أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 10:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-26-2022, 06:20 PM

Khalid Osman Jaafar
<aKhalid Osman Jaafar
تاريخ التسجيل: 01-18-2005
مجموع المشاركات: 1031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً

    05:20 PM February, 26 2022

    سودانيز اون لاين
    Khalid Osman Jaafar-
    مكتبتى
    رابط مختصر




    ٢٦ فبراير من عام حزين:

    لسّة متذكّر اليوم ده

    كنت بتفرّج علي المسلسل العربي "حسن أرابيسك" وباب البيت بدأ يدق

    ضيوف؟ ما وقته! دخلت الصالون وشغلّت التلفزيون التاني عشان أكمّل المسلسل ...

    شويّة كده وجاني عمّي داخل وأخدني من يدّي وطلّعني برّة

    بدأ يتكلم معي ويقول المقدمة المعروفة .. إنت مؤمن والمؤمن مصاب و ...

    وقتها إنتبهت لصوت البكاء من الحوش التاني

    وقبل ما يقولها عرفت الحصل ..

    أبوي مات ...

    إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم

    ....

    الأيام التالية مرّت كأنها خيال

    نعم كنت ثابت والحمد لله بطريقة إستغربتها أنا نفسي؛ لكن كنت كأنّي ما مستوعب الموضوع بصورة كاملة

    وشغلت نفسي بالإطمئنان علي والدتي وأختي الوحيدة

    لكن ما بكيت فعلاً والموضوع بقي أمر واقع بالنسبة لي إلا وقت رفع الفراش، لمّا واحد من كبار الأسرة بدأ يتكلّم عن والدي ويقول حاجات أنا نفسي ما كنت عارفها ..

    ...

    بدأ مرض أبوي - رحمة الله عليه - من شهور قبل وفاته

    ما كان في شئ بيستقر في معدته ..

    مشينا لأكتر من طبيب، والكلام البيتقال لي إنّها قرحة في المعدة

    ما عارف هل كان خطأ في التشخيص، ولا ما كان في زول عايز يقول لي الحقيقة

    وقتها كنّا قاعدين مؤقتاً عند حبوبتي - الله يرحمها - عشان بيتنا كان فيه إصلاحات

    ولمّا المرض زاد عليه، إنتقل عند عمّتي عشان الجو كان برد وبيت عمّتي مقفّل. وإنتقلت معه والدتي وأختي، وفضلت أنا عند حبوبتي

    الأسباب الظاهرة كانت المذاكرة وإنّنا ما نتقّل علي عمّتي

    لكن في الحقيقة ما كنت قادر أستحمل إنّي أشوفه كده ..

    ولو إنّي لسّه بلوم نفسي علي إنّي ما قضيت كل الوقت معاه ... لكن الحمد لله علي كل حال ..

    ...

    الوقت كان رمضان

    وكنت مرات بفطر معاهم، ومرات بمشي ليهم بعد الإفطار

    لغاية ما جاء يوم السفر ...

    برضو متذكّر اليوم ده

    مشيتنا المطار، وإنتظارنا في صالة خاصة لغاية ما واحد من مضيفي الخطوط السعودية جاء ومعاه كرسي متحرّك

    حزّ في نفسي إنّو أبوي الكان مالي علينا الدنيا يقعد علي كرسي متحرّك ..

    وقلت ليه معليش بس عشان راحتك وعشان ما تتعبك الإجراءات في المطار ..

    وبكرة إن شاء الله ترجع لينا بالسلامة ..

    وسافر أبوي للسعوديّة طلباً للعلاج ..

    وإبتدت تجينا أخبار مبشّرة إنو إبتدأ يتحسّن شويّة ويستجيب للعلاج ..

    وبعدها

    جاء خبر الوفاة ..

    ...

    حاجات كتيرة كانت بتمر علي من غير ما أقيف عندها، بإعتبارها عاديّة، لكن بعد الوفاة إنتبهت ليها ..

    من أوّل كيف كان أبوي الله يرحمه بيقضي يومه لغاية تأثيره في حياتي ..

    يومه كان بيبتدئ بصلاة الصبح وتلاوة الصباح ...

    وبعد ما يرجع من الشغل ويتغدّي وينوم شويّة، بيمشي قبل المغرب لبيت حبوبتي الله يرحمها ويقضي المساء عندها، ويجي راجع بعد المسلسل العربي

    حتّي يوم الجمعة، بيقضي نصه معانا ونصه عند حبوبتي

    كان - رحمة الله عليه - حمامة مسجد بمعني الكلمة .. وإتعلمت إنّ أصلّي البقدر عليه من الفروض في الجامع منّه

    حتّي حبّي للقراءة والإطلاع كان بيغذيه من الصغر بإنه يجيب لي مجلة ماجد كل أربعاء

    بدون أدني شك، كل الوصلت ليه في حياتي، والحأوصل ليه إن شاء الله، الفضل فيه بعد ربنا سبحانه وتعالي لوالدي ووالدتي الله يخليها لينا

    ...

