كيف تدار مؤسسات الدولة، ومن يتخذ القرار؟ ومن المسؤول الاخير عن انفاذه؟ تساؤلات تقفز إلى الذهن حال الاستماع الى اتهام عضو مجلس السيادة الانتقالي أبو القاسم برطم لوزارتي المالية والطاقة بتغيير أسعار تعرفة الكهرباء المتفق عليها في الاجتماع دون معرفته المسبقة بذلك، في وقت توعد فيه بإتخاذ اجراءات حيال الامر وشدد على ضرورة إجراء مراجعة كاملة لقطاع الكهرباء، ولعل هذا الوعيد لوحده وفق مراقبين يشئ ببوادر صراع بين القصر والمالية، ففي سبيل تنفيذ القرار وبسط هيبة الدولة كيف سيكون المشهد في الفترة المقبلة؟
سياسات فاشلة
يقول استاذ الفكر السياسي بمركز ابن خلدون بقطر البروفسور التجاني عبد القادر أن “الشعوب لا تموت بسبب حصار من الخارج، وإنما يقتلها الحصار الداخلي ” ولعل في ظل ارتباك المشهد السياسي بالسودان تصبح المقولة أقرب للواقع، فحالة الحصار إن صح التعبير التي يعيشها المواطن السوداني بسبب السياسات الفاشلة وتعدد مطابخ القرار في الحكومة الانتقالية، تكاد تطبق على أنفاسه، والغريب في الامر أن هذا التخبط معلوم على مستوى قيادات الدولة دون أي خطوات ضبط تصحيحية، فابوالقاسم برطم نفسه أكد في تصريحاته الإعلامية أمس ان مؤسسات الدولة تدار بصورة عشوائية في ظل غياب دولة المؤسسات. ما يطرح تساؤل حول دور الدولة في حسم هدا المشهد العبثي. وبحسب المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة ل “الراكوبة” فإن الدولة تدار بعشوائية منذ ٣٠ يونيو ٨٩، انقلاب الانقاذ، في وقت انتقد فيه تصريحات برطم وعدها بغير المسؤولة. وقال ان اكبر دليل على عشوائية الدولة هو أن يصبح برطم عضو بمجلس السيادة بحد تعبيره
وفي منحى آخر استبعد الدومة حدوث صراع بين القصر والمالية بسبب تعدد مراكز القرار، معتبرا أن الفلول والمؤتمر الوطني والدولة العميقة عبارة عن ملة واحدة، وتابع : إن وقع صراع فهو ليس سوى مسرحية سيئة الاخراج، فهذه الدولة تدار بالمؤامرات وليس بها نظم او لوائح او دستور، واتم: العلاج الوحيد لهذه البلاد أن يذهب هذه النظام، ويتم تسليم السلطة للشعب فقط.
استنكار
وفيما استنكر كثيرون تصريحات برطم، لجهة عضويته في مجلس السيادة، رأى بالمقابل متابعون ضرورة توحيد مراكز القرار في الدولة، خاصة في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد والحفاظ على هيبتها، فيما اخذت تصريحاته كرت ضغط حياله، حول ما سيفعله في مقتبل الايام. في غضون ذلك لم يستنكر خبراء تعدد مطابخ القرار داخل دهاليز الحكومة، وعدوه أمر غير مستغرب بدأه البرهان نفسه وزمرته الحاكمة في كثير من القرارت والوعود في مقابل تهديدات برطم ألمح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم إلى اتجهاههم لمراجعة تعرفة الكهرباء للقطاع الزراعي مجدداً. وأوضح خلال حوار مع الإذاعة السودانية حول موازنة العام الجاري، أن المراجعة ستتم وفقاً للاستهلاك حيث سيتم التفريق في التعرفة بين كبار وصغار المزارعين. ما يجدر ذكره ترؤس برطم للجنة معالجة قضية اغلاق طريق شريان الشمال، وكان قد أعلن عن حل القضية بالتراجع عن زيادات اسعار الكهرباء، إلا ان القرار لم يصمد لاكثر من اسبوعين بعد أن تم فتح الطريق قبل أن تعود وزارة الطاقة وتمضي في زياداتها لكن بتعرفة اقل.
سلطة غير معترف بها
(السؤال الحقيقي كيف تدار الدولة في ظل غياب الحكومة بشكلها الدستوري). تساؤل أطلقه المحلل السياسي وائل محجوب حيال ما تشهده مؤسسات الحكم بالبلاد من حالة تخبط عشوائي في اتخاذ القرار، مؤكدا أن انقلاب ٢٥ أكتوبر قام بتقويض الحكم القائم كما قام بحل المؤسسات الدستورية، ما يعني انه ابقى على مؤسسات بلا مجلس وزراء وفي غيبة المجلس التشريعي. واعتبر وائل خلال حديثه ل “الراكوبة” أن كل ما يصدر عن الوزراء الحاليين هي عبارة عن قرارت غير تشريعية وتستند إلى اي سند قانوني، و لا يحق لهم إصدار قرار وكل ما يصدر عنهم هو باطل
في اتجاه موازٍ يرى وائل أن اي اجراء لاجازة الميزانية لن تجد السند المطلوب، لان الميزانية بحد قوله يجب أن تخضع للاجازة من قبل جهة تسريعية حفاظا على مصالح المواطنين، وذكر انه لا يحق لجبريل ان يعيد تعرفة الكهرباء، وتابع: هذه الحكومة الان في حالة صدام مع الشعب وبالتالي المواطنين غير ملزمين بتقبل قراراتها، واكمل: وزير المالية لديه قصر نظر لانه يتعامل مع الكهرباء على أنها سلعة كمالية، وبرطم ليس لديه سلطة معترف بها والا لما تم تكسير قراراته.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست