لم يخافوا الله في أطفال الخلاوي، فكيف نستأمنهم على السودان؟
نبيل سليم
هل قرأتم في التاريخ، أن هناك ثورة استأجر قادتها ثوار لاسقاط نظام أو تحقيق أهداف ثورية؟ هل ثورة ديسمبر "كانت مدفوعة الأجر"؟ هل بين من احتشدوا اليوم، من هو بصمود "عظمة" وثورية كشة وبسالة محجوب وإيمان شهداء فض الاعتصام الذين قاتلوا ودافعوا عن ثورتهم حتى فاضت أرواحهم؟.
اليوم علمت لماذا فشلت "بعض" هذه الحركات طوال عقدين من الحرب في تحقيق أي انتصار لها، واليوم تأكدت من حجم وعتاد قوات وجماهيرية التوم هجو، وصدق من قال: "المحرش ما بقاتل".
هؤلاء الجنرالات الذين تسلقوا عبر قضايا الجماهير وإن كانت لهم قضية عادلة، يجب أن يعلموا أنهم لم يدخلوا الخرطوم على ظهور "تاتشراتهم"، بل دخلوها بببسالة الثوار الذين مهدوا لهم الطريق للدخول إلى الخرطوم عبر مطارها، بعد إقتلاع نظام البشير، وهم ذات الثوار الذين تصدوا لعناصرهم اليوم، أثناء تجولهم في أطراف الخرطوم لشراء الضعفاء وأصحاب البطون الجائعة وأفشلوا مخططاتهم "صوت وصورة".
ليتك يا مناوي ويا جبريل خصصتم الميزانيات المرصودة لمسيرة اليوم، للنازحين الذين يسكنون في بيوت الصفيح بأطراف الخرطوم بسبب حربكم الطويل، ليتكم وزعتم لهم جرادل "الطحنية" وسندوتشات الطعمية في أماكن سكنهم، ليتكم خصصتم هذه الأموال المرصودة للمسيرة للعودة الطوعية إلى مناطقهم، ألا تخافون الله فيهم؟، صعدتم عبر قضيتهم أوان الحرب، واليوم تريدون استغلالهم سياسياً بعد تحقيق السلام.
ليتك يا مناوي طالبت الحكومة المركزية بالبدء في تنفيذ برامج العودة الطوعية وليس شراء "الكروزرات"، وليتك يا جبريل أنصفت اليتامى والأرامل ووفرت لهم الخبز والماء، بدلا من صمتك على عملية توزيع الأموال لبعض مشائخ الخلاوي لاخراج الأطفال في مسيرتكم المصنوعة اليوم، وإن كنت لا تعلم مصدرها فصمتك عن الفعل جريمة.
أما أردول وعسكوري والتوم هجو ودهب وداؤود وبقية "الجوقة".. فالضرب على الميت حرام.. ومن سخرية القدر أن أقزام مثلكم يتسيدون مشهد ما بعد ثورة ديسمبر العظيمة اليوم.
تزعمون أن أحزاب الحرية والتغيير، قد أفسدت وبدلت التمكين بتمكين، حال صحة هذه المزاعم، فمن السهل تفكيك تمكينهم والزج بالفاسدين في السجون واسترداد الأموال المنهوبة، لكن من الصعب إصلاح النفوس بعد افسادها.. بشراءكم للحشود اليوم فقد ارتكبتم أكبر جريمة، بافساد أخلاق شعب.
ما يؤكد أن لا علاقة لكم بثورة الشعب السوداني العظيمة، أنكم مارستم ذات الأساليب التي كان يمارسها النظام البائد، هذه الأساليب الفاسدة من أجلها خرج الشعب وأسقط نظام البشير.
فطوال 30 عاماً من عمر المقاومة ضد نظام البشير لم نسمع بأن حزباً ولا جماعة معارضة استأجرت "حافلة" لنقل المحتجين إلى أماكن الاحتجاج، طوال 30 عاما من عمر المقاومة لم نسمع أو نشاهد أن حزبا أو جماعة دفعوا أموالا لمجموعة من الشعب للتظاهر ضد النظام، بل العكس كان النظام الحاكم هو من يدفع للناس للخروج في مسيرات مؤيدة له، وأنتم اليوم بعد سنتين من نجاح الثورة أعدتم ذات الممارسات الفاسدة.
من أسقطوا نظام البشير لم يوزع لهم سندوتشات الطحنية في المواكب، ولم يخرجوا من أجل غنيمة مقدارها "قناني" مياه معدنية، هؤلاء أسقطوا البشير بإيمانهم بقضيتهم وتضحياتهم وثوريتهم، كانوا يودعون أهاليهم قبل كل موكب، ويبكون على فراق من سقطوا برصاص النظام، لكنهم لم يستلقوا رغم التعب.
كيف نستأمنكم على مؤسسات الدولة وأنتم لم تخافوا الله في أطفال الخلاوي، كيف نستأمنكم على مؤسساتنا وعلى أمن الوطن واستقراره وأنتم اليوم تمارسون أبشع أنواع الاستغلال في مواجهة الفقراء؟ كيف نستأمنك على مال الشعب يا جبريل؟ وكيف يستأمنك أهل دارفور يا مناوي على حقوقهم والقصاص من القتلة الذين خرج أنصارهم معكم في مسيرة اليوم؟ وكيف تجلس حتى الآن يا أردول على إدارة أكبر شركة حكومية؟ وكيف نقبل بكم رؤساء لجان في البرلمان الانتقالي يا التوم هجو وأسامة دهب والأمين داؤود؟
أهم ما حدث اليوم، أن الشعب قد عرف حقيقتكم مبكرا، وسيمسحكم باستيكة من قاموسه، ليتكم "تريستم" قليلاً واكتفيتم بمهاجمة أحزاب الحرية والتغيير في المنصات الإعلامية، لأنكم فشلتم اليوم في أول اختبار لكم، أثبتم أنكم "نمور من ورق" بلا جماهير حقيقية، تعتمدون على المال في شراء الجماهير، لأنكم لا تعلمون أن المال الفاسد يهدم الأوطان ولا يبنيها، وأن امتلاك المال لا يصنع حزباً ولا زعيماً، والسودانيون لديهم قاعدة شهيرة تقول: أكلوا توركم وادوا زولكم.
تتوهمون بأن موقف الثوار والسودانيين من حكومة حمدوك وحاضنته يعني أنهم سيقبلون بكم.. خسئتم، فالشعب وافق بكم حقنا للدماء، ولتحقيق ركن من أركان الثورة المتمثلة في السلام، وها أنتم اليوم تفشلون في أول معركة مدنية لكم بعد عقدين من الحرب، باستخدام أساليب ملتوية وفاسدة.
لكن رغم كل ذلك سنقبل بوجودكم وسنهزمكم بوسائلنا السلمية المعروفة والمجربة. فهذا الميدان "الغلبة" فيه ليس بالسلاح وإنما بالبرامج والتسابق في خدمة هذا الشعب، ونحمد الله أن ليس لكم "عرق" في خدمة هذا الشعب الأبي، وعندما جاء دوركم لخدمته، استغليتم حاجة الفقراء والمساكين منهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر جبرونا
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست