عندما أدخلت زنزانة الرئيس عمر البشير في الساعة الواحدة صباحا يوم ١٨ ابريل ٢٠١٩ لأشاركه الزنزانة بعد اعتقالي الساعة الثانية عشرة منتصف الليل ، جالت بذهني خواطر عاصفة وانا اقارن بين آخر مرة زرته فيها في بيت الضيافة في الصالون المعد لاستقبال الضيوف من الداخل والخارج، وبين الزنزانة في القسم الشرقي من كوبر، وهي بناء عتيق صلب من الطوب الأحمر الذي فقد نضارته وجماله وتكسرت بعض جوانبه ، فتح مزلاج الزنزانة ورأيت الرئيس قائم يصلي ثم أقبل علينا وبعد السلام قال لي ضاحكا : حسبتك جئت زائرا حتي أبصرت حقيبتك فمرحبا، دخلت معه الزنزانة وتم إغلاقها من الخارج. وهي غرفة تتسع بالكاد لسريرين ومنضدة بها كل ما لديه من الأدوية ومستلزمات السجن من مصحف ،وكتاب وقارورة مياه إلخ ، وبالزنزانة حمام داخلي . جلسنا متقابلين علي السريرين نتبادل التحايا والمعلومات ، ولاحظت ان البعوض يحوم حولنا وأن الرئيس يذبه عن جسمه كل مرة ونحن في الحديث. قطعنا معظم الليل في الأنس ويا له من أنس . لم تتبدل نبرات الرئيس المعهودة وتعليقاته الساخرة بتبدل الأحوال. في مثل هذه الظروف يجأر الشخص المعتقل بالشكوى والاحتجاج علي سوء المعاملة ويصب جام غضبه علي من اعتقلوه ويطالب بالافراج الفوري. ولكن شيئا من ذلك لم أره . وهو يدخل السجن لأول مرة في حياته وللتجربة الأولي رهبتها ووحشتها لرجل ملأ مركزه في قيادة الدولة ويدين له الكل بالولاء والطاعة ، ولكنه تبدو عليه دروس الإعداد المسبق لهذه المواقف ، في أسرته ومجتمعه واسلامياته وعسكريته، كلها تضافرت لتخفيف وطأة ذهاب السلطة . الثبات في المواقف الصعبة نعمة يهبها الله لمن يحب ، والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم يدعو فيقول: اللهم أسألك الثبات في الأمر والعزيمة علي الرشد . قلت له مازحا: أخي الرئيس ليس لديك برنامج ليوم غد ، فقد قضيت ثلاثين عاما ليس لك وقت للراحة. اليوم أنت لست مسئولا عن سعر الرغيف والوقود، ولا عن مرتبات العاملين ولا عن ارتفاع الدولار ولا عن التصدي للتمرد، لست مسئولا عن مؤامرات البيت الأبيض ولا عن خبث الخليج ولا فهلوة الجار ولا عن عقوبات مجلس الأمن علي السودان ، لست مسئولا عن متابعة نتائج الحوار الوطني ولا عن مجلس الوزراء ولا عن مطالب الولايات… الآن تنعم بأربع وعشرين ساعة ليس فيها ازعاج هواتف ولا حضور مناسبات أو دعوات أو زيارة مرضي أو أقارب أو محتاجين. كل الوقت الآن بينك وبين ربك في خلوة فريدة يتمناها كل مؤمن ويسعد بها كل منيب. وهجعنا بعض الوقت قبل الآذان وفتح الباب لنصلي مع إخوتنا في الزنزانة الاخري . وانتهي اليوم الأول لي في الدورة الخامسة في كوبر ، فقد كانت الأربعة السابقة في عهد الرئيس نميري عطر الله قبره وغفر ذنبه.
03-23-2022, 06:08 AM
wadalzain
wadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701
لم يعودوا للكتابة فقط ، بل عادوا لوظائفهم السابقة ، في القضاء ، والخارجية ، وبنك السودان المركزى ، والامدادات الطبية والنائب العام ، بل عادوا لأجهزة الامن والولايات ، وما زال البرهان يتذاكى علينا بمقولته ( ما عدا المؤتمر الوطنى ) وما زال حميدتى يشغل مقاعد عدة ولبس عدة طواقى في العمل الخارجي وفى العمل العسكرى وفى الاقتصاد ، ذلك الامى الفج ن يحدثنا بوقاحته المعهودة بأنه سوف يسن العقوبات بالكيلو ، وها هو احمد إبراهيم الطاهر رئيس برلمان الإنقاذ المخلوع يحدثنا عن إسلامية الرئيس المعهودة وانه يذب البعوض عن نفسه وانه لم يعد مهموما بالمؤامرات وكذلك ب ( ولا عن خبث الخليج ) يا سبحان الله ، ويا مثبت العقل ، يحدثنا عن خبث الخليج وهو الذى اذلنا برحلاته المكوكية لأهل الخليج مادا يديه وراكعا يستجديهم ومتوسلا بكل ما هو مهين ، وقد رأيناه في زيارته للدوحة وهو يلبس عمامة عليها علم قطر وذلك لمزيدا من التذلف والانبطاح ، وها هو قد ظهر في محاكمته التي ادين بها وهو يحتفظ بمبلغ 25 مليون دولار في خزنته الخاصة من عطايا العاهل السعودى ، ويحدثنا عن خبث اهل الخليج هذا المأمفون ، يريد ان يسوق لنا هذا المجرم بعد أن لفظه الشعب وركله في مؤخرته واودعه سجن خمسة نجوم وهو الذى كان يودع المعارضين بيوت الاشباح واستفتى شيخه الهارب في ان يقتل ثلث الشعب لكى يبقى على الثلثين ويتوسل بالقرآن في ذلك في لقائه الشهير ( ولكم في القصاص حياة ) ، هذا الذى كان يحكمنا رأيناه في قاعة المحاكمة وهو ذاهل عن كل شيء كأنه شخص معتوه تاه في الطريق ، لن يستطيع الكيزان ان يبيعوا لنا البضاعة الفاسدة الكاسدة مرة أخرى .
03-23-2022, 07:06 AM
عزالدين عباس الفحل
عزالدين عباس الفحل
تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 9023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة