم ، وعن الاطلاع في بيوت قوم بغير إذنهم ، وعن الدخول إلى بيوت الناس إلا بعد الاستئذان ، وعن النظر إلى العورات ،
    والنهي أن يدعي ما ليس له والنهي أن يتشبع بما لم يعط وأن يسعى إلى أن يحمد بما لم يفعل .
    والنهي عن دخول ديار الأقوام الذين أهلكهم الله بالعذاب إلا مع البكاء أو التباكي ويدخل معتبرا لا متفرجا ، والنهي عن اليمين الآثمة ، والتجسس وسوء الظن بالصالحين والصالحات والنهي عن التحاسد والتباغض والتدابر والنهي عن التمادي في الباطل .
    والنهي عن الكبر والفخر والخيلاء والإعجاب بالنفس وعن الفرح المذموم بالدنيا الذي يسبب الأشر والبطر .
    والنهي عن المشي في الأرض مرحاً وعن تصعير الخد للناس وهو علامة الكبر . والنهي أن يعود المسلم في صدقتة ولو بشرائها ، والنهي أن يقتل الوالد إذا قتل ولده ، وأن ينظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة . وعن النظر إلى فخذ حي أو ميت والنهي عن انتهاك حرمة الشهر الحرام أما مجاهدة الكفار فيه فهي مشروعة .
    والنهي عن الإنفاق من الكسب الخبيث .
    والنهي عن استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره والنهي عن عدم العدل في العطية بين الأولاد . والنهي عن المضارة في الوصية وعن الوصية لوارث ، لأن الله قد أعطى الورثة حقوقهم ، وأن يوصي بماله كله ويترك ورثته فقراء فإن فعل فلا تنفذ وصيته إلا في الثلث .
    والنهي عن سوء الجوار وعن إيذاء الجار ، وعن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي .
    والنهي عن الخذف وهو رمي الحصاة بين إصبعين لأنها مظنة الأذى مثل فقء العين وكسر السن ، والنهي عن الاعتداء .
    والنهي أن يجهر الناس بعضهم على بعض بقراءة القرآن ، والنهي عن الدخول بين المتناجيين وأن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما ، وأن يقيم شخصاً من مقعده ويجلس هو فيه ، وأن يقوم الرجل من عند أخيه حتى يستأذن . والنهي عن القيام على رأس الجالس ، وعن الجلوس بين الشمس والظل ، لأنه مجلس الشيطان .
    والنهي عن الإضرار بالمسلمين ، وعن شهر السلاح على المسلم .
    والنهي أن يشير إلى أخيه المسلم بحديدة .
    والنهي عن تعاطي السيف مسلولا خشية الإيذاء ، والنهي عن ردّ الهدية إذا لم يكن فيها محذور شرعي ، والنهي عن الإسراف والتبذير ، وعن التكلف للضيف ، وعن إعطاء المال للسفهاء . ونهي الناس أن يتمنى ما فضل الله بعضهم على بعض من الرجال والنساء . والنهي عن إعطاء المال للسفهاء ، والنهي عن التنازع ، والنهي عن الرأفة بالزاني والزانية عند إقامة الحد . وعن إبطال الصدقات بالمن والأذى .
    والنهي عن كتمان الشهادة ، والنهي عن قهر اليتيم ونهر السائل ، والنهي عن التداوي بالدواء الخبيث فإن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها ، والنهي عن قتل النساء والصبيان في الحرب ، والنهي عن التعمق والتكلف والنهي عن الأغلوطات وهي الإتيان بالمسائل المشكلة إلى العالم لمغالطته وتحديه وتشويش فكره أو إرادة السائل إظهار فضله وذكائه أو السؤال عن أمور لم تقع من الفرضيات والجدليات التي لا تنفعه في دينه .
    والنهي عن اللعب بالنرد والنهي عن لعن الدواب والنهي عن خمش الوجه عند المصيبة ، وعن غش الرعية ، والنهي أن ينظر الإنسان إلى من هو فوقه في أمور الدنيا بل ينظر إلى من هو أسفل منه حتى يعرف نعمة الله عليه فلا يزدريها ، والنهي أن يفخر أحد على أحد ،
    والنهي عن إخلاف الوعد ، والنهي عن خيانة الأمانة ، والنهي عن كتم العلم والنهي عن الشفاعة السيئة مثل أن يتوسط في الشر .
    والنهي عن سؤال الناس دون حاجة ، والنهي عن الجرس في السفر والنهي عن اتخاذ الكلاب إلا لحاجة ككلب الماشية وكلب الزرع والصيد والحراسة .
    والنهي عن الضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله والنهي عن كثرة الضحك والنهي عن إكراه المرضى على الطعام والشراب فإن الله يطعمهم ويسقيهم والنهي عن إحداد النظر إلى المجذومين .
    والنهي أن يروع المسلم أخاه المسلم أو يأخذ متاعه لاعبا أو جادا والنهي عن الأخذ والإعطاء بالشمال ، والنهي عن النذر لأنه لا يرد من قضاء الله شيئا وإنما يستخرج به من البخيل ، وعن ممارسة الطب بغير خبرة ، وعن قتل النمل والنحل والهدهد .
    والنهي أن يسافر الرجل وحده ، والنهي أن يمنع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره .
    والنهي عن جعل السلام للمعرفة وإنما يسلم على من عرف ومن لم يعرف ، وعن إجابة من بدأ بالسؤال قبل السلام ، وعن تقبيل الرجل الرجل .
    والنهي عن جعل اليمين حائلة بين الحالف وعمل البر بل يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه ، وعن القضاء بين الخصمين وهو غضبان أو يقضي لأحدهما دون أن يسمع كلام الآخر .
    والنهي عن إخراج الصبيان خارج البيت عند غروب الشمس حتى يشتد السواد لأنها ساعة تنتشر فيها الشياطين ، والنهي عن الجذاذ بالليل وهو قطع الثمار وعن الحصاد بالليل لئلا يخفى على المساكين ولئلا يكون فرارا من الفقراء قال الله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) .
    والنهي أن يمر الرجل في السوق ومعه ما يؤذي المسلمين كالأدوات الحادة المكشوفة ، والنهي عن الخروج من البلد التي وقع فيها الطاعون أو الدخول إليها .
    والنهي عن الحجامة يوم الجمعة والسبت والأحد والأربعاء وإنما يحتجم يوم الخميس والاثنين والثلاثاء ، والنهي عن تشميت من عطس فلم يحمد الله ، والنهي عن التفل تجاه القبلة ، والنهي عن التعريس على قارعة الطريق في السفر ، وهو النزول للنوم والاستراحة وذلك لأنها مأوى الدواب ، والنهي عن الضحك من الضرطة وهي صوت الريح لأن كل إنسان معرض لذلك ولا يخلو منه شخص وفيه رعاية لنفوس الآخرين .
    والنهي عن رد الطيب والوسائد والريحان .
    وختاما هذا ما تيسر جمعه من المنهيات ، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجنبنا الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن يباعد بيننا وبين أسباب سخطه وأن يتوب علينا إنه سميع قريب مجيب . سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

    والله من وراء القصد

    __________

    أتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن

    منقول....شير في الخير...............
                  

07-20-2022, 01:20 PM

جمال الباقر
<aجمال الباقر
تاريخ التسجيل: 12-14-2008
مجموع المشاركات: 2237

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    وضع الرابط كان يكفي

    تحياتي ومودتي
                  

07-21-2022, 06:13 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: جمال الباقر)

    صلوا عليه وسلموا تسليما...
    أمرالله لتعظيم نبيه وتعزيره وتوقيره، وإجلاله واحترامه وتقديره، أمر لا يخفى على مؤمن ومسلم، وكل من تصفح كلام الله وكتابه ووحيه أدرك ذلك وعلم كيف أن الله جل في علوه قد أثنى على رسوله ونبيه، وحبيبه ووليه، وصفيه ونجيه، وأجلَّه في كتابه، ووقره في خطابه، فما ناداه قط باسمه المجرد وإنما {يأيها النبي}، {يأيها الرسول}، وكيف أنه أقسم بحياته ـ ولم يقسم في كتابه بحياة بشر سواه ـ قال ابن عباس: "ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، ولا رأيته أقسم بحياة أحد غيره". واشتق الله له من اسمه، وربط ذكره بذكره، فلا يكاد يذكر الله تعالى إلا ويذكر النبي معه.
    وضم الإله اسم النبي إلى اسمه .. إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
    وشــق له مــن إســمه ليجـــلــه .. فذو العرش محمود وهذا محمد

    وإن من تمام التقدير وكمال التكريم والتوقير، هذا الأمر الذي بدأ الله فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وأمر به المؤمنين من خلقه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(الأحزاب:56).
    قال البخاري رحمه الله: "قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء"، وقال ابن عباس: (يصلون يبرِّكون) أي: يباركون. قال ابن كثير في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: 56]: "المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادَه بمنزلة عبده ونبيه وحبيبه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمَر تعالى أهل العالم السفليّ بالصلاة عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين".

    كنز الخيرات
    الصلاة على المختار كنز عظيم من كنوز الخيراتِ، وباب واسعٌ من أبواب المبرّات، ومصدر هائل للأجور والحسنات، ولو علم المسلم ما جعل الله فيها من الخير والفضائل والثمرات ما فتر لسان عن مداومة الصلاة والسلام عليه.. عليه الصلاة والسلام.
    وإن من أعظم تلك الفضائل وأزكى تلك الثمرات، ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي [من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرًا].
    يا ألله.. تصلى على النبي مرة فيصلي عليك رب العزة عشر مرار، وتصلى على النبي مرة في الأرض فيصلى الله عليك عشر مرات في السموات العلى!!
    وإذا أردت أن تصلّي عليك الملائكة فأدِم الصلاة على النبيّ، فقد صح عنه أنه قال: (ما من عبد يصلي عليّ إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو يكثر).

    درجات ومحو سيئات
    كثيرة هي سيئاتنا، ووفيرة هي خطيئاتنا والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لمحو السيئات، وكسب الحسنات ورفع الدرجات؛ روى الإمام أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحُطّ عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات](رواه أحمد والنسائي)، وفي رواية: (كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورُدّ عليه مثلها).
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    تكفى همك ويغفر ذنبك
    الهموم والغموم سبب الشقاء في الدنيا، والمعاصي والذنوب سبب الشقاء في الآخرة، فمن أراد أن يزيل الله عنه هم الدنيا وشقاء الآخرة فليكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. روى الإمام الترمذي والحاكم عن أبيّ رضي الله عنه أنه [قال للنبي: إني أكثِر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير، قال: قلت: الثلث؟ قال: ما شئت، فما زدت فهو خير، قال: قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همّك ويغفر لك ذنبك].
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    طريق الشفاعة
    يوم القيامة يوم عظيم الأحوال شديد الأهوال، كثير الفظائع تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يشيب من هوله الولدان، يغضب فيه الله غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، يبحث فيه جميع الخلق عن أحد يشفع لهم عند خالقهم، وأعظم الناس شفاعة يومئذ المرسلون، وأعظمهم جميعا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول الله له "يا محمد سل تعط واشفع تشفع".. فمن أراد أن يشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم المهيب فليكثر من الصلاة والسلام عليه.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً](رواه الترمذي)، وصحّ عنه أنه قال: [إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة](رواه مسلم).
    فله لــواء الحمد غير مدافع ... وله الشفاعة إذ يكون كليما
    يا أيها الراجون منه شفاعة ... صلوا عليه وسلموا تسليما
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    شرف ورفعة
    شرف وأي شرف، ورفعة وأي رفعة أن يذكر اسم أحدنا عند رسول الله، وأن يسلم عليه وأن يرد عليه النبي السلام.. والصلاة على النبي سبب لعرض اسم المصلّي على النبيّ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أكثروا من الصلاة عليّ، فإن الله وكّل لي ملكا عند قبري، فإذا صلى عليّ رجل من أمتي قال الملك: يا محمد، إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة](صححه الألباني في الصحيحة)، ومن اللطائف قول بعض أهل العلم أن هذا باب من أبواب البر بالوالد أن تكون سببا في أن يذكر اسمه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وصح عنه أنه قال: [إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام](رواه أحمد والنسائي).
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ](رواه أحمد وأبو داود).
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    كفارة المجلس
    كثيرة هي مجالسنا التي نلغو فيها، ونغتاب فيها ونقول ما لا ينبغي، وهي مجالس حسرات وتبعات يوم القيامة، ولا نجاة من هذا إلا بأن نذكر الله فيها ونصلى على نبيه؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: [ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي إلا قاموا عن أنتن من جيفة]، وقال: [ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ـ أي: نقص وتبعة وحسرة ـ، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم] وفي رواية: [ما قعد قوم مقعدًا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب].
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

    صيغ الصلاة
    قد ثبتت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان صفة الصلاة عليه في الصحيحين وغيرهما، ومن ذلك حديث كعب بن عجرة أنه قال: [يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك.. فكيف نصلي عليك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد](متفق عليه).

    ومن ذلك حديث أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد](رواه البخاري).

    ومن ذلك قوله في حديث أبي مسعود الأنصاري لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه قال: [قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد](قال البيهقي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح).

    محاذير
    وكل صيغة وردت جاز أن يصلى بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وقد اخترع بعض الناس صيغا فيها شرك ومخالفات شرعية فهذه لا يجوز الصلاة على النبي بها، وبعضهم اخترعوا صيغا استعملوها في أوقات مخصوصة ورتبوا عليها أجورا لم يدل عليها دليل، فإن جاز استعمالها مطلق الاستعمال فلا يجوز اعتقاد تخصيص وقت أو عدد أو ترتيب ثواب لم يرتبه الشارع.
    وخير أمور الدين ما كان سنة .. وشر الأمور المحدثات البدائع

    مواطن وأزمنة
    والصلاة على رسول الله مستحبة في كل وقت من ليل أو نهار فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: [لاَ تَجعَلُوا قَبري عيدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُم تَبلُغُنِي حَيثُ كُنتُم](صحيح أبو داود).

    وقد ذكر العلماء مواضع يحسن بالمسلم ويستحب له فيها صلاته على رسول الله ـ وفي بعضها تجب ـ فمن ذلك ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام فذكر من تلك المواطن: "الصلاة عليه في آخر التشهد وكذا في التشهد الأول، وعند آخر القنوت، وفي صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية، وفي الخطب والعيدين والاستسقاء، وعند إجابة المؤذن، وعند الإقامة والدعاء، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعلى الصفا والمروة، وعند الاجتماع في المجلس وقبل التفرق منه، وعند ذكره، وحال الوقوف عند قبره، وعند قيام الرجل من نوم الليل، ويوم الجمعة وليلتها، وعند الهمّ والشدائد وطلب المغفرة، وعند ـ سماع أوـ كتابة اسمه وإلقاء الدروس والتعليم والتذكير، وكل موطن يُجتمع فيه لذكر الله... إلى غير ذلك مما ذكره رحمه الله.

    ومن أشهر المواطن التي أمرنا فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن نكثر الصلاة والسلام عليه فيها يوم الجمعة وليلتها: فعن أوس بن أوس قال: قال رسولُ الله: [إنَّ مِن أفضَلِ أيَّامِكُم الجُمُعَة، فَأكثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاة فيه، فَإنَّ صَلاَتَكُم مَعرُوضَةٌ عَلَي، قال: قالوا: يا رسول الله، وكَيفَ تُعرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيكَ وَقد أرَمتَ؟! قال: يقولُ: بَلِيتَ ـ أي: صرت رميمًا ـ ، قال: إنَّ الله حَرَّمَ عَلَى الأرضِ أجسَادَ الأنبِيَاءِ](أبو داود بإسناد صحيح).

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد ما أحاط به علمك، وخطه قلمك، وأحصاه كتابك.
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد رمل الصحارى والقفار، وعدد ما أظلم عليه ليل أو طلع عليه نهار.
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة دائمة حتى ترضى وحتى يرضى.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    🌹أربعون منفعة لمن يُصلي
    على النبي ﷺ 🌹*

    ☘ قال ابن القيّم رحمه الله :

    👈🥀أربعون فائدة للصلاة على النبي ﷺ :

    (1) 🍃 امتثال أمر الله.

    (2) 🍃موافقة الله سبحانه وتعالى في الصلاة على النبي ﷺ وإن اختلفت الصلاتان.

    (3) 🍃 موافقة الملائكة فيها.

    (4)🍃 الحصول على عشر صلوات من الله تعالى على المصلي مرة واحدة.

    (5)🍃يرفع العبد بها عشر درجات.

    (6)🍃 يكتب له بها عشر حسنات.

    (7)🍃 يمحى عنه بها عشر سيئات.

    (8) 🍃أنها سبب في إجابة الدعاء.

    (9)🍃 سبب حصول شفاعة المصطفى ﷺ.
    (10)🍃 سبب لغفران الذنوب.

    (11) 🍃سبب لكفاية الله سبحانه وتعالى العبد ما أهمّه.

    (12) 🍃قُرب العبد من النبي ﷺ يوم القيامة.
    (13)🍃 قيام الصلاة مقام الصدقة لذي العسرة.
    (14)🍃 سبب لقضاء الحوائج.

    (15)🍃 سبب لصلاة الله وملائكته عليه.
    (16)🍃 سبب تزكية للمصلي وطهارة له.
    (17)🍃سبب تبشير العبد بالجنة قبل موته.
    (18)🍃 سبب النجاة من أهوال يوم القيامة.
    (19)🍃 أنها سبب لتذكير العبد ما نسيه.
    (20)🍃 سبب رد سلام النبي ﷺ على المصلي والمسلم عليه.

    (21)🍃 سبب طيب المجلس فلا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.

    (22) 🍃سبب نفي الفقر.

    (23)🍃 سبب نفي البخل عن العبد.
    (24)🍃 سبب نجاته من الدعاء عليه برغم الأنف.

    (25) 🍃سبب طريق الجنة، لأنها ترمي بصاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها عن طريقها.

    (26)🍃 النجاة من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله تعالى ورسوله ﷺ.
    (27)🍃 سبب تمام الكلام في الخطب وغيرها.

    (28)🍃 سبب وفور (كثرة) نور العبد على الصراط.

    (29) 🍃سبب خروج العبد من الجفاء.

    (30)🍃 سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض.

    (31) 🍃سبب البركة على المصلي وعمله وعمره.
    (32) 🍃سبب نيل رحمة الله تعالى.

    (33)🍃 سبب دوام محبة المصلي للرسول ﷺ.
    (34)🍃 سبب دوام محبة الرسول ﷺ للمصلي عليه.
    (35)🍃سبب هداية العبد وحياة قلبه.
    (36)🍃سبب عرض اسم المصلي على النبي ﷺ.
    (37)🍃سبب تثبيت القدم على الصراط.
    (38)🍃 سبب أداء بعض حق المصطفى ﷺ.

    (39)🍃 أنها متضمنة لذكر الله وشكره تعالى.

    (40) 🍃أنها دعاء لأنها سؤال الله عز وجل أن يثني على خليله وحبيبه ﷺ أو سؤال العبد لحوائجه ومهماته.
    ذكر ابن القيم 39 فائدة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منها:

    1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
    2- حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
    3- يكتب له عشر حسنات ويمحو عنه عشر سيئات.
    4- أن يرفع له عشر درجات.
    5- أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين.
    6- أنها سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيلة له، أو إفرادها.
    7- أنها سبب لغفران الذنوب.
    8- أنها سبب لكفاية الله ما أهمه.
    9- أنها سبب لقرب العبد منه يوم القيامة.
    10- أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة الملائكة عليه.

    11- أنها سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلي.
    12- أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
    13- أنها سبب لنفي الفقر.
    14- أنها تنفي عن العبد اسم ( البخيل ) إذا صلى عليه عند ذكره .
    15- أنها سبب لإلقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.

    16- أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
    17- أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه وذكره عنده كما تقدم قوله : { إن صلاتكم معروضة عليّ } وقوله : { إن الله وكّل بقبري ملائكة يبلغونني عن أمتي السلام } وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله .

    18- أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبدالرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه: { ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته عليّ فأقامته على قدميه وأنقذته - رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في "الترغيب والترهيب" وقال: هذا حديث حسن جداً].
    19- أنها سبب لدوام محبة الرسول وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه فسيتضاعف حبّه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه يغلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا أقر لقلبه من ذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك.
    20- أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه ويقتبس الهدي والفلاح وأنواع العلوم منه، فأهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له كلما ازدادوا فيما جاء به من معرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
    َْ ﺇﻥْ ﺿَﺎﻗَﺖْ ﺑِﻚَ ﺍﻷﺣْﻮَﺍﻝُ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻓَﺒِﻸﺳْﺤَﺎﺭِ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺍﻟﻠﻪُ ﺭَﺏُّ ﺍﻟﻌَﺮْﺵِ ﻋَﺸْﺮﺍً
    ﻋَﻠَﻰ ﻋَﺒْﺪٍ ﻳُﺼَﻠِّﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﻓﻲ ﻣِﺎﺋﺔٍ ﻳُﺼَﻠِّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﺃﻟْﻔﺎً
    ﻓَﻌَﺠِّﻞْ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭ ﻻ ﺗَﺘْﺮُﻙْ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻓَﻤَﺎ ﺃﺣْﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺷِﻔَﺎﺀٌ ﻟِﻠﻘُﻠُﻮﺏِ ﻟَﻬَﺎ ﺿِﻴَﺎﺀٌ
    ﻭَ ﻧُﻮﺭٌ ﻣُﺴْﺘَﻤَﺪٌ ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺑِﻬَﺎ ﻳُﺴْﺮٌ ﻭ ﺗَﻔْﺮِﻳﺞٌ ﻟِﻜَﺮْﺏٍ
    ﻟِﻤَﻦْ ﺃﻫْﺪَﻯ ﺍﻟﺼَّﻼﺓَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺑِﻬَﺎ ﺍﻷﺳَﺮَﺍﺭُ ﻭ ﺍﻷﻧْﻮﺍﺭُ ﺗَﺘْﺮَﻯ
    ﺗَﻨَﻮَّﺭْ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺃﻓْﻀَﻠُﻬَﺎ ﺇﺫﺍ ﻣَﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﺑِﺮَﻭْﺿَﺘِﻪِ ﺗُﺼَﻠِّﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺗُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﺎﺷْﺘِﻴَﺎﻕٍ ﻓﻲ ﻣَﻘَﺎﻡٍ
    ﻋَﻈِﻴﻢِ ﺍﻟﺸَﺄﻥِ ﻳَﺴْﻤَﻌُﻬَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﻻﺡَ ﺍﻟﻨُّﻮﺭُ ﺗُﺒْﺼِﺮُﻩُ ﻣُﻀِﻴﺌﺎً
    ﻭَ ﻓَﺎﺡَ ﺍﻟﻄِّﻴﺐُ ﻣِﺴْﻜﺎً ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺗِﻠﻚَ ﻣَﺰِﻳﺔ ﺣَﺼَﻠَﺖْ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ
    ﺗَﺮﺍﻫُﻢْ ﻧَﺎﻇِﺮِﻳﻦَ ﺇﻟﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺟَﺎﺀُﻭﺍ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ﻭَ ﻟَﻬُﻢْ ﺳَﻼﻡٌ
    ﻓَﺮَﺩَّ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﻃَﻪَ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻓَﻴَﺎ ﺳَﻌْﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻭَ ﻗَﺪْ ﺃﻫْﺪَﻯ ﺍﻟﺴَّﻼﻡَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻘِﻲٌ ﺑَﻞْ ﺳَﻌِﻴﺪٌ ﻣُﺴْﺘَﺠَﺎﺏٌ
    ﻭَ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟﺤَﺸْﺮِ ﺷَﺎﻓِﻌُﻪُ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻛَﻼﻣِﻲ ﻟﻠَّﺬﻱ ﻗَﺪْ ﺯَﺍﺭَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﺣَﺒِﻴﺐَ ﺍﻟﻠﻪ ﻫَﺎﺩِﻳﻨَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﺬﺍﻙَ ﻟَﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻷﺫﻭَﺍﻕِ ﺳِﺮٌّ
    ﺇﺫﺍ ﺑِﺎﻟﺤُﺐِّ ﺟَﺎﺀَ ﺇﻟَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﻜَﺄﺱُ ﺍﻟﺤُﺐِّ ﻳُﺴْﻘَﺎﻫَﺎ ﻣُﺤِﺐٌّ
    ﺑِﺠَﻮْﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺻَﻠَّﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﻋَﻨْﺪَ ﺍﻟﻤُﺼْﻄَﻔَﻰ ﻇَﻬَﺮَﺕْ ﻣَﺰَﺍﻳَﺎ
    ﻷﺭْﺑَﺎﺏِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﻴَﺎ ﻣَﻦْ ﻋِﻨْﺪَﻩُ ﺳِﺮٌّ ﺗَﺒَﺪَﻯ
    ﻣِﻦَ ﺍﻟﻤُﺨْﺘَﺎﺭِ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻌَﻠَّﻢْ ﺣِﻔْﻆَ ﺳِﺮَّﻙَ ﻳَﺎ ﺃﺧَﺎﻧَﺎ
    ﻭَ ﻻ ﺗَﻨْﺲَ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺇﺫﺍ ﻣَﺎ ﺷِﺌْﺖَ ﺃﻥْ ﺗَﺤْﻈَﻰ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً
    ﺑِﻔَﺘْﺢِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺗَﻔْﺴِﻴﺮٌ ﻭَ ﻋِﻠْﻢٌ ﺫﻭ ﻣَﻌَﺎﻧِﻲ
    ﻟِﻤَﻦْ ﺫﻛَﺮُﻭﺍ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺭِﺯْﻕُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻭْﺳَﻌُﻪُ ﺗَﺒَﺪَﻯ
    ﻷﺭْﺑَﺎﺏِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺗَﻴْﺴِﻴﺮُ ﺍﻷﻣُﻮﺭِ ﻟِﻤَﻦْ ﻳُﺼَﻠِّﻲ
    ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻤُﺨْﺘَﺎﺭِ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺷِﻔَﺎﺀٌ ﻟِﻠﻤَﺮِﻳﺾِ ﻛَﺬﺍ ﺩَﻭَﺍﺀٌ
    ﺻَﻼﺓُ ﺍﻟﻌَﺎﺷِﻘِﻴﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ﻭَ ﺟَﺎﺀَﺗْﻚَ ﺍﻟﻤَﻜَﺎﺭِﻡُ ﻣِﻦْ ﻛَﺮِﻳﻢٍ
    ﺇﺫﺍ ﻳَﻮْﻣﺎً ﺗُﺼَﻠِّﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَﺭَﺩَّ ﺍﻟﻠﻪُ ﺃﺿْﺮَﺍﺭَ ﺍﻷﻋَﺎﺩِﻱ
    ﻋَﻦْ ﺍﻷﺧْﻴَﺎﺭِ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻮَﺟَّﻪْ ﺇﻥْ ﺃﺭَﺩْﺕَ ﻗَﻀَﺎﺀَ ﺩَﻳْﻦٍ
    ﺇﻟَﻰ ﻛَﻨْﺰِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﺠِﺪْ ﻓَﺮَﺟﺎً ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻳَﺎ ﺃﺧَﺎﻧَﺎ
    ﺑِﺠَﺎﻩِ ﻧَﺒِﻴِّﻨَﺎ ﻃَﻪَ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻠﻪ ﺻَﻠَّﻰ ﻛُﻞَّ ﺣِﻴﻦٍ
    ﺻَﻼﺓ ﺍﻷﻭَّﻟِﻴﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻠﻪ ﺳَﻠَّﻢَ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﺪَّﺕْ
    ﺭَﻭَﺍﺣِﻞُ ﺯَﺍﺋِﺮِﻳﻦَ ﻟَﺪَﻯ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺁﻝِ ﺍﻟﺒَﻴْﺖِ ﺳَﺎﺩَﺍﺕٍ ﻛِﺮَﺍﻡٍ
    ﻟَﻬُﻢْ ﺷَﺮَﻑُ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﺑَﺔِ ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﺤْﺐِ ﺍﻟﻜِﺮَﺍﻡِ ﺭِﺿَﺎﺀُ ﺭﺑﻲ
    ﻛَﺬﺍﻙَ ﺭِﺿَﺎﺀُ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪًْ
    إسلام ويب....،،،،........
                  

07-22-2022, 11:17 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أقم الصلاة لوقتها يا لاهي
    عنها فلا تك إن غفلت بساهي
    وأمر بها ـ مادمتَ ـ أهلك واستقم
    فيها ضمان الرزق عند الله
    إن الصلاة عماد دين محمد
    وكذاك ركن بناء دين الله
    فاصبر عليها إنها لكبيرة
    إلا لعبد خاشع.. أواه
    إن الصلاة مع الجماعة سنة
    يرجي قبول صلاتها لله
    وصفوفها كصفوف أملاك السما
    وبهم إله العالمين يباهي
    هي عدة عند الشدائد كلها
    حصن من البلوى وخطب داه
    هي أفضل الأعمال عند مليكنا
    وغدا تنجي من عذاب الله
    بالله إن رفع الأذان محيعلا
    فذروا البيوع وكل أمر لاه
    وأتوا الصلاة فإنها خير لكم
    من إبلكم أغنامكم وشياه
    قال الرسول: لقد هممت مبينا
    سوء التخلف عن بيوت الله
    والله في العقبى أشد بمن عصى
    بأسا وتنكيلا بغير تناهي
    يا حسرتا ضاع الزمان سدى وقد
    فرطت في آداب جنب الله...
    ياشباب.. الصلاة الصلاة....
    لقد أنعَم الله علينا بنعمٍ سابغة وآلاء بالغة، لا يحدها حد، ولا يأتي عليها حصر ولا عد.. وإنّ أعظمَ نعمةٍ وأكبرَ مِنّة هي نعمةُ الإسلام والإيمان، يقول تبارك وتعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(الحجرات:17).
    فاحمدوا الله حمدا كثيرًا على أن جعلنا مسلمين، وأن اختارنا واصطفانا لنكون من أهل الحق وأتباع هذا الدين.

    ألا وإنَّ من المعلوم من هذا الدين بالضرورة أن من أظهرِ معالمِه، وأعظمِ شعائره، وأنفع ذخائره الصلاةَ، ثانيةَ أركان الإسلام ودعائمه العظام.
    هي بعد الشهادتين آكَدُ المفروضات، وأعظم الطاعات، وأجلُّ القربات، من حفِظها حفِظ الدين، ومن أضاعها فقد هدم الدين، هي رأس الأمانة وعمودُ الدّيانة، يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: [رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه لصلاة](أحمد والترمذي وقال حسن صحيح).
    من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافِظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة، وكان يومَ القيامة مع قارون وفرعونَ وهامان وأبيِّ بن خلف.

    الصلاة.. قرّةً عيون الموحدين، وأنس قلوب المحبين، وراحة نفوس المشتاقين، فهي لقاء بينهم وبين خالقهم ومعبودهم، وإلههم ومحبوبهم. كما قال سيد العابدين: [إنَّ أحدَكم إذا كان في الصلاة فإنّه يناجي ربّه](متفق عليه).
    فهي راحة نفوس المؤمنين: [أرحنا بها يا بلال] أحمد وصحيح أبي داود، وهي قرة عيونهم [وجُعِلت قرّةُ عيني في الصلاة](أحمد والنسائي وهو صحيح)، فهي سرور المسلم، وهناءَة قلبه، وسعادة فؤادِه.

    والصلاة.. مفزع المحزونين، وملجأ الخائفين، ودليل الحائرين.. هي أحسن ما قصده المرء في كل أمر مهم، وأولى ما استعان به في كل خطب مدلهم، وكان رسول الهدى [إذا حزَبه أمرٌ فزع إلى الصلاة](أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه ابن حجر والألباني).. فهي تشرق بالأمل في القلوب المظلمات، وتنقذ المتردّي في دروب الضلالات، وتأخذ بيد البائِس واليائس إلى طريق النجاة والحياة {يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.

    والصلاة.. نفحاتٌ ورحمات، وهِبات وبركات:
    بها ترفَع الدرجات، وتضاعَف الحسنات، وتَكفَّر السيئات؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب، غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا](صحيح الترغيب والترهيب).
    وقال عليه الصلاة والسلام: [أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمسَ مرّات، هل يبقى من درنه شيء؟! قالوا: لا يبقى من درنه، قال: فذلك مَثَل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهنّ الخطايا](متفق عليه).
    وفي الحديث: [الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر](رواه مسلم).

    والصلاةُ أيها الأحبة ـ هي أكبرُ وسائل حِفظِ الأمن والقضاء على الجريمة، وأنجعُ وسائل التربية على العِفّة والفضيلة ومكارم الأعمال، وتنقية النفوس من كل منكر وسوء وخبال ووبال: {وَأَقِمِ الصلاةَ إِنَّ الصلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}(العنكبوت:45).

    وبالجملة فإن الصلاة هي سرُّ النجاح وأصلُ الفلاح، فهي أوّلُ ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة، فإن صلَحت صلحت وسائر عمله، وإن فسدت فسدت وسائر عمله، ومن صحت له صلاته فقد أفلح وأنجح، ومن فسَدت صلاته فقد خاب وخسِر.
    فالمحافظةُ علي الصلوات عنوان الصِدق والإيمان، والتهاون بها علامةُ الخذلان والخُسران.

    تفريط في عظيم
    غير أنّ ممّا نندَى له جبينا، ويجعل القلبَ مكدَّرا حزينًا ما فشا بين كثيرٍ من المسلمين ـ وخاصة الشباب ـ من سوءِ صنيع وتفريطٍ وتضييع لهذه الشعيرة العظيمة، فمنهم التاركُ لها بالكلّيّة، ومنهم من يصلّي بعضًا ويترك البقيّة، ومنهم من يتهاون في أدائها في أوقاتها فيجمع بين الصلوات ويدخل بعضها في وقت بعض. وإنَّ من أكبر الكبائر، وأبين الجرائر تركَ الصلاة تعمُّدًا، وإخراجَها عن وقتها كسَلاً وتهاوُنًا، وهذا أقرب طريق للكفران، وأيسر طريق للخروج من الإسلام.. يقول النبي العدنان: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقَد كفر](أخرجه أحمد)، وفي صحيح مسلم: [بين الرجل والكفر ـ أو الشرك ـ تركُ الصلاة].

    ومن ترك الصلاة فقد حل عليه غضب الله ومقتُه، يقول النبيّ: [من ترك الصلاةَ لقي الله وهو عليه غضبان](أخرجه البزار)، وفي الحديث: [لا تتركنَّ صلاةً متعمِّدًا، فمن فعل ذلك فقد برئت منه ذمّة الله وذمّةُ رسوله](أخرجه الطبراني).
    ويقول عبد الله بن شقيق رحمه الله تعالى: "كان أصحابُ رسول الله لا يرونَ شيئًا من الأعمال تركُه كفر غير الصلاة"(أخرجه الترمذي).

    أيها الشباب، إنّ التفريطَ في أمر الصلاة من أعظم أسبابِ البلاء والشقاء، ضَنكٌ دنيويّ وعذاب برزخي وعِقاب أخرويّ، يقول تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}(المعارج: ). ويقول: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا}[مريم:59].

    فتوبوا إلى الله يا إخواني، ويا أبنائي وبناتي، وحافظوا على صلواتكم، وأدوها في أوقاتها، وإياكم والتهاون فيها، وإخراجها عن وقتها، واحذروا ما توعد الله به المتهاونين بقوله: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
    السعي إلى الجمعة والتأدب بآدابها
    لقد اصطفى الله هذه الأمة وميزها (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم)، (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ... ).

    وقد اختار الله تبارك وتعالى لهذه الأمة أفضل المناسك و خير الشرائع والمناسبات و الأيام والبقاع وجعل لهذه الأمة من مواسم الاجتهاد في العبادات والطاعات ما يتكرر ويدور لتبدد الفتور، وتجدد النشاط، وتوقظ الغافلين.

    ومن أجلِّ هذه الأيام قدراً، و أعظمها وأعلاها ذكراً، يوم الجمعة الذي هدانا الله له وقد ضلت عنه الأمم قبلنا.

    " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه-أي تعظيمه-، فهدانا الله له، والناس لنا فيه تبع، اليهود غداً والنصارى بعد غد".

    فهذه الأمة وإن كانت متأخرة عن الأمم السابقة في وجودها في الدنيا فإنها سابقة، لهم فهي أول من يحشر من الأمم وأول من يحاسب وأول من يدخل الجنة.

    " من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم تبلغني".

    " من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام". فالحسنة بعشر أمثالها، والمغفرة هنا خاصة بالصغائر.

    " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

    ومن فضل الله تعالى على الأمة فيما يتعلق بالجمعة أنه يميز أهلها يوم القيامة حتى إن الناس ليغبطونهم ويعجبون بهم، كما في الحديث: " إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها ، و يبعث يوم الجمعة زهراء منيرة ، أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها ، تضيء لهم ، يمشون في ضوئها ، ألوانهم كالثلج بياضا ، و ريحهم تسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ، ما يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة ، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون ".

    من آداب يوم الجمعة:

    1- الغسل والتجمل والتطيب:

    "على كل مسلم الغسل يوم الجمعة، ويلبس من صالح ثيابه، وإن كان له طيب مسَّ منه".

    والذي يستعد لهذا اليوم ويغتسل ويذهب إلى بيت الله مبكراً له فضل عظيم:

    " من غسّل واغتسل، وبكّر وابتكر، ودنا من الإمام فأنصت كان له بكل خطوة يخطو ها صيام سنة وقيامها".

    2- الإكثار من الصلاة على النبي:

    " فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ"

    " أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلتها".

    فيوم الجمعة سيد الأيام ورسول الله سيد الأنام ... وكل خير نالته الأمة إنما كان بسببه وعلى يديه؛ لهذا كان للصلاة والسلام عليه في هذا اليوم مزية خاصة.
    3- قراءة سورة الكهف:

    " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يستضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين".

    4- التبكير إلى الجمعة:

    " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".

    وقد جاء ابن مسعود رضي الله عنه إلى المسجد في يوم الجمعة فوجد ثلاثة سبقوه فأسف أنه لم يكن الاول ثم تذكر حديثا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر راوحهم إلى الجمعات الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ، وما رابع أربعة من الله ببعيد".

    يقابل ذلك –أيها الإخوة- قوم غافلون، متهاونون، كأنه لم يطرق آذانهم الوعيد الشديد، فلم يعرفوا لهذا اليوم حقه، ولم يكترثوا بفضله: " من ترك ثلاث جمعٍ تهاونا، طبع الله على قلبه"، بهذا صح الخبر عن نبيكم محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ويقول عليه الصلاة والسلام وهو قائمٌ على أعواد منبره: " لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجمع والجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين".

    وإذا كان الشرع المطهر قد حرم البيع والشراء من وقت النداء الثاني وعلى هذا الحكم إجماع أهل العلم فهل يصلح لأمثال هؤلاء المتهاونين الاعتذار بأعذار واهية؟!

    وهناك فئة كسالى، يأتون إلى المساجد في فتورٍ وملل، ينتظر الواحد منهم إقامة الصلاة؛ ليأتي مسرعاً ثائر النَفْسِ والنَفَسِ، يدخل إلى الصلاة مشوش الفكر، لم يراعِ أدب الإسلام في دخول بيوت الله، ولم يعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزام السكينة والوقار، فاته أجر التبكير إلى الصلاة، أما علم هذا الكسول أن منتظر الصلاة كالمرابط في سبيل الله، والملائكة تستغفر له ما دام في مصلاه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه؟

    الله أكبر! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يزال قومٌ يتأخرون حتى يؤخرهم الله". دخلوا في سراديب الغفلة، وقست قلوبهم، أما يخشون أن يختم الله على قلوبهم، ويطمس أبصارهم، وينزع حلاوة الإيمان من قلوبهم؟

    وآخرون وإن حضروا مبكرا إلا أنهم في غفلة عن سماع الذكر والإنصات إلى الخطبة يتشاغلون عنها باللعب والكلام، اما سمع هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم:

    " من مس الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له".

    " إذا قلت لصاحبك أنصت و الإمام يخطب فقد لغوت".

    ولا تنس –وفقني الله وإياك- أن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبدٌ يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه، فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه" وأرجى أوقاتها ما بين العصر إلى غروب الشمس.

    وأخيرا فإننا نكرر على الأسماع ما هتف به القرآن:

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ

    ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن

    فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا

    وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِين).
    علي النغيمشي:
    :
    عشر خطوات لمعالجة السرحان فى الصلاة
    رحم الله من نقلها عني وجعلها بميزان حسناته ()

    أولاً: استحضار هيبة الله تعالى

    … قبل أن تؤدي الصلاة. فهل فكرت يوماً وأنت تسمع الأذان بأن جبار السماوات والأرض يدعوك للقائه في الصلاة..؟

    ثانياً: يجب عقد النية والتصميم على التركيز في الصلاة ليتقبلها الله سبحانه وتعالى والاستعاذة من الشيطان.

    ثالثاً: إننا في حديث مع الله فيجب ألا تؤدي الصلاة كمجرد مهمة فعندما تقرأ سورة الفاتحة في الصلاة تشعر بأنك في حوار خاص
    بينك وبين خالقك ذي القوة المتين.

    رابعاً: استحضار المعنى باشراك القلب والعقل مع اللسان فى تدبر كل كلمة والاحساس بها وبمعناها قال الله تعالى: (والذين هم في صلاتهم خاشعون) سورة المؤمنون.

    خامساً: عدم النظر إلى السماء.
    - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء فى
    صلاتهم فاشتد قوله فى ذلك حتى قال لينتهن أو لتخطفن أبصارهم.

    سادساً: عدم الالتفات.
    - فإن الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته مالم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه.

    سابعاً: عدم التثاؤب.
    - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التثاؤب فى الصلاة من الشيطان عند التثاؤب يقبض الفكين على بعضهما جيداً أو بوضع اليد على الفم.

    ثامناً: عدم التشكك.
    - لا يتشكك من اى هاجس فاذا تشكك من أي شيء كصحة وضوءه أو عدد الركعات استعاذ بالله من الشيطان وأكمل صلاته.

    تاسعاً: عدم القراءة سراً وأيضاً عدم رفع الصوت عالياً.
    - فيجب أن يسمع نفسه فقط لقوله تعالى فى سوره الإسراء
    (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).

    عاشراً: اتقان الصلاة وذلك يكون بالتأني في أدائها وإعطاء كل ركن
    حقه والدعاء عند السجود بتركيز فى الرجاء فى الله تعالى باجابته.

    زكاة العلم تبليغه.

    رحم الله من جعلها بميزان حسناته وووفقه وستر عيبه ورزقه وشرح صدره أنه على كل شيء قدير.
    🌹أربعون منفعة لمن يُصلي
    على النبي ﷺ 🌹*

    ☘ قال ابن القيّم رحمه الله :

    👈🥀أربعون فائدة للصلاة على النبي ﷺ :

    (1) 🍃 امتثال أمر الله.

    (2) 🍃موافقة الله سبحانه وتعالى في الصلاة على النبي ﷺ وإن اختلفت الصلاتان.

    (3) 🍃 موافقة الملائكة فيها.

    (4)🍃 الحصول على عشر صلوات من الله تعالى على المصلي مرة واحدة.

    (5)🍃يرفع العبد بها عشر درجات.

    (6)🍃 يكتب له بها عشر حسنات.

    (7)🍃 يمحى عنه بها عشر سيئات.

    (8) 🍃أنها سبب في إجابة الدعاء.

    (9)🍃 سبب حصول شفاعة المصطفى ﷺ.
    (10)🍃 سبب لغفران الذنوب.

    (11) 🍃سبب لكفاية الله سبحانه وتعالى العبد ما أهمّه.

    (12) 🍃قُرب العبد من النبي ﷺ يوم القيامة.
    (13)🍃 قيام الصلاة مقام الصدقة لذي العسرة.
    (14)🍃 سبب لقضاء الحوائج.

    (15)🍃 سبب لصلاة الله وملائكته عليه.
    (16)🍃 سبب تزكية للمصلي وطهارة له.
    (17)🍃سبب تبشير العبد بالجنة قبل موته.
    (18)🍃 سبب النجاة من أهوال يوم القيامة.
    (19)🍃 أنها سبب لتذكير العبد ما نسيه.
    (20)🍃 سبب رد سلام النبي ﷺ على المصلي والمسلم عليه.

    (21)🍃 سبب طيب المجلس فلا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.

    (22) 🍃سبب نفي الفقر.

    (23)🍃 سبب نفي البخل عن العبد.
    (24)🍃 سبب نجاته من الدعاء عليه برغم الأنف.

    (25) 🍃سبب طريق الجنة، لأنها ترمي بصاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها عن طريقها.

    (26)🍃 النجاة من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله تعالى ورسوله ﷺ.
    (27)🍃 سبب تمام الكلام في الخطب وغيرها.

    (28)🍃 سبب وفور (كثرة) نور العبد على الصراط.

    (29) 🍃سبب خروج العبد من الجفاء.

    (30)🍃 سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض.

    (31) 🍃سبب البركة على المصلي وعمله وعمره.
    (32) 🍃سبب نيل رحمة الله تعالى.

    (33)🍃 سبب دوام محبة المصلي للرسول ﷺ.
    (34)🍃 سبب دوام محبة الرسول ﷺ للمصلي عليه.
    (35)🍃سبب هداية العبد وحياة قلبه.
    (36)🍃سبب عرض اسم المصلي على النبي ﷺ.
    (37)🍃سبب تثبيت القدم على الصراط.
    (38)🍃 سبب أداء بعض حق المصطفى ﷺ.

    (39)🍃 أنها متضمنة لذكر الله وشكره تعالى.

    (40) 🍃أنها دعاء لأنها سؤال الله عز وجل أن يثني على خليله وحبيبه ﷺ أو سؤال العبد لحوائجه ومهماته.
    ذكر ابن القيم 39 فائدة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منها:

    1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
    2- حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
    3- يكتب له عشر حسنات ويمحو عنه عشر سيئات.
    4- أن يرفع له عشر درجات.
    5- أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين.
    6- أنها سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيلة له، أو إفرادها.
    7- أنها سبب لغفران الذنوب.
    8- أنها سبب لكفاية الله ما أهمه.
    9- أنها سبب لقرب العبد منه يوم القيامة.
    10- أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة الملائكة عليه.

    11- أنها سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلي.
    12- أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
    13- أنها سبب لنفي الفقر.
    14- أنها تنفي عن العبد اسم ( البخيل ) إذا صلى عليه عند ذكره .
    15- أنها سبب لإلقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.

    16- أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
    17- أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه وذكره عنده كما تقدم قوله : { إن صلاتكم معروضة عليّ } وقوله : { إن الله وكّل بقبري ملائكة يبلغونني عن أمتي السلام } وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله .

    18- أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبدالرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه: { ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته عليّ فأقامته على قدميه وأنقذته - رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في "الترغيب والترهيب" وقال: هذا حديث حسن جداً].
    19- أنها سبب لدوام محبة الرسول وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه فسيتضاعف حبّه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه يغلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا أقر لقلبه من ذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك.
    20- أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه ويقتبس الهدي والفلاح وأنواع العلوم منه، فأهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له كلما ازدادوا فيما جاء به من معرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
    َْ ﺇﻥْ ﺿَﺎﻗَﺖْ ﺑِﻚَ ﺍﻷﺣْﻮَﺍﻝُ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻓَﺒِﻸﺳْﺤَﺎﺭِ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺍﻟﻠﻪُ ﺭَﺏُّ ﺍﻟﻌَﺮْﺵِ ﻋَﺸْﺮﺍً
    ﻋَﻠَﻰ ﻋَﺒْﺪٍ ﻳُﺼَﻠِّﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﻓﻲ ﻣِﺎﺋﺔٍ ﻳُﺼَﻠِّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﺃﻟْﻔﺎً
    ﻓَﻌَﺠِّﻞْ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭ ﻻ ﺗَﺘْﺮُﻙْ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻓَﻤَﺎ ﺃﺣْﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺷِﻔَﺎﺀٌ ﻟِﻠﻘُﻠُﻮﺏِ ﻟَﻬَﺎ ﺿِﻴَﺎﺀٌ
    ﻭَ ﻧُﻮﺭٌ ﻣُﺴْﺘَﻤَﺪٌ ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺑِﻬَﺎ ﻳُﺴْﺮٌ ﻭ ﺗَﻔْﺮِﻳﺞٌ ﻟِﻜَﺮْﺏٍ
    ﻟِﻤَﻦْ ﺃﻫْﺪَﻯ ﺍﻟﺼَّﻼﺓَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺑِﻬَﺎ ﺍﻷﺳَﺮَﺍﺭُ ﻭ ﺍﻷﻧْﻮﺍﺭُ ﺗَﺘْﺮَﻯ
    ﺗَﻨَﻮَّﺭْ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺃﻓْﻀَﻠُﻬَﺎ ﺇﺫﺍ ﻣَﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﺑِﺮَﻭْﺿَﺘِﻪِ ﺗُﺼَﻠِّﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﺗُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﺎﺷْﺘِﻴَﺎﻕٍ ﻓﻲ ﻣَﻘَﺎﻡٍ
    ﻋَﻈِﻴﻢِ ﺍﻟﺸَﺄﻥِ ﻳَﺴْﻤَﻌُﻬَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﻻﺡَ ﺍﻟﻨُّﻮﺭُ ﺗُﺒْﺼِﺮُﻩُ ﻣُﻀِﻴﺌﺎً
    ﻭَ ﻓَﺎﺡَ ﺍﻟﻄِّﻴﺐُ ﻣِﺴْﻜﺎً ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺗِﻠﻚَ ﻣَﺰِﻳﺔ ﺣَﺼَﻠَﺖْ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ
    ﺗَﺮﺍﻫُﻢْ ﻧَﺎﻇِﺮِﻳﻦَ ﺇﻟﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻭَ ﺟَﺎﺀُﻭﺍ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ﻭَ ﻟَﻬُﻢْ ﺳَﻼﻡٌ
    ﻓَﺮَﺩَّ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﻃَﻪَ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ْﻓَﻴَﺎ ﺳَﻌْﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﻭَ ﻗَﺪْ ﺃﻫْﺪَﻯ ﺍﻟﺴَّﻼﻡَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻘِﻲٌ ﺑَﻞْ ﺳَﻌِﻴﺪٌ ﻣُﺴْﺘَﺠَﺎﺏٌ
    ﻭَ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟﺤَﺸْﺮِ ﺷَﺎﻓِﻌُﻪُ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻛَﻼﻣِﻲ ﻟﻠَّﺬﻱ ﻗَﺪْ ﺯَﺍﺭَ ﻳَﻮْﻣﺎً
    ﺣَﺒِﻴﺐَ ﺍﻟﻠﻪ ﻫَﺎﺩِﻳﻨَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﺬﺍﻙَ ﻟَﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻷﺫﻭَﺍﻕِ ﺳِﺮٌّ
    ﺇﺫﺍ ﺑِﺎﻟﺤُﺐِّ ﺟَﺎﺀَ ﺇﻟَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﻜَﺄﺱُ ﺍﻟﺤُﺐِّ ﻳُﺴْﻘَﺎﻫَﺎ ﻣُﺤِﺐٌّ
    ﺑِﺠَﻮْﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺻَﻠَّﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﻋَﻨْﺪَ ﺍﻟﻤُﺼْﻄَﻔَﻰ ﻇَﻬَﺮَﺕْ ﻣَﺰَﺍﻳَﺎ
    ﻷﺭْﺑَﺎﺏِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻓَﻴَﺎ ﻣَﻦْ ﻋِﻨْﺪَﻩُ ﺳِﺮٌّ ﺗَﺒَﺪَﻯ
    ﻣِﻦَ ﺍﻟﻤُﺨْﺘَﺎﺭِ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻌَﻠَّﻢْ ﺣِﻔْﻆَ ﺳِﺮَّﻙَ ﻳَﺎ ﺃﺧَﺎﻧَﺎ
    ﻭَ ﻻ ﺗَﻨْﺲَ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺇﺫﺍ ﻣَﺎ ﺷِﺌْﺖَ ﺃﻥْ ﺗَﺤْﻈَﻰ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً
    ﺑِﻔَﺘْﺢِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺗَﻔْﺴِﻴﺮٌ ﻭَ ﻋِﻠْﻢٌ ﺫﻭ ﻣَﻌَﺎﻧِﻲ
    ﻟِﻤَﻦْ ﺫﻛَﺮُﻭﺍ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺭِﺯْﻕُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻭْﺳَﻌُﻪُ ﺗَﺒَﺪَﻯ
    ﻷﺭْﺑَﺎﺏِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺗَﻴْﺴِﻴﺮُ ﺍﻷﻣُﻮﺭِ ﻟِﻤَﻦْ ﻳُﺼَﻠِّﻲ
    ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻤُﺨْﺘَﺎﺭِ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺷِﻔَﺎﺀٌ ﻟِﻠﻤَﺮِﻳﺾِ ﻛَﺬﺍ ﺩَﻭَﺍﺀٌ
    ﺻَﻼﺓُ ﺍﻟﻌَﺎﺷِﻘِﻴﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪ
    ﻭَ ﺟَﺎﺀَﺗْﻚَ ﺍﻟﻤَﻜَﺎﺭِﻡُ ﻣِﻦْ ﻛَﺮِﻳﻢٍ
    ﺇﺫﺍ ﻳَﻮْﻣﺎً ﺗُﺼَﻠِّﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَﺭَﺩَّ ﺍﻟﻠﻪُ ﺃﺿْﺮَﺍﺭَ ﺍﻷﻋَﺎﺩِﻱ
    ﻋَﻦْ ﺍﻷﺧْﻴَﺎﺭِ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﻮَﺟَّﻪْ ﺇﻥْ ﺃﺭَﺩْﺕَ ﻗَﻀَﺎﺀَ ﺩَﻳْﻦٍ
    ﺇﻟَﻰ ﻛَﻨْﺰِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓِ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﺗَﺠِﺪْ ﻓَﺮَﺟﺎً ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻳَﺎ ﺃﺧَﺎﻧَﺎ
    ﺑِﺠَﺎﻩِ ﻧَﺒِﻴِّﻨَﺎ ﻃَﻪَ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻠﻪ ﺻَﻠَّﻰ ﻛُﻞَّ ﺣِﻴﻦٍ
    ﺻَﻼﺓ ﺍﻷﻭَّﻟِﻴﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻠﻪ ﺳَﻠَّﻢَ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﺪَّﺕْ
    ﺭَﻭَﺍﺣِﻞُ ﺯَﺍﺋِﺮِﻳﻦَ ﻟَﺪَﻯ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻭَ ﺁﻝِ ﺍﻟﺒَﻴْﺖِ ﺳَﺎﺩَﺍﺕٍ ﻛِﺮَﺍﻡٍ
    ﻟَﻬُﻢْ ﺷَﺮَﻑُ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﺑَﺔِ ﻣِﻦْ ﻣُﺤَﻤَّﺪْ
    ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺼَّﺤْﺐِ ﺍﻟﻜِﺮَﺍﻡِ ﺭِﺿَﺎﺀُ ﺭﺑﻲ
    ﻛَﺬﺍﻙَ ﺭِﺿَﺎﺀُ ﺳَﻴِّﺪِﻧَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪًْ
    25 مخالفه شائعه اثناء الصلاة

    1- الصلاة في الثياب الرقيقة الشفافة أو التي تحجم العورة أو التي لا تكون سابغة: يقول الإمام الشافعي: "هوإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة". ويقول الشيخ عبدالله ابن جبرين: "كثير من الناس الذين لا يلبسون الثياب السابغة وإنما يلبس أحدهم السراويل وفوقه جبة "قميص" على الصدر والظهر، فإذا ركع تقاصت الجبة وانحسرت السراويل، فخرج بعض الظهر وبعض العجز مما هو عورة، بحيث يراه من خلفه. وخروج بعض العورة يبطل الصلاة". والحكم يعم المرأة، فقد تدخل إحداهن في الصلاة وشعرها أو جزء منه أو من ساعدها أو ساقها مكشوف، وحينئذ فعليها عند جمهور أهل العلم أن تعيد الصلاة في الوقت وبعده.

    2- كشف العاتقين في الصلاة: وهذا من الأخطاء الواجب تجنبها لقوله : { لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء } [متفق عليه]. ومن هنا نعلم خطأ بعض المصلين عندما يصلون- خصوصا في فصل الصيف – بـ "الفنيلة" ذات الحبل اليسير الذي يكون على الكتف.

    3- الصلا ة في الثوب الذي عليه صورة: فعن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي : { أميطي عني، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي } [رواه البخاري]، وبوب على الحديث بقوله: باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟.

    4- أداء الصلاة وهو حاقن لبول أو غائط: لقوله : { لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان } [رواه مسلم].

    5- الجهر بالنية: كأن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا. وهذا من البدع المنكرة. قال ابن القيم: "... ولا تلفظ بالنية ألبتة، ولا قال أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات... لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها ألبتة" وقد أفتى غير واحد من العلماء بعدم جواز الجهر بالنية.

    6- عدم تحريك اللسان في التكبير وقراءة القرآن وسائر أذكار الصلاة، والاكتفاء بتمريرها على القلب: وهذا من الأخطاء الشائعة، قال النووي: "وأما غير الإمام فالسنة الإسرار بالتكبير سواء المأموم أو المنفرد. وأدنى الإسرار أن يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض عنده من لغط وغيره. وهذا عام في القراءة والتكبير والتسبيح في الركوع وغيره".

    7- ترك دعاء الاستفتاح والاستعاذة قبل قراءة الفاتحة مع أنهما من مستحبات الصلاة.

    8- قول بعض المصلين في دعاء الاستفتاح: ولا معبود سواك، والثابت هو قوله : { سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك }. وما عداه زيادة غير واردة.

    9- رفع البصر إلى السماء أو النظر إلى غير مكان السجود مما يسبب السهو وحديث النفس: وقد ورد الأمر بخفض البصر والنظر إلى موضع السجود إلا في حالة الجلوس للتشهد، فإن النظر يكون إلى الإشارة بالسبابة. يقول : { ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟! فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهين عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم } [متفق عليه]. وسئل النبي عن الالتفات في الصلاة فقال: { هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } [رواه البخاري].

    10- كثرة الحركة والعبث في الصلاة: كتشبيك الأصابع، والتحريك المستمر للقدمين، وتسوية العمامة أو العقال، والنظر في الساعة، وربط الإزار، وتحريك الأنف واللحية؟ وقد رأى النبي أقواما يعبثون بأيديهم في الصلاة فقال : { ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟! اسكنوا في الصلاة } [رواه مسلم].

    11- قول بعض المصلين بعد قول اللإمام "ولا الضالين": آمين ولوالدي وللمسلمين، وهذا خلاف السنة والسنة هى قول آمين فقط .

    12- عدم إقامة الصلب(الظهر) في القيام والجلوس: كأن يكون محدودبا بظهره أو مائلا جهة اليمين، وكذا عدم إقامة الصلب في الركوع والسجود. قال : { لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم صلبه بين ركوعها وسجودها } [رواه الطبراني بسند صحيح]. وقال : { أتموا الركوع والسجود } [رواه البخاري ومسلم].

    13- عدم الطمأنينة في الركوع والاعتدال منه: عن زيد بن وهب قال: { رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود. قال : ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا عليه } [رواه البخاري]. وروى أبو هريرة عن النبي أنه رأى رجلا دخل المسجد فصلى، فقال له النبي : { ارجع فضل فإنك لم تصل } [رواه البخاري].

    14- يزيد بعض المصلين عند الاعتدال من الركوع لفظة "والشكر" عند قولهم: ربنا ولك الحمد: وهذه الزيادة لم تثبت عن رسول الله والصحيح هو { ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الأرض وما بينهما}.

    15- تحريك الأصبع بين السجدتين: والثابت عنه أنه كان يشير بإصبعه السبابة في أثناء جلوسه للتشهدين.

    16- انتطار الإمام إن كان ساجدا حتى يرفع أو جالسا حتى يقوم وعدم الدخول معه إلا إذا كان قائما أو راكعا: والصواب أن تدخل مع الإمام على أي حال كان عليه؟ قائما أو راكعا أو ساجدا أو جالسا. عن معاذ قال: قال رسول الله : { إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام } [رواه الترمذي].

    17- قيام المسبوق لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام أو عند ابتداء الإمام في السلام: يقول الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في هذا الصدد: "لا يحل له ذلك وعليه أن يمكث حتى ينتهي الإمام من التسليمة الثانية، فإن قام قبل انتهاء سلامه ولم يرجع انقلبت صلاته نفلا، وعليه إعادتها".

    18- اللإسراع والسعي للالحاق بالإمام قبل ركوعه: وهذا الإسراع منهي عنه، لقوله : { إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا } [رواه البخاري ومسلم].

    19- إتيان المسجد بعد أكل الثوم أو البصل: وهو منهي عنه كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله : { من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا } [رواه البخاري]. أما إذا زالت رائحة الثوم أو البصل بالطبخ فلا حرج من إتيان المساجد.

    20- زيادة لفظ "سيدنا" في التشهد أو في الصلاة على رسول الله في الصلاة: يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: "اتباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعا منه ، وأمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذكر، لأنا نقول: لو كان ذلك راجحا لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين. ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه قال ذلك مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك".

    21- التنفل عند إقامة الصلاة: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } [رواه الجماعة]. وأخرج مسلم أن النبي مر برجل يصلي وقد أقيمت صلاة الصبح فكلمه بشيء لا ندري ما هو، فلما انصرفنا أحطنا به نقول: ماذا قال لك رسول الله ؟ قالى: قال لي: { يوشك أحدكم أن يصلي الصبح أربعا }.

    22- المرور بين يدي المصلي: وقد تساهل بعض المصلين في هذا الأمر مع أن الأمر فيه وعيد شديد. عن أبي الجهيم قال: قال رسول الله : { لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه } قال أبو النضر أحد رواة الحديث: لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة؟! [رواه البخاري].

    23- قول بعض الناس عند إقامة الصلاة: "أقامها الله وأدامها": والحديث الذي ورد في هذا ضعيف لا يعتمد عليه، فالأولى تركها.

    24- عدم كظم التثاؤب من المصلي في أثناء صلاته: قال رسول الله : { إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل } [رواه مسلم]. وكظمه أن يرد التثاؤب ما استطاع، وذلك يكون بوضع اليد على الفم كما ورد في بعض الروايات.

    25- الصلاة بين السواري (بين الأعمدة): لما في ذلك من تقطيع الصفوف، عن قرة قال: { كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله ونطرد عنها طردا } [رواه ابن ماجة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي].

    نسأل الله تعالى أن يهدينا ويسدد خطانا، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.
    *🔹 فرائض الصلاة 🔹*

    *1⃣ النية :*

    قال تعالى :
    '' و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ''

    و لقول النبي :
    '' إنما الأعمال بالنيات''

    ✍🏻 حكم التلفظ بالنية

    { قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان }

    *👈🏻 النية :*
    هي القصد و العزم على الشيء و محلها بالقلب
    لا تعلق لها باللسان أصلا

    '' و لذلك لم ينقل عن النبي و لا عن الصحابة التلفظ بها ''

    *2⃣ تكبيرة الإحرام :*

    لقوله صلى الله عليه و سلم :

    '' تحريمها التكبير ''
    '' و تحليلها التسليم ''

    *3⃣ القيام في الفرض :*

    و هو واجب بالكتاب و السنة و الإجماع 👇🏻

    '' لمن قدر عليه ''

    و لقوله تعالى :
    '' حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و قوموا لله قانتين ''

    *👈🏻 حكم سقوط القيام*

    👈🏻 و يسقط القيام عن
    المريض و العاجز عن القيام ✓

    { عن عمران بن الحصين قال : كانت بي بواسير فسألت النبي عن الصلاة فقال :

    '' صل قائما ؛؛
    فإن لم تستطع فقاعدا ؛؛
    فإن لم تستطع فعلى جنب ''

    👆🏻 و ذلك الحكم لمن عجز عن القيام في الصلاة و له أجرا كاملا غير منقوص ✓

    { أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله و هو صحيح مقيم }

    *4⃣ قراءة الفاتحة :*

    و تقرأ في الفرض و النفل و هو من أساسيات الصلاة ؛؛

    لقول النبي :
    ✓ '' لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ''

    *5⃣ الركوع :*

    لقوله تعالى : يأيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا

    *6⃣ الرفع من الركوع و الاعتدال قائما مع الطمأنينة:*

    لقول عائشة رضي الله عنها في صفة صلاة النبي :

    ✓ '' فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما ''

    *7⃣ السجود :*

    لقول النبي : '' ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ''

    *✍🏻 حد الطمأنينة ✍🏻*

    و الطمأنينة : تعني :
    المكث زمنا ما بعد
    استقرار الأعضاء قدر أدناها العلماء ٠٠ بمقدار تسبيحة ٠٠

    و أعضاء السجود
    مجتمعة بهذا الحديث :

    ✓ '' أمرت أن اسجد على سبعة أعظم 👇🏻

    *{ الجبهة مع الأنف*
    *و اليدين والركبتين*
    *و أطراف القدمين }*

    *8⃣ القعود الأخير*

    و قراءة التشهد فيه و ذلك يكون قبل السلام من الصلاة ''

    *9⃣ السلام :*

    لقول النبي صلى الله عليه و سلم :

    '' و تحليلها التسليم ''

    ________🌷________

    *💫 حسن صلاتك تتغير حياتك 💫*
    ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ -:
    -1 ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ
    -2 ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺃﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ
    -3 ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ
    ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻲ -:
    ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
    ﻭَﺍﻟﻀُّﺤَﻰ ‏( 1 ‏) ﻭَﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﺇِﺫَﺍ ﺳَﺠَﻰ ‏( 2 ‏) ﻣَﺎ ﻭَﺩَّﻋَﻚَ ﺭَﺑُّﻚَ ﻭَﻣَﺎ ﻗَﻠَﻰ ‏( 3 ‏) ﻭَﻟَﻠْﺂَﺧِﺮَﺓُ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻚَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺄُﻭﻟَﻰ ‏( 4 ‏) ﻭَﻟَﺴَﻮْﻑَ ﻳُﻌْﻄِﻴﻚَ ﺭَﺑُّﻚَ ﻓَﺘَﺮْﺿَﻰ ‏( 5 ‏) .. ﺳﻮﺭﻩ ﺍﻟﻀﺤﻰ
    ﻻﻳﻘﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻻ ﺑﺸﺊ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭ ﻟﺴﻮﻑ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﺭﺑﻚ ﻓﺘﺮﺿﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﻛﻨﺰ ﻭﺍﻗﻰ ﻟﻤﺤﺎﻓﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻚ
    ﺍﻭﻻً -: ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ -:
    ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﻫﻲ ﺻّﻼﺓ ﻧّﺎﻓﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺻﻼﺗﻲّ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺍﻟﻈّﻬﺮ
    ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺮﺹ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺩﻳﺘﻬﺎ ﻃﻤﻌﺎً ﺑﺎﻷﺟﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ
    ﻛﻤﺎ ﺃﻧّﻬﺎ ﺗﺠﻠﺐ ﺍﻟﺮّﺯﻕ ﻭﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
    ﻭﻫﻲ ﻛﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﺩﻳﺘﻬﺎ، ﻭﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ، ﻭﺳﻨﻨﻬﺎ، ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺻﺤّﺘﻬﺎ .
    ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺳﻨـﺔ ﻣﺆﻛﺪﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ
    ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﺋـﻤﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣـﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸـﺎﻓـﻌﻲ ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻨﺪﻭﺑﺔ . ﻭﺗﻌﺪ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﺼﻼﺓ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﻴﻞ
    ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ
    ﻳﺒﺪﺃ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ
    ‏( ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻰ ﻗﺒﻞ ﺁﺫﺍﻥ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﺑﺮﺑﻊ ﺳﺎﻋﻪ ‏) .
    ﻭﺃﻓﻀﻠﻪ ﻭﻗﺖ ﺍﺷﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻣﻀﻲ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ..
    ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺷﺮﻭﻕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺏ 15 ﺩﻗﻴﻘﺔ ...
    ﻟﺤﺪ ﻗﺒﻴﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﺏ 15 ﺩﻗﻴﻘﺔ
    ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺻﻼﺓ ﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻭﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ؟
    ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺯ : ﺻﻼﺓ ﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻫﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﻓﻲ * ﺃﻭﻝ ﻭﻗﺘﻬﺎ ..*
    ﺛﺎﻧﻴﺎً -: ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺃﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ -:
    ﻋــﺪﺩ ﺭﻛـﻌـﺎﺗـﻬـﺎ
    ﺃﻗﻠﻬﺎ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﺎ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ...
    ﻭﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ، ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ :
    ‏( ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺍﻟﻀُّﺤَﻰ ﺃَﺭْﺑَﻌًﺎ ، ﻭَﻳَﺰِﻳﺪُ ﻣَﺎ ﺷَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ‏)
    ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ
    ﻳﺼﻠﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺜْﻨﻰ ﻣﺜﻨﻰ ،ﺃﻱ ﻳﺼﻠﻲ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﺛﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻡ ﻭﻳﺼﻠﻲ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﻭﻳﺴﻠﻢ
    ﻭﻳﺘﺎﺑﻊ ﻫﻜﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﻲ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺮﻛﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻮﻱ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻴﻬﺎ
    ﺛﺎﻟﺜﺎً -: ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ -:
    ﻓﻀﻠﻬﺎ
    ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍﻻﻭﻝ -:
    ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﻟﻮ ﻗﻤﺖ ﺑﺼﻼّﺗﻬﻢ ﻛﺄﻧﻚ ﺗﺼﺪّﻗﻚ ﺏ 360 ﺻﺪﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﺍﻟﺠﺴﻢ
    ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ -:
    ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﻟﻮ ﻗﻤﺖ ﺑﺼﻠّﺎﺗﻬﻢ ﺗُﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻷﻭّﺍﺑﻴﻦ .. ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
    ‏( ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻀﺤﻰ ﺻﻼﺓ ﺍﻷﻭّﺍﺑﻴﻦ ‏)
    ﻭﺍﻷﻭّﺍﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻯ ﻳُﺬﻧﺐ ﻭﻳﺘﻮﺏ ... ﻳُﺬﻧﺐ ﻭﻳﺘﻮﺏ ... ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ‏( ﺇﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻸﻭّﺍﺑﻴﻦ ﻏﻔﻮﺭﺍ ‏)

    منقول....أذكار بعد الصلاة
    عنْ ثوبانَ رضي اللَّه عنْهُ قال : كان رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إذا انْصَرَف مِنْ صلاتِهِ اسْتَغفَر ثَلاثاً ، وقال : « اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ ، ومِنكَ السَّلامُ ، تباركْتَ يَاذا الجلالِ والإكرام » قِيل للأَوْزاعي وهُوَ أَحَد رُواةِ الحديث : كيفَ الاستِغفَارُ ؟ قال : تقول : أَسْتَغْفرُ اللَّه ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه . رواهُ مسلم
    .
    وعَن المُغِيرةِ بن شُعْبةَ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان إذا فَرغَ مِنَ الصَّلاة وسلَّم قالَ : « لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . اللَّهُمَّ لا مانِعَ لما أعْطَيْتَ ، وَلا مُعْطيَ لما مَنَعْتَ ، ولا ينْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجدُّ » متفقٌ عليهِ
    .
    وعَنْ عبد اللَّه بن الزُّبَيْرِ رضي اللَّه تعالى عنْهُما أَنَّهُ كان يقُول دُبُرَ كَلِّ صلاةٍ، حينَ يُسَلِّمُ : لا إلَه إلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لا شريكَ لهُ ، لهُ الملكُ ولهُ الحَمْدُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ . لا حوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّه ، لا إله إلاَّ اللَّه ، وَلا نَعْبُدُ إلاَّ إيَّاهُ ، لهُ النعمةُ ، ولَهُ الفضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسنُ ، لا إله إلاَّ اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولوْ كَرِه الكَافرُون .قالَ ابْنُ الزُّبَيْر : وكَان رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مكتوبة ، رواه مسلم
    .
    وعنْهُ عنْ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ سَبَّحَ اللَّه في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثَلاثاً وثَلاثينَ ، وَحمِدَ اللَّه ثَلاثاً وثَلاثين ، وكَبَّرَ اللَّه ثَلاثاً وَثَلاثينَ وقال تَمامَ المِائَةِ : لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريك لهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحمْد ، وهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، غُفِرتْ خطَاياهُ وإن كَانَتْ مِثْلَ زَبدِ الْبَحْرَ » رواهُ مسلم
    .
    وعنْ سعدِ بن أبي وقاص رضي عنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يَتَعوَّذُ دُبُر الصَّلَواتِ بِهؤلاءِ الكلِمات : « اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والْبُخلِ وَأَعوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَل العُمُرِ وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا ، وأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبر » رواه البخاري
    .
    وعنْ معاذٍ رضي اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَخَذَ بيَدِهِ وقال : « يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّكَ » فقال : « أُوصِيكَ يَا معاذُ لا تَدعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ تقُولُ : اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِكَ ، وشُكْرِكَ ، وَحُسنِ عِبادتِكَ » . رواهُ أبو داود
    وكذلك الدعاء "ربِ لكَ الحمدُ كما ينبغى لجلالِ وجهِك وعظيمِ سلطانِك
    "
    قراءة آية الكرسى مرة واحدة

    قراءة آخر آيتين من سورة البقرة

    قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين مرة واحدة(بعد صلاة المغرب وصلاة الفجر ثلاثا.
    🌼 فَضَائِلُ وسُنَن وآداب يومِ الجُمعَة🌼

    ⏪ مِــن آدابِ يَومِ الجُمَعَة ⏩

    1⃣】الا‌غتسال و التّطيب :

    ▪قال -ﷺ- : « لا‌ يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا‌ يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإ‌مام، إلا‌ غفر له ما بينه وبين الجمعة الأ‌خرى»
    📚[صحيح البخاري]📚
    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    2⃣】 لبس أحسن الثياب:

    ▪قال النبيّ-ﷺ- : " ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته".
    📚صححه العلامة الألباني في مشكاة المصابيح📚
    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    3⃣】 التسوك:
    ▪ قَــالَ النبيّ ـﷺـ : « غسل يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك، ويمس الطيب ما قدر عليه».
    📚[صحيح مسلم، 846/7].📚
    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    4⃣】التبكير إلى المسجد:
    ▪قَــالَ النبيّ -ﷺ- : «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإ‌مام حضرت الملا‌ئكة يستمعون الذكر».
    📚[صحيح البخاري، 881]📚

    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    5⃣】عدم التفرقة بين اثنين:

    ▪عن جابر بن عبد الله أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله -ﷺ- يخطب فجعل يتخطى الناس فقال رسول الله -ﷺ- :

    «إجلس فقد آذيت وآنيت »

    قال العلامة الألباني : "صحيح"
    (آنيت : أي أخرت المجيء وأبطأت)
    📚[ صحيح ابن ماجة ]
    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    6⃣】قراءة سورة الكهف في يومها

    ▪قَــال النبيَّ -ﷺ- : « من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق »
    📚صحيح الجامع📚
    ــــــ ❁ ❁ــــــ❁ ❁ ــــــــ

    7⃣】الإ‌كثار من الدعاء وتحري ساعة الإ‌جابة.

    ▪قَالَ النبيّ -ﷺ-:« يومُ الجمعةِ ثنتا عشرة ساعـة، لا يوجد فيهـا عبـد مسلـم يسأل الله -عزّوجـلّ- شيئاً، إلاّ آتـاه الله -عزّ وجلّ- إياه، فالتمسوها آخر ساعةٍ بعدالعصر».
    📚 [صحيح أبي داود: 1048].📚

    ـــــــــــــــــــ؟...
                  

07-23-2022, 02:33 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    150 طريقة ليصل برك بأمك
    بسم الله الرحمن الرحيم

    1 - اختر هدية مناسبة لكل مناسبة. فقدمها ممتنًا لها سعيدًا
    بأن قبلتها، أمثلة لهذه المناسبات: أيام العيد، زواج الأبناء، نجاح
    الأبناء، العودة من السفر، دخول مواسم الشتاء، ودخول مواسم
    الصيف، السلامة من الأمراض، وغيرها.
    2 - وضع حساب بنكي للأم، يشترك فيه الأبناء بوضع مبلغ
    شهري معين للأم، لكي يفي هذا المبلغ باحتياجاتها، وتوفر منه
    مستلزماتها بدون أن تضطر لطلب ذلك منهم، ويمكن عمل هذه
    الطريقة حتى ولو كانت الأم موظفة، فالأم تُحب أن ترى بر
    أولادها بها رغم عدم حاجتها لتلك المبالغ.
    3 - يحسن بالأبناء أن يتفهموا المراحل السنية المختلفة لمراحل
    حياة الأم، وأن يعاملوها بمثل ما يناسبها بحسب كل مرحلة.
    4 - كن حريصًا على انتقاء كلماتك التي سوف تطرحها على
    مسامع أمك، حتى لا تسمع الأم أي شيء يؤذيها، فقد نُهي عن
    التأفف، وهو أبسط الكلام، فكيف أذيتها بأعظم.
    5 - عند عزمك على السفر فاحرص أن تكون هي آخر من
    تودع، وهي آخر من تقع عيناك عليها، فودعها وجهًا لوجه، وتودد
    إليها، وأدخل السرور عليها، وامكث عندها وقتًا طوي ً لا، ثم احرص
    أن يكون الخروج النهائي عن عندها، فتحظى بدعواتها التي هي
    بإذن الله مستجابة. فإن كنت في بلدة أخرى. فليكن الاتصال هو
    البديل.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 9
    6 - عند قدومك من السفر: يجب أن تكون هي أول من
    تقابلها بعد سفرك، فتسلم عليها، فتجلس معها وتؤنسها، وتطمئنها
    على وصولك ورجوعك ساًلما من سفرك، واحرص أن يتم إخبارها
    بموعد حضورك حتى لا تفاجئها بدخولك عليها، فقد تؤثر
    مفاجأتك السارة عليها وتضرها، ولا تحدثك نفسك أن تؤخر
    مقابلتك لها، أو أن تعتقد أن الوقت غير مناسب للزيارة مهما كان
    ذلك الوقت، فالأم لا يقر لها قرار، ولا يرتاح لها بال، حتى تنظر
    بعينها إلى ابنها، وتقر عينها بوصوله إليها.
    7 - في سفرك احرص أن تتصل بها يوميًا، ولو للحظات
    بسيطة، فكم تبث تلك المكالمة في صدرها السعادة، وتجلي الهم،
    وتزيل الخوف، وتبعد الحزن عن نفسها.
    8 - احرص على مقابلتها يوميًا إذا كانت تسكن في نفس
    بلدتك، ولا تبعدك مشاغل الدنيا عن مقابلتها، والأنس بها، فهذا
    أقل القليل بحقها، ولتحرص أن تكون هذه المقابلة تليق بمقدار حبها،
    وعظيم مكانتها، فلا يأت المرء على عجل ثم يمضي، أو يسلم وهو
    ينظر إلى الساعة كل حين ويتململ، بل حقها أعظم من ذلك.
    9 - إن لم تكن الأم في نفس البلد، فيجب أن تتواصل معها
    بالاتصال اليومي، وعدم الانقطاع عنها لأي سبب من الأسباب.
    10 - من أجمل ما تقدمه للأم أن نتقرب ونتودد إلى من تحب،
    وأبناؤها هم أعز الناس عليها، فكن رفيًقا بهم، لطيًفا معهم،
    تساعدهم في قضاء حوائجهم، وتعينهم في أمور حياتهم، فكم تُسر
    الأم عندما تجد غرس تربيتها بدأت تثمر ثماره بثمار طيبة، نتاجه
    تجمع أسرتها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 10
    11 - تقبيل رأسها، ويدها، وقدمها عند مقابلتها، فذلك
    مدخ ٌ ل للسرور عظيم، وهو حق بسيط، وتقدير لها جميل، ولا زلت
    أذكر الدكتور ميسرة طاهر يقول: لقد قبلت رأس أمي، ويدها،
    وقدمها، فقبل أبنائي رأسي، وقدمي، ويدي.
    12 - علم أبناءك علو مكانة أمك بالقول والعمل، وذلك
    بتقديم نفسك كقدوة حسنة في التعامل معها، فدعهم يشاهدون
    كيف تخدمها، وكيف تقدرها وتحترمها، فذلك حري بأن يطبقوا
    ذلك معك ومعها.
    13 - الحرص على تلبية طلباتها، وتحضير أغراضها في وقتها،
    فإن ذلك أدعى للتقرب لها، والبُعد عن سخطها.
    14 - لا تعدها بوعد ثم تخلف وعدك، إذا وعدت فأوفِ
    بالوعد، أو لا تعدها من الأصل.
    15 - انسب كل نجاح في حياتك لفضل الله سبحانه وتعالى ثم
    لفضل تربيتها، فإن في ذلك إدخا ً لا لشعور الفخر والسعادة في
    قلبها، وبثًّا للسرور في نفسها، ذلك بأن رأت نتائج تربيتها هي
    نجاحات تتحقق في حياة أبنائها، وهو ثمرات من صنع تربيتها، فكل
    نجاح للأبناء هو نجاح للوالدين.
    16 - لا تجادلها وإن كنت محًقا، ولكن استخدم الطرق السهلة
    لعرض رأيك وطرح أفكارك، إذا كان في الأمر مصلحة، أما إذا
    كان فضول جدال فالتخلي عنه وتحقيق رغبتها، وسماع رأيها أولى،
    وأهم، وأجدر.
    17 - لا تقلل من رأيها أمام الناس، أو أمام إخواتك سواءً
    كانت حاضرة أو غائبة، فذلك منكر من القول، وذكر لها بما تكره،
    150 طريقة ليصل برك بأمك 11
    وسوء تأدب معها سواءً إن كان بحضورها أو غيبتها.
    18 - لا تزدرها، أو تنقصها، أو تقلل من قيمتها إن كانت
    جاهلة ببعض أمور الحياة، بل زد علمها من تلك المعلومات بشكل
    يجعلك وكأنك أنت بمكان الجاهل بها.
    19 - ابتعد عن الضحك بقوة أمامها، أو رفع الصوت
    عندها، أو نظرات الاشمئزاز عندما تكون بين يديها، أو نظرات
    الغضب في مجلسها، أو العبوس بالوجه في حضرتها، أو إبداء السخط
    على أمر تحبه في نفسها، فكل ذلك يؤثر عليها وعلى نفسيتها.
    20 - اجعلها هي أول من يعلم بكل خبر سعيد بحياتك،
    واجعلها المطلعة على أسرارك، فإن في ذلك إدخا ً لا للفرح عليها،
    ويجعلك بمكان مقرب إلى قلبها، فهي ترى أنك ما زلت ابنها الذي
    يحتاج أمه رغم كبر سنه.
    21 - حافظ على رعايتها الصحية، وإذا كانت من كبار
    السن فوفر الأجهزة التي تحتاجها، من أجهزة الضغط، وقياس
    السكر، وأدوات خاصة للنهوض، والقيام وغيره مما تحتاج من
    الأدوية.
    22 - ضع لها برنامجًا شهريًا للفحص الشامل للاطمئنان على
    صحتها.
    23 - وفر لها حاجياتها التي تناسب سنها، ففي مراحل الشباب
    تحتاج مستلزمات معينة، وفي مراحل الكهولة تحتاج إلى أشياء
    أخرى، فكن عونًا لها كما كانت هي عونًا لك منذ نعومة أظفارك.
    24 - عند مرضها، إن تألمت تألم معها، وإن نشطت فأظهر
    السرور فرحًا بعافيتها، داوم على رقيتها، وضع يدك على مكان
    150 طريقة ليصل برك بأمك 12
    ألمها، واقرأ عليها الآيات، وأحاديث الرقية الصحيحة، فذلك بر
    وعافية بإذن الله تعالى.
    25 - طمئنها في حالة مرضها بأنها سوف تعود إلى أفضل
    حال، ولا تسمع أي أخبار عن سوء المنقلب لمثل حالتها، وأبعدها
    عن كل قصص قد تؤذيها. بل اذكر أن هذه سنة الله في الحياة، فإنما
    هي محطة ابتلاء وتمحيص ذنوب ثم هي لحظات وتعود أنشط مما
    سبق.
    26 - اجلب لها الأطباء المختصين في مكان سكنها، أو اذهب
    بها إليهم إذا كانت قادرة على ذلك، وتفاهم معهم على أن
    يطمئنوها على حالها، وأن الأمر شيء بسيط وحالة عابرة.
    27 - أعنها على صلة رحمها، واذهب بها إلى صديقاتها،
    وقريباتها المقربات إلى نفسها، لكي تدخل السرور في قلبها، وترفع
    من درجتها بصلة رحمها، وتزيد في طاعة ربها، ويحسن أن تشتري
    بعض الهدايا التي تناسبهن لكي تقدمها لهم عند زيارتها لهم.
    28 - ضع صندوًقا خاصًا بالأم، وضع دائمًا فيه أنواعًا من
    البسكويت، والحلويات، والألعاب، والهدايا الصغيرة، وذلك حتى
    تقدمها لأحفادها عند قدومهم لها، فإن في ذلك تحبيبًا للأطفال بها،
    وحب الالتقاء معها.
    29 - عند سفرها أو خروجها لمسافة بعيدة، تواصل معها،
    واطمئن عليها في كل وقت وكل حين، منذ أن تخرج من بيتها
    حتى تصل لمقصودها، ثم كرر اتصالك عليها في أيام مغيبها.
    30 - لا تبث أحزانك الموجعة عليها، أو تشكي مواجعك
    المؤلمة لها، فإن ذلك مما يدخل الحزن على قلبها، ولكن أخبرها أن
    150 طريقة ليصل برك بأمك 13
    الأمر يسير، وأنك مطمئن، وأن الله فارج همك، وأنك متفائل في
    أمرك.
    31 - لا تنشر مشاكلك الزوجية أمامها، فهي تحزن لهذا
    الأمر، ولذلك لكونها ترى ابنها وفلذة قلبها يواجه حياته الزوجية
    وصعوباتها، فعاطفتها الجياشة سوف تجعلها تقدم لك أي حل،
    ومهما كان الحل في سبيل أن تراك سعيدًا في حياتك، لذا فمن
    الرفق بها والرفق بحياتك، أن تكون الأم بعيدة عن مشاكلك.
    32 - لا تكثر الثناء على زوجتك أمام أمك، أو تخبرها عن
    تفاصيل حياتك وما تقدمه لزوجتك وما تقدمه زوجتك لك،
    فمهما كان بالزوجة من لطف، فقلب الأم يغار، ويخاف أن يكون
    الابن قد استبدلها بغيرها، وأن تكون هي التي تزرع وغيرها هو
    الذي يحصد، حافظ على علاقة متوازنة مبنية على الاحترام والتقدير
    المتبادل، وعدم إجحاف حق الآخرين.
    33 - وكذلك لا تنشر كل علاقتك مع أمك لزوجتك،
    ارفع مكانتها ولا ترض بالتقليل منها، ووثق العلاقة بينهما، ولكن
    لا تكن دائمًا بمحل مقارنة بين زوجتك وأمك، فكلٌّ له مكانته،
    وكلٌّ له طبيعته التي يجب أن نعامله بها، وكلٌّ له حقوقه وواجباته
    التي يجب أن نؤديها له بدون نقص أو إخلال.
    34 - تجنب الحكم بين أبيك وأمك في الخلافات الزوجية،
    فأنت بغني عن ذلك، بل استخدم الحياد الظاهر، واعمل بالباطن
    على النصح والصلح.
    35 - لا تنتقدها في ملبسها، أو في مظهرها، أو اختيارها، أو
    مزاجها، أو أسلوبها، أو طريقة تعاملها، وإن كنت ترى أن ذلك
    150 طريقة ليصل برك بأمك 14
    ظاهر للعيان، وتخاف أن ينتقدها الآخرون. فعليك أن تقدمها
    بأسلوب لا يجرح فيؤلم، ولا يكشف العيب فيحزن.
    36 - اجعل علاقتك مع إخوتك قوية، وإن كانت هناك
    مشاكل بينك وبينهم، فلا تجعلها أمام عين الأم فذلك حزنها،
    وبؤسها.
    37 - مهما كانت ظروف والديك الزوجية، فلا تؤيد أباك
    في الزواج على أمك، وإن كنت ترى لذلك أسبابًا معينة، فليكن
    تأييدك لأبيك بينك وبينه وبدون علمها.
    38 - علمها أمور دينها بالحكمة، والموعظة الحسنة، وذلك
    إما بجلب الأشرطة، والكتب المناسبة، أو حضور مجالس العلم
    والذكر والمحاضرات النافعة.
    39 - لا تحرمها من حضور مجالس الذكر، وذلك بتوصيلها
    للمحاضرات، والحلقات، وإحضار مواعيد الندوات لها، والمناسبات
    الدينية، والبرامج المبثوثة في وسائل الإعلام.
    40 - أفضل وقت للإحسان للوالدين هو أوقات عمل
    الطاعات، فإذا كنت في حج أو عمرة مع أمك، فكن عبدًا لها،
    تحافظ عليها، وترفق بها، وتلذذ بالعمل معها، أمسكها من يدها،
    ونبهها لمخاطر الطريق الذي تسير عليه، واجعلها نصب عينيك،
    ومحل عنايتك.
    41 - قدم أعذارك لمن يخطئ من إخوانك، وأشد بتربيتها لهم،
    وأن الخطأ الذي حصل منهم، إنما هو بفعل همزات الشياطين، وأن
    الله سوف يرده إلى الصراط المستقيم.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 15
    42 - لا تكبر من أخطاء الآخرين عليها، من أقارب، أو
    أصدقاء، أو أبناء، بل قلل الأثر عليها، فإن ذلك سوف يخفف الألم
    ويجبر المصاب ويحافظ على مكانة الأحباب.
    43 - لا تفاجئها بالأخبار الحزينة، والمصائب المفاجأة بدون
    أن تقدم تمهيدًا يخفف الأثر عليها، أو تقدم مثل هذه الأخبار عبر
    الهاتف، بل احضر إليها وقابله وسلم عليها ومهد للأمر، ثم أخبرها،
    وذكرها أجر الصابرين.
    44 - المرأة مهما كان سنها، فهي تعشق الكلمات العاطفية،
    وتطرب للكلمات الرومانسية، فلا تحرمها من أعذب نشيد من
    أحلى صوت، فهي من ألحان أبنائها أنشودة لن تنساها.
    45 - لا تكبر سنها، أو تظهر أنها أصبحت غير قادرة على
    القيام بواجباتها، بل نشطها بالكلمات التي تدل على أنها في ريعان
    شبابها، لاطفها بالجميل من الكلمات، وأحسن إليها في كل مراحل
    الحياة.
    46 - لا تحرمها من أي شيء تحبه المرأة، حتى وإن كانت
    كبيرة، عطور، أدوات تجميل، ثياب جديدة، وملابس سهرات
    جميلة، اجعلها تعيش عمرها من جديد.
    47 - إذا كان لك زوجات أب وبينهن خلافات، فلا تثن
    عليهن أمامها، أو تقع في الحكم لهن على حساب أمك، حتى لو
    كانت زوجة الأب هي صاحبة الحق في ذلك، بل إن السلامة في
    مثل هذا الأمر لا يعدلها أي شيء، ولكن كن مصا ً لحا بينهن بطريقة
    لا تبين أنك توافق زوجة أبيك، أو أنك تميل لصالحها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 16
    48 - لا تكثر من الثناء على تربية الآخرين أمام أمك، أو أن
    تتمنى أن تكون مثلهم، أو تتمنى أن تصل للمراتب التي وصلوا إليها،
    فذلك يخدش نفسها، وفيه ظاهر من القول لعدم رضاك عن تربيتها،
    وأن لك ملاحظات على عملها الذي دأبت عليه طول عمرها.
    49 - عند حديثها، أرعها سمعك وبصرك وقلبك، وأقبل عليها
    بجميع جوارحك، ابتسم في المواقف المضحكة، تفاعل مع المواقف
    المحزنة، لا تكن جامد المشاعر.
    50 - قابلها دائمًا بابتسامة، ومازحها بكلمة، وداعبها
    بلطف، وكن خفيف الظل، وأما في الأوقات العصية فكن جادًا،
    مهتمًا، يق ً ظا، فالموقف يحتاج منك إلى ذلك.
    51 - حدثها عن أحداث العالم من حولها، وقص عليها أحسن
    القصص، وأخبرها بما يسرها، فإنهن يشتقن لحديث الأبناء.
    52 - كن دائم الثناء على تربيتها، والشكر لعطائها، فلا أقل
    من ذكر يخالطه شكر.
    53 - بلغها أن أكبر أمنياتك في الحياة أن تعيش هي بسعادة،
    وأن ترضى عنك، وأن تكون أنت سبب سعادتها، فإن فعلت فقد
    حققت لها أملها، بأن ترى أكبر أماني أبنائها أن يحققوا السعادة لها.
    54 - إن كان والداها من الأحياء فلا تبخل ببرهما،
    ومساعدتها هي أيضًا ببرهما. وإن كانا من الأموات فاعمل كل ما
    يصل إليها في قبورهما من الدعاء، والصدقة عنهما، وغيرها من
    يقول: and#61554; الأشياء التي تفرح الأموات وترضي والدتك، فالرسول
    إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو »
    .« علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له
    150 طريقة ليصل برك بأمك 17
    55 - اجعل لها وقًفا يزيد من حسناتها، إما مشاركة بعمارة
    مسجد، أو كفالة أيتام، أو رعاية حفظة كتاب الله، أو القيام على
    الضعفاء والمساكين.
    56 - عندما تذكر لك بعض أمنياتها، أو شيًئا مما تتعلق به
    نفسها، فلا تنتظر أن تطلبه منك، بل بادر أنت وحقق أميناتها،
    وبالقدر المستطاع وأفضل.
    57 - قدمها على كافة أشغالك، وكل أعمالك، وجميع
    أصدقائك، بل وأبنائك، وزوجتك.
    58 - أكرمها ببيتك، واطلب منها كل حين زيارتك، وأقنعها
    بالمبيت عندك، فإن ذلك سوف يجعلها تغير من حياتها، وتسعد
    بلطف ابنها.
    59 - خذها برحلة جماعية معك، ومع أبنائك، أو مع إخوتك
    فإن ذلك سوف يجدد نشاطها، ويبهجها في حياتها.
    60 - من حين لآخر اجعلها تستمتع معك ومع من تحب
    بوجبة في مطعم فاخر، فهذه الأشياء ليس لها سنٌّ معين، أو عمر
    محدد، وإن تمنعت فأقنعها بذلك.
    61 - زيارة المحال التجارية، أو الأسواق الفخمة قد تكون لها
    أمنية، فلماذا لا يكون تحقيق هذه الأمنية على يديك.
    62 - قدم لها هدية رجالية مناسبة لتقدمها لأبيك، فذلك من
    باب الإحسان للجميع.
    63 - الثناء على الأب وحسن معاملته أمام أمك يجعلها تفخر
    بذلك.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 18
    64 - الثناء على معاملتها، وحسن إدراتها لبيتها، وجميل تبعلها
    لزوجها، يحفزها ويرفع من معنوياتها، ويزيد من ثقتها بنفسها.
    65 - البنات بالغالب قريبات للأم أكثر من الأولاد، فاحفظي
    سرها، وأعطيها أسرارك، وتفهمي نفسيتها، وعامليها كأنك صديقة
    لها.
    66 - الذكور من الأبناء تحتاجهم الأم في حال المحن،
    والمصاعب، وذلك ليكونوا سندًا منيعًا لها في كربتها، وأن يقفوا
    معها في شدتها، فكن معها، وأسندها وأعطها من قوتك ورأيتك
    السديد.
    67 - تلطفك مع الأخوات، والتودد لهن، وحسن التعامل
    معهن، وتقديم الهدايا كل فترة لهن. يويد من سعادة الأم، لأن الأم
    تحب من يلطف بفتياتها.
    68 - لا تخجل من أي تصرف تقوم به الأم قد يناسب سنها
    ولا يناسب من حولها، بل كن فخورًا بها، وارض عن أفعالها رضي
    من رضي، #####and#8235;#طand#8236; من سخط، وكل ذلك إذا كان لا يخالف
    الشرع، ولا يناقض الأعراف.
    69 - علم أبناءك أن يتلطفوا معها، وابعث معهم الهدايا لها
    في المناسبات المتعددة.
    70 - امسك يدها في حال كبرها، وقدم حذاءها، ودلها
    طريقها فأنت أحق الناس برعايتها.
    71 - اجعل هناك جائزة لأبنائك لمن يحسن معاملتها، ويسبق
    بخدمتها والفوز برضاها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 19
    72 - الأم تهتم ببيتها، لذا ساعدها على أن يكنن بيتها بأحسن
    حال، فقم بصيانته، ومتابعة أعمال التحسينات فيه في كل وقت
    وحين.
    73 - لغرفة النوم عند الأم مكانة خاصة، تفنن بإهدائها ما
    يناسبها لغرفتها، أو دعها تحتار هي ما تحب أن تجمل به مكانها،
    وكذلك من الأماكن التي تحرص عليها الأمهات غرفة الضيوف،
    فاجعلها أفضل ما يكون.
    74 - بر بأقربائها وساعدها في ذلك. وكن سبب وصال
    بينهم.
    75 - إذا كانت لها هوايات معينة، فابذل لها من وقتك، ووفر
    لها ما تحتاجه للقيام بهواياتها.
    76 - في أي مجال من مجالات هواياتك أنت، قدم لها عم ً لا
    مميزًا عنها، فإذا كنت شاعرًا فاكتب لها قصيدة، وإن كنت كاتبًا
    فاكتب باسمها قصة قصيرة، وهكذا..
    77 - في بعض المجتمعات تحب الأم أن يطلق اسمها على أبناء
    أبنائها، ويمنعها من طلب ذلك حبها لاستقرار أبنائها مع زوجاتهم
    وترك الحرية لهم، فمهما تمنعت فإن للتسمية على اسمها مكانة
    خاصة في قلبها، ودرجة رفيعة من رد الجميل في نفسها، فلا تحرمها
    من ذلك.
    78 - في حال ركوبك مركبتك فقدمها على الجميع، وفي
    حال خروجك ودخولك لا تتقدم عليها، إلا إذا كانت تحتاج
    مساعدتك قبلها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 20
    79 - لا تستخدم معها الكلمات الغليظة، أو الفظة، أو
    الدارجة، بل استخدم أجمل الكلمات، وأحصن العبارات، وأروع
    الألفاظ.
    80 - يمكن عمل مسابقة للأطفال من الأبناء، والأحفاد
    لأفضل هدية مقدمة للأم، ففي ذلك تعزيز لمكانة الأم في نفوسهم،
    وتقديرهم لصاحبة الفضل بعد الله، وتسابق بالخيرات.
    81 - تحير أوقات الدعاء المستجابة، فخصها بدعوات دائمة.
    82 - اعرض آراء وإعجاب أصدقائك عن كل ما تقدمه
    الأم لك في الولائم التي تستضيفهم بها، ومدى إعجابهم بحسن
    مذاقها، وجميلا صنعها، فكم سيسرها ذلك.
    83 - يجب أن يكون الوقت المخصص للجلوس معها كام ً لا
    لها، ولا يكون وقت يُقطع بالاتصالات، أو بتصفح الصحف
    والمجلات، أو الانشغال عنها بأي شيء آخر.
    84 - للفتيات أن يجعلنها تتواصل مع صديقاتهن، ولا
    يتحرجن منها بأي شكل، ولا ينهينها عن أي تصرف وبأي طريقة.
    85 - الافتخار بها في كل مكان وفي كل مقام.
    86 - أسمعها قصصًا عن بر الوالدين، فإن ذلك مما تأنس به
    الأمهات ويسعدن به.
    87 - اطلب منها الدعاء لك، بأن يرزقك الله برها، فإن ذلك
    دليل حرص مننك عليها، وإشعار منك بحب اللطف بها.
    88 - اطلب منها دائمًا الرضا عنك، والدعاء لك، فذلك
    يحسسها بقيمة رضاها في نفسك، ومكانتها عندك.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 21
    89 - تسابق مع الجميع من أجل برها، فكن أنت السباق
    دائمًا، وكن أنت الذي يدلهم على طرق جديدة للبر، فلك أجرك
    ومثل أجورهم لا ينقص ذلك منهم شيء؟.
    90 - لا ترفع صوتك عندها، وتذلل لها، وترقق عند طلبها أو
    خدمتها.
    91 - إذا كنت في نفس المدينة التي تسكن فيها أمك، ولكن
    تفصل بينك وبينها مسافة، فاقترب من مكان سكنها ما أمكن،
    فذلك ادعى للبر بها، وأسهل لوصلها إليها.
    92 - إذا كنت تعمل في مدينة أخرى، احتسب المجاهدة
    بوصلها في كل فرصة سانحة، ولا تتأخر عليها، فإنما هي تتصبر من
    أجلك، وتصمن في سبيل راحتك، فلا تتأخر عنها كثيرًا، فاجعلها
    تنعم بلقياك.
    93 - إذا كنت في مدينة أخرى فلا يكفي أن تزورها وحدك،
    فأبناء الأبناء بمقام الأبناء، خذ معك أطفالك، وزوجتك في زيارتك
    لها، حتى تنشأ علاقة تليق بمقام الأم. ولكي تسعد هي برؤية من
    كانت تحلم بهم يومًا من الأيام.
    94 - في الكثير من الأمور خالف نفسك وهواك، وقدم أمر
    أمك، وطلبها، ورغبتها، وإن لم تُظهر هي ذلك، فإن من كمال البر
    أن ترضيها برغباتها، وأمنياتها بدون أن تنطق هي بأي كلمة.
    95 - حاسب نفسك كل حين ودقق معها الحساب، فهل
    أنت قد أصبت العمل، أو قصرت ببرها؟ أو أنك بحاجة لعمل المزيد
    من أجل رضاها؟ كل ذلك يجعلك بزيادة خير ومزيد بر.
    96 - كن على يقين دائم، أن ما تعمله لوالديك سوف يعود
    150 طريقة ليصل برك بأمك 22
    إليك ببر أبنائك لك عاج ً لا أو آج ً لا، فاعمل على رضاها لكي
    تسعد في حياتك، وبعد مماتك.
    97 - في حال مرورها بعارض صحي، الزَمْهَا، وتابعها
    بنظراتك، وابقَ معها في كل أوقاتك، واعمل على جلب من يقوم
    بخدمتها، ولا تتوقف عن السؤال عنها، فهناك الضعف وهناك
    الحاجة للأبناء، وهناك يبرز الموفقون للخير، فكن منهم، بل كن
    أولهم.
    98 - الثناء الدائم على ملبسها، وحسن اختيارها، وجميل
    ذوقها أمام الجميع يدخل السرور في قلبها، فلا تقصر في هذا الأمر.
    99 - قص عليها أحداث رحلاتك، وأطلعها على صورك مع
    أصدقائك، وكيف استمتعتم في رحلاتكم، فيكفيكم من ذلكم
    دعواتها.
    100 - استقبل همومها بسعة صدر، وتقبل ملاحظاتها بطيب
    نفس، ونفذ توجيهاتها بنفس صاغرة راضية.
    101 - استشرها بأمرك، واعمل بنصيحتها، وخذ
    باستشارتها.
    102 - في مجلسها، اجلس بطريقة تليق بمكانتها، ومقامها.
    103 - تأدب بآداب الأكل أمامها، وقدم لها كل ما تشتهي
    نفسها من المأكل والمشرب والمعروض.
    104 - ادرس نفسيتها، وعاملها بحسبها، وافهم طريقة
    حياتها، وعاملها بما يناسبها، واعرف ميولها، وأعطها أكثر منها.
    105 - على الفتاة أن لا تنشغل بحياتها الزوجية عن أمها،
    وأن لا يؤثر ارتباطها بزوجها وأسرتها على برها بها، فإن الأم ومهما
    150 طريقة ليصل برك بأمك 23
    كثر الأبناء من حولها فإن للبنت مكانة أخرى في صدر الأم، فهن
    محل الاستشارة بما تضيق به النفس.
    106 - بعض الحاجيات قد لا يعرفها الذكور من الأبناء،
    فيحسن بالفتيات أن يتنبهن لذلك وأن يقدمنها لأمهاتهن.
    107 - عند زيارتك لأهلك لا تجعل أبناءك يعبثون بأثاث
    البيت، ويتعبون الأم بترتيبه من بعد خروجهم منها، أو يتسببون في
    إتلاف بعض محتوياته التي تعبت مع والدم بتزيين البيت بها، فإن
    ذلك الأمر يحرجها، ويقلقها، ولكن تصمت من أجل راحتك.
    108 - عندما يقدم أبناؤك على إتلاف بعض أثاث البيت أو
    مقتنياته، فبادر من نفسك لسد هذا الخلل، وجلب ما هو أفضل
    منه.
    109 - تتغير نفسية المريض أثناء مرضه، فيحسن بنا أن
    نزورهن في مرضهن، وأن نساعدهن في تعدي هذا الأمر، ولكن
    لنحذر من أن نزعج الأم باجتماع الأطفال، والتسبب لها بالضيق
    من هذا الأمر.
    110 - مع كثرة الأحفاد يحسن أن يرتب برنامج الزيارات،
    فليس من المعقول أن يهجم جميع الأبناء وأبنائهم في يوم واحد على
    الأم، فإن الأم تضيق ذرعًا بالاستعداد لهم، ويمنعها حبهم من إظهار
    أي مظهر من الضيق منهم.
    111 - يحسن بمن كثر أولادهم أن يجتمعوا بمكان مناسب،
    إما باستراحة، أو برحلة برية، أو بمتنفس، أو حديقة، وذلك؛ لأن
    الأمهات عند الكبر لا يستطعن أن يتحملن ضجيج الأطفال.
    112 - وقف للأم هو عمل مناسب يقدم من الأبناء كهدية
    150 طريقة ليصل برك بأمك 24
    لها وجزء من رد الدين للأم.
    113 - لكل ابن من الأبناء مميزات ينفرد على الآخرين بها،
    فمنهم صاحب المجهود، ومنهم صاحب الرأي السديد، ومنهم
    المرح، وغيرها الكثير...، فحبذا أن يعرف كل ابن ما يحمله من
    مميزات محببة لأمه. فيساعدها ويقدمها لها.
    114 - زر غبًا تزدد حبًا، تنطبق على الجميع لأحوال، إلا
    على الأبناء مع الأم، فالأمل لا تمل من رؤية أبنائها، فإن كنت تريد
    أن تزداد في قلبها حand#59434;با فلا تنقطع أبدًا.
    115 - ضع بين يديها أجهزة الاتصال الحديثة، وعلمها
    بكيفية استخدامها، وكيفية الاستفادة منها، واجعل فاتورتها على
    حسابك، فلك برها وبر من يتصل بها.
    116 - إذا كانت الأم تمتلك جهاز جوال فيحسن أن تختار
    لها أجمل العبارات، ومن ثم ترسلها لها، فإن ذلك مما يبقى بالقلب
    ويزيد من القرب.
    117 - إذا كانت الأم من الكبيرات في السن، يمكن عمل
    مجموعة من الهدايات لصديقاتها، من بعض الأغراض الشعبية، ويتم
    تغليفها بشكل رائع، وذلك لتهديها الأم إلى صديقاتها، ومعارفها.
    118 - يحسن بالأبناء إن اتصلوا بالأمهات للسلام عليهن، أن
    لا يتعجلوا بالمكالمة، بل يتمهلوا ويسمعوا منها بغيتها، فيجدر بنا أن
    نسأل عن حالها، ونقص عليها أحسن القصص في حياتنا، ونطمئنها
    على حالنا، وكل ذلك بلا ملل، أو تضجر، أو ضيق من طول
    المكالمة، أو قصر الوقت لدى الأبناء، وأن لا ننهي المكالمة حتى
    تنهيها هي بنفسها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 25
    119 - في مجلسها نتأدب بآداب الحديث، بدون رفع صوت،
    أو تنا ٍ ج، أو تشاجر، أو ذكر أي شيء مما تكره.
    120 - عند قدومك من سفرك، قدم لها هدية تجلبها من تلك
    البلدة التي أتيت منها، فإن في ذلك ذكرى لها عن سفرتك، وزيادة
    بفرحتها بعودتك.
    121 - للأماكن التي عاشت بها الأم أيام صغرها، أو أول أيام
    زواجها مكانة خاصة، فهل فكرنا أن نأخذها لتلك الأماكن، وأن
    نجعلها تتذكر جميل أيامها، إنها خطوة رائعة تجعل الأم تعود لأيام
    صباها أو أيام شبابها.
    122 - تعليم الإخوة فضل البر، وبث روح المنافسة بينهم
    يجلب السعادة للأبناء والأم، فلنحرص على أن نغذي إخوتنا بهذه
    الفضائل.
    123 - عندما ينفصل والداك عن بعضيهما، فلا تتعرض
    لأحدهما بما يكره.
    124 - عند وجود بعض المشكلات العائلية في الأسرة قدم
    حلو ً لا عملية بطريقة دبلوماسية لتنقذ السفينة.
    125 - إذا ارتبطت الأم بزوج غير أبيك، فأكرمه، وعامله
    بالحسنى، وقدم لها الهدايا في المناسبات المختلفة، فهذا يطمئن قلبها.
    126 - إذ كانت الأم مرتبطة بزوج غير أبيك، فأعل مكانته
    وشاوره في بعض أمرك، وخذ بنصحه.
    127 - اتصل عبر هاتفك بمن يعز على أمك، ودعها تتواصل
    معهم.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 26
    128 - عند كبرها ارحم ضعفها، وأمسك يدها، ودلها
    طريقها، وناولها حاجياتها، ولا تقصر معها.
    129 - إن أبدت الأم رأيًا غير رأيك فلا تتعصب لنفسك
    ورأيك، تقبل منها كل رأي وإن كان خطأ إلا أن يكون بمعصية
    الخالق، فهنا حاول أن تقدم رأيك بطريقة تبعدها عن أن تتعصب
    لهواها أو تظل في ضلالها.
    130 - إذا كانت الأم من المتابعات للمجلات، فقدم لها
    اشترا ً كا في مجلة تناسبها كهدية.
    131 - قدم لها الأموال في كل وقت وحين، ولا تجعلها هي
    تطلب ذلك منك.
    132 - إذا اشتريت لها حاجياتها، أو أتيت بمستلزماتها فلا
    تأخذ قيمة تلك المستلزمات، بل اجعلها هدية مقدمة بسيطة لها.
    133 - إذا كانت قادرة على التعامل مع الحسابات البنكية،
    فافتح لها حسابًا بنكand#59434;يا خا and#59434; صا، وعلمها كيف تتعامل مع ماكينة
    الصرافة، فأنت تعطيها بعض خصوصيتها.
    134 - إذا أخطأت في حقها، فوسط أعز الناس عندها لعلها
    تقبل عذرك، وتتجاوز عن خطأك.
    135 - عند كبر سنها لا تطلق عليها الألقاب التي تحسسها
    بذلك، فلفظ الجدة، أو كبيرة السن قد يضايقها، أو يحز في نفسها،
    فاحذر من ذلك.
    136 - إذا رأيت تصرًفا لا يسرك من تصرفاتها في الحياة
    الزوجية مع والدك، فلا تنصحها مباشرة، بل قدم ذلك بطريقة لا
    تجرح كبرياءها.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 27
    137 - فكر دائمًا بوسائل جديدة لرضاها، وتأمل أحوال
    البارين من حولك، واستنسخ أفكارهم وطبقها في حياتك مع أمك.
    138 - لا تقف عند حدٍّ أبدًا ببرك لأمك. بل اجعل كل
    عمل من أجلها هو أقل من حقها، وابحث دائمًا عن سبل لبرك
    أكمل وعمل أفضل.
    139 - مهما يكن من أفعالها، أو أفكارها، أو آرائها، فلا
    تستصغرها ظاهرًا، أو باطنًا، بل جارها في بعض ذلك، وجاملها في
    البعض الآخر.
    140 - لا تقطع حديثها، أو تسرح أثناء كلامها، أو تستمع
    لغيرها وهي تتحدث إليك. أرعها سمعك، وأعطها قلمك.
    141 - اطلع دائمًا على أحاديث فضل البر، وسير البررة
    بأمهاتهم، فذلك حري بأن يزيد من همتك.
    142 - إذا رأيت مبتلى بعقوق أمه، فقل: الحمد لله الذي
    عافاني مما ابتلاه به، فذلك حري أن يحميك الله من شر الشماتة.
    143 - في مجلسها لا تعطيها ظهرك، أو تبعدها عن صدرك،
    أو ترضى بأن تكون بآخره، واحرص أن تكون أنت أقرب الناس
    إليها في المجلس، وأسرع الناس بخدمتها.
    144 - إذا أرادت المسير، قدم نعليها، وسر بموازاتها، وأمسك
    بيدها، واجعل ذلك ديدنك معها.
    145 - لا تكن آخر من يعلم أخبارها، أو آخر من يقدم
    التهاني لها، أو يواسيها بمصابها، بادر بذلك فهذا يعكس مقدار
    اهتمامك.
    150 طريقة ليصل برك بأمك 28
    146 - في حال أن نهرتك أو غضبت عليك، لا ترد عليها،
    أو تبرز موقفك أمامها في نفس اللحظة، اصبر وتحيَّن الفرصة المناسبة
    لشرح موقفك الذي تسبب في غضبها عليك، وإن كنت مخطًئا
    فقدم اعتذارك، وقبِّل رأسها، واطلب العفو منها.
    147 - بعض الأمهات تبتلى بأن تكون سريعة الغضب،
    فاصبر، وتحمل، واعتد على طريقتها، ومن ثم اسأل الله لها العافية،
    واسأل الله أن يجعل صبرك في موازين حسناتك.
    148 - اكتب صفات الأم في ورقة، ثم اكتب كل طريقة
    يحسن أن تتبعها للوصول إلي قلبها والبر بها.
    149 - تأمل من حولك، وانظر لمن فقدوا أمهاتهم، وأنهم قد
    حرموا من خير كثير، فلماذا التقصير وأنت لا يزال الباب أمامك
    مفتوحًا، فأحسن العمل قبل أن لا يمهلك الأجل.
    150 - عند مرضها. أجل سفراتك، وألغ ارتباطاتك، ركز
    اهتمامك عليها، فهي تشعر بتحسن برؤية أبنائها.
    * * * * أخي الحبيب هذه أكثر من 150 نقطة من رحلة الحياة مع تلك
    الملاك، خذها وتفحصها، فإن ناسبتك فطبقها على معاملاتك معها.
    في الختام: نسأل الله أن يرزقنا البر بهم، وأن يغفر لنا تقصيرنا،
    وإسرافنا في أمرنا
    كتبه
    العقوق الصامت!

    يؤلمني جدا منظر أم تجاوزت الاربعين او الخمسين او الستين وهي تعكف على خدمة ابنتها العشرينية موفورة الصحة و العافية او خدمة ابنائها الصغار!

    يؤلمني جدا أن أرى أباً تجاوز الاربعين او الخمسين او الستين يحمل ما يحمل من آلام المفاصل والظهر يخدم ابنه الشاب العشريني و الثلاثيني الذي لا يفتأ يزمجر و يطالب بحقوقه او هو من يقوم بشراء مقاضي البيت بدلا عنهم !

    إن العقوق ليس صراخا أو شتما أو رفع صوت على الأم أو الأب، بل له صور أخرى صامتة قد تكون أكثر إيلاما من صور العقوق الصريحة!

    من البر بأمهاتنا أن لا نستغل عاطفتهن و غريزة الأمومة لديهن في خدمتنا وخدمة أطفالنا !
    وكل ما ذهبنا لمكان ما لعمل أو لنزهة تركنا صغارنا عندها بحجة لم يوجد أحد يرعاهم في غيابنا أو بحجة ان الصغار يكدروا نزهتنا او بحجة ممنوع دخول الأطفال لمكان ما ثم نذهب نحن لنلهو ونفرح ونترك الأم تعاني مشقة نومها ونومهم فضلا عن نظافة البيت ونظافتهم

    من البر بأمهاتنا أن لا نخبرهن بكل صغيرة وكبيرة تكدر خواطرنا…
    لأن تلك الصغائر ما هي إلا هموم تتراكم في قلوب الأمهات المحبات مسببة لهن من القلق و الألم النفسي و الجسدي ما لا يمكن أن يتصوره الشباب و الشابات!

    إن نفس الأم و كذلك الأب عند كبرهم تصبح نفساً رقيقة في غاية ة، تجرحها كلمة و تؤلمها لفتة…
    وأشد ما يؤلمها هو رؤية أحد الأبناء في مشاكل و تعب… هناك مشاكل يمكننا حلها بأنفسنا…
    هناك ثرثرة و شكوى فارغة نستطيع أن نبقيها لأنفسنا أو لأصدقاءنا …
    بِراً بأمهاتنا وآباءنا!

    لنسعدهما كما أسعدونا ونحن صغار!

    لنريحهما كما خدمونا وتحملونا في طفولتنا المزعجة ومراهقتنا الثائرة!

    لنضغط على أنفسنا قليلا من أجلهما كما ضغطوا على أنفسهم كثيرا و حرموا أنفسهم من متع عديدة لكي لا تربينا خادمة أو لكي لا نبقى وحدنا في البيت!

    لنساعدهما على استيعاب جمال التضحيات التي قدموها من أجلنا!

    لنكن ناضجين في تعاملنا مع والدينا…
    ناضجين ومسؤولين في السعي وراء طموحاتنا!

    أعمالنا ومسؤوليتنا و ليسوا مسؤولية أمهاتنا وآباءنا! لقد تعبوا بما يكفي في شبابهم و أدوا كامل واجباتهم ومسؤولياتهم…
    وآن لهم أن يستريحوا و يعيشوا في هدوء واسترخاء!

    الأم الستينية اليوم في مرحلة تُخدَم فيها و لا تَخدِم !
    إن الأب الستيني أو السبعيني اليوم في مرحلة قطف الثمار،
    لا زرع البذور وسقايتها!

    ولابد أن نتذكر دائما أن آيات البر بالوالدين جاءت عامة ثم مخصصة للوالدين عند كبر سنهما لما يحدث لهما من ضعف و تغيرات نفسية و جسدية لا يمكن أن يستوعبها الشباب غالبا، لذلك جاء التذكير

    قال تعالى :
    “إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً”

    رزقني الله و إياكم بر والدينا لأننا بدون برهما لا نساوي شيئاً.
    اللهم اغفر وارحم لي ولوالدي ووالديكم وللمسلمين والمسلمات اجمعين الاحياء والاموات يارب العالم.ين. أ ه

    { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }

    راقت ليفي بيتنا معاقين صوره من الواقع
    أبدع الكاتب السعودي مشعل أبالودع في مقاله بعنوان "هل في منزلنا ضيوف أم هم معاقين" !!!

    لطفا إقرأها فقد يكون في بيتك معاقين وأنت لا تعلم

    مشهد يتكرر في كل بيت:
    شاب أو شابة في مقتبل العمر وأوفر الصحة يعيش في بيت ذويه.

    يستيقظ صباحاً ويترك فراشه دون ترتيب..فالأم ستتولى ذلك.

    ويستبدل ملابسه ويتركها للغسيل متناثرة في أي زاوية أو ركن..فالأم ستتولى جمعها وغسلها وكويها وإعادتها للغرفة.

    يقدم له الطعام جاهزاً ليتناوله قبل ذلك أو بعده لايتعب نفسه بغسل كوب أو صحن..فالأم ستتولى كل مايترتب على هذا.

    يذهب لمدرسته أو.جامعته ويعود لينام أو يسهر على سنابشات أو تويتر أو انستجرام أو مشاهدة حلقات متتابعة من مسلسل جديد يتخلل ذلك وجبات تقدم له جاهزة وكل ماعليه هو أن "ياخذ بريك" ويمد يده ليأكل ، جزاه الله خير على ذلك، ويعاود الجهاد أمام شاشة هاتفه أو الآيباد أو اللابتوب.

    وأحياناً في أوقات فراغه قد يتكرم في الجلوس مع بقية أفراد أسرته لكنه حاشا أن ينسى أن يتصفح شاشة هاتفه ليظل حاضراً وقريباً من أصحابه الذين يقضي معهم جُلّ أوقاته حتى لا يفوته لاسمح الله تعليق أو صورة أو فضول فيما يفعله الآخرون.

    صاحبنا هذا لا يساهم ولا يشارك في أي مسؤولية في البيت ولو بالشيء القليل. يترك المكان في فوضى ويزعل إن لم يعجبه العشاء وإن رأى في البيت مايستوجب التصليح أو التبديل يمر مر السحاب،، طبعاً التصليحات مسؤولية والده أليس كذلك،، والتنظيف و الترتيب مسؤولية أمه فقط..

    انتهى المشهد.

    تفكرت فيما أراه حولي وتوصلت لنتيجة واحدة: أظن أننا نجحنا في خلق جيل معوق
    نعم جيل معاااااااق وبتفوق


    لدينا الآن جيل معظمه يتصرف وكأنه ضيف في منزله. لايساعد ولا يساهم ولايتحمل أية مسؤولية حوله من سن المدرسة إلى الكلية وحتى بعد حصوله على الوظيفة.
    هو وهي يعيشان في بيت والديهما كضيف.
    ولايعرفان من المسؤولية غير المصروف الشخصي ورخصة قيادة السيارة.
    ويبقى الأب والأم تحت وطأة المسؤوليات عن البيت حتى مع تقدم العمر وضعف الجسد.
    فالوالدان(لا يريدان أن يتعبوا الأولاد).

    تقدير وتحمل المسؤولية تربية تزرعها أنت في أولادك "لا تخلق فيهم فجأةً "ولا حتى بعد الزواج
    لأنهم بعد الزواج سيحملون الثقافة التي اكتسبوها من بيوت أهليهم إلى بيت الزوجية
    وأي ثقافة تلك
    ثقافة الإعاقة .. الاتكالية
    وبالتالي جيل لا يعتمد عليه أبدا في بناء بيت أو أسرة أو تحمل مسؤولية زوجة وأولاد
    فهل هكذا تأسست أنت أو أنت في بيت أهلك
    وإن كان نعم فكيف هي نتائج تأسيسك ؟

    عزيزي وليّ الأمر: أن تعود ابنك او ابنتك على تحمل بعض المسؤوليات في البيت يساعد في بناء شخصيته وبناء جيل مسؤول اجتماعياً.
    تحمل المسؤولية يجعلهم أقوى ويعينهم على مواجهة ما سيأتيهم مستقبلاً.
    ويساعدك أنت في الاعتماد عليهم ويساعدهم هم في التفكير بالآخرين، ما يجعلهم أقل أنانية وأكثر تقديراً وفاعلية في بيوتهم ومحيطهم ومن ثم وظيفتهم ومجتمعهم مستقبلا .
    في حين اتكالهم عليك أو على الخادمة يجعلهم أكسل وأضعف وأكثر سطحية ولا يعدهم للمستقبل.
    بل كيف لشخص اتكالي أن ينشىء أسرة مستقلة ومستقرة؟ وبعدها نتساءل عن ارتفاع معدلات الطلاق في جيل اليوم "وليش ما عندهم صبر!"
    الحمل والولادة شيء فطري،
    لكن أن تجتهد لأسرتك وأن تتحمل مصاعب الحياة ذكراً أم أُنثى هذه مهارة يجب اكتسابها من الوالدين أولاً.

    وأخيراً أيتها الأم وأيها الأب : إن لم ترب ابنك على تحمل المسؤولية في منزلك، ستعلمه الدنيا،
    لكن !!!
    دروس الدنيا ستكون صادمة ومتأخرة وأقل حناناً وأكثر قسوة منك.
    فأعنه عليها ولا تكن عوناً عليه فيها.
    لاتنشىء ابنك او ابنتك ليكونوا ضيوفاً في بيتك بل ربهم ليكونوا عوناً لك، فاعلين في بيتك وثم في بيوتهم ومجتمعهم.
    ونسأل الله أن يعيننا على التربية ويصلحنا ويصلح فلذاتنا لنا .

    أحن إلى خبز أمي .. قصة حبٍ نرويها لكم


    قصيدة الشاعر محمود درويش " أحن إلى خبز أمي " التي حرَّكت عواطف الملايين ودمعت لها أعين الأبناء شوقاً لأمهاتهم وحُباً لهُنّ

    والتي كانت نتيجةً خالدةً لأحداث دارت مع هذا الشاعر مرهف الإحساس، حيث يقول في مُقابلةٍ لهُ على راديو "مونت كارلو" بحسب موقع جينيفا : (نحن عائلة من ثلاثة أبناء و ثلاث بنات و كنت الفتى الأوسط بين الصبيان وهذا كان يضايقني لأنه عندما كان يجري توزيع المسؤوليات كان يتم إحتسابي مع الكبار أي أنا وأخي الأكبر، وعندما كان يجري توبيخ الصغار أيضاً كنت بينهم أي أنا وأخي الأصغر، فنشأ شعور دفين في قلبي مفاده أن أمي لا تحبني مثل باقي إخواني وكان والدي رجلاً قليل الكلام خجولاً ولا يُعبِّر عن حبه لنا وهذا ما زاد شعوري الكاذب تأكيداً، في ذلك الزمن كان جدي هو من أحادثه و أتبادل معه الأفكار و المشاعر، ومرت الأيام وأنا أحمل هذا الشعور المأساوي في قلبي إلى أن إعتقلتني السلطات الإسرائيلية وأدخلتني السجن وعندما جاءت أمي لزيارتي ومعها القهوة والخبز منعوها من إدخالهم و سمعتها وهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة لتوصل إلي خبزاً الذي خبزته بنفسها والقهوة التي أعدتها لي، و لما سمحوا لها بالدخول إحتضنتني كطفلٍ صغير وهي تبكي فبدأت أُقبِّل يديها كما لم أفعل من قبل وعندئذٍ إنهار ذلك الجدار الذي كان بيني وبينها وإكتشفت أني ظلمت أمي عندما إعتقدت أنها تحبيني أقل من باقي إخواني، وعندما غادرت ولم أكن قادراً على البوح لها بأحاسيسي، مكثت ذلك المساء نادماً وقررت الإعتذار لها في قصيدة فكتبتها وأسميتها "قصيدة إعتذار" ولم يكن مسموحاً لنا بورق الكتابة فكتبتها على ورقة الألمنيوم لباكيت السجائر وأخذتها معي خلسةً عندما خرجت من السجن) ..

    إعتذار " أحن إلى خبز أمي " :

    أحن إلى خبز أمي

    وقهوة أمي

    ولمسة أمي

    وتكبر في الطفولة

    يوماً على صدر يومِ

    وأعشق عمري لأني

    إذا متُّ، أخجل من دمع أمي !

    خذيني، إذا عدتُ يوماً

    وشاحاً لهدبك

    وغطّي عظامي بعشب

    تعمَّد من طهر كعبكِ

    وشُدِّي وثاقي ..

    بخصلة شعرٍ

    بخيطٍ يلوِّح في ذيل ثوبكِ ..

    ضعيني، إذا ما رجعت

    وقوداً بتنور نارك ..

    وحبل غسيلٍ على سطح داركِ

    لأني فقدت الوقوف

    بدون صلاة نهاركِ

    هرمت، فردِّي نجوم الطفولة

    حتى أشارك

    صغار العصافير

    درب الرجوع .. لعشِّ إنتظاركِ !

    منقول بتصرف ،
    ويستحق التناقل...
    سليمان بن صقير الصقير......
                  

07-24-2022, 01:21 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أسباب عدم صلة الرحم وقطعها :

    1- الجهل بفضل صلة الرحم وعاقبة قطيعتها.

    2- ضعف الدين وبالتالي يزهد بالثواب على صلة الرحم, ولا يأبه للعقاب على قطيعتها.

    3- الكِبر: بأن يكون غنياً أو آتاه الله منصباً رفيعاً أو جاهاً عريضاً فيستنكف أن يبادر هو بصلة رحمه او يذهب اليهم لانهم دونه.

    4- التقليد للوالدين: إذ ربما لم ير من أبيه أنه يصل أقاربه فيصعب على الابن وصل قرابة أبيه, وكذلك بالنسبة للأم فالتقليد في الحرام حرام.

    5- الانقطاع الطويل, فعندما ينقطع عن أرحامه وقتاً طويلاً يستصعب أن يصلهم ويسوف ويؤخر حتى تتولد الوحشة بينهم ويألف القطيعة ويتردد من الوصال.

    6- العتاب الشديد فبعض الأرحام عندما تزوره يبدأ بمعاتبتك لماذا لم تزرني لماذا ولماذا ويكثر من اللوم والأسئلة حتى يضيق الزائر بذلك ويحسب للزيارة الأخرى ألف حساب قبل المجيء.

    7- الشح والبخل ومنع الصدقات عن الأقارب : فقد يكون غنياً ولأنه يخاف أن يطلب أرحامه منه شيئاً يتهرب عنهم ويتصدق بعيدا عنهم.

    8- التكلف عند الزيارة: وهذا يضيق به المتكلف والمتكلف له.

    9- قلة الاهتمام بالزائر: وهذا عكس السابق والخير في الوسط.

    10ـ رغبته عدم إطلاع أرحامه على حاله: فبعض الأغنياء يخرج زكاته إلى الأباعد ويترك الأرحام ويقول إذا أعطيت الأرحام عرفوا مقدار ما عندي.

    11- تأخير قسمة الميراث: مما يسبب العداوة بينهم وربما اتهم كل واحد الآخر وأنه يريد أن يأكل من الميراث وهكذا فتحصل بينهم المشاكل والتباغض والتقاطع.

    12 ـ الانشغال بالدنيا مما يجعل الإنسان لا يجد وقتاً للوصل والصلة حتي لو بالهاتف.

    13ـ الخجل المذموم: فتراه لا يذهب إلى رحمه خجلاً منه, ويترك التزاور والصلة بزعمه إلى أن تحين مناسبة فيزورهم في المناسبات فقط.

    14ـ الاستغراب والتعجب الذي يجده الزائر من المزور, فبعض الأرحام عندما تزوره دون أن يكون هناك مناسبة للزيارة كعيد أو وليمة تجده وأنت تسلم عليه مستغرباً متعجباً من زيارتك ينتظر منك إبداء السبب لزيارته, وربما فسر زيارتك له بأن وراءها ما وراءها, وهذا يولد شعوراً عكسياً عند الزائر فربما لا يكررها.

    15ـ بعد المسافة بين الأرحام مما يولد التكاسل عند الزيارة.

    16ـ قلة تحمل الأقارب وعدم الصبر عليهم, فأدنى كلمة وأقل هفوة تسبب التقاطع.

    17ـ نسيان الأقارب في دعوتهم عند المناسبات مما يجعل هذا المنسي يفسر هذا النسيان بأنه احتقار لشخصه فيقوده هذا إلى قطع رحمه.
    عن قاطع الرحم أتحدث ... 💚
    يا قاطع الرحم ...!!!!!
    ألا تعلم أن قطع الرحم من الكبائر ...
    كم من أخ لا يصل أمه ولا أخته ولا بقية رحمه ...!؟
    رسالتي إليك ...
    كثيراً من الناس لا يعتني بصلة الرحم ، ولا يقيم لها شأنا في حياته ، ولو علمتم مافي صلة الرحم من خير ، ومافي قطع الرحم من شر ... لأزهرت قلوب الواصلين ، ولأقفرت قلوب القاطعين ...
    يا قاطع الرحم أنت مهدد بعدم دخول الجنه ، ولا تشملك الرحمه ، يقول أبو هريره رضي الله عنه ، إني سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول ... إن الرحمه لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم ...

    يا من تشكو قلة الرزق وضنك العيش عليك ... صلة الرحم هي الطريق إلى بسط الرزق وطول العمر ...

    أتعلمون أن في هذه الاحاديث إجابه شافيه لتسائلات البعض عن حالنا اليوم ...
    لماذا ندعوا الله ولا يستجب لنا ...!؟
    لماذا قطع سبحانه وتعالى حبائل الرحمه عنا ...!؟
    ولماذا نحن الآن في هذا الوضع المشين ...!؟
    فكم بيت من بيوت المسلمين يطوي سقفه قاطع رحم ، وكم من أخ يرفض أن يلقي السلام على اخته من دمه ولحمه ...

    فيا قاطع الرحم ، استعذ بالله من الشيطان ، وباشر في المصالحه ولا تقطع صلتك ، وتذكر يا رعاك الله أن هذا ما أمرنا الله به ، فلا تستمع لنداء الشيطان فتهلك معه ...

    فلنتق الله ولنرعى ارحامنا رعاكم الله جميعا ...
    تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ...
    منقول...
                  

07-26-2022, 03:16 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الحضارة التي اكتسحت الأرض!!
    علم الله ما فَتَن المغرورين من شبابنا إلا ما أخذهم من هذه الحضارة، فإن لها في زينتها ورونقها أخذةً كالسحر، فلا يميزون بين خيرها وشرها، ولا يفرقون بين مبادئها وعواقبها، ثم لا يُفتنون منها إلا بما يدعوهم إلى ما يُمِيت ويصدهم عما يُحيي وما يحول بينهم وبين قلوبهم، فليس إلا المتابعة والتقليد، وسأوجز هذا الرأي ما استطعت، وسأجعل كلامي فيه أشبه بلغة النظر: تأتي اللمحة القصيرة على ما تطول العبارة فيه وتمتد.

    إن هذه الحضارة لا تظهر أبدًا على حقيقتها؛ إذ كانت حقيقتها لم تجتمع بعد، وقد أنشأها جيل قريب منا وورَّثها مَن بعده، وترك معها أخلاقه وطباعه، فما برح الناس يشبهون الناس، وإنما صبغت الحياة ولونت ودخلها التمويه والزخرف، والخَطْب في هذا يسير؛ إذ كان الأصل الإنساني لا يزال باقيًا، وأكثره لا يزال سليمًا، وبعض الرؤوس التي اخترعت ما غيَّر الدنيا لا تزال بعد في الدنيا، ولكن الشأن حين تتناسخ الأجيال خلقًا بعد خلق، ويظهر على هذه الأرض الإنسان الميكانيكي الوارث أخلاقه وطباعه من الآلات أكثر مما يرثها من النفوس، فيومئذ لا يكون القول في الحضارة موضع حُسبان وظَنٍّ كما هو الآن.

    وعلى أن الدنيا لا تزال بخير، وعلى أن الحضارة الغربية لم تَعْدُ من الإنسانية موقع الألوان والتحاسين؛ فقد غمر شرها وكثر أذاها، وأخذ أهلها يتدافعونها ويتذممون منها، وألزموها الإثم وألحقوا بها الفساد، وأبكى عقلاءهم وحكماءهم ما جلبت عليهم من الأخانيث والمضاحيك والمهازل والمفاسد وكبائر الإثم والفواحش، ولم يقم خيرها بشرها ولا غطَّت مصالحها على مفاسدها.

    يحمل الإنسان في نفسه نقيضين، هما: عقله وهواه، أو دافعه ووازعه؛ فإذا أطلقهما معًا أفسداه، وإذا قيدهما معًا أفسداه كذلك، ولكن تمام الإنسان ونظامه أن يطلق العقل ويحد الهوى فيصفي بعضه في بعض فإذا هو قد خلص وتحرر؛ وما دامت الأهواء مقيدة في حدودها فليس في العقل إلا محض الخير، فإذا تُركا جميعًا لغاياتهما طمَّ شيء على شيء، ورجعت الحياة صراعًا حيوانيًّا؛ واحتالت العقول لتغيير الوضع الإنساني، وتواضع الناس على الأخلاق البهيمية الفاسدة يدخلونها في آدابهم فلا ينكرونها ولا يردونها ولا يرون الأدب يكون بغيرها أدبًا.

    فالحضارة الغربية أطلقت العقول تجدُّ وتبتدع، أطلقت من ورائها الأهواء تلذ وتستمتع وتشتهي، فضرب الخير بالشر ضربة لم تقتل ولكنها تركت الآثار التي هي سبب القتل؛ إذ لا تزال تمدها مدًّا حتى تنتهي إلى غايتها، وذلك هو السر في أنه كلما تقادمت الأزمنة على هذه الحضارة ضج أهلها وأحسوا عللًا اجتماعية لم تكن فيهم من قبل، ولو قد عمت الحضارة وتغشت أوربا كلها فلم يبقَ في تلك الأرض سواد ريفي أقرب إلى الطبيعة وأشكل بها، ولا يزال في الحياة على إرثه القديم كالسواد الأعظم الذي يعمر قراها ويملأ صميمها في كل مملكة منها، لرأيت أفظع ما ترى العين من بلاد متعادية متنابذة، لما يتنازع أهلها من طلب المنافع الشخصية والتكالب عليها والاستهتار بالشهوات والتناحر على تكاليف حياتهم الثقيلة المملولة المستوخمة، بَيْدَ أنَّ ريف أوربا وقراها وما فيها من نزعة الدين ومن معاني الطبيعة البعيدة عن الحضارة ومن الأخلاق السوية الصحيحة التي لم تُزِغْها المدينة، كل ذلك هو الذي يمسك هذه القارة أن تنهار ويحفظها أن تتحلل، وهو كالبداوة المحضة بإزاء الحضارة في معانيها المستهلكة، فهو بذلك مادة التجديد الإنساني في أوربا، على حين أن هذه المدنية هي مادة التجديد الحيواني بما تصرف إليه الحواس من المتاع واللذة.

    والحواس رُوَّاد القلب، فما أدت إليه أصلحه أو أفسده؛ وأما الشهوات فهي للجنس كله؛ إذ هي غايات طبيعية في تركيب الأجسام، ولذا قام الدين على سنة حكيمة كافلة للمصلحة، وهي إبعاد الشهوات عن المجتمع وجعل للشهوات متنفسا شرعيا يحمي الأمم وجعل درء المفسدة مقدمًا على جلب المصلحة؛ وذلك وإن لم يُؤتِ الناس عقلًا فإن العقل لا يؤتيهم غيره في آداب الحياة، ولكن الحضارة قامت على إطلاق العقل والهوى، فاستباحت الدين في طوائف من الناس وتركته بلا أثر في طوائف أخرى، فكانت تحكيمًا للشهوات في الخلق وتمكينًا لأسبابها في الاجتماع، ومن ثم أخذت تقتلع الأخلاق الإنسانية من أصولها، وما أعرف أكثر مظاهر المدنية إلا أمراضًا مسماة بغير أسمائها، وكلها جميلة سائغة مشرقة؛ لأنها كلها تؤلف حلمًا مريضًا كأحلام الخمر والأفيون.

    المتحضرون والطبيعة
    يحسب هذا الغربي المتحضر أنه قهر الطبيعة وسخَّرها فانتصر عليها، ولا يعلم أن الطبيعة تهزأ به؛ لأن هذا النصر بعينه هو الذي يسلطها عليه فتهزم أخلاقه وتُوهن قوَّته الروحية وتطحن لُبَّه في قشرته وتمكِّن فيه لأعراض الانحلال والسقوط، فهو لا يغير الطبيعة وإن انتصر عليها، وهي تغيره ثم تتركه يسمي نفسه المنتصر، فتضيف إلى حماقاته حماقة الغرور!

    أصبح المتحضر عصبيًّا ثائرًا حساسًا يدلف إلى الجنون بخطى بطيئة لكنها سائرة متحركة، وابتلته المدنية بأمراضها التي لم تكن في أسلافه، كالسرطان وغيره، وضربته الشهوات بحذر الحاسة الروحية وخمولها فأصبح يعمل للغرض الأسمى بوسائل معكوسة لا تؤدي إلا إلى الغرض الأسفل، ورجع كأنه غريب عن الطبيعة الخشنة التي لا بد له من خشونتها ليبقى قويًّا بها وقويًّا فيها وقويًّا عليها، وتغير من كل ذلك تاريخ عقله وأعصابه، فضعف النبوغ الفني وأصبح النمط العالي منه خاصًّا بالتاريخ القديم وحده، مع أنه ليس بين القديم وبين الجديد إلا طبيعةُ هذه الحضارة وأثرُها على العقول، أما الإنسان فهو هو، بَيْدَ أنَّه في الحضارة الأولى المتخشنة كان كالدينار الجديد رزينًا خشنًا، فأصبح في هذه الحضارة الناعمة كالدينار الأملس مسحته الأيدي وأزالت حرشته فهو إلى ضعف وإلى نقص!

    اتخذت الحضارة المرأة الغربية من وسائلها في ترقيق الطباع وإرهاف الملكات، ومع المرأة ما معها من فنون الدعابة والمغازلة والمفاكهة والإغراء وما تحت هذه من الطباع والأخلاق، فإذا العالم المتحضر في صبغة من الأنوثة متى أخذ الدهر مأخذه فيها استحالت من بعدُ صبغةً من الفجور يشمل هذا العالم.

    ويقولون: الجمال والفن! ولا يعلمون أنهما إذا استفاضا وعمَّا جاء منهما الخبال والهوس، وخرج من اجتماع كل ذلك الانحلال والسقوط، كما وقع في التمدن الروماني والحضارة الغربية.

    إني لا أرى أكثر مظاهر هذه الحضارة إلا أسلحة قاتلة تقتل الخير والرحمة في قلوب الناس، فهي ترفع تكاليف الحياة وتزيد فيها وتعسر آمالها، فتنشئ بذلك الفقر المدقع، وتخرج معه الفوضى والاختلال، وتحدث به الأخلاق السافلة كالتلصص والدهاء والخبث والحسد ونحوها، ويزيد العالم كل يوم بأسباب كثيرة تبدعها الحضارة؛ فلا تكون الزيادة إلا عبثًا وشرًّا ومضايقة؛ لأن ما كان يكفي الجماعة ذات العدد أصبح لا يكفي إلا فردًا واحدًا، ويومئذ لا تستقيم الإنسانية إلا بأن يغتذي بعضها من بعض، فيكثر القتل والاستراق والإباحة، ولكن في ألفاظ وتعابير مدنية، والآفة يومئذ أن الإنسانية تكبر والأرض لا تكبر، فتضيق الحياة بأهلها وتزيدها مطامعهم ضيقًا، فيتقرر عندهم نظام التقتيل ويصبح قانونًا عامًّا، وما أرى هذا القانون سينفذ إلا في الأجنة في بطون أمهاتهن، بحيث يكون في كل أسرة ميزان للموت لا يعطي الدنيا من إحدى كفتيه طفلًا حيًّا إلا بعد أن يجتمع في الكفة الأخرى أربعة موتى أو أقل أو أكثر!

    ولن يجدوا علاجًا من داء الحضارة إلا بالحمية منها، فيوشك إذا هم تنبهوا إلى ذلك أن يمنعوا الناس من بعض فنون هذه الحضارة بقوة القانون، وأن يفرضوا عليهم بعض الجهل فرضًا يؤخذون به ليبقى تاريخ العالم متصلًا وليجد النوع الإنساني على هذه الأرض من يوحِّده بصفاته وخصائصه؛ فإن الأخلاق في تلك الحضارة قائمة على غير قواعدها؛ إذ لم يكن من سبيل لتغيير البناء الإنساني إلا بتغيير هذه القواعد.

    وأنا أرى أنه لو انتزع من هذه المدنية أكثر حسناتها لذهب في ذلك أكثر سيئاتها؛ إذ كانت الحسنة هي التي تخرج السيئة؛ فالغنى الواسع بإزاء الفقر الأوسع، والرفاهية السَّرِية بإزاء الشيوعية والفوضى وهكذا، ونعيم هذه الحضارة نعيم في أقلِّه وشقاء في أكثره، وهو يفسد من يناله بإضعاف أخلاقه القوية الصالحة، ويفسد من لم ينله بتقوية أخلاقه الضعيفة الفاسدة.

    الحرية والمساواة في الحضارة الجديدة
    ولا يذهبن عنك أن الحضارة تقرر في جميع الناس هذين الأصلين العظيمين: الحرية والمساواة، فينشأ الناشئ عليهما ويترشح لهما في الحياة، حتى إذا شب وانتهى إلى الواقع وجد تلك الحضارة بعينها هي التي تقتلع الأصلين وترمي بهما في وجهه، فليس في الواقع إلا أشراف ووضعاء، وإلا عِلْيَة وسِفْلة، وإلا أفراد معدودون من كل طبقة يراغمون سائر الناس من العمال والمُهَّان والمساكين ونحوهم، كأن أساطين المال والسياسة هم وحدهم أصابع الدنيا تأخذ بهم ما هي آخذة، وبذلك ترجع عقيدة المساواة وإنها لعقيدة الظلم، وتعود فكرة الحرية وهي فكرة الاستعباد، فإذا سواد العالم المتحضر هو الناقم على الحضارة المستريب بها، وهو على سخطه ونقمته مسخر لمعيشته الضيقة المقسومة بالجرام من أيدي أصحاب القناطير، يعطيهم دمه بخبزه، ويشتري موته بعيشه، وذلك كله مما يجعله متربصًا بالفتن، سريعًا فيها إذا وقعت، تابعًا لكل من يدعوه إليها أو يستجيشه عندها، متوثبًا على ما يدري وما لا يدري، كما يقع الآن في كثير من البلدان الآن!

    فالكبير في هذه الحضارة ظالم هو أشبه بمظلوم، والصغير مظلوم وهو أشبه بظالم، وكأن الحقيقة نفسها خرجت من موضعها، فكل شيء حقيقة وكل شيء زور!
    والروح الإنسانية متى أصبحت موتورة ساخطة متبرمة بأسباب مختلفة كأسباب هذه المدنية من سياسية واجتماعية ووطنية، لم تكن روح الحياة ولكن روح القتل وما في حكمه، ومن ثم فلا بد في هذه الحضارة من انفجارات حربية مستمرة، ولا بد لها أن تجد من تقتله ومن تظلمه ومن تستعبده، وإذا تحاجزت الدول وتتاركت زمنًا فإنما يُسَمِّن بعضها بعضًا في مراعي السلم والعيش، وكل أمة عينها على شحم الأخرى!

    لست أنكر أن الحضارة زينة الحياة الدنيا وبهجتها، ولكن آفتها أن غايتها التي تجري إليها إنما هي المتعة واللذة وانتهاب العمر، فهي بذلك تؤتي جميع لذات الحياة لمن أطاق واتسع، كما تؤتي جميع مكارهها لمن حُرم وقُتر عليه؛ وبهذين توجِد ألفًا من السفلة والحشوة وسقاط الناس إذا هي أوجدت واحدًا من أهل الفضل والرحمة والإنسانية، ولا قصد فيها بل هي إسراف من طرفيها لا يألو أن يدفع الناس من حد إلى حد إلى غير حد علوًّا وسفلًا؛ فالنزاع في المادة والنزاع في العاطفة ذاهبان إلى ملتقى واحد، هو سخط الإنسان على الإنسان سخطًا شقيًّا مدنفًا؛ إذ لا أشقى في الاجتماع من ساخط على مَن لا يترضاه، هي حضارة على المجاز إذا توسعنا في العبارة لتعم الناس، فإذا حققنا في صريح هذا المجاز رأينا فيها الذلة والمسكنة والتهلكة بوسائل هي العز والغنى والحياة!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    "تحت راية القرآن" للرافعي
    ================
    لكل مدنية جانبان: جانب يصح أن نسميه "الجانب المادي"، وجانب يصح أن نسميه "الجانب الروحي".
    ونَعني بالجانب المادي القوة الحسية وما يتبعها وما يُمِدهَا؛ فالتسليح وما إليه قوة مادية، والمخترعات الحديثة — من كهرباء وبواخر وطائرات وغواصات، وما تبعه من استكشافت — قوة مادية، وما اخترع من صنوف الترف — كاستخدام مستجدات التكلونوجيا في شئون الحياة، واستخدام القوى الميكانيكية في تنظيم الأعمال — قوة مادية؛ بل إن الوسائل التي تستخدم لهذه الغاية، كالعلوم الرياضية والطبيعية والكيمياوية والطبية هي أيضًا قوة مادية؛ لأن نتيجتها في الحياة هي هذه المخترعات والمستكشفات التي تزيد في ترف الناس ونعيمهم من الناحية المادية، بل المدارس والجامعات التي تعلم لهذه الغاية هي قوة مادية للدولة.

    والقوة الروحية وهي الإيمان وتوابعه، وهي رسم الَمثَل الأعلى للإنسان، والسعي في الوصول إليه، وهي العمل على إصلاح النوع الإنساني بأكمله من الناحية الفردية ومن الناحية الاجتماعية والسياسية، وهي تعويد الإنسان أن يفكر ويشعر ويعمل لخير الإنسانية، حتى تقرُب من المثل الأعلى لها، وهي أن يخفق قلب الإنسان بحب الناس، وبحب الخير العام لهم جميعًا، وهي أن يوضع من النظم ومن طرق التربية ومن القوانين ومن المعاهدات ما يحقق هذه الغاية أو على الأقل ما يقرب منها، وعلى الجملة هي تغذية الروح بحب الخير للإنسانية.
    وليس يمكن أن تُعَد المدنية مدنية راقية إلا إذا وجد فيها الجانبان، وكانا معًا راقيين، وكانا متوازيين.
    فلننظر — في ضوء هذا القول الجميل — إلى المدنية الحديثة، أهي مدنية صالحة؟ أهي مدنية راقية؟ أهي أمل الإنسانية؟
    الحق — مع الأسف — أنها ليست كذلك.

    لقد نجحت في الجانب المادي نجاحًا فوق ما كان يُنتظر، وفشلت في الجانب الروحي فشلًا أبعد مما كان يُنتظر، فأما الذين يهمهم المنظر وحُسن الشكل والمتعة المادية فقد صفقوا للمدنية الحديثة حتى كلت أيديهم من التصفيق، وبحت أصواتهم من نداء الاستحسان؛ وأما الذين يهمهم من الإنسان روحه لا جسمه، ومن المادية روحها لا مادتها، فنالهم شيء غير قليل من اليأس.

    أما المادية فحدث عنها ولا حرج، لقد حلقت الطيارات في السماء، وغاصت الغواصات في قاع الماء، و انطلقت الأقمار الاصطناعية تعد على الدنيا أنفاسها وأتت التوكلونوجيا بالسحر الحلال، تضغط على زر فتبعث ما شئت من أنوار، وتضغط على زر فتبعث ما شئت من حرارة، وتضغط على زر فتبعث ما شئت من حركة؛ كيف أَعُد والمخترعات لا تحصى عددًا، والعجب منها لا ينتهي أبدًا، حتى ظننا أن العالم احتفظ بأسراره كلها منذ خُلق، ثم باح بها جميعها لرجال المدنية الحديثة، فلم يعد لديه سر، وكل ما في الأمر تصفية حساب الأسرار.

    ولكن لا تخدعنك هذه المظاهر، فالمثل العامي يقول: "لا يعجبنَّك البيت وتزويقه، فساكنه قد جف رقيه"، لا تنظر إلى المكان وانظر إلى السكان.
    هذه مشكلات العمال العاطلين، وهذه الملايين المملينة من البائسين والجياع، وهذه الحروب الطاحنة التي تفتك بشعوب وأمم، وهذه الدول كلها تتسلح لتقذف بأبنائها جميعًا في أتون من نار مساحته الأرض كلها، وهذا وهذه، مما لا يعد من ضروب الشقاء.
    هذا هو القصر السعيد، فأين سكانه السعداء؟ وهذه هي السفينة الجميلة المعدة بكل وسائل الإعداد، فأين بَر السلامة؟!.
    سر هذا الشقاء كله طغيان جانب المادة على جانب الروح، سر هذا كله أن المدنية الحديثة عجزت عن أن تنظر إلى الإنسان كوحدة على الرغم من أنها قربت بطرق المواصلات والمعاملات بين أجزاء العالم.
    لقد قربت في المكان وباعدت بين السكان، تقدمت في علم الجغرافيا ولم تتقدم في علم الاجتماع، استكشفت الجبال والوديان والصحاري والأنهار والبحار، ولم تستكشف قلب الإنسان.
    عملت على وحدة الإنسان جغرافيًّا، وعملت على تفريقه اجتماعيًّا؛ فما أغرب شأنها،.. وما أضعف ذكاءها!
    هذه المدنية التي شرحتها طغت على كل شيء؛ فالأخلاق أساسها هذه المادية، وبرامج التعليم أساسها الوطنية، ومالية الدولة مشلولة بالأغراض الحربية، والآلات المخترعة جعلت أصحاب الأموال والحكومات ينظرون إلى الإنسان نظرهم إلى ترس في آلة، واستغرقت المادة كل تفكير المفكرين، من اقتصاديين وماليين وعلماء وحكوميين؛ ومن اتسع تفكيره لإصلاح روحي أو لإصلاح اجتماعى صدم بميزانية الدولة التي أسست على النظرة المادية، وصدم بالحالة الدولية العامة، كالذي كان في عصبة الأمم؛ فقد خذلت وأصيبت في صميمها؛ لأنها حاولت محاولة بسيطة أن توجه تيار المدنية الحديثة إلى الناحية الروحية، فلما كانت البيئة التي حولها لا تساعدها اختنقت وأصبحت هي الأخرى جسمًا بلا روح؛ ثم أصبح الناس جميعًا وقد فقدوا حريتهم الحقيقية، على الرغم من الطلاء الكاذب من المناداة بالحرية؛ فالحالة الاقتصادية المادية سلبت الناس حريتهم، وجعلتهم يعانون أشد المعاناة في وسائل العيش.

    ولا حرية لهم في التخلص منها؛ وكلما زادت المدنية زادت مطالب الحياة، وتعقدت سبل الحصول عليها، وشعر الناس بضيق من شدة الضغط؛ وهل مع هذا حرية؟ والناس يرون الحرب أزمة المدنية؟ ولكن هذا خطأ؛ فالحرب نتيجة سوء المدنية، ومظهر لحقيقة سوء الحال الاقتصادية والمادية، لا أن الحرب نفسها هي الأزمة؛ فالحرب هي عقرب الساعة التي نراها، ولكن العقارب نفسها ليست إلا مظهرًا للآلات الدقيقة المستورة تحت العقارب، وإذا رفعت العقارب لم يتغير سير الآلات في شيء، وكل ما فقدناه هو المظهر والعلامة.

    لقد أعْلَت المدنية الحديثة شأن العقل وغالت في تقديره، وآمن رجالها بأنه وحده هو الأساس الصالح للحياة، فكان من نتيجة ذلك ازدهار العلم المجرد من الإيمان والأخلاق إلى حد بعيد، وزادهم تحمسًا له ما كان من نتائجه الباهرة في المخترعات والآلات؛ ولكنهم بعد سيرهم الطويل، ونجاحهم الباهر في هذه السبيل، اصطدموا بحقيقة مؤكدة، وهي أن العلم بدون روح الإيمان والأخلاق لم يكن السبيل لإسعاد الإنسان.
    لقد رجحت في المدنية الحديثة كفة المادية، فيجب أن نضع في الكفة الخفيفة روحانية كثيرة حتى تتوازن؛ ولكن ما هذه الروحانية التي نريد وضعها؟
    لو فعلنا ذلك لزالت أكثر شرور المدنية الحديثة من حروب وعطلة وتناحر بين العمال وأرباب الأموال، ولتعاون الشرق والغرب، ولشعر الإنسان بأن أفق تفكيره اتسع، وأفق شعوره اتسع، وشعر أن الأرض كلها وطنه، والناس كلهم إخوانه، ولشاع الحب في جو الأرض، وأصبحنا نستنشقه مع الهواء.
    وما لم نصل إلى هذا الحد فالمدنية مجموعة أكاذيب.
    ==================
    روى الذهبي في كتابه العظيم "سير أعلام النبلاء" في ترجمة سليم بن أيوب الرازي (13/ 265)، ما حكاه سليم عن نفسه: أنه ذهب وهو صغير إلى الملقن (المحفظ) ليحفظه القرآن، فطلب منه أن يقرأ الفاتحة، قال فعجزت لعجمة لساني، فقال لي الملقن: هل لك من أم؟ قلت: نعم. قال فاسألها أن تدعو لك أن يحفظك الله القرآن ويعلمك العلم.. فرجعت إلى أمي فسألتها ذلك.. فدعت لي.
    فيسر الله تعالى له أن يدخل بغداد فيتعلم العربية ويحفظ القرآن والحديث، ويتفقه على علماء الشافعية في العراق، حتى برز وصار إماما، ثم رجع إلى بلاده فجلس يعلم الناس..

    الأبناء هم قرة العيون، وبهجة النفوس.. وهم زينة الحياة، ومنة الإله (المال والبنون زينة الحياة)(الكهف:46)..
    وكلنا يسعى في تربية ولده وصلاحه، ولا تتم لنا سعادة حتى نراهم صالحين مطيعين لربهم نافعين لأنفسهم ودينهم وأوطانهم.

    وإن من أعظم أسباب صلاح الذرية ـ بعد الأخذ بالأسباب المادية ـ كثرة الدعاء لهم والتضرع إلى الله ليصلحهم.

    منهج الأنبياء
    وهذا الدعاء للأبناء هو منهج السادة الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وهم أعلم الناس بطرق التربية الصحيحة، وأحرص الناس على أولادهم وما يصلحهم.. وقد كانوا صلوات الله عليهم يدعون الله لأبنائهم بالصلاح قبل ولادتهم وبعدها.

    هذا إبراهيم عليه السلام يدعو الله ويقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)(الصافات:100).

    وزكريا يدعو بعد أن كبرت سنة وامرأته عاقر: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(آل عمران:38).
    وهو القائل: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)(مريم:5، 6).
    والوراثة هنا وراثة النبوة والدعوة وليست وراثة المال وحمل الاسم، لأن الأنبياء لا يورثون كما قال صلى الله عليه وسلم: (نحنُ معشرَ الأنبياءِ لا نورَثُ ما ترَكناهُ فهو صدقةٌ) وهو في البداية والنهاية، وأصله في صحيح مسلم قال: (لا نورَثُ ما ترَكناهُ فهو صدقةٌ).

    وامرأة عمران رضي الله عنها لما علمت أنها حملت دعت ربها سبحانه وقالت: (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(آل عمران:35).

    فاستجاب الله دعاءهم، ووهبهم الذرية الطيبة.. فهل توقفوا عن الدعاء لهم؟ لا.

    هذا إبراهيم عليه السلام يدعو لأولاده ويقول: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)(إبراهيم:35)، ودعا لهم أيضا بقوله: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)(إبراهيم:40).

    ولما وضعهم عند البيت دعا ربه بالدعاء المشهور: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(إبراهيم:37).
    فدعا لهم بصلاح الدين، وسعة الرزق، ومحبة الخلق، وأن يكونوا من الشاكرين.

    وامرأة عمران لما وضعت وخرج المولود أنثى، لم يمنعها ذلك أن تَهَبَها لخدمة بيت المقدس، وأن تدعوَ ربها ليحفظها ويُنبتَها نباتًا حسنًا، بل دَعَتْ بما هو أكبر من ذلك؛ فقالت: (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(آل عمران:36).
    فكانت ثمرة هذه الأدعية ما تعلمون.

    النبي يعلم أمته
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو سيد النبيين ـ يعلم أمته هذا الأمر، فيأمرهم بالدعاء لذرياتهم قبل مجيئهم وبعد أن يرزقهم الله إياهم.
    روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَمَا لو أنَّ أحَدَهُمْ يَقولُ حِينَ يَأْتي أهْلَهُ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بيْنَهُما في ذلكَ، أوْ قُضِيَ ولَدٌ؛ لَمْ يَضُرَّهُ شَيطانٌ أبَدًا).

    وكان صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بأن يكثروا من الدعاء لأولادهم، ويعلمهم أن دعوة الوالد لولده مستجابة لا ترد: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ)(البيهقي وحسنه الألباني).

    وكان هو عليه صلوات الله وسلامه يدعو لأحفاده، الحسن والحسين ويعوذهما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.

    سبيل المؤمنين
    والدعاء للأبناء كما أنه منهج الأنبياء الكرام كذلك هو منهج عباد الرحمن؛ فقد وصفهم الله تعالى بذلك فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)(الفرقان:74).
    قال أهل التفسير: "يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده ويعمل بطاعته، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة".
    قال عكرمة: "لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين".

    وفي سورة الأحقاف حكاية عن المؤمنين قولهم: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(الأحقاف:15).

    الفضيل وابنه
    كان الفضيل بن عياض سيدا من سادات هذه الأمة، وكان كثيرا ما يدعو الله لابنه علي ويقول: "اللهم إني اجتهدت في تربية علي فلم أقدر.. فربه أنت لي".. فما زال يدعو حتى قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "خير الناس الفضيل بن عياض، وخير منه ابنه علي".
    وقال سفيان بن عيينة: "ما رأيت أحدا أخوف من الفضيل وابنه"..

    فدعوة الوالدين لها دور كبير في صلاح الأولاد، فلنكثر من الدعاء لأبنائنا؛
    فكم من دعوة يسرت عسيرا، وفتحت مغلقا.
    وكم من دعوة ردت شاردا، وقربت بعيدا، وأصلحت فاسدا، وهدت ضالا.
    وكم من دعوة دعا بها أب لابنه فسعد بها الابن، وسعد به أبوه في الدنيا والآخرة.

    فاللهم هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
    ================
    الحياة الزوجية ليست لقاءً عابرا، أو صحبةَ يوم أو يومين، وإنما هي صحبةٌ الأصل فيها الديمومة، فهي شراكة طويلة وحياة ممتدة لسنوات في الغالب طويلة، وإذا لم تكن هذه الحياة مطمئنة سعيدة كانت عبئا على أصحابها وباب هم وغم ونكد، ولذلك أمر الإسلام بكل ما يلزم من أسباب السعادة والهدوء والدعة والاستئناس بين الزوجين خاصة، وأفراد الأسرة عامة .. ومن أهم أسباب السعادة والاطمئنان ما أمر الله تبارك وتعالى به الأزواج من حسن المعاشرة والتلطف قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19].

    وإنما خص الله تعالى الرجال بهذا الأمر، وإن كانت النساء أيضا مأمورات به، لأن المرأة هي الطرف الأضعف في هذه الشراكة، وهي الأكثر احتياجا لهذا من الرجل، وأيضا لطبيعتها التكوينية والنفسية فهي أكثر تأثرا به وتفاعلا معه، ثم للمردود الحسن لمن يحسن إليها.. إلى غير ذلك من العواقب المحمودة لحسن العشرة.

    وحسن العشرة باب واسع تندرج تحته تفصيلات كثيرة، ونحن نذكر بعض ذلك ولا يخفى عدم الحصر:
    ا. التلطف والمداعبة:
    كما كان النبي صلوات الله وسلامه عليه، يتلطفُ مع زوجاتِه، ويُحسنُ عشرتَهنَّ، بل كانت له في ذلك لمساتٌ رقيقةٌ، فمن ذلك:
    . أنه كان يختارُ لزوجتِهِ اسمَ تدليلٍ (دلع) تلطفاً وتقربا وتحببا فكان يقول لعائشة : ((يا عائش)).

    . وكان يتعمَّدُ أن يشربَ أو يأكلَ منَ الموضعِ الذي شرِبَتْ زوجتُه منه أو أكلَتْ، فعن عائشة قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في، فيشرب.. وأتعرق العِرق، وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في).[رواه مسلم].
    ومعنى أتعرَّق العرق: "يعني آخذ اللحم من العرق بأسناني، وهو عظم أخذ معظم اللحم منه وبقيت عليه بقية، والمراد هنا العظم الذي عليه اللحم".
    والحديث فيه أَرَقُّ وأجمل وأعلى أنواع الملاطفة والمجاملة والتودد والتحبب. فصلى الله عليه وسلم.

    في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك).
    ومعنى الحديث: أنه يؤجر على ما ينفقه في نفقة زوجته..

    وروى البخاري في صحيحه في "باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل": عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يَلعَقها أو يُلعِقَها). قال الإمام النووي : "المراد إلعاقُ غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم وولد".

    ب ـ المسابقة والملاعبة
    أخرج أبو داودَ، والنسائيُّ عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالت: خرجتُ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا خفيفةُ اللحمِ فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِهِ: (تَقدَّمُوا) ثمَّ قالَ لي: (تعالي حتى أسابِقَكِ فسَابَقَنِي فَسَبقْتُهُ)، ثم خرجتُ معَه في سفرٍ آخرَ، وقد حملتُ اللحمَ فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِه: (تَقدَّمُوا) ثم قال لي: (تعالي أُسَابِقَكِ) فسابَقَنِي فسَبَقَنِي فضربَ بيدِهِ كَتِفِي وقالَ: (هذهِ بتلك).

    ج ـ المؤانسة والمجالسة:
    وذلك بأن يفرغ كل من الزوجين من وقته ليجلس مع الآخر، فيتحدثان أو يعملان عملا مشتركا، ويستمع كل منهما للآخر، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع زوجاته..
    فقد روى الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه).

    ومن أشهر شيء في ذلك حديث أم زرع الطويل الذي قصته عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم فجلس يسمع من غير ضجر، ويستمتع من غير ملل، حتى علق عليها في آخر الحديث ليدل على اهتمامه بسماعها وكلامها، واستمتاعه بذلك وعدم السآمة.. فاختار أحسن الأزواج وشبه نفسه به وقال: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلق).

    ومنه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يضَعُ رأسَهُ في حِجري وأنا حائضٌ ويقرأُ القرآنَ)[ابن ماجه].
    وفي الحديثِ: حُسْنُ عِشْرةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُراعاتُه لأحوالِ زوجاتِه، وكريم شمائله وأخلاقه.

    د ـ المدح والإطراء:
    المدح إكسير الحياة الزوجية، والمرأة تحب أن تسمع كلام الإطراء والثناء، ويسعدها أن يتغزل بها زوجها، وكذا الرجل، والأذن تعشق قبل العين أحيانا...
    وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أروع مثال: فكان يمتدح عائشة ويقول: (فضل عائشةَ على النساء ِكفضل الثريدِ على سائر الطعام)[متفق عليه].

    وروى البخاري بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: (يا عائشُ! هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته...).

    وسأَلَته يوما: (يا رسول الله من من أزواجك في الجنة؟ قال: أما إنك منهن؟)[رواه الحاكم وصححه].
    وروى البيهقي في دلائل النبوة، وأبو نعيم في حلية الأولياء عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله وكنت أغزل، قالت: فنظرت إليه، فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا، قالت: فبَهِتُّ، فنظر إلي فقال: ما لك بهت؟ فقلت: يا رسول الله نظرت إليك فجعل جبينك يعرق وجعل عرقك يتولد نورا، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بقوله بشعره. قال: وما يقول يا عائشة أبو كبير الهذلي؟ قلت: يقول هذين البيتين:
    ومبرأٌ من كلِّ غُبَّرِ حيضةٍ .. .. وفســادِ مرضعةٍ وداءٍ مُغْيِلِ
    وإذا نظرتَ إلى أَسِرَّةِ وجههِ .. برقَتْ كبرقِ العارضِ المتهّللِ
    قالت: فوضع صلى الله عليه وسلم ما كان بيده وقام إلي وقبل ما بين عيني وقال: جزاك الله خيرا يا عائشة ما سررتِ مني كسروري منك)[الحلية: 2/46].

    هـ ـ إظهار المحبة
    وإذا كان بعض الرجال يأنف أو يستحي من ذكر ذلك، فقد كان أكرم الناس يفعله ويعلنه:
    جاء في الصحيح أن عمرو بن العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: (أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قال أبوها)[البخاري].

    وقد كان هذا مشهورا بين الصحابة رضوان الله إليهم، حتى كانوا (يتحرون بهداياهم يوم عائشة. يبتغون بذلك مرضاة رسول الله)[رواه مسلم].

    وجاءته فاطمة ابنته يوما فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة... فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟ فقالت: بلى. قال: فأحبي هذه)[رواه مسلم].

    فصلوات الله وسلامه عليه، ما مر على ظهر الأرض أفضل ولا أكرم ولا أكمل ولا أحسن معاشرة لزوجه وأهله منه كيف لا وهو القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)(رواه الترمذي وابن ماجه).
    فعلى المسلمين أن يتعلموا من نبيهم ويأتسوا به {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب:21).
    copied
                  

07-28-2022, 03:16 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    فضل العربية.. وضرورة تعلمها

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـد:
    "فإن اللغة العربية هي وعاء الكتاب الخالد بها أنزل وحفظ.. وكل متعلم ومعلم في حاجة إليها؛ لأنها أساس كل علم ومناطه؛ فاللغة العربية خير اللغات والإقبال على تفهمها من العبادات؛ إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين؛ كما أنها أمتن اللغات وأوضحها بيانا وأذلقها لسانا وأمدها رواقا وأعذبها مذاقا، ومن ثم فقد اختارها الله تعالى لأشرف رسالة ولخاتم أنبيائه، وجعلها لأهل سمائه وسكان جنته، وأنزل بها كتابه المبين، وهي لغة الإيجاز والبيان والإعراب والبلاغة والفصاحة.

    ولغتنا العربية تمثل المضمون الروحي لشخصيتنا العربية وهي مناط قوميتنا وأساس تراثنا؛ ومادة ثقافتنا وحضارتنا، وهي مستودع رسالة السماء الخالدة؛ وبهذا فهي لا تنفصل عن الدين فقد سارت في ركاب الإسلام؛ وحلت حينما حل؛ فكانت أداة التواصل الروحي والبدني والديني والفكري بين الأمم والإسلام.
    والمسلم يحتاج إلى لغته العربية ليفقه دينه ويؤدي العبادات المفروضة عليه ولكي يأخذ دينه من منبعه الأصيل؟"(من كتاب: في فضل اللغة العربية).

    ويكفي اللغة العربية فضلا أنها لغة القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} {الشعراء:192-195}.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: "اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون".(اقتضاء الصراط المستقيم).

    وقد فضلت اللغة العربية بالقرآن الكريم، وبه شرفت وارتفعت وخلدت وعلت، كما استطاعت أن تكون أداة طيعة لآيات الذكر الحكيم، ومعانيه العظيمة، وذلك بأساليبها التعبيرية الفائقة البديعة.

    يقول الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسيرقوله تعالى {إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون}(يوسف:2): "وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات، وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان، فكَمُل من كلّ الوجوه"(تفسير ابن كثير:3/121).

    ولهذا كانت العلاقة عضوية وأساسية بين اللغة العربية والقرآن الكريم، فاللغة وعاء الكتاب الخالد، بها نزل وحفظ وخلد، والقرآن الكريم شرفها ورفعها وزادها فخرا وثراء وعظمة؛ ولذا فكل مسلم محتاج إلى هذه اللغة الشريفة؛ ليفقه دينه ويؤدي العبادات المفروضة؛ ولكي يأخذ الدين من منبعه الأصيل.. كما أن كل عالم ومتعلم في حاجة لهذه اللغة لأنها الأساس لكل علم ومناطه.

    يقول الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله: "وإنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها، ورسائلها" من كتاب"الفوائد المشوق إلى علوم القرآن".

    وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد -صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها ..".

    وقال أبو منصور الثعالبي في كتابه (فقه اللغة وسر العربية): "ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإيمان، وأتاه حسن سريرة فيه اعتقد أن محمداً خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال عليها وعلى تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم".

    قال الأستاذ مصطفى صادق الرافعى – رحمه الله – فى كتاب ” وحي القلم 3/33”: "ما ذَلّت لغةُ شعبٍ إلا ذلّ، ولا انحطَّت إلا كان أمرُهُ فى ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرِضُ الأجنبيُّ المستعمرُ لغتَه فرضاً على الأمةِ المستعمَرَة، ويركبهم بها ويُشعرهم عَظَمَته فيها، ويَستَلحِقُهُم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً فى عملٍ واحدٍ: أما الأولُ: فحبْسُ لغتهم فى لغتِهِ سِجناً مؤبداً. وأما الثاني: فالحكمُ على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً. وأما التالثُ: فتقييدُ مستقبلهم فى الأغلالِ التى يصنعُها، فأمرهم من بعدِها لأمرِهِ تَبَعٌ".

    وسيلة فهم الشريعة:
    ويقول الأستاذ أحمد حسني: "إن اللغة العربية هي الوسيلة الوحيدة لفهم شريعة الإسلام، ولقد أدرك العرب منذ نزول القرآن مدلول خطابه، وكانوا يدركون تماماً أن العربية من الدين، وأنه لا سبيل إلى فهم العقيدة والتزام الشريعة بغير اللغة العربية".

    يقول أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه “الموافقات” (إن هذه الشريعة المباركة عربية، فمن أراد تفهمها فمن جهة لسان العرب يفهم، ولا سبيل إلى تطلب فهمها من غير هذه الجهة).

    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "إن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا باللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"(اقتضاء الصراط المستقيم:207).

    وقال أيضا: "وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات، وهو التكلم بغير العربية إلا لحاجة، كما نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: (من تكلم في مسجدنا بغير العربية أُخرجَ منه)(الفتاوى:32/255).

    وقال الشافعي رحمه الله: "فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، ومن التسبيح، والتشهد وغير ذلك"(الرسالة:48).

    يقول ابن الأثير رحمه الله: "معرفة اللغة والإعراب هما أصل لمعرفة الحديث وغيره، لورود الشريعة المطهرة بلسان العرب".

    يقول ابن الأنباري: "إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرْط فى رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو، فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره. فرتبة الاجتهاد متوقفة عليه، لا تتم إلا به".

    محبة العربية
    فبان بما سبق فضل اللغة العربية وأهمية تعلمها بل وجوب ذلك كما قال جمع من العلماء، ولو ذهبنا نستقصي كلام الناس في هذا الباب لطال بنا المقام، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. ومن اطلع على كلام أهل العلم تبين له فضل اللغة العربية على سائر اللغات واللهجات، وأنه ينبغي للمسلم أن يحبها أكثر مما يحب أية لغة أخرى.

    قال الإمام أبو منصور الثعالبي رحمه الله: "من أحبّ الله تعالى أحبّ رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن أحبّ النبي العربي أحبّ العرب، ومن أحبّ العرب أحبّ اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحبّ اللغة العربية عُني بها، وثابر عليها وصرف همته إليها، إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد".
    copied
                  

07-29-2022, 01:05 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    غزو ثقافة الاستهلاك والعبث بالأسرة
    عندما يؤرخ الباحثون لمفهوم "ثقافة الاستهلاك" ويدرسون تداعياته الاقتصادية والنفسية والمجتمعية فإن هذا لا يعني أن الإنسان لم يكن يستهلك سلعاً وخدمات في يوم من أيامه، فقد خُلق الإنسان ضعيفاً مفتقراً إلى العديد من الضروريات والحاجات، مجبولاً على التفاخر والتكاثر في الرفاهيات والكماليات، وعندما عاندت الماركسية نواميس الإنسان والحياة الاجتماعية صارت أحاديث ومُزقت كل ممزق.

    إنهم يؤرخون للفترة التي تحول فيها البيع والشراء من عملية اقتصادية ضرورية لسير الحياة وانتظامها، إلى غاية نفسية واجتماعية يسير نحوها الأفراد والشعوب، وكأنها عملية معكوسة لم تعد فيها ثورات الصناعة والاتصالات وتسهيلات التجارة تخدم الإنسان، بل صار مُنتهَكاً باللعب على أفكاره وإعادة تشكيل دوافعه وإدمانه للسلع والأشياء ليبقى خادماً لهذه الوسائل فتبقى هي أيضاً بل تزدهر وتتوسع.
    وفي البداية كانت ثقافة الاستهلاك مبحثاً اقتصادياً، لدراسة أنماط السوق، وتدخلت العلوم النفسية والاجتماعية لخدمته أيضاً بهدف تسويق السلع، حتى بدأت آثاره السلبية تظهر وتتعاظم في مناحٍ مختلفة، بدءاً من الفقر والاكتئاب والإدمان واختلال القيم وحتى الإضرار الكبير بالبيئة.
    النزعة الاستهلاكية وفقاً ليانيس جبريل وتيم لانج (1995م) تشمل خمس دلالات واضحة، هي: مذهب أخلاقي، ووسيلة لترسيم الوضع الاجتماعي، ووسيلة للتنمية الاقتصادية، وتحديد السياسة العامة، وحركة اجتماعية.
    وتعرف بأنها مجموع السلوكيات والمواقف والقيم التي ترتبط باستهلاك السلع المادية.

    تاريخ ثقافة الاستهلاك:
    لا يوجد إجماع على التاريخ الذي بدأت فيه ثقافة الاستهلاك، فقد ذهب نيل ماكندريك ورفاقه إلى أن ثقافة الاستهلاك بدأت في القرن الثامن عشر في إنجلترا لتسويق الأزياء مع التغيير في الذوق العام.
    ويلخص دون سلاتر نشأة ثقافة الاستهلاك بقوله: بدأت تلك الثقافة مع انتشار واسع ووفرة للسلع الاستهلاكية في الحياة اليومية للناس من مختلف الطبقات الاجتماعية، وأشعل هذا الاستهلاك تغيرات الذوق العام في الأزياء والمظاهر، ورسخت من خلال تطوير البنى التحتية والمؤسسات والممارسات التي استفادت من الأسواق الجديدة، مثل: الإعلانات، والتسويق.

    النظرة للذات:
    لم يقتصر أثر النزعة الاستهلاكية في الإحساس بالنفس على ربط التقدير والمكانة والرضا بامتلاك الأشياء والحصول المستمر على المزيد منها، وإنما تعدى ذلك إلى "تسليع" الذات.
    وأثرت المادية والضغط الاستهلاكي في نظرة الإنسان لنفسه، في تقديره لها وإحساسه بمكانته، فامتلاكه للأشياء وحصوله عليها أصبح يحتل مكانة عليا في إحساسه بالرضا والأمان والثقة، ليس هذا فحسب بل أصبح ينظر لجسده على أنه شيء مادي خاضع للتقييم والمقارنة.
    تتلاعب الإعلانات بـ"صورة الجسد" فتضع الناس تحت ضغط صور مثالية، ثم تقدم عروضاً ترويجية للجسم بإفراط في التبسيط والتخييل، تصور تقنيات التخسيس وجراحات التجميل والملابس وأدوات الزينة وغيرها على أنها ستجعل الناس ينظرون للشخص نظرة مختلفة، وستسهل طريقه للمتعة المنشودة.

    التمحور حول المتعة:
    ثقافة الاستهلاك ترسخ للمتعة على أنها هدف محوري ونهائي، يقول باتشر: "لم يعد الأبطال الشعبيون هذه الأيام الأقوياء الذين يبنون الإمبراطوريات ويقدمون اختراعات ويتفوقون في مجالات الحياة المهمة، وإنما المشاهير ونجوم السينما والمطربين الذين يتصفون بالجمال الخارجي ويعتنقون فلسفة المتعة بدلاً من الانضباط والكد".
    مكنت هيمنة وسائل الإعلام المرئية لخلق نمط حياة غامض وجذاب مرتبط بالسلع، وبعض الموضوعات تتكرر في الإعلانات وتوجه ثقافة المستهلك نحو سلع تمنحه إياها، مثل: الشباب، والجمال والطاقة واللياقة البدنية، والحركة، والحرية، والرومانسية، والتفرد والفخامة والمتعة.
    تضع ثقافة الاستهلاك الإنسان في أزمة مع جسده وصورته ومظهره، وتقدم نمطاً مثالياً للخروج عن الصفات الطبيعية للجسد البشري، وتقديم صوراً بلاستيكية، تجعل الإنسان في عداء مع التغيرات الطبيعية الطارئة عليه، وربطها بالمهانة وفقدان المكانة والسعادة، فالثقافة الاستهلاكية تتعامل مع الجسد وتعرضه كوسيلة للمتعة، وتربط بين ذلك وبين ضرورة تمتعه بصورة مثالية يتحقق فيها الشباب والصحة والجمال والرشاقة، وفي سبيلها يظل الإنسان أسيراً للشراء، ودائراً في دوامة استهلاكية لا تتوقف.

    ثقافة الاستهلاك قوانين جديدة:
    للاستهلاك قيمه وقوانينه، وحالة الإغراق في الاستهلاك تتناسب عكسياً مع الحفاظ على المقتنيات وإصلاحها وتطويرها، مدمن الاستهلاك لا يعرف كيف يصلح شيئاً، بل يلقي به ويشتري غيره مهما كان العطل بسيطاً، فلم يعد الإصلاح مهارة وذكاء، بل ربطته ثقافة الاستهلاك بصفات ذميمة مثل البخل وضيق الأفق.
    ولنتخيل إنساناً يزدري فكرة إصلاح الموجود، لصالح شراء الجديد؛ كيف ستكون علاقاته الاجتماعية! إن منظومة القيم التي ينتهجها إنسان ما لا تؤثر على جزء من حياته دون آخر، والعادات السلوكية لا ينحصر تأثيرها في زاوية واحدة، ومن هنا فإن ثقافة الاستهلاك ليست عادة في التسوق فحسب، وتداعياتها لا تقتصر على الجانب الاقتصادي وحده، بل تتعداه إلى أمور أخطر مثل التعامل مع الإحباط، وطريقة تقييم الأشياء، وسلم الأولويات، ومعايير تقدير الشخص لذاته وللآخرين.

    قيمة الصبر في مواجهة قيم الاستهلاك:
    إن الصبر خلق عظيم، يخطئ البعض بتصوره سكوناً محضاً، فإن الصبر الجميل هو حبس النفس عن التصرفات الحمقاء والكلمات التي لا تزيد المشاكل إلا تعقيداً.. الصبر هو بداية الحل، لأن الصابرين هم الذين يعطوا لعقولهم الفرصة للتفكير الصحيح، ولقلوبهم الطمأنينة للدعاء واليقين.
    تتنافى ثقافة الاستهلاك مع قيمة الصبر، فالصبر يحمل معاني التؤدة والتروي والنظر في الأمور من أوجهها المختلفة، الصابر لا يطيش مع الدعاية، ولا يسارع بإنفاق المال لضغط إعلان قبل أن ينظر في نفسه هل يحتاجه بالفعل؟ وهل يلبي هذا الشيء احتياجه، ومن يفعل ذلك لن يدور في دوامة الاستهلاك. كما أننا نجد أن العلاقات الإنسانية في الإسلام قائمة على الصبر، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}.
    والمتأمل للعلاقات الإنسانية عموماً، والزواج بشكل خاص؛ يرى بوضوح آثار غزو القيم الاستهلاكية، فمن البداية تقدير ملائمة الرجل والمرأة للزواج ينصرف إلى خصائص "سلعية" تركز على جاهزية كل منهما لإحضار أكبر كم من الأشياء والسلع، فبيت الزوجية يُبنى على "الأشياء" وليس "القيم والأخلاق".

    مرتكزات المسلم في دوامة الاستهلاك:
    1ـ تعزيز قيم التوسط والاعتدال، والتأكيد على القاعدة الكلية القرآنية في الإنفاق بشكل عام، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}.
    2ـ تغيير النظرة للمال من اعتباره وسيلة للمتعة وهو منطلق الثقافة الاستهلاكية، ومن اعتباره مصدراً للأمان وهو مدخل البخل والمنع، إلى التركيز على كونه أمانة سيسأل عنها الإنسان بين يدي الله: (وعنْ مالِهِ منْ أينَ اكتسبَهُ وفيم أنفقَه).
    فالمسلم يتعامل مع المال على أنه أمانة، ولا يتنافى هذا مع حصوله على نصيبه من الدنيا والتمتع بالطيبات، ولا مع الادخار: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) (البخاري).
    3ـ تعزيز ثقافة الشكر، فخير ما تواجه به ثقافة الاستهلاك إعلاء ثقافة الشكر، والتي هي مرتكز إسلامي أصيل؛ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، الشكر ابتداء من تقدير النعم وتعظيم الامتنان للخالق الوهاب، وعمل القلب واللسان حمداً وثناء ومحبة، وعمل الجوارح بالحفاظ عليها واغتنامها وإعانة المحروم واستثمارها في الخير، فالعقلية الشاكرة تحفظ وتراعي لأنها في الأصل تقدر وتمتن، وهي تقدر النعم جميعها، وتعي أن العلاقات فتنة ليست فقط بالبلاء والأذى، وإنما بالنعمة والصبر على الشكر وأداء الحقوق ورعايتها.

    4ـ إعلاء القيم والمعاني فوق الأشياء، إذ تحتاج المجتمعات في مواجهتها لغزو الاستهلاك وربط السعادة والمكانة بالسلع والشراء إلى التنبه والتصحيح المستمر للأفكار والصور الدخيلة، وعدم الملل من إرساء المفهوم القرآني للكرامة: {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
    ومن ذلك إعادة الاعتبار للمهارات فوق الماديات، والإعلاء من قدرات الإصلاح والترميم والتطوير. وإعلاء قيمة العمل فوق الشراء، وعدم الاحتفاء بما يقتنيه الإنسان وإنما بما ينتجه.
    5ـ تحرير مفهوم المتعة:تلعب الثقافة الاستهلاكية على وتر المتعة، وذلك من خلال أمرين،
    الأول: تضييق أفق المتعة بحصرها في موضوعات معينة، وتحويل المتع الشعورية إلى مسارات جسدية أيضاً.
    والثاني: ربط الحصول على هذه المتع مادية وشعورية بشراء ما ليس لديك، بالحصول على ما تفتقده، فيبقى الإنسان رضيعاً لا يُفطم أمام إغراء الجديد، وكأن لديه حاجة فعلية وماسة للشراء، بينما هي حاجة وهمية اكتسبت قوتها من ارتباطها بمفهوم المتعة.

    لذا فإن المواجهة ينبغي أن تعمل على المسارين: بإعلاء قيم المتعة الروحية والفكرية، والتوجيه نحو استغلال الموجود والمتاح، ونشر الوعي بأن الرضا هو أولى خطوات الاستمتاع بالحياة، وفك كل ارتباط بين الحصول على متعة ما وبين السلع، وكذلك بين السعادة والمثالية المزعومة، فالصحة والشباب والجمال لا تكتمل، ولا يعني نقصانها غياب السعادة، كما أنها لا تقبع في مشروب أو مسحوق.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الأستاذة مي عباس بـــ"تصرفـ" في المقال
                  

07-30-2022, 02:37 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عن القوامة.. بعيداً عن غبار المعارك
    القوامة من أكثر القضايا التي ثارت لأجلها معارك في العقود الأخيرة، حتّى غدت حصان طروادة الذي يتمّ استخدامه لاختراق الحصون، كما غدت قميص عثمان الذي يستتر وراءه الكثيرون تحت عنوان الانتصار للمرأة ولكنّ الغاية أكبر وأدهى وأمرّ.

    المهم هو أن يكون البحث في هذه القضيّة بعيداً عن ضغط المناكفة والمناكفة المضادّة، وبعيداً عن فكرة الردّ والردّ المضادّ، وبعيداً عن الرغبة الجامحة في إفحام الخصم، فإنّ غبار المعارك يحجب عن العيون والبصائر الكثير من الحقائق.

    "قوّامون".. حلّ عقدة المعنى:
    القرآن الكريم نزل بلسانٍ عربيّ مبين، وتحرير معاني ألفاظه لا بدّ أن يستندَ إلى اللّغة العربيّة، ولا ينبغي في هذا المجال قبول معانٍ لم تقرّها العربيّة يوماً من باب التشهّي المقترن بالجهل باللّغة.

    قوّامون: صيغة مبالغة من الفعل قام، واقترن بحرف الجرّ "على". وفي اللّغة قام على الشيء: أي خدمةً ورعاية، وجاء لفظ القيام لما فيه من تعبٍ وجهدٍ في الخدمة، فتقول العرب: قام الرّجل على ضيوفه، أي تعب في خدمتهم ورعايتهم، وجاء اللفظ في الآية "قوّامون" للدلالة على المبالغة في الرّعاية والحماية والصيانة والتعب في الخدمة من الرّجل لزوجته وأهل بيته.

    قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن":[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ] أي يقومون بالنّفقة عليهنّ والذّبّ عنهنّ".

    وجاء في "فتح القدير" للشّوكاني: "والمراد أنّهم يقومون بالذّبّ عنهنّ كما يقوم الحكّام والأمراء بالذّبّ عن الرّعية، وهم أيضاً يقومون بما يحتجن إليه من النّفقة والكسوة والمسكن، وجاء بصيغة المبالغة في قوله "قوّامون" ليدلّ على أصالتهم في هذا الأمر".

    ويقول الشّيخ الشّعراوي في معرض تفسيره للآية: "ولنفهم ما معنى "قوَّام"، القوَّام هو المبالغ في القيام، وجاء الحق هنا بالقيام الذي فيه تعب، وعندما تقول: فلان يقوم على القوم؛ أي لا يرتاح أبدا. إذن فلماذا يُفهَم معنى [قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ] أنه كتم للأنفاس؟ لماذا لا يُؤخذُ على أنه سعى في مصالحهن؟ فالرجل مكلف بمهمة القيام على النساء، أي أن يقوم بأداء ما يصلح الأمر".

    فالقوامة إذن في أصلها مفهوم يدلّ على ضرورة تعب الرّجل في القيام بخدمة محيطه من النساء؛ أمه وأخته وزوجته وابنته، ورعايتهن والذّود عنهن وحمايتهن والقيام بمصالحهن.

    مأسسةُ الأسرة:
    يتعامل الإسلام مع الأسرة على أنّها مؤسّسة من أهمّ مؤسّساته إن لم تكن الأهم على الإطلاق، وقد عمل الإسلام على ترسيخ البنية المؤسّسية في المجتمع الإسلاميّ، ابتداءً من مأسسة الأسرة وصولاً إلى مأسسة الدّولة.
    ومن بديهيّات المأسسة أن يكون هناك هيكليّة مؤسّسية وتوصيفات وظيفيّة، ووضع آليّات التّعامل للحفاظ على بنية المؤسّسة قائمةً ولتحقّق زيادة فاعليتها في الواقع والحياة.

    فالقوامة تعني رئاسة مؤسّسة الأسرة، والقيام على شؤون إدارتها، هذه الإدارة التي تستند إلى الشورى، فإنّ أهم ركن في العقل المؤسسي في الإسلام هو تكريس الشورى في كلّ تفاصيل العمل المؤسّسي.

    فالقوامة هي مسؤوليّة تقوم على الخدمة والقيام بالمصالح، ورئاسةٌ تقوم على الذّب والحماية، وهي حالةٌ وظيفيّة تكليفيّة لا تشريف فيها ولا تفضيل، وإنّما هي القدرة على القيام بمسؤوليّة الخدمة والحماية وإدارة الأسرة استناداً إلى الشّورى.

    والمرأة لها توصيفٌ وظيفيّ تخصصي ضمن مؤسّسة الأسرة، وهو أيضاً يقوم على الرّعاية والصّيانة وتحقيق مصالح المؤسّسة.

    لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحديث المتفق عليه: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا).

    إنّ هذا التخصص الوظيفي مهمّ لحماية الأسرة، فأيّة مؤسّسة فيها رأسان مصيرُها إلى الضياع والفشل، وكون المسؤوليّة موكلة لشخصٍ ما في المؤسّسة فهذا لا يعني على الإطلاق الأفضليّة الدّينيّة أو حتّى الأفضليّة العقليّة، وإنّما القدرة على خدمة هذا الموقع وإدارته والقيام بحقّه، وهذا ملاحظ ملموس في عموم المؤسّسات في الكون كلّه.

    رئاسةٌ شوريّةٌ لا استبداد فيها:
    من المشكلات التي تكتنف التّعاطي مع القوامة وصفها أنّها رئاسةٌ للأسرة، فتثور شريحةٌ من النساء من هذا الوصف رفضاً وشعوراً بأنّه تكريسٌ للقهر والاستعباد والاستبداد.

    وقد ورد هذا الوصف في عبارات الفقهاء والمفسرين الأقدمين، ومن ذلك ما قاله الخطيب الشربيني، وهو من أعلام الفقه عند الشّافعيّة وله كتاب في التفسير: [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ]، قوّامون: أي يقومون عليهنّ قيام الولاة على الرّعيّة.

    ومّما استقرّ في الوعي الجمعيّ وجود نفورٍ من هذا الوصف لما يعانيه النّاس من الاستبداد السّياسيّ اليوم، فنرى حالةً من رفض الوصف لما يتجسّد فيه من معاني الاستبداد القائمة، ولعلّ بعض الرّجال فهموا أنّ القوامة تعني أنّهم ولاةٌ وحكّام على نسائهم، فراحوا يطبّقون عليهنّ ما يخضعون له من سياسات استبداد حكّامهم ومسؤوليهم.

    وهنا لا بدّ من التأكيد على أنّ الفقهاء حين يتحدّثون بأنّ الرجال يقومون مقام الولاة على الرعيّة، فهم يقصدون بذلك صورة الولاة التي أرادها الإسلام بأن يكون الوالي خادماً لرعيّته حامياً لهم آخذاً بأيديهم إلى الخير، ولا يستطيعُ إيقاع أيّ نوعٍ من أنواع الظّلم قليله وكثيره عليهم.

    فالقوامة تتنافى مع الاستبداد، ولا تعني بحال من الأحوال التفرّد المطلق، ورفض الشّورى، وإلغاء شخصيّة المرأة بذريعة القوامة، وعند وقوع ذلك من الرّجل فليس الحلّ إلغاء القوامة كما ينادي بذلك البعض، فهل سمعتم أحداً ينادي بإلغاء وظيفة رئيس الدّولة بسبب استبداد الحاكم؟ بل الحل هو ترشيد الجاهل وتعليمه والأخذ على يد الظّالم وتقويم اعوجاجه.

    يقول سيّد قطب في الظلال: "إن هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصيّة المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني؛ ولا إلغاء وضعها "المدني"، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة، وصيانتها وحمايتها. ووجود القيّم في مؤسسة ما، لا يلغي وجود ولا شخصيّة ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها. فقد حدّد الإسلام في مواضع أخرى صفة قوامة الرجل وما يصاحبها من عطف ورعاية، وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله، وآداب في سلوكه مع زوجه وعياله".

    تفاضل تخصّصي متبادل لا أفضليّة جنسيّة:
    بعد أن بيّن الله تعالى أنّ: [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ]، بيّن أنّ هذه القوامة [بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ]. وقد فهم العديدون أنّ هذا يعني تفضيل الرّجال على النّساء بما يملكونه من سماتٍ ذاتيّة، غير أنّ البيان الإلهيّ البديع والمعجز لم يقل "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بما فضّلهم الله عليهنّ"، بل قال: "بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ"، وهو تفضيل متبادل، تفضيل للرّجال على النّساء في جوانب وتفضيل للنّساء على الرّجال في جوانب أخرى.

    يقول الشّيخ الشّعراوي: "ونلحظ أنه ساعة التفضيل قال: [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ]. لقد جاء بـ"بعضهم" لأنّه ساعةَ فضّل الرجل لأنه قوّام فضّل المرأة أيضاً لشيء آخر، وهو كونها السكن حين يستريح عندها الرجل وتقوم بمهمتها".

    فهو عمليّاً تفاضل تخصّصي تكامليّ؛ فالرّجال يفَضلون على النّساء في قدرتهم على الكدح والعمل والحماية والتّعب وتحصيل مصالح الأسرة في الواقع، والنّساء يفَضلن على الرّجال في إدارة الشّؤون الدّاخليّة للمنزل وتنشئة الأبناء وتحقيق الأمن الدّاخلي، فهو تفاضل تكامليّ لتحقيق تكامل الأداء وتوازنه.

    يقول الشّيخ محمد علي الصّابوني في "روائع البيان.. تفسير آيات الأحكام": "ورد النظم الكريم [بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ]، ولو قال: بما فضّلهم عليهنّ، أو قال: بتفضيلهم عليهنّ لكانَ أوجز وأخصر، ولكنّ التّعبير يورد بهذه الصّيغة لحكمةٍ جليلة، وهي إفادةُ أنّ المرأة من الرّجل والرّجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من جسم الإنسان، فالرجل بمنزلة الرأس، والمرأة بمنزلة البدن، ولا ينبغي أن يتكبّر عضو على عضو لأن كل واحد يؤدي وظيفته في الحياة، فالأذن لا تغني عن العين، واليد لا تغني عن القدم".

    "وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"
    إنّ من صور التّفاضل التخصّصي للرّجال على النّساء هو اختصاصهم بالإنفاق على شؤون البيت، وهو من مقتضيات القوامة الواجبة على الرّجال تكليفاً واجباً؛ لا منّةً وتفضّلاً منه عليهن.

    يقول سيّد قطب في الظلال: "كما أن تكليفه بالإنفاق، وهو فرع من توزيع الاختصاصات، يجعله بدوره أولى بالقوامة، لأنّ تدبير المعاش للمؤسّسة ومَن فيها داخلٌ في هذه القوامة؛ والإشراف على تصريف المال فيها أقرب إلى طبيعة وظيفته فيها".

    ويقول الشّيخ الشّعراوي: "ثمّ تأتي حيثية القوامة: [وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ]، والمال يأتي نتيجة الحركة ونتيجة التّعب، فالذي يتعب نقول له: أنت قوّام، إذن فالمرأة يجب أن تفرح بذلك؛ لأنّه سبحانه أعطى المشقّة وأعطى التّعب للجنس المؤهّل لذلك، ولكن مهمّتها وإن كانت مهمّة عظيمة، إلا أنّها تتناسب والخصلة المطلوبة أولاً فيها؛ الرقة والحنان والعطف والوداعة، فلم يأت بمثل هذا ناحية الرجل؛ لأن الكسب لا يريد هذه الأمور، بل يحتاج إلى القوة والعزم والشدة، فقول الله: "قوّامون" يعني مبالغين في القيام على أمور النساء".

    فإنفاق الرّجل على زوجته والنّساء اللواتي تحت قوامته هو جزءٌ أصيلٌ من مستلزمات القوامة القائمة على الكدح والتّعب والرّعاية والحماية والمسؤوليّة الشّوريّة، فتحقيق الأمن الاقتصاديّ هو مسؤوليّة الرّجل كما هي مسؤوليّته في تحقيق الأمن النّفسيّ للأسرة.

    وقد جاء النصّ على الإنفاق الماليّ بوصفه أحد مستلزمات القوامة لا من باب الحصر، أي لأنّه ركيزة تحقيق القوامة الوحيدة، بل لأهميّته ولبيان عظيم مسؤوليّة الرّجل في القيام به واختصاصه به دون المرأة. فلو كانت زوجته ذات مالٍ تحصّله من عملٍ أو جهدٍ أو كانت موسرة ذات غنى ولو كانت أغنى منه بكثير، فهو الذي يجب عليه الإنفاق بموجب القوامة، وهي لا يجب عليها شيءٌ من ذلك أبداً، وما تقدّمه من إنفاق عن طيب نفسها في بيتها إنّما هو من قبيل التّفضّل والإحسان.

    copied
                  

07-31-2022, 03:57 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا شك أن السعادة في حياتنا هي غاية الغايات، ولكن ما هي السعادة؟
    هي كلمة من تلك الكلمات الغامضة التي لا يمكن أن نعرفها تعريفًا محيطًا دقيقًا، كلمة السعادة ككلمة الشعر ككلمة الحب تلك أشياء يؤمن الإنسان بوجودها.
    يؤمن إيمانًا لا جدال فيه، فإذا أقبل يضع يده على شيء ملموس، وجد أنه يضع يده على شيء أثيري، ولكن السعادة ما دامت هدفًا لكل إنسان، أليس من العجيب أن يكون ذلك الهدف غير واضح ولا مشترك؟ ولقد ألف "برتراند رسل" الفيلسوف الشهير كتابًا ضخمًا عن السعادة، بدأه بالبحث في أسباب الشقاء، ثم أخذ يدلل على أن السعادة هي في تجنب أسباب الشقاء، وهذا منطق معقول ولكنه غير عملي، فإننا يستحيل أن نتجنب أسباب الشقاء حتى ولو عرفناها، إذ كيف نتجنب منغصات العيش وأثقال الحياة وثقلاءها؟ كيف نتجنب الظلم المتأصل في النفوس، والنفاق العريق في الطبائع، والكذب الذي هو من مقررات العصر؟ .

    ثم أخذ "برتراند رسل" يدلل على أن كل من طلب السعادة لنفسه لم يجدها وأنها إنما تحدث كنتيجة لإسعاد الغير؛ أي إن السعادة في رأيه ظاهرة انعكاسية، ولكنه لم يقل لنا ما هي هذه الظاهرة، ولم يقل لنا: ما هي الطريقة لإسعاد الغير، أهي السعي في منفعتهم؟ أهي إشباع مسراتهم؟ أهي منع الضر عنهم؟ ولم يقل لنا: هل مجرد القيام "بالواجب" نحو الآخرين يجعلنا سعداء لأنهم هم أصبحوا سعداء؟ ولم يقل لنا هل الجندي الذي مات في الحرب فداء "الواجب" والرصاص يفتك به أو السيوف تخترط جسده، هل ذلك الجندي مات مسرورًا أو مات سعيدًا؟ وبالأحرى، ما علاقة السرور بالسعادة وما الفرق بينهما.

    وقد ألف الكاتب المشهور الشهير "كوبر بويز" كتابًا دعاه (فن السعادة)، فأخذ في مستهل الكتاب يدلل على أن السعادة فكرة ومن ثم هي شيء لا يعتمد على الشعور الحسي، أي إنها شيء خارج عن ملذات السمع والبصر والشم واللمس!
    وإذا كانت السعادة فكرة، يرجع بنا القهقرى إلى "أرسطو"، ومن طرائفه أنك لا تقول عن حيوان أنه نام سعيدًا، ولا عن طفل؛ لأنه ليس للأول "فكرة" إنسانية، ولأن الطفل لم تنضج عنده الفكرة بعد.
    وقد يقول القارئ: ولكن الفكرة بمعناها الدقيق موجودة عند الحيوان وعند الطفل، فأعود إلى "أرسطو" مرة أخرى، فأراه يعني الفكرة الآتية من جوانب الروح أو بعبارة أخرى: الروح الواعية.

    فأسأل أرسطو مرة أخرى، وهل كل فكرة روحانية واعية تؤدي إلى السعادة، سلمنا معك أن السعادة مسألة روحانية، وبذلك نخرجها من دائرة السرور والملذات الحسية وما أشبه، ولكن هل كل "نشاط روحي" يؤدي إلى السعادة؟ يجيبنا أرسطو قائلًا: كلا، بل "نشاط روحي يؤدي إلى ممارسة الفضيلة والتفوق في ذلك".
    وهو لا شك تعريف جامع عميق، ويكاد يقول لك: إن السعادة تتمثل في من انقطع لهذه الممارسة، ممارسة الفضيلة.
    هذا هو رأي أرسطو، وهو رأي وجيه، ولكن هل يمكن أن يطبق على جميع العصور؟ هل ممكن لأحدما يمارس الفضيلة ممارسة مخلصة أن يعيش في قرننا هذا ويسعد فيه ؟ سيقول قوم: إنه سيكون سعيدًا ما دام عرف غايته وعاش لها وتخصص فيها.
    ولننظر فيما يقول علماء النفس المحدثون، فهم يقولون: إن السعادة هي غاية الحياة، بل غاية الغايات، وإن كل الأهداف الصغيرة مهما اختلت إنما ترمي إلى هدف كبير واحد، هو السعادة بأوفى معانيها.

    فننتقل في الحال إلى الحياة والهدف من الحياة؛ أي إن رسالة السعادة تكون مرادفة لرسالة الحياة، فهل تكون الحياة قد أدت ما يطلب منها إذا اعتزلت الناس، وعاشت في برج عاجي تمارس فيه مثاليتها؟ وكيف تتم هذه الممارسة في برج عاجي؟ ولنفرض أن رجلا بلغ قمة الفضيلة واعتزل في رأس برج، وأخذ ينظر إلى الناس من أعلى، يراهم في أحقادهم واقتتالهم وتكالبهم على الفاني، ماذا يكون أثر ذلك في نفسه؟ أن يرفع رأسه للسماء قائلًا: "رب اهدهم"، وإما أن يدير ظهره إليهم متأسفًا حزينًا، وإما أن ينزل من برجه إليهم، والحالة الأخيرة هي التي نأمل أن يمارسها هذا المنقطع بفكرة أنها فضيلة كبرى أن يختلط بالعامة ليهديهم ويرشدهم.
    هناك حديث نبوي رائع يقول: (كلُّ النَّاسِ يغدو، فبائعٌ نفسَهُ فمُعتِقُها أو موبِقُها) ولا شك أن سيكولوجية الحياة السعيدة هي في كلمة معتقها؛ أي إن الإنسان يتكيف مع الوسط، فلا يبيع نفسه له، ولا يرتكب موبقة بالثورة عليه أو الهدم من كيان المجتمع.

    وبعبارة أخرى: يمشي بزورقه في ذلك البحر الخضم، آونة هادئًا، وآونة مسرعًا، يماشي اللجج ويصانع العاصفة حتى يتعلم الناس الفضيلة، ويأخذوا في ممارستها، وحتى يتعلم الناس أن الفرق بين الإنسان والحيوان هو في الشعور الروحي فقط، وعندئذ يكون قد أدى رسالة الحياة؛ أي رسالة السعادة.
    ولكن كيف يتكيف الإنسان وما هي مقتضيات هذا الميزان؟.

    إن الطريقة الوحيدة هي الطريقة العملية المبنية على الملاحظة والتجربة، فهناك بضع قواعد أساسية للسير في عباب هذا البحر، ويجب أن نلم بها، وأن نفهمها جيدًا، من تلك القواعد أن نفهم أننا نختلط بالناس؛ وداع الخير موجود فننميه، وباعث الشر حاضر فنأخذ بيد الظالم إلى بر الحق ونقذف بالحق على الباطل فنزيله.
    لنكن عمليين إذن، نؤمن أن السعادة نشاط روحي وأن هذا النشاط له علاقة كبرى بالخير والحق، وأن هذا النشاط يستلزم لممارسته عقلية مرنة تعطي وتأخذ، وفي ذات الوقت تحتفظ بطابعها.

    واقصر طريق لثقافة السعادة، أن نقيم أمر الله في نفوسنا ومن يلينا، وهو أمر ليس فيه مشقة ولا حرج، بل مصلحة دائمة وسعادة في الدارين.
    هذه هي السعادة لمن أراد السعادة، والواضح أن ممارسة السعادة بعد ذلك تصبح عادة، على شرط أن يتوفر الإيمان ويتيسر التدريب الطويل.
    =============
    منذ ظهر دين الله في الأرض، وتدافعت أمواجه شمالا وجنوبا وشرقًا وغربًا، وضرب تياره أسوار العالم المحيط به، وطهّر بلادًا كثيرة وغسلها مما فيها من الشرك والكفر والإهلال لغير الله سبحانه، أخذت تتجمع في أطرافه عداوة لا تنام، وبقيت هذه العداوة تنازل جنود الله عامًا بعد عام في ثغور الإسلام.
    ثم احتشدت هذه العداوات المتفرقة في الثغور حشدًا واحدًا، بدأت به الغزوات المتلاحقة التي عرفت في التاريخ باسم الحرب الصليبية، وظلت هذه الحروب مشبوبة قرونًا طويلة، وأداتها السلاح والجيوش والمواقع.

    ثم انتهت حرب السلاح والجيوش، إذ وضع العالم الإسلامي سلاحه، بل أصحُّ من ذلك أن العالم الإسلامي يومئذ لم يكن معه سلاح يضعه أو يرفعه، وإذا كان فيه سلاح، فهو سلاح لا يغني عنه في لقاء هذه الأسلحة الجديدة التي جاءت مع الغزاة، ومن يومئذ انتقلت الحرب الصليبية من ميادين القتال إلى ميدان آخر: هو الحياة نفسها!

    كانت خطة الحرب الصليبية الجديدة هو دك الحياة الإسلامية كلِّها: تدكُّ بناء هذه الحياة، وتدكُّ علمها، وتدكُّ آدابها، وتدكُّ أخلاقها، وتدكُّ تاريخها، وتدكُّ لغتها، وتدكُّ ماضيها، وفي خلال ذلك ينشأ بناء جديد لهذه الحياة، بعلم غير العلم الأول، وأدب غير الأدب، وأخلاق غير الأخلاق، وتاريخ غير التاريخ، ولغة غير اللغة، وماض غير الماضي، ويأتي يوم فإذا الهزيمة واقعة كما وقعت في الميادين، ويصبح العالم الإسلامي وليس معه من الحياة التي كان بها عالـمًا صحيحًا، إلا بقايا لا تغني عنه، كما أصبح يومًا في ميدان الحرب، ومعه بقايا أسلحة لا تغني عنه شيئًا.

    جاءت الغزوات الصليبية الجديدة متلاحقة سريعة نفاذة، تنشر طلائعها الأولى في كل مكان، مزودة بالفهم والإدراك والمعرفة بطبيعة هذا الميدان الجديد، فتلقى قومًا قد سُلبوا الفهم والإدراك والمعرفة لطبيعة هذا الميدان، ولكنهم كانوا بفطرتهم يعلمون أن هذه الطلائع عدو لهم، فقاومهم من قاومهم بما تستثيره الفطرة من بغض العدوِّ والشكِّ فيه، وإن جاء في ثوب المسالم والناصح، وتهاوى آخرون، فوقعوا في حَوْزة العدوِّ، إذ غرَّتهم مسالمته وخدعهم نصحه، وظلَّت هذه الحروب دائرة بيننا وبينهم أكثر من مئة وخمسين عامًا، في سكون وصمت، ولجاجة وحرص، وقوة وحذر، ومعرفة وبصر، حتى بلغ العدوُّ منَّا مبلغًا لم يكن في أول الأمر يظنُّ أنه يبلغه، فقد تهاوى البناء كله فجأة، وأصبحت الحياة الإسلامية أطلالًا يناديها الفناء فتجيب بلا مقاومة ولا عناد.

    ذهب كلُّ شيء يكون للحياة البشرية قوامًا وعمادًا: ذهب العلم والأدب والأخلاق واللغة والتاريخ، وجاءه الغزاة بما يحلُّ مكانه من علم وأدب وأخلاق ولغة وتاريخ.
    ذهب الذي كان ينبع نبعه من كتاب الله، ومن حياة الأمة المسلمة، وسنة رسوله، وجاء الذي ينبع نبعه من الحياة الوثنية القديمة، ومن المسيحية المحدثة، ذهب الذي كان يتحدر إلينا كما تتحدر الوارثات من أصلاب الآباء إلى أصلاب الأبناء، وجاء الذي يتحدر إلينا كما يتحدر السيل الجارف لا يُبقى ولا يذر، ذهب شيء وجاء شيء، فتغيَّر نظرنا وفكرنا، وتغيَّر إدراكنا ومعرفتنا، وتغيَّر شعورنا وإحساسنا، وتغيَّر لساننا وبياننا، فعدنا ننظر في الكتاب الذي هو كتابنا، وأخبار النبي الذي هو نبينا، وآثار الماضين الذين هم آباؤنا، فأنكرنا ما وجدنا في ذلك كله، فطرحه منَّا مَن طرحه وراء ظهره، ولم يبال به، وتهيَّب منَّا مَن تهيَّب فوقف لا يدري ماذا يفعل، وبقيت طائفة لا تطرح ولا تتهيَّب، فطلبت مخرجًا مِن هذا الشيء الذي تنكره إنكارًا خفيفًا، وهو في هذه الصورة التي جاء عليها من التراث الماضي، فرأت المخرج في تجديد التراث الماضي تجديدًا مقاربًا، يطابق الحياة الجديدة من وجوه، وينكر الحياة القديمة من وجوه أخرى.

    ومن يومئذ انقسم العالم العربي والإسلامي إلى طائفتين: طائفة منكرة لا تعبأ شيئًا بالحياة الماضية كلها، وطائفة لم يبلغ بها الإنكار أن لا تعبأ، فالتمست تجديد الحياة الماضية على أسس جديدة، وإذا هذه الأسس التي تريد أن تؤسس عليها، هي في جوهرها مستمدة كلها من الحياة التي أنشأها الغازي الصليبي بين ظهرانينا.

    هذه صورة مصغرة للحياة في العالم الإسلامي الحاضر، لا يدركها المرء حتى يعلم أن العالم الإسلامي مقبل على خطر أبشع من خطر الغزو الصليبي الأول بالسلاح، مقبل على هزيمة منكرة تكون عاقبتها تبديل الإسلام تبديلًا كاملًا حتى لا يبقَى له من ظلِّ الحقِّ إلا ما بقي من ظل المسيحية الحقة في العالم المسيحي الحاضر.

    ودعاة هذا التبديل، علموا أو لم يعلموا، قد تعاوَوْا في كلِّ مكان باسم الدفاع عن الإسلام، وباسم إحياء الإسلام، وباسم تجديد الإسلام، وهم يعملون جاهدين على أن ينشروا دينهم الجديد – كما ينبغي أن يُسمَّى – بجميع الوسائل التي يظنون أنها تُفضي بهم إلى الدفاع عن الإسلام أو إحيائه أو تجديده، وهم على مرِّ الزمن سوف يتركون آثارًا عميقة في حياة العالم الإسلامي الحاضر، وسيتبعهم تابعون يقتفون آثارهم، مبعدين عن النهج الأول الذي بني عليه هذا الإسلام الذي يدافعون عنه أو يحيونه أو يجددونه! بل إن هؤلاء أنفسهم قد كانوا خلفاء لجيل سبق من قبلهم، أعمته الحياة التي بهرت عينيه، وزلزلت عقائده، فطلب كما يطلبون، الدفاع عن الإسلام وإحياءه وتجديده على أسس لم يستمدَّ أصلها من الحق الذي في دينه، بل من أصل بعيد هو الحياة التي يحياها العالم الصليبي الذي غلب وقهر وظهر مجده في هذه الأرض.

    إن هذا الوباء الذي يجتاح العقل الإسلامي والحياة الإسلامية، قد نفذ إلى كلِّ ركن في العالم، وسارت حُمَيَّاه سَوْرة مستبدة بكثير من رؤوس الدعاة.
    وانطلقت الألسنة مسرعة تُريد أن تبني بناء عقليًّا جديدًا لهذا الإسلام الذي تهدَّم بناؤه القديم، فما تجد لسانًا إلا وهو يرسل طوفانًا من الكلام بلا حذر ولا توقف، وكلُّ لسان يرى في الذي يرسله مادة صحيحة لبناء هذا العالم المتهدم.
    وظهر بعض الدعاة (للأسف) ممن هو في الحقيقة منكر للحياة الأولى للإسلام، ولكنه يريد أن يقاوم الفناء بأن يستخرج من نواحي هذه الحياة ما يقنع هو به، ويقنع بعض الناس به: إن في ماضي الإسلام ما يمكن أن يكون مماثلًا للحياة الحاضرة، أو تصحيحًا لبعض أخطاء الحياة الحاضرة، بيد أنه لا يصل إلى ذلك إلا بنظره هو، وتفكيره هو، بصورة يرتضيها هو، ولا يبالي أن يكون استدلاله في غير موضعه، ولا أن يكون فكره قد فسَّر الأشياء على غير ما ينبغي أن تكون عليه، أو على غير ما كانت عليه.

    فأعمال هؤلاء الدعاة، ليست في الحقيقة إلا ضربًا من هذيان هذا الوباء المقرون بالحمَّى، ليس له أصل إلا فَوْرة الدم في المحموم.
    فإذا استمرَّ أمر الإسلام على هذا الذي نراه، فقد انتهى كلُّ شيء، وإذا قُدِّر لهذا العالم الإسلامي أن تعتزل طائفة منه هذا الخبل الخابل، لتعيد النظر في الأصول الصحيحة لدينها، والتي لقي بها هذا الدين عالم الشرك والكفر فدكَّه ومزَّقه، وأقام فيه بناءً قاوم الفناء ثلاثة عشر قرنًا، فيومئذ تبدأ المرحلة الأولى لجهاد طويل شاق، يتحدى طواغيت الكفر بإيمان صحيح، لا تشوبه شائبة من هوى أصحاب الأهواء، بل هو طاعة الله ورسوله، لا يغنى غيرها شيء، {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم }.
    وأعود فأقول: من ظنَّ هذا تشاؤمًا وتثبيطا فليظن ما شاء له الظن! وليس يغني عن الأعمى شيئًا أن تقول له: أنت مبصر بعينين لماحتين.
    ولا عن المغروس في حومة الهلاك أن تقنعه بأنه خالد ليس للموت عليه سلطان.
    =================
    قد جهل الذين قالوا: "إنَّ الكتاب يعرف بعنوانه"، فإني لم أرَ بين كتب التاريخ أكذب من كتاب "بدائع الزهور"، ولا أعذب من عنوانه، ولا بين كتب الأدب أسخف من كتاب "........" ولا أرقَّ من اسمه، كما لم أرَ بين الشعراء أعذب اسمًا وأحط شعرًا من ابن مَلِيكٍ، وابن النبيه، والشاب الظريف.
    لقد كثر الاختلاف بين العناوين، وبين الكتب حتى كدنا نقول: "إنَّ العناوين أدل على نقائضها منها على مفهوماتها، وألصق بأضدادها منها بمنطوقاتها، وإنَّ العنوان الكبير حيث الكتاب الصغير، والكتاب الجليل حيث العنوان الضئيل".

    الأتقياء:
    لولا خداع العناوين ما سمينا صالحًا تقيًّا كلَّ من حرَّك سُبْحَتَهُ وأطال لحيته ووسع جُبَّتَهُ وكوَّر عِمامته، ولقد نعلم أنَّ وراء هذا العنوان الأبيض كتابًا أسود الصفحات، كثير السقطات، وأنَّ تحت هذا الستر الحريري الرقيق نفسًا سوداء مظلمة لا ينفُذ إليها شعاعٌ من أشعة الرحمة، ولا تهب عليها نسمةٌ من نسمات الإحسان.
    لن يؤمن المؤمن حتى يبذل في سبيل الله أو في سبيل الجماعة من ذات نفسه أو ذات يده ما يشق على مثله الجودُ بمثله، أما الجود بالشفاه للهمهمة والأنامل للمسبحة فعملٌ لا يتكلَّف صاحبه له أكثر مما يتكلف لتقليب ناظريه وتحريك هُدْبَيْهِ، وهل خلقت الشفاه إلا للتحريك، والأنامل إلا للتقليب؟

    إنَّ للإيمان مواقف يمتحن الله فيها عباده، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فإن بذل الضنين بمالِه مالَه في مواقف الرحمة والشفقة، والشحيحُ بنفسِه نفسَه في سبيل الذَّوْدِ عن حوضه، والذَّبِّ عن عشيرته وقومه، وضعيفُ العزيمة ما يملك من قوةٍ وأيدٍ في مغالبة شهوات النفس ومقاومة نزواتها، فذلك المؤمن الذي لا يشوب إيمانَه رياءٌ ولا دهان، ولا يخالط يقينَه خداعٌ ولا كذبٌ، أوْ لا، فأهوِن بهمهمته ودمدمته، ومسواكه ومسبحته، وهو بعنوان المنافق الكاذب أَحْرَى منه بعنوان التقي الصالح ؛[أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ].

    الوطنيون:
    كنا وكان الرجل لا يبلغ ما يشتهيه من رتبة الوطنية إلا إذا قام في أمته مقامًا محمودًا يخاطر فيه بإحدى جَوْهَرَتَيْهِ، ليدفع عنها خَطْبًا مُقبلًا، أو ينقذها من بلاءٍ محيط، فإما بلغ في هجرته الغايةَ التي يريدها، وإما هلك من دونها هلاكًا لا تؤلم نفسَه صدمتُه ولا تمرُّ بفمه غضاضته؛ لأنه مخلصٌ، وحسب المخلص جزاءً له على إخلاصه أنه وفَّى دَيْنَهُ الذي كان يُثقل ظهره وكفى، فأصبحنا وليس بين المرء وبين نَيْلِ ألقاب الوطنية الأولى وشاراتها الفُضْلَى إلا صرخةٌ عالية يصرخها في أحد المجامع، أو كلمة تافهة يكتبها في إحدى الصحف حتى تقام له الحفلات كما تقام لعظماء الرجال، وتُمدُّ إليه الأصابع كما تُمَدُّ للقُوَّاد الأبطال، وربما كانت صرخة ذلك الصارخ جِنَّةً تمثَّلت في رأسه تمثُّلَ النهيق في رأس الحمار، فلما حان حينها عطس بها في ذلك المجمع الذي صادفه في طريقه لِيُنَفِّسَ عن نَفْسِهِ، ويُفَرِّجَ من كربته.
    وربما كانت كلمة ذلك الكاتب نغمةً من نغمات السؤال التي يترنَّم بها المتسولون، أو رُقيةً من رُقَى المُمَخْرَقِينَ التي يهمهمون بها استنداءً للأكفِّ واستدرارًا لحسنات المحسنين.

    أعجب ما يعجب له المرء في هذه الأمة أنها لا تصدِّق الرجلَ المستورَ إذا ادَّعَى على آخر بفَلْسٍ حتى تطالبه بالشهود العدول، والصكوك المؤكدة والأيمان المُحرِّجة، فإذا قام بين يديها من لا تعرف له عدلًا في سيرته، ولا صدقًا في قوله، ولا إخلاصًا في عمله، فادَّعى الوطنية لنفسه — والوطنية أثمن من الجوهر المنتقى واللؤلؤ المكنون — حَكَمَتْ له بصحة دعواه في قضيته حُكْمَ القضاة الظالمين بغير بينةٍ ولا يمين!
    لولا خداع العناوين لوجدنا بين التجار الأمناء الذين يخدمون أمتهم بالصدق في القول والأمانة في العمل، والموظفين الشرفاء الأعِفَّاءِ الذين لا يحابون ولا يصانعون، والحكام العادلين المخلصين لله وللأمة في السر والعلن، والزارعين المستقيمين، والصناع المُجدِّين، والأكَّارين المستضعفين، من هو أولى بلقب الوطنية من أولئك الصارخين المتهوِّسين، والكاتبين المخادعين.

    الأمجاد:
    يقولون: "إنَّ الولد سرُّ أبيه"، ويريدون بذلك أنه المرآة التي ترتسم فيها صورته، والبذرة التي تكمن فيها حقيقته وماهيته، وعلى هذه القاعدة بنى البانون قاعدة المجد، فأعظموا شأن الرجل الذي يمسك بطرف سلسلةٍ في النسب يتصل أولها بعظيمٍ من عظماء النفوس، أو شريفٍ من شرفاء الأخلاق.
    ثم ما زال الناس يعبثون بعنوان الشرف ويتوسعون في معناه حتى نظموا في سلكه الجبابرة الذين يسمونهم أمراء، والظلمة الذين يسمونهم ملوكًا، والسفاحين الذين يسمونهم قُوَّادًا، واللصوص الذين يسمونهم وُجَهَاءَ، فساقهم الخطأ في فهم الشرف إلى الخطأ في فهم المجد، فسمَّوا ماجدًا كلَّ من ولد في فراش ملكٍ وإن كان الحاكمَ بأمر الله، أو أميرًا وإن كان الحجاجَ، أو وزيرًا وإن كان ابنَ الزياتِ، أو قائدًا وإن كان تيمورلنك، أو غنيًّا وإن كان قارون!
    لا مجد إلا مجد العلم، ولا شرف إلا شرف التقوى، ولا عظمة إلا عظمة الآخذين بيد الإنسانية البائسة رحمةً بها وحنانًا عليها.
    أولئك هم الأمجاد، وأولئك الذين يفخر الفاخرون بالاتصال بهم والانتماء إليهم، وأولئك هم المفلحون.

    الأغنياء:
    لم أرَ بين جماعة المتسولين الذين يضربون في الأرض وراء لقمةٍ يَتبلَّغون بها أو خِرْقةٍ يتقون بخيوطها البالية ما يتقون من لفحة الرمضاء، وَهَبَّةِ النكباء، ولا بين البؤساء الذين يحرقون فحمة الليل بكاءً ونحيبًا حول صغارٍ كفراخ القطا يَتَلَوَّوْنَ في مضاجعهم من الجوع تَلَوِّيَ الأفاعي المضطربة فوق الرمال الملتهبة، وتحت الشمس المحرقة، أسوأ حالًا، ولا أنكد عيشًا، ولا أكثر عناءً، من هؤلاء الفقراء الذين يسميهم الناس أغنياءَ.

    يأكل الموسر الباخل كما يأكل الفقير، ويجلس كما يجلس، وينام كما ينام، ويتشهَّى كما يتشهَّى، حتى لتكاد تثب أمعاؤه من جوفه، وتسيل أحشاؤه من فمه شوقًا إلى ما حَرَّمَ على نفسه من شهوات العيش وملذاته، ويَسْتَنُّ استنانَ الجواد الضامر في مَيْدَانِ السَّبْقِ وراء الدرهم البعيد منالُه حتى تنبهرَ أنفاسُه، وتَتَخَاذَلَ أَوْصَالُه، حتى لو تخيل أنَّ نجوم السماء دنانير منثورةٌ لطار إليها بغير جناحٍ فسقط هاويًا، أو أنَّ في بطن الأرض كنزًا مذخورًا لتمنى أن لو انفجر بركانها تحت قدميه فابتلعه فأصبح من الهالكين.
    الغنيُّ هو الغنيُّ بما في يده عمَّا في أيدي الناس، والفقير هو الذي لا يقنعه في هذه الحياة مَقْنَعٌ، ولا تقف به نفسه عند مَطْمَعٍ.
    فانظر تحت أيِّ عنوانٍ من هذين العنوانين تضع البخلاء الموسرين!

    المجرمون:
    حضرت مجلسًا من مجالس الأحكام حكم فيه قاضٍ مرتشٍ على مُتَّهَمٍ سرق رغيفًا، فوضعت يميني على فمي؛ مخافةَ أن يخرج أمر نفسي من يدي فأهتف صارخًا لما ألمَّ بقلبي من الرعب والفزع صرخةً تُدَوِّي بها جوانب القاعة دَويَّ الموج الثائر في البحر الزاخر، قائلًا: "مهلًا، رويدًا أيها الحاكم الظالم، فأنت إلى قاضٍ عادلٍ تقف بين يديه أحوجُ منك إلى كرسيٍّ فخم تجلس عليه، ولو عدل القانون بينك وبين هذا الماثل بين يديك لَبِتَّ وأعلاكما الأسفل! إنك ترتزق في كل شهر ثلاثين دينارًا، فلم تَرْتَشِ إلا لأنك شرهٌ طماع! وهذا السارق لم يسرق ذلك الرغيف إلا لأنه جائعٌ ملتاع، ولو ملك مما تملك ثلاثين درهمًا ما فعل فَعْلَتَهُ التي فَعلَ، فأنت مجرمٌ إلا أنك في وشاح شريفٍ، وهو شريفٌ إلا أنه في شَمْلَةِ مجرم".

    فيا لله للحقيقة التي عبثت بها القوانين، ولعبت بعقول الناس فيها العناوين!
    رُبَّ نفسٍ بين جدران السجون أطهر قلبًا، وأنقى رُدْنًا وأبيض عِرْضًا من مثلها بين جدران القصور، وربَّ طريدةٍ من طرائد المجتمع الإنساني ساقها المُقَدَّرُ الذي لا مفر من حكمه إلى وقفةٍ فوق أعواد المشنقة كان أجدر بها ذلك المرابي الذي ينصب حبالة ماله لخراب البيوت العامرة، وإطفاء النجوم الزاهرة، أو ذلك القائد الذي يسفك في مواقفه دم مائة ألفٍ أو يزيدون في غير سبيل سوى سبيل المجد المصنوع، والفخر الموضوع، أو ذلك السياسيُّ الذي يُدَبِّرُ المكيدة للحملة على أمة مستضعفة آمنةٍ في مرقدها سعيدةٍ في نفسها، فيستعبد أحرارها، ويَسْتَذِلُّ أعزاءها، ثم يسلبها أثمن ما تملك يمينها من حريتها واستقلالها، وسعادتها وهنائها.

    المتمدينون:
    ليس بين العربي وبين أن يأخذ من إخوانه في بلده لقب الشاب العصري، أو الرجل المتمدين إلا أن يُصْقِلَ جبهتَه، ويُصفف طُرَّتَه، ويفتح فمه للابتسام المتصنع، ويقوِّس يده للسلام المتعمَّل، ويستكثِر في حديثه من ذكر المدنية الغربية وشئونها، وسرد أسماء نسائها ورجالها، وطرفها ونوادرها، ويستحسن ما تستحسنه، وإن كان المواخر والانتحار، ويستطرف ما تستطرفه وإن كان الزندقة والإلحاد، وربما زاد على ذلك شيئًا من العلم بفلسفة الميكروبات، ونظرية البالونات، ثم لا يحول بعد ذلك تمدينه بينه وبين أن يكون فاسقًا ينتهك الحرمات، أو مدمنًا يترامى على أعتاب الحانات، أو أحمق لا يصفح عن ذنب ولا يصانع في هفوة، ولا يعفو عن سيئة، أو سفيهًا يشتم حتى الأكابر ، ووالده وأستاذه، أو وَقاحَ الوجه لا يستحيي لمكرمة ولا يغضي لمروءة، أو شحيحًا لا يشرك صاحبه في مَطْعَمٍ ولا مَشْرَبٍ، ولا يفتح بابه لضيفٍ زائرٍ أو طارقٍ حائر.

    إن كان حقًّا ما يقولون من أن التَمَدْيُنَ يُصقل الطباعَ الخشنة، ويقوِّم الألسنة المعوجَّة، ويهذب النفوس الجافية، ويوسِّع الصدور الحَرِجَة، فكثيرٌ ممن ندعوهم متمدينين متوحشون، وكثير ممن نسميهم همجيين مهذَّبون.

    لو كان بي أن أكتب لِمَحْوِ الفساد من المجتمع الإنساني والقضاء على شروره وآثامه لما حركت يدًا، ولا جَرَّدْتُ قلمًا؛ لأني أعلم — كما يعلم الناس جميعًا — أنَّ طلب المحال عثرةٌ من عثرات النفوس، وضَلَّةٌ من ضلالات العقول، ولكنني أطلب مطلبًا واحدًا لا أرى في عقول الناس وأفهامهم ما يحول بينهم وبين تصوُّره وإدراكه: أن يهذِّبوا قليلًا من هذه المصطلحات التي أنسوا بها، والعناوين التي جمدوا عليها، فلا يُسَمُّون المنافق تقيًّا، ولا المخادع وطنيًّا، ولا المتمجِّد ماجدًا، ولا البخيل غنيًّا ولا المفلوك مجرمًا، ولا المتوحش متمدينًا، حتى لا ينزع محسنٌ عن إحسانه، ولا يستمرَّ مسيءٌ في إساءته.
    copied
                  

08-01-2022, 12:42 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    قيل والعهدة على الراوي: إن مركبًا اشتدت به الريح في يوم عاصف، فجعلت تتقاذفه الأمواج، وهو يتمايل ذات اليمين وذات الشمال، ويغترف من ماء اللج ما يثقله، حتى لم يشك السفر في أنه لا محالة غارق بهم، فراحوا يعجون بالدعاء إلى الله تعالى، ويسألونه النجاة من هذا الهلاك، وكان أشدهم اجتهادًا في الدعاء والضراعة والابتهال رجل يقول في ابتهاله: يا رب، ماذا عسى لو هلكت أن يكون مصير زوجتي وأولادي السبعة، وليس فيهم من يتكسب، ولا من بلغ سن التكسب؟ ثم ماذا عسى أن يكون مصير أختي المطلقة وولديها الصغيرين؟ ثم من ذا الذي يعول أختي الأرملة وأولادها الأربعة وأنا أحمل الجميع؛ لأنه ليس فيهم من يستطيع أن يعود على الشمل ولو بدرهم واحد؟ أنا لا تعنيني الحياة، ولكن كيف الحيلة بعد موتي في كل هؤلاء؟.

    وما برح يرفع الصوت بهذه الضراعات حتى كاد يشغل سائر السفر بشأنه عن شأنهم، وحتى كادت تذوب كبودهم من الرقة لحال عياله، وسائر من يعول من آله، ويشاء الله أن تهدأ الريح ويسكن الموج، ويسكن وجه الماء وتبلغ السفينة الشاطئ بسلام.
    وما كادت قدم هذا الرجل تطأ الأرض حتى صاح: "والله العظيم، ما كانت لي قط زوجة ولا ولد، ولا لي أخت أرملة ولا مطلقة، وما علت أحدًا في الحياة غير نفسي"؛ وخيبة الله على الجاهل الأحمق المأفون!

    ولقد سبق لي من بضع سنين أن أجريت كلامًا في الراديو في الشحاذين التقليديين، واستنظرت السامعين الحديث في الشحاذين المحدثين "المودرن".
    وإذا كانت عدة هؤلاء تزداد في هذه الأيام بنسبة هائلة، وأساليبهم في الكذبة تتنوع وتتلون، فقد حق علينا أن نلم بحديثهم في مقال.
    على أننا قبل أن ندخل في هذا، نرى من الخير أيضًا أن نطوف ببعض القول في الشحاذين التقليديين، وقد كادوا ينقرضون ويخلو وجه المدن الكبيرة منهم، حتى يخلو على الناشئ على وجه خاص صورتين واضحتين للعهدين، يستطيع بهما المقارنة بين الفنين: القديم والحديث، وليقدروا مبلغ التطور العظيم في أسلوب الشحاذة، هذا التطور الذي أصبح يكافئ بحق سائر نهضاتنا العظام!

    كان الشحاذون، ولا زالت منهم بقية قليلة يعتمدون في المسألة على إلحاح الجوع، والعجز عن السعي والعود على الشمل، بألوان من الأمراض والأسقام، والنقص في الخلقة والآفات المقعدة للمرء عن السعي والحركة في أسباب الرزق، فكان دعاؤهم في الطرق، وعلى أبواب الأضرحة وفي الجبانات في الجمع والمواسم من نحو: اللقم تمنع النقم! هنيئًا لك يا فاعل الخير! عشا الغلابة عليك يا رب! سيد كريم أو ست كريمة تحن على العاجز يا محسنين! .

    ولا جدال في أن دعوى الجوع والعجز عن الرفق بالبدن في سبيل الرزق، تحتاج إلى اصطناع ما يثبتها من بلي الثوب وبلي الجسم، وقد تُعصب العينان لو شك ذهاب البصر بالرمد، وقد يظهر النقص في الخلقة بفقد الذراع الأيمن، أو فقد أحد الساقين أو فقدهما جميعًا، فلا يسع الشحاذ المسكين إلا أن يزحف على الأرض زحفًا، فإذا لم يكن المولى جلت قدرته قد مَنَّ عليه بهذه النعمة أو تلك.
    وقد حدثني بعضهم عن رجل أخصائي كان مثواه في إحدى عواصم دولنا العربية، وكانوا يدعونه الربيط، فإذا كتب لك، أو كتب عليك أن تجوز بدكانه في الصباح الباكر رأيت خلفًا مزدحمين ببابه، هذا يطلبه ليربط ساقه ربط العرج، أو ساقيه ربط الكساح، وهذا ليثني ذراعه حتى لا يشك رائيه في أنه قد فقد الذراع، وهذا ليشد له بعض جسده ويرخي منه بعضًا، فهو ومن ضربه الفالج وأبطل نصفه بمنظر سواء وهكذا!

    وأنت خبير بأنه إذا كانت الأسقام والعلل والنقص الطارئ على الخلقة هي رأس مال هؤلاء القوم، ووسيلتهم إلى الرزق، بل إلى الجمع والادخار وإحراز الغنى، وإدراك اليسار قدرت مبلغ تحاسدهم على العلل والآفات، حتى لتسمع من بعضهم إذا غبط آخر: "اللي بلاه يبلينا يا سيدي!" وتسمع من غيره وقد أخذته الموجدة على غيره: "بيتكبر على إيه، هو ما حدش انشل إلا هوه؟ آدر ربنا يحرمه من الشلل من طرفة عين، ويشمت فيه العدو".

    هذا بالاختصار كان سبيل الشحاذين القدامى أو الشحاذين التقليديين، وتلك كانت وسيلتهم في فنهم وسعيهم في الرزق ولجمع المال، أما الآن وفي عصر النهضة، فمن النادر جدًّا أن تسمع مثل: اللقم تمنع النقم … إلخ. أو تسمع رغيف عيش وصحن طبيخ! أو تسمع: عشا العاجز عليك يا رب … ومن النادر جدًّا أن تسمع مثل هذا أو ذلك، فإذا قدر لك أن تسمعه ففي الأزقة والدروب التي لا تسلكها عين البوليس.

    وإذا كان شحاذو الأمس لا يظهرون إلا في بلي الثوب وبلي الجسم، فشحاذو اليوم لا يظهرون إلا في نضارة الشباب، وبضاضة الأهاب، وأناقة الثياب قد انحدرت النعمة عنهم، أو أنهم ما برحوا يتقلبون في النعمة، ولكن كرثهم من الطوارئ العاجلة ما أحوجهم إلى المعونة العاجلة، وأمثال هؤلاء لا يسألون رغيفًا ولا "صحن طبيخ" حاشا لله! إنما يسألون نقودًا، ونقودًا قد تكون في بعض الأحيان كثيرة.
    وماذا يغني صحن الطبيخ من مات عنده ميت لا يجد ما يجهزه به ويحمله إلى مرقده في مقبرة؟ وماذا ينفع هذا أو هذا في إكمال قسط المدرسة وقد حل، وأوشكت إدارتها أن تطرد الولد طردًا، وتدعه عن طلب العلم دعًّا؟ ثم ماذا يفيد هذا أو هذا في معونة مدرسة تعلم اليتامى وأبناء الفقراء بالمجان، ما تقتضيهم على التعليم والطعام قرشًا؟ وهكذا!

    وهؤلاء لا يلقون الناس بالضرورة في الثوب الخلق، ولا بالوجه الشائه ولا بالجلد المتقيح، بل إنه كلما عظمت أناقتهم، وجمل سمتهم ونضر خلقهم، كانوا أدنى إلى الصدق في المسألة وأدر لعطف المسئول، ولا يذهب عنك أنه قد ورد في الأثر: (أعطوا السائل ولو جاء على فرس).
    وهؤلاء كذلك لا يتسكعون في الأزقة، ولا يزحفون في الدروب؛ لأن سكانها لا يجودون إلا باللقمة، ولا يخرجون للكشكول السائل إلا فضالة الطعام، وذلك عهد قد مضى — بحمد الله — وانقضى بل لا تراهم إلا منخرطين في أعلى الشوارع وأحفلها بعلية الناس.

    وكثرة هؤلاء لا يتعبون أنفسهم في طلب الزبائن والاختلاف إليهم في دورهم، بل إنهم ليرتصدون لهم في المقاهي أو على لقم الطريق، حتى إذا جاز الزبون بهم دعوه كما تدعو بائع التفاح، أو الخيار، أو غيرهم من هؤلاء الباعة المترفقين بأبدانهم السريحة سواء بسواء!
    ومن هؤلاء من يعترضك في الطريق، ولا يستحي من أن يقول لك: "والله أنت ابن حلال لقد قضيت أكثر من ثلاثة أشهر في البحث عنك، وها أنا ذا قد أصبتك والحمد لله"! ثم يفضي إليك بالمسألة، وثلاثة أشهر وهو يبحث عنك ولا يصيبك، حتى أذنت المصادفة وحدها باللقاء! ولا والله ما زاد على أن جعلك متشردًا ليس لك عمل ولا لك محل إقامة، أو أنك فار من وجه العدالة، والعياذ بالله!

    ولقد يقع أن يعتريك أحد هؤلاء الشحاذين "المودرن" في دارك، أو في مثوى عملك أو في المقهى، إذا كنت ممن يثوون إلى المقاهي، وقد بسط يده وفيها حفنة من الدراهم، ويباديك بأن ما في يده هو أقصى ما في جهده من قسط المدرسة، وأنت أبر وأكرم من أن تدع الولد يطرد من المدرسة ويحرم من نعمة العلم في شيء يسير لا يضرك ولا يتحيف مما أفاء الله عليك من النعم!
    ومن أظرف ما سمعت، والعهدة على الراوي، أن هذا الشحاذ الغيران على تعليم ولده وتثقيفه قد لا تكون في يده هذه المصيدة، وأعني بها المائة والخمسين قرشًا، والمائة والسبعين التي تنقص باقي القسط فيستعيرها من بعض رصفائه على أن يرده إلى أصحابه بعد قضاء الحاجة منه!

    وقد حدثني من لا أشك في خبره أنه كان ذات يوم ساعيًا مجدًّا في الطريق، فلمحه رجل من هؤلاء يعرفه فركض خلفه حتى أدركه، وحلف له بكل محرجة من الإيمان أنه قد مضى عليه وزوجه وأولاده الخمسة ستة أيام ما ذاق أحد منهم لقمة واحدة، فقطب صاحبي وجهه واصطنع الجد، وقال في حدة وعنف: اسمع يا هذا! إنني إذا أطعمتك وأهلك وولدك أكون أكبر مجرم في العالم.
    فقال له الرجل: وكيف ذلك؟ قال: أنت تعلم أنني لن أعولكم أبد الدهر، وكل ما يسعني هو أن أمدكم بثمن وجبة أو وجبتين، قال الرجل: ولسنا نطمع في أكثر من هذا، فقال صاحبي: أبعد أن عانيتم في طريق الموت جوعًا ما عانيتم، حتى لم يبقَ بينكم وبينه إلا ساعات معدودة تبلغكم نهايتها الراحة الكبرى من هذه الحياة الأليمة، أردكم إلى الحياة ثانيًا لتعانوا في طريق الموت ما عانيتم، وتعاودوا هذه الآلام التي جازت بكم؟ أفصدقت أنني إن فعلت أكون أكبر مجرم في العالم!

    ومن أعجب ما يذكر في هذا الباب أنه في أحد العشايا من الأسبوع الماضي، قد اعترضني في بعض الطريق رجل لا يخلو سمته من تجمل، وثيابه من تأنق وحلف لي بكل مؤثمة من الإيمان، أنه قد احتسب ولده في الصباح الباكر ولا يزال مسجى في البيت؛ لأنه لم يجد نفقة تجهيزه ودفنه، وأسرع تأكيدًا لقوله، فدس في يدي ورقة فإذا هي ترخيص بدفن "فلان" ولم يرعني إلا أن تاريخ هذا الترخيص يرجع إلى أكثر من ستة أشهر.
    حقًّا لقد راعني وهالني، وكاد يذيب كبدي، أن تظل جثة هذا الغلام المسكين رهن البيت، هذه المدة الطويلة، ومن يدري فلعلها تظل كذلك مدة أطول؟ وانطلقت لوجهي وأنا ألعن بلساني وقلبي قسوة هذا الإنسان، حتى على الأموات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    وبعد، فإنني الآن أستطيع بدوري أن أحلف في غير إثم ولا حرج على أنه ما كان ولد في المدرسة حل القسط من نفقات تعليمه، ولا قامت مدرسة تعلم اليتامى وأبناء الفقراء بالمجان أو بغير المجان، ولا كان هناك زوجة ولا خمسة أولاد جياع أو غير جياع، ولا ولد في الدار ميت ولا من الأحياء … إلخ. إن هي إلا شهوة التبطل، والعيش، وإصابة اللذائذ، وإدخال المسرح على النفس بفنون المكيفات، وكل أولئك على حساب العاملين، وقد يكون فيهم العليل المكدود، وقد يكون فيهم من يعييه ويرهقه السعي على الأهل والولد، وقد يكون فيهم من يجهده المعروف بصلة المحتاج من ذوي القربى أو المسكين حقًّا أو اليتيم المحروم!
    ===============
    بالأمس ضحك مني بائع الكتب القديمة، إذ رآني أقلب في الكتب، وأذهب ذات اليمين وذات الشمال، وأصعد على الكرسي وأنزل من عليه، والكتب بعضها بال عتيق قد غلف بالتراب وأكلته الأرضة، وكلها وضعت حيثما اتفق، لم يُعْنَ فيها بترتيب حسب الموضوع ولا حسب الحجم ولا حسب أي شيء، ولم يُبْذَل أي جهد في تنظيفها وعرضها؛ فكتب في الأرض، وكتب في السماء، وكتب في الرف، وكتب على المقاعد، وكتب في الممشى؛ والبائع رجل تقدمت به السن، زهدَ البيع وزهد الشراء، وإنما يبيع ويشتري لأنه اعتاد أن يبيع ويشتري؛ كل ما في أمره أنه فَضَّلَ أن يجلس في الدكان على أن يجلس في البيت، إذ يرى الرائحين والغادين، ويستقبل الزائرين، ومن حين إلى حين يبيع كتابا أو كتابين.
    وسط هذه المكتبة المغمورة بالكتب، والمغمورة بالتراب، والمغمورة بالفوضى انغمست ببذلتي البيضاء، القريبة العهد بالكَواء، أبحث عن كتب نادرة أشتريها، وأتصفح كتبًا أتعرف قيمتها، فضحك إذ رأى غرامًا بالكتب يشبه الجنون؛ ورغبة في البحث والشراء تشبه الخبل.

    لا تضحك — يا سيدي — فإنما هي لذة الشراء أصيب الناس بها جميعًا، وإن اختلفوا في مقدار الإصابة، فقد تهور فيها قوم، واعتدل فيها آخرون؛ وهي ظاهرة في منتهى القوة والغرابة، تتجلى بأجلى مظاهرها في الهواة؛ فهذا هاوي سجاجيد يُجَن جنونه إذ يرى سجادة قديمة، صنعت في أصفهان في القرن الخامس عشرن أو السادس عشر، يحتقرها الرائي العادي، ولا يرضى أن يأخذها ولا بالمجان، ويشمئز أن يراها في بيته، فإذا الهاوي يجري ريقه ويتحلب فمه، كأنه جائع سغب أمام أكلة لذيذة، ولا يجد ثمنها فيستدينه؛ وقد ينقصه الضروري من وسائل العيش ومرافق الحياة فيعمى عنه، ولا يرى أمامه إلا السجادة وشراءها ولتكن النتيجة بعدُ ما تكون، وسيتكفل الزمن بأداء الدين، وليحمل الزمن وحده عبء ما يحتاج إليه من ضرورات العيش، بل سواء أحلها أم لم يحلها، فليس في الوجود ما يعدل هذه السجادة.

    وكذلك الشأن في هاوي طوابع البريد، وهاوي الكتب، وكل الهواة، نَمَتْ عندهم على مر الزمان لذة الشراء لما يهوون، وغذاها كثرة الشراء وأحاديث أمثالهم الذين يحيطون بهم وإظهارهم الإعجاب الشديد بما اقتنوا، فإذا نظروا إلى سجادة عجبوا من لونها الباهت، وخيوطها التي هلهلها الزمن، وصُوَرِها غير المنسجمة، ونحو ذلك مما يدل على إمعان في القدم؛ وكلما كان خيطها أبلى، ونسيجها أبسط، وتصويرها أتفه، كانت أشد استخراجًا للعجب؛ وكانوا أكثر لها تقويمًا، وأشد لها إعظامًا، وكانت لذة الشراء عند الهواة أشد طغيانًا، وهم أمامها أشد ضعفًا.

    هذه اللذة — لذة الشراء — يستغلها أرباب "المزاد"، فهم يثيرونها إلى أقصى حدودها، ويبلغون بها مبلغًا جنونيًّا، فتحتدم اللذات، ويخضع الشارون لتأثير الاستهواء، ويغالون في أثمان ما يُعْرَض حتى قد تفوق أثمان الشيء الجديد؛ ولكن الشيء الجديد يُشْتَرى والعقل الواعي في سلطانه، وأما أشياء "المزاد" فتشرى والعقل الواعي قد أسدل عليه ستار من الاستغواء والاستهواء؛ ومن أغرب ما في هذا النوع أنك ترى الكثيرين يندمون إذا اشتروا، ويندمون إذا لم يشتروا!

    ولذة الشراء هي السبب في أنك تشتري لزوجتك وبناتك الثوب الجميل، أو الحذاء الظريف، فتعرضه عليهن فلا يعجبهن، ثم يخرجن ويشترين ما هو أقل منه جمالًا وظرفًا ويعدْن راضيات؛ قد يكون السبب أن ما اشتريته ليس على ذوقهن، وأن هناك فرقًا كبيرًا بين ذوق الرجال وذوق النساء، وأنك إذ تشتري لهن تحكم ذوقك في ذوقهن؛ ولكن يظهر لي أن ذلك في كثير من الأحيان ليس السبب الصحيح؛ وإنما السبب الصحيح أنك إذ تشتري لهن تحرمهن لذة الشراء وهي في نفسها قد تفوق الشيء المشتري نفسه؛ ويفسر هذا أن السيدة قد تخرج وليس في نفسها شيء معين تشتريه، ولا تحس حاجة إلى شيء يُشترى، وإنما هي — في أعماق نفسها — تريد أن تغذي لذة الشراء عندها، فما هي إلا أن تمر من متجر لآخر حتى تشتري، وتشتري كثيرًا، وتشتري ما لم يخطر لها على بال؛ ثم ترجع راضية لأنها أشبعت لذة الشراء عندها.

    ولو أن الناس — وخاصة السيدات — اقتصروا على شراء ما هم في حاجة إليه لأغلقت دكاكين كثيرة، ولقل العرض وقل الطلب؛ ولكن لذة الشراء عندهم دفعتهم أن يشتروا ما لم يحتاجوا، وأوهمتهم في كثير من الأحيان بالحاجة إلى ما ليس لهم به حاجة؛ وإلا فما حاجتي إلى شراء كل هذه الكتب والمكتبات العامة مفتحة الأبواب؟ وما الحاجة إلى شراء نسختين من كتاب واحد والتعلل في ذلك بأتفه الأسباب؛ وما الحاجة إلى ملء البيت بهذا الأثاث وأقل منه يكفي ويزيده حسنًا، وما الحاجة إلى شراء المرأة هذه الثياب المختلفة الألوان والأنواع، وقد لا تحتاج إليها مرة في الحياة؟ — لا شيء إلا لذة الشراء.
    قد كان من المعقول والطبيعي أن الناس — وهم يتلذذون هذه اللذة الشديدة القوية بالشراء — يتلذذون كذلك لذة شديدة قوية بالِملْكية ثم يستمرون على التنعم بها، والتمتع الدائم بملكها، ولكن جرى الأمر في هذا العالم على غير ما يُتوقع، فهم راغبون أشد الرغبة في ملك الأشياء، والملكية تذهب بلذتها.

    فالناس مولعون أشد الولع بالملكية حتى لو استطاعوا أن يملكوا القمر في السماء لملكوه، ولو ملكوه لحرموا جماله؛ وهم مولعون أن يملكوا كل شيء إلى درجة الجنون، حتى لو استطاعوا أن يسلبوا السماء زرقتها، والمزارع بهجتها، والبحار جمالها ليجعلوها في حوزتهم لفعلوا؟ وقد أدرك مَهَرة الباعة هذا الجنون في الإنسان فتفننوا في عرض ما يبيعون بحسن الوضع وتزويق المعروض وإيهام الترخيص؛ وكثرة الإعلان في شكل جذاب يوقع في الوهم أن الشراء فرصة لن تعود، وأن ملكية الشيء تملأ الحياة سعادة وغبطة.

    ولو أنك دخلت بيوت الأغنياء والطبقة الوسطى لرأيت كثيرًا مما فيها لا حاجة بالبيت إليه، بل قد حُمل أكثر مما يُطيق حتى ذهبت بساطته، وزاد تعقده، واحتاج إلى زيادة الخَدَم والأتباع للعناية بنظافته وترتيبه، وجَعَل الحياة أكثر تعقدًا وأشد ارتباكًا؛ وما دعا إلى هذا كله إلا لذة الشراء وجنون الملكية؛ وما قصر الفقراء في هذا إلا أنهم لا يجدون ما يطلبون، ولو أتيح لهم ذلك لأفرطوا في الشراء إفراط الأغنياء؛ ولولا جنون الملكية لكانت الحياة أبسط، ووسائل العيش أيسر، والتنعم بها أتم.
    وكأن الحياة أرادت أن تعاقب على هذا النوع من الجنون فسلبت المالك أكثر ما يتصور من لذة؛ فالشيء جميل لذيذ ممتع، فيه كل ما يتمنى المرء من سعادة ما لم يُمْلك، فإذا مُلك لم يجد فيه المالك كل ما يتصور ويتخيل، وأصبح أقل قيمة مما أمّل، ولا تزال قيمته في نقصان حتى يصبح عاديًّا تافهًا كأنه والحرمان سواء.
    فالقصر الجميل هو أجمل ما يكون في عين من يمر به، ويقل جماله شيئًا فشيئًا في عين من له به علاقة ما، حتى إذا بلغت المالك وجدْتَ القصر لا قيمة له في نظره، ووجدت شعوره به كشعور الفلاح نحو كوخه، والفقير نحو عشه؛ وكلما طال الزمن بالغني تفه القصر في نظره، وحرم حرمانًا تامًّا من لذة الملكية، وصارت لذته خيالًا فقط لمن يمر به ويتصور نعيم سكانه أو ملاكه.

    وهذه قاعدة الحياة؛ فأجمل أيام الزوجية قبيل الزواج، أيام يتخيل المرء أو المرأة ما ينتظر من نعيم مقيم، وأيام يسبح خياله أو خيالها في الآمال والأماني التي لا حد لها، ثم تصدمه أو تصدمها الملكية أو شبه الملكية، فإذا كل شيء مألوف.
    وأُجَن بالكتاب قبيل شرائه وعند شرائه، وأبيت ليلة وأنا أحلم به، ولا أسمح لنفسي بالنوم ليلة الشراء قبل تصفحه ومعرفة ما فيه أو على الأقل عناوينه، ثم يوضع في المكتبة وينسى وكأنه لم يملك.

    والأملاك الواسعة والغنى الوافر أمل الناس جميعًا؛ ولو درسوا — في دقة — حال الأغنياء وشعورهم لوجدوا الفرق الواسع بين ما يتخيلون وما يدرسون، ولوجدوا أن أكثر الأغنياء يعانون الكثير من غناهم؛ ولو عقلوا وخف عنهم جنون الملكية لنزلوا للمجتمع عن شيء مما يملكون ويعانون، فسعدوا وأسعدوا.
    أليس عجيبًا في هذه الحياة أن ألذ شيء في الملكية هو خيالها !!
    ====================
    في الانعزالِ المنزلي منفعةٌ ومضرة، وحسنة وسيئة، استاءَ أقوامٌ وسُرَّ آخرون، ولكن ما باليد حيلة فهو الدواء الشرعي، والقانون الصحي والرسمي، والواجبُ التعاون بلا ضيقة ولا تأفف [فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل اللهُ فيه خيرا كثيرا].
    • وخيرُنا من اغتنمَ تلك العزلة، وحوَّل الحَجر الى "حِجر واع" ، وحِجى ثاقب، وتقدم معرفي، وتزكيةٍ روحية. فنمّى عقلَه، وضاعفَ مطالعته، واكتسبَ وجدّ وتقدم وثابر، فما فاز إلا "روادُ الأوقات"، ومغتنمو الأزمنة، ومبادرو الأزمات.

    • فمنّا من طالعَ عشرات الكتب، وفينا باحثونَ محققون، وكتَّاب مؤلفون، ومشاركون بالدورات التطويرية، ومنا من خلا بأسرته تعليمًا وتهذيبًا وتزكية، فعرَفهم عن كثَب، واستمالَهم بلا تعب.
    • وأناس ملّوا الجلوسَ فعكفوا على الرياضة، ومشَوا في الأحياء أو في فناء الدار، فخففوا وانشرحوا.

    • وآخرون اشتغلوا بسقي زروعهم، مع سقيهم لعقولهم، فأنبتوا الزرعَ والعقل، وكلاهما محتاج للسقاء والغذاء والرخاء، وكان صاحبُكم من هذا الصنف، يدفع مللَ البيت بالسقي، والتلذذ بمنظر الشُجيرات.
    • يطالعُ ويكتب حتى يزوره التعب، فيهبّ إلى شجيراته، فيطعمها، ويحسن إليها، قد اتخذها صديقا في زمن عزّ فيه الأصدقاء، وبتنا لصقاءَ بيوتنا، ورفقاءَ كتبنا وأوراقنا.
    • تعرّفَ من خلالها على حياة النباتاتِ، وعظمِ حاجتها إلى الماء، واستروحَ جمالَها وظلالها وخضرتها، وتعلم أيضًا كيف أن العقلَ كالشجرة، والقلب كتلك الزرعة، ومثلهما الإيمان، لا تنمو إلا بزادٍ وبِر وصلات، كذلك السقي لا تطيبُ حياته إلا بانسكاب القطرات، وجريانِ الأمواه على تلكمُ الفلوات.

    • فبينما السقاء ماضٍ، لم يهمل السقاء العقلي، والانكباب على الكتب والورق، وبري الأقلام، فهي منحةٌ لا تعوض، وحق طلاب العلم وأئمة المساجد، استثمارها الاسثمار الأمثل والأروع.
    • وما أشدَّ بأسَ الذي قرأَ واكتشف، وصنَف وختم، وزاد وأربَى، بحيث عالج وحشةَ الانعزال، وداوى كآبة الوَحدة والتباعد، فما يداوي "كورونا" إلا تحويل عزلته إلى وعي علمي وذكاء قرائي، يحصد النتائج، والثمار اليانعات.

    • والسؤالُ الذي طُرح بين طلاب العلم ماذا قرأتم؟ وكيف استفدتم؟وما الكتب التي صنفتم؟ وكانت ثمةَ مخرجات مفرحة، وجولات تسر السامعين، وتبهج الناظرين.
    • والأسى كل الأسى على من بدد وقته، وأضاعَ ساعاته، واكتفى بالعكوفِ الطعامي، والإجادة الغذائية؛ ولا ريب أنها حسرةٌ وندامة، فقد فوت خيرا، وبدد كنوزًا سانحة، وكانت ثمينة، لا تقدر بثمن.
    • وأسوأُ من ذلك من بكى على انعزاله، وتألم من الكابة الجاثمة أشهرًا، وبات يعدد نعما فقدها، كفقدان المساجد والأصدقاء- وقد كان مقصّرا- ولَم يسارع التوبة، أو يلازم سجادته والاستغفار [وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون] .

    • والحجرُ أشبه ما يكون بالحبس الذي حول بعض الناس إلى "حفاظ وعباد"، من جراء الخلوة التامة، وقلة التلاقي والكلام؛ فلم يبق إلا قلمٌ ناثر، ولسان ذاكر، أبحرَ بهما إبحارا مباركًا، أنتج به دُررا وثُمُرا.

    • وأذكرُ هنا إنتاجاتِ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، العجيبة في سجنه، وما كتبه بالفحم ، وأصدره من مجلدات ورسائل نادرة مذهلة، وصفها ابن عبد الهادي بأنها كثيرة ذات اتصال بمحبسه المهجور.
    • وكذاك الحافظ السَرخْسي الحنفي رحمه اللهُ"صاحب المبسوط" ، والذي أملاه من سجنه في قعر البئر! وكذلك الشيخ الألباني رحمه الله، حقق صحيح مسلم وراجعه في سجنه، وفرح بذلك فرحًا شديدا.

    • وبرغم عودة "الحياة بحذر"، لازالت "الأنباء متعارضة"، ويحذر أكثرها من عودة الوباء في دورة ثانية، جنبنا الله وإياكم فتكها، وحمى بلادَ المسلمين قاطبة.

    • فعلينا الترقب والتأهب، وصياغة خارطة للعمل والاستفادة تكون "استباقية"، لا سيما طلبة العلم، وأصحاب الهم المعرفي والبنائي ... بحيث لا يتكرر إهمالٌ وقعوا فيه، ولا تسويف لبّس عليهم، وأثنى عزماتهم، والله المستعان.

    • والشكرُ المكلّل، يزدانُ لجهات ووزارات ومواقع، كثفت من الدورات التدريبية، وفتحت آفاقا في "الاستفادة الالكترونية"، بحيث تتعلم وأنت تحتسي الشاي، وتكتسبُ مهارة وأنت في خضم شغل منزلي، وبين أهلك وأبنائك... فأي نعمةٌ ساقها الله لنا، [وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنة] ولله الحمد والمنة.
    __________
    باختصـارفي المـقـال
                  

08-02-2022, 06:48 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لعل من حِكَم نزول الرسالة في هذا المكان(جزيرة العرب)، وهي حكمة مهمة جدًّا ولها تفريعات كثيرة، فرغم ما وجد في البيئة العربيّة من أدواء كالظلم، والقهر، والعصبية، فقد وجد أيضًا صفات أصيلة في فطرة ساكني هذه المنطقة تساعد على حمل الدعوة ونشر الرسالة، جُبِلُوا عليها وأحبُّوها.
    وهذه الصفات لا بد من توافرها في كل داعية، ولو لم توجد فمن المستحيل أن يستطيع ذلك الداعية حمل رسالة الإسلام، ومن هذه الصفات:
    1- الصدق:
    وهي أهم صفة مميزة للداعية، وهو أيضًا أهم صفة مميزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الصادق الأمين، ومَن أكثر من ساعده في دعوته؟ إنه أبو بكر الصديق، فصفة الصدق أساسية في الذي يحمل هذا الدين.
    فَكِّر معي: ماذا لو أنزلت الرسالة على قوم كَذَّابين؟
    أرأيت ماذا فعل اليهود والنصارى في دينهم؟ إن الله عز وجل يقول عنهم: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
    إن العرب كانوا يأنفون من الكذب، ويستنكر أحدهم أن يكون كاذبًا، فيأتي الإسلام بعد ذلك يُجمل ويُحسن ويُعظم قيمة الصدق عند الصادقين، ويربط الصدق بالجنة، وبرضا الله سبحانه، لكن في النهاية كان الصدق مغروسًا بداخلهم، ولم يكن من الممكن للعربي أن يكذب.
    موقف أبي سفيان مع هرقل
    انظر إلى هذا الموقف الذي دار بين أبي سفيان، وهو مشرك بعد صلح الحديبية، وهرقل ملك الروم، كما ورد في صحيح البخاري ؛ فَعَنْ عبد الله بن عباس :"أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا.
    فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ؛ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ.
    فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ (وفي لفظ ابن إسحاق: فوالله لو كذبت ما ردُّوا عليَّ، ولكنِّي كنت امرأً سيدًا أتكرم على الكذب) ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟
    قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لاَ؛ قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ (إنه يعظم شأن الإسلام بكلامه هذا). قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لاَ؛ قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ؛ قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟
    قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا. قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (أي لم يستطع تشويه صورة الرسول الكريم إلا بالإيحاء أنه ربما يغدر رغم إقراره أنَّ النبيّ لم يغدر قبل ذلك ).

    قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا (كغزوة بدر) وَنَنَالُ مِنْهُ (كغزوة أحد). قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ (وانتبه هنا لكلام أبي سفيان): يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ.
    إنه داعية للإسلام بكلامه هذا؛ لأنه لا يستطيع أن يكذب، لخَّص لهرقل كل ما قاله النبي في حياته؛ لأنه يكره الكذب.
    إنَّ الرسالة عندما تنزل على قومٍ كهولاء يكرِّمون الصدق، فإنهم سيبلغونها للناس كما هي. إذن فصفة الصدق مهمة جدًّا، وكانت موجودة في أهل الجزيرة العربيّة، ولم تكن موجودة في أهل الأرض في ذلك الزمن.

    2- الكرم:
    وهي الصفة الثانية العظيمة جدًّا، والتي كانت موجودة في العرب، وهي صفة أصيلة فيهم، فقد كان حاتم الطائي ممّن يضرب بهم المثل في الكرم، وقد كان من كرمه أنه يعتق العبد إذا جاءه بضيف، ومن العرب من لم تكن له إلا ناقة واحدة، فيأتيه ضيف فيذبحها له.
    وقد سمَّت العرب العنب كرمًا، فلماذا؟ لأن العنب تستخرج منه الخمر، والخمر تذهب عقل شاربها، فيبدأ في الإنفاق بلا حساب، لذا سمَّوا العنب كرمًا لحبهم للإنفاق.
    بالطبع جاء الإسلام ليهذب هذه الصفة الجميلة، فلا يصل الأمر إلى حدِّ الإسراف والسفه، كما لا يصل إلى حدِّ حُبِّ الخمر لأنها تشجع على الكرم، بل حرم الله عز وجل الخمر، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية العنب بالكرم، وقال: (إِنَّمَا الْكَرْمُ الْمُؤْمِنُ)؛ ليشجع المسلمين على الكرم، ولكن ليس لدرجة أن تشرب الخمر، أو أن تسرف وتتصف بالسفه.
    وفِيمَ نحتاج الكرم في إنشاء الأمة الإسلامية؟
    إن صفة الكرم مهمة جدًّا لجيل التغيير؛ لأن الله عز وجل عندما يتحدث عن صفات الناس الذين سيتحملون مسئولية الدين يجعل نصف الجهاد في سبيله جهادًا بالمال، نصف الجهاد يحتاج الكرم {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ}،{إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
    وكثير من آيات القرآن جاءت على هذا المنوال، حيث يقدم الله الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس.
    نماذج الكرم بين الصحابة
    انظروا إلى أثر هذه الصفة في الدعوة:
    - أبو بكر الصديق الكريم رضي الله عنه أنفق الكثير من ماله بل ماله كله في إعتاق العبيد، وتجهيز الجيوش، والإنفاق على الهجرة من ماله.
    - عثمان بن عفان رضي الله عنه جهّز جيش العسرة على نفقته، واشترى بئر رومة، وتوسعة المسجد النبوي، وإطعام المدينة في زمن القحط، كل ذلك شارك فيه بنفقته.
    - عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تصدق بقافلة تجارية كاملة مكونة من سبعمائة ناقةٍ في سبيل الله عز وجل.
    - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنفق سبعمائة ألف درهم في ليلة واحدة على الفقراء.
    هذه النماذج لا يمكن أن توجد لو كان في الناس بُخل فطري، فالرجل الذي يتصف بالبخل من الصعب أن يصل إلى هذه الدرجات، وبناء الأمم يحتاج إلى كرماء، وإلى بذل وإنفاق.
    هذا الدرس تعلمناه من نزول الرسالة في أرض مكة والجزيرة العربية.

    3- الشجاعة:
    كان العرب قبل نزول الرسالة عليهم يفتخرون بالموت قتلا، ويستهينون بالحياة تمامًا، ليس عند العربي مانع أن يفقد حياته وفاءً لكلمته، أو دفاعا عن صديقه، أو حماية لجواره.
    قال أحدهم لمَّا بلغه قتل أخيه: إن يقتل فقد قُتل أبوه وأخوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفًا (ميتة طبيعية في فراشه) ولكن قطعًا بأطراف الرماح، وموتا تحت ظلال السيوف.
    وإذا كنا قد ذكرنا أن نِصف الجهاد بالمال، فالنصف الآخر بالروح، وهذا أشق، إن بناء الأمم كما يحتاج إلى أموالٍ وكرم، فهو يحتاج إلى أرواح وهمم.
    إن الجبان قد يقتنع بقضية ما، لكن قلبه لا يقوى على الإقدام عليها، أمّا العرب فكانت شجاعتهم فطرية، وقد ساعد هذا الأمة الإسلاميّة أن تنشأ وتنمو بسرعة في هذه البيئة.
    ولقد رأينا أثر هذه الشجاعة في بناء الأمة المسلمة.
    نماذج الشجاعة بين الصحابة
    فهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يبدأ المعارك بنفسه ويقول: إذا رأيتموني حملت على العدو فاحملوا. فأول إشارة للقتال ضد العدو أنه تحرك، رغم أنه هو القائد، ويستطيع أن يقف في الأعقاب، ولكنه لم يكن خائفًا من الموت ولا يهتم به.
    البراء بن مالك رضي الله عنه ألقاه جيش المسلمين في معركة اليمامة داخل حديقة الموت -وبها أربعون ألفًا من المرتدين- حتى يفتح لهم الباب من الداخل، ولم يهتم لأن قضية بقائه على قيد الحياة لا تهمه.
    جاء الإسلام ليهذب هذه الصفة -الشجاعة- ويجعلها خالصةً لله، أي مِت شجاعًا لتدخل الجنة، أما الجبان فمن الصعب جدًّا أن تزرع فيه هذه المعاني.
    انظر ماذا فعل الجبن في بني إسرائيل {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} .
    وعلى الجانب الآخر انظر إلى قول المقداد يوم بدر: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ، ولكن امضِ ونحن معك. فكأنه سُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. وفي رواية أحمد: "ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون".
    إذن كانت الشجاعة صفة في غاية الأهمية لبناء الأمة الإسلاميّة.

    4- العزة:
    وهي صفة أخرى من الصفات المهمة كانت موجودة في العرب، فالعربي بفطرته يأبى أن يعيش ذليلاً، يأنف من الذل، يرفض الضيم، يعشق الحرية.
    استمع إلى قول عنترة وقد عاش ومات مشركًا قبل نزول الإسلام:
    لاَ تَسْقِنِي مَاءَ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ *** بَلْ فَاسْقِنِي بِالْعِزِّ كَأْسَ الْحَنْظَلِ
    مَاءُ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّـمَ *** وَجَهَنَّمُ بِالْعِزِّ أَطْيَـبُ مَنْـزِلِ
    وبالطبع لم يكن عنترة يؤمن بجهنم، فقد كان مشركًا ولكنّ جهنم بالنسبة إليه هي النار الشديدة.
    موقف عمرو بن كلثوم
    جلس عمرو بن هند ملك الحيرة مع أصحابه، فقال لهم: هل تعلمون أنّ أحدًا من العرب تأنف أمه خدمة أمي؟ قالوا: نعم، عمرو بن كلثوم الشاعر التغلبي.
    فدعا الملك عمرو بن كلثوم لزيارته، ودعا أمه لتزور أمه واتفق الملك مع أمه أن تقول لأم عمرو بن كلثوم بعد الطعام: ناوليني الطبق الذي بجانبك، فلما جاءت، قالت لها ذلك، فقالت أم عمرو بن كلثوم: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها. فأعادت عليها الكرَّة، وألحَّت، فصاحت ليلى أم عمرو بن كلثوم: واذُلاَّه، يا لَتغلب.
    فمن الذي سمع؟ إنه عمرو بن كلثوم، فاشتد به الغضب، ورأى سيف الملك، معلقًا في الحجرة، فتناوله، وضرب به رأس الملك عمرو بن هند، ونادى بني تغلب، فجاءوا وانتهبوا قصر الملك بالحيرة.
    ودفع الملك حياته جزاء محاولته إذلال عمرو بن كلثوم، وهذا في الجاهلية.

    لا شك أن الأمة التي تنشأ تحتاج إلى هذه الروح وهذه العزة مع توجيهها لله عز وجل {مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَللهِ العِزَّةُ جَمِيعًا}.
    لذلك كان قبول المسلمين في مكة بفكرة عدم القتال، وعدم رفع الظلم الواقع عليهم أشقَّ على نفوسهم من قبول فكرة الجهاد في سبيل الله، وبذل الروح في العهد المدني، لأنهم تعودوا على العزة ورفع الرأس، وعدم قبول الظلم، وهذه الصفات لا تنفك عن أولئك الذين يحملون أمانة هذه الأمة.

    5- الصبر وقوة التحمل:
    اكتسب العرب هذه الصفة من طبيعة بلادهم الجافة، وظروف المعيشة القاسية، وبُعدهم بصفة عامة عن الترف، فكانت هذه الصفة من الصفات العظيمة التي كفلت للدعوة النجاح، فلا بد من صبر لتحمل مشاق الرسالة الضخمة.
    - صبر على الفقر، ولمدد طويلة.
    - صبر على الجوع، فقد يحتاج إلى جهاد طويل، ولا يقيم صلبه سوى تمرات قليلة.
    - صبر على المشقة والحرِّ والتعب والسفر الطويل، والحصار الأطول.
    -صبر على القتال والنزال والجهاد.
    - صبر حَتَّى على تأخر النصر، فلا يستعجل ولا يمل ولا يضجر.
    ومن كانت هذه صفته، وكان بعيدًا عن الترف، كان دعامةً راسخةً للأمة الإسلاميّة.
    ===============
    الكثير منا قد يكون لديه طموح وآمال في أن يقفز على واقع العمل؛ وما قد يصاحبه من صعوبات أو رتابة إلى آفاق جديدة رحبة، يحقق بها ذاته؛ وطموحاته وآماله، ويساهم في تنمية وتطوير بلاده ، ولكن ليس كل منا يستطيع أن يحقق آماله؛ فمنا من قد يقف عن حدود هذه الآمال، ويأخذه الخيال بعيداً ثم يعيده من حيث بدأ؛ ويظل محلك سر..

    ومنا من قد تتوالد لديه مع هذه الآمال أفكار جديدة؛ تضع احتمالات لتغيير واقع العمل دون أن يتخذ خطوة لتحقيق هذه الأفكار، ويظل كذلك في مربعه الأول، ولكن منا من يحلل الواقع ويتصور المتغيرات؛ فتنبت الفكرة لديه؛ ويسعى بكل قوة لتنفيذها، لأنه أقتنع بها وعزم على إظهارها للوجود .. والواقع أن ميلاد الفكرة إلى حيز التطبيق يمر بزماننا هذا بصعوبات بالغة؛ إذا يظل تطبيق الأفكار الجديدة مرهونة بتمكن صاحبها من اختراق كافة الصعوبات والمعوقات التي تواجهه ..
    لذا فالكثير يلجأ لتنفيذ فكرته إلى القيام بإجراءات تمهيدية؛ تتمثل في البدء بدراسة بيئة العمل التي سوف ينفذ بها فكرته فيحللها تحليلاً جيداً؛ ثم يتنبأ بنسبة لقبول فكرته ونسبة للرفض؛ ويحاول أن يرجح كفة القبول على كفة الرفض، ثم يحلل مدى قبوله الشخصي من الجانب الوجداني لدى الآخرين؛ ويحاول أن يَنفذ إلى قلوب متلقي الفكرة.

    فقد أثبت الواقع أنه كلما اتسع نطاق القبول الشخصي لأصحاب الأفكار الجديدة؛ كلما تسربت الأفكار إلى مكنون متلقي الأفكار الجديدة، ولاقت قبولاً لديهم ..
    فإن فُتح الباب أمام صاحب الفكرة الجديدة لسماع فكرته؛ قام باختيار أبسط الوسائل لتوصيل فكرته لدى الآخرين، واستعد للرد على أسألتهم؛ التي يتوقعها مسبقاً، فضلاً عن وضعه تحليلاً منطقياً لمجابهة المخاطر التي تتولد عن تطبيق فكرته، والخطط التي تتلاشى بها هذه المخاطر، بالإضافة إلى مراعاته للقدرات التمويلية المتاحة لتطبيق فكرته والعائد منها، كذلك وضعه لمعايير لتقييم الفكرة من حيث التطبيق للوصول لمدى جدواها، فضلاً عن وضع خطة مستقبلية، تتخطى بها فكرته حُجب حيز تطبيقها.

    ولكن إذا كانت المسألة كذلك؛ وكان الطريق لطرح الأفكار ليس ممهداً؛ وبات العالم يبحث عن الوسائل التي بها يذلل ميلاد الأفكار الجديدة حتى لا تظل حبيسة الأدراج.. فإن ذلك إنما يبعث على التأمل .. فالأفكار إنما تتداعي إلى أذهننا بإلهام من الله؛ وقد يكون سببها دافع ما؛ إما أن يكون أخلاقيا أو غير أخلاقي، فالأفكار في حقيقتها ترجمة للقيم التي نعتنقها؛ تشتعل في أذهاننا استجابة للأمور التي ندركها كمنهج للوصول إلى الحقيقة، فهي نتيجة لتفاعلنا مع ما ندركه سواء أكان ملموساً أو غير ملموس، وقد يقابل تطبيقها كما ذكرنا العديد من الصعوبات التي تعيق بصيصها إلى النور .

    لذا فإن ذلك إنما يعني أن مسألة التمهيد لقبول الأفكار الجديدة لدى الآخرين قد لا يقوى علي بعضها أصحاب الأفكار، لأن قبولها لدى الغير قد يرتبط بتصرفات غير أخلاقية؛ مثل مداهنة أصحاب القرار، فيفضل صاحب الفكرة الانسحاب حتى لا يفرط في قيمه الأخلاقية التي نبتت منها فكرته ..

    إذن الحقيقة أن تطبيق الأفكار في الدول النامية بات يعاني من انسداد الأفق .. والحل لهذه المشكلة إما أن نرسخ القيم في مجتمعنا حتى يجد أصحاب الأفكار طريقاً ممهداً لطرح أفكارهم، وإما بالعمل على تطبيق الوسائل الحديثة لطرح الأفكار دون معوقات كتطبيق فكرة “حاضنة الأفكار” والتي بها تُطرح الفكرة وتدرس جيداً للوقوف على سبل تطبيقها ونسبة المخاطر المقبولة بها، لتكون صالحة للتطبيق.
    ===============
    في الشريعة السمحة آداب اجتماعية عالية لو عمل بها المسلمون، لما لحقت غبارهم أمة في مكارم الأخلاق وتهذيب النفوس، فلو عمل المسلم بشريعته فأخرج الزكاة مثلًا لما رأيت اليوم فقيرًا ولا جائعًا ولا عريانًا، ولو تجانف الكذب والتزوير وأكل المال بغير حق لما اشتغل القضاة طول النهار بفض الخصومات بين الناس.

    البشر الآن في ضائقة، لم ينلهم بعضها من عهد حفظ التاريخ، أمن المروءة أن ينعم بعض أفراده ويسرفوا على حين تكفي فضلات طعامهم والزوائد من رفاهيتهم ومظاهرهم لأن تعول كثيرين من المحاويج؟! وأغرب طرق الإسراف أن يفضل المتوسط الذي هو أقرب إلى الفقر من الغنى على الأغنياء والمنعمين ليقال عنه إنه كريم، وهو يرى في أهل محلته والمحتفين به مئات يطوون الليالي على الطوى ولا راحم لأنينهم.

    كثير من أوضاعنا وعاداتنا يحتاج إلى أن يعالَج بالإصلاح لنعود به إلى هدى الإسلام، أو حتى إلى أساليب المدنية الحديثة، فقد أصبحنا في معظم حالاتنا لا إلى القديم نُنسب ولا بالحديث نُعرف أو نَعرف، فغدا مجتمعنا وفيه كثير من الغث والرث وضروب من سخيف العادات والمراسم.

    دعا منذ أيام أحد المنتسبين للمعارف مائة وثلاثة أشخاص من أهل بلده إلى حضور مأدبة لهم أقامها في داره، وأطعمهم أجود الطعام، وضروب الحلواء والمعجنات، ولولا لطف المولى لأصيبوا بالتخمة وسوء الهضم! وقد كان المدعوون أشتاتًا لا تجمع بين كثير منهم إلا جامعة السكنى في بلده، ومن العادة أن يجتمع في المآدب الخاصة عند المتمدنين أهل طبقة معينة من الناس حتى يأنس المدعوون، يتساوون في الجلوس إلى الخوان بحيث يكلمهم صاحب الدعوة ويكلمونه، ولكن هذه الدعوة كانت كما هي معظم الدعوات في هذه الديار لمجرد إملاء بطون المدعوين، كأنهم في مطعم اجتمعوا بالعرض، ولا جامعة بينهم إلا جامعة الأكل.

    فتأمل أمشاجًا من الناس يشتركون على طعام، وهو ساعة مؤانسة ومباسطة، هل يجدون حديثًا يلذهم على السواء، وينفض عقد اجتماعهم على لا شيء، اللهم إلا قشور من حديث معاد، وأمور لاكتها الألسن، فلا تنفع في دين ولا دنيا.
    قد يضطر بعض أرباب المروءات إلى عشرة المتخالفين في الأذواق والمشارب، وتدعوه الحال إلى مباسطتهم والأنس معهم أحيانًا، فإذا أراد أن يجمعهم كلهم في صعيد واحد في يوم واحد، يكون قد أساء إليهم في الحقيقة أكثر مما أحسن، خصوصًا من علت عاداتهم عن مستوى العادات العامية، التي لا ترجع إلى أصل من الأصول المتعارفة، فقد قال حجة الإسلام في باب آداب المآدب من إحياء العلوم: "وينبغي للداعي ألَّا يدعو من يعلم أنه يشق عليه الإجابة، وإذا حضر تأذى بالحاضرين بسبب من الأسباب" ، والغربي اليوم إذا دعا في الغالب إنسانًا يقول له أو يكتب أن مأدبته يكون عليها معه فلان وفلان، فالمدعو إذا لم يرقه الاجتماع بأحدهما يكتب قبل ميعاد الدعوة بالاعتذار عن الحضور.

    وليمة فيها زهاء مائة مدعو، لو أدبت في أرقى عواصم الأرض لما حوت إلا أخلاط الزمر، فعلى من اضطر إلى دعوة هذا العدد الدثر أو السرية الكاملة، أن يقسمها إلى خمس مآدب ويقسم الأطعمة وما يتبعها، والنفقات وما يتشعب منها، على تلك النسبة، وهناك تحصل الفائدة من الاجتماع، ويعرف كل مدعو أنه حضر واستأنس حقيقة، وإذا كان صاحب الدعوة يريد مظهرًا، فمظهر الخمسة أكبر من مظهر الواحد على كل حال.

    أقبح ما يقبح من أحوالنا أن نسرف في موطن نحتاج فيه كل الحاجة إلى الاقتصاد وصرف المال في سبيله المشروعة، نطعم أرباب المظاهر، ونسرف في المأكل والمشرب والملبس، ثم نشاهد عباد الله يتضورون جوعًا، ولا تأخذنا بهم رحمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (شر الطعام طعام الوليمة، يدعى إليها الأغنياء دون الفقراء).
    ==============
    لذاتِ الإنسان أفقٌ مشرقٌ يبددُ عنه ظلماتِ الحياة الدنيا، يأوي إليه كلما اشتدت تلك الظلمات بالأكدار والمنغصات، ويشعر بأن شيئا يدفعه للخلاص من قيود الشهوات المحرمة وإغراءاتها، والنجاة من غم الزمان ورزاياه، والفوز بالقبول من الله تبارك وتعالى، فيغسل روحه بأنوار الهداية، ويعود بعد أن أسرف في الخطايا إلى جادة الصواب، إلى أفضل النجدين وأسمى الطريقين : [إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا] ، وفي هذا الشهر المبارك تتجلى رحمة الله بعباده، حيث تُفتح أبواب السماء آناء الليل وأطراف النهار تستقبل التائبين المستغفرين العائدين من أسواق الدنيا البائرة إلى جادة الحق والصواب.

    والصالحون تلقوا هذه النسمات الغيبية بما تستحق من إصغاء لصوتها، ومن حركة جليلة لسيرة حميدة تترجمها أقوال الناس وأفعالهم، قال لقمان لابنه : عوِّد لسانَك : "اللهم اغفر لي " فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلا ، ولقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "طوبى لمَن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا" وهنا يحور الإنسان الواعي إلى نفسه وفطرته، ويمتلكه الحنين إلى عالَم آخر يتحرَّاه المؤمن خلف آفاق الغيب، فتشرئب روحه التوَّاقة إلى وعد الله بالسعادة الأبدية التي ينالها العباد الصالحون بإيمانهم المطلق بربهم، وبكفرهم بكل أنواع الأوثان التي يعبدها الناس من دون الله : [إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ].

    إن الشرك بالله سقوط بقيمة الإنسان الذي فضله الله وأكرمه، وهو باب الغضب الإلهي على هذا المشرك المسرف، الذي أغفل ما لله من عفو ومغفرة، فلو قام العبد يريد الله بصدق لمشى الله إليه برحمته وعفوه، ولو مشى العبد إلى الله بهمة وصدق لهرول إليه ربُّ العزة والجلال، فلطف الله ورحمته لا حدود لهما، فالإقبال على الله بتوبة صادقة هي بادرة التغيير في النفس، وعلى عتباتها يمحو الله ما كان من عبده و (الإسلام يهدم ما قبله) كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبالتوبة والاستغفار يشعر المسلم بالقوة، ويأمن من العذا، ويحظى بجنة الله ورضوانه وبالعز والسعادة التي ينشدها الناس في دنياهم : يقول سبحانه : [ ويزدكم قوة] ، ويقول عزَّ وجلَّ : [وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون] ، ويقول تعالى : [يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهارا] فهل بعد هذا من خير ؟ إذن : [أفلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ] .

    إنها رسالة الرحمة الإلهية للخلق أجمعين، فإن الله أراد لهم سعادة الدارين، فسخر لهم ما في الأرض، وهيأ لهم أسباب تلك السعادة على أبهى وأجلى صورها، ومهد لهم بعفوه سبل النجاة، وأوقد لهم معالم الفوز على طريق الحياة، ولم يدع من خير إلا وأمر للأخذ به، ولم يدع من شر إلا وحذَّرهم منه، وأشرع لهم بسابق رحمته أبواب الرضوان الأكبر، يقول الله تعالى في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي؛ وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبرا، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).
    وإنها دعوة من الله لعباده إلى صدق الإنابة وسمو التقوى التي تترجم تلك الإنابة بالعمل الصالح [منيبين إليه واتقوه].

    وفي شهر الصوم تزدان أسواق الرضوان وتزدهر بالاعتكاف، حيث يتخلى المرء عن شهواته وملذاته وزياراته وبهرج دنياه، ويقبل بكليته على مولاه، والاعتكاف نوع من التربية الربانية الروحية، وهو السُّمُو الأعلى للنفس البشرية التي تناجي ربها وتقنت له، وتدخل بكليتها في ديوان رضاه، لتصوغ توجهها صياغة ربانية تقوم على توحيد الله والالتجاء إليه، ومن ثم تسعى في فعل الخير المتمثل في إعمار الأرض بالأمن، الأمن الذي يجد فيه الإنسان ذاته، فيسعد في رحاب هَدْيِ الله تبارك وتعالى، بعد أن نجح في حيازة وثيقة الإيمان.

    فالإسلام بهذا يدعو إلى الزهد المتميز بالنقاء الروحي، أي بالظمأ إلى ما يرقى بالنفس الإنسانية، مع محافظته على حاجات الجسد للبقاء في خدمة ذلك الرقي، وهنا تتجلى ما للروح من تأثير سامٍ على الجسد، فإذا ما تغلبت شهوات الجسد على تأثير الروح، سقط الإنسان في يد الشيطان، فيأخذه إلى البوار في الدنيا، والخسران المبين في الآخرة .
    إن العناية بسمو الروح تعني البدء بالسير على هدى وبصيرة من الله، وأما العناية بمتطلبات الجسد الحيواني فإنها ارتكاس وتدنٍّ إلى أسفل، حيث الشيطان ومساراته الهابطة .

    وهنا يكون الصوم علاجا لهذا الارتكاس، ومنقذا من طغيان حاجات الجسد إذا لم تقيدْها شريعةُ الله، وتوجهها تعاليمُه القويمة .
    ويكون الصوم سلاحا ذا أثر فاعل للانتصار على العدو البغيض للإنسان ألا وهو الشهوة المحرمة التي تكون حجابا بين العبد وربه سبحانه وتعالى . ويكون الصوم موسما للاستعداد بقبول مكارم الأخلاق للنفس، فبها يكون الإعمار للمجتمع الإنساني الذي يريده الإسلام على وجه الأرض .

    فالجسد يصوم عن الطعام والشراب والشهوة، واللسان يصوم عن الغيبة والنميمة وشهادة الزور، والعين تصوم عن النظر إلى المحرمات ... وهكذا فإن جميع أعضاء الجسد تصوم عمَّا لا يحق لها أن تستبيحه في ليل أو نهار.
    copied
                  

08-04-2022, 11:29 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الـهـاربـونَ إلى الـكـهــف
    كانوا في كهفٍ يُتصور ظلمتُه وضيقُه ورعبه، فإذا هو رحماتٌ مسبغة، وأنوارٌ ساطعة، وطيباتٌ متدفقة، في حين أنّ أناسا لا يزالون في كهوف حياتهم المظلمة، ومعايشهم التعيسة، وثرواتِهم الموحشة.! والسببُ قلة دينهم ، وسعةُ دنياهم، وتضييعُهم شريعة ربهم، وركونهم إلى دنيا قاتلة، ومتاع رخيص، لم توقظهم مصارع أهله، ولا تهافت طلابه.

    فرّوا من ضيق حياة متسعة، إلى ظلمة كهف مورقة، فصبغهم الله بفضله، وأمدهم برحمته [فأووا إلى الكهف ينشرْ لكم ربكم من رحمته].

    انظر إلى الرحمن كيف عطاؤه وسخاوه للفتية الأبرارِ وتبدلَ الخوفُ الشديد سلامةً وهدايةً من عالم الأنوار.!
    فروا مُتعبينَ ملهوفين، فإذا كهفهم يُغدق عليهم، ويحطُّ عنهم المتاعب، ويضع الأرزاء، وتغشاهم السكينةُ الجميلة، والراحةُ اللذيذة، فيطير التعب، وتنزاحُ المخاوف، ويحل الأمن والرخاء [ويهيئ لكم من أمركم مِرفقا]. وفِي حديث قدسي صحيح:(يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ).
    كان مِرفقًا عجيبا، حاطهم بالنعمة والخير، وسكّن روعتهم، ولَمَّ شعثهم، وسد جوعتهم، وأحسن ضيافتَهم.
    فرّوا والإيمانُ حاديهم، والتوكلُ عمادهم، والذكرُ أنفاسهم، وقد أيقنوا أنّ الله حافظٌ عباده، وناصرٌ دينَه...

    فرّوا على علم ودراية ، وشجاعة وبسالة، لم تخفهم الحادثات، أو يرهبهم البطش، وصدعوا بالحق في موضعه [إذ قاموا فقالوا ربنا ربُّ السموات والأرض ..].
    وشمَخوا بالعلم والتحدي العقلي، لتلكم الآلهة، وهذه الوثنيات..! وكيف لعقل آدمي، متّعه الله أن ينصاع لإرث قديم، غيرِ مقنع [لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فمن أظلمُ ممن افترى على الله كذبا].

    ولم تمنعهم حالةُ الفرار كذلك من سؤال ربهم واستغاثته [فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً.. ]، أي تثبتنا بها وتحفظنا من الشر وتوفقنا للخير، وتمنع عنا كل بلاء وشقاء؛[وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا] أي: يسر لنا كل سبب موصل إلى الرشد، وأصلح لنا أمر ديننا ودنيانا، فصلح لهم دينهم بالثبات، ودنياهم بالراحة التامة، والنجاة الملتذة .
    فأكرمهم الله بأن زادهم إيماناً، وملاهم هدىً ورحمة، وأكمل عليهم صلاحَهم وثباتهم.. فلم تغرَّهم فتنة، ولَم تُرهبهم نقمة، ولَم يُخِفهم عدو، أو متربص، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشتُه القلوب، يستعصي على الانقلابِ والانحراف.
    وكيف ينحرفُ أو يتغير من يغشى لبه إيمان، ويحيا به نورًا، ويستطعمُ به السعادة، التي لم توفر سابقا، برغم المُتع والجاه والدنانير[فلنحيينه حياةً طيبة].
    فذاقوا الحياةَ الطيبة، لما زكت نفوسُهم، وصحت أعمالهم، وتدلى عليها الإخلاص والخضوع، وامتلأت الأرواح بالحب والقرب والإخبات، حتى إنهم لمًا استيقظوا وكلوا علم مدتهم الى ربهم [قالوا ربكم أعلم بما لبثتم].
    وسألوا طيبَ الطعام وأزكاه وأسلمه، وهم في لحظات جوع واحتياج، وساعات خوف واضطرار، ولكنها التقوي الفاشية، والمراقبة المطبقة، التي تضبط السلوك، وتذكر بعين الله وإحاطته،[فلينظرْ أيها أزكى طعامًا].

    لم يكن ذلك الكهفُ الموحش إلا حياةً جديدة لشباب الإيمان، ألهمهم الله به، ونجاهم من مكر الظالمين، وأنبتهم به نباتًا حسنا، ومنع عنهم الأذى [فأووا إلى الكهف] فكان أشبه ما يكون بالايواء الإيماني، المكلّل بأنفاس الذكر والطيب والصفاء.

    فلا خوفَ بعد اليوم، ولا قلق تلك الساعة، فقد نزلتم في ضيافة الكريم المنان، فمُنعت العيون، وكُبتت الظنون، ودُحرت الجنود، ولله الحمد والمنة، فقُطع الدابر، واستؤصل الماحق، والحمد لله رب العالمين.
    copied
                  

08-07-2022, 00:19 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    التفكير عملية ذهنية مركبة يصعب وضع تعريف لها بقدر صعوبة مكنونها، وإن كان يمكن القول:" بأنها عبارة عن نشاط عقلي تلقائي غير مرئي وغير ملموس خاص بالدماغ يتميز به شخص عن آخر".
    كما يمكن القول بأن هناك طرق للتفكير قد نجد أنفسنا – سواء بإرادتنا أو تلقائياً- نعتنق إحداها.
    فهناك من يغلب على تفكيره الابتكار وهو ذلك الشخص الذي ينتقل من فكرة إلى آخري ليصل إلى فكرة مبتكرة، كمن يعبر جدولا مائيا فيلقي حجراً كبيراً في الماء ليضع قدمه عليه لينقله إلى الجانب الآخر.

    فالمبتكر هو ذلك الشخص الذي يستخدم فكرة مثيرة لتوصله إلى فكرة أخرى، وهو الذي يقول لك أين تتجه، فالمبتكر يتخطى الأحكام العقلية التي يمكن أن تكبله ويثبت أن الحلول القائمة ليست الوحيدة.
    وهو بذلك يختلف عن الشخص العقلاني الذي يقول لك يجب أن تفعل أو لا نفعل كذا طبقاً للمنطق.
    فالشخص المبتكر هو ذلك الشخص الذي يبحث عن البدائل.

    وهناك من يغلب على تفكيره النقد وإبراز السلبيات وهو ليس دائماً بالشخص السيئ طالما حسنت نيته، فالتفكير النقدي المبني على الحقائق يبرز الأمور من كافة جوانبها.

    ومع ذلك فهناك من يسئ استغلال التفكير النقدي عندما لا تكون نيته حسنة؛ ويسعى إلى التفوق السريع، أو تحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة، أو على حساب الآخرين، فيقوم بتوجيه أسهم النقد بغاية إثارة الانتباه دون تحري الصدق، أو مراعاة لقواعد النقد التي يمليها القانون أو الأخلاق أو اللياقة.

    والواقع أنه في زمانا هذا الكثير من المفكرين يحبذ التفكير النقدي لكونه أسهل الطرق للوصول إلى انتباه الآخرين دون مشقة أو جهد على خلاف التفكير البناء الذي يستغرق جهداً ووقتاً.
    وعلى خلاف ما سبق هناك من يرى أن الحقائق المجردة الحيادية دون أي إضافة أي صبغة هو المنهج الأصح في التفكير، باعتبار أن الحقائق والمعلومات سوف تصل حتماً إلى نتائج موضوعية مجردة فهو لا يسعى إلى التفكير النقدي أو التفكير الابتكاري إلا إذا ولد تلقائياً من رحم الحقائق.

    فصاحب هذا الاتجاه يعتبر المعلومات أو الحقائق الثابتة كافية للوصول إلى النتائج المبتغاة، ولاشك أن لهذا الاتجاه ما يميزه عن غيره هو الآخر.
    وهناك من يرى أن التفكير لا يمكن أن يكون إلا إذا كان مقترناً بالمشاعر والعاطفة باعتبار أن المشاعر قاسم مشترك للتفكير الكلي للإنسان، ولا يمكن تجاهلها، ولكن يلاحظ أن معتنقي هذا الاتجاه يميلون عند تعاملهم مع الآخرين إلى التخمين، فالعاطفة عندما تعانق الفكر تعد سبباً قوياً لميلاد الحدث أو التخمين.

    وأخيراً هناك من يميل إلى استخلاص الأفكار الإيجابية من الأحداث السلبية وهو اتجاه يعكس اتقاد ذكاء أصحاب هذا الاتجاه، فهم يرون الجوانب غير الواضحة التي لا ينتبه إليها غيرهم.

    وعلى كل حال فلكل منا طريقته في التفكير؛ ولكن الحقيقة أننا يمكن أن نفكر بكل الطرق السابقة إلا أننا غالباً ما نميل إلى إحداها ونتخذه منهجاً لتفكيرنا، فالأمور التي نخير فيها تشكل قوة ولكن هذه القوة يمكن تطويعها بأفكارنا.

    فإذا عزمنا على تغيير هذه المنهج الذي نرتضيه لأنفسنا في التفكير؛ فالثابت أن ذلك لا يتم بسهولة ولكن غالباً ما يسبق ذلك حالة من التخبط والشك .. فكما يقال: الأزمات تصنع الإنجازات.
    =============
    أغلى هدية وأجملها، يمكن أن تهديها لأبنائك، أو أحبابك وأصدقائك ، فهي مطلوبة بشغف، ومعشوقة بهيام.
    • والكمام قناع أخفى الوجوه، وشابه الحجاب، واختفى من خلاله الرجال فلا يكادون يُعرفون.
    قالوا تحجبتِ الرجالُ كما الغواني... وصرنا في المخافي والمعاني
    • صرنا مستخفِين، وتعلم أكثرنا النظافة والنزاهة ، وبتنا لا نرى أصحاب الكحة والعطاس وملوثي البيئة .
    وكمامٍ لنا أسدى جميلا... وعلمنا النظافةَ والوقارا

    • والسنة في العطاس كما في الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس غطى وجهه بيده أو بثوبه، وغض بها صوته) رواه أحمد، وأبو داود .
    • وكنّا لا نراها إلا في المشافي ، ومن سمات "منسوبي الصحة"، فبرزت هذه الأيام ، وغلت أسعارها، وانعدمت أحياناً، وسيمت بأموال غالية!
    • وظهر أطباء يعلموننا لبسها، وآخرون شككوا في جدواها.
    • والآن وبعد هذه الفترة من انتشار الوباء، باتت شكلا معتادا، ومنظرا صحيا حضاريا، يشي بوعي وأدب وانضباط !
    • تلقى أصدقاءك وقد لا تعرفهم، قلّ الصحاب والسلام والتلاقي، وظل أكثرنا مسرعين في صخب الحياة وضجيجها؛ فالصحة غالية، والموت الذريع يحصد بلا هوادة.

    • واستعمال كمامة واحدة لفترة طويلة، يجعلها مرتعًا للجراثيم واللوثات؛ فلا تعجب اذا رأيت أناسًا لا يغيرونها فهم لا يزالون في المرحلة البدائية الصحية .
    • يقال: لو تحول الخياطون إلى حاكة للكمامات لضربوا الأسواق، واغتنوا سريعا، وضروا بالمصانع التي تأخرت في ترويجها والاستعداد للأزمة.
    • الساخرون من حجاب المرأة ونقابها، تنقبوا هذه الأيام، وأحدهم جرّمه ومنعه، وظهر وهو مرتد النقاب .. في كامل الحشمة والطهارة..!
    • قيل : كما خفتم من المرض والهلاك، فخافوا اللسان وآفاته، والمنطق ومزالقه، وكمموا جوارحكم اتقاءً لمقت الله وعقابه{ألم نجعل له عينين ولسانًا وشفتين}.

    • استدرك بعضُ اللغويين على قولهم "كمامة" بالتشديد لفظا ومعنى فقال: الكِمام، بالكسر، والكِمامة : شيءٌ يُسدُّ به فم البعير والفرس.
    أما النقاب فهو للمرأة وكانوا يسمونه في الجاهلية البرقع والقناع والنقاب، وللرجل يقال: اللثام أو اللفام، يفعل في الحرب وللغبار، والتمويه .
    • ومما لا يعرفه بعضُ الناس، أن الكمامة ولو أشعرت بالاطمئنان تحتاج إلى تغيير، فبعضها استعمال لمرة واحدة، وليس لأيام، لأنها سريعة التلوث، عرضة للآفات، فوجب الحذر ..!
    • ومن فوائدها: أنها عززت الجانب الصحي لدى الإنسان، ووهبته حس النظافة والانتباه، في عصر قلت فيه النباهة، وكثر الاختلاط، والأكل من كل الجهات.
    فهي مقدمة لوعي صحي مدني، يحتاج إليه ساكنو العالم المتحضِّر.

    • ومع ذلك فتوقّينا الذنوب أولى وأجدر، لا سيما وقد تحسسنا تعبها، وتجرعنا مرارتها، ورأينا ويلاتها، فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، كما قال الأسلاف قبلنا.
    • وساعدت الكمامة على التخفي وقلة الكلام والتواصل والمرور السريع، فهي علامة خفة الحركة، لا سيما مع محبي الوقفات والعناقات.. وشرعنت لعبارة : "السلام نظر" يعني بالعين فقط.
    • وهي باتت قانونا اجتماعيا وصحيا هذه الأيام ؛ لا سيما إذا صح حتما أن الملامسة من أسباب العدوى السريعة، فيكفي النظر والإشارة، والدين يسر، والحمد لله.
    ================
    الإفراط في ممارسة الألعاب الإلكترونية، والجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات أثناء فترة الحجر المنزلي، ضاعف من مخاوف الأسر والعائلات بشأن الأضرار الصحية والنفسية الناتجة عن إدمان مثل هذه الألعاب، التي تتربح من وراء انتشارها كبرى الشركات في العالم، فقد ساهمت بمنتجاتها تلك في تدمير عقول النشء والشباب وجعلتهم عبيداً للآلات.
    ففي الوقت الذي تسبب فيه وباء "كورونا" بخسائر فادحة في الخدمات والصناعات والسياحة، وهوى بمؤشرات أرباح شركات الطيران العالمية، وعزل ملايين البشر عن العالم، وفرض عليهم الإقامة الجبرية في منازلهم، كان هناك صناعة وحيدة تزدهر، لتكون المستفيد الأكبر من هذا الوضع، وهي صناعة ألعاب الفيديو، حسبما كشفت شبكة "CNN" الأميركية، في تقرير سلط الضوء على تزايد الإقبال على هذه الألعاب، التي لا تحتاج ممارستها إلى مغادرة عتبة المنزل.

    أثبتت هذه الظاهرة أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت سلاحاً ذا حَدَّين، كون الفرق بين إيجابياتها وسلبياتها بات يتوقف في عصرنا هذا على مدى استخدام الفرد لها، فإذا استخدمها الفرد كنوع من المعرفة، ومسايرة الواقع، لمتابعة ما يدور خارج النطاق الذي يعيش فيه، أصبح الأمر إيجابياً، والعكس، إذا لم يستخدم بالشكل الصحيح يصبح سلبياً، بحيث يستخدمه في غير موضعه، كتضييع الوقت في الألعاب الإلكترونية، التي أصبحت إدماناً لا يستطيع الفرد الإقلاع عنه، كإدمان المواد المخدرة التي تنعكس على الشخص بانعكاسات سلبية.

    فإذا أردنا الاستفادة من التطور التكنولوجي في صناعة إنسان المستقبل، يجب أن يكون تركيزنا منصباً في الجوانب الإيجابية، فقد نشرت مجلة "فوربس" الأميركية مؤخراً، تقريراً تحدثت فيه عن أهمية التفكير الواعي في مساعدة الأفراد على تجنب الأضرار التي قد تخلفها التكنولوجيا في عصرنا الحالي، وأضافت المجلة: أن هذا التقرير كشف عن توجه الأفراد والمنظمات في الآونة الأخيرة نحو "مراجعة النفس حول ما تعنيه التكنولوجيا بالنسبة لهم، كما أعربوا عن رفضهم للمنتجات والخدمات التي لا تلبي احتياجاتهم"، الأمر الذي يعني أن الإنسان لديه حرية الاختيار في الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة بالشكل الذي يلبي احتياجاته.

    وأخيراً.. ستغير الثورة الصناعية الرابعة، ما نقوم به وما نحن عليه، وستؤثر على هويتنا وكل الأمور المرتبطة بها، حيث سيتغير شعورنا بالخصوصية، وبمفاهيم الملكية، وأنماط الاستهلاك، والوقت الذي نكرّسه للعمل والترفيه، وكيفية تطوير عملنا، وتنمية مهاراتنا، ولقاءاتنا مع الآخرين، وتعزيز علاقاتنا، لذلك علينا أن نكون حذرين في التعاطي معها، ونستخدمها بالشكل الصحيح، الذي يساهم في صناعة إنسان المستقبل، لا في إضاعة الوقت واللعب واللهو، بما يسبّب لنا الضرر.
    ================
    إنني أكره التدُّين المحجوب عن جمال الكون وعظمته، المشلول عن فهم أسراره وتسخيرها لمصلحته .
    وبين الحين والحين يساورني ـ وأنا أتلو القرآن ـ شعور بأن الله يريد لفتنا إلى إبداعه في الأنفس والآفاق، يريد إشعارنا بما في كونه من دقة ورقة ولطافة واقتدار، يريد من النَّاس أن يطالعوا آيات عظمته في هذا الكون الدَّال على ربه، الموجِّه إليه بالليل والنهار.
    وهل يقسم الله بعناصر كونٍ تافه؟ انظر إلى هذه الصورة: [فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق]، إنها صورة الأصيل المحمرّ الأفق يعقبه الغروب، وبزوغ القمر.
    ثم صورة أخرى لمرحلة تابعة من مراحل الزمان: [والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس]، لقد تحركت الدنيا واهتز صدرها بأنفاس اليقظة الباكرة.

    إن الذى خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، يطلب منَّا أن نستكشف صفاته في أرجاء ملكوته، وأن ننظر إلى العالم على أنه مَجْلى أسمائه الحسنى، وأن نبنى سلوكنا بعد ذلك على إيمان وثيق، وخضوع مطلق، وأن نسترشد بوحيه ونحن نكدح على الثرى استعداداً لرحلة العودة، وهى رحلة لابد منها، [هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده].

    إنه أمر مثير للعجب أن يعيش جمهور المسلمين من بضعة قرون لا يعرفون عن الكون شيئا يذكر، وأن تكون علومه ثانوية في ثقافتهم الخاصة والعامة، وأن يكون التعرف على أسراره وقواه شيئا كماليًّا خفيف الوزن عند البعض، وضربًا من اللغو والعبث عند البعض الآخر!!

    فما الذى استحوذ على انتباههم من فنون المعرفة؟ كلام في دين الله لو عرفه سلفهم ما فتحوا بلدًا ولا أنشؤوا حضارة!! في الوقت الذى صدَّ فيه المسلمون عن الدراسات الكونية أوغل آخرون في طريقها، وحققوا مآرب رهيبة، ثم طوَّعوها لنصرة عقائد باطلة وفلسفات وضيعة!!
    إن هذه القطيعة الموحشة بين الدين من ناحية وبين الكون والحياة من ناحية أخرى ينكرها الإسلام كل الإنكار، ويطلب من عباد الله الصالحين مسلكاً يناقضها كل المناقضة.
    قد تقول: نحن نعرف ذلك ولا جديد فيما تحكى!

    وأجيب: لا يزال الشباب الذى يريد المتاب والعمل للإسلام يدير ظهره للدنيا وعلومها، ويخفف حقائبه من البحوث الكشافة للقوى الحيوية الكثيرة، ويظن الذكر والشكر في العبادات المحضة!
    كنت في بعثة إلى "نواكشوط " - عاصمة موريتانيا الإسلامية - تهتم بشئون الدعوة، ورأيت هناك جماعة من الشيوعيين الصينيين لا يعملون للسماء وإنما يعملون للأرض، استطاعوا اكتشاف منابع للمياه العذبة، ومدُّوا شبكة للأنابيب إلى الأراضي التي كانت تحتاج إلى المياه!

    ورأيت هؤلاء الشيوعيين الصينيين في اليمن يشقون في قلب الصحراء وبين سلاسل الجبال طرقاً "مزفتة" أو "مسفلتة" بتعبير العوام! فقلت في نفسى: من أقصى الشرق، من بعيد بعيد، يجيء هؤلاء ليصنعوا في بلادنا ما يصنعون! فماذا نعمل نحن؟!
    لقد شعرت بالغيظ عندما علمت أن قُطرًا إسلاميًّا كان يُصدِّر القمح أيام كان مستعمرة، فلما استقل، ووقع زمامه بين أيدى أهله اقشعرت الأرض، وبدأ استيراد القمح من الخارج!!
    وشعرت بالاستحياء وأنا أحصى الدول الصناعية المنتجة فلا أجد بين العشر الأولى، ولا بين العشر الثانية، دولة مسلمة واحدة!!

    ومعروف أن اليابان بدأت نهضتها من قرن تقريبًا، وأن شعوبًا إسلامية بدأت نهضتها في الزمان نفسه، ووصلت اليابان إلى الذروة وبقينا نحن في السفح!
    ما السبب؟ قد يكون لفساد الجو السياسي دخل كبير، ولكن فساد الجو الثقافي له ـ في نظري ـ دخل أكبر.

    إن دين الله لا يقدر على حمله ولا على حمايته الفاشلون في مجالات الحضارة الإنسانية الذكية، الثرثارون في عالم الغيب، الخرس في عالم الشهادة.
    وأشعر بأن فقر المسلمين إلى الاستبحار العلمي لخدمة دينهم ودنياهم يحتاج إلى شرح أكثر، فإن تبجح الجهال بما لديهم من معارف مغشوشة أو قاصرة أمر لا يطاق، وإذا لم نوضح لأمتنا الحق كله تعرضت وتعرضنا معها للهلاك...
    copied
                  

08-09-2022, 02:39 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    نريد أن نتحدث اليوم عن ذكاء ملكة سبأ التي يقال ان اسمها بلقيس، لطالما نوه القرآن الكريم بنساء عديدات، يذكر من مواقفهن البطولية وثباتهن في الشدائد، وسعيهن في الخير واعترافهن بالحق ما لا يسع الوقت لذكره، ويكفي أن نعلم: أن موسى عليه السلام نجا من القتل بتدخل امرأة فرعون {وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه}.
    وعيسى عليه السلام كان كرامة من الله سبحانه لأمه مريم لقاء عفتها وتحنثها وقنوتها كما يفيده القرآن {ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلماته ربها وكتابه وكانت من القانتين}.
    وخديجة بنت خويلد هي من ثبتت النبي صلى الله عليه وسلم أولَ ما نبئ بالوحي وقالت له: والله لا يخزيك الله أبدا .
    ونريد أن نتحدث اليوم عن ذكاء ملكة سبأ التي يقال ان اسمها بلقيس، فهذه المرأة حكى الله من شأنها مع سليمان عليه السلام ما تعلمون، وفي تلك القصة مواقف عديدة تدل على ذكاء هذه المرأة ونبوغها وكونها أهلا لتولي إمارة سبأ !
    1- حكم هذه المرأة لليمنيين دليل قاطع على أنها كانت في العقل والحكمة والرزانة بمكان، ولولا ذلك ما ولوها أبدا، فهذا أمر مشين عند العرب منذ الأزل، أما وقد كسرت هذه المرأة تلك القاعدة فذلك دليل على سبب وجيه للكسر وهو ما قلناه.

    2- لما قرأت كتاب سليمان لم يستفزها أمره بالاستسلام، بل أعجبت به إلى الغاية وراقها تعبيره ومضمونه، ولذلك وصفته بالكريم {إني ألقي إلي كتاب كريم} أي نفيس وذو شأن، وهذا دليل على أنها بعيدة عن الكبرياء والعجرفة والغرور.

    3- لما تلت كتاب سليمان على وزرائها وأعوانها لم تغرهم بالحرب والقتال بل وقع في كلامها ما يحثهم على الطاعة والاستسلام؛ وذلك حين وصفت الكتاب بأنه {كريم} وحين سمت مرسلها باسمه المجرد (سليمان) دون نعته بالعدو وما شابه، ففهم قومها ذلك، وهم أهل حكمة وفطنة.
    4- لم يكن استسسلام بلقيس عن جبن وخوف وهلع من نبي الله سليمان عليه السلام، بل لما وقر في قلبها من صدق هذا النبي ومن نصحه ولما كان في قلبها بعض الشك اختبرته لتزيل الشك باليقين كما سيأتي.

    5- ضربت بلقيس أروع المثل في الشورى وعدم الاستبداد بالرأي، فلم تصدر أمرها فورا بالاستسلام أو بالحرب، وإنما جمعت قومها واستشارتهم، وفي ذلك ضمان لنفسها من مغبة عاقبة الإقدام أو الإحجام، ولكم أن تتخيلوا لو كان ملك اليمن في ذلك الوقت رجلا كيف كان سيكون رأيه وكيف كانت العاقبة ستكون ؟!

    6- لما رأت من قومها تفويض الأمر لها {نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} بررت الإحجام عن قتال سليمان عليه السلام، ولم تختره بصريح العبارة، وذلك غاية ما يكون من الذكاء والفطنة، {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة}.

    7- وهذا التعليل منها يدل على كمال عقلها وكمال شفقتها وكمال غيرتها على الحرمات ويدل أيضا على واقعيتها، فهي واثقة من تغلب سليمان عليه السلام لو خاضت معه حربا.

    8- في قول قومها لها: {نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} دليل على أن هذه المرأة كانت تفوق الرجل في القدرات العقلية، فهاهم الوزراء والاعوان يصرحون لها بأنهم أهل قوة وبأس شديد ولكن الأمر مردود إليك فاختاري ما ترينه أنسب وأليق بالعاقبة.

    9- لقد أيقنت ملكة سبأ أن سليمان ليس مجرد ملك بل لا بد أن يكون نبيا مسددا بوحي من السماء، غير أنه خالجها بعض الشك في ذلك، فاختبرته بما قص الله من شأنها إذا قالت لقومها: {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون}
    قال القرطبي: "هذا من حسن نظرها وتدبيرها، أي إني أجرب هذا الرجل بهدية، وأعطيه فيها نفائس من الأموال، وأغرب عليه بأمور المملكة، فإن كان ملكا دنياويا أرضاه المال وعملنا معه بحسب ذلك، وإن كان نبيا لم يرضه المال ولازمنا في أمر الدين، فينبغي لنا أن نؤمن به ونتبعه على دينه، فبعثت إليه بهدية عظيمة"

    10- أخيرا حين قدمت هذه الملكة طواعية على سليمان عليه السلام بعدما وثقت من نبوته أقرت عنده بظلمها وظلم قومها إذ عبدوا مخلوقا لا ينفع ولا يضر {قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ولا نرى في العقول كمالا أعظم من هذا وأوفر.
    - وهكذا قادت هذه المرأة الحكيمة أمتها إلى الفلاح والنجاح، بكل حنكة واقتدار، وهذا يدل على رجحان عقلها، وجمعها لخصال الخير، فخلد الله بذلك تاريخها وهدى بها قومها.
    ===========
    أبداً لا أنسى تلك الساعة الرهيبة العصيبة التي ألقيت فيه أول درس في أول فصل، كان ذلك منذ سبعة عشر عاماً، والسن حديثَة، والنفس غريرة، والنظر قصير، وكانت المدرسةُ ثانويةً أجنبيةً، تجمع أخلاطاً من الأجناس والأديان، وأنماطاً من الأخلاق والتربية، وكنت قد أدركت قسطاً من العلم النظري على الطريقة الأزهرية، وشدوت طرَفاً من التعليم الفني على الطريقة اللاتينية، إلا أن ما حصَّلت منهما كان لا يزال طافياً في ذهني، متحيراً في فكري، لا يطمئن إلى ثقة، ولا يستقر على تجربة، أضف ذلك إلى طبع حيي، ولسان من الخجل عيي، ووجهٍ للقاء الناس هيوب.
    قضيت موهناً من الليل في إعداد الدرس، أراجع مادته، وأرسم خطته، وأسدد خطاه، ثم احتفلت لكلام أقابل به التلاميذ قبل التمهيد للدرس؛ وغدوت إلى المدرسة أقرَعُ باب الأمل المرجو، وأستطلع ضمير الغيب المحجَّب.
    دق الجرس؛ فجاوبه قلبي بدقات عنيفة كادت تقطع نياطه، وتشق لفائفه، وقمت أجر رجلي وبجانبي مفتش الكلية جاء يُقَدِّمني إلى الطلبة، دخلنا الفصل؛ فحيانا التلاميذ بالوقوف، وقال المفتش، فأطال القول، وأجزل الثناء، ثم خَرَج وبقيتُ!!
    أقسم لك أني أقول الحق،وإن كنت أجد بشاعة طعمه، ومرارة مذاقه على لساني؛ لقد نظرت إلى التلاميذ نظرةً حائرةً، ثم رجعت إلى نفسي أحاول إخراج ما فيها من الكلام المُهَيأ المحفوظ، فكأن ذاكرتي صحيفة بيضاء، وكأن لساني مُضْغَةٌ جامدة لا تحس.

    سكون ومواجهة:
    السكون شاملٌ رهيبٌ، والأبصار شاخصة ما تكاد تَطْرُف، ووجوهُ الشباب ترتسم عليها ألوان مختلفة متعاقبة من خطرات النفوس، ونزوات الرؤوس، وأنا واقف منهم موقف المحكوم عليه، أعالج في نفسي الخَوَرَ والحَصَر، وأجهد في لم ما تَشَعَّثَ من ذهني، وتبدد من قواي، حتى هداني الله إلى طريق الدرس، فاعتسفته اعتسافاً دون مقدمةٍ ولا تمهيدٍ ولا عَرْض!!
    أتريد أن تُعْفيَني يا صديقي من وصف هذا الدرس؛ إبقاءً عليَّ وصوناً لسر المهنة؟ ولكن لماذا نتدافن الأسرار، ونتكاتم العيوب، ما دامت هذه المجلة خاصةً بنا، مكتوبةً منّا ولنا؟ إن في الدلالة على أوعار الطريق ومضايقها ومزالقها تحذيراً للسالك البادئ، وتبصرة للناشئ الغَرِير.
    بدأت الدرس بصوت خافض، وطرف خاشع، ولسان مبلبل، وسرت فيه وأنا واقف لا أدنو من السبورة؛ مخافة أن أحرك سكون الفصل، ولا ألمس الطباشير، خَشَاةَ أن أسيء الكتابة!!
    كان من المعقول أن يعاودني الهدوء، ويراجعني الثبات بعد زوال دهشة الدخول ورَبْكة البَدْء، لو كنت واثقاً من نفسي، متمكناً من درسي.
    ولكنَّ نظامَ الموضوع كان قد انقطع؛ فتبعثرت حَبَّاته، وتعثَّرت خطواتُه، ورُحْتُ أسرُد ما تذكرته منه، وأنا أشعر بكلماتي تُحْتَضَرُ على شفتي، وبِرِيقي يجمد في فمي، وبِعَرَقي يتصبَّب على جبيني، حتى فَرَغْتُ، ثم جلست أبلع ما بقي من ريقي، ونظرت فإذا الساعة لم يَمْضِ نصفُها، وإذا التلاميذ يتلاحظون ويتهامسون، وعلى كل شفة بسمة خبيثة لولا تَعَوُّدُ النظامِ، وقوةُ التهذيب لعادت قهقةً صاخبة!!.

    أسئلة وأسئلة:
    ماذا أقول بعد أن نفد القول؟ وبماذا أملأ الفراغ الباقي من الوقت؟ وكيف أؤخر انفجار هذه الضحكات المكظومة؟ أسئلة كانت تضطرب في خاطري القَلِقِ؛ فلا أجد لها جواباً غير الحيرة!! حتى تطوع تلميذ جريء؛ لإنقاذ الموقف فقال: إحك لنا حكاية يا أفندي ...
    ولم تكد شفتاي تنفرجان عن مشروع الرد حتى ابتدرني آخر: لأَّ يا أفندي، اتكلم لنا شَوَيَّة إنشا شفهي.
    وآخر : اسم حضرتك إيه يا أفندي، والله إنت راجل طيب !!.
    فقطعت سيل هذه الأسئلة المتجنية الساخرة بهذه الجملة الحيية المتواضعة: على كل حال كاد الوقت ينتهي؛ فلا يتسع لشيء من هذا.
    ولكن صوتاً انبعث من أقصى الحجرة يقول: أوه ! دا لسه ساعة وربع! حصة العربي ساعتين كل يوم !! ساعة وربع؟؟ نعم ساعة وربع! أقضيها على هذه الحال الأليمة كما شاء نظام (الفرير) أو كما قضى الجدُّ العاثر، وإذن لا مناص من انفجار البركان ووقوع الكارثة.

    كأنك تريدني أن أسوق إليك بقيةَ القصة!! حنانيك، ولا تكلفني هذه الخُطة، واعتمد على نفسك وحَدْسِك في التخبر والاستنتاج! لقد انحل النظام؛ فتشعَّث الأمر وانتشر؛ وأذكر أني حاولت الكلام مراراً، فلم أسمع صوتي من اللغط؛ فجعلت قيادي في يد أولادي، ثم سَكَتُّ حتى نطق الجرس.
    خرجت من الفصل أَمِيدُ من الهمِّ، وأجرُّ ذيلَ الفشلِ السابغ الضافي، وفي نفسي أن أتركَ التعليمَ وهو حديثُ صباي، ومنتجع هواي إلى عمل آخر يصلح لي وأصلح له.. !
    ولكني عُدْتُ إلى الفصل، ومضيت في التعليم، وكنت بعد شهرين اثنين مدرسَ الفصلِ الأخير, وأستاذ الكلية الأول!! فما الذي جعل من اليأس أملاً، ومن الفشل فوزاً، ومن الضعف قوة؟
    اسمح لي أن أكون صريحاً فيما كان لي، كما كنت صريحاً فيما كان عليَّ.

    أسباب الوصول إلى النجاح:
    لقد التمست الوِصْلَةَ إلى النجاح في أسباب خمسةٍ كلها معلوم بالضرورة مؤيدٌ بالطبع، ولكن العلمَ غيرُ العمل، والرأي خلاف العزيمة، والتجربةَ وجودُ الفكرة وواقعُ الحقيقة:
    - مواصلة الدرس وإدمان النظر :فلم أترك كتاباً في المواد التي أدرِّسها حتى تقصَّيْتُه، أو أَلْمَمْتُ به، واستفدت منه، وكان جدوى ذلك عليَّ وثوقَ الطلبة بما أقول، وظهورَ التجديد فيما أعمل، وتصريفَ الدرس وتنويعه على ما أحب، ولن تجد أشفعَ للمدرس من سعة اطلاعه، وغزارة مادته.

    - إعداد الدرس وأداؤه: وكان يعنيني على الأخص ربطُه بالدروس السابقة، والسيرُ فيه مع الطلاب خطوةً خطوةً على الطريقة الاستنتاجية ، ثم تلخيصه بطريق الأسئلة؛ فكان من حسن إعداده أن مَلأْتُ الوقت كله به، فلم يعد فيه فراغ لِعَبَثِ عابثٍ، ولا تَجَنِّي سفيهٍ، وجَرَرْتُ إليه أذهانَ الطلاب بالتشويق، والتطبيق، والسؤال؛ فلم يصبهم سأمٌ ولا ضِيْقٌ، وشغلتهم به عن أنفسهم وعني؛ فلم يفرغوا لاصطياد نكتةٍ؛ ولا لالتماس غَمِيزَة، وليس أعون على حفظ نظام الفصل مِنْ مَلءِ الوقت بالمفيد الممتع، ولا أضمنُ لجودة شرح المعلم وحسن استماع التلميذ من فهم الموضوع.

    - مسايرة الترقي: فلم أتشَبَّث بالقديم، ولم أتعصَّب للكتاب، ولم أُعْنَ إلا بما له قيمةٌ عملية؛ فالموضوعات منتزعة من حياة التلميذ وحال المجتمع، والأمثلةُ مستنبطة من أساليب العصر ومواضعات أهله، والبحث حُرٌّ في حدود المنطق، يقوم على أساس التحليل والنقد والموازنة، وفي تشابه الفكرةِ والنزعةِ، والغايةُ توثيقُ الصلةِ بين المعلم والمتعلم.
    - حسن الخلق: ولعمري ما يؤتى المُعَلِّم إلا من إغفاله هذه الجهة؛ فالادعاءُ، والتظاهرُ، والكبرياءُ، والتفاخرُ، والبذاءُ، والتنادرُ، والكذبُ، والتحيزُ، والكسلُ، والتدليسُ آفاتُ العلم، وبلايا المُعَلّم.
    وما أسر النفسَ الشابةَ الحرةَ كالخلق الكريم، ولا يَسَّر تعليمَها وتقويمَها كالقدوة الحسنة، ناهيك بما يتبع ذلك من جمال الأُحْدُوثة، واستفاضة الذكر، وهما يزيدان في قَدْر المعلم واعتباره، ويغنيان التلاميذ الجُدُد عن اختباره.
    - قوة الحزم: فكنت ألين في غير ضعف، وأشتد في غير عَسْف، وأسير بالطالبِ إلى الواجب عن طريق ضميره وحسه، لا عن طريق تأنيبه وحبسه، وأجعل رضاي عنه غايةَ ثوابِه، وسخطي عليه غايةَ عقابِه، وأَعِدُه الوَعْدَ فلا أَذْهَل عن تنجيزه، وأحكم عليه الحكم فلا أَنْكُل عن تنفيذه، وأستعين على فهم عقليته ودرس نفسيته بإنشائه، فأعامله بما يوائمه، وأعالجه بالدواء الذي يلائمه.
    كل ذلك يسعده طبع غالب، ورغبة حافزة، ومِرَانَةٌ طويلة، وقدَر من الله جعلني أجد سعادتي وراحتي في الفصل وبين الطلاب أكثر مما أجدها في البيت وبين الأصحاب
    ==================
    لو كانت شكوى المصلحين مقصورة على قلة ما لدينا من وسائط التعليم والتهذيب، ووسائل تنوير القلوب والعقول بهما لهان الأمر كثيراً؛ لأن ما نراه من قلة هذه الوسائل والوسائط سيتبدل يوماً بعد يوم بحال أرقى من التي نحن فيها، إلا أن هنالك مصيبة أدعى إلى الشكوى، وأجدر بالعناية والاهتمام، وهي تباين أثر هذه الوسائط في العقول؛ فإذا ألقى بعض الأفاضل محاضرة أخلاقية في بعض الأندية، أو إذا كتب أديب مقالة إصلاحية في إحدى الصحف تجد سامعي المحاضرة وقارئي المقالة متفاوتين في الانتباه إلى مراميها، وفهم المعاني الواردة فيهما، وربما تلقاها بعضهم بوجه، وتلقاها آخرون بضده.

    وليس هذا المرض منحصراً في الأمور العلمية، كالمحاضرات والمقالات، بل إن الرجل يسمع بأذنه الخبر البسيط، أو يرى بعينه الحادث التافه، ثم يذهب في تأويلهما وروايتهما مذاهب بعيدة عن الحقيقة؛ حتى أصبح هذا الأمر من مشوهات الرأي العام الذي بدأ يتكون عندنا بشكل صريح.
    قد يظن بعض القراء أن صحة التفكير والحكم، وجودة التصور والتصديق، منوطان بموهبة الذكاء. وليس الأمر كذلك، بل هما منوطان بتربية النفس من الصغر على حب الخير والحق، والتجرد عن الشرور والأهواء، والاهتمام بإدراك الأمور من كل وجوهها، وافتداء الصلاح بكل منفعة ذاتية، وربح غير مشروع.

    التصور والتصديق:
    ليس خطأ الناس في التصور والتصديق ناشئاً في كل الأحوال عن أسباب طبيعية كالنقص في المدارك، بل إنهم إذا صوبوا أنظارهم إلى حادثة من الحوادث يحاذرون تمثيلها في أذهانهم بشكلها الحقيقي، ويريدون أن يروها بالصورة التي توافق هوىً في نفوسهم دعت إلى وجوده المنافع الزائلة، أو العقائد الباطلة، أو اللوامع الآفلة.
    يا لهذه التربية ما أشد تأثيرها على كل شيء فينا: بها نكون رجالاً صالحين في المجتمع، أو لصوصاً وقَتَلة ومتشردين، وبها نكون كرام النفوس محبين للإحسان، أو لئاماً وبخلاء ومفسدين، وبها نكون صحيحي الأجسام نشيطين مرنين،أو ضعافاً وكسولين ومتقاعسين.

    حتى أفكارنا وأحكامنا أيضاً قد رفعا للتربية راية الخضوع والتسليم، فإذا تربى الفكر من الصغر على صحة التفكير نشأ صاحبه جيد التصور، سديد الحكم، محبَّاً للحق سواء كان له أوعليه، وإذا كانت الثانية بات الرجل وليس فيه من الرجولية غير اسمها.
    ولا غَرْوَ؛ فإن التصور والتصديق شطرا المنطق، ولا يزال الإنسان حيواناً حتى يتمكن من إزالة سلطان الهوى عن نفسه الناطقة الممتازة بحسن التصور، وصحة التصديق.

    إن أقدس عمل يصنعه الإنسان في حياته الدنيا هو أن يدرك الحق إدراكاً صحيحاً، وأن يصرح به بلا مواربة ولا خوف، وإن الرجل الذي يستطيع أن يتغلب على كل ما يعترض صحة التفكير من أهواء وخرافات ومنافع ومؤثرات، وأن يكون بعد ذلك مدركاً للحق لا تأخذه في التصريح به لومة لائم ولا مقاومة مقاوم، ثم يضيف إلى هذه المنزلة العالية منزلة تربية هذا الخلق نفوس الناشئة؛ فلا شك أن مثل هذا الرجل الشجاع مكتوب في عداد أولياء الحق الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

    صحة التفكير لازمة للموظف، والطبيب، والصانع، والسياسي، والتاجر، وحارث الأرض، وإن طريقة تفكير الإنسان دليل على أخلاق الإنسان، وأخلاق الإنسان هي الإنسان نفسه؛ فهل لأساتذة مدارسنا أن يسهروا لياليهم في التنقيب عن الوسائل التي تزيد رجال مستقبلنا تقدماً في مواطن الرجولية، وارتفاعاً في مراقي الإنسانية؟
    ===================
    مر بالكاتب والأديب ظروف وتجارب لم تكن في حسبانه؛ ولم يكن ليختار أكثرها بإرادته !!
    والسجن ـ بحق أو بغير حق ـ من هذه التجارب ، إذ يتوقف الزمن، وتطول الساعات، وفي كل دهر لا يسرك طول ـ كما قال الشاعر العربي في سجنه .
    وللناس في قضاء هذه الأيام والسنين مذاهب ؟! فإن كان السجين أديباً أو عالماً أو مفكراً، وجد سلوته في الورق والقلم، وقد عرف عصرنا وما قبله كثيراً من المؤلفات التي كُتبت في السجون !!
    وكان من أقصى العقوبات على هذا الصنف من الناس أن يُحرموا القراءة والكتابة، ويُمنعوا الورق والقلم .!
    وهذا مما زاد في محنة الإمام ابن تيمية في سجنه؛ يقول الأستاذ محمد كردي علي في كتابه (كنوز الأجداد) : كان إخراج الكتب من عنده من أعظم النقم، وبقي أشهراً على ذلك، وأقبل على التلاوة والعبادة حتى أتاه اليقين .

    وما يزال تاريخ التصنيف يذكر الإمام السرخسي في القرن الخامس الهجري، وكتابه (المبسوط) الذي طبع في ثلاثين مجلداً، واستوعب جميع أبواب الفقه الحنفي، فقد ألفه كله أو جلّه من ذاكرته وهو سجين بفرغانه، وكان يمليه على طلابه من قعر الجب، وهم حول البئر يكتبون.
    وتطول قائمة العلماء، وتآليفهم في السجون، وكثير منا يقرؤون الكتاب، وينتفعون به، وقد لا يدرون أين أُلِّف ؟ وكيف ؟ وكم عانى مؤلفه ؟
    من ذلك كتاب (ترجمان القرآن) للإمام أبي الأعلى المودودي وكثير من أجزاء (في ظلال القرآن) لسيد قطب و (شهيد المحراب : عمر بن الخطاب) لعمر التلمساني، و(فصول في علم السجنولوجيا) لشريف الراس، و ديوان (في غيابة الجب) لمحمد الحسناوي .!

    وعدد من كتب الروائي نجيب الكيلاني كانت من ثمرات السجن، يقول عن روايته (الطريق الطويل) : كتبتها في سجن أسيوط ، ثم نشرت وأنا في سجن القاهرة وكذلك روايته (طلائع الفجر).
    ويقول ـ رحمه الله ـ في كتابه (رحلتي مع الأدب الإسلامي) : أخرجت و أنا في سجن أسيوط كتاب : إقبال الشاعر الثائر ووضعت مجموعة من القصائد التي تعبر عن فكري السياسي والعقائدي أصدق التعبير، وصدرت فيما بعد تحت عنوان (أغاني الغرباء) كما كتبت مسرحية تاريخية عن الإمام ابن تيمية تحت عنوان (على أسوار دمشق) ثم يتحدث بأسى عن مسرحيته (حسناء بابل) التي اختفت في الصراع مع السجانين!!! فقد كنا نتعرض لكثير من الحملات التي تمزق الأوراق، وتحرمنا من الكتب والأقلام ..

    ولنا أن نقول : يمضي السجن والسجين والسجان، وتبقى التآليف التي ترى النور خارج أسوار السجن، فما بال تلك التي ضاعت أو ضُيّعت، والتي خُطّت بأقلام أسيرة وأجنحة كسيرة !؟
    ============
    إن فطر الله – جل وعلا – لبني الإنسان على التساؤل وحب الاستكشاف أتاح لهم أن ينمّوا كينوناتهم المعرفية، وأن يندفعوا دائماً نحو معرفة المزيد دون أن يجدوا أي حدود للتشبع أو الارتواء.
    كان العلم في القديم، يقوم على (النقل)، فكان التعلم والتعليم عبارة عن أفعال مقترنة بالزمان، حيث يتمّان وفق تتابع زمني، وحين يموت العالم، فمن الممكن أن يذهب معه أفضل ما يعرف، وحين صار للغات أبجديات، وتمتع الإنسان بنعمة الكتابة، انتقلت المعرفة من حيز الزمان إلى حيز المكان، وصار الحفظ والتوثيق والاسترجاع والنشر مما هو متاح على أوسع نطاق، وبذلك أمكن للناس أن يطوروا معارفهم على نحو مدهش، وصار للبشرية بذلك تاريخ جديد.

    إن هناك دواعي كثيرة ، تفرض على الواحد منا أن يتعلم، ويقرأ، ويكتسب الخبرات مدى الحياة، منها:
    1- إن الذي يدعو الإنسان إلى مزيد من التعلم، هو العلم نفسه، إذ إنه كلما زادت المعرفة، اتسعت منطقة المجهول، والتقدم نفسه يعمل على زيادة حاجة الإنسان الشديدة إلى المعرفة، حيث إن التوغل في حقول المعرفة، يتيح إمكانات ومجالات جديدة، ويولَّد دوافع جديدة للتقدم الأوسع نطاقاً.
    والمثقف الذي يرغب في الحفاظ على قيمة ثقافته وكرامتها، مطالب بأن يعيد تكوين ثقافته على نحو مستمر ومتجدد، وعندما يشعر بالاكتفاء بما لديه من معلومات، سيضع نفسه على شفا الانحطاط .
    وإذا كان متخصصاً فإن أمواج القفزات العلمية في تخصصه، ستقذف به نحو الشاطئ، ليجد نفسه في النهاية خارج التخصص.
    الوضع الذهني للرجل متوسط الثقافة – فضلاً عن الضعيف – يسف وينحط بسبب ما يحتشد من النظريات والأفكار والمذاهب التي لم يعد بإمكانه المساهمة فيها، حتى لو أبدى اهتماماً بها.
    إن جهلنا ينبسط مع تقدم المعرفة، كما ينبسط سطح التماس الكرة ما مع العالم الخارجي عندما يكبر قطرها، وهذا يشكل تحدياً متزايداً لكل قارئ.

    2- لم يكن لدى الناس قديماً إحساس قوي بارتباط كسب الرزق بمدى ما يحصلَّونه من علم، لكن الوضع قد تغير اليوم؛ حيث تتضاءل على نحو متصاعد المهن والوظائف التي يمكن للأميين ومحدودي الثقافة الاضطلاع بها.
    وسوف تجد الأمة التي لا يحسَّن أبناؤها مستوى معارفهم – على نحو مستمر- نفسها مؤهلة لأن تكون تابعة للأمم الأخرى، ومستغلة لها على كل المستويات!

    3- إن ما نمتلكه اليوم من معارف وخبرات، لا يتمتع بقيمة مطلقة؛ فسكان الأرض يشكلون عالماً واحداً، وأهمية كل جزء من أجزاء هذا العالم، تنبع دائماً من قدرته على الصمود والمنافسة وحل المشكلات، وما يمتلكه من وزن في الساحات العالمية.
    وشيوع الأمية الأبجدية والحضارية، قد جلب على أمة الإسلام مشكلات هي أكبر مما نظن؛ وليس ذلك على صعيد المعيشة والإنتاج فحسب؛ وإنما على صعيد فهم الإسلام أيضاً؛ فالإسلام بما أنه بنية حضارية راقية، لا يتجلى على نحو كامل إلا عبر تجربة معرفية وحضارية رائدة؛ مما يعني أن التخلف الذي نعاني منه قد حال بيننا وبين رؤية المنهج الرباني على النحو المطلوب.

    4- إن العقل البشري ، يميل دائما إلى تكوين عادات ورسم أطر لعمله، وهي مع مرور الوقت ، تشكل نوعاً من البرمجة له؛ والبيئة – بكل أنواعها – هي التي توفر مادة تلك البرمجة.
    وكلما كانت ثقافة الإنسان ضحلة، وكانت مصادر معرفته محدودة، ضاقت مساحة تصوراته، وأصبح شديد المحلية في نماذجه ورؤاه، عاجزاً عن تجاوز المعطيات الخاطئة التي تشربها من مجتمعه.
    والقراءة الواسعة، والاطلاع المتنوع هو الذي يعظم الوعي لديه من خلال المقارنة وامتداد مساحات الرؤية، وقد كان علماء السلف ، لا يثقون بعلم العالم الذي لم يرحل، ولم يغبِّر قدميه في طلب العلم، إدراكاً منهم لمخاطر البرمجة الثقافية القائمة على معطيات محلية محدودة.

    5- التدفق الهائل للمعلومات، وتراكم منتجات البحث العلمي في اتساع مستمر؛ والنتيجة المباشرة لذلك هي تقادم ما بحوزتنا من معارف ومعلومات. وتفيد بعض التقديرات أن نحواً من 90 % من جميع (المعارف العلمية) قد تم استحداثه في العقود الثلاثة الأخيرة. وسوف تتضاعف هذه المعارف خلال نحو من 12 سنة.
    ويقول أحد الباحثين: إن على المتخصص المعاصر أن يضع في حسبانه أن نحواً من 10 – 20 % من معلوماته قد شاخ، وعليه أن يجدده.
    ويرى أحد الباحثين أن أعراض الشيخوخة تعتري المعلومات بنسبة 10 % في اليوم بالنسبة إلى الجرائد، و10 % في السنة بالنسبة إلى المجلات ، و10 % في السنة بالنسبة إلى الكتب.

    6-إن تقادم المعلومات يتجلى في صور شتى، فتارة في ظهور زيفها أو عدم دقتها، وتارة يتجلى في عدم ملاءمتها للخطط الجديدة، وأحياناً بتحوّل الاهتمام عنها، لأنها لم تعد ذات قيمة في البناء المعرفي، وأحياناً بقراءتها قراءة جديدة، أي :إنتاجها مرة أخرى على نحو يبعدها عن مضامينها الأولى.
    والعلاج لذلك كله دوام الاطلاع والمتابعة، حتى لا يتدهور ما لدينا من معرفة، وحتى لا نغرق في الضلالات والأوهام التي تنتشر باعتبارها مفرزات جانبية للتقدم العلمي.

    القراءة ومصادر المعلومات الأخرى:
    عصرنا عصر انفجار المعرفة، فالأعداد الهائلة من العلماء الذين يشتغلون بالبحث العلمي، والوسائل المتطورة في حفظ المعلومات ونقلها وبثها، والتواصل الكوني الفريد والمتزايد، كل ذلك جعل الناس مغمورين بالأخبار والمعلومات والمفاهيم التي ترد إليهم كل لحظة من شتى أصقاع الأرض.
    هذه الوضعية حملت الناس على طرح سؤال حول ما تبقى من وظيفة للقراءة والكتاب، كما حملت كثيراً من المثقفين على الجهر بمر الشكوى من هجر الكتاب، والافتتان بما تعرضه وسائل الإعلام المختلفة من برامج ومواد ثقافية متنوعة.
    والحقيقة أن لتلك الشكوى ما يسوغها، إذ إن هناك مؤشرات واضحة إلى إعراض الناس عن القراءة واقتناء الكتاب، والى إقبالهم على قضاء أوقات طويلة أمام الوسائل الإعلامية المختلفة.
    ويكفي أن نعلم أن متوسط ما يطبع من معظم الكتب في البلاد العربية لا يتجاوز ثلاثة آلاف نسخة للكتاب الواحد.

    وهذا العدد المحدود لا ينفد في الغالب في أقل من ثلاث سنوات عادة، على حين تتجاوز أرقام التوزيع في الدول المتقدمة ذلك بكثير، بما لا يدع أي مجال للمقارنة!
    إن وسائل الإعلام تقدم برامج على درجة عالية من الزخرفة والإتقان؛ مما يعطيها جاذبية عالية. فاذا أضفنا إلى ذلك انعدام البواعث على القراءة وانعدام التقاليد الثقافية المحبذة لاقتناء الكتاب واصطحابه – أدركنا وضعية القراءة في عالمنا الإسلامي!

    إن وسائل الإعلام تقدم معلومات متشظية، قلما تتصل بالحاجة المعرفية الحقيقية للمتابع لها، كما أن المعروف أن المعلومات الكثيفة حول أي شيء قد تقف حائلاً دون فهمه على الوجه الصحيح، تماماً مثل الحقائق والمعلومات القليلة عنه ؟ فللعقل طاقة محدودة على التحليل والتصنيف والغربلة لما يرد عليه، وحين يزيد على طاقته، فإنه يربكه ويشتته.

    من وجه آخر فإن وسائل الإعلام الحديثة، قد سببت أضراراً بالغة للشعور بالحاجة إلى التفكير، فكتَّابها ومعدُّو برامجها قاموا بذلك نيابة عن المتلقين.
    إن مشاهد (التلفاز) ومستمع الإذاعة وقارئ المجلة أو الجريدة .. يتلقى مركَّباً كاملاً من البيانات والإحصاءات المنتقاة بعناية، والمصوغة بأسلوب بلاغي بارع، مما يدهش القارئ، ويدفعه إلى نوع من الاستسلام لها، والانقياد إلى توجهاتها دون القيام ببذل أي جهد شخصي؛ وهذا كله مغاير لمتطلبات التطور العلمي والاجتماعي الحديث، والذي يتطلب منا القدرة على الإبداع، وترشيد المحاكمة العقلية أكثر من الانشغال باستيعاب بعض مفردات المعرفة واستظهارها.

    هذا كله لا يجعلنا ننكر أن الدفق الإعلامي والمعلوماتي الهائل، قد أوجد نوعاً من الاستنارة العامة، ورفع درجة الوعي لدى الناس، كما أنه ملكهم الكثير من المعلومات العامة.
    إن الهامش الذي يفصل بين التسلية وبين التثقيف الحق هامش ضيِّق، ومن السهل أن يكون ما نستمع إليه ونشاهده ضرباً من ضروب التسلية، وتزجية الوقت، ونحن نظن أننا نتعلم.
    واعتقد أن الكتاب ما زال هو الوسيلة الأساسية للتثقيف الجيد، حيث نستطيع أن نمارس حريتنا كاملة في اختيار ما نحتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى آلات مساعدة للاطلاع عليه، كما أنه رخيص الثمن إذا ما قورن بغيره.
    ولست مع هذا أميل إلى التقليل من شأن مصادر المعلومات الأخرى؛ فالمهم دائماً أن تكون أهدافنا في التثقيف والارتقاء المعرفي واضحة، ثم نبحث عن الأدوات والوسائل التي تبلغنا إياها .
    والله ولي التوفيق .
    copied
                  

08-27-2022, 11:25 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة و مفيدة للأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    دور العلم في بناء المجتمعات
    الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وزوجه وصحبه.. أما بعد:
    فلا ينكر أحد من العقلاء قدر العلم ومكانته، وأثره على صاحبه وكل من حوله:
    الناس من جهة التمــثال أكفــاء .. .. أبـــوهــم آدم والأم حـــواء
    فإن يكن لهم من أصلهم شرف .. .. يفـاخـرون به فالطين والماء
    ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم.. .. على الهدى لمن استهدى أدلاء
    وقدر كل امرئ ما كان يحسنه . .. والجاهلون لأهل العلم أعداء
    ففــز بعــلم تعــش حـيا به أبدا. .. الناس موتى وأهل العلم أحياء

    العلم أشرف شيء في هذا الوجود، وهو أنفس ما تستعمل فيه الأعمار والساعات، وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأموال والأوقات، وشرع في إدراكه والتمكن فيه أصحاب الأنفس الزاكيات، وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى الخيرات، وسابق إلى التحلي به مستبقوا المكرمات.

    والعلم أشرف من المال كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: "يا كميل.. العلم أشرف من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق، العلم حاكم والمال محكوم عليه".

    والعلم زينة، ولولا العلم ما كان للعقل قيمة، ولصار الإنسان كالبهيمة:
    علم العليم وعقل العاقل اختلفا .. .. من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
    فالعلم قال أنا أحرزت غايتـــه .. .. والعــقل قال أنا الرحمن بي عرفا
    فأومــأ العلــم إيمــاءً وقال لـه .. .. بأيـنا الرحمن في القرآن قد وصفا
    فأدرك العقل أن العــلم ســيده .. .. فقبل العقـل رأس الــعـلم وانصرفا

    فالعلم دليل الإيمان؛ ولولا العلم ما عرف الناس ربهم ولا أسماءه ولا صفاته، ولا عرفوا كيف يعبدونه.. فبالعلم يعرف الله وبه يطاع الله، وبه يعبد، وبه يوحد، وبه يمجد، وبه يتورع، وبه توصل الأرحام، و به يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء.
    قال معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه: "تعلموا العلم، فإن تعلُّمَه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارستَه تسبيح، والبحثَ عنه جهاده، وتعليمَه لمن لا يعلمه صدقةٌ، وبذلَه لأهله قُربة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الخلوة".

    وأهل العلم هم أشرف الناس في هذا الوجود، وهم أرفعهم قدرا في الآخرة إذا صدقت نواياهم.
    رفعهم الله بالعلم في الدنيا وفي الآخرة كما قال سبحانه: ‏{‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏} ‏[‏المجادلة‏:‏11‏].
    وفرق بينهم وبين أهل الجهل فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]. وقال جل في علاه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].

    وقد جاءت نصوص الشريعة تدعو إلي العلم وتأمر به وتثني على أهله:
    فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة) [رواه مسلم].
    وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلان: أحدهما: عابد، والآخر: عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم).

    وعن أبي الدرداء قال صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء)
    وقال: (... وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) [رواهما أحمد، وأبو داود، والترمذي].

    أفضل العبادات وأجل القربات
    ولهذا كان العلم من أفضل العبادات وأجل القربات:
    قال سفيان الثوري رحمه الله: "ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم".
    وقال الشافعي رحمه الله: "طلبُ العلم أفضل من صلاة النافلة".
    وقال ابن الجوزي: "ليس في الوجود شيء أشرف من العلم، كيف لا وهو الدليل فإذا عدم وقع الضلال" [صيد الخاطر].
    قال الأحنف بين قيس: "كل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل مصيره".
    قال الإمام النووي: "الاشتغال بالعلم من أفضل القرب، وأجل الطاعات، وأهم أنواع الخير وأكبر العبادات".

    ولأجل كل ما سبق، كان أول ما أنزل الله من كلامه وكتابه على نبيه العربي الأمي صلوات الله وسلامه عليه، الأمر بالعلم والقراءة والكتابة.. {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}[سورة العلق]. وهذا دليل على قدر العلم ومكانته وأهميته.

    العلم أساس بناء الأمم
    وإنما ذكرنا ما ذكرنا من فضل العلم وأهله ومكانه وقدره من أجل أن نخلص إلى نقطة هامة هي زبدة هذه الكلمة وهي أن العلم هو أساس بناء الأوطان، وتقدم البلدان، وعليه مدار سعادة وفلاح الإنسان.. وكل بلد لا يعتمد العلم سبيلا لرفعته ونهضته وتقدمه هو بلد فاشل جهل ضائع، وهو بلد مهزوم متخلف جائع.

    وليس المقصودُ بالعلمِ هنا العلمَ الشرعي الديني فقط، وإنما كلُّ علمٍ نافعٍ مفيدٍ يسهمُ في التقدمِ الحضاري والإثراءِ المعرفي، ويقوي ويعزز قدرةَ المجتمع.. سواء كان من العلوم الدينية أو العلوم المادية التجريبية كالطب والهندسة والاقتصاد والتجارة، أو العلوم الإنسانية والاجتماعية. وقد جعل الله اكتساب هذه العلوم من الواجبات الكفائية التي تطالب الأمة بها في مجموعها.
    فبالعلم نصنع ما نلبس، ونزرع ما نأكل، وننتج علاجنا ودواءنا، كذلك به نصنع سلاحنا الذي نقاتل به عدونا، وندفع به عن أنفسنا.

    والدول التي تسيطر على العالم وتتحكم فيه إنما تسيطر عليه بالعلم والتكنولوجيا والتقدم: فبالعلم بنت هذه الدول قوتها الاقتصادية، وأنتجت من الحاجيات ما لا يستغني عنه الآخرون.. وبالعلم صنعت رفاهيتها الاجتماعية فعاشت شعوبها في رخاء وسلام، وسعادة واطمئنان.. وبالعلم بنت قوتها الحربية والعسكرية التي أرعبت بها الناس وأرغمت أنوف أعدائها، ودافعت عن مصالحها، وتحكمت في غيرها من البلدان.

    ونظرة سريعة إلى ميزانية البحث العلمي في الدول المتقدمة، ومقارنتها بميزانية الدول المتخلفة سنعلم من الفارق الرهيب بينهما لماذا تقدم هؤلاء وتخلف أولئك.

    وبالجملة فإن التخلف العلمي يؤدي إلى فشو الجهل، وتخلف الأوطان، وفساد البلدان؛ لأن الجهل يمكنه أن يهدم أي بناء مهما كان، وأن يفسد جميع الأوطان والبلدان؛ كما قيل:
    العلم يرفع بيتا لا عماد له .. .. والجهل يهدم بيت العز والشرف.
    islamweb
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de