|
|
|
 Re: اغاثا كريستي: سيدة التشويق دون أن تتعلم (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
صحيفة العرب اللندنية
سيرة أغاثا كريستي التي غيرت بغداد حياتها
فيلم يستعيد تفاصيل حياة الكاتبة العالمية وقصة مئة عام من الإنجازات والتحولات.
الأحد 2021/12/12
ي فضاء الأبيض والأسود وفي قرية إنجليزية نائية سوف تكون هنالك فتاة شابّة لم تدخل المدرسة قط لتتعلّم فيها ماذا تعني الكتابة الإبداعية، وكيف يمكن أن يحقق الكاتب نجاحا يحلم به، ولا قرأت تلك الكتب التي تدّعي أن قراءتها كفيلة بأن يصبح القارئ كاتبا محترفا خلال سبعة أيام.
ومع ذلك وبعد مسيرة متعثرة في محاولة اللحاق بالمدرسة دون نتائج مفيدة ها هي القصة تتجه نحو مسار آخر.
إنها أغاثا كريستي التي ولدت في الخماس عشر من سبتمبر 1890 الروائية الإنجليزية الأكثر شهرة على مستوى العالم والتي حققت مؤلفاتها مبيعات غير مسبوقة وصلت إلى حاجز المليار نسخة، ما لم يسبقها إليه أحد، وترجمت رواياتها إلى 130 لغة حول العالم، ولا تزال هذه الروايات وقصصها تباع وتنتشر ويتم إعدادها للشاشة وتنفق هوليوود عليها أموالا طائلة من أجل شراء الحقوق وتقديم أعمال كريستي بنسخ حديثة من الأفلام المشوقة.
هذا كله يتم التداخل فيه من خلال الفيلم الوثائقي المعروض حديثا بعنوان “السيرة الذاتية لأغاثا كريستي” للمخرج شين دافيسون في رحلة مكثفة في سيرة حياة ومنجز أغاثا لمناسبة مرور 100 عام على انطلاقتها وظهور أول رواياتها التي عرفت بها كاتبة مبدعة حقيقية، وهي رواية “العلاقة الغامضة في ستيليس”، وهي ثمرة منجز فتاة شابة تراهنت مع شقيقتها يوما بأنها قادرة على كتابة رواية ناجحة، وكانت تلك الولادة العجيبة لكاتبة سرعان ما شقت طريقها إلى النجاح.
سيرة ومنجز
☚ المحقق أشهر الشخصيات العالمية من إبداع الكاتبة
في هذا الفيلم الوثائقي سوف ننتقل مع أغاثا في أول التحولات في مسار حياتها، إنها الحرب العالمية الأولى ونحن في العام 1916 وأغاثا تبلغ 26 عاما من العمر وهي تلتحق بزوجها الضابط أرتشي في الجبهة الفرنسية، وتكون هناك ضمن قسم الطبابة والتمريض، وحيث تحفر فظائع تلك الحرب ومآسيها عميقا في وعيها لكنها لن تحيد عن بوصلة الكتابة الإبداعية في نوع محدد ألا وهو روايات الغموض والتحرّي والجريمة الذي برعت فيه مبكرا.
هذه الرحلة المشوقة يسلط الضوء عليها نخبة من الباحثين وذوي الاختصاص ومنهم من هو أكثر قربا من عالم أغاثا كريستي كالباحثين الأكاديميين والمؤرخين المؤرشفين لسيرتها، مثل جيمس بريتشارد وهو أكبر أحفادها ومدير مؤسسة أغاثا كريستي، والممثلة أمادا أبينغتون وكاتب السيناريو أنتوني لورفيتز وغيرهم.
“إنها تأخذك من يدك لتجلبك إلى عالم من الدهشة”، بهذا التعبير يصف لورفيتز أغاثا ومنجزها، ويتوقف عند الولادة المدهشة لإحدى أهم الشخصيات التي ابتكرتها أغاثا في رواياتها البوليسية وهي الشخصية التي لا تزال راسخة في أذهان الجمهور العريض، وكانت ولادة تلك الشخصية في أثناء مشاركتها في الحرب العالمية الأولى، هناك ولد من عرف بالمحقق البلجيكي، وهناك رسمت أغاثا كل تفاصيل شخصيته وملامحه، إنه هيركيول بوارو، الشخصية الفريدة والتي لا مثيل لها في جميع العصور وهو التحرّي الذي خلدته أغاثا كرستي وظهر في 33 رواية من رواياتها كما ظهر في 50 قصة قصيرة وثلاث مسرحيات. وقد درس الباحث مارك الوريدج شخصية التحري والمحقق في رواياتها إذ رسمت أغاثا حتى تفاصيل المكان الذي تتحرك فيه الشخصية بينما الهلع والترقب يسودان ويقودان إلى تصاعد في الأحداث كانت الكاتبة بارعة فيه.