    لمحات لمحات لمحات ..

    لمحات ومواقف بتمر عليّ ..

    مرّة أتذكّر وقفته في صف البنزين أيام الصفوف عشان يضمن لي بنزين أمشي بيه إحتفال عاملينه أنا وأصحابي ..

    ومرّة أتذكّر يوم نتيجة إمتحان الشهادة المتوسّطة، ورجعته من الشغل بدري عشان يمشي معاي المدرسة نشوف النتيجة

    يومها كان في نتيجتي خطأ نقصت بسببه ١٠٠ درجة كاملة وبقيت الأخير علي المدرسة!!

    ولسّة متذكّر مشيتنا للكنترول تاني يوم من الصباح لغاية ما النتيجة إتصحّحت وفرحنا كلنا

    ومرّة أتذكّر لمّا كنت بتعلّم السواقة جديد، وتحذيره المتكرر لي من السرعة - قبل ما يثق فيني أكتر ويسمح لي إنّي أسوق وهو راكب بجانبي

    فرحته لمّا نجحت في الشهادة السودانيّة بنسبة كبيرة والحمد لله ..

    وبرضو بتذكّر لمّا فكّرت أحوّل مجال دراستي الجامعيّة في أوّل سنة ..

    عدم رضاه عن المجال البديل، وزعله من موضوع التحويل .. وكيف توتّرت علاقتنا بسبب الموضوع ده

    كل ما أتذكّر الحكاية دي، أندم إنّي زعلته في يوم، وأحمد ربنا سبحانه وتعالي علي إنّي في الأخير إقتنعت وإستمرّيت في المجال الكان عايزني أستمرّ فيه ..

    كيف كان بيحب يعمل أغلب الأعمال اليدويّة بنفسه، وكيف بدون ما أشعر إتعلمت الشئ ده منّه ..

    ذكريات ومواقف أكتر من إنّها تتحصر ..

    لغاية الآن، مرات لمّا ألاقي واحد من معارف أبوي وزول يقول ليه ده ود المرحوم عثمان جعفر، بيكون الرد: يا سلاااام ياخ .. أبوك ما كان راجل ساهل ..

    ...

    ٢٥ سنة مرّت وأنا ما زرت قبره مرّة!

    يعني ما بس ما كنت موجود لحظة وفاته، لكن حتّي قبره ما شفته حتي الآن

    صعب تخيلها .. مش كده؟

    لكن البيصبّرنا كلنا هو إننا نتذكّر المكان المدفون فيه أبوي ..

    وفاته كانت في جدّة

    ورغم إنّو السلطات السعوديّة كانت منعت نقل أي جثمان من مدينة لأخري، لكن أبوي إندفن في مكّة المكرّمة والحمد لله

    بل إنّو سواق الإسعاف القام بنقله حكي لعمّي إنّه شاف في المنام من يأمره بنقل الجثمان لمكّة

    لاحقاً عرفنا من عمّي إنّو أبوي كان ناوي يعمل عمرة لمّا صحّته تتحسّن!

    ...

    أيام الوفاة كانت فترة عصيبة جدّاً علينا كلنا ..

    بعد وفاة والدي بأسبوع توفّي واحد من أعمامي ..

    وبعده بأقل من ١٠ يوم توفّي أحد أبناء عمومته

    الحمد لله علي كل حال ..

    لكنّي حتّي اليوم كتير بفتقد والدي وبشتاق ليه

    وبتمنّي لو كنت قدرت أوفّي ولو جزء من حقّه - لكن قدّر الله وما شاء فعل، والحمد لله علي كل حال

    ..

    اللهم أغفر لأبي وأسكنه فسيح جناتك

    اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته

    اللهم أجعل الجنّة متقلّبه ومثواه واجعل قبره روضة من رياض الجنّة

    اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله

    اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده، وألهمنا الصبر علي مصيبتنا فيه

    واغفر لنا وله ..

    أسألكم أن تقرأوا سورة الفاتحة علي روحه ..

    ...

    همسة أخيرة ..

    دايماً بيقولوا إنّو الواحد ما بيعرف قيمة العنده إلا لمّا يفقده

    وأنا عرفت معني الكلام ده متأخّر للأسف الشديد

    لكن أي زول والده أو والدته لسّه عايشين أقول ليه ألحق إستمتع بكل لحظة معاهم قبل ما يفوت الأوان

    ختّهم في عيونك وتأكّد إنّو ما في حاجة بتسوي رضاهم - لا زوجة ولا أولاد ولا مال ..

    وما تنوم ليلة إلّا لمّا تتأكّد إنهم عافين عنك وراضيين عليك

    وتأكّد إنّو أمورك كلها ممكن تتيسّر بدعوة واحدة منهم - والموضوع ده أنا شفته كتير بدعوات الوالدة الله يمد لينا في عمرها ويقدرنا علي برّها

    ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد ...

    [green/]






                  

02-26-2022, 08:11 PM

Amira Hussien
<aAmira Hussien
تاريخ التسجيل: 11-26-2016
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً (Re: Khalid Osman Jaafar)

    له الرحمة والمغفرة ، وربنا يجعل البركة فيكم …..
    من نعم الله علينا اننا لانشعر باقتراب رحيل من نحب ومن نعمة ايضا انزال يقين وصبر على القلوب والنفوس …..لكن لابد ان تذكر اننا جميعا ذاهبون فلنتحابب ويترابط ونعطف على بعضنا البعض ونعمل الخير والجميل
                  

03-07-2022, 00:51 AM

Khalid Osman Jaafar
<aKhalid Osman Jaafar
تاريخ التسجيل: 01-18-2005
مجموع المشاركات: 1031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً (Re: Amira Hussien)


    اللهم آمين

    كلامك صح. يديك العافيه يا أميره




    [\green]
                  

03-07-2022, 07:55 AM

محمد علي البصير
<aمحمد علي البصير
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 5367

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً (Re: Khalid Osman Jaafar)

    تغمده الله بواسع رحمته

    صعب جداً فراق الوالد

    بالذات الوالد القريب من الأبناء والصديق لهم

    ربنا يصبرك يا خالد مهما تقادم الزمن ومرت السنين تظل ذكرى الوالد عالقة بالذهن

                  

03-07-2022, 12:01 PM

دفع الله ود الأصيل
<aدفع الله ود الأصيل
تاريخ التسجيل: 08-15-2017
مجموع المشاركات: 13737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبي الذي لم أعرفه … ومضى ٢٥ عاماً (Re: محمد علي البصير)

    أحسن الله عزاءكم أخي خالد عثمان جعفر وغفر لوالدكم
    و جبر كسركم و الهمكم و وذويكم الصبر الجميل و حسن العزاء.
    [} ممتن لگ و لحفاوتگم بما نسوقه من سرد لذگريات حزينة تقودنا
    أيامنا الخوالي. و شخصياً، في كنانة سهامي صنوف من درامات معاناة
    خاصة، ممتدة و محببة، لو قسمت على أهل المنبر لوسعتهم جميعا. و لا تعدو
    أحزان أخونا علي الگنزي گونها ترفا يسنهى مقاىنة بما ذقناه من مرارات. و لگن
    بس ضاربين الهم بالفرح. ولو شئتم لأتيناگم بالمزيد: و إليگم واحدة منها:
    ® قلبي على جناي و قلب جناي على حجرπ√

    [} فقد جئت إلى الدنيا و ما رأيت نعيما قط. فترعرعت حينا
    من الدهر في حضن أمي تلك التي أودعتني أمانة لهذا العالم و
    رحلت. لتترگني (فطيما) بأحضان جدتين كانتا تتنازعان رعايتي.

    [} أذكر تلك التي ظفرت بضمي و تعاهدتني على إقبال ثم جئت
    لافتقدها بعد حين كي أرد غيضاً من فيض جميلها فوجدتها تنوي
    على إدبار، و هي تلملم بقايا حطام عمرها و توشك أن ترحل .

    [} كانت تعد لنا الطعام و تضعه راضية مرضية بين أيدينا أنا و أخواني ،
    ثم تجلس بجوارنا القرفصاء لتراقب عن كثب، مراقبة لصيقة و قسمات وشها
    الشاحب البريء توحي بأنها (بايتة القوى). و إذا شح الطعام أو تناقص الإدام حتى
    نطلب المزيد، لا تلبث تمهلنا لنصيح بها(تعالي ملحيها و زيديها، وخلينا نمش نخرا
    و نجيها)؛ حتى تأتينا بما نريد من زوادة في حينه، حتى لو من مافي.
    إذا فرغنا تماماً إذا بها تدنو {لتحسن القدح مع مرماس الحلة}.

    [} كنت أصغرهم سناً و بي حماقة و شوية شلاقة . فگانت عاملة لي حساب و مسمياني/
    (الجنا أب تفة و وشاً محومر). فكانت حتى لو نال منها الغضب و طفح بها الكيل و صفعتني
    مثلاً (أو قشطتني بسير المفحضة), فسرعان ما تسترجع جاهشة معاي بالبكاء و تأكل أصابعها
    من الندامة فتصنع لي شراباً من الليمون تغرق فيه لة من السكر. وهي قاطعة على نفسها عهداً
    ألا يجد الحزن سبيلاً إلى قلوب هؤلاء اليتامى من ثغرتها.

    [} فلامن خلاس كبرنا و مرقنا( دقشنا البنادرى) نطلب العلم و نكوس لقمة
    العيش الگريمة، كان قد أخذ عنفوانها في البرود و تقدم بها السن و بلغت من
    العمر عتيا؛ مما زاد تعلقها بنا و بي شخصياً بالذات لدرجة خرافية مخيفة.

    [} فكنت إذا حضرت من سفر قاصد و هتف صبية الفريق باسم من حضر،
    تهرع تلك الجدة ا سمنة العمياء من دارها تسابق الريح إلى المحطة لتعانقني
    و تمطرني بوابل هستيري من المطقي بالاحتضان، و هي تصحبني من هناك
    و هي تتلمس علامات دربها بعكازة، يقودها قلب الوالد و تسير بنور
    البصيرة عوضاً عن بصرها الذي فقد. .

    [} كم كنت أتعجب من شأن حبوبتي لما سافرت البندر . و ذات مرة جبت
    لبها معاي هدية صابونة معطرة ( أم ريحة). فلم تستخدمها قط؛ تشمها بس
    تقول زي البتتبرك بها و تلمها و تقول: إني لأجد فيها ريح ولدي فلان.

    [} ياخي دي لدرجة مرة مشتري لي شبشب بلون شاذ، زي (عنابي)
    من أكشاك جيهة الأوقاف دي في مدني و بعدين يوم جيت مسافر، غيرت
    ملصتو خليتو مجدوع في سدر البيت فقامت ست الحبايب شالتو نفضتو زيين
    ولمعتو طيب مليح و لمتو ليك عارف وين،؟! طبعن، أصلكم ما ح تصدقوا
    لو قلت ليكم بعد رجوعي من السفر لقيتو مختوت في بطن السحارة.

    [} و لگن كانت ثالثة الأثافي، يوم أبرمت عقدي مهاجراً للاغتراب
    في بلاد الله الواسعة حيث لا أزال أعيش طافشاً بعيدا عن مسقط رأسي
    و مراتع صباي ، هائماً على وجهي و خائفاً من زوال ظلي .

    [} و بينما أنا منهمگ يومذاك في تخليص إجراءات الرحيل، حمل إلي
    فاسق نبأ تلك الشجرة التي ماتت واقفة. حينها قطعتكل شيء على عجل
    فسافرت إلى قريتها النائية في أقاصي البطاح لتلقي واجب العزاء.

    [} هناك لقيت الكل يرصدونني بخائة أعينهم و ما تخفي صدورهم
    كان أعظم: ليخمنوا ماذا أنا فاعل بفجيعتي في صاحبة الأيادي البيضاء
    التي منحتنا كل شيئ ؛ و لما جئنا نرد و لو غيضاً من فيض جمائلها علينا،
    كانت قد ولت الأدبار في صمت؛ و ودعت صخب عالمنا بهدوء.

    رأيت الفضولي من أولئك يلحظ في أم عيني و كأنهم يستدرون عطف دموعي.
    و لگن هيهات ؛ كانت خيبتي بجلاجل: إذ خذلتني عيناي..فجمدتا و لم تجودا بشيء.
    و لو بقطرة دمع فقط لذر رماد العيون ؛ رغم محاولات الاعتصار اليائسة. لكنني
    بدون شك كنت أبكي من دواخلي بحرقة شديدة و غصة يحبسها في حلقي هول
    الفجيعة، كنوبة عطاس يكبتها رجل شحيح في سوق للتوابل، و يعاني من ضيق
    ذات الشرايين. و كدت أتمزق حزناً و سمعت أحدهم يهمس بجواري قائلاً:
    " يا أخي من مات فقد روحو".

    [} ثم مضيت عائداً ادراجي إلى طاحونة المشاغل، لتلفني من جديد بسيرها الحلزوني..
    فلما أوشكت على ختم تأشيرتي و شددت رحلي مغادراً. هنالك فقط، جاءتني العبرة في
    غير وقتها و لا محلها؛ فجلست على أية حال على حافة رصيف بميناء السفر، و أنا أنحب
    نحيباً مراً و أزرف دمعاً دامياً سخينا{ وحملت زوحي في فؤاد نازف كان نثفه مشلولا }.

    [} هناك ، جلس معي صديق قديم حميم (له مأساة مشابهة حيث فقد أسرتة مبكراً
    في حادث حريق) يودعني و يبكي معي مواسياً. ثم رفعت رأسي فإذا جمهرة فراجة
    من الناس الغلابة ممن كانوا يغبطونني على فرصتي النادرة للسفر و هم يلتفون من
    حولي، يضربون أكفاً بـأكف و البعض يتساءل بين حاسد و بغران:" أهي دموع الفرح
    هذه التي تنهمر من مقلتيه ! أم هي دموع التماسيح؟"! .بوركتم والود عامر بيننا.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de