|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
هذه المجموعة القصصية: " الجمل لا يقف خلف إشارة حمراء " للكاتب: طارق الطيب، السوداني الأصل و أمه لها جذور مصرية، ؛ولد في العام في القاهرة 1959م, و نشأ و درس بها، لكنه انتقل في العام 1984م للدراسة و العيش في فيينا، بدولة النمسا; أصل سكانها من أعراق ألمانية، تعتبر من أجمل ما قرأت في مجال القصة القصيرة. يكفي لترسيخ هذه الحقيقة أن المقدمة كتبها عملاق الرواية العربية ذو الأصل السوداني: الطيب صالح. ساواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
هذه المجموعة القصصية: " الجمل لا يقف خلف إشارة حمراء " للكاتب: طارق الطيب، السوداني الأصل و أمه لها جذور مصرية، ؛ولد في العام في القاهرة 1959م, و نشأ و درس بها، لكنه انتقل في العام 1984م للدراسة و العيش في فيينا، بدولة النمسا; أصل سكانها من أعراق ألمانية، تعتبر من أجمل ما قرأت في مجال القصة القصيرة. يكفي لترسيخ هذه الحقيقة أن المقدمة كتبها عملاق الرواية العربية ذو الأصل السوداني: الطيب صالح. ساواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
هذه المجموعة القصصية: " الجمل لا يقف خلف إشارة حمراء " للكاتب: طارق الطيب، السوداني الأصل و أمه لها جذور مصرية، ؛ولد في العام في القاهرة 1959م, و نشأ و درس بها، لكنه انتقل في العام 1984م للدراسة و العيش في فيينا، بدولة النمسا; أصل سكانها من أعراق ألمانية، تعتبر من أجمل ما قرأت في مجال القصة القصيرة. يكفي لترسيخ هذه الحقيقة أن المقدمة كتبها عملاق الرواية العربية ذو الأصل السوداني: الطيب صالح. الناشر هو:
الحضارة للنشر، ٧ شارع أبو السعود، الدقي ١٢٣١١، القاهرة, مصر. و إذا رغبت في طلب نسخة أو أكثر، فإنني أعرف بائع كتب مصري أثق فيه بنسبة 100%، ( اسال مجرب ), و هو يستطيع أن يجلبه لك و غيره من الكتب الأخرى بسعر معقول. هذا هو عنواني الالكتروني: [email protected] حظيت، حسبما أسلفت في نهاية الخيط الاسفيري قبل السابق من هذا البوست بالحصول على هذه المجموعة القصصية بمحض الصدفة. كنت في إجازة علاجية في القاهرة. و كنت أقيم و زوجتي في شقة مقابلة لشقة الخال، زميل المنبر بدرالدين العتاق. وجدت بائعا للكتب يفترشهاة على الأرض، ليس بعيدا من حيث أقيم في ح، الفيصل، القاهرة، مصر. جذبني العنوان. تناولت الكتاب، بدأت بالمقدمة فوجدتها بقلم كاتبين الروائي الأول: الطيب صالح. هنا، لا يمكنني التردد في شرائها. كما وعدتكم، والحالبدرالدين العتاق، فإنني سأثري هذا البوست ليس أكثر من نقل المقدمة، صفحتين من الورق الصغير، و نقل أقصوصتين صغيرتين: صفحة لكل. و ستكون هذه هديتي. لقراء منبر سودانيزاونلاين للنقاش، علها تحفزهم لشراء المجموعة القصصية هذه: " الحملات يقف خلف إشارة حمراء ".
طارق الفزاري ود زينب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
" خطيرة فعل "
سيتزوجها صغيرا صغيرا، وفقا لرغبة الأجداد, وفقا للتقاليد و العرف و القرابة، و أشياء أخرى كثيرة. لن يراها قبل الزواج، لكن ستوصف له و تمدح. ثم فرح و مرح و طبل و زمر، و خلوة ستسبقها و ستتبعها طلقات نارية. و سيرى يوم " الصبحية " وجها غريبا يشاركه الفراش.سيطفئ غل غيظه في جسدها في حماسة يحسد عليها. و سيمر الاسبوع الأول، ثم الشهر الاول. سيزداد وجهها غرابة. سيخشن صوتها. ستتذمر لهجتها. ستنبت شعيرات في ذقنها. سيرى لها شاربين لن يراهما أحد. سيدرك أنه وقع. لن يستطيع طلاقها؛ فالتقاليد تمنع ذلك، و أشياء أخرى كثيرة، و الأسباب ستكون مبهمة عليه. عليه أن يكمل الحكاية حتى النهاية.
الحنان. الزوجة. كلمتان لهما معنى سيشعر به و لن يراه. سيصبح غير ممكن له الحديث عن مشكلته، فأين المشكلة أمام الأجداد. سيصل إلى الثلاثين و حوله تسعة أطفال. رحمها يعمل بلا إنقطاع. إنتاج مستمر. بل وفرة في الإنتاج يؤدي إلى الفقر و المرض و التخلف
سيهرب. لن يبارح مكانه أو عباراته. لكنه سبهرب بفكره و يعيش في مدينة الشرود. سينتظر. قدره سيرتب له. الطفل العاشر رجل ، زين الرجال. " لا تغتم بكثرة العيال، هذه نعمة ", يقولها الجد و هو بخبطه على كتفه و هو يرفع طرفي شاربيه بإبهام و سبابة بلا أظافر: " لا تنسى أن المولود ذكرا ".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
عذرا، هنالك خطأ مطبعي في العنوان الاول من ثيمة " خطيئة ثلاثية ". العنوان الأول من الثلاثية هو " خطيئة لا فعل ", الثاني هو: " خطيئة فعل ", و الثالث هو " خطيئة تعادل ".
لن أمضي في العهد الذي قطعته لكم بنقل القصص الثلاثة من القيمة " خطيئة ثلاثية ". سأكتفي بما تم نقله آنفا كنموذج لكتابات القاص طارق الطيب في موضوعات تعبر عن واقع بئة تقليدية من السودان أو مصر. و سأنقل لكم الآن نموذجا يعبر عن كتابات الروائي السوداني طارق الطيب في موضوع مستوحى من واقع بئة المجتمع الأوروبي الجديد الذي إنتقل إليه مهاجرا؛ دولة النمسا على وجه التحديد. و قد وقع إختياري على القصة القصيرة " الفريسة ". و بما أن هذه القصة طويلة نسبيا، فسانقلها لكم في ثلاثة حلقات.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
الفريسة
كعادتي في أيام الصيف أتسكع في شوارع فيينا وحدائقها. أرقب الفتيات و أتحرش بهن و أتعمد إيقاع إحداهن في حبائلي. أو أذهب إلى جزيرة الدانوب حيث يستلقي جيش من الحساسيه عاريات على الصفا و على الحشائش الخضراء، مجربا قوة نظري و هذه هي إحدى هواياتي المفضلة.
الطريق طويل، ينقسم إلى قسمين يفصلهما خط أبيض أحدهما للمشاة و الاخر للدراجات. دائما أخلط بينهما، فترن أجراس الدراجات خلفي حين أكون مبحلقا في فتاة، أو مائلا إلى أخرى وحيدة في سرعة من يحاول النزول ببطء من سفح جبل شديد الانحدار. لا أهتم باختلاف مظهري و سكلي، بل و ملابسي. فمعظمهم يلبس لباس البحر إكون أنا غالبا في ملابس شبه شتوية تثير الضحك أحيانا و تثقل صدر المجهولين بالقيم أحيانا أخرى. فزت بحكايات نادرة و محاولات سخيفة جملتها و حسنتها و أضفت إليها بعض الزواق و الحشو المناسب أثناء روايتها على زملائي و على الجدد غير المطربين.
في هذا اليوم اشتدت الحرارة و نسيت نفسي في نومة الظهيرة، فلم يعد من الوقت متبقيا لما يسمح بالذهاب حتى ضفاف الدانوب و الخروج بحكاية جديدة. فاكتفيت
بالذهاب إلى الشارع السياح؛ أتفرج على فرق الموسيقى و الغناء التي تجمع حولها حلقات من البشر. هنالك ألصق نفسي إلى جوار المفتونات بالموسيقى محاولا إضفاء نوع من المرح و الإنسجام، مدعيا تذوقي لكل أنواع الموسيقى مصفقا، صاخبا، مرددا: " جميل! رائع! هايل! مواهب ضلت طريقها ". و أتعجب حين أجد الواحدة منهن تنظر إلي في غضب و تنفر بعيدا لتقف في مكان آخر.
أكمل التسكع و أترقب السائرات وحدهن، و حين تقترب مني إحداهن، أبتسم في وجهها إبتسامة عريضة، ترى فيها أسناني كلها واضحة، و ربما ترى أضراسي أيضا. و حين تفوتني الفتاة بلا إكتراث لا أدفن إبتسامتي العريضة بين أسناني، حتى أوضح المقابلين في الطريق - على الأقل - أنني أعرفها و حييتها. أحيانا أتخير فاتنة أخرى أسير إلى جوارها بضع خطوات، كأننا نسير معا، إلى أن تنتبه لذلك، فتبطئ أو تسرع أو تركن إلى أحدالمحال فأتابع مسيرة البحث.
لعنت في سري هذا اليوم الكريه، فمعظم الفتيات يتأبطن فتيان، و أحيانا يسيطر ذكر وحيد على مجموعة من الفتيات، فتثير بلاهته غيظي أكثر، و هو معهن على قارعة الطريق يضحك و يضيع الوقت فيما لا فائدة منه، بدلا من أن يستغل ذلك في حكاية ترفع من شأنه وسط أصدقائه. إني أكره هذا التوزيع غير العادل، فهؤلاء الاغبياء يفوزون بفتيات جميلات بسهولة، بينما أرهق أنا نفسي و أوزع إبتساماتي المجانية بلا مقابل
في مقابلة على بعد بضعة أمتار رأيت زميلي كارلوس الأرجنتيني، الذي كان يدرس معي اللغة الألمانية في المدرسة المسائية. عرجت ألى ناحية أخرى من الطريق متعمدا تجنب ثرثرته المعتادة، و تضييع الوقت فيما لا يفيد. لكن هذا اللعين لمحني و صاح من بعيد بألمانيته الإسبانية محييا، و انطلق يحكي بلا توقف عن أخبار الدراسة و اللغة و مشكلاتها و يسالني في بعض الكلمات الجديدة، و أنا أحاول أن أزيحه من رأسي و طريقي. إنه زميل ظريف محب للدعابة و جاد في دراسته، لكن لم أحب أن ألقاه هن، فأنا مشغول الآن و عندي ما هو أهم. كنت أرد على كلامه و أسئلته بردود موجزة، و أحيانا بلا تعليق؛ فيدرر كلامه دون ملل أو ضيق.
ترامى إلى سمعي من بين كلماته أنه سيذهب إلى مقهى " كافيه دوليروب " Cafe de l`Eutope " الموجود في بلدة قرابن Graben ليقابل فتاتين حضرتا حديثا من الأرجنتين إلى فيينا للدراسة، و ترغبان في بعض المعلومات. فجأة تحولت لا مبالاتي إلى مشاركة و مزاح و ضحك مع كارلوس. لم يتعجب، فهو إنسان بسيط اليحيى يحب الضحك. حكى لي كيف تهرب اليوم من صاحبة الشقة التي هبطت عليه كالصقر لتستلم الإيجار بنفسها و قد أعطاه مهلة حتى اليوم التالي. و قال لي أن هذه هي الشقة الثامنة التي سكن فيها خلال العامين السابقين.
كنت قد قابلته هذا اليوم في منتصف الشارع السياحي و سرنا معافي بطء حتى محطة مترو الانفاق. و لما إقتربنا من المقهى، أردت ألا تضيع مني فرصة لقائه بالفتاتين، فربما يصيبني الحظ و لو شعرة. قلت له مقاطعا حديثا له عن الحكم العسكري و ديكتاتوريته في أمريكا اللاتينية: " هل تعرف أنني كنت ناويا الذهاب إلى " كافيه دوليروب " أيضا؟ إني أفضل شرب " الموكا " هناك". لم يرد كارلوس، جرني من يدي و ذهبنا إلى هناك.
أواصل ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
أواصل النقل لأقصوصة " الفريسة ":
.......... كانت هنالك ثلاثة فتيات يجلسن و يشربون مثلجات إحداهما شقراء و الأخريان يميزهما سعرهما الأسود الفاحم. جلسنا بعد تعارف سريع.، و كانت جلستي إلى جوار الفتاة الشقراء.دخل كارلوس في حديث جاد بالأسبانية مع الفتاتين عن طريقة الدراسة، و عن بيت الطالبات و التكاليف و الكتب و..و..بينما انتحرت بالشقراء بعيدا عن موصوعاتهم . كلمتني بالإنقليزية قالت لي أن إسمها " قابي " و تبلغ من العمر تسعة عشر عاما و تدرس الباليه و الرقص، ثم سالتني من أين أنا و ماذا أفعل في فيينا. و حين أدركت أنني أحسن شيئا من الألمانية، إنطلقت في بساطة تحكي معي و تسالني عن أفريقيا و أحوالها. كانت تعرف الكثير عنها عن أسماء العواصم التي لا أميز بينها و بين إسم الدولة. ثم تحولت إلى الحديث عن الفقر في إفريقيا. و لما رأيت أن هذا الموضوع يقرب عواطفها مني، تعمدت المبالغة و التمسكن. و فعلا خال عليها الأمر، و تابعت تحكي عن جمال إفريقيا و طبيعتها الساحرة. ثم تحولت إلى ذكاىي و إجادتي اللغة في وقت فصير، فحدثتها عحن الزراعة و الاقتصاد الزراعي، و هما مجال تخصصي الدراسي. و بدأت أريها خططي و أهدافي و أبالغ بعض الشئ سعيا للقرب منها. تحمست لي و لأفكاري، ففركت أنفي من السعادة. كانت معجبة بي و بأفكاري إلى أقصى حد، حتى أنني حركت مقعدي بقربها عشرات المرات. فإحساسي أن شيئا ما سيحدث، و أنني حصلت على فريستي الضالة جعل جلستي طول الوقت قلقة غير مستقرة.
بعد ساعتين تقريبا قررت الفتاتين و كارلوس مغادرة المقهى و ذكرت قابي أنها ستبقى قليلا، فودعت كارلوس و الفتاتين. أراد أن يدفع الحساب عني، فأخذني الحماس و الكرم و قلت له: " الحساب عندي، فهم ضيوفي اليوم ".
انصرفوا و بقيت معها نكمل حديثنا. لا أعرف كم طلب، هي طلبت ثلاثة أرباع من النبيذ الأحمر، و كنت أطلب دائما شايا أو قهوة حتى لا أفقد وعيي و تضيع مني تفاصيل الحكاية المثيرة إذا ثملنا معا. كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ليلا حين أرادت أحسن تتمشى قليلا. جاءت الجريمة فدفعت الحساب في كرم ملحوظ و تصميم أكيد أنبني عليهما ضميري و ديوني المرهقة. لكن الفريسة في يدي و كل شيئ يسير أفضل مما توقعت. بل حتى اللحظة يمكن رواية الكثير للزملاء
سرت معها في الشارع السياحي. كانت تمزح و تضحك معي نشوانة، بينما أنا أبحث بعيني عن صديق أو زميل أو أي شخص أعرفه لأحييه حتى يراني و يصير شاهدا على إمتلاكي هذا الجمال وحدي أو ليكون مؤيدا لحكاياتي المقبلة. عرضت عليها أن نذهب إلى ديسكو للرقص. رفضت لأنها كانت تشعر بشيئ من الصداع و ترغب في العودة إلى المنزل.
زاد طمعي كلما سارت الأمور خطوة إلى الأمام، و إن كنت مقتنعا تماما أن الأمر إلى هذا الحد يكفي لخلق قصة رائعة حتى أحكيها تفصيلا و تطويلا فيما بعد. ذكرت لي أنها تسكن في الحي الثاني و العشرين، فقلت إنني أسكن بالقرب منها في الحي الواحد و العشرين، رغم أني أسكن في الحي الرابع عشر البعيد جدا عن حبها.
إلى أقرب موقف تاكسيات، استقللنا معا تاكسيا. ذكرت هي إسم الشارع و الحي، و فضلت أنا الصمت كي أنزل معها وفعلا هذا ما حدث. دفعت حساب التاكسي، رغم إصرارها على الدفع. كنت أسرع منها في كرمي الأحمق الشهير.
سارت تتمايل أمامي و تقفز خلفي كالغزالة البريئة و كانت الخمرة قد لعبت برأسها، بينما أنا هادئ أحفظ كل لحظة و كل حركة كي أحكيها غدا، و بعد غد، و العام المقبل و أحيي الذكرى أمام الزملاء و الاصدقاء في كل سهرة و لقاء.
- " ما رأيك في تناول فنجان من القهوة معي في البيت؟ " قالتها دون أن تنظر إلي. إرتبكت. لم أكن أتوقع أن يختصر الطريق هكذا، فرددت دون تفكير: " طبعا، إنني أرغب في تناول القهوة ".
أواصل...... .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
أدناه ما تبقى من أقصوصة " الفريسة "
فرددت دون تفكير: " طبعا، طبعا، إنني أيضا أرغب في تناول القهوة ".
سرت صامتا مذهولا، هي تردد بعض الأغنيات و أنا أشاركها ابتسامتي العريضة الشهيرة. أمسكت بيدي، فسرت معها كطفل ضال يبحث عن أهله.
كنا نسير بين إحدى المقاطعات السكنية المبنية حديثا. تتشابه كلها في التصميم و اللون و الإرتفاع لا يميزها عن بعضها سوى أرقامها المختلفة. فتحت البوابة و صعدنا بالأسانسير حتى الدور السابع، و بالتحديد إلى الشقة رقم 707. دخلت معها و أنا أبحث عن الكلمات فما زلت في واهي و محاولة حفظ الأحداث و الأشياء و الالوان. شقة صغيرة الحجم، لا يتم عن دى إتباعها أربعين مترا مربعا. حواىطها ما زالت حديثة تفوح منها رائحة الدخان. سقفها منخفض جدا كسقف الاتوبيس. فيها سرير صغير في أحد أركانها مرتب بعناية و يتوسطه دب صغير من القماش يستند إلى إلى وسادة مربعة . و في الجانب الآخر جهاز تسجيل و بعض الشرائط و الاسطوانات. بعض البوستر معلق على الحائط لأشخاص لا أعرفهم لراقصي و راقصات باليه؛ و البعض الآخر لإعلانات أفلام. دخلت إلى المطبخ الصغير لتعد القهوة و عادت لتخلع أمامي و دون تحفظ فستانها الأصفر و تلبس شورتا؛ لكني أذكر الحق، أنها سألتني أثناء خلع ملابسها إن كان هذا يضايقها، و بالطبع نفيت.
شربت القهوة معها، و علت أنغام أسطوانة حديثة لصوت شخص لم أميزهان كان رجلا أو إمرأة. جلست إلى جواري و شعرها الأصفر تفوح منه رائحة خطر شديد و نظرتها تبعث خطرا و توترا أشد لنبضات قلبي. ثم همسات في أذني بأنها معجبة بي. و كانت هذه الكلمة كافية لتبدأ الحكاية التي سجلتها في ذاكرتي جيدا و أنا غير مصدق ما يحدث.
قالت لي بعد ذلك في خضوع أنثوي مثير _ بعد أن سبلت عينيها الزرقاوين _ إن كانت معي صورة شخصية لتحتفظ بها في ألبومها الخاص. أربكتني سعادتي و الناس أحاول أن أخفيها كي أبدو أكثر تريثا. وجدت نفسي قافزا أعبث بقميصي أبحث عن بطاقة السفر الشهرية. خلعت عنها الصورة و أ هديتها إياها. قالت لي إن أجمل ما أعجبها في عيناي. و لم أكن قد سمعت ذلك من قبل في حياتي، فزاد ذلك من رقص قلبي و أدركت أن تدريبي و هوايتي لعيني لم يضيعا سدى.
دخلت إلى الحمام تغني أغنية الأسطوانة و وقفت أنا في وسط الحجرة أشوح بيدي و أرقص من الفرحة. كنت عاريا تماما و كانت أمامي مرآة، حين رأيت نفسي فيها خجلت و عطيتها بملاءة طويلة و أكملت رقصة السعادة. ثم انتقلت بعدها إلى رفوف مكتبتنا الصغيرة أتصفحها. كانت هناك بعض الكتيبات عن القطط و الكلاب و سلالاتها، و بعض كتب " كارل ماي " و مجموعة من مجلات " ميكي ماوس " و " ماد " و " أستريكس " وبعض التحف الإفريقية و الآسيوية. من الرف الاول من المكتبة أخرجت ألبوما، فيه صور لها؛ بعضها في ملابس الباليه و الرقص و أخرى على السلطة بملابس البحر، و تبدو في جمال أخاذ و أنوثة مثيرة.
أردت أن أخلع صورة لها، كي تكون حكاياتي مؤيدة بالأدلة و البراهين، لكني فضلت أن أحصل على صورة منها بتوقيعها، لتستوفي المستندات صحتها القانونية أثناء العرض و الحكاية.
قلبت بعض الصفحات، وجدتها مملوءة بصور مختلفة الأحجام تحتها تواريخ و أسماء مختلفة. يبدو عليها أنها لأشخاص من دول و قارات مختلفة؛ فالوانهم و ملامحهم متمايزة؛ بعضها يوجد في شكل رسم كاريكاتير و تحته تاريخ صاحبه و إسمه. و كل صورة أو رسم كاريكاتيري تحمل رقما مسلسلا. تعجبت و اعتقدت في البداية أنها من هواة المراسلة، و لكن الشك و الريبة داخلاني؛ فكل الصور للذكور فقط.
حيرتي زادت بينما كانت الأسطوانة قد أنهت أغنياتها الصاخبة و ظلت تلف حول نفسها بلا صوت و ما زالت هي تغني و صوت الدش يشاركها الضجيج. أعدت الصفحات إلى بداية أول مجموعة من الرجال و الشباب. قرأت عليها بالإنقليزية " أمنيتي أن أجرب كل رجال العالم ".
كان هناك مربع جديد فارغ بعد آخر صورة فيه علامة إستفهام و تحته رقم 113.
إنتهت
| |
|
|
|
|
|
|
|