من جانب آخر ومن وجهة نظر لاورا تومبسون -موثقة سيرة أغاثا- فإن انتقال شخصية المحقق البلجيكي إلى الشاشات وتجسيدها من خلال أداء الممثلين المرموقين من وزن بيتر أوتسينوف وألبرت فيني وكينيث براغاج وغيره قد أضاف لها شعبية واسعة.
ولربما كان الاستثمار التجاري والشعبية العارمة التي تتمتع بها روايات أغاثا هو الذي دفع إلى المزيد من الاستثمار في أعمالها وخاصة شخصية التحري، وهو ما لمسناه من خلال المسلسل التلفزيوني ذي السبعين حلقة والذي رسخ شخصية المحقق بوارو وأدى الدور الممثل ديفيد سوشيت، الذي بقي هو الآخر هو العلامة الفارقة لتجسيد ذلك الدور بقبعته وشاربه المعقوف من الجانبين ولباسه الإنجليزي التقلدي الأنيق.
هنالك الكثير من القراءات النقدية والجمالية وتتعلق بعملية الإعداد والاقتباس من خلال روايات أغاثا ونقلها إلى الشاشات
تتميز تلك السيرة الوثائقية بالغزارة الشديدة وباعتمادها على شهادات أولئك الضيوف وانطباعاتهم، وخلال ذلك كان التعليق على مسيرة حياة ومنجز أغاثا وبسبب تلك الكثافة فقد تطلب الأمر الظهور المتوالي للمعلقين لاسيما إذا تتبعنا مسيرتها ومنجزها تاريخيا لما بعد ولادة روايتها الأولى، لتتبعها بأربع روايات أخرى ناجحة قبيل أن يحل العام 1930.
خلال ذلك يمكننا تلمس قيمة المكان من خلال السيرة الوثائقية والذي أثر في الكاتبة تأثيرا بالغا وخاصة سنوات الطفولة والصبا، ففي الغالب كانت القرية الإنجليزية الهادئة هي الميدان الرحب لشخصياتها، وهناك يجري ارتكاب الجريمة ببرود تام، وهي خلال ذلك نجحت في إنتاج الصورة النمطية للقاتل والذي تجلى في عموم رواياتها وفي الأفلام المأخوذة عن تلك الروايات على السواء، إذ تحولت صورة المحقق الكلاسيكي إلى أيقونة تكمل الحدث الروائي/ السينمائي.
على أنّ تحوّلين هامّين ما لبثا أن عصفا بحياة أغاثا وهي في بدايات نجاحاتها ألا وهما وفاة والدتها وملهمتها التي كان رحيلها أكثر من صدمة بالنسبة إليها، فهي التي علمتها القراءة والكتابة، وهي التي كانت تشجعها على الكتابة الروائية، وبمعنى آخر كانت هي مدرسة في المنزل بالنسبة إليها.
وأما الحدث الثاني والذي تلا صدمة فراق والدتها مباشرة فهو طلب زوجها الطلاق وإنهاء حياتهما الزوجية، الحدثان يسلط عليهما الوثائقي الضوء وذلك تمهيدا لرد فعل غير متوقع سوف يشكل في ما بعد نقطة انطلاق جديدة بالنسبة إلى الكاتبة.
تختفي أغاثا فجأة ويشكل اختفاؤها الغريب خبرا يتصدر وسائل الإعلام بينما تجد الشرطة في عملية البحث دون جدوى، وبذلك أضفت أغاثا الغموض والتشويق ذاته الذي في رواياتها لتنتقل به إلى حياتها.
ما بين عامي 1926 – 1928 وقعت تلك الأحداث بشكل متسارع، وفاة الأم، الطلاق، الاختفاء ثم الظهور المباغت في أحد فنادق شمال لندن لتمضي في عملية الكتابة ولتنحت شخصية روائية جديدة هي كارولين شيبارد، وهي الأخرى شخصية موازية للشخصيات الذكورية التي قدمتها في رواياتها السابقة.
زمن جديد في بغداد
رحلتها إلى بغداد ومصر أسهمت بتعرفها على الشرق رحلتها إلى بغداد ومصر أسهمت بتعرفها على الشرق
لم يكن أحد يتوقع أن تمتلك أغاثا كل هذا الجموح في الاكتشاف والمغامرة وهو الذي تجلى في مفاجأة سفرها إلى المجهول، لينتهي بها المطاف في بغداد وذلك في العام 1928، ويسلط الفيلم الضوء في قسم آخر من الإضاءات على السيرة الشخصية للكاتبة على المسار الذي غير حياتها ممثلا في اكتشاف ميلها إلى التنقيب والغوص في الماضي والنبش في الآثار وإخراجها من باطن الأرض وتنظيفها من التراب وهو ما وجدته في أرض العراق.
كانت تلك الرحلة في آثار بلاد وادي الرافدين مصحوبة بعلاقة حب جديدة من خلال العلاقة التي ربطتها بالمنقّب الأثري الإنجليزي الشاب ماكس مالون الذي كلف في البداية أن يكون مرشدا سياحيا لأغاثا في زيارتها المواقع الأثرية العراقية، ثم ليرتقي في المسؤولية وفي ذات الوقت تنشأ علاقة عاطفية مع أغاثا.
اندمجت أغاثا في الحياة البغدادية بعمق وسجّلت يومياتها وانطباعاتها عن الحياة في بغداد واصفة أولا المنزل التقليدي البغدادي المطل على نهر دجلة، تقول “كان النّاس يتعجبون من غرابة ذوقنا ومن محبتنا لها، ومن رفضنا للسّكن في واحدة من هذه ‘الصّناديـق‘ الحديثة. ولكنّ دارنا البغدادية كانت مبهجة، منعشة البرودة بحوشها ونخلاتها التي ترتفع ويمس سعفها أطراف الشّرفـة”.
وتمضي في وصف الحياة اليومية البغدادية وما طرأ على المدينة من تحولات وهي من خلال ذلك كانت تعمل مع ماكس مالون في منطقة أور الأثرية أو أوروك في جنوب العراق، لينتقل مالون بصحبة أغاثا إلى الشمال حيث آثار نينوى والحضر والنمرود لتعيش الكاتبة فصولا أخرى من تجربتها كما ترويها سيرتها الذاتية.
لا يتوقف الفيلم كثيرا عند هذه المحطة المهمة من حياة أغاثا وذلك بسبب زخم حياتها واستمراريتها في الإبداع، لكن انعكاس التجربة البغدادية والعراقية كانت تتمثل في إنجاز روايتين هما “جريمة في بلاد وادي الرافيدين” و”لقاء في بغداد”، ثم لتكمل ذلك بروايتها المهمة “جريمة في قطار الشرق السريع”، والتي كان القطار الذي يربط الشرق بأوروبا ميدانا لها وهي الرواية التي اجتذبت لها السينمائيين.
تتضمن اللقطات الوثائقية لأغاثا في العراق صورا لها وهي في وسط العراقيين في أواخر عشرينات وبداية ثلاثينات القرن الماضي وهم منهمكون بأعمال التنقيب صحبة زوجها ماكس مالون، وهي تقول في ذلك إنها كانت حريصة على توثيق كل تلك الاكتشافات، ولم يكن غريبا أن يُفرد لرحلة أغاثا بالعراق وعمليات التنقيب التي شاركت فيها معرض احتفالي خاص في المتحف البريطاني قبل سنوات.
يقدم الفيلم خلال ذلك كيف أسهمت هذه التجربة الخصبة بتعرفها على الشرق ثم زيارتها التالية مصر في بلورة جانب آخر من تجربتها الروائية، ولهذا أكملت ما بدأته بالعراق بكتابة رواية من وحي رحلتها بزورق سياحي عبر النيل من القاهرة إلى مناطق اكتشاف الآثار الفرعونية وهنا كتبت روايتها الشهيرة “موت على النيل”، والتي طبعت في العام 1937، وخلال ذلك كانت الكاتبة قد وثقت تفاصيل رحلتها إلى مصر هي الأخرى.
أما إذا ذهبنا إلى علاقة أغاثا بالشاشة فإن الفيلم يسلط الضوء على جوانب كثيرة من تلك الرحلة التي استقبلت فيها السينما أعمالها الروائية بالمزيد من الاهتمام، من خلال ما يقرب خمسين فيلما روائيا مأخوذا عن رواياتها فضلا عن قصصها القصيرة.
السيرة الوثائقية تتميز بالغزارة الشديدة نظرا إلى غزارة حياة الكاتبة وباعتمادها على شهادات الضيوف وانطباعاتهم
ومثل ذلك رواية “جريمة في قطار الشرق السريع”، فهذه الرواية ظهرت لأول مرة في العام 1934 وطبعت في كلّ من الولايات المتحدة وبريطانيا، ليتم نقلها إلى الشاشة للمرة الأولى في العام 1974، وقد أخرجها المخرج الكبير سيدني لوميت وجسدتها نخبة من ألمع نجوم هوليوود وهم ألبيرت فيني ولورين باكال وانغريد برغمان وجاكلين بيسيه وشون كونري وأنطوني بيركنز وفانيسا ريدغريف وغيرهم.
وقدمت الرواية والفيلم شخصية هيركيول بوارو التقليدية المعتادة في روايات أغاثا وهو في هذه المرة في أحد فنادق إسطنبول عندما يتلقى برقية بضرورة العودة إلى لندن، ولهذا يأخذ قطار الشرق السريع المنطلق من تركيا إلى أوروبا، وهناك تقع مجريات الأحداث بالتزامن مع الاكتظاظ الشديد للقطار، حيث تقع الجريمة ويبدأ دور التحري البوليسي هيركيول الذي جسد شخصيته الممثل المعروف ألبيرت فيني.
وعادت هوليوود إلى ذات الرواية لتقدمها في فيلم جديد في العام 2017 للمخرج كينيث باراناه، فيما جسد الشخصيات نخبة من ألمع نجوم هوليوود أيضا ومنهم بينيلوبي كروز ووليام ديفو وجوني ديب وتوم بيتمان فيما مثل المخرج كينيث باراناه دور التحري هيركيول بوارو.
واقعيا تبقى شخصية هيركيول باورو أو هرقل في بعض الكتابات المحقق والتحري الأشهر في تاريخ الرواية، وهي الشخصية المحورية التي تدور من حولها مجمل الخطوط الدرامية، ولهذا ليس مستغربا أن هذه الشخصية جسدها منذ العام 1930 وحتى الساعة قرابة 14 ممثلا وبقيت مع تغير الممثلين الشخصية الأكثر قربا إلى جمهور المشاهدين، بل إنك تجد جمهورا واسعا يبحث من خلال سير الأحداث عن شخصية هيركيول باورو دون غيرها فهي مفتاح لمجريات الأحداث.
هنالك جاذبية حل اللغز الغامض الذي تنطوي عليها شخصية هيركيول الدرامية فهو في مواجهة مجموعة من الشخصيات المشتبه بها بقتل الضحية على متن قطار الشرق السريع، وعلى التحري الحاذق النفاذ من خلالها لكي يتوصل إلى القاتل الحقيقي، مع أن الأحداث في كل مرة يجري التلاعب بها. وفي النسخة الأخيرة من فيلم قطار الشرق السريع نجد أنفسنا في القدس وعند حائط المبكى حيث تنطلق الأحداث.
وعلى الرغم من مرور العديد من الشخصيات المجسدة للمحقق البلجيكي البارع تبقى شخصيتا الممثلين بيتر أوستينوف وديفيد سوشيت هما الأقرب إلى ذائقة الجمهور، حيث تحولتا إلى صورتين نمطيتين راسختين ضمن ثلاثة أركان هي إبداع أغاثا وروايتها والمحقق الملفت للنظر والذي يحرك التشويق لدى المشاهد.
هنالك الكثير من القراءات النقدية والجمالية وتتعلق بعملية الإعداد والاقتباس من خلال روايات أغاثا ونقلها إلى الشاشات وهذه تتباين في اختيار الأفضل والأقرب إلى جمهور المشاهدين.
ويمكن هنا إجمال مجموعة من أهم الأفلام من بين قرابة خمسين فيلما بنيت على إعداد واقباس روايات الكاتبة منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى الساعة كأمثلة في هذا الباب وبحسب ما هو متاح من مساحة هذه الصفحة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: اغاثا كريستي: سيدة التشويق دون أن تتعلم (Re: اخلاص عبدالرحمن المشرف)
|
الأخت إخلاص
شكرا على المداخلة الجميلة
الغريبة رغم حبي لقراءة الروايات لم أقرأ لها ...إكن عشان ما بحب القصص البوليسية و الجاسوسية..
لكن بعد قراءة المقال ده حأغير نظرتي و أعيد النظر.
Quote: جاثا كريستي روائية لا أمل قرأتها
بعض قصصها اكاد احفظها، عبقرية
الحبكة وقدرتها علي المفاجأة مع الاقناع
مس ماربل عالم من البساطة ، بوارو عالم
من التعقيد وما بينهما كثير من الحكايا.
نافذة جميلة في واقع غاية في الغلظة. |
انت يا اخلاص عندك موهبة السرد
لكن ما قاعدة تواصلي..
شكرا على الإطلالة
| |
|
|
|
|
|
|
| |
محمد عبد الله الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